مشوار في الأكاديمية السلطانية للإدارة
تاريخ النشر: 28th, October 2023 GMT
حظيت بكل الاعتزاز مؤخرًا أن أكون أحد خريجي "البرنامج الوطني لتطوير القيادات واستشراف المستقبل" في الأكاديمية السلطانية للإدارة، في رحلة معرفية تركز على ثلاث منطلقات أساسية: قيادة الأعمال في عالم تنافسي يتطلب التركيز على الميز النسبية وحُسن إدارتها، بناء عقليات المرونة للقادة في بيئة يسمها التغير المستمر واللايقين، والتركيز على الابتكار التحويلي في تكوين منتجات وخدمات منافسة.
على مستوى تصميم بيئات التعلم تقدم الأكاديمية تجربة فردية، قوامها أربعة أبعاد أساسية: محيط مكاني يسهم في رفع مستويات التركيز، وتعزيز النقاش الجماعي والتفاعلي. والبعد الثاني؛ شراكات أكاديمية نوعية، بالاستناد إلى أفضل المدارس الأكاديمية في القيادة فيما يتعلق بالبرنامج الذي أنتسبنا له، أو المدارس الأكاديمية النوعية التي تتناسب مع طبيعة كل برنامج ومساق تقدمه الأكاديمية. أما البعد الثالث: فيتشكل وفق نظام تعليمي مرن؛ يدمج المعرفة القائمة على أعمق الأبحاث ويدمجها في الممارسات والسياق المحلي المعاصر للقيادة في سلطنة عُمان. والبعد الرابع يتمثل في طاقم إداري متمكن ومحترف يقدم الدعم والتمكين للمتعلمين لممارسة تجربة تعلم فريدة ومميزة.
على مستوى تصميم البرامج نجد أن البرامج التي تم الإعلان عنها تلامس احتياج التأهيل الإداري والقيادي والتخطيطي الراهن مع انطلاق مسار رؤية عُمان 2040؛ سواء أكان فيما يتعلق ببرامج قيادات التنمية المحلية (في ضوء انتقال سلطنة عُمان إلى مقاربة تنموية ترتكز على اللامركزية وتفعيل دور الإدارات المحلية في تنمية المحافظات). أو فيما يتعلق بضرورة تعزيز أفضل ممارسات رسم السياسات العامة، والانتقال إلى اكتساب أفضل أدوات التخطيط الاستراتيجي في عالم يتسم بعدم الاتساق والوضوح، أو في تعزيز مهارات القيادة وأدواتها وعقليتها لدى المستوى الصف الثاني من القيادات التنفيذية في المؤسسات الحكومية. وبلاشك فإن هذه البرامج تخضع للمراجعة والتقييم المستمر والتجديد وفقًا للمعطيات والمتغيرات التي تنشأ وتفرض إلحاحها على التحول الوطني المنشود.
إذن؛ ما الاتجاهات الناشئة في بيئة القيادات العالمية، وكيف يمكن مواكبتها بناء على المتغيرات المحلية والفجوات الراهنة؟ يشير تقرير Global Leadership Trends for 2021 إلى أن هناك خمس فجوات راهنة لدى القيادات العالمية:
1- بناء المواهب.
2- قيادة التغيير.
3- الفطنة الرقمية.
4- التفكير الاستراتيجي.
5- التأثير.
ورغم تأثير هذه الفجوات على قطاعات الأعمال المختلفة إلا أن 28% فقط من القيادات العالمية تتلقى حاليًا تدريبًا وتأهيلًا في أي من هذه المجالات/ الفجوات الخمس. يركز كذلك التقرير على نوعية الوقت الذي يقضيه القادة؛ حيث تخلص نتائجه إلى أن القادة الذين يقضون وقتاً أطول في الإدارة مقارنة بالتفاعل يكونون أقل تفاعلاً بنسبة 32%، وأكثر عرضة للشعور بالإرهاق في نهاية اليوم بنسبة 1.5 مرة، وأكثر عرضة لمغادرة الموقع الوظيفي في غضون 12 شهرًا بمقدار الضعف.
إذن ما يمكن أن نفهمه في هذا السياق أن تعزيز بيئة القيادات في أي سياق بقدر ما يرتبط بمستوى تأهيل وتدريب ورفع قدرات هذه القيادات إلا أن هناك عوامل أخرى مؤثرة فيه؛ منها هياكل الاختصاصات والمهام الوظيفية، ونوعية بطاقات الوظيفي، ووسائل وطرق تدبير الأعمال داخل المؤسسة، مثالًا: هل تعتمد المؤسسة على الهياكل الأفقية أو على فرق العمل المتقاطعة الاختصاصات، وهل تأخذ الاجتماعات الروتينية مساحة أكبر من مساحة التركيز على تطوير الأفكار والتركيز على التوجهات الاستراتيجية، عوضًا عن الطريقة التي يقضي بها القيادات (في مختلف المستويات) الجزء الأساسي من يومهم: هل يتعاملون مع مشكلات متولدة أم يتعاملون مع مبادرات وابتكارات ومقترحات.
هذه عوامل جزئية من عوامل متعددة تتحكم في مسار بيئة القيادات. وهذا يقودنا إلى نقطة مهمة؛ وهي أنه مع كل الجهد الراهن لتطوير بيئة القيادات لتكون مواكبة للتحول الوطني لابد أيضًا من التركيز على العوامل المؤثرة في هذه البيئة، والانتقال الجرئي نحو أنماط مرنة، تركز على المهام، وتتيح للقيادات ملامسة الأبعاد الاستراتيجية، وترشق هياكل ودورة العمل، وتركز على فرق العمل المرنة بدلًا من إرهاقات اللجان والهياكل التراتبية. يعول كذلك على مسودة "قانون الوظيفة العامة" أن تكون مواكبة وأحد أدوات تمكين هذه المنظومة، وأن تقلص المسافة بين الفجوات الراهنة وما تحتاجه بيئات العمل المستقبلية.
على الجانب الآخر فإن من المؤمل من الأكاديمية السلطانية للإدارة خلال المرحلة المقبلة مراكمة أبحاث ودراسة تتعمق في السياق المحلي حول بيئة القيادات في سلطنة عُمان، واتجاهاتها وأنماطها وتحولاتها. عملت بعض الدول في مسار تحولها الوطني على الدراسة الدقيقة لجاهزية القيادات في المستويات المختلفة، وحددت معها خارطة الطريق للاحتياجات الفعلية لمسارات التطوير – ليس فقط في شق التدريب والتطوير والتأهيل – وإنما في فجوات بيئة القيادة بشكل عام. ونعتقد أن مراكمة أبحاث (تستند على الأدلة والمسح المحلي ويتم توطين أدواتها بما يتسق مع تركيب المؤسسات المحلية) ضرورة ملحة خلال قادم الوقت. على الجانب الآخر من المهم التركيز خلال المرحلة القادمة كذلك على القيادة في القطاعات النوعية؛ كقيادات مؤسسات المجتمع المدني، والقيادات الاقتصادية، وقيادات المؤسسات الشبابية. لتمكين المنظومة من بعدين أساسين: البعد الأول يتشكل عبر أنماط القيادة ومنظوراتها وأدواتها. والبعد الآخر يركز على القطاعات وتحولاتها وانتقال أبعاد تسييرها وإدارتها.
تذكرت في لحظة التخرج من البرنامج مقولة مهمة كتبها المؤلف إيرا وولف، حيث يقول: "إن المشهد المتغير باستمرار وغير المتوقع للأعمال اليوم يعني أن الممارسات القديمة وطرق القيام بالأشياء لم تعد فعالة. للبقاء في الطليعة، يجب أن نكون على استعداد للتطور. لا يتعلق الأمر فقط بالتعلم وإتقان أشياء جديدة، بل بتقبل أننا سوف نتعثر ونرتكب الأخطاء، وأنه لا يوجد أحد مثالي". يبقى العالم الحاسم هنا في تقديرنا هو كيفية الإمساك بعقلية النمو لدى مسار القيادة، متابعتها، تطويرها والعناية بها.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الترکیز على
إقرأ أيضاً:
رئيس الأكاديمية العربية يشهد انطلاق فعاليات النسخة الأولى لمنتدى كلية الفنون والتصميم
نظمت كلية الفنون والتصميم بالأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري فرع القرية الذكية،مؤتمر بعنوان "تأثير الذكاء الإصطناعي على تعليم الفنون البصرية" في نسخته الاولي،وذلك تحت رعاية الدكتور إسماعيل عبد الغفار، رئيس الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري، وإشراف الدكتور أيمن ونس، عميد كلية الفنون والتصميم بالأكاديمية العربية.
الأكاديمية العربية وجامعة هاينان الصينية توقعان مذكرة تفاهم الأكاديمية العربية وجامعة الزيتونة الليبية توقعان مذكرة تفاهم لتعزيز التعاون الأكاديمي والبحثيويعد هذا الملتقى الدولي ثمرة التعاون الدولي بين الأكاديمية العربية وجامعة ستوكهولم للفنون، والذي يتناول بحث الدراسات الحديثة لما يتعلق بتأثير الذكاء الاصطناعي على أساليب وتقنيات تعليم الفنون البصرية، حيث تميزت فعاليات المنتدى بمساهمات عديدة و متنوعة من نخبة متميزة من الأساتذة في مجال الفنون والتصميم.
وقد شارك الحضور كلا من الدكتور توماس برينان الأستاذ بقسم الفيلم بجامعة ستوكهولم ، والدكتور ياسر الشامي عميد شئون الطلاب ومنسق عام التعاون الدولي بين الجامعتين ، والدكتورة أميرة إحسان وكيل الكلية ، والدكتورة هالة بركات رئيس الأقسام التعليمية بالكلية ، فضلا عن مشاركة عبر الزووم لكلا من الدكتورة ماريا هيدمان رئيس الأقسام التعليمية، وكذلك الدكتورة تينا بوني رئيس المقررات التعليمية بجامعة ستوكهولم للفنون
واستمر الملتقى على مدار ثلاث أيام جاء خلالها إطلاق اول تجربة تعليمية مشتركة بين الجامعتين من خلال تفعيل الفصول الدراسية الممتدة بين طلاب قسم الفيلم بكل من الاكاديمية العربية وجامعة ستوكهولم ، جائت هذه الفصول الممتدة تحت إطار تجربة تعليمية فريدة تتعلق بفتح أفق التعاون الدولى في التدريس وتبادل الخبرات بين الأساتذة والطلاب بين الجامعتين ، والاعتماد على تقنيات الذكاء الاصطناعي في إذابة الحدود الزمانية والمكانية لشكل للفصول الدراسية التقليدية
كما تضمنت فعاليات الملتقى استعراض العديد من الأنشطة الثقافية و المناقشات الحوارية حول تأثير الذكاء الاصطناعي علي الفنون البصرية في العصر الحديث و مناقشة تأثير التكنولوجيا الحديثة و تقنيات الذكاء الاصطناعي مع مجموعة من الخبراء المتخصصين في المجال وهم الدكتورة سمية بهي الدين، باحثة في مجال الذكاء الاصطناعي والفنون البصرية، والدكتور أحمد غزال، مدير المركز الإبداعي للإعلام والتسويق في الأكاديمية ،وعلياء عبد الهادي، أستاذة الهندسة المعمارية في كلية الفنون الجميلة، والدكتورة رنا الخولي، محاضرة في الأكاديمية الدولية للهندسة وعلوم الإعلام، و ذلك بحضور متميز لطلاب الأكاديمية و المشاركة في الجلسات النقاشية المثيرة
وأقيم على هامش الملتقى العديد من المحاضرات لفنانين معاصرين من مصر والسويد والوطن العربي و التي تضمنت عرض التجارب الشخصية والأعمال الفنية في مجال صناعة الأفلام التي تمت من خلال الإستعانه بتقنيات الذكاء الاصطناعي، و عرض الأفكار الرائدة والأنشطة التفاعلية حول الدور المؤثر الذي يحققه الذكاء الاصطناعي في إعادة تشكيل مستقبل تعليم الفنون البصرية.