ناشطة حقوقية للجزيرة نت: منظمات حقوق الإنسان بلا أنياب ولا تتصدى للعدوان الإسرائيلي
تاريخ النشر: 11th, November 2023 GMT
قالت المحامية وناشطة حقوق الإنسان هالة عاهد، إن مقاومة الاحتلال حق مشروع يكفله القانون الدولي، وأي إنكار لهذا الحق هو إنكار لمواثيق دولية ومواثيق الأمم المتحدة، ولا يحق للاحتلال الإسرائيلي بعدوانه المستمر على الشعب الفلسطيني الادعاء بأنه يدافع عن نفسه لأنه المحتل.
وتأسفت هالة -في حوار خاص مع الجزيرة نت- على أن حركة المنظمات الحقوقية بطيئة وغير كافية للتصدي لجرائم الاحتلال، ولا تملك مخالب أو أنيابا، وليس بيدها أدوات ضغط سياسية تجبر الدول على الانصياع لأحكام القانون الدولي، فهي ترصد الانتهاكات فقط على أمل أن تقدم أدلة لمحاكمة مرتكبيها.
وأضافت أن التهجير القسري للسكان جريمة حرب تخالف أحكام اتفاقيات جنيف، وينطبق عليه وصف جرائم حرب غير مشروعة، وأن ما يتعرض له سكان غزة هو انتهاك واضح للقانون الدولي الإنساني، فنحو 70% من سكان القطاع من اللاجئين الذين اضطروا إلى ترك أراضيهم نتيجة الاحتلال الإسرائيلي.
لا يستطيع الاحتلال أن يدعي بأنه يدافع عن نفسه لأنه هو المحتل، وهو الذي بدأ بالعدوان بمجرد الاحتلال، لذلك هو لا يملك حق الدفاع عن النفس، عكس المقاومة التي تملك حق الرد
وهالة عاهد ناشطة في مجال حقوق الإنسان، وفازت في مايو/أيار الماضي بجائزة منظمة "فرونت لاين ديفندرز"، التي تقدم سنويا لـ5 من الناشطين بمجال حقوق الإنسان في العالم، لجهودها في الدفاع عن حقوق الإنسان في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وفي ما يلي نص الحوار:
لماذا يحرص الاحتلال الإسرائيلي دائما على ربط فصائل المقاومة الفلسطينية بالإرهاب؟
منذ بدء الحرب التي اندلعت عقب عملية طوفان الأقصى، بدأنا نسمع سرديتين إسرائيليتين: الأولى تتحدث عن حق الاحتلال في الدفاع عن نفسه، وجاءت الرواية الثانية لدعم السابقة، قائلة، إن ما فعلته حركة المقاومة الإسلامية (حماس) هو فعل إرهابي، مما يجعل جيش الاحتلال يتخذ الإجراءات التي يدافع بها عن نفسه.
ولا يعدّ هذا الأمر محض مغالطات فقط، بل هو مخالفة صريحة للقانون الدولي وللقانون الدولي الإنساني، الذي ينص على حق الشعوب في مقاومة الاحتلال، ولا يستطيع هذا الأخير أن يدعي بأنه يدافع عن نفسه؛ لأنه هو المحتل، وهو الذي بدأ بالعدوان بمجرد الاحتلال، لذلك هو لا يملك حق الدفاع عن النفس، عكس المقاومة التي تملك حق الرد، وأن تتخذ إجراءات مناهضة للاحتلال.
كما أن قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة والقانون الدولي الإنساني واتفاقيات حقوق الإنسان تقول، إن من حق الشعوب تقرير مصيرها.
ويتضمن هذا الأمر الاعتراف بالحق في المقاومة المسلحة، وأي إنكار لحق هذا الشعب في الدفاع عن نفسه أو في المقاومة المسلحة هو إنكار لمواثيق دولية وإنكار لميثاق الأمم المتحدة.
وعلينا -أيضا- أن نشير إلى أنه مهما ادعى الاحتلال بأن فعل المقاومة فعل إرهابي، فإنه مضطر -كذلك- حتى وهو يشن الحرب -بغض الطرف عن توصيف الحرب إذا كانت مشروعة أو غير مشروعة في القانون الدولي الإنساني- أو حتى وهو يدعي بأنه يدافع عن نفسه، أن يمتنع عن قصف المدنيين ويتوقف عن الحصار وعن تهديد المستشفيات وقصفها، ويسمح بدخول المساعدات الإنسانية.
لماذا لا تضغط منظمات حقوق الإنسان لوقف المجازر اليومية التي يرتكبها الاحتلال بحق أطفال غزة ونسائها؟
شهدنا خلال الحرب صدور مواقف عديدة من منظمات سواء تابعة للأمم المتحدة أو منظمات غير حكومية دولية أو منظمات عربية تحدثت بشكل واضح وصريح عن الانتهاكات التي ترتكب في غزة، ووصفتها بشكل دقيق بأنها جرائم إبادة جماعية وجرائم حرب، ودعت إلى وقف إطلاق النار وإدخال المساعدات عبر معبر رفح.
المنظمات الحقوقية ليس بيدها أدوات ضغط سياسية تجبر الدول على الانصياع لأحكام القانون الدولي، لها دور فقط في رصد الانتهاكات والحديث عنها وتوثيقها
لكن مع الأسف هذه المنظمات لها لسان وليس لها مخالب أو أنياب لتستطيع أن تفرض ما تطالب به، فهي ترصد هذه الانتهاكات، وربما لاحقا يكون لها دور مهم عند فتح تحقيق من قبل المحكمة الجنائية الدولية وإرسال مرتكبي هذه الجرائم إلى المحاكمة، أو التحقيق معهم باستخدامها أدلة.
وليس بيدها مع الأسف أدوات ضغط سياسية تجبر الدول على الانصياع لأحكام القانون الدولي، بل دورها يتمثل في رصد الانتهاكات والحديث عنها وتوثيق الجرائم فقط، التي يمكن لاحقا الاستفادة منها لمحاسبة مرتكبيها. ولكن حسب منظومة الأمم المتحدة التي لها العديد من القرارات وصدر عنها مؤخرا قرار عن الجمعية العامة بضرورة وقف إطلاق النار في غزة، ولم تستجب له الدول التي دعمت الاحتلال، ولم يكن لها الأدوات للضغط على السياسيين لوقف إطلاق النار.
في ما يتعلق بقصف المستشفيات وقتل العاملين فيها.. لماذا لم يصدر قرار من الأمم المتحدة واضح وصريح بإدانة إسرائيل على هذه الأفعال؟
المستشفيات والأماكن السكنية والمدنيون والمدارس والمساجد والكنائس، كلها محمية بموجب القانون الدولي الإنساني، ومحمية بمعنى يجب تجنب قصفها بشكل كامل، فهي ليست أهدافا عسكرية مشروعة يمكن قصفها، وإذا كان هناك شك في أنها تستخدم لأغراض عسكرية فيجب تقديم ما يفسر هذا الشك لمصلحة الجهة المحمية، ولذا لا يجوز -أيضا- قصفها.
ومع الأسف المجتمع الدولي بشكل عام أخفق في أن يتحمل مسؤولياته ضمن ما يجري وفقا لاتفاقيات جنيف.
وما صدر عن الأمم المتحدة بضرورة وقف إطلاق النار قرار ليست له مفاعيل على أرض الواقع، فضربت به إسرائيل والدول الشريكة لها في هذه الجريمة عرض الحائط، كما كانت تفعل دائما.
ماذا عن التهجير القسري الذي يمارسه جيش الاحتلال بحق سكان غزة؟
جريمة التهجير القسري سواء بشكل مباشر أو غير مباشر بقصف الأماكن التي يعيش فيها السكان وجعل الحياة غير ممكنة فيها، بقصف منابع المياه ومولدات الكهرباء والحصار وغير ذلك من انتهاكات، وسواء تم بأن نزح الناس من هذه المناطق إلى أخرى أكثر أمنا، أو بتوجيه رسائل مباشرة كما فعل الاحتلال مع سكان هذه المناطق بضرورة مغادرتها إلى الجنوب، هذه كلها أفعال ينطبق عليها وصف جرائم حرب غير مشروعة.
وهذا التهجير القسري للسكان هو جريمة حرب تخالف أحكام اتفاقية جنيف، وتحديدا المادة الرابعة المعنية بحماية المدنيين، وتخالف كذلك أحكام المادة السابعة من قانون المحكمة الجنائية الدولية.
هالة عاهد فازت بجائزة منظمة "فرونت لاين ديفندرز" في مايو /أيار الماضي (الجزيرة) هل هناك مؤسسات موجودة على الأرض من أجل توثيق جرائم الاحتلال؟مع الأسف على أرض الواقع اليوم ونتيجة للحجم الكبير للتدمير والقتل والتهجير وظروف الحياة الصعبة، لا توجد منظمات قادرة على القيام بهذا الرصد والتوثيق، سواء منظمات محلية أو المنظمات الدولية التي غادر معظم كوادرها غزة.
لذلك فإن الاعتماد في هذه اللحظات الحرجة في التوثيق هو على الإعلام المهني على وجه التحديد؛ لأنه مصدر مهم واعتُمد عليه كثيرا.
وحتى في هذه الأحداث كثير من المنظمات التي أصدرت بيانات تتحدث -على سبيل المثال- عن استخدام الفوسفور الأبيض كفعل محظور على الأرض، وهذا يدلّل على أهمية الدور الذي تلعبه الصحافة والإعلام اليوم في أحداث غزة، ليس في كشف الانتهاكات فقط وخلق رأي عام ضد ما يجري، وقد يكون هناك تأثير في السياسات، ومن ثم توقف الحرب، وإنما أهميته -كذلك- في موضوع توثيق هذه الجرائم عبر مقابلة الضحايا أو الناجين ومقابلة ذويهم والمسؤولين، فالدور الأهم اليوم يقع على عاتق الإعلام في توثيق مشاهد قصف البيوت والبنى التحتية.
لا جريمة أبشع من الاحتلال؛ فالجريمة بدأت في قطاع غزة منذ احتلال فلسطين ومنذ تهجير جزء من أهلها إلى القطاع، حيث أصبح 70% من قاطني القطاع من اللاجئين الذين اضطروا إلى ترك أراضيهم
والدعوات اليوم لفتح معبر رفح ووقف إطلاق النار أهميتها لا تنحصر في هذا الدور فقط، بل تمتد إلى إدخال المساعدات الإغاثية وإيصال الكوادر الطبية لتساعد الأطباء الموجودين أو وحدات الإسعاف، وتصل أهميتها -أيضا- إلى إدخال جهات تستطيع أن توثّق ما يجري قبل أن تنمحي هذه الأدلة، لذلك من الضروري وجود منظمات دولية ومختصين من أجل توثيق هذه الجرائم.
ولمنظمات حقوق الإنسان دور مهم جدا في هذه المراحل، وعلى أكثر من مستوى:
فهناك مستوى له علاقة بعمل هذه المؤسسات محليا مع دولها للضغط عليها، لاتخاذ إجراءات ضد الاحتلال لإجباره على وقف إطلاق النار ووقف هذه الانتهاكات. مستوى العمل مع الدول التي دعمت الاحتلال وتوافقت مع ما ينفذه من ارتكاب جرائم، ومع المنظمات الموجودة في هذه الدول من أجل جعلها تمارس ضغطا على الاحتلال لوقف إطلاق النار. مستوى يتعلق بجمع المساعدات الإغاثية العاجلة وتيسير وصولها إلى قطاع غزة، متجاوزة الحصار المفروض على القطاع. مستوى يتعلق بدور منظمات حقوق الإنسان في فضح انتهاكات الاحتلال، وتوثيقها من أجل إعداد ملف قانوني يقدم إلى المحكمة الجنائية الدولية لمحاسبة مرتكبي هذه الجرائم.
الحصار مفروض على غزة منذ 2007، والانتهاكات مستمرة منذ ذلك الحين.. فأين قوانين حقوق الإنسان من كل هذه الجرائم التي يرتكبها الاحتلال؟
لا جريمة أبشع من الاحتلال، فالجريمة بدأت في قطاع غزة منذ احتلال فلسطين ومنذ تهجير جزء من أهلها إلى قطاع غزة، حيث أصبح 70% من قاطني القطاع من اللاجئين الذين اضطروا إلى ترك أراضيهم.
وحين انسحب الاحتلال بشكل منفرد من القطاع ظل هو الذي يسيطر على كل المعابر، وهو الذي يقيم هذا الحصار منذ وقت انسحابه، وهو الذي صعّب ظروف الحياة، وهذه المسألة الثانية.
واليوم زادت الأوضاع سوءا، بحيث لا يزال يمنع وصول الإمدادات الغذائية والصحية، ويقصف من يقدم المساعدة، سواء بتعطيل توصيل مياه الشرب أو منع الكهرباء وقصف المولدات، أو منع وصول الوقود إلى المستشفيات وقصفها.
كل هذا يصعب الحياة أكثر في غزة، وتصبح المأساة ليس في القصف المستمر وارتفاع أعداد الضحايا فقط، وإنما -كذلك- في من ينجو منهم فهو لا يستطيع أن يستمر في الحياة داخل غزة.
ومن المهم جدا اليوم أن يكون التركيز بالدرجة الأولى على ضرورة وقف هذا العدوان ووقف إطلاق النار، لأن كل ما يجري هي جرائم، وأن تدخل كل المساعدات التي يحتاجها أهالي قطاع غزة، لأن تعمد تجويع المواطنين بهذا الشكل ومنعهم من الوصول إلى الموارد، وتعمد وضع الأشخاص في قطاع غزة في ظروف قد تسبب هلاكهم كليا أو جزئيا.
كل هذا وصف لأركان جريمة الإبادة الجماعية، لذلك يجب دائما لكل التحركات أن تتحدث عن ضرورة إيقاف هذه الجرائم، ومن ثم رفع الحصار عن غزة حتى لا تستمر الجريمة بشكل أكبر.
ما تقييمك لمنظمات حقوق الإنسان العربية؟ وهل أدّت بالفعل دورها في كشف الممارسات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين؟مع الأسف، المنظمات العربية حركتها بطيئة وغير كافية للتصدي لهذه الجرائم، فقد سمعنا عن عدد من المنظمات الدولية التي تداعت سريعا للإشارة إلى أن ما يجري في غزة جرائم وفقا لأحكام القانون الدولي الإنساني.
وهناك منظمات اهتمت بإدانة قتل الأطفال -على سبيل المثال- وارتفاع الضحايا من الأطفال ووصفهم بالمدنيين الذين لا يجوز استهدافهم في هذه الحرب.
لكن هذا التحرك لا يرقى إلى مستوى وحجم الانتهاكات والمأساة، والمطلوب اليوم ليس بيانات تنديد من هذه المنظمات فقط، بل دور أكبر في الضغط على الدول جميعها لإصدار إجراءات أكثر فعالية، ووقف كل أشكال التطبيع مع الاحتلال، وقطع العلاقات الدبلوماسية مع الاحتلال، ووضع الجميع أمام مسؤولياته.
والمطلوب -كذلك- من المنظمات العربية والمنظمات الحقوقية بشكل عام أن تضغط على المحكمة الجنائية الدولية لتسارع في إجراء تحقيقاتها، حتى لا يتم تسييس الملف أو إغفاله أو تعليقه، وأن تتحرك بشكل أكثر فعالية للضغط من أجل إدخال المساعدات الإنسانية والطبية إلى قطاع غزة.
عمليا.. ما الخطوات التي يجب أن تنفذها هذه المنظمات؟
اليوم هناك أكثر من مستوى تستطيع منظمات حقوق الإنسان أن تفعله:
المطلوب اليوم بشكل أساسي من كل المنظمات العربية التي تتلقى تمويلا من الولايات المتحدة أو الاتحاد الأوروبي، أو من دول أسهمت بشكل واضح وصريح في دعم الجرائم، أن تقاطع هذا النوع من التمويل من أجل إرسال رسالة واضحة بأنها لن تقبل أن تتموّل على حساب دم الشعب الفلسطيني في غزة. وهذه مسألة قد تشكل حرجا آخر وضغطا على هذه الدول، لتأخذ موقفا مغايرا للموقف الذي اتخذته.تعمّد وضع الأشخاص بغزة في ظروف قد تسبب هلاكهم كليا أو جزئيا؛ يعدّ وصفا لأركان جريمة الإبادة الجماعية
بالإضافة إلى بيانات التنديد والاستنكار التي تصدرها، على كل منظمة في كل منطقة أن تضغط على حكوماتها المحلية لاتخاذ إجراءات أكثر فعالية لمحاسبة هذا الكيان، بأن تدفع دولها لقطع العلاقات الدبلوماسية بشكل واضح وصريح ووقف اتفاقيات التطبيع، وأن تكون هناك إجراءات أكثر فعالية تجبر الكيان على الالتزام بواجباته وفقا لأحكام القانون الدولي الإنساني. مطلوب اليوم من المنظمات الحقوقية العربية وغيرها أن توثّق هذه الجرائم بشكل صحيح وسليم لاستخدامها أمام المحكمة الجنائية الدولية، وأن تشكل حملة ضغط على المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية ليسارع إلى فتح هذا التحقيق، حتى لا يخطف هذا الملف سياسيا، أو أن يسيّس أو يحفظ لاحقا. مطلوب اليوم من المنظمات العربية الحقوقية أن يكون لها حضور أكثر على الأرض، وأن تتفاعل مع كل التحركات، حتى تضغط على الدول لإجبارها على الضغط على الاحتلال لوقف إطلاق النار. مطلوب اليوم من هذه المنظمات جمع المساعدات التي يحتاجها الفلسطينيون في غزة، والضغط من أجل رفع الحصار وفتح معبر رفح، وإدخال كل هذه المساعدات اللازمة للفلسطينيين في غزة.
هل الأفراد باستطاعتهم رفع قضايا ضد الاحتلال الإسرائيلي؟
نعم، نحن أمام 3 مستويات: فالأفراد يستطيعون وكذلك المنظمات والدول أيضا.
وإذا أردنا أن نتحدث بشكل صريح، فإن السياق السياسي وظروف مجلس الأمن ربما لا يتصور معه أن يتم إنشاء محكمة خاصة لمحاكمة الاحتلال على جرائمه، أما المحكمة الجنائية الدولية فحتى تكون مقبولة أمامها الدعوة ينبغي للدولة أن تكون طرفا في نظامها، ودولة الاحتلال ليست طرفا في المحكمة الجنائية الدولية، لكن فلسطين دولة عضو في هذه المحكمة، ولذا يحق لها تحريك هذه الشكوى. وبعيدا عن أن الدولة يمكنها تحريك هذه الشكوى، فإنه يمكن لأي جهة -سواء منظمات حقوقية أو أفراد- أن تتواصل مع المدعي العام ليبدأ إجراء هذا التحقيق.
وقيل مؤخرا، إن عددا من المنظمات الدولية تقدمت إلى المدعي العام وطلبت منه أن يُجري هذا التحقيق.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: المحکمة الجنائیة الدولیة القانون الدولی الإنسانی منظمات حقوق الإنسان المنظمات الحقوقیة المنظمات العربیة وقف إطلاق النار التهجیر القسری الأمم المتحدة هذه المنظمات هذه الجرائم أکثر فعالیة من المنظمات واضح وصریح الدفاع عن قطاع غزة وهو الذی ما یجری هو الذی ضغط على من أجل فی هذه فی غزة
إقرأ أيضاً:
عشرات المنظمات المحلية والاقليمية تدعو لمحاسبة المتورطين في الجرائم التي طالت الصحفيين في اليمن
دعت 45 منظمة إقليمية ومحلية معنية بحريات الرأي والتعبير وحقوق الإنسان، السبت، لتحقيق العدالة، ومحاسبة المسؤولين عن كافة الجرائم ضد الصحفيين ونشطاء الاعلام في اليمن، وعدم إفلاتهم من العقاب.
وقالت المنظمات -في بيان مشترك تزامنًا مع اليوم الدولي لإنهاء الإفلات من العقاب في الجرائم المرتكبة بحق الصحفيين الذي يصادف الـ 2 من نوفمبر من كل عام- إن الصحافة في اليمن تمر بأسوأ مرحلة في تاريخها، فخلال عقد كامل لم تتوقف الانتهاكات بحق الصحفيين، في ظل إفلات المرتكبين والمتورطين من العقاب، وقد ساهم ذلك في تصنيف اليمن كثالث أخطر بلد في العالم على حياة الصحفيين وفقاً لمنظمة مراسلون بلا حدود في تقريرها الصادر 2021"، والتي أشارت إلى أن اليمن يحتل المرتبة 154 في حرية الصحافة من أصل180 دولة لعام 2024.
وأضاف البيان "في هذا اليوم، وبينما يحتفي العالم بـ"اليوم الدولي لإنهاء الإفلات من العقاب في الجرائم المرتكبة بحق الصحفيين" يعيش صحفيو اليمن وضعًا مأساويًا وقلقًا عميقًا، لما يواجهونه من عنف وترهيب وقتل على خلفية كتاباتهم وإبداء آرائهم. ساهم في حدته إفلات المرتكبين والمتورطين من العقاب".
وأعربت المنظمات عن قلقها العميق، حيال ما يتعرض له الصحفيون في اليمن من عنف وترهيب وقتل بسبب آرائهم وكتاباتهم، والذي ساهم في حدتها حالة الإفلات من العقاب السائدة في البلاد.
وقالت "لعدة سنوات، واجه الصحفيون في اليمن مستويات متزايدة من العنف والمخاطر، مـن جهات عدة. بمـا فـي ذلـك الحكومـة اليمنيـة المعترف بها دولياً، وجماعة أنصار الله (الحوثيين)، والمجلس الانتقالي الجنوبـي، والقوات المشتركة، والجماعات المتطرفة، والجماعات المسلحة الأخرى. كما سيطرت مختلف أطراف النزاع على وسائل الإعلام، مما انعكس على شحة المعلومات المستقلة في اليمن".
وأضافت "خلال السنوات العشر الماضية، كان الصحافيون ضحايا لجرائم وانتهاكات متنوعة، شملت التصفية الجسدية والاحتجاز التعسفي والاختفاء القسري والتعذيب والتضييق على حرية التعبير. وفي جميع الحالات يفلت الجناة من المساءلة والعقاب. وبدلاً عنه، يُقدَّم الضحايا إلى محاكمات جائرة، أمام المحاكم الجزائية المتخصصة- في قضايا الإرهاب وأمن الدولة- وتصدر بحقهم أحكام قاسية تفتقر لأبسط معايير التقاضي العادل والنزيه، ناهيك عن كون تلك المحاكم غير مختصة بقضايا الصحافة والنشر".
وشدد البيان على أن "هذه الانتهاكات تُضعف من دور الإعلام في بناء مجتمع ديمقراطي، وتحد من إمكانية الوصول إلى المعلومات التي يحتاجها المواطنين".
ولفت التقرير إلى أن المنظمات المنضوية في تحالف "ميثاق العدالة"، ونقابة الصحفيين اليمنيين، وثقت خلال عقد من الزمن، أكثر من 3000 انتهاك تعرض له الصحفيون والمؤسسات الإعلامية والناشطين الإعلاميين.
وفي هذا السياق ذكّر التقرير بما أورده مرصد الحريات الإعلامية في تقريره للعام 2023 الذي أعلن فيه أنه وثق خلال تسع سنوات فقط أكثر من 2515 انتهاك، وتقرير لنقابة الصحفيين الذي كشف عن 1700حالة انتهاك واعتداء قد وقعت ضد الصحفيين منذ بدء الحرب، بمافي ذلك قتل 45 صحافيا بينهم صحفيتان، وإيقاف 165 وسيلة إعلام وحجب قرابة 200 موقع الكتروني محلي وعربي ودولي.
كما أورد تقرير منظمة صدى التي وثقت أكثر من 60 حالة قتل لصحفيين وعاملين في وسائل الاعلام، وكدليل على تفشي الإفلات من العقاب، فإن 44 من حالات القتلى قد أفلت مرتكبوها من العقاب وحُرم الضحايا من الانتصاف.
وقالت المنظمات: "وفي الوقت الذي نطالب فيه بتحقيق العدالة، وعدم إفلات المتورطين من العقاب، ومحاسبة المسؤولين عن كافة الجرائم ضد الصحفيين ونشطاء الاعلام، وبدلاً من توفير سبل الحماية التي تساعدهم للعمل من أجل الحقيقة، نشهد توحشاً غير معهود، وكأن الجحيم المستمر ضد الصحفيين قد بدأ للتو".
ولفت البيان إلى ما أقدمت عليه مليشيا الحوثي مؤخراً من اختطاف للصحفي محمد المياحي وحكمها بالإعدام بحق الصحفي طه المعمر ومصادرة ممتلكاته، وإعادة محاكمة أربعة صحفيين سبق وأن أُفرج عنهم بصفقة تبادل برعاية أممية، مؤكدة أن "هذه الممارسات التعسفية تكشف عن النهج الوحشي والقمعي الذي تتبعه جماعة الحوثيين ضد الصحفيين، مما أدى إلى تصحر مناطقهم من الصحافة المستقلة والحزبية".
وفي المقابل أورد التقرير الانتهاكات التي طالت الصحفيين في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية وأبرزها تقديم سبعة صحفيين ونشطاء للمحاكمة بتهمة خطيرة، أمام المحكمة الجزائية المتخصصة باعتبارهم فارين من وجه العدالة، في قضية مقتل العميد عدنان الحمادي قائد اللواء 35، مما يعكس حالة من المخاطر التي تحول دون ممارستهم لعملهم بحرية.
وقال المنظمات "في هذا اليوم نود أن نشيد بشكل خاص بأولئك الصحفيين الذين لا تزال أسرهم تنتظر العدالة ومحاسبة المتورطين بقتلهم. علينا التذكير بأن الإفلات من العقاب لا يمثل فقط فشلاً في محاسبة الجهات المعتدية، بل يشجع أيضاً على استمرار هذه الممارسات. لذا يتطلب من أطراف النزاع الالتزام بضمان أن تكون مؤسسات العدالة ومؤسسات إنفاذ القانون، محايدة ولا تخضع للتأثير على قراراتها".
وأضافت "يجب على المجتمع الدولي تكثيف جهوده عبر الآليات الدولية التي تحمي حرية الصحافة، ومحاسبة مرتكبي هذه الانتهاكات، وتعزيز دور المدافعين عن حقوق الإنسان لإنهاء الإفلات من العقاب".