وداعا استاذنا كمال الجزولي (فارس الكلمة الرصينة)
تاريخ النشر: 8th, November 2023 GMT
abdullahaliabdullah1424@gmail.com
بسم الله الرحمن الرحيم
هذا العام يؤرخ عام الكوارث والنكبات والاحزان بامتياز في السودان. وهي مصائب ومحن واهوال تشبه انحطاط وتفاهة وسطوة من يتصدرون المشهد بقبضتهم العسكرية، سواء من جهة قيادة الجيش الجبانة المتخبطة او آل دقلو العملاء المرتزقة، او من جهة انكسارات وتراجعات المؤسسة العسكرية، وسيطرة وهمجية مليشيات الدعم السريع علي جبهات القتال، او من جهة تردي الفلول واصرارهم علي البقاء في المشهد ولو علي اشلاء الوطن، وتبعثر القوي السياسية واعتصامها بمواقفها السابقة، التي لم تورثنا غير الفشل والبوار.
وسط كل هذا الاحباط والنظرة التشاؤمية لمستقبل البلاد، نعي الناعي درة تاج الصحافة السودانية استاذنا الجليل كمال الجزولي، وكأن في الجسد المسخن بالجراح وخيبة الامل وخيانة الامانة، محل لضربات القدر، الذي يبدو انه يتخذ مسار انتقامي من الامة السودانية البائسة.
وبما اننا درجنا في كتابات التأبين والرثاء ذكر محاسن الموتي والصلة الرابطة، بما يضفي قيمة نوعية ومرجعية تاكيدية، غالبا ما يبرع فيها الاصدقاء وتكتسب صدقيتها من المقربين للمؤبن. وهو ما لا اجد لمبتغاه نصيب، لذا اكتفي بسرد انطباعات يجمع بينها الانشغال بالهموم العامة، كتاسيس دولة حديثة ومنظومة حكم ديمقراطية وإعلاء لمكانة حقوق المواطنة وانتهاج طريقة عمل مؤسسية، وباختصار التخلص من حكم وثقافة العسكر لصالح الحكم المدني والثقافة المدنية، كفضاء يمنح الحياة معني ان تكون حياة متحضرة. وهي هموم لطالما كان للجليل كمال الجزولي نصيب الاسد في ترسيخها في ابناء جيلنا واجيال غيرنا.
تعرفت علي كتابات استاذنا كمال اوآخر التسعينات تقريبا، ومن وقتها انعقدت اواصر العلاقة المتينة عبر وسيط الكتابة، وكل ما يتعلق بنشاط عام لكمال يتسني لي الوصول اليه او العلم به. وكتابات وانشطة كمال للذين يهتمون بها ويعرفون قيمتها، تتوزع بين نشر الوعي والاستنارة، والتعريف بالحقوق والدفاع عن النشطاء السياسيين ومن يتعرضون لعسف السلطة، وما يستتبع ذلك من مضايقات (نضال حقوقي يهدف لترسيخ ثقافة الحقوق واحترام دولة القانون، ضد ثقافة الاستقواء بنفوذ الدولة وقوة السلاح). وهذا غير اجتهاداته المضنية لتنزيل مفاهيم العدالة الانتقالية، كقنطرة عبور آمنة للوصول لبر الحكم المدني كهدف استراتيجي.
وإن انسي ما انسي مقالات عتود الدولة التي تحولت لكتاب، وهو يجمع بين الفكاهة والالمحية والتنوير ومقارعة دعاوي واساطين الاسلام السياسي الذين يستثمرون في استثارة العواطف ونشر الاباطيل والضلال، واستغلال الدين لتبرير واستباحة كل شئ باقذر الوسائل!
واهم ما يلفت النظر في كتابات استاذنا كمال، الجدية في التعامل مع الكتابة ومنح الكلمة حقها ومستحقها، لتخرج من بين انامله كالذهب المجمر من جهة المضمون، والخمر المعتق والازاهر الفواحة من جهة الاسلوب. والحال كذلك، وهذا ما يعلمه كل من يتعامل مع كتابات كمال، انها تحتاج لترتيبات مسبقة واستعداد خاص من جانب المتلقي، اي ما يشبه عملية استنفار للحواس وانتباه للتركيز. اي مبادلة الجدية بجدية مقابلة، والاهم ان القارئ معصوم من خيبة الامل، حتي ولو لم يتفق مع المكتوب، وهو ما يندر حدوثه علي كل حال.
وايضا ما ما يميز استاذ كمال باريحيته وتفتق ذهنه، القدرة علي صناعة علاقات نوعية مع المميزين ومد جسور التواصل مع المختلفين سياسيا، ومن دلائل ذلك علاقته الممتازة بالامام الصادق المهدي، ودفاعه عن الترابي بعد ان تعرض للتنكيل من انصاره، بعد صراعهم الداخلي علي السلطة وتكالبهم علي ملذات الحياة. اي دفاع يندرج في السياق الحقوقي المكفول للجميع دون فرز (وهو ما اختلفت معه فيه، لان الترابي شخصية استثنائية ترقي للمسخ الشيطاني، وتاليا يسئ الدفاع عنه لمفهوم الحقوق وقيمتها المجتمعية). والحالة هذه، قلب كمال كعبة عامرة، كسنار عبدالحي، تتلاقي فيها كل التيارات السياسية والثقافات السودانية.
المهم، ظللت دائم الانشداد لافكار وكتابات وعطاءات استاذنا كمال، حتي عندما بدأت استشعر بوادر الاختلاف مع بعض مواقف وكتابات كمال، لم ينتقص ذلك من مكانته شرو نقير، وهي عموما اختلافات قد تكون من طبيعة الاشياء، كاختلاف الخلفيات والامزجة والتجارب. ومن تلك الاختلافات انبهاره بالثورة المهدية، التي اعتبرها ثورة رجعية، رغم جانبها الايجابي المتمثل في التصدي للظلم والانتصار علي البغاة المحتلين، ومرد ذلك بالطبع قوة العزيمة ومورد الطاقة الروحية للدين الذي لا ينضب معينه. وكذلك تعاطفه مع الموقف الجذري، الذي قد يرضي الرغبات ولكن لا تسنده مقومات النجاح، في دولة ظلت مختطفة بقوة السلاح. لتزيد الانقاذ طينتها بلة، بعد ان قضت علي بنية الدولة وحاصرت المجتمع بالارهب والفساد. اي الانقاذ التي اسست للفوضي، افسحت المجال لاكثر الكيانات فوضوية (مليشيا الدعم السريع)، لتصبح له اليد الطولي في تحديد مصير الدولة. وعليه، مجرد استرداد الدولة بحالتها السابقة، يصبح معجزة، ناهيك من تحديد مخططات تلك الدولة كما نشتهي.
وما يؤسف له، ان ما ظل استاذنا كمال يبشر به ويكافح من اجله، كشخصية متمدنة (ابن مدينة كوزمبولوتية كما تسمي نستلوجيا امدرمان)، وقبل ذلك ينتمي لاسرة ارتبط اسمها بالنضال والوعي والانحياز للبسطاء، من موقع التضلع في الثقافة والانخراط في السياسة من الباب العريض. اي ما يطالب به ويدعو له، من مدنية الدولة وحق الشعب في اختيار حكامه والتمتع بثرواته، وعدم استخدام الدين لنيل مآرب سياسية وامتيازات سلطوية ..الخ، مستخدما في ذلك القلم ومستهديا بقيم التنوير، لم يجنِ منه إلا (عنف البادية) علي عهد المقبور نميري، وإرهاب الدواعش الاسلامويين الذين استبدلوا قيم التحضر، بشهوة التسلط ورغبة الاستحواز باحط الوسائل (توطين الاستبداد والفساد)، لينتهي بنا المطاف الي حالة الحرب الوجودية الوحشية الراهنة، التي تستهدف بقاء الدولة وسلامة المجتمع.
وعموما، كتابات استاذ كمال المميزة، واسلوبه الرصين، ومفرداته التي يختارها بحسه الادبي وثقافته الموسوعية، وسط اجواء الكبت واستشراء ثقافة الاستسهال والاستهلاك والاستهبال، كانت اقرب للمصدات والسباحة عكس التيار ورد الاعتبار للرموز الابداعية. وصحيح ان التجريف الثقافي والابداعي، بمخطط اجرامي من دولة التصحر الاسلاموية، اصبح تيار جارف، الشئ الذي افسح المجال لطغيان الاسفاف والابتذال كسمة لكتابات الاسلامويين وانصارهم وصحفهم، لتصعد الي السطح صحف الاثارة والجريمة والفنون السطحية والتسلية لصاحب امتيازها احمد البلال الطيب، وكتابات العنصرية والهوس الديني للطيب مصطفي والخزعبلات والطلاسم لاسحاق فضل الله، وتظهر كتيبة من الصحفيين المتخصصين في لعق حذاء العسكر وتمسيد دقون اساطين الاسلام السياسي، نظير منافع مادية وصحفية واعلامية، من امثال ضياء بلال والطاهر حسن التوم والهندي عزالدين. إلا ان كل ذلك لم يمنع استاذ كمال وصحبه الميامين، من مسك جمر القضايا الوطنية بقوة الكلمة وجزالة العبارة. الامر الذي يذكر بشخصيات حميد كالسرة وامونة والزين ود حامد والضو، كرموز لقيم الاصالة في وجه اعاصير الزيف والظلم والاستبداد. وهو ما يبيح القول علي لسان حميد ان كمال عاش حياته (ماسك الشباطين في الصراع لا بودة لا سوس لا وهن).
لكل ذلك موت استاذنا كمال الجزولي، قد يكون محزن للقلب وصعب الاحتمال، ولكنه من ناحية مقابلة يمنح احساس بكثافة الوعي والتعريف بالحقوق والنضال من اجل القيم الخيرة، باستخدام ارقي اسلوب وانضر عبارة، وهو ما جسدته تجربته في الحياة. وهو ما يعني في الحساب الاخير، ان قيمة ان يكون الشخص رسالة او صاحب رسالة، تتجاوز شخصه كفرد الي ايقونة اشعاع معرفي وانساني وحقوقي ذات تاثير عظيم في الآخرين، هي حياة عصية علي الموت وان فارقت الروح الجسد.
واخيرا
شكرا استاذنا الجليل كما الجزولي، الذي منحنا بحياته جرعة وعي وروح اصرار علي الكدح والكفاح لانجاز الاهداف السامية، ستظل تحتل في عقولنا وقلوبنا، اجمل ذكري واقوي تاثير. والعزاء موصول لافراد اسرته واصدقائه ومعارفه ومعجبيه في كافة ارجاء المعمورة. ويتواصل العزاء لاسر زملاء دراسة ومراتع صبا خطفت ارواحهم هذه الحرب اللعينة. وكامل المسؤولية يتحملها هذا (الهبنقة) المسمي البرهان. ونسال الله ان يعجل عليه غضبه وعذابه، ويجعله عبرة للاولين والآخرين. وانا لله وانا اليه راجعون. ودمتم في رعاية الله.
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: کمال الجزولی من جهة وهو ما
إقرأ أيضاً:
فارس الخوري.. المسيحي خطيب الأموي ووزير الأوقاف الإسلامية
الله أكبر فالظُلام قد علموا
لأيِّ منقلب يهوي الألى ظلَمُوا
لقد هوى اليوم صرح الظلم
وانتفضت أركانه وتولّت أهلَه النّقمُ
هكذا هجا الشاب المتحمس فارس الخوري السلطان عبد الحميد بقصيدة قاسية عقب نجاح جمعية الاتحاد والترقي في عزله.
غير أنه سرعان ما اكتشف أنه كان ثمرة خديعة كبيرة من هذه الجمعية فانسحب منها بعد انتسابه إليها ظنا منه أنها ميدان نصرة الحق وبقي يحمل في نفسه الندم على مناصرتها ضد السلطان عبد الحميد؛ إذ كتب في آخر حياته:
"لم أندم في حياتي على شيء قدر ندمي على القصيدة التي نظمتها وهجوت فيها السلطان عبد الحميد، وتأكد لي فيما بعد بما لا يقبل الجدل أن هذا الخليفة المسلم راح ضحية ثأر اليهود، فشرعت منظماتهم للعمل مع الدول الاستعمارية على مناوأته شخصيا وعلى كيان الدولة العثمانية".
كان الخوري في غمرة الشباب والحماسة والاندفاع فظن أنه بمعارضته السلطان عبد الحميد يناصر الحق فقد كان همه تحسين مستوى التعليم والبريد والبرق، ورفض الرقابة الأمنية فقد اشتهر بمعارضته لمسألة فتح المكاتيب ومراقبتها.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2سفيرة الأناقة والتراث.. الدار العراقية للأزياء رحلة عبر التاريخ وهوية وطنlist 2 of 2"تحيا فلسطين" نصف قرن من نشيد مناهضة الحرب بالسويدend of listوبعد انسحاب الخوري من جمعية الاتحاد والترقي عام 1912م؛ دخل في مواجهتها مرشحا لـ"مجلس المبعوثان العثماني" (البرلمان العثماني) وفاز بأغلبية كبيرة رغم محاربة الاتحاديين الشرسة له.
خطيبا على منبر الأمويعندما احتلت فرنسا سوريا حاولت استمالة المسيحيين فأبلغ الجنرال غورو فارس الخوري بأن فرنسا جاءت إلى سوريا لحماية مسيحيي الشرق، فقصد الخوري الجامع الأموي يوم الجمعة وصعد المنبر وقال مخاطبا المصلين:
"إذا كانت فرنسا تدعي أنها احتلت سوريا لحمايتنا نحن المسيحيين من المسلمين، فأنا كمسيحي أطلب الحماية من شعبي السوري، وأنا كمسيحي من هذا المنبر أشهد أن لا إله إلا الله".
فأقبل عليه المصلون وحملوه على الأكتاف وخرجوا به في مظاهرة تطوف أحياء دمشق وخرج المسيحيون من أهل دمشق يومها في مظاهرات حاشدة ملأت دمشق وهم يهتفون "لا إله إلا الله".
إعلان مسيحي وزيرا للأوقاف الإسلاميةسنة 1944م، غدا فارس الخوري رئيسا للوزراء في سوريا فاحتفظ لنفسه بوزارة الأوقاف، فكان عامة العلماء والدعاة حينها في سعادة بالغة لهذا القرار، غير أن البعض حاول الاعتراض في البرلمان غامزا من قناة الخوري كونه مسيحي، فتصدى لهم نائب الكتلة الإسلامية في المجلس آنذاك الشيخ الدمشقي عبد الحميد طباع قائلا:
"إننا نؤمن فارس بك الخوري على أوقافنا أكثر مما نؤمن أنفسنا".
جلسة الاستقلال وموقف لا ينساه الزمنفي الأمم المتحدة التي ساهم الخوري بوضع نظامها وبروتوكولاتها، وكان يمثل سوريا فيها؛ طلبت سوريا اجتماعا للمطالبة برفع الانتداب الفرنسي عن أراضيها.
دخل الخوري بطربوشه الأحمر وبذلته البيضاء قبل بدء موعد الاجتماع متوجها بسرعة إلى مقعد المندوب الفرنسي وجلس على الكرسي المخصص لفرنسا.
لم يستطع السفراء المتوافدون على القاعة إخفاء دهشتهم من جلوس فارس الخوري المعروف لديهم جميعا باتزانه وزعامته في مقعد المندوب الفرنسي بينما مقعد سوريا موجود!
عندما دخل المندوب الفرنسي ووجد الخوري يحتل مقعد فرنسا توجه إليه طالبا منه المغادرة كون المقعد مخصص لفرنسا مشيرا بأصبعه إلى علم فرنسا الموجود أمامه، ومشيرا إلى مقعد سوريا الفارغ.
لم يتحرك فارس الخوري ولم يبد اكتراثا بل أخرج ساعته ووضعها أمامه وبدأ ينظر إليها والمندوب الفرنسي يحاول تمالك أعصابه وهو يطالب الخوري بترك مقعده.
ولكن فارس الخوري مستمر بالنظر في ساعته وهو يقول بصوت مرتفع يسمعه الجميع: 10 دقائق، 11، 12 دقيقة.
فقد المندوب الفرنسي أعصابه فبدأ بالصراخ في وجه فارس الخوري مطالبا بترك مقعد فرنسا وسط ذهول جميع المندوبين ومراقبتهم.
وفارس الخوري مستمر بعدم الاكتراث والتحديق في ساعته، مرددا بصوت عال: 19 دقيقة، 20؛ فهاج المندوب الفرنسي وحاول التهجم على فارس الخوري فحال بينه وبين مراده سفراء الدول ناظرين باستغراب إلى الخوري.
إعلانتماما عند انتهاء الدقيقة الـ25 وضع فارس الخوري ساعته في جيبه ووقف مخاطبا المندوب الفرنسي بصوت يسمعه كل من في القاعة:
"سعادة السفير: جلست على مقعدك 25 دقيقة فكدت تقتلني غضبا وحنقا، وقد احتملت سوريا سفالة جنودكم 25 سنة، وقد آن لها أن تستقل".
وفعلا في هذه الجلسة نالت سوريا استقلالها.
صوت فلسطينسنة 1947م أصبح فارس الخوري رئيسا لمجلس الأمن، وهذه السنة كانت ساخنة جدا فيما يتعلق بإرهاصات احتلال الصهاينة لفلسطين.
وكان الخوري في كل الجلسات رافضا لقرار التقسيم وكل القرارات المنبثقة عنه، وكذلك رافضا لكل اقتراحات الهدنة لأنها تأتي خدمة للصهاينة.
وكانت كلمته المشهورة التي يكررها دوما:
"قضية فلسطين لن تحل في أروقة مجلس الأمن، لكنها ستحل على ثرى فلسطين".
كان الخوري يظن أن القيادة المصرية التي عرفت دوره وتفانيه في الدفاع عن قضايا مصر في المحافل الدولية ستقدره وتحفظ له تلك المواقف.
لهذا سارع إلى مصر متوسطا عند جمال عبد الناصر لعدم تنفيذ حكم الإعدام بـ6 من قيادات جماعة الإخوان المسلمين عقب حادثة المنشية الشهيرة، وقد كان يخاطب عبد الناصر بكل رجاء ويبين استعداده للتذلل التام لإنقاذ هؤلاء الأبرياء من حبل المشنقة.
كان رد عبد الناصر مخيبا للغاية، وأصيب فارس الخوري بعد إعدام قادة الإخوان المسلمين بحالة من الاكتئاب والإحباط فاعتزل في بيته ولم يعد يشارك في أي عمل سياسي ولم يبد رأيا في قيام الوحدة مع مصر ولا في الانفصال.
هل مات مسلما؟عام 1960م أصيب فارس الخوري بكسر في عنق الفخذ وهو في غرفة نومه فلزم الفراش حتى وفاته في الثاني من يناير/كانون الثاني عام 1962م.
يقول الشيخ علي الطنطاوي في ذكرياته عن مرض فارس الخوري ووفاته:
"لما مرض وطال مرضه رأيناه كلما عاده أحد من المسلمين حدثه عن الإسلام، وكان يكثر أن يطلب من شيخنا الشيخ محمد بهجة البيطار ومن غيره أن يقرأ عليه القرآن، وأوصى -ونفذت وصيته- أن يتلى القرآن في مجلس التعزية به إذا مات.
فكنت أحار في تفسير هذا كله، حتى نشر الأستاذ محمد الفرحاني كتابه عنه وقد كان ملازما له في مرضه لا يفارقه أبدا فإذا هو يؤكد أنه مات على دين الإسلام، فرحمه الله ورحم الفرحاني الذي فرّحنا بهذا النبأ".