مختصون يحذّرون المراهقين من مقارنة حياتهم بالآخرين .. متلازمة «الشاشة الإلكترونية» اضطراب جديد يهدد الجيل
تاريخ النشر: 2nd, November 2023 GMT
جدة – ياسر خليل
مع تعدّد منصّات التواصل الاجتماعي وزيادة المحتوى الصالح والطالح، زاد عدد ساعات استخدام الأجهزة الالكترونية عند فئة اليافعين والمراهقين، وامتد أثر ذلك على سلوكياتهم من حيث مقارنة حياتهم بحياة الآخرين في مواقع التواصل الاجتماعي، والبعض الآخر يتعرض تدريجيًا للاكتئاب نتيجة عدم رضاهم عن حياتهم وافتقادهم القناعة بما هو لديهم.
وقال استشاري الطب النفسي الدكتور محمد براشا لـ”البلاد”: “مع هيمنة التكنولوجيا والانترنت زادت التحدّيات الاجتماعية والنفسية بشكل كبير وخصوصاً بين فئة اليافعين والمراهقين الذين يتأثرون بسرعة بما يشاهدونه في عالم منصات التواصل الاجتماعي، فمعظم المحتويات للأسف تترك في نفوس الآخرين آثرا بالغًا وكبيراً، فعندما تزداد مشاهدة مقاطع الحياة المخملية والثراء والهياط فأن المشاهد البسيط قد يصاب نفسياً بالاكتئاب لاعتبارات عديدة منها المقارنة وعدم قناعته بحياته، ورغبته في الوصول إلى ما وصلوا إليه من المال والشهرة”.
وأضاف براشا: “يجب أن يدرك جميع مستخدمي السوشيال ميديا أن عالم الشبكة العنكبوتية بحر من الحياة فيها ما هو مفيد وما هو ضار، فالمفيد ما يتعلم ويستفيد منه الفرد، والضار هو ما يؤثر على حياتنا ونفسيتنا، لذا يجب على الجميع أن يكونوا على قدر كبير من الوعي الاجتماعي في التعامل مع الأجهزة الإلكترونية”.
ويتفق المستشار الاجتماعي طلال محمد الناشري مع براشا، قائلاً: “أصبحت الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية، ومع ذلك يواجه العديد من الأهل تحديات في تحديد كيفية إدارة استخدام أولادهم للأجهزة الإلكترونية لتفادي التأثير السلبي الذي قد يتركه على صحتهم العقلية والجسدية”، مشدداً على أنه يجب على الأهل حث أبنائهم على تقليل الاستخدام المفرط، والعمل على تعزيز الاتصال الاجتماعي والعائلي.
وتابع: “كما يجب على الأهل الاهتمام بالأنشطة الاجتماعية التي يشارك فيها أولادهم وتشجيعهم على الانخراط في الأنشطة الاجتماعية مع الأصدقاء والعائلة، ويمكن أن تساعد الأنشطة الاجتماعية على تحسين الوضع العاطفي والنفسي وتقليل الاعتماد على الأجهزة الإلكترونية، كما يجب على الأهل الاهتمام بالصحة الجسدية والنفسية لأبنائهم، والحرص على ممارسة الأنشطة الرياضية وتناول وجبات صحية والحصول على قسط كاف من النوم ، وايضاً على الأهل العمل على تحديد الحدود الواضحة للاستخدام وتشجيع الأنشطة البديلة”.
وفي السياق ذاته، يقول الأخصائي الاجتماعي صالح هليّل: “من وجهة نظري أن تفشي الاكتئاب في عصرنا الحالي سببه التكنولوجيا والأجهزة الالكترونية التي غزت الصغير والكبير، فالاكتئاب الناتج عنها قد يجعل الفرد تعيسًا وحزينًا، ربما لأنه يقارن نفسه بالمثاليين، أو لأنه أدمن الجهاز وأصبح اسيراً لمتلازمة الشاشة الإلكترونية”.
وقال هليّل إن متلازمة الشاشة الإلكترونية هي اضطراب جديد نسبيًا، وأعراضه تشابه أعراض أيّ اضطراب آخر، ولكن ميزته هي أنّ هذه الأعراض تختفي بمجرّد إزالة تأثير الشاشة الإلكترونية ، كما أنها مرض يُصاب به الشّخص بعد تعرّضه للشاشات الإلكترونية لفترات طويلة، لأنّ الشّاشة تميل إلى التطفل على الفضاء البصري والعقلي للمُستعمل؛ ممّا يؤدّي في بعض الأحيان إلى الإدمان.
وتابع هلّيل أن طبيبة الأطفال النفسية المعروفة والتي أجرت العديد من الدراسات المرتبطة بتأثير الأجهزة على الأطفال الدكتورة فيكتوريا دنكلي أن تأثير الالكترونيات بشكل عام يؤدي إلى نشاط أقل في الفص الجبهي، سواء حدث ذلك بسبب فرط النشاط، أو النشاط الذاتي، أو لأن (الأطفال) لا يقومون بأشياء أخرى، إنها بالتأكيد كل هذه الأشياء ، لذلك على المدى القريب؛ سنلحظ تأثير هذه المشكلات على المزاج والسلوك والإدراك ، والتي تؤثّر بدورها في المدى الطويل. فيصبح الخطر: أن الفص الجبهي لا يتطوّر والعقل كله لن يكون متكاملًا.
وعن أعراض وانعكاسات هذه المتلازمة يضيف هليل: أعراضها عديدة منها ضعف التركيز، العصبية المفرطة ، السلوك العدواني، صعوبات التعلم ، اضطرابات النوم، كآبة وهي أعراض مشابهة لأي إدمان آخر، كما أنها تذكّرنا بأعراض الاكتئاب نوعًا ما.
وحول تجاوز متلازمة الشاشة الالكترونية قال: هناك مجموعة من النصائح التي يجب أن يدركها الفرد وهي: تفعيل الصيام عن الأجهزة الإلكترونية لثلاثة أو أربعة أسابيع ، القيام بأنشطة فردية مع الطفل؛ حيث يساعدهم ذلك على التواصل مع الأشخاص الآخرين ، والطفل يحتاج إلى التحرّك أكثر، وإلى المزيد من التمارين، لذلك إن قام الأولياء بنزع الإلكترونيات فسيبدأ اللعب بشكل طبيعي وإبداعي وجسدي ، والأطفال يحتاجون إلى أشعة الشمس التي يجدونها في الطبيعة، إذا لم يملكوا إلكترونيات فسيلعبون خارجًا مرة أخرى وسينخرطون مع العالم الطبيعي من جديد ، وعلى الآباء والمسؤولين أن يعوا بخطورة هذه الأمور، وينصرفوا للاهتمام بالجانب النفسي لدى الناس، فهو الجانب الذي يؤثّر بطريقة أو بأخرى على أدائهم الشخصي، والعملي، والاجتماعي.
المصدر: صحيفة البلاد
كلمات دلالية: الشاشة الإلکترونیة على الأهل یجب على
إقرأ أيضاً:
/قمة التنمية الاجتماعية/.. الأمين العام لمجلس التعاون: المرأة الخليجية أصبحت في قلب مشهد الابتكار الاجتماعي
أكد السيد جاسم محمد البديوي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، أن المرأة الخليجية ليست فقط حاضرة في ميادين العمل والتعليم، بل أصبحت في قلب مشهد الابتكار الاجتماعي، تبني وتبتكر حلولا تسهم في تنمية مجتمعاتها من خلال مبادرات ومشاريع وحلول رقمية تخدم الفئات الأكثر حاجة في المجتمع.
وقال البديوي إن دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية شهدت قفزة نوعية في تمكين المرأة، حيث يتزايد حضورها في سوق العمل وبما يزيد الإنتاجية ويسرع التنويع الاقتصادي، مضيفا أن تمكين المرأة ليس مجرد شعار يرفع، بل هو ركيزة أساسية في مسيرة تحقيق أهداف التنمية المستدامة، ولا سيما الهدف الخامس منها والمتعلق بتحقيق المساواة بين الجنسين وتمكين جميع النساء والفتيات، مضيفا أن دول المجلس أولت هذا الهدف اهتماما كبيرا، من خلال إتاحة الفرص المتكافئة للمرأة وتمكينها في مختلف المجالات.
جاء ذلك خلال مشاركة الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية في فعالية "/She Builds/: نساء يبتكرن حلولا اجتماعية لمستقبل شامل ودامج" على هامش أعمال مؤتمر القمة العالمي الثاني للتنمية الاجتماعية المنعقد حاليا بالدوحة.
من ناحية أخرى، أكد السيد جاسم محمد البديوي أن التنمية البشرية المستدامة تمثل أولوية استراتيجية لدول مجلس التعاون، مشيرا إلى أن التجربة الخليجية أثبتت أن التوازن بين النمو الاقتصادي والتنمية الاجتماعية هو أساس الاستقرار والازدهار، وأن الركائز الثلاث للتنمية مترابطة وتكاملية، حيث يسهم الاستثمار في رأس المال البشري والتعليم والصحة والحماية الاجتماعية في تحفيز النمو الاقتصادي وتحقيق الإدماج الاجتماعي الشامل.
جاء ذلك خلال مداخلته في الجلسة رفيعة المستوى حول "تعزيز الركائز الثلاث للتنمية الاجتماعية"، والتي تناولت محاور القضاء على الفقر والعمل اللائق والإدماج الاجتماعي، على هامش أعمال مؤتمر القمة العالمي الثاني للتنمية الاجتماعية.
وأوضح البديوي أن دول المجلس تبنت نهجا متكاملا يربط بين السياسات الاقتصادية والاجتماعية في إطار رؤى وطنية طموحة ركزت على تنويع الاقتصاد وخلق فرص عمل نوعية، ودعم برامج الحماية الاجتماعية، وتمكين المرأة والشباب.
وأشار إلى اعتماد استراتيجية التنمية المستدامة لدول المجلس (2010 - 2025) بهدف بناء مجتمع مزدهر وآمن ومتماسك يضمن كرامة الإنسان ويوفر له مقومات العيش الكريم عبر مختلف مراحل الحياة.
وأكد أهمية تعزيز الشراكات العالمية لضمان انتقال عادل وشامل نحو الاقتصاد الأخضر والرقمي، وتيسير الوصول إلى التمويل والتكنولوجيا، كما أبرز الدور الريادي لدول مجلس التعاون في تقديم الدعم الإنساني والتنموي، حيث قدمت ما يقارب 14 مليار دولار بين عامي 2020 و2025، لتصبح رابع أكبر مانح إنساني على مستوى العالم، والثاني بين المنظمات الإقليمية.
وشدد الأمين العام لمجلس التعاون على حرص المجلس على مواصلة تنفيذ البرامج والمبادرات الوطنية والإقليمية الرامية إلى القضاء على الفقر، وتمكين الشباب والمرأة، وتكافؤ الفرص، وتطوير نظم التعليم والحماية الاجتماعية، بما يرسخ أسس التنمية الشاملة والعدالة الاجتماعية، ويسهم في بناء مجتمعات أكثر إنصافا واستدامة.