نيران المقاومة تضرب قواعد أمريكا وتحاصر تحركاتها وتلاحق إجرام “إسرائيل” والأخيرة تستجدي “أُوروبا”
تاريخ النشر: 25th, October 2023 GMT
يمانيون – متابعات
يوماً تلو الآخر تتزايد المخاوف الأمريكية من توسع المعركةِ؛ جراء الصلف الصهيوأمريكي المتصاعد ضد المدنيين في غزة، حيث تلقت واشنطن خلال الساعات الماضية عدداً هائلاً من الصفعات في العُمق السعوديّ وكذلك في مناطق تمركز قواعدها وقواتها في العراق وسوريا؛ وهو الأمر الذي اعتبره مراقبون عواملَ تُجْبِرُ واشنطن على الانسحابِ من معركة الاقتحام البري لغزة، فضلاً عن إجبارها مع الكيان الصهيوني على التوقف عن الإجرام وسفك دماء الفلسطينيين.
ومع تزايد الإجرام يأتي الرد من فصائل المقاومة، حيث إن العدو الصهيوني ارتكب، مساء أمس ، مجازر كبيرة في أحياءٍ متفرقة من قطاع غزة؛ تمهيداً لما يسميه الاجتياح البري للقطاع، وهو الأمر الذي قوبل بتحَرّك واسع من دول المحور ابتدأه وزير الخارجية الإيراني حسن أمير عبداللهيان، بتصريحات اعتبرها الجميع بيانَ ردع، في حين تحَرّكت باقي الفصائل المقاومة في العراق وسوريا ومناطق أُخرى صوب القواعد الأمريكية، وهو ما ينذر بقرب توسع الصراع.
وزير الخارجية الإيراني أطل، ، في تصريحاتٍ عاجلة؛ رداً على الإجرام وكذلك التمادي الأمريكي، حَيثُ قال إنه “في إطار القيم الإنسانية والقوانين الدولية ندعم مقاومة فلسطين أمام الاحتلال الإسرائيلي وسنواصل هذا الدعم”، في رسالة تؤكّـد بدء طهران خوض مرحلة جديدة من عمر الطوفان.
وَأَضَـافَ عبداللهيان “القوانين الدولية تنص على حق استخدام السلاح من قبل الذين تم احتلال أرضهم ونحن أَيْـضاً نؤيد هذا الحق”، وهنا إشارة إلى أن الدعم بالمال والسلاح والتقنيات العسكرية سيأخذ مساراً واسعاً تتبناه طهران، وهو ما قد يعزز الموقف المقاوم ويسرع من عجلة الانفجار الواسع للمعركة
وعزز وزير الخارجية الإيراني موقف المقاومة القادم بتأكيده على أن “المقاومة حقيقة غير قابلة للإنكار في هذه المنطقة وعلى الجميع أن يدرك ذلك”، في تأكيدٍ على أن مسارَ المقاومة سيأخذ منحىً آخرَ خلال الفترة المقبلة في ظل تصاعد مؤشرات الالتحام إلى جانب أبطال “طوفان الأقصى” وقد يشمل هذا الالتحام دول المحور دون استثناء، في ظل تزايد التحَرّكات الأمريكية الرامية إلى فرض واقع خاص بالإجرام الصهيوني.
وأكّـد عبداللهيان أن التوجُّـهَ الإيراني الجديدَ يأتي بعد الاختراقات الأمريكية الكبيرة، مؤكّـداً بقوله: “نؤكّـد اليوم أن إدارة الحرب في غزة ضد الفلسطينيين في أيدي الأميركيين عسكريًّا وأمنياً”، وهو ما اعتبره مراقبون إعلاناً إيرانياً ببدء المجاهرة بالتحَرّكات الداعمة للمقاومة لموازاة التحَرّكات الأمريكية الداعمة للكيان الصهيوني الغاصب.
وعزز عبداللهيان تحذيراته بقوله: إن “المنطقة أصبحت برميل بارود قد ينفجر في أية لحظة وننصح الجميع باتِّخاذ إجراءات عاجلة لوقف قتل المدنيين في غزة”، مؤكّـداً أن “إيران لا تسعى لتوسيع الحرب لكن ضاق ذرع الجميع من استمرار قصف المدنيين والمجازر التي ترتكب بحقهم”، في تأكيدٍ على أن الإجرام الصهيوني القادم سيكون مصحوباً برد مقاوم يضاعف فاتورة خسائر الكيان وداعميه، وقد ظهرت هذه الملامح جليًّا.
وخاطب وزير الخارجية الإيراني قوى الاستكبار منوِّهًا إلى أن “الصهاينة يعتقدون أنّ حلمهم هذا بات قريباً في ظل الدعم الشامل الذي حصلوا عليه من الجانب الأميركي”، مخاطباً الصهاينة “نقول للصهاينة وبصوتٍ عالٍ كما فشلتم قبل سنوات أمام حزب الله ستفشلون اليوم أيضاً”، في تأكيدٍ على أن مشاركة إيران القادمة ستكون فاعلة بما يخلق الكثير من المنعرجات في المعركة.
وألمح عبداللهيان إلى تجاوب فصائل المقاومة خلال المرحلة القادمة، عبر الإشارة إلى التجربة التي قدمها حزب الله، موضحًا أن “حزب الله وصل إلى مستوى من القوة أجبر الأميركيين على إرسال عشرات الرسائل لهم مطالبين بعدم فتح جبهة ضد الصهاينة”.
وعبَّر عن إصرار إيران على خوض المرحلة القادمة بما يوازي التحَرّكات الأمريكية بإشارته إلى أنه تم الاتّفاق مع الجانب المصري “على إيصال المساعدات من إيران إلى غزة عبر مصر في أسرع وقت ممكن”، مؤكّـداً أن هذه الخطوة تأتي على في مقابل التحَرّكات الأمريكية الداعمة للكيان الصهيوني، مُشيراً إلى أن “الولايات المتحدة أثبتت عبر إرسال مئات المعدات العسكرية وتقديم الدعم الشامل للكيان الصهيوني أنها ليست محايدة”.
واختتم وزير الخارجية الإيراني بتوجيه رسالة إلى الأمريكيين بقوله: “أوجّه رسالة مباشرة إلى الرئيس الأميركي بأنه كفى نفاقاً وهل المجازر وقصف المدنيين وتدمير المستشفيات تتوافق مع شعاراتكم”.
وما هي إلا دقائق قليلة حتى رجع صدى الرسائل الإيرانية القوية، حَيثُ أعلنت فصائل المقاومة في العراق استهدافها لقواعد أمريكية داخل العمقين العراقي والسوري، بالتزامن مع إعلان حركة في العمق السعوديّ عن استهداف قواعد لواشنطن في الأراضي السعوديّة.
وأعلن حزب الله في العراق عن استهداف قاعدة لأمريكا في حقل العمر النفطي في سوريا، مؤكّـداً إصابة الهدف بدقة عالية، في حين ذكرت وسائل إعلام أمريكية ودولية أن انفجارات في القاعدة المستهدفة داخل سوريا دوت بشكل كبير جراء الاستهداف الذي نفذته المقاومة العراقية.
وفي سوريا أَيْـضاً، تبنت المقاومة العراقية استهداف قاعدة الاحتلال الأمريكي في دير الزور؛ وهو الأمر الذي جعل من كُـلّ القواعد الأمريكية تحت النيران المقاومة.
حزب الله في العراق لم يكتفِ عن هذا الحد، حَيثُ كرّر، أمس وأمس الأول، استهداف القواعد الأمريكية في العراق، وهو ما ضاعف المخاوف الأمريكية.
وفي خطوةٍ غير مسبوقة ضاعفت المخاوفَ الأمريكية، أعلن تنظيمٌ يُطلِقُ على نفسه اسمَ حركة تحرير الحرمين الشريفين أنه نفذ، يوم أمس الأول الاثنين، هجوماً بطائرات مسيَّرة على قواعد عسكرية أمريكية في السعوديّة رداً على الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.
وأوضحت الحركة في بيان نشر عبر عشرات المواقع الإخبارية أنها نفذت هجومين منفصلين بطائرتَين مسيَّرتين على مقر قيادة القوات الأمريكية بقاعدة الأمير سلطان الجوية في منطقة الخرج، ومقر قيادة القوات الأمريكية بقاعدة الملك عبدالعزيز الجوية بالظهران، مشيرةً إلى أن الهجمات حقّقت إصابات مباشرة.
وَأَضَـافَ البيان أن الهجومَ “مُجَـرّد إنذار بسيط لما هو قادم طالما استمر الهجوم الصهيوني على قطاع غزة المدفوع بمباركة الإدارة الأمريكية” بحسب البيانِ.
وهدّد البيان بأنه سيتم استهداف منشأة نفطية هامة وسيدفع العالم ثمن صمته تجاه المجازر الصهيونية، وهو الأمر الذي ينذر بتعرض واشنطن لمزيد من الصفعات خلال المراحل القادمة.
وإزاء هذا أقر الجانبُ الأمريكي بتصاعد الهجمات على القواعد الأمريكية في العراق وسوريا، مُضيفاً أنه يعتقد أن هناك احتمالاً “لوقوع تصعيد أكبر في المدى القريب ضد القوات الأمريكية في الشرق الأوسط”؛ ما قد يجعل واشنطن عرضة للأخطار حال تواصل الإجرام بحق الفلسطينيين.
وأمام هذه المعطيات عبر الرئيس الأمريكي، جوزيف بايدن، عن حالة الخوف والهلع التي وصلت إليها واشنطن بعد أن انسحب من فعالية اقتصادية في أمريكا، كانت تتزامن مع الضربات المتوالية التي انهالت على القواعد الأمريكية، وقد أوضح بايدن أن سبب مغادرته للفعالية في وقت سريع يأتي كضرورة لذهابه إلى غرفة العمليات داخل البيت الأبيض للاطلاع على أوامر طارئة وعاجلة حسب وصفه، في إشارةٍ إلى أن الولايات المتحدة لم تكن تتوقع هذا السيناريو، ما قد يجعلها تدخل مرحلة اضطراب تعقد مهمتها في دعم الكيان الصهيوني.
وبعد أن أصبح الجانب الأمريكي محاصَراً بهذا الكَمِّ من الصفعات، وسط تصاعد مؤشرات لوجود صفعات مضاعفة خلال الأيّام القليلة الماضية، لجأ الكيان الصهيوني إلى الاستعانة بالأُورُوبيين، حَيثُ قام الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في ساعات مبكرة من صباحِ أمس الثلاثاء، بتنفيذ زيارة عاجلة للكيان الصهيوني، جاءت في إطار محاولات إنقاذ “إسرائيل” من المأزق بعد محاصرة الجانب الأمريكي.
وأمام هذه المعطيات يتأكّـد للجميع أن واشطن باتت مجبرة على إعادة حساباتها، لا سيَّما أن دول المحور تتداعى للرد على الغطرسة الصهيوأمريكية، وما الضرباتُ الأولية في سوريا والعراق والسعوديّة إلا مؤشِّر بسيط للدخول في مرحلة مليئة بالردع المقاوم وزاخرة بالصفعات الموجَّهة للكيان الغاصب ورُعاتِه الأمريكيين والأُورُوبيين.
المسيرة / نوح جلاس
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: وزیر الخارجیة الإیرانی القواعد الأمریکیة للکیان الصهیونی وهو الأمر الذی فی العراق حزب الله مؤک ـدا على أن إلى أن وهو ما
إقرأ أيضاً:
“ميناء أم الرشراش” والمشروع التوسعي البحري الصهيوني
يمانيون../
لا تتوقف أطماع الصهيونية في الأراضي العربية برا وبحرا، ومنذ قيام هذا الكيان على الأراضي العربية الفلسطينية المحتلة، وعصابات الإجرام اليهودية تعمل على المزيد من التوسع الذي وصل إلى شواطئ البحر الأحمر، من خلال ضم منطقة أم الرشراش عام 1949، وتحويلها إلى ميناء بحري بات معروفا باسم ميناء إيلات.
وليس غريبا إن قلنا بأن الصهيونية تتكئ إلى مزاعم دينية في كل مشروعها الاستيطاني، وقد زعم اليهود ولا يزالون بأن البحر الأحمر من شماله إلى جنوبه، كان ضمن حدود “مملكة سليمان” عليه السلام قبل الميلاد. ولأن الموانئ والمضايق المحيطة بهذا الكيان اللقيط تشكل تحديا استراتيجيا على الصعيدين السياسي والاقتصادي، ولا يمكن تجاهل أهميتها في استمرار وديمومة هذا الكيان، فقد شنت “إسرائيل” مع فرنسا وبريطانيا العدوان الثلاثي على مصر بعيد إعلان عبد الناصر تأميم قناة السويس في العام 1956، واحتلت سيناء وسواحلها على البحر الأحمر شرقي مصر. وفي عام 1967 احتل اليهود قناة السويس وسيطروا على حركة الملاحة الدولية منها وإليها.
لكنهم اضطروا للتخلي عن هذا المكسب الكبير بعد حرب أكتوبر 1973، إذ كان عليهم الانسحاب من القناة وتوقيع اتفاق الهدنة 1974، ثم ما لبثوا أن ثبتوا قواعد جديدة في معاهدة السلام مع مصر 1979، التي اعتبرت قناة السويس ممرا دوليا يحق لإسرائيل وسفنها الحركة فيه كسائر دول العالم.
وقد ساعدت هذه التطورات على تنشيط ميناء أم الرشراش، الذي يعتمد عليه الكيان في تبادل السلع مع أفريقيا ودول جنوب شرق آسيا، كما كان هذا الميناء لوحده يستقبل نصف احتياجات “إسرائيل” من النفط، الذي كان يأتي من الموانئ الإيرانية في عهد الشاه قبل الثورة الإسلامية 1979، مرورا بباب والمندب والبحر الأحمر.
لقد ظهرت عدة متغيرات دولية دفعت بهذا الكيان إلى التفكير جنوبا، حيث باب المندب، خاصة بعد انسحاب بريطانيا من عدن 1967، ثم عندما قامت مصر مع دولتي اليمن الجنوبية والشمالية آنذاك بإغلاق مضيق باب المندب في وجه الملاحة الدولية المتجهة إلى “إسرائيل” بالتزامن مع حرب 1973.
اليوم وبعد نصف القرن على المواجهة العربية مع الكيان الصهيوني في البحر الأحمر، يعيش الكيان مأزقا حقيقيا بعد أن دخلت اليمن معركة طوفان الأقصى وقلبت الموازين بشكل كان خارج كل الحسابات.
أحكمت القوات المسلحة اليمنية حصارها البحري بعمليات عسكرية نوعية أدت إلى إغلاق ميناء “إيلات” في بضعة أشهر، وخروجه عن الخدمة كليا، مع إعلان إفلاسه، ما ترك تأثيرا مباشرا على الاقتصاد القومي للكيان الغاصب، وتكبيده خسائر باهظة.
على أن الأخطر بالنسبة لهذا الكيان أن طموحاته وسياساته التوسعية باتت في مهب الريح، فجبهة اليمن المساندة لغزة 2023-2024 يتعاظم دورها وفاعليتها، لدرجة أن قوات صنعاء الباسلة اشتبكت مع القوات الأمريكية البريطانية التي هرعت إلى البحر الأحمر دفاعا عن هذه العصابات الإجرامية التي لم تكف عن جرائم الإبادة بحق الشعب الفلسطيني.
وباعتراف الخبراء والمحللين في الغرب وفي داخل الكيان نفسه، فإن المعركة مع اليمن دخلت طورا تصاعديا، أشد تأثيرا وأكثر تعقيدا، فلم يتمكن تحالف ” حارس الازدهار ” من كبح جماح اليمن، وباتت البحرية الأمريكية بحاملات طائراتها تلوذ بالفرار في مشهديه مفاجئة وغير مسبوقة، ومتكررة أيضاً.
فوق ذلك يدرك هذا الكيان أن المعركة مع اليمن مفتوحة على كل الاحتمالات، وليس من سبيل لإيقافها أو التخفيف من حدتها، إلا بإيقاف العدوان على غزة ورفع الحصار عن أهلها وشعبها.
تحليل | عبدالله علي صبري