توجّهُ إدارةِ إقليم كوردستان العراق نحو تنويعِ مصادر الدّخل

شوان زنكَنة
في أربيل، استقبل رئيس حكومة إقليم كوردستان "مسرور بارزاني"، الخميس، 20 شباط 2025، وفداً من مؤسسة التمويل الدولية، الذي يزور الإقليم بهدف تعزيز التعاون والتنسيق المشترك بخصوص الاستثمار، والاستفادة من خبرات المؤسسة في دعم التنمية الاقتصادية، ومناقشة نتائج تنفيذ الاتفاقية المبرمة بين مؤسسة التمويل الدولية وهيئة الاستثمار في حكومة الإقليم، ، والتي جرى التوقيع عليها في 13 أيلول 2023م، وتهدف اتفاقية التعاون، هذه، إلى تنفيذ مشروع مدته أربع سنوات، يوفر فرصًا لتعزيز استثمارات القطاع الخاص في إقليم كوردستان، وتحديدًا في المجالات الزراعية والصناعية والمناطق الاقتصادية الخاصة والطاقةالمتجددة.
وفي السليمانية، افتتح محافظ البنك المركزي العراقي "علي العلاق"، الخميس، 20/2/2025، المركز الدولي للمال والتجارة، بحضور جمع غفير من مدراء ومسؤولي فروع المصارف العراقية الرسمية، كمصرف الرشيد والرافدين والمصرف العراقي للتجارة، ويتضمن المركز فروعا للعديد من المصارف المحلية والعالمية، والشركات المساهمة، وشركات الوساطة المالية، وبورصة الأوراق المالية، مستقبلا.
هذان الحدثان الاقتصاديان المتزامنان، اللذان أبرزَهما الإعلامُ الكوردستاني كحدثين مُهمّين بالنسبة للسياسة الاقتصادية والإدارية لإقليم كوردستان، يحملان في طياتهما الكثير من الملاحظات والاستفسارات والاستقراءات التي لا يسعني هنا إلا أن أُلقيَ الضوءَ عليها وكالآتي:
1- الحدثان الاقتصاديان، حقًّا، ضروريان لتحقيق التنمية الاقتصادية والإدارية المستدامة في إقليم كوردستان، وعلى الرغم من أنهما أتيا متأخّرين، إلا أنهما يوحيان بوجود توجّه سليم في الإقليم بهذا المضمار، وهو أمر يدفعنا إلى التفاؤل الحَذِر، وتَوخّي الإصلاح.
2- الحدث الاقتصادي في أربيل، جاء بعد مرور حوالي سنة ونصف على توقيع عقد يهدف إلى تنفيذ مشروع مدّتُه أربعُ سنوات، يوفّر فرصًا لتعزيز استثمارات القطاع الخاص في إقليم كوردستان، وتحديدًا في المجالات الزراعية والصناعية والمناطق الاقتصادية الخاصة والطاقةالمتجددة، ورغم مرور حوالي نصف مدة العقد، لم تشهد الساحة الاقتصادية الكوردستانية أي تطور ملموس في القطاع الخاص، وزيادة الإنتاج، وتأسيس المشاريع، ناهيك عن عدم وجود بيانات رسمية، تُحيِي الأملَ لدى المواطن بهذا الشأن.
3- لا بدّ من قيام هيئة الاستثمار في الإقليم بعرضِ بيانات الفترة الماضية على هيئة خبراء ومُختصّين، ممّن لهم الخبرة العملية في الأنشطة الاقتصادية الكوردستانية، ومناقشةِ السّبل الكفيلة باستثمار بنود هذا العقد معهم للفترة المتبقية منه، بشكل كفوء ومثمر.
3- الحدث الاقتصادي في أربيل، يدلّ على توجّه حكومة الإقليم نحو تنويع مصادر الدّخل، وزيادة الناتج المحلي الإجمالي، وهو توّجهٌ سليم، ومُوفَّق، إذا تجاوزَ الشكليات والتعامل الصوري، وتحوّلَ إلى مشاريع حقيقية، يؤسّسها المواطنون بالشمول المالي من قبل مؤسسة التمويل الدولية، الذراع التمويلي للبنك الدولي المختصّ بدعم القطاع الخاص، ولا تستغلّه الفئةُ التي تصعَد على أكتاف حكومة الإقليم.
4- آملُ ألّا يكون هذا الحدث الاقتصادي الهامُّ ردًّا على الحدث الاقتصادي الذي تزامن معه في السليمانية، وأنْ لا يتمُّ إفراغُه من محتواه من قِبَل، ومن خلال وسائل الإعلام وغيرها.
5- وأما الحدث الاقتصادي في السليمانية، فهو حدث في غاية الأهمية، وضروري جدا لتحقيق الشمول المالي ودعم التنمية فيها، إذا اعتبرنا عدم وجود نوايا لدى البنك المركزي العراقي والحكومة المركزية في التعامل المباشر، ماليا على الأقل، مع الإدارة السياسية في السليمانية مباشرة، وليس عبر حكومة الإقليم.
6- لا حاجة لفتح فرع للبنك المركزي في السليمانية، فهو لا يضيف شيئا ملموسا إلى دعم التنمية فيها، بل وعلى العكس، سيفتح بابا للخلافات والتوترات داخل الإقليم، وبين حكومة الإقليم والحكومة المركزية.
6- فتح فروع للمصارف الحكومية يقع في صلب حاجات، وحقوق مدينة السليمانية، إذا كان الهدف منه الشمول المالي، ودعم المشاريع الاستثمارية لكل المستثمرين على حدّ السواء، ما لم يكن وراءه نوايا تثير الجدل والخلاف والتوتر.
7- تأسيس بورصة أوراق مالية في السليمانية، على غرار بورصة بغداد، يَضرُّ باقتصاد السليمانية التنموي، إذ ستستقطب جزءًا من رأسمال سوق المدينة نحوها، في حين يجب أن يتوجّه الرأسمال المحلي نحو التنمية الإنتاجية، بالتعاون مع فروع البنوك الحكومية والأهلية، ناهيك عن أن المضاربةَ في البورصات تعاملٌ رِبَويٌّ حرّمتْه الشريعةُ الإسلاميةُ.
8- تأسيسُ سوقٍ أوليٍّ تابعٍ لبورصة بغداد، لغرض إصدار الأسهم للشركات المساهمة التي يتم إنشاؤها في هذا المركز، ضروريٌّ جدًّا لاستثمار الأموال، وتنويع مصادر التمويل للشركات الناشئة، أو الشركات التي تنوي تغيير وضعها القانوني لتصبح شركات مساهمة بهدف التمويل واستقطاب رؤوس الأموال.
هذه، باختصار، بعضُ ملاحظاتي مقرونةً بهواجسي وتخوفاتي، من نوايا حكومة المركز وحكومة الإقليم والإدارة السياسية في السليمانية، كتبتُها بكلِّ موضوعيةٍ وحِياديةٍ وإخلاصٍ، آملُ أن يتلقّاها الكلُّ بصَدرٍ رَحْبٍ، ويتحرّكَ وفق متطلّبات التنمية المستدامة، ومستجدّات الأحداث الإقليمية، وحاجات ومصالح وحقوق سكان إقليم كوردستان العراق المشروعَة والمهضومَة.