وزيرُ الخارجية يدعو المجتمع الدولي إلى إجراء تحقيق مستقلّ حول العدوان الإسرائيلي ومحاكمته لاستهدافه المدنيين في غزّة
تاريخ النشر: 31st, October 2023 GMT
العُمانية/ دعا معالي السّيد بدر بن حمد البوسعيدي وزيرُ الخارجية المجتمع الدولي إلى إجراء تحقيق مستقلّ حول العدوان الإسرائيلي ومحاكمته على استهدافه المتعمّد للمدنيين في قطاع غزة ومنشآتهم وحرمانهم من احتياجاتهم الإنسانية وتجويعهم وإخضاعهم للحصار والعقاب الجماعي.
وأكد معاليه في تصريح خاص لوكالة الأنباء العُمانية على أن سلطنة عُمان ملتزمة بالحلول السياسية المستندة إلى الحوار وسيادة القانون الدولي وضرورة تدخل المجتمع الدولي لوقف الحرب على غزة وردع إسرائيل لانتهاكها القانون الدولي واستمرار عملياتها العسكرية في قتل المدنيين داخل القطاع وهدم المنشآت والمباني والأحياء المدنية في جميع الأراضي الفلسطينية.
وقال معاليه: "اعتقادي الأكيد هو أن العنف ليس حلًّا، وهو ما ندينه بشدّة لأن الضحايا غالبًا ما يكونون من الأطفال والمدنيين. وإذا تذكّرنا التجارب التاريخية السابقة نرى وبكل تأكيد استحالة تحقيق حلّ عسكريّ للقضية الفلسطينية أو للصراع العربي الإسرائيلي. نعم هناك حركات موجودة أو منظمات لمقاومة الاحتلال وهذا حقٌّ مشروع لها، ولكن إذا أردنا حلًّا نهائيًّا عادلًا فهذا لا يتأتّى عسكريًّا وإنما يكون عبر السُّبل السلمية، أي أن الحلّ الممكن والمستدام يكمن في الحلول السياسية والحوار والالتزام القوي والمشترك بتحقيق السلام. وسلطنة عُمان -كما هو الحال دائمًا- ملتزمة بالحلول السياسية المستندة إلى الحوار وسيادة القانون الدولي".
وأضاف معاليه أنّ ما يترتب على الهجمات والعمليات العسكرية على قطاع غزة "الاستمرار في مواجهة هذه الممارسات والأعمال الإسرائيلية اللاإنسانية وذلك بإعلاء قيمنا والتمسك بأخلاقنا الإنسانية الرافضة للقتل والتدمير والاعتداء على الأطفال والمدنيين والاستمرار في ممارسة الضغوط السياسية والدبلوماسية والقانونية وتوظيف صوت الحق الدامغ ولغة العقل وقوة المنطق أمام العدوان الإسرائيلي الظالم في قتله المدنيين العُزّل وتدمير منشآتهم ومساكنهم وحرمانهم من الماء والغذاء والوقود والدواء. وأودّ أن أقول إنه على وسائل الإعلام مسؤولية التعاطي مع الوضع بموضوعية ومصداقية وإيصال الصوت العادل للعالم ومخاطبة الضمير الإنساني في كل مكان. وفي النهاية لابد للحقّ أن ينتصر وللظّلم أن ينحسر".
وشدّد معاليه على دور والتزام المنظمات الدولية وفي مقدمتها الأمم المتحدة، ومجلس الأمن التابع لها حيث إن قيمة التفاعل الدولي البنّاء تكمن في حماية حقوق المدنيين في السِّلم والحرب، ولذلك فإن الإمكانات الهائلة للأطُر العالمية كفيلة بتهيئة الظروف اللازمة لوقف الصراع وتبنّي الحلول السلمية له.
واعتبر معاليه أن العمل العسكري الحالي لإسرائيل لا يعدّ إجراءً ضروريًّا للدفاع عن النفس، فجميع الدول تُدين وتستنكر استهداف المدنيين مهما كانت جنسيات ساكنيها، لأن ذلك يتعارض مع سائر القيم التي نؤمن بها... مؤكدًا على أن "الرد الإسرائيلي مفرط للغاية ومبالغ فيه بشكل صارخ، وخاصة استهداف المدنيين. وهنا يجب أن لا ننسى أيضا أن الشعب الفلسطيني لديه الحق كذلك في الدفاع عن نفسه.
وبيّن معاليه أن" التهجير القسري للمدنيين في شمال قطاع غزّة ودفعهم للانتقال جنوبًا، يُعتبر على نطاق واسع تمهيدًا للإبادة الجماعية وفقًا للمادة الثانية من اتفاقية عام 1948 بشأن منع ومعاقبة الإبادة الجماعية.
وحصار غزة الذي يمنع المدنيين من الحصول على المياه والكهرباء والطعام والوقود فعلٌ غير قانوني ويمكن أن يعدّ من جرائم الحرب، وأن هذه التدابير الجماعية محظورة بموجب المادة 33 من اتفاقية جنيف.. لافتًا إلى أن التاريخ علّمنا أن "الدفاع عن النفس" لا يمكن أن يبرّر الإبادة الجماعية أو العقاب الجماعي واستهداف الأبرياء من المدنيين، كما أن منع وصول المساعدات الإنسانية للسكان جريمة بموجب القانون الدولي".
وحول الخطوات الفورية التي يجب اتخاذها وضّح معاليه أن سلطنة عُمان ترى أنه على المجتمع الدولي التدخل لوقف هذه الحرب على غزة وردع إسرائيل في انتهاكها القانون الدولي واستمرار عملياتها العسكرية لقتل المدنيين داخل قطاع غزة وهدم المنشآت والمباني والأحياء المدنية.. داعيًا إلى وقف فوري لإطلاق النار، وتثبيت هدنة تتم مراقبتها من قبل مراقبين مستقلين من الأمم المتحدة وضرورة وضع خطط عاجلة لتقديم المساعدات والاحتياجات الإنسانية المطلوبة بشكل مباشر وفوري لقطاع غزة.
وأكد معالي السّيد وزير الخارجية على أن سلطنة عُمان وشقيقاتها دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية التزمت بدعم عمليات الإغاثة الإنسانية لقطاع غزة والوقوف الفوري على الأسباب الجذرية التي أوصلتنا إلى هذه الأزمة، والتعامل معها تباعًا.
وقال معاليه إن الأسباب الجذرية لهذه الأزمة تتمثل في أربع نقاط:
الأولى "أن إسرائيل قد احتلت بشكل غير قانوني الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة منذ عام 1967م، وهذا الاحتلال يمارس التنكيل وطرد السّكان الآمنين من مساكنهم وفرض المعاناة اليومية على الفلسطينيين في أراضيهم، ويُحْرمُ جميع الفلسطينيين واللاجئين في هذه الأراضي من حقّهم الأساسي في تقرير المصير.
والثانية: "على الرغم من الاتفاقيات التي تم التوصل إليها في أوسلو عام 1993، فإن استمرار احتلال الضفة الغربية بما في ذلك القدس الشرقية، قد أدى إلى التوسع الممنهج للمستوطنات غير القانونية وطرد السكان الفلسطينيين بالقوة من أراضيهم ومنازلهم دون حق، ناهيك عن سياسة الفصل العنصري التي تنتهجها الحكومة الإسرائيلية".
والثالثة أن "غزة تحت الحصار منذ عام 2007، وتم عزل سكانها عن الفلسطينيين في الضفة الغربية، حتى أصبح القطاع يعتمد كليًّا على إسرائيل في بنيته الأساسية والإمدادات الحيوية. وأصبح 2.3 مليون نسمة من سكانها يعيشون في فقر وعزلة، وهي ظروف فرضتها إسرائيل عليهم من دون حق"
أما الرابعة فتتمثل في" أن الحكومة الإسرائيلية التي تشكّلت في عام 2022م قامت بتصعيد الظلم ضد الفلسطينيين والظلم ظلمات، ونرى كيف أن قيادات هذه الحكومة الإسرائيلية تُروّج لسياسات تستهدف السكان الفلسطينيين بشكل أكثر عدوانية وقسوة من أي وقت مضى".
وناشد معاليه المجتمع الدولي باتخاذ إجراءات قوية ورادعة وعقابية أمام التصريحات الوحشية والتهديدات الصادرة عن المسؤولين الإسرائيليين مثل تلك التي تفوّه بها وزير المالية الإسرائيلي الحالي، على سبيل المثال، بقوله "إن هناك الآن ثلاثة خيارات أمام الفلسطينيين: إما الاستعباد، أو الهجرة، أو الموت".
واستطرد معاليه قائلا: "لقد أهمل المجتمع الدولي هذه الأسباب الجذرية للصراع على مدى عقود من الزمن. وحان الوقت لتحقيق صحوة حقيقية داخل مجلس الأمن لدى الأمم المتحدة وفرض قراراته وتطبيق القانون الدولي على جميع الدول دون تمييز أو ازدواجية في المعايير".
وحول تحقيق عملية سلام ناجحة في المستقبل بيّن معاليه أنه "قد يكون مبكرا الحديث بالتفصيل عن مشروع السّلام ولكن باختصار شديد أودّ أن أقول إن المطلوب في الوقت المناسب إطلاق عملية سلام ذات فعالية ومصداقية تشمل جميع الأطراف دون استقصاء أي طرف وأن هناك تجارب ودروسًا يمكن الاستفادة منها، فمثلا قد سبق لإسرائيل وحلفائها قبول فكرة الدخول في حوار مع منظمة التحرير الفلسطينية في التسعينات بعد أن كانوا رافضين للتحاور بسبب اعتبارها منظمة إرهابية... وقد أدى ذلك الحوار مع منظمة التحرير الفلسطينية إلى انطلاق عملية السلام في ذلك الوقت.
واليوم نقول إن على إسرائيل وحلفائها أن يواجهوا الواقع الذي لا يمكن أن يتغير دون الانخراط في حوار مع جميع الأطراف بما فيها حركة حماس، ولا يمكن أن يكون هناك سلام حقيقي فلسطيني إسرائيلي دون أن يشمل الحوار جميع الأطراف الأساسية. ونعتقد بأن هناك إجماعًا دوليًّا على ضرورة تحقيق السلام الشامل على أساس مفهوم حلّ الدولتين، وبالاستناد إلى القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن المعروفة والمتصلة بالقضية الفلسطينية".
وأكد معالي السّيد بدر بن حمد البوسعيدي وزير الخارجية في ختام تصريحه لوكالة الأنباء العُمانية على أن مبادرة السلام العربية موجودة، ومازالت قائمة وقابلة للتطبيق لأنها تستند إلى القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وشاملة لأنها تعالج مشكلات جميع الأراضي العربية المحتلة تماما كما نصت عليه قرارات الشرعية الدولية.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: المجتمع الدولی القانون الدولی مجلس الأمن قطاع غزة یمکن أن على أن ا یمکن
إقرأ أيضاً:
شيخ العقل: لتكثيف جهود المجتمع الدولي من اجل وقف العدوان
استنكر شيخ العقل لطائفة الموحدين الدروز الشيخ الدكتور سامي ابي المنى "انتهاك العدو الصهيوني حرمة المراكز الدينية من مساجد وكنائس ودور عبادة في مناطق استهدافاته، لا سيما في بلدات الجنوب والبقاع وفي الضاحية الجنوبية لبيروت، من خلال إقدامه اخيرا على تدمير مسجد بلدة شقرا الاثري والاضرار الكبيرة التي طالت كنيسة سيدة الانتقال وبيت الرعية في النبطية، جرّاء استهداف الغارات الحي المتواجدة فيه".
ورأى في بيان، ان "امعان العدو في استهداف تلك الاماكن، بما هو مخالف للشرع والقوانين الدولية والانسانية والاخلاقية، انما يؤكد نوايا العدو في حربه الوحشية وقفزه فوق حرمة الانسانية والقرارات الدولية التي من المفترض ان تردعه عن الاستمرار في ارتكابه جرائم الحرب والابادة، والتدمير الممنهج للقرى ودك المباني المأهولة"، داعيا "المجتمع الدولي وعواصم القرار والمنظمات الدولية والانسانية، لكبح جماح العدو بعد شهرين كاملين من العدوان، الذي يجب بذل الجهود اللازمة لوقفه".
العرفان
وكان الشيخ ابي المنى لبّى دعوة مؤسسة العرفان التوحيدية في السمقانية الشوف إلى لقاء ديني في صرحها التربوي، بمشاركة الشيخين الجليلين ابو زين الدين حسن غنام وابو داوود منير القضماني وجمع من المشايخ من الشوف، إضافة إلى ادارة المؤسسة والعاملين فيها.
وتخلل اللقاء كلمة لرئيس المؤسسة الشيخ نزيه رافع، اشار فيها الى "الدور الذي تقوم به المؤسسة منذ نشأتها، على المستويين الديني والتربوي، وفقا للنهج التوحيدي والوطني الذي رعاه المعلم الشهيد كمال جنبلاط والذي ارسى اسسه المرحوم الشيخ ابو محمد جواد ولي الدين والمستمرة عليه".
بدوره تطرق الشيخ القضماني في حديث ديني له بالمناسبة، إلى الجوانب الروحية والاجتماعية الاساسية التي تعمل عليها المؤسسة في المجالات التوحيدية العامة، لتنشئة الأجيال الجديدة على أساس القيم والمبادئ الأخلاقية والدينية والإيمانيّة العامة".
شيخ العقل
وكان شيخ العقل قد استهل اللقاء بحديث ديني ضمّنه التأكيد على "المبادئ الأساسية التي انشئت عليها المؤسسة منذ العام 1971 ولغاية اليوم، تلك البذرة التي أينعت واثمرت لتصبح موئلاً للأجيال، قائلاً: "عملنا معا على مدى عشرات السنين وبنوايا خيّرة في البحث عن السبل الكفيلة، من اجل تحقيق تلك الأهداف والغايات النبيلة، التي عكست واقعها الروحي والحضاري والثقافي على كل المستويات".
ونوّه الشيخ ابي المنى "بالجهود المبذولة من قبل ادارة المؤسسة، من اجل تقدمها وتطورها على النحو الذي تحاكي فيه الواقع الحالي، على مستوى التطور التكنولوجي والعلمي، باعتبارها من المؤسسات الرائدة في هذا المجال وعلى مساحة الجبل ووادي التيم والمناطق التي تحتضن فروعا لها".
ورأى ان "الاوضاع الصعبة التي تواجه لبنان اليوم، مصيرية جدا بالنسبة لنا ولمستقبل مجتمعاتنا على غير صعيد، وهذا يتطلب من الجميع التعاطي بحكمة وعقلانية، ومن خلال الوعي الكافي، الذي يجب ان يكون عليه ابناء طائفة الموحدون، لطالما كانت ولا تزال واضحة في مسارها التاريخي والحضاري، وفي دورها الوسطي والجامع، الذي تنتهجه في كل مراحل الحياة، وتعكس إيمانها بهذا الوطن وبوحدته، والتطلع الى قيام دولته التي تُرضي أهلها وشعبها".
واشار الى "اهمية التربية الدينية التوحيدية والتنشئة الاخلاقية التي "تنمي في الطلاب والطالبات ميلاً روحياً وحباً وشغفاً بالمعاني التوحيدية المحيية وقوة عقلية وعاطفية للتمييز والالتزام بقواعد مسلك التوحيد ورسوخاً في الايمان وحسن الاعتقاد".
ندوة
ورعى الشيخ ابي المنى في ندوة عبر تطبيق zoom، تحت عنوان: "التكافل الاجتماعي بعناوين: الاستغناء والعطاء والصبر"، اقامتها اللجنة الثقافية في المجلس المذهبي، حاضر خلالها رئيس اللجنة الشيخ وسام سليقا، وقدَّمها عضو اللجنة د. فراس زيدان، وحضرها حوالى 400 شخص من داخل لبنان ومن الخارج.
شيخ العقل
وشارك شيخ العقل بكلمة افتتاحية شكر فيها اللجنة الثقافية "لتنظيمها هذه الندوة وهي الأولى لها في هذه المرحلة الجديدة، على أمل الاستمرار في مثل هذا العمل الثقافي بأبوابه المتنوعة الأدبية والتربوية والتاريخية والشعرية والفنية والاجتماعية والقانونية. فالثقافة عنوان الحضارة لأي شعب ولأية أمّة".
اضاف: "أقامت اللجنة الثقافية سابقاً، في زمن كورونا، سلسلة لقاءات ثقافية عبر الأونلاين، وهي تقنية مفيدة تساعد في جمع أبناء الطائفة من داخل البلاد وخارجها ممّا يساهم في التوعية والتماسك الاجتماعي والتغذية الروحية والفكرية، وهذا ما ندعو اللجنة الثقافية دائماً، كما دعونا اللجنة الدينية، على الاهتمام به، ونحن واثقون أن في جعبتها العديد من الأفكار لاحتضان العمل الثقافي ولتشجيع المثقفين والموهوبين وتكريمهم، ولطباعة ونشر ما يحفظ التراث والتاريخ، وما يساعد في صون الهوية الروحية والاجتماعية والوطنية والقومية للموحدين".
ورأى الشيخ ابي المنى، انه "مهما كانت الحاجة للعلوم نافعة وللتطور التكنولوجي كبيرة، فإنّ الحاجة الأهمّ هي لتثقيف الروح ولتهذيب النفس ولترويض الجوارح، للتمكن من مواجهة التحديات الكثيرة والخطيرة، وفق قول السيد المسيح: "لأَنَّهُ مَاذَا يَنْتَفِعُ الإِنْسَانُ لَوْ رَبِحَ الْعَالَمَ كُلَّهُ وَخَسِرَ نَفْسَهُ؟". ما أحوجنا اليوم للتكافل الاجتماعي، في ظل الظروف الصعبة التي نمرُّ بها، وهو موضوع هذه الندوة. انطلاقاً من مبدأ توحيدي، يحثُّ على حفظ الإخوان ومؤازرتهم، ومن مبدأ إنساني يؤكد على حفظ كرامة الإنسان".
وتابع: "الاستغناء والعطاء والصبر ثلاثية أخلاقية اجتماعية أرادها فضيلة الشيخ وسام سليقة رئيس اللجنة الثقافية عنواناً لهذا اللقاء، وهذا هو لبُّ التكافل الاجتماعي. فالاستغناء قناعة، والعطاء محبة، والصبر إرادة، وبهذه المزايا مجتمعةً يتحقق التكافل الاجتماعي، أي بالقناعة والمحبة والإرادة، أي بالتعفُّف عن الطلب والشعور مع الناس والصمود في وجه التحديات، هكذا نحصِّن المجتمع ونصون العائلات ونحفظ الوجود. كم نحن بحاجة إلى ثقافة التكافل وإلى هذه المزايا التي تشكّل مداميك التماسك الاجتماعي، ثقافة الاستغناء وثقافة العطاء وثقافة الصبر والتحمُّل والتكيُّف مع الواقع، في مواجهة التفكك الأسَري والانحلال الأخلاقي والتشتُّت الاجتماعي، وفي مواجهة ظروف الحرب وتداعياتها. فنحن الموحدين ما اعتدنا الضَّعفَ أمام التحديات، وما اعتدنا الهرب من مواجهة الأزمات، وحتى من تحمُّل أعباء الحروب والصراعات، كما يحصل اليوم، بل كنَّا دائماً نتصدّى للعواصف بالحكمة والوعي والثبات في العقيدة وفي الأرض، باعتمادنا على مثل هذه الثلاثية الراسخة".
وقال: "نغتنمها فرصة للدعوة إلى تعزيز صمود أهلنا وللوقوف إلى جانب أبناء القرى الحدودية، من إبل السقي إلى الماري والفرديس وغيرها، وقوفاً معنويَّاً وروحيَّاً بالدرجة الأولى، ودعماً مادياً إذا اقتضى الأمر، وقد أنشأنا لأجل ذلك في المجلس المذهبي ما أسميناه "خلية الصمود" لمواكبة الأوضاع المتطورة والوقوف على حاجة أهلنا، وللسعي إلى تأمين مستلزمات الإعانة من الجهات الدولية الداعمة، ومن الهيئات الوطنية المسؤولة في الدولة، ومن تبرعات إخواننا الميسورين للصندوق الخيري في دار الطائفة، وهو الصندوق المركزي لدار الطائفة وعليه نعوِّل وعلى كرم الأسخياء نتّكل".
وختم: "نقول لأهلنا الذين يتعرضون لشظايا الحرب في تلك القرى، وكذلك في الشويفات والساحل وغير مكان: اثبتوا في أرضكم وفي إيمانكم، ولا تدعوا أصوات القذائف والانفجارات وأعمدة الغبار والدخان تصمُّ آذانكم عن سماع نداء الأرض والوطن والتاريخ، وتُفقدكم رائحةَ الأمل وطعمَ الأخوَّة التوحيدية والوطنية التي تربطكم بعضَكم ببعض، فأنتم أبناء هذه الأرض منذ مئات السنين ولن تكون هذه الأرضُ إلَّا لكم ولأبنائكم من بعدكم".
ثم كانت مداخلة غنية لرئيس اللجنة سليقا حول موضوع التكافل الاجتماعي بابعاده الثلاثة.
وكان عضو اللجنة د. زيدان بدأ الندوة بكلمة ترحيبية وادارها، بمشاركة مقرر اللجنة العميد المتقاعد د. غازي محمود بمداخلة مختصرة. وبعد ذلك أجاب الشيخ سليقا على مجموعة من الأسئلة المتعلقة بموضوع الندوة وبعمل اللجنة والمجلس المذهبي.