تحركات إيران بمنطقة الشرق الأوسط في الفترة الأخيرة أصبحت مثارا للجدل سواء بين جيرانها الإقليميين أو الدول العظمى وعلى رأسها الولايات المتحدة، وسط تخوفات من نشوب حرب إقليمية في ظل استمرار القصف الإسرائيلي على غزة بعد هجوم السابع من أكتوبر الذي نفذته حركة حماس على إسرائيل.

وذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" أنه في الأيام الأخيرة أطلقت إيران العنان للميليشيات الإقليمية التي أمضت سنوات في تسليحها، ما يزيد من مخاطر نشوب صراع أكبر في المنطقة، وهو ما حذر منه وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، مؤكدا أن واشنطن سترد "بسرعة وحسم" إذا هاجمت طهران أو القوات التابعة لها أفرادًا أميركيين.

وذكرت شبكة "إن.بي.سي نيوز" نقلا عن القيادة المركزية الأميركية أن نحو 25 عسكريا أميركيا أصيبوا، الأسبوع الماضي، في هجمات بطائرات مسيرة على قواعد أميركية في العراق وسوريا، وفقا لوكالة "رويترز".

وكانت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) قد أكدت الهجمات، لكن عدد الإصابات غير معروف. وقالت "إن.بي.سي نيوز" الأميركية إن الإصابات طفيفة. 

وترى "وول ستريت جورنال" أن هجمات الميليشيات تعكس على نطاق أوسع هدف إيران طويل الأمد المتمثل في إخراج القوات الأميركية من الشرق الأوسط وخلق أزمة بين الدول العربية وواشنطن، كما تخدم هدفها قصير الأمد بمحاولة الضغط على واشنطن لتشجيع حليفتها إسرائيل على تأجيل توغلها البري في غزة.

وأوضحت الصحفية في تقريرها، الثلاثاء، أنه لأكثر من ستة أشهر، امتنعت هذه الميليشيات المدعومة من إيران عن إطلاق طائرات مسيرة أو صواريخ ضد القوات الأميركية في العراق وسوريا، كجزء مما بدا أنها هدنة غير معلنة بين طهران وواشنطن.

لكن الصحيفة أشارت إلى أن هذه الهدنة انتهت بشكل مفاجئ، الأسبوع الماضي، عندما قال مسؤولون أميركيون إن الجماعات المدعومة من إيران شنت ما لا يقل عن ستة هجمات عسكرية بطائرات بدون طيار وهجمات صاروخية ضد القواعد التي تستخدمها القوات الأميركية في جنوب شرق سوريا وفي غرب وشمال العراق.

وفي اليمن، قال مسؤولون أميركيون إن الحوثيين المدعومين من إيران أطلقوا أيضا خمسة صواريخ كروز قدمتها إيران وأطلقوا نحو 30 طائرة بدون طيار باتجاه إسرائيل في هجوم كان أكبر ما وصفه البنتاغون في البداية، بحسب الصحيفة.

وأسقطت سفينة الصواريخ الموجهة "يو إس إس كارني"، التي كانت تعمل في شمال البحر الأحمر، أربعة من صواريخ كروز بينما اعترضت السعودية صاروخ كروز خامسا أثناء قيامها بحماية مجالها الجوي، وفقًا لما نقلته الصحيفة عن أشخاص مطلعين على الحادث.

ولفتت الصحيفة إلى أن الولايات المتحدة ترسل صواريخ اعتراضية للدفاع الجوي وحاملة طائرات إلى الشرق الأوسط بينما تستعد القوات الإسرائيلية لهجوم بري على غزة.

ووفقا للصحيفة، بينما تم نشر حاملة طائرات أميركية في السابق لردع التهديدات التي تواجهها إسرائيل من ميليشيا حزب الله اللبنانية، فإن التركيز الجديد ينصب على التعامل مع التهديدات التي تواجه القوات الأميركية في جميع أنحاء الشرق الأوسط.

لكن المشكلة تكمن، بحسب الصحيفة، في أن الولايات المتحدة لا تسعى إلى صراع مع إيران، وقال بلينكن، الثلاثاء، في اجتماع متوتر للأمم المتحدة: "لا نريد لهذه الحرب أن تتسع".

ووفقا للصحيفة، رغم أن المتحدث باسم البنتاغون العميد في سلاح الجو، الجنرال بات رايدر، قال الاثنين، إن الولايات المتحدة ليس لديها معلومات تفيد بأن إيران "أمرت صراحة" بشن هجمات الميليشيات الأخيرة، فيقول مسؤولو وزارة الدفاع أيضًا إن طهران إما تشجع بشكل فعال الضربات بدون طيار والصواريخ أو تمتنع عن إيقافها أو إعاقة حركتها.

ونقلت الصحيفة عن مسؤول كبير في وزارة الدفاع، قوله: "عندما ترى هذا الارتفاع في النشاط والهجمات التي تشنها العديد من هذه الجماعات، فإن هناك بصمات إيرانية في كل مكان".

وتأتي هذه الموجة الأخيرة من هجمات الميليشيات بعد هجوم حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر، وتمثل، بحسب الصحيفة، نهاية فترة كانت هادئة نسبيا بين واشنطن وطهران، حيث أجرى الجانبان محادثات هادئة بشأن البرنامج النووي الإيراني، وكذلك حول إطلاق سراح المعتقلين الأميركيين المحتجزين في إيران ووتيرة إطلاق سراحهم.

وقبل التصعيد الأخير، كان الهجوم الأخير المرتبط بإيران، في مارس، عندما شنت ميليشيا مدعومة من طهران في العراق هجوماً بطائرة بدون طيار على القوات الأميركية عبر الحدود في شمال شرق سوريا، ما أسفر عن مقتل مقاول أميركي وإصابة عسكريين ومدنيين أميركيين. وشنت إدارة بايدن ضربات جوية ضد الميليشيات المدعومة من إيران في سوريا ردا على ذلك.

وتخدم الموجة الجديدة من هجمات الميليشيات عدة أغراض لطهران من وجهة نظر خبراء إقليميين.

ويقول خبراء للصحيفة إن إيران تحاول على المدى القريب الضغط على الولايات المتحدة لدفع حليفتها إسرائيل على تأجيل توغلها البري في غزة، وذلك من شأنه أن يساعد حماس، التي استفادت منذ فترة طويلة من الأسلحة والتدريب والدعم المالي الإيراني، وسيكون بمثابة انتصار للمحور الذي تقوده طهران.

ويضيف الخبراء أن إيران "لا تريد فقط أن تهاجم هذه الجماعات إسرائيل، بل أن تهاجم الولايات المتحدة للربط بينها وبين الإسرائيليين، لأنهم كلما تمكنوا من القيام بذلك، كلما زادوا من صعوبة التصالح مع الدول العربية ومواصلة الحفاظ على هذه العلاقات الوثيقة مع واشنطن".

واستراتيجية إيران مبنية على القتال من خلال القوات بالوكالة، والتي تعود بداياتها إلى أوائل التسعينيات، بحسب الصحيفة التي أوضحت أنه عندما كانت طهران تتعافى من حربها الدموية التي استمرت ثماني سنوات مع العراق، كانت تعمل من أجل ابتكار طريقة لمواجهة خصومها من دون مواجهتهم بشكل مباشر.

وفي حين احتفظت إيران بقدرتها على تنفيذ العمليات العسكرية التقليدية، بما في ذلك باستخدام الصواريخ الباليستية والقوات البحرية التابعة للحرس الثوري، فإن الطريقة الرئيسية للحرب هي من خلال الميليشيات التي قامت بتدريبها وتمويلها وتجهيزها.

وتمتد شبكة الميليشيات التابعة لإيران عبر لبنان وسوريا والعراق واليمن وغزة، كما ذكرت "وول ستريت جورنال"، موضحة أن العديد من الجماعات لديها أجنداتها الخاصة ودرجة من الاستقلالية، لكنها تخضع للنفوذ الإيراني.

لكن الصحيفة أوضحت أن الولايات المتحدة تتمتع بخبرة طويلة ومريرة في بعض الأحيان في مواجهة الميليشيات المجهزة بإيران، سواء خلال حرب العراق أو في الحملة اللاحقة ضد تنظيم "داعش".

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: القوات الأمیرکیة الولایات المتحدة الشرق الأوسط بدون طیار من إیران

إقرأ أيضاً:

الميليشيات العراقية تجر البلاد إلى الصراع بين إسرائيل وإيران

تناول المحلل السياسي محمد صالح، موقف العراق الهش في ظل الصراع الإيراني الإسرائيلي المتصاعد، مشيراً إلى أن تورط بغداد في هذا الصراع لا ينبع من المصالح الوطنية بل من طموحات إيران الاستراتيجية، من خلال ميليشياتها.

يواجه رئيس الوزراء تحدياً محورياً ويتعين عليه الاستفادة من موارد الدولة للسيطرة على الميليشيات.

وقال صالح، وهو زميل أول غير مقيم في معهد أبحاث السياسة الخارجية وخبير في الشؤون العراقية، في تحليله بموقع "ناشونال إنترست"، إنه إذا فشلت الحكومة العراقية في اتخاذ الموقف المناسب وتأكيد سيطرتها على الأوضاع، فإن الأمة مهددة بالتورط في مواجهة مدمرة من شأنها أن تدمر أمنها الداخلي وبنيتها الأساسية. صراع متصاعد

في أوائل أكتوبر (تشرين الأول) 2023، شنت الميليشيات العراقية المتحالفة مع إيران هجوماً بطائرة دون طيار على مرتفعات الجولان، مما أسفر عن مقتل جنديين إسرائيليين، وهو ما يؤكد التورط المتزايد للميليشيات العراقية في المواجهة الأوسع بين إيران وإسرائيل. ومنذ بدء الصراع في غزة في الشهر نفسه، شنت تلك الميليشيات أكثر من 200 هجوم على القوات الأمريكية والإسرائيلية في العراق وسوريا، معتبرة هذه الإجراءات بمنزلة رد على الدعم الأمريكي لإسرائيل.

#IQD

The government is helpless.. The dollar continues to destabilize the economy in Iraq.Stopping currency auctions is the onlyway. pic.twitter.com/brcCrsN8yQ

— crypto trader (@bnftrade) November 2, 2024

ومنذ مقتل الأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصر الله، كثفت هذه الميليشيات عملياتها ضد الأهداف الإسرائيلية. وتوضح هذه الاستراتيجية المتزامنة نفوذ طهران، حيث تضع الميليشيات نفسها كلاعب رئيسي في "محور المقاومة" الإقليمي.

الدور المزدوج للعراق

تعمل الميليشيات الموالية لإيران ضمن قوات الحشد الشعبي العراقية، التي تشكلت في البداية لمحاربة داعش. وفي حين تتلقى قوات الحشد الشعبي تمويلاً وأسلحة من الدولة، تعمل فصائلها أيضاً كقوى عابرة للحدود الوطنية تتماشى مع أجندة إيران الإقليمية. وتجسد العديد من هذه الجماعات الشيعية، التي أنشأها ودعمها الحرس الثوري الإسلامي الإيراني، نفوذ طهران في العراق، مما يخلق منطقة رمادية بين سلطة الدولة والولاء الأجنبي.
وأدت هذه الثنائية إلى توترات داخل العراق، حيث تكافح الحكومة تحت قيادة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني لاحتواء تصرفات الميليشيات. وغم الإصلاحات التي تهدف إلى السيطرة على هذه الجماعات، فإن الميليشيات تعمل بشكل مستقل، وغالباً ما تتجاهل سياسة الدولة. ويسلط تورطهم في الصراعات الإقليمية، مثل الحرب الأهلية السورية، الضوء على انحرافهم عن الموقف الرسمي للعراق، مما يؤكد ولاءهم لطهران على بغداد.

The persistent tensions between Iraq’s Shia ruling elite and the United States have fostered a climate that is increasingly unfavorable for Western investment. @YerevanSaeed and @Aziz1Sardar https://t.co/69NoqRnwLi

— AGSIW (@GulfStatesInst) October 30, 2024 سلطة العراق المحدودة ودعا رئيس الوزراء محمد شياع السوداني مؤخراً إلى ممارسة ضغوط عالمية على إسرائيل لوقف العمليات العسكرية في غزة ولبنان، مع الحفاظ على حياد العراق في الصراع. ومع ذلك، فإن هذا الموقف معرض للخطر بسبب تصرفات الميليشيات، والتي تبدو خارجة عن سيطرته. وفي حين يقدم العراق الدعم الإنساني للاجئين الفلسطينيين واللبنانيين، يعارض العديد من العراقيين المزيد من التورط في الصراع الإيراني الإسرائيلي، خوفاً من آثاره المزعزعة للاستقرار. الصراع الدستوري ومسألة السلطة وأكد علي الأسدي، أحد زعماء حركة حزب الله النجباء - وهي ميليشيا موالية لإيران - أن الفصائل المسلحة العراقية، لا الدولة، هي التي تمتلك هذه السلطة، بحجة أن العراق ما يزال تحت النفوذ الأمريكي. ويتعارض هذا الموقف مع التفويضات الدستورية العراقية التي تمنح سلطة إعلان الحرب للرئيس ورئيس الوزراء، في انتظار موافقة البرلمان. ويوضح تجاهل الفصائل المسلحة للقنوات الرسمية الصراع المستمر على السلطة بين الحكومة المركزية العراقية والميليشيات المدعومة من إيران. تداعيات إقليمية ورد فعل إسرائيلي محتمل وقال الباحث: في حين لم تستهدف إسرائيل الأراضي العراقية بعد، فإن الضربات الانتقامية الأخيرة على قوات الحوثيين في اليمن وحزب الله في لبنان تشير إلى أن الأراضي العراقية قد تواجه قريباً إجراءات مماثلة، وهو ما قد يخلق بيئة مناسبة لعودة جماعات متطرفة مثل داعش واستغلالها الفوضى في التجنيد وتحقيق مكاسب إقليمية. ويوضح صعود داعش والجماعات الطائفية الأخرى على مدى العقدين الماضيين كيف تغذي الاضطرابات الإقليمية أجندات المتطرفين. لذا فإن التدخل الإيراني في العراق قد يخلف عواقب وخيمة، مما يزيد من إجهاد استقرار البلاد الهش.  أمن الطاقة الإقليمي وأضاف الكاتب "بعيداً عن حدود العراق، قد تؤدي أنشطة الميليشيات العراقية إلى تعطيل أمن الطاقة في مختلف أنحاء الشرق الأوسط. ومن شأن مثل هذه الإجراءات أن ترسل موجات صدمة عبر أسواق الطاقة العالمية، مما يجبر الجهات الفاعلة الدولية على الاستجابة وربما يجتذب قوى جديدة إلى الصراع. ومع تاريخ من الهجمات، فإن تهديدات الميليشيات العراقية تحمل ثقلاً كبيراً، مما يسلط الضوء على العواقب العالمية لموقف العراق الهش". مسار العراق إلى الأمام واختتم الباحث مقاله بالقول: "بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة في العراق، يواجه رئيس الوزراء تحدياً محورياً ويتعين عليه الاستفادة من موارد الدولة للسيطرة على الميليشيات، ومواءمة أفعالها مع مصالح العراق وليس مصالح إيران. ويهدد الفشل في كبح جماح الميليشيات بجر العراق إلى دوامة إقليمية أوسع نطاقاً، وهو سيناريو قد يكون له عواقب مدمرة على كل من العراق والشرق الأوسط على نطاق أوسع".

مقالات مشابهة

  • إيران الأميركية بعد الحرب
  • هل تغير قوات كوريا الشمالية قواعد اللعبة في أوكرانيا؟
  • «الجارديان» تسلط الضوء على قصف إسرائيل لمركز طبي في غزة أثناء حملة تطعيم ضد شلل الأطفال
  • التعزيزات الأميركية في الشرق الأوسط والتصعيد بين إيران وإسرائيل
  • زي النهارده.. بدء حرب الأفيون التي أعلنتها المملكة المتحدة على الصين
  • إذا استمرت الميليشيات الإيرانية في استهدافها..إسرائيل تهدد بضرب العراق
  • الميليشيات العراقية تجر البلاد إلى الصراع بين إسرائيل وإيران
  • الولايات المتحدة حذرت إيران من مهاجمة إسرائيل.. لن نقدر على كبح جماح الرد
  • الولايات المتحدة تحذر إيران من مهاجمة إسرائيل: لن نقدر على كبحها
  • تظاهرة في المخا تندد بعمليات القمع والاعتقالات التي تمارسها قوات طارق صالح بحق أبناء المديرية