كبير علماء العراق يدعوا لنصرة غزة بالمال والسلاح.. ويؤكد أن بيانات الاستنكار لا تكفي
تاريخ النشر: 31st, October 2023 GMT
قال كبير علماء العراق فضيلة الشيخ الدكتور عبد الملك بن عبد الرحمن السعدي، إنه على الأمة الإسلامية كلّها أن تستفرغ وسعها نصرة لغزة وأهلها بكل الوسائل والسبل الممكنة، وألا يُكتفى ببيانات الشجب والاستنكار والإدانة.
وطالب الشيخ السعدي زعماء الدول الإسلامية ملوكا ورؤساء الوقوف إلى جانب أهالي غزة وإمدادهم بالسلاح والعتاد وأشكال الدعم كلها، وإن لم يحصل منهم ذلك فهم مسؤولون ومحاسبون أمام الله تعالى
وذكر الشيخ السعدي في حوار خاص مع موقع هيئة علماء المسلمين في العراق، أنه إذا اعتدى الكافر على بلاد المسلمين أو على أموالهم مثل ما يحصل الآن من الصهاينة باحتلال أرض فلسطين، وكما يحصل الآن من هجوم همجي على غزة وسفك دماء أهلها ظلمًا وعدوانًا وقتل الأطفال والنساء وتخريب الديار.
مضيفا أن حكم هذا النوع من الجهاد هو فرض عين على القادرين من أهل البلد؛ حتى يتحقق الاكتفاء بإخراج العدو من بلاد المسلمين، أو صدّه عنها، فإن لم يكن في أهل البلد كفاية كما هو الحال الآن فيجب على القادرين من الأمة القتال معهم ونصرتهم حتى تتحقق الكفاية.
وشدد الشيخ على أن أي عالم معتبر -قديمًا أو حديثًا- لم يقل بإباحة القعود عن مواجهة الأعداء حين يستبيحون دماء المسلمين ويسبون ذراريهم ويفتكون بهم قتلاً وتشريدًا ويحتلون أراضيهم؛ لذلك يجب عدم ترك أهل غزة وحدهم في ميدان المنازلة والمواجهة.
وجوابا على سؤال التوصيف الشرعي لحال الصراع مع الاحتلال الصهيوني؟ وماذا يترتب على المسلمين أفرادا وجماعات بموجب هذا الوصف؟
أجاب الشيخ الجهاد نوعان:
الأول: جهاد القلم واللسان؛ وذلك لنشر عدالة الإسلام في العالم؛ ولأجل إنقاذهم من الكفر إلى الإيمان، ومن الضلالة إلى الهدى، فإن لم ينفع ذلك فيكون جهاد السيف؛ وذلك لمصلحة البشرية: كالجراح حينما لا ينفع الدواء يضطر إلى العملية الجراحية.
وهذا الجهاد فرض كفاية إذا قام به البعض سقط الإثم عن المسلمين، وإن ترك فالكل آثمون. قال تعالى “وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّىٰ لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ ۚ فَإِنِ انتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ” الأنفال (39). وقال تعالى “انفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ” التوبة (41).
أما النوع الثاني قال الشيخ: جهاد الدفاع والتحرير، وذلك فيما ذا اعتدى الكافر على بلاد المسلمين أو على أموالهم مثل ما يحصل الآن من الصهاينة باحتلال أرض فلسطين، وكما يحصل الآن من هجوم همجي على غزة وسفك دماء أهلها ظلمًا وعدوانًا وقتل الأطفال والنساء وتخريب الديار؛ فحكم هذا النوع من الجهاد هو فرض عين على القادرين من أهل البلد حتى يتحقق الاكتفاء بإخراج العدو من بلاد المسلمين، أو صدّه عنها.
وأضاف: إن لم يكن في أهل البلد كفاية كما هو الحال الآن فيجب على القادرين من الأمة القتال معهم ونصرتهم حتى تتحقق الكفاية. وهذا لا خلاف فيه بين العلماء، ولم يقل عالم معتبر قديمًا أو حديثًا بإباحة القعود عن مواجهة الكفار حين يستبيحون دماء المسلمين ويسبون ذراريهم ويفتكون بهم قتلًا وتشريدًا ويحتلون أراضيهم.
وأضاف لا يجب ترك أهل غزة وحدهم في ميدان المنازلة والمواجهة؛ بل على الأمة كلها أن تستفرغ وسعها نصرة لهم بكل الوسائل والسبل الممكنة، ولا يُكتفى ببيانات الشجب والاستنكار والإدانة، وأنه على زعماء الدول الإسلامية ملوكًا ورؤساء الوقوف معهم وإمدادهم بالسلاح والعتاد وأشكال الدعم كلها. وإن لم يحصل منهم ذلك فهم مسؤولون محاسبون أمام الله تعالى.
وعن دور علماء المسلمين في الأزمات التي تعيشها الأمة؟ وما الذي يتوجب عليهم القيام به في ظل العدوان الذي يتعرّض له أهل غزة؟
قال: النهي عن المنكر باليد هو واجب الحكام، وباللسان: هو واجب العلماء؛ باللسانين لسان القلم ولسان النطق، لذا يجب على علماء الأمة أن يقوموا بما يستطيعون من جهود وحملات إعلامية من خلال منابر الجمعة، ومن منصات الوعظ والمحاضرات، وغيرها؛ وكشف أبعاد هذا العدوان الغاشم على غزة.
وعند سؤاله عن اختلاف تطبيق الأحكام الشرعية أثناء النوازل التي تصيب المسلمين
قال الشيخ السعد: الإسلام وضع قواعد وضوابط لدفع المفسدة صالحة لكل زمان، مثل “لا ضرر ولا ضرار”، ومثل “الضرورات تبيح المحظورات”، وفي المسائل الخلافية يجب الإفتاء بالرأي الذي فيه مصلحة للمسلمين –ماعدا الأمور التعبدية-. وبما أن أصناف من تدفع لهم الزكاة ثمانية كما -نص القرآن الكريم– ومنها صنف في سبيل الله؛ فيجب دفع الزكاة للمجاهدين المدافعين عن غزة، والإفتاء بجواز تعجيل الزكاة عن يوم الحول ولو منع ذلك بعض الفقهاء.
أما عن المقاطعة الاقتصادية للشركات الداعمة للعدوان الصهيوني على غزة؟
أجاب كبير علماء العراق: إذا كان معنى الجهاد بمفهومه العام المبالغة في بذل الوسع واستفراغ الممكن في كل شؤون الحياة ومتطلباتها السياسية والاقتصادية والإعلامية دون الاقتصار على القتال في سوح الوغى والجهاد بالنفس وبذل المهج والأرواح.
وإن كان أقصى غاية الجود كما قيل؛ فإن جهاد القول والمال والقلب والسعي بالمعروف وعمل الخير لا يقل أهمية عن ذلك البتة مادام يؤدي الغاية في تحقيق النكاية بالعدو وإغاظته والتغليظ عليه، أو تحصيل النفع للمسلمين وزيادة قوتهم وتعزيز وحدتهم، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم “فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل”. رواه مسلم.
وأضاف مقاصد المقاطعة الاقتصادية تحقق بلا شك مقاصد الجهاد، قال تعالى “ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ وَلَا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَلَا يَطَـُٔونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ ٱلْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَّيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُم بِهِۦ عَمَلٌ صَٰلِحٌ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ ٱلْمُحْسِنِينَ” التوبة (120). فأي عمل مهما كان وصفه أو توصيفه يغلب على الظن أنه يضر بمصالح العدو الكافر ويحقق النكاية به ويغيظه؛ هو جهاد فعلي وإن كان تركًا؛ فالترك عند أهل التحقيق من الأصوليين يُعد فعلًا، وبخاصة إذا أحسن المسلمون استعماله من ناحية جعله أداة تضر بمصالح الأعداء وتزيد من الضغط عليهم لإزالة ظلمهم ودفع باطلهم وإيقاف عدوانهم وبغيهم على المسلمين، على ألا يترتب على ذلك مفسدة أعظم.
ومن هنا فإنه يجب على المسلمين أفرادًا وشعوبًا وحكومات تفعيل المقاطعة الاقتصادية بالمعنى الذي ذكرناه ما استطعنا إليها سبيلًا، كل حسب وسعه وقدرته، وإنَّ فعل المخالف حرام شرعًا، بل هو من قبيل موالاة الكفار ومظاهرتهم على إخوانهم المسلمين.
وفي نهاية حديثه وجه الشيخ السعدي حديثه للمجاهدين العاملين في الميدان؟ وللناشطين في السياسة والإعلام؟ ولعامة المسلمين الذين لا يجددون سبيلاً لنصرة المسجد الأقصى وغزة وعموم فلسطين سوى الدعاء والمؤازرة عن بعد؟
قائلا: ردع العدوان الصهيوني على غزة، بل احتلالهم أرض فلسطين وهيمنتهم على أولى القبلتين وثالث الحرم هو واجب على كل مسلم، أما عامة أفراد المسلمين ممن يرغبون المشاركة في استعادة بيت المقدس وتحرير أراضي فلسطين ونصرة أهلنا في غزة ويمنعون من قبل ولاة الأمور؛ فهم معذورون ولهم الأجر والثواب على نيتهم الحسنة، فإن منعوا من مقاومتهم فلا يتركوا وسائل الدعم والمعاونة الأخرى، ولا يقصروا في الدعاء الصادق لنصرتهم والقنوت في الصلوات الخمس.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية الدول الإسلامية العدوان على غزة الدول الإسلامية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة على القادرین من أهل البلد یجب على على غزة
إقرأ أيضاً:
"من حديث القرآن عن الإنسان".. في جناح مجلس حكماء المسلمين بمعرض الكتاب
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
يقدِّم جناح مجلس حكماء المسلمين بمعرِض القاهرة الدولي للكتاب لزوَّاره عددًا من أحدث إصدارات الحكماء للنشر لعام 2025، من أبرزها كتاب "من حديث القرآن عن الإنسان"، بقلم: علي محمد حسن العماري، من كبار علماء الأزهر الشَّريف.
ويُشيرُ الكتاب إلى عناية القرآن بالإنسان؛ حتَّى لَيَصِح القول بأنَّ القرآن هو كتاب الإنسانية بمعناها الشامل، فقد قل أن تخلُوَ آيَةٌ مِن ذكر الإنسان؛ تذكره بلفظه، أو بلفظ يدل عليه، أو بضميره، أو بالكناية عنه، أو تكون تمهيدًا للحديث عن شأن من شئونه، ولا غرو أن يكون الإنسان محورَ حديث القرآن، والله سبحانه قد استخلفه في الأرض، ووكَلَ إليه عمارتها، وخلق لمنفعته كل ما في الأرض من حيوان ونبات وجبال ومعادنَ، وكل ما يُمكنُ أن يَصِلَ إليه العقل البشري من مخترعات وصناعات، بل دبر سبحانه كثيرًا من الكائنات لمنفعة الإنسان، وجعل الانتفاع بها ميسَّرًا له.
ويلفت الكتاب إلى أنَّ القرآن الكريم قد عرض شئونًا كثيرةً تتعلَّق بالإنسان منذ تكوينه جنينًا إلى أن يفارق الحياة، كما حفلت آيات القرآن الكريم بكلِّ ما يحتاجه الإنسان في حفظِ ما تقوم به حياته، وما يضمن للجنس البشري النموَّ والبقاءَ، ولم يكتف القرآن بالحدود الدنيا التي لا بدَّ منها في حفظ حياة الإنسان، ونموها وازدهارها، بل أرشد إلى ما به كمالها، وسنَّ له من الأوامر والنواهي والآداب ما يجعل هذه الحياة سعيدة كاملة لو سار في الطريق المستقيم.
وتحت عنوان "صيانة الإنسان من أهم مقاصد القرآن"، يلفت الكتاب إلى أنَّ الله خلق الإنسان، واستخلفَه في الأرض، يُنفذ أحكامه، ويُطبق شرائعه، وكلفه بالسعي فيها وعمارتها، ومنحه العقل الذي يُدرك به بعض أسراره في كونه إذا أطال النَّظَر وأمعن التفكير، وسخَّر له كثيرًا من مخلوقاته، ولو تركَه ونفسه تفتك به الطبيعة، وتلعب به الأهواء، فيسير على غير هدى، وتتصارع مصالح النَّاسِ بعضهم مع بعض، فيفتك قويهم بضعيفهم، ويأكل غنيهم فقيرهم. لو تركه هكذا دون أن يضع لكل داءٍ دواءَه، لما امتدَّت حياته على هذه الأرض، ولكانت إن قدر لها أن تمتد أشبه بحياة الوحوش في الغابات.
ويتألف الكتاب من 5 أبواب، يضمُّ الباب الأول منها ثلاثة فصول: "أحسن الحديث، وَصفُ القُرآنِ مِن آياتِه صِلَةُ هذه الأوصاف بالإنسان، وَصفُ النَّبِيِّ للقرآن". ويحوي الباب الثاني أربعة فصول: "الإنسان، البُرْهانُ النَّفْسِي، الإنسان في الآية الأولى من القرآن، ضلالة حذر منها القرآن". ويناقش الباب الثالث مقاصد القرآن الكريم وصيانة الإنسان. ويتضمن الباب الرابع ثلاثة فصول: "السلوك الأخلاقي للإنسان كما يعرضه القرآن، الضمير، تربية الإرادة". ويضم الباب الخامس والأخير ثلاثة فصول: "التحلي بالفضائل، الفحشاء، نماذج إنسانية يُشير إليها القرآن الكريم".
ويشارك مجلس حكماء المسلمين بجناح خاص في معرض القاهرة الدولي للكتاب، في دورته الـ 56، في الفترة من 23 يناير الجاري حتى 5 فبراير 2025؛ حيث يضم الجناح عددًا كبيرًا من الإصدارات المتميزة للمجلس، بالإضافة إلى تنظيم مجموعة من الندوات والأنشطة والفعاليات التي تركِّز على نشر قيم الخير والمحبَّة والسَّلام والتعايش المشترك بين جميع البشر.
ويقع جناح مجلس حكماء المسلمين في معرض القاهرة الدولي للكتاب، بجوار جناح الأزهر الشريف، في قاعة التراث رقم (4)، بمركز مصر للمعارض والمؤتمرات الدولية، بالتجمع الخامس.