محمد زكي عيد يكتب: الزيوت المهدرجة.. السم في العسل
تاريخ النشر: 14th, November 2023 GMT
الزيوت المهدرجة هي نوع من الزيوت النباتية أو الحيوانية التي تمت معالجتها بعملية تسمى "الهدرجة" لتغيير خواصها الفيزيائية والكيميائية، وذلك بإضافة ذرات الهيدروجين، حيث يتم تحويل الأحماض الدهنية غير المشبعة إلى أحماض دهنية مشبعة وتكوين ما يعرف باسم الأحماض الدهنية المتحولة Trans faty acid.
** تختلف أسباب الهدرجة وأنواع الزيوت المهدرجة حسب الغرض المراد من العملية.
1. زيادة استقرار الزيوت: يتم تحسين استقرار الزيوت المهدرجة لتحمل درجات الحرارة العالية والتأثيرات الكيميائية المختلفة أثناء الطهي أو عمليات التصنيع.
2. زيادة فترة الصلاحية: تعتبر الزيوت المهدرجة أكثر ثباتًا من الزيوت الطبيعية غير المهدرجة، مما يؤدي إلى زيادة فترة صلاحيتها ومدة تخزينها.
3. تحسين القوام والملمس: يمكن أن تعطي الهدرجة للزيوت قوامًا أكثر كريمية وملمسًا ناعمًا، مما يزيد من قابليتها للاستخدام في صناعة المستحضرات الصيدلانية والمنتجات الجمالية.
** تتوفر عدة أنواع من الزيوت المهدرجة، وتشمل بعضها:1. زيت النخيل المهدرج: يتم استخدام زيت النخيل المهدرج في العديد من المنتجات الغذائية والصناعية. يتمتع بنقطة انصهار عالية وقابلية للتحمل لدرجات الحرارة العالية، مما يجعله مناسبًا لصناعة المقبلات والحلويات والزبدة والمارجرين.
2. زيت الصويا المهدرج: يتمتع زيت الصويا المهدرج بخواص مماثلة لزيت النخيل المهدرج، ويستخدم في صناعة المنتجات الغذائية والصابون والمستحضرات الصيدلانية.
3. زيت عباد الشمس المهدرج: يعتبر زيت عباد الشمس المهدرج ذا نقطة انصهار مرتفعة واستقرار جيد، ويستخدم في صناعة الزبدة والمارجرين والصلصات.
*" تشكل الزيوت المهدرجة بعض المخاطر على الصحة العامة نظرًا للتغييرات التي تطرأ على تركيبها الدهني أثناء الهدرجة. بعض المخاطر المحتملة تشمل:
1. تكوين الأحماض الدهنية المشبعة المتحولة: قد يؤدي الهدرجة إلى تكوين أحماض دهنية مشبعة متحولة (Trans Fat)، والتي ترتبط بزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية والسكري والسمنة.
2. فقدان العناصر الغذائية الهامة: قد يؤدي الهدرجة إلى فقدان بعض العناصر الغذائية الضرورية في الزيوت مثل فيتامين E والأحماض الدهنية الأوميغا-3.
3. تكوين مركبات ضارة: قد تتكون مركبات ضارة مثل الألدهيدات المتعددة الحلقية (PAHs) والأكريلاميد والتوكسينات الأخرى خلال عملية الهدرجة، والتي يمكن أن تكون ضارة على الصحة عند تناولها بكميات كبيرة.
من الأطعمة التي قد تحتوي على كميات كبيرة من الزيوت المهدرجة:
1. المنتجات المصنعة: تشمل البسكويت والكعك والشوكولاتة والوجبات الجاهزة والمشروبات الغازية وغيرها من المنتجات المعبأة التي تحتوي على زيوت مهدرجة لتحسين القوام والمذاق وفترة الصلاحية.
2. الزيوت النباتية المهدرجة: مثل زيت النخيل المهدرج وزيت الصويا المهدرج وزيت عباد الشمس المهدرج، والتي يمكن استخدامها في الطهي والقلي وصنع الصلصات والمقبلات.
3. الوجبات السريعة: تحتوي الوجبات السريعة المقلية والمعجنات والبطاطس المقلية والمأكولات المشوية على كميات عالية من الزيوت المهدرجة.
** هناك تشريعات وتوجيهات صحية تنصح بتقليل استخدام الزيوت المهدرجة في الصناعات الغذائية. وقد تم ذلك بناءً على الأبحاث والدراسات التي أظهرت المخاطر المحتملة للصحة المرتبطة بتناول الزيوت المهدرجة.
فقد اتخذت عدة منظمات وهيئات صحية توجيهات وتشريعات للحد من استخدام الزيوت المهدرجة، ومن بينها:
1. منظمة الصحة العالمية (WHO): أوصت منظمة الصحة العالمية بتقليل استهلاك الأحماض الدهنية المشبعة المتحولة (Trans Fat)، والتي تتكون بشكل رئيسي من الزيوت المهدرجة. وقد أوصت بألا تتجاوز نسبة الأحماض الدهنية المشبعة المتحولة ٪1 من السعرات الحرارية الإجمالية المستهلكة يوميًا.
2. الهيئة الأمريكية للأغذية والعقاقير (FDA): قامت الهيئة الأمريكية للأغذية والعقاقير بمنع استخدام الأحماض الدهنية المشبعة المتحولة في المنتجات الغذائية بدءًا من عام 2018. وهذا الإجراء يهدف إلى حماية الصحة العامة والحد من خطر الأمراض المزمنة المرتبطة بهذه الأحماض الدهنية.
4. الاتحاد الأوروبي: أقر الاتحاد الأوروبي تشريعًا يتعلق بتقليل استخدام الأحماض الدهنية المشبعة المتحولة في الأغذية والمشروبات. تشمل التوجيهات المتعلقة بتسمية المنتجات الغذائية وتحديد محتواها من الأحماض الدهنية المشبعة المتحولة.
5. تشريعات وتوجيهات أخرى: هناك العديد من الدول والهيئات الصحية الوطنية التي اتخذت تشريعات وتوجيهات تنصح بتقليل استخدام الزيوت المهدرجة في الصناعات الغذائية، مثل الولايات المتحدة وكندا وأستراليا ونيوزيلندا والهند والصين واليابان وغيرها.
تهدف هذه التشريعات والتوجيهات إلى تشجيع الصناعات الغذائية على استخدام بدائل صحية للزيوت المهدرجة، مثل الزيوت الطبيعية غير المهدرجة والزبدة وزيت جوز الهند وزيت الكانولا. كما تسعى لحماية الصحة العامة وقد اتخذت هذه التشريعات نتيجة للأبحاث والدراسات التي أظهرت المخاطر المحتملة للصحة المرتبطة بتناول الزيوت المهدرجة.
منظمة الصحة العالمية (WHO) ومنظمة الأغذية والزراعة (FAO) توصيان بتقليل استهلاك الأحماض الدهنية المشبعة المتحولة، والتي توجد بشكل رئيسي في الزيوت المهدرجة. وتوصي منظمة الصحة العالمية بأن نسبة الأحماض الدهنية المشبعة المتحولة في الطعام يجب ألا تتجاوز 1% من السعرات الحرارية الإجمالية المستهلكة يوميًا.
بعض الدول قد اتخذت خطوات قانونية للحد من استخدام الزيوت المهدرجة في الصناعات الغذائية. على سبيل المثال، في الولايات المتحدة، أصدرت إدارة الغذاء والدواء (FDA) قواعد تطلب من الشركات الغذائية إعلان محتوى الأحماض الدهنية المشبعة المتحولة في منتجاتها الغذائية وتشجع على استخدام بدائل صحية.
بشكل عام، تهدف هذه التشريعات والتوجيهات إلى تشجيع الصناعات الغذائية على استخدام بدائل صحية للزيوت المهدرجة، مثل الزيوت الطبيعية غير المهدرجة وزيت جوز الهند وزيت الكانولا. وتهدف أيضًا إلى حماية الصحة العامة والحد من مخاطر الأمراض المرتبطة بتناول الزيوت المهدرجة.
**هناك توصيات وإرشادات لتقليل استهلاك الأحماض الدهنية المشبعة المتحولة في النظام الغذائي نذكر منها الآتي:-
1. اقرأ تسميات المنتجات الغذائية: تحقق من تسميات المنتجات الغذائية وتأكد من عدم وجود الأحماض الدهنية المشبعة المتحولة في قائمة المكونات. ابحث عن الزيوت الطبيعية غير المهدرجة كبديل صحي.
2. استخدم الزيوت الصحية: استبدل الزيوت المهدرجة بزيوت صحية أخرى مثل زيت الزيتون البكر البارد وزيت دوار الشمس وزيت الكانولا.
4. تجنب الأطعمة المصنعة والوجبات السريعة: تجنب تناول الأطعمة المصنعة والوجبات السريعة التي غالبًا ما تحتوي على الأحماض الدهنية المشبعة المتحولة. حاول تحضير وجباتك في المنزل باستخدام مكونات طبيعية وصحية.
5. تناول الأطعمة الطبيعية الكاملة: اختر الأطعمة الطبيعية الكاملة مثل الفواكه والخضروات والحبوب الكاملة والمكسرات والبقوليات.
6. توخي الحذر مع المنتجات المخبوزة: تجنب تناول المنتجات المخبوزة التجارية مثل الكعك والبسكويت والمعجنات، حيث قد تحتوي على الأحماض الدهنية المشبعة المتحولة. بدلاً من ذلك، يمكنك تحضير الأطعمة المخبوزة في المنزل باستخدام زيوت صحية.
7. استشر أخصائي تغذية: يمكن لأخصائي التغذية أن يقدم لك توصيات مخصصة بناءً على احتياجاتك الفردية ويساعدك في تطبيق نظام غذائي صحي يقلل من استهلاك الأحماض الدهنية المشبعة المتحولة.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: منظمة الصحة العالمیة المنتجات الغذائیة الصناعات الغذائیة الصحة العامة تحتوی على
إقرأ أيضاً:
عصام العباسي.. شاعر فلسطيني كتب عن الكثيرين ولم يكتب عنه أحد
عاش فقيراً لكنه كان كريماً، مغموراً لكنه يُشهر غيره، غير مسنود لكنه عزيز.. أتقن فن الحياة ولم يتقن فن العلاقات العامة.. لم يتنازل لأحد، ولم يسعَ إلى الترويج لنفسه، مع أنه عاصر أجيال الشعر في فلسطين، حتى نسبَهُ البعض إلى كبار الشعراء رغم أنه لم يصدر ديوانه الذي بقي مخطوطاً.. وصنفوه ضمن شعراء المقاومة تحت الاحتلال. "عمل طوال حياته من أجل وطنه فلسطين وشعبها ولم يرجُ منها لا مالاً ولا جاهاً ولا شهرة. ولم تُغيّر مواقفه ومبادئه النوائب والعواصف السياسية والفكرية".
هو الشاعر عصام العباسي، الذي تفانى من أجل غيره، وكتب عن كثيرين وعن الكثير لكن لم يُكتب عنه.
حياته وشعره
الشاعر عصام نور الدين العباسي الملقب "أبو جعفر"، ولد في بيروت في شهر حزيران (يونيو) 1924، حيث كانت تسكن عائلة والدته التركية الأصل. وسرعان ما انتقل ليعيش ويترعرع ويدرس في مدينة نابلس، حيث كان يعمل والده الأستاذ نور الدين العباسي في سلك التعليم مفتشاً في دائرة المعارف الفلسطينية.
كتب الشعر والمقال الأدبي والسياسي وعمل في الصحافة، واتصف بالدماثة والطيبة وروح الدعابة والفكاهة ونظافة اليد. كان مأخوذاً بحب الشعر ونظمه، لكنه لم يتخذه وسيلة للشهرة والوصول إلى دور النشر وتسلّق الحركات السياسية أو الجهات السلطوية.. بل كان يعتقد أن الشعر وسيلة كفاح وأداة مقاومة، يجب أن يخدم الفكرة بدلاً من مديح الظلال العالية، وتبوّؤ المناصب المرموقة.
تعلم في مدارس نابلس الابتدائية والثانوية (وقيل إنه درس الابتدائية في بيروت)، ثم انتقل إلى مدينة القدس لإتمام دراسته في مدرسة المطران. وفي أثناء دراسته الابتدئية، بدأ يتذوّق الشعر ويكتبه في موهبة مبكّرة، وكذلك كتب النثر وأجاد اللغة العربية.
انتقل شاعرنا مع عائلته إلى مدينة حيفا سنة 1945، وبدأ في عمر 21 سنة يعمل بالصحافة وكتب الشعر والمقالات السياسية والاجتماعية، وعمل في صحف: فلسطين والمهماز والاتحاد والجديد والغد. ونشر فيها مقالاته وقصائده.
علّم اللغة العربية في مدرسة الفرير ومدرسة ماريوحنا الإنجيلية في حيفا. وعندما انتقل سنة 1977 إلى مدينة القدس عمل في عدد من المجلات والصحف العربية فيها، إلى أن عمل في "جمعية الدراسات العربية"، وتابع نشاطه الأدبي والثقافي في مدن وأقضية الداخل المحتلّ، كالقدس وعكا وحيفا ويافا والناصرة والضفة الغربية والمثلث.
لا تكمن أهمية هذا الشاعر بإنتاجه المطبوع، وهو الذي عانى من دور النشر وشروطها وعدم تبنّيه رغم وجود ديوان جاهز مخطوط لديه. بل تكمُن أهميته في حركته اليومية الأدبية والنقدية وتأثيره الفني والسياسي على مجموعة من شعراء عصره من خلال النقد والنشر ولفت النظر إلى هذا الشاعر وتسليط الضوء على ذاك في الصحف التي كان يعمل بها..
تشِيع في قصائد العباسي النبرة الخطابية والثورية التي تدعو أبناء الوطن وأحرار العالم إلى الكفاح المستمر..
يتنوع شعره ـ حسب معجم البابطين ـ بين الالتزام بالشكل العمودي، والخروج من إطاره عبر الرباعيات، والتنويع في القوافي، وهو شاعر قضية تتمحور معظم قصائده حول قضية فلسطين ونشاطه السياسي من أجلها، يصور في شعره آلام الفلسطينيين والتشتت والتشريد الذي يتعرضون له..
وفاته
توفي الشاعر عصام العباسي في 14/6/1989 في مدينة حيفا قبل أن يتحقق حلمه بصدور ديوانه "لهب القصيد" تحية منه لصديقه الشاعر عبد الكريم الكرمي "أبو سلمى".
أُطلق اسمه على درج في حيّ عباس بمدينة حيفا. وقد مُنح اسمه وسام القدس للثقافة والفنون عام 1990.
نماذج من شعره
قصيدة: زغرد النصر
زغردَ النصر فاحتملْنا أسانا .. واحتقرْنا عذابَنا والهوانا
لم ترُعْنا خطوبُنا دامياتٍ .. وليالينا حالكاتٍ حزانى
فمسحنا دموعَنا وكحَلْنا .. من سنا النور بالمنى الأجفانا
واستحال الأسى مع النصر عيداً .. ورقصْنا بالبُعْد فيه افتتانا
وتبعْناه زغرداتٍ نشاوى .. عُرْسُ النصر عُرْسُنا حيث كانا
آهِ نيسانُ كلما عُدْتَ عادتْ .. ذكرياتٌ تجدِّد الأشجانا
كيف يُغري الفؤادَ زهرٌ ونَوْرٌ .. وحناياه قد ضَوَتْ تَحنانا
في رُواء الزهور يُبصرْ حيفا .. يوم راحتْ، وخلَّتِ الجُدْرانا
بينما الناسُ في انتظار صباحٍ .. أبصروا الهَوْل داهمًا يتدانى
عاصبَ العين لا يرقُّ لطفلٍ .. أو عجوزٍ، ويقصف الأغصانا
ورقُ الزهرِ شتَّتَ الهول قومي .. ورماهم في عصفِه الشطآنا
قذفَ الموجُ بالجموع فضاعوا .. في خِضَمٍّ مروِّعٍ وحدانا
كالغريبِ الطريد رحتُ لِـحَيٍّ .. تاه بالأمس بهجةً وافتنانا
قد غدا بين غمضةٍ وانتباهٍ .. غيرَ حيٍّ، مُستضعفًا مُسْتهانا
تهتُ فيه كأنني ما عرفت .. الـصَفْوَ يومًا فيه ولا الخلانا
من قصيدة: أمّاه
حملتني تسعة وهنا على وهن .. لولا جميلك لم أخلق ولم أكن
ولا تنفس صدري ولا مشت قدمي .. لا رنوت إلى الآفاق والفنن
"ست الحبايب" كم ناديت في محني .. فاشتد بي جلدي أقوى من المحن
ما زال شوقك في عينيّ يُشعل بي .. شوق الحياة ولم يبرد ولم يهن
ما زال عودك في الآناء يعزف لي .. أنشودة البشر في صحوي وفي وسن
يا أجزل الناس في جوعي وفي عطشي .. وأرأف الناس في سقمي وفي حزني
يا أول الناس في لغوي وفي كلمي .. ومع خطاي إلى بوابة الزمن
نشّأتني في هوى ناسي، هوى وطني .. حتى أكون أبر الناس بالوطن
ما زلت تحيين رغم الموت في جسدي .. دماً وروحاً وفي إشراقة الذهن
*شاعر وكاتب فلسطيني