الأرز المقلي في العادة وجبة مفضلة لمرتادي المطاعم في لاجوس عاصمة نيجيريا الاقتصادية. لكن مؤخرا لم يعد في متناول العديدين، حسب توني الاديكومو مدير أحد المطاعم في منطقة فيكتوريا إيلاند التجارية الراقية هناك. يقول الاديكومو: مع ارتفاع سعر الطبق إلى 4000 نيرة (5.2 دولار) من 1500 نيرة قبل عام لم يعد متاحا لمعظم الناس.
بنهاية شهر يوليو حظرت الهند صادرات الأرز الأبيض غير البسمتي وأعقبت ذلك في أغسطس بفرض أدنى سعر بيع لأرز البسمتي ورسم جمركي على الأرز نصف المسلوق تم تمديده حتى شهر مارس. يقول جوزيف جلاوبر وهو زميل أول أبحاث بالمعهد الدولي لبحوث سياسات الغذاء وكبير الاقتصاديين سابقا بوزارة الزراعة الأمريكية: «إنه لأمر قاس عندما يفرض بلد يسيطر على 40% من التجارة العالمية (لسلعة الأرز) حظرا على نصف ما يصدره ورسوما على النصف الآخر». النتيجة الفورية للحظر في يوليو كانت اندفاع المستهلكين للشراء في آسيا وأمريكا الشمالية واتخاذ تدابير تحوطية من جانب الحكومات في البلدان الرئيسية الأخرى المنتجة للأرز. الآن مع انتظام حصاد الأرز في الهند يأمل المستوردون في غلة أفضل من المتوقع هذا العام وعلى نحو يدفع الحكومة إلى التخفيف من القيود على التصدير، لكن هنالك انتخابات وشيكة في الهند وأسعار الغذاء خط أحمر بالنسبة لمودي. أيضا تهدد ظاهرة النينو المناخية في ارتباطها مع الحر والجفاف حول منطقة المحيط الهادي بإتلاف الإنتاج في العام القادم نظرا لاحتمال قلة الأمطار، كما يحذر المحللون من أنه في حال إبقاء الهند على قيودها الحالية وتأسِّي المنتجين الآخرين بها سيشهد العالم تكرارا لأزمة الأرز في عام 2008 عندما أسهمت عدوى السياسات الحمائية في رفع أسعاره إلى ثلاثة أضعاف خلال 6 أشهر وحركت بذلك التضخم حول العالم وأثارت اضطرابات مدنية في شمال إفريقيا وجنوب آسيا وبلدان الكاريبي، لكن هذه المرة يمكن أن تكون الأزمة أسوأ مع اصطدام ارتفاع الطلب نتيجة للزيادة السكانية بآثار تفاقم التغير المناخي. أسعار الأرز ترتفع في غير الهند، فالأسعار المعيارية للأرز في تايلاند وفيتنام وهما ثاني وثالث أكبر البلدان المصدرة للأرز في العالم ارتفعت بنسبة 14% و22% منذ فرض الهند حظرها على صادراته. ويشير عارف حسين كبير الاقتصاديين ببرنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة إلى أن البلدان التي يرجح أن تكون الأشد تأثرا تعاني سلفا من سلسلة من المتاعب من بينها ارتفاع أسعار الغذاء إلى عنان السماء وتصاعد الدين وتآكل قيمة العملة، ويضيف «عندما تنظر إلى الأثر التراكمي لكل ذلك فأنت بالضرورة تتحدث عن سلعة غذائية رئيسية ليست متاحة لملايين العائلات».
التكديس والتخزين وأعمال الشغب
الهند فعلت ذلك من قبل، فقد كانت أول بلد يتخذ تدابير في عام 2007 حين ارتفعت بشدة أسعار المواد الغذائية الرئيسية كالقمح والذرة عندما هددت الأحوال الجوية السيئة بتناقص الغلة وكانت إمدادات الأرز وفيرة لكن الضغوط التي تدفع أسعار الغذاء إلى الارتفاع أخافت الحكومات. وسرعان ما فرضت الهند قيودا على التصدير وحذت حذوها فيتنام التي كانت وقتها ثاني أكبر بلد مصدر للأرز في العالم بعد تايلاند وفرضت حظرا في يناير 2008 وانطلقت الأسعار العالمية مسجلة مستوى قياسيا بلغ ألف دولار للطن مع فرض المنتجين الصغار كمصر وباكستان حظرا مماثلا وتخزين المزارعين إنتاجهم وتكديس الحكومات وأصحاب المتاجر مشترياتهم من الأرز. يتذكر فريدريك نيومان كبير الاقتصاديين المختصين بآسيا في بنك اتش أس بي سي أن أرفف متاجر السوبرماركت في هونج كونج خلت من الأرز، وفي البلدان الأخرى خرج المواطنون الجوعى إلى الشوارع، ففي هايتي أطاحت أحداث الشغب التي أثارتها أزمة الغذاء برئيس الوزراء جاك ادوارد اليكسيس.
تواصل الغضب من ارتفاع أسعار الغذاء وتعزز بالسخط السياسي مما أسهم بعد ثلاثة أعوام لاحقا في أحداث الربيع العربي التي أطاحت أربعة برؤساء في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. هذا درس استوعبه تماما العديدون من ساسة اليوم، ففي الهند جعل حزب بهاراتيا جاناتا الذي يقوده مودي السيطرة على أسعار الغذاء أولوية قبل بداية سلسلة من الاختبارات الانتخابية، لقد ظل تضخم أسعار الغذاء منذ فترة طويلة قضية حساسة في الهند التي يعدّ الأرز غذاءها الرئيسي فارتفعت أسعار الأرز بنسبة 11.5% في العام الذي سبق الحظر على الصادرات، بحسب الحكومة مع ازدياد الصادرات خلال الفترة نفسها، كما ارتفعت أسعار الأغذية الرئيسية الأخرى في الهند كالطماطم والبصل في الشهور الأخيرة مع تأثر الإنتاج الزراعي بموسم الرياح الموسمية المتقلب. دافعت حكومة الهند عن الحظر بوصفه خطوة ضرورية لحماية الأمن الغذائي الداخلي وسط تضخم مثير للقلق وضعف المحاصيل الذي فاقمه الطقس، يقول العلماء إنه متقلب بسبب التغير المناخي. ولا يزال العديدون من سكان الهند الذين يبلغ عددهم 1.4 مليار نسمة يواجهون الفقر وسوء التغذية. وسيحصل حوالي 800 مليون منهم على حبوب غذائية مجانية، يقول افيناش كيشور وهو زميل أول أبحاث بالمعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية في نيودلهي: «هنالك تحوط إضافي يُتَّخذ لأن الانتخابات الولائية وشيكة وفي العام القادم ستجرى الانتخابات الوطنية»، ومع ارتفاع أسعار النفط العالمية أيضا، يضيف كيشور، لا يريد المسؤولون الهنود «تلقي ضربتين أو ثلاث» مع ذهاب الناخبين إلى صناديق الاقتراع، حظر التصدير يشكل ضربة ثقيلة لمزارعي الأرز في الهند. ظن سانديب كومار (37 عاما) وعمه ساتيش كومار أنهما محظوظان بعد نجاة ولاية هارياتا الشمالية الخصبة من الفيضانات التي دمرت المحاصيل في ولايات الهند الأخرى. ثم حظر مودي صادرات الأرز غير البسمتي الذي زرعه آل كومار توقعا منهم لارتفاع الطلب العالمي عليه، وسرعان ما تهاوت الأسعار في السوق المفتوحة، بحسب ساتيش الذي كان يتحدث من مخزن غلال محاط بحقول خضراء وصفراء قرب مدينة كارنال، ويضيف قائلا: «الحكومة لا تقيِّم جهود المزارعين فهي مشغولة بالانتخابات ولا تحب ارتفاع أسعار الأرز»، ويرى الآخرون الذين يعيبون هذه السياسة أن الحظر الفجائي لتصدير الأرز سيضر بسمعة الهند كشريك تجاري عالمي يُعتمد عليه. ففي ظل حكومة مودي سعت الهند لترسيخ نفوذها العالمي بتوسيع روابطها التجارية والتفاوض حول اتفاقيات للتجارة الحرة مع بلدان الاقتصادات الكبيرة الأخرى.
يقول كيرتي كومار داوار الذي يدير شركة تصدير الأرز «جيشري اكسبورتس» في هاريانا: إنه أعاد ما يقرب من 20 حاوية أرز بوزن إجمالي بلغ 450 طنا وصلت سلفا إلى ميناء لتصديرها إلى الشرق الأوسط عندما أعلن الحظر، ويقول زبائنه في المنطقة لزموا الصمت منذ ذلك الإعلان ويعتقد أن تجارة الأرز لن تصمد طويلا بدون مبيعات عالمية، ويضيف: إنه يتفهم قلق الحكومة بشأن الأمن الغذائي لكن «رد الفعل الخائف والمرتجف خاطئ» حجته هذه لديها من يدعمها. يقول آشوك جولاتي وهو اقتصادي ومستشار منذ فترة طويلة للحكومة الهندية في مجال السياسات الزراعية: إن المصدرين يحتاجون إلى سنوات لتطوير سوق صادراتهم وهذا الحظر «لن يزعج المصدرين في بلدك فقط ولكن أيضا المستوردين الذي سيقولون إنك تتخلى عن السوق للمنافسين».
على حافة الأزمة
الخطوة التي اتخذتها الهند واجهت انتقادا على الصعيد العالمي أيضا، فقد دعا صندوق النقد الدولي نيودلهي إلى التراجع عن هذه الخطوة «المؤذية» وذُكِر أن الولايات المتحدة وبلدان أخرى في منظمة التجارة العالمية شككوا الشهر الماضي في الحاجة إلى فرض قيود على صادرات الأرز في حين أن المخزونات العامة في الهند كافية كما يقولون. من المخاوف الرئيسية أن الحظر على صادرات الأرز يمكن أن تنشأ عنه تداعيات أكبر من تداعياته في الأزمة السابقة، فحصة الهند من صادرات الأرز العالمية لم تزدد فقط بل كمية الأرز الذي يُتداول حول العالم تضاعفت من حوالي 5% في عام 1999 إلى 10% اليوم، حسب بيانات من وزارة الزراعة الأمريكية حللها بنك إتش إس بي سي. هذا يرجح تفشي عدوى عالمية حسب نيومان كبير الاقتصاديين بالبنك والذي يقول: «هنالك حقا احتمال تكرار ما شهدناه في عام 2008» ويضيف: « لقد أصبحنا أكثر اعتمادا على التجارة لتأمين إمدادات الغذاء للسكان لكن في الوقت نفسه نحن أيضا نشهد تنامي الميول الحمائية في النظام التجاري العالمي والاقتران بينهما ليس صحيا». هنالك بلدان أخرى في آسيا تحذو حذو الهند، ففي نهاية أغسطس أعلنت ميانمار خامس أكبر بلد مصدر للأرز في العالم أنها أيضا ستحظر صادراتها لحوالي «45 يوما» وبعد أيام لاحقا فرضت الفلبين سقفا لسعر الأرز في مسعى منها للحيلولة دون ارتفاع التكلفة للمستهلكين، تصاعد أسعار الأرز عائق كبير أمام البنوك المركزية في آسيا في محاولتها ترويض التضخم، فقد ارتفعت مؤشرات الأسعار الاستهلاكية في الفلبين وفيتنام بنسبة 5.3% و3.6% على أساس سنوي في أغسطس. على سبيل المثال، في عام 2008 لم تشدِّد البنوك المركزية في البداية السياسة النقدية في مواجهة صدمة إمدادات الأرز لأن رفع أسعار الفائدة لا ينتج المزيد من الأرز كما يقول نيومان لكنه يعتقد أنها يجب أن تفعل ذلك هذه المرة لأن الغذاء له تأثير غير متناسب على توقعات التضخم التي هي أهم للبنوك المركزية من التضخم الفعلي. يقول: «كل أحد يعرف كم يكلف جوال الأرز في الهند؛ لذلك إذا ارتفعت الأسعار سيغذي ذلك على الفور جانب التوقعات، فالأرز ليس مثل الخضروات التي لديها دورة حصاد قصيرة ويمكن تكرار إنتاجها بسرعة، لذلك في مقدور مسؤولي البنوك المركزية «تجاهل ارتفاع أسعار الطماطم لمدة شهرين لكن ليس ارتفاع أسعار الأرز لفترة تسعة أشهر» تحاول المنطقة حماية إمداداتها الخاصة بها. وعلى الرغم من أن أعضاء رابطة الآسيان التي تضم ثلاثة من أكبر خمسة مصدرين للأرز التزموا بعدم استخدام حواجز تجارية «غير مبررة» في سبتمبر إلا أن وزير الزراعة الماليزي ذكر لوسائل الإعلام الحكومية أن قادة الآسيان وافقوا على تخصيص أولوية إمدادات الأرز للأعضاء الآخرين في هذا التكتل التجاري. تشكل هذه الحمائية مهددا ليس هيِّنا للبلدان في غرب أفريقيا والتي قد يخرجها ارتفاع الأسعار من سوق الواردات. وهي تتأثر خصوصا بحظر صادرات الهند كما يقول عارف حسين كبير الاقتصاديين ببرنامج الغذاء العالمي، ففي توجو مثلا 88% تقريبا من كل وارداتها من الأرز جاءت من الهند في عام 2022 و61% لدولة بنين أكبر مستورد في العالم للأرز المكسور من الهند.
وفي السنغال التي تحصل على 47% من وارداتها من الهند يصف شيخ بمبا نداو مدير التجارة الداخلية بوزارة التجارة محنة بلاده بأنها «مشكلة سعر وليست مشكلة أرز.» يقول حسين هذا الوضع يردد أصداء ما حدث في الربيع الماضي مع القمح. فأسعاره ارتفعت بعد اندلاع حرب أوكرانيا التي تزود العالم بحوالي 10% من وارداته مما تسبب في أزمة أمن غذائي مكتملة الأركان في بلدان عديدة. في الوقت الحاضر لدى السنغال مخزونات احتياطية لكنه يقول إذا استمرت الهند في إغلاق حدودها ولم تنخفض الأسعار العالمية ستضطر إلى استيراد أصناف أرز أخرى من البرازيل والولايات المتحدة وهي أغلى كثيرا من الأرز الهندي التي تعتمد عليه في العادة. من جانبه يحذر بمبا نداو من أن عديدين لن يعود بمقدورهم الحصول على الأرز وهذا سيعني حلول أزمة غذاء في السنغال.
نفاد الأرز
انتهت آخر أزمة أرز بعد تعهد اليابان وتايلاند وفيتنام بتعزيز صادراتها وانخفاض تكاليف الشحن البحري ويحذر المحللون من أن محنة اليوم ليس من اليسير علاجها، فقبل 15عاما لم يكن العالم يعاني من نقص في الأرز لكن الحال لم يعد كذلك ومن المتوقع اقتراب عدد سكان العالم من 10 مليارات نسمة بحلول عام 2050 وستكون أكبر الزيادات السكانية في أفريقيا وآسيا، ويقدر الباحثون أن هذا الارتفاع في عدد السكان سيزيد الطلب على الأرز بحوالي الثلث تقريبا لكن الإنتاج لا يواكب ذلك. بعد عقود من النمو السريع بفضل تطوير أصناف جديدة شهدت الغلة استقرارا في أربعة بلدان كبيرة منتجة للأرز في جنوب شرق آسيا، وفقا لدراسة نشرت في الدورية الأكاديمية «نيتشا فوود» عالميا زاد متوسط الغلة بنسبة 0.9% سنويا بين 2011 و2021 متراجعا من 1.2% سنويا في الفترة بين 2011 و2011، وفقا لبيانات من الأمم المتحدة. السبب الرئيس لهذه الانتكاسة التغيرُ المناخي. يقول بيورن ساندر وهو عالم مناخ مقيم في تايلاند: الأرز ينمو في الأجواء الحارة (90% من أرز العالم ينتج في آسيا)؛ لذلك كثيرا ما يُفترض أن ارتفاعا قليلا في درجات حرارة لن يؤثر على نموه لكن ذلك ليس صحيحا، فعند ارتفاع الحرارة إلى مستوى معين ينخفض إنتاج الأرز. إنه حساس على نحو خاص للحر في الليل، بحسب بيورن ساندر. ووجدت دراسة في عام 2017 أن ارتفاع حرارة الكوكب بدرجة مئوية واحدة يقلص غلة الأرز بنسبة 3.3% في المتوسط. وقد ارتفعت حرارة الأرض على الأقل بحوالي 1.1 درجة مئوية منذ حقبة ما قبل الصناعة. وفقا لتوقعات النماذج التي تعدها مجموعة البيانات «جرو انتيليجانس» ستشهد أكبر البلدان المصدرة للأرز في آسيا بحلول عام 2100 ارتفاعا حادا في عدد الأيام التي تزيد فيها درجات الحرارة عن 35 درجة مئوية مع احتمال أن تشهد تايوان 188 يوما فوق هذه العتبة في أسوأ السيناريوهات. وبالنسبة لمناطق إنتاج الأرز الآسيوية من دلتا نهر الميكونج وإلى دلتا نهر الجانج يمكن أن يوجد التغير المناخي المزيد من التعقيدات، فمع ارتفاع درجات الحرارة سيرتفع مستوى سطح البحر وستتدفق المياه المالحة في أنهار المياه العذبة وقنوات الري والتربة مما يقلل من الغلة أو يجعل زراعة الأرز مستحيلة. ويقول ساندر: هذا العام يواجه المنتجون ظاهرة النينو التي تفاقم آثار التغير المناخي ويمكن أن تقلل من هطول الأمطار في مناطق زراعة الأرز فقلة الأمطار تعني قلة المياه العذبة التي تتدفق من الأنهار وتزيل ملوحة التربة، وفيما تنتظر الهند لتحديد أثر طقس هذا العام على إنتاج الأرز توقعت وزارة الزراعة التايلندية مؤخرا أن يكون إنتاج تايلاند أقل من المتوقع بعد هطول أمطار أقل من المتوسط في شهري سبتمبر وأكتوبر وستستمر ظاهرة النينو حتى العام القادم، حسب خبراء الطقس. ويقول نيومان: إن ذلك قد يقلل من إمدادات الأرز في السوق العالمية. يحذر نيومان من أن ذلك لا يتعلق بتكلفة الأرز في الأجل القصير ولكنه يمثل «عينة» للكيفية التي يتعامل بها العالم مع أنماط طقس متقلبة تفاقم من التقلب في أسعار الغذاء العالمية. من جانبه يقول عارف حسين: إن الحل هو المزيد من التجارة من أجل توزيع أفضل للغذاء حول العالم لكنه يخشى من احتمال اتجاه الحكومات باطراد مع تفاقم التغير المناخي إلى إغلاق حدودها وتحاشي الأسواق العالمية، ويعتقد أن الصدمة الحالية قد تتحول إلى صدمة كبرى ما لم يتغلب التفكير العقلاني والعملي.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: کبیر الاقتصادیین التغیر المناخی أسعار الغذاء صادرات الأرز ارتفاع أسعار أسعار الأرز على الأرز الأرز فی فی الهند فی العام من الأرز فی آسیا الذی ی فی عام
إقرأ أيضاً:
محافظ عدن طارق سلام: اليمن بقيادة السيد عبد الملك الحوثي بات البوصلة التي تتجه نحوها أنظار العالم
يمانيون../
حذر محافظ عدن طارق مصطفى سلام، من التحركات الأمريكية الأوروبية في المحافظات الجنوبية والشرقية الواقعة تحت سيطرة الاحتلال الإماراتي السعوديّ.
وقال في حوار خاص مع صحيفة “المسيرة” إن المواطنين في تلك المحافظات باتوا اليوم يحشدون للتصدي لمشاريع المحتل التقسيمية وطرده والخلاص منه ومن أدواته الرخيصة
إلى نص الحوار:
-تحدثتم في وقت سابق من هذا الشهر عن تحركات أمريكية -أوروبية بعدن بالتزامن مع وصول سفراء أوروبيين إلى عدن وزيارات أوروبية مكثفة إلى الجنوب المحتل.. كيف تنظرون إلى هذه التحركات؟
بداية الأمر، التحركات الأجنبية الغربية ضد اليمن لم تتوقف كما أشرت منذ العدوان السعوديّ الأمريكي على بلادنا 2014 والمساعي الغربية الحثيثة ضد اليمن أرضاً وإنسانًا، وقد ظلت تحاك بمختلف وشتى الوسائل؛ من أجل إعادة اليمن إلى مربع الوصاية والهيمنة، وبرغم كلّ تلك المؤامرات والتحديات ظلت اليمن بقيادتها وشعبها وجيشها شامخة عصية أمام كلّ تلك المخاطر، والمؤامرات، وتمكنت -بفضل الله- من إجهاض كلّ مشاريع ومؤامرات العدوّ ، حتى جاءت معركة طوفان الأقصى، والتي كان لليمن فيها رأي مغاير ومختلف عن كلّ التوجهات الإقليمية والجيوسياسية، والمصالح والحسابات المختلفة.
كان اليمن -بفضل الله- وحكمة قائد الثورة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي -سلام الله عليه- هي البوصلة التي توجهت نحوها الأنظار، والآراء؛ نتيجة الموقف اليمني البطولي والفريد، بالإضافة إلى موقف الإخوة المجاهدين في المقاومة الإسلامية في كلّ من لبنان والعراق وإيران ومختلف الفصائل المساندة والمجاهدة، وبفضل هذا التغييرات والمواقف الجديدة التي فرضتها اليمن على اللعبة والمؤامرة ضد الأمّة، والشعب الفلسطيني المظلوم سعت القوى الدولية المختلفة راكضة للدفاع عن المصالح الأمريكية والإسرائيلية والغربية التي تضررت بفعل الضربات اليمنية، ولذا فإن التحركات الغربية الجديدة في اليمن تعمل على محاولة إعادة البوصلة التي دارت عجلتها ولم يتمكن العدوّ الأمريكي والإسرائيلي من وقفها عن مسارها الجديد الذي فرضه الشعب اليمني.
-ما تفاصيل التحركات الأوروبية الأمريكية في المناطق المحتلة؟
المساعي، والتحركات الغربية الأجنبية، والخطط والمؤامرات، التي تدار وتناقش من خلف الكواليس وعلى الطاولات لا شك أنها قد انكشفت وتعرت أمام رجال الله و القيادة الثورية والسياسية الحكيمة والمخلصة والتي أصبحت اليوم -بفضل الله- هي من تضع الخطط وهي من تدير اللعبة، على عكس ما يتوقعه العدوّ؛ فبعد أن وجد الأعداء أنفسهم عاجزين أمام بسالة وعنفوان الشعب اليمني المساند للمقاومة في غزة عملوا على محاولة لملمة وترتيب صفوف مليشياتهم الإجرامية على خطوط التماس، وحشدوا الآليات والأسلحة المختلفة والمتنوعة من الأمريكية والإسرائيلية والبريطانية وقاموا باستدعاء قادة المرتزِقة ووضعهم أمام الصورة الجديدة والمهمة التي كلفوا بها؛ من أجل حماية إسرائيل والدفاع عنها، حتى أنهم جاءوا بالمرتزق طارق عفاش وجالوا به مختلف العواصم المطبعة وتنقل بين عدد من القواعد الأمريكية والتقى بقادة وجنرالات أمريكيين وإسرائيليين؛ من أجل توجيه المرتزِقة وتحريكهم ضد قوات الجيش اليمني الذين يخوضون معارك ضارية وبطولات عظيمة ضد كيان العدوّ سواء في البحر أو الجو أو من خلال أدواتهم الرخيصة المتواجدة على الأرض.
-أشرت إلى وصول عدد كبير من القوات الأمريكية والأجنبية للمحافظات المحتلة “مؤخرًا” بالتزامن مع تلك التحركات والهدف تفجير الوضع العسكري.. ما حجم هذه القوات؟
التواجد الأجنبي في اليمن حاضر وبقوة منذ العام 2015 ومنذ سيطرة الاحتلال السعوديّ الأمريكي على المحافظات الجنوبية اليمنية، وتعزز ذلك التواجد بفعل الارتباطات والمصالح التي منحت للدول الأجنبية مقابل مشاركتها في العدوان على اليمن، وكانت تلك المنح والمزايا التي يقدمها المرتزِقة للدول الأجنبية في اليمن هي الضوء الأخضر الذي مكن العدوّ الأمريكي والبريطاني والفرنسي والإسرائيلي وغيرهم من القوات الأجنبية والغربية من التمادي والتوسع في أنشطة أعمالها العدائية والعدوانية ضد اليمن، ومما لا شك فيه أن هذه القوات قد تضاعفت قوتها وتزايدت أعدادها بفعل المجريات الجديدة في المعركة التي تخوضها اليمن مع المجاهدين في غزة ضد الاحتلال الصهيوني الأمريكي والأطماع الغربية في المنطقة.
لاحظنا مؤخراً النشاط الأمريكي والاسرائيلي المريب في المحافظات المحتلة وحجم التحشيدات العسكرية والاستخباراتية واللوجستية ناهيك عن مستوى الدعايات والحملات الإعلامية الرخيصة التي لم تتوقف ضد اليمن والشعب اليمني منذ اللحظات الأولى لمعركة الإسناد اليمني للإخوة المجاهدين في غزة.
-برأيكم.. ما حاجة أمريكا للتواجد بهذه الأعداد في اليمن إذا كان المخطط يعتمد على توجيه المرتزِقة لأية معركة قادمة لحسابها وحساب المشروع الصهيوني الشرق أوسطي؟
المعركة اليوم لم تعد تدار خلف الستار، أو من تحت الطاولة.. معركة غزة وبطولات المجاهدين التي يجترحها الأبطال كلّ يوم والتضحيات العظيمة التي يقدمها الشعب الفلسطيني واللبناني في سبيل الدفاع عن شرف الأمّة ومقدساتها عرت وفضحت وكشفت كلّ تلك المؤامرات والخطط، أصبحت المعركة اليوم مواجهة مباشرة مع العدوّ الأمريكي الإسرائيلي، ولم يعد أولئك سوى أدوات أو كلاب استكشافية يطلقها العدوّ أمامه لتمهد له الطريق، وليكونوا كبش فداء تحركاته التي تتمركز في كلّ من المخاء والمهرة وحضرموت وسقطرى وغيرها من المحافظات المحتلة، والتي باتت اليوم معسكرات تحتضن تلك القوات الأمريكية والإسرائيلية التي تطمح لتحقيق أهدافها وغاياتها الدنيئة على حساب الشعب اليمني وثرواته وحقوقه المشروعة.
-برأيكم.. ما حظوظ هذ التحركات، في هذا الوقت الذي باتت فيه صنعاء بقوتها تواجه أسياد أولئك المرتزِقة، وتتوعدهم بالزوال؟
كلّ تلك المساعي والتحركات المرصودة قد حُكِمَ عليها بالفشل إلى ما لا نهاية؛ لأنها استخدمت، وجربت بالمستوى المهين الذي لا يمكن لها أن تستعيد قوتها، بالإضافة إلى غياب المشروع والرؤية والهدف، ومع تجاذب المصالح والأطماع والمؤامرات ضد اليمن من قبل قوى العدوّ الصهيوني جعل من أولئك المرتزِقة أعداء لأنفسهم ودينهم قبل أن يكونوا أعداء لأنفسهم؛ ولذا فأي تحرك لهم اليوم هو يأتي في إطار ما يخطط له العدوّ من تحركات لردع الموقف اليمني المساند لغزة، وسيواجه بضربات قاصمة، وتصدٍ كبير بفضل الله، وبفضل العزيمة والإيمان الذي يتحلى به الشعب اليمني من الشمال إلى الجنوب، ومن الشرق إلى الغرب، ووعيه وإدراكه بحجم هذا العدوّ، وخطورة مشروعة الإجرامية ضد الأمّة.
-ألا يظهر تصادم مشاريع الانتقالي، المحرمي، الإخوان، وجماعة عفاش، كعامل انتكاس واقعي لمليشيا أمريكا، إسرائيل، السعودية، الإمارات، والأوروبيين؟
هذا من جانب، وهو غياب الرؤية والهدف وتجاذب المصالح والأطماع والولاءات، بالإضافة إلى ذلك وهو الأهم الزخم الشعبي اليمني المتعاظم مع القضية الفلسطينية، والدعم اليمني المساند سواء على المستوى الشعبي، أو العسكري، أو السياسي ضد كيان العدوّ الصهيوني ومؤامراته.. أضف إلى ذلك مستوى وحجم الاستعدادات الكبيرة، ومستوى التطوير الكبير في السلاح، والإمكانيات التي باتت اليمن تمتلكها مؤخراً، كلّ تلك المعطيات ستسهم -بفضل الله- في ردع ذلك العدوّ قبل أن يفكر بالتحرك في إطار المشروع الأمريكي الإسرائيلي الغربي الذي يحاك ضد اليمن، وسيدفن تحت رمال هذه التربة الطاهرة التي لا تقبل العمالة والخنوع والارتهان لأعداء الأمّة ومجرميها.
-كيف ينظر أبناء المحافظات الجنوبية اليمنية للتحركات الأمريكية وتحركات المرتزِقة في ظل الظروف المعيشية الصعبة التي يواجهها أبناء الجنوب؟
الشارع اليمني اليوم متأزم أكثر من أي وقت مضى بفعل المعاناة والأزمة التي يعيشها المواطنون في المحافظات المحتلة؛ نتيجة تراكم الأزمات الاقتصادية والانهيار الكارثي للريال اليمني، والتي انعكست على أوضاع المعيشة للمواطنين، وتسببت في ارتفاع أسعار السلع الغذائية الأساسية مع انقطاع المرتبات عن الموظفين منذ أكتوبر الماضي، وكلّ هذه العوامل والأسباب تنذر بانفجار وشيك للوضع بعد أن وصلت المعاناة إلى مرحلة لا تطاق، وبات المواطن اليمني يحلم بتوفير قوت يومه الأساسي كالخبز والماء.
-ولكن ما تأثير هذا على المرتزِقة وأدوات تحالف العدوان؟
لا شك، أنه وبعد هذا الوقت أصبح المواطن اليمني في المحافظات الجنوبية المحتلة جلَّ تركيزه واهتمامه موجه صوب قوات الاحتلال السعوديّ والإماراتي والأمريكي، ولم تعد تلك الأدوات في نظرهم سوى جماعات مرتزقة رخيصة باعت الأرض والعرض والشرف مقابل المال المدنس، ولذا فإن الأصوات والاحتجاجات التي نسمعها، ونشاهدها اليوم كلها مطالبة برحيل الاحتلال والتحالف من اليمن، وما يدركه الشعب اليمني أكثر من أي وقت مضى بأن رحيل المحتل هو المطلب الأساسي، وبرحيله لن يكون لأولئك المرتزِقة الرخاص الذين تسببوا بكل هذه المعاناة والأوضاع والقتل والترهيب والإجرام ضد الشعب اليمني أية قيمة أو أثر.
-مسؤول في المهرة يلوح بالتصعيد الشعبي ضد التحالف وحكومة المرتزِقة ويتحدث عن توجه المحافظة نحو تنفيذ خيارات مفتوحة تتجاوز توقعات التحالف…برأيكم ماذا يمكن أن تكون تلك الخيارات؟
لا شك أن هذه الأصوات والمواقف وإن كانت متأخرة إلا أنها تعكس الرغبة اليمنية في استعادة ما نهب وسلب واستبيح من قبل المحتل السعوديّ الإماراتي، وهي رسالة واضحة بأن المحتل محكوم عليه بالزوال سواء أكان ذلك اليوم أو غداً من خلال أعدائه، أو من خلال من تحالف معه بداية الأمر.
وكم نتمنى أن نسمع مثل هذه الأصوات والمواقف التي تكفر عن خطيئتها، وتعمل على تصحيح ما ارتكبته من أخطاء ومظلومية بحق الشعب اليمني، وتعمل على تصحيح ذلك الاعوجاج الذي تسبب في قتل وتشريد وتجويع ملايين اليمنيين ونهب الثروات وتدمير المقدرات الوطنية لأجل مصالح العدوّ، وتسهيل مشاريعها التدميرية على حساب الشعب اليمني وحقوقه المشروعة.
-هل هي مطالبات الحكم الذاتي أم مخططات تقسيم؟
لا أعتقدها مخططات حكم ذاتي بقدر ما هي خطط وضعت وأعدت في إطار مواجهة المخططات الرامية إلى جرها اليوم نحو التشرذم والانقسام، وحتى تظل اليمن ضعيفة منهزمة منكسرة أمام هذه الزخم والغزو الأجنبي والغربي في اليمن بما يمهد لكل قوة أو طرف أن تسيطر على منطقة، ويرجع اليوم إلى حكم السلطنات والمشيخات تحت إدارة وسيطرة المحتل الأجنبي الذي سيكون هو الوالي على تلك المنطقة.
-السعودية والإمارات تسعيان لتأزيم وضع المحافظات المحتلة أكثر فأكثر، حيثُ الصراع بينهما كبير.. وكلّ يوم يمر يمثل صورة أسوأ في حياة الناس هناك؟ كيف تقرأون هذا الصنيع من وكلاء الاستعمار من أعراب الجزيرة؟
مستوى الصراع بين السعودية والإمارات وصل إلى مستويات ومراحل متأزمة، وهو بلا شك قد ألقى بظلاله على مجريات الأوضاع المعيشية والاقتصادية التي تعيشها المحافظات المحتلة اليوم، فبعد أن اتضحت حقيقة كلّ طرف تجاه الآخر، وتعرت وانكشفت تلك المخططات الاحتلالية والمصالح والأطماع أمام الشعب اليمني، وباتت حقيقة تلك المؤامرات، حيثُ تأزم الوضع أكثر وخاف كلّ طرف من خسارة ما لديه أو تراجعه عما بدأ به، وهو ما تسبب اليوم بخلق واقع متأزم من الصراع اللامتناهي بين السعودية والإمارات وسعي كلّ طرف تثبيت نفسه على حساب الآخر، ولا شك أن هذه المهزلة ستنتهي قريباً ويجتث اليمنيون المحتل وأدواته الرخيصة إلى مزبلة التاريخ بعد أن يلقنهم دروساً قاسية في الرجولة والعزة والكرامة.
-ما مستوى إدراك رجل الشارع، والمواطن البسيط في المناطق المحتلة لدور المرتزِقة في تنفيذ أجندة المحتل؟
المواطن اليوم حائر بين الركض وراء لقمة عيشه، والنظر إلى ما يدور حوله من مؤامرات؛ ففي الوقت الذي يفترض فيه أن يتم توفير أو تحسين مستوى الخدمات المعيشية للمواطنين أصبح المواطن اليوم يسخر من مرتزِقة التحالف، ومن مستوى الوضاعة التي وصلوا إليها مع أسيادهم.. لقد فقد المواطن اليمني الثقة بالمحتل ومرتزِقته وبات اليوم يحشد للتصدي لمشاريع المحتل التقسيمية وطرده، والخلاص منه ومن أدواته الرخيصة.
-قبل أيام جرى الحديث عن حكم ذاتي لسقطرى؟ كيف تعلق على هذا؟
صراع النفوذ بين قطبي الاحتلال في المحافظات المحتلة ألقى بظلاله على مجريات الأحداث في تلك المناطق والأطراف الموالين لهم، فالإمارات التي باتت تشعر بالخطر من التمدد السعوديّ في حضرموت والمهرة وعدن ولحج وجدت نفسها أمام خيار استئصال سقطرى من المحيط اليمني وسلبها الهوية اليمنية، ناهيك عن الأهمية الجغرافية للجزيرة التي تتمتع بموقع استراتيجي هام، جعلها محل أطماع، وأنظار قوى الاستعمار ممثلة بأمريكا وإسرائيل، وما نراه اليوم من استحداثات عسكرية، وعمليات سلخ الهوية اليمنية جزء من ذلك المخطط.
-السعودية دفعت مؤخراً بتعزيزات عسكرية “ضخمة” باتجاه عدن ليست المرة الأولى.. ما الهدف من هذه التعزيزات؟
لا شك، أن ما يدور خلف الكواليس من تحركات مريبة ومشبوهة تعكس الوجه الحقيقي للسعودية الذي يعتمد على الخداع والغدر وهو ليس بخفي على أبطال الجيش اليمني، والأجهزة الاستخباراتية في صنعاء، وقد بات واضحاً وجلياً للجميع حقيقة الدور الخبيث الذي تقوده السعودية في هذا التحالف الغربي على اليمن، وكيف أنها جعلت من نفسها مطية لتلك المؤامرات على اليمن، والتي بلا شك ستكون وبالاً عليها، وجحيماً على أمنها واستقرارها الذي بات رهن إشارة الأبطال، وستجني ثمار ما تحصد من غدر، وعدوان هي وكلّ المتآمرين على اليمن.
-في المقابل السعودية تتحدث عن اتصالات مع صنعاء لتنفيذ ما تم التوافق عليه من قبل.. كيف تقرأون هذا التحرك السعودي بالتزامن مع تصعيد أمريكي إسرائيلي في اليمن؟
السعودية بسياستها الحالية تكيل بمكيالين، الأول تراوغ في الشق السياسي، وتعمل على جعل نفسها وسيطة في الملف اليمني، وكأنها ليست الطرف المعتدي على اليمن، والآخر تحيك المؤامرات، وتحضر مع الأعداء في إدارة العدوان على اليمن، وهي بهذا السلوك تؤكد حقيقة ما عرفها اليمنيون عليه خلال الأزمنة الماضية، كحاضنة رئيسية للعداوة والمؤامرة على اليمن، وهذا ما يجب أن تخاف منه السعودية، والتي وضعت نفسها في موقف لا مفر منه أمام غضب وبطش الشعب اليمني الذي يقوم بواجباته الإنسانية والأخلاقية تجاه أمته ومقدساته، ولن يتهاون ويتساهل أمام أي طرف كان قد يتسبب بالأذى والضرر للشعب اليمني والأمّة.
-هناك كثير من الأصوات التي تدعو إلى مواجهة التجنيد للجماعات “التكفيرية”، فتكرار حضور هذه الجماعات في مناطق الصراعات في المنطقة يشير دائماً إلى ما يصاحبها من فوضى.. ما مستوى التخوف من حضور هذه الجماعات؟
هناك تخوف من تبعات هذا التمدد الوهابي الذي يعتمد على القتل والتكفير وتشويه الدين الإسلامي الحنيف، والأمر لا يقتصر على الفتاوى والخطب، بل امتد ليشمل وجود معسكرات تجنيد وقوات عسكرية باسم الدين تعمل على نشر تلك الأفكار المتطرفة والارهابية بهدف زعزعة الاستقرار، ونشر الفوضى والارهاب بين المواطنين في مخطط يعكس الأهداف الخفية للتمدد السعوديّ الخفي تحت غطاء الدين الذي بات يتوسع بكثرة في الآونة الأخيرة في المحافظات المحتلة.
حضورها يهدف إلى إغراق المحافظات المحتلة في وحل الإرهاب ومستنقع الفوضى كما يجري الآن في بعض مناطق شبوة وأبين، حيثُ تتمركز الجماعات الإرهابية المتطرفة، وتسيطر على بعض المناطق، بشكل كلي، وأيضاً بما يتوفر لها من إمكانيات ضخمة لمساعدتها في السيطرة على الأوضاع، وهو ما يجري له التخطيط حالياً ليشمل باقي المحافظات، من خلال نشر وإنشاء مراكز دينية متطرفة تعمل على دعم هذه الأفكار ونشرها ليخدم مصالح العدوّ ويمكنه من مواصلة احتلاله تحت غطاء مكافحة الإرهاب الذي أسسه وأوجده بنفسه.
-أخيرًا.. كيف تنظرون إلى مستقبل اليمن في ظل الأحداث والتطورات الجارية محليًّا وإقليميًّا ودوليًّا؟
لا شك، أن الموقف اليمني المساند والقوي تجاه القضية الفلسطينية قد أربك الأعداء وفضح مخططاتهم وعرى حقيقتهم المظلمة تجاه الأمّة والشعب، وما جرى، ويجرى من مؤامرات وتحركات ضد اليمن ليست إلا محاولات لوقف هذا الإسناد المتعاظم، ومساعٍ لإفشال العمليات البطولية التي تقوم بها المقاومة ضد كيان العدوّ في كلّ من غزة والبحر الأحمر ولبنان، وقد أثبتت الأيام أن هذه الحرب لن تتوقف، وأن جبهة الإسناد لن تتراجع ما لم يكن هناك وقف كلي للحرب على غزة، وتراجع الكيان الصهيوني في المضي نحو مشروعه التقسيمي للأمة، وأن الشعب اليمني وقيادته الحكيمة والربانية ماضون نحو تحقيق الأهداف المنشودة لهذه الأمّة في ردع العدوّ، وقض مضاجعهم، ولن تكون هناك أية قوة، أو تحالف، أو عدوّ يستطيع من وقف هذا المد الجارف من الغضب الشعبي اليمني تجاه ما يجري، ويحصل لإخواننا في غزة وفلسطين مهما كلفنا ذلك من ثمن.
وفيما يتعلق بالمرتزقة والعملاء نقول لهم إن الشعب اليمني قد عرف حقيقتكم، وبانت مؤامراتكم وعمالتكم للعدو الصهيوني الأمريكي، ولن تكونوا بمنأى عن ضرباته وعملياته البطولية التي ستنال منكم، حيثُ كنتم، ولا شك أنكم الآن تدركون حقيقة الوضع الذي أوقعكم العدوّ فيه، فلا أرض تقبلكم، ولا سماء تحميكم، ولا سلاح يدفع عنكم بأس وغضب الشعب اليمني المقاوم.
المسيرة – حاوره إبراهيم العنسي