نشرت إحدى الصحف السعودية الصادرة بالانجليزية قبل سنوات خبراً، وما أكثر مثل هذه الأخبار في صحفنا، عن حادث سيارة “ليموزين” اصطدمت بمجموعة من الإبل في طريق صحراوي. الأمر الطريف الساخر في الأمر أن الجمل المُصاب في الحادث، الذي كان محظوظاً بنجاته وبقائه على قيد الحياة، اعترض على الخبر المنشور في الجريدة عن الحادث الذي أدّى إلى مقتل رجل وجرح آخر حيث تم تجريم أصدقائه (الهاء تعود إلى الجمل) المساكين الذين لقوا حتفهم في الحادث الذي وقع في هذا الطريق الصحراوي، وقد كتب الجمل هذا التعقيب في نفس الجريدة بعد نشر الخبر في قسم “رسائل القراء” الذي يلقى رواجاً وتفاعلاً كبيراً عند قراء الصحف في ذلك الوقت، ومازال هذا القسم مهماً في الصحف العالمية التي تحترم القارئ وتهتم برأيه ويُعتبر، أي هذا القسم، انعكاساً مهمّاً للعمل الصحفي الذي تقدّمه الصحيفة.
هذا القسم يكاد يختفي في الصحف العربية مع المنافسة الشرسة التي تلقاها هذه الصحف من قبل الإعلام الجديد المتمثِّل بشبكات التواصل الاجتماعي.
سنترك بقية المقال للتعقيب الذي كتبه الجمل بالانجليزية، بعد ترجمته هنا إلى العربية، والذي وافق رئيس تحرير الجريدة آنذاك بكل شجاعة على نشره رغم اعتراض الرقيب:
“كنت أمشي في غسق الليل مع ثلاثة من أصدقائي في طريق محلي ومعروف كانت تسلكه أجيال متعاقبة من عائلتي، عندما جاءت فجأة ومن بين الظلام سيارة مسرعة اصطدمت بعنف بأصدقائي وضربتني بشكل عنيف جعلتني أنظر الى أسفل بهذا الشكل الذي أظهرته الصحيفة في الصورة المصاحبة للخبر. أصدقائي الثلاثة ماتوا بشكل مأساوي ومؤلم أمام عيني وأنا مصاب الآن بجانب الطريق لا حول لي ولا قوة.
يقول الخبر الذي نشرتموه في جريدتكم إن الحادث حصل عندما ” ظهرت فجأة في وسط الطريق مجموعة من الإبل السائبة واصطدمت بالسيارة محطّمة الزجاج الأمامي لها …” أنا أحتج على هذا الخبر المنحاز والظالم.
تقولون أننا نتسبّب في مقتل الكثير سنوياً. هذا خطأ في الصياغة. نحن لا نقتل أحداً، كما أنكم تتجاهلون الضحايا منّا الذين يسقطون. تقودون سياراتكم باتجاهنا ثم تلقون باللوم علينا بسبب أننا نسقط على زجاج سياراتكم. بالنسبة للحادث الذي نشرتم خبره، نحن لم “نظهر” فجأة هكذا في الطريق. كنا نمشي ببطء في طريق معروف حتى قبل أن يتم إنشاء هذا الطريق المسفلت. لم نظهر هكذا من لاشيء؛ بل إن سائق السيارة لم يرانا إلا في اللحظة الأخيرة. نحن ظهرنا، كما يرانا هو، لكننا كنا هناك منذ مدة طويلة.
إذن مسؤولية من هذه؟ كانت الشرطة على حق عندما قالوا أن الرؤية المحدودة في الليل تمثّل مشكلة كبيرة لسائقي السيارات، ومن الصعوبة تجنّب الاصطدام بنا إذا كان السائق يقود بسرعة أكثر من 100 كم في الساعة. نحن نعرف أن السرعة التي نمشي بها هي 6 كم في الساعة، ونستطيع أن نرى لمسافة أميال بعيدة. لذا ببساطة أنا أنصحكم أن تتمهّلوا وأن تستخدموا عيونكم بشكل جيد وتذكّروا أنكم طارئون في هذا المكان.”
khaledalawadh@
المصدر: صحيفة البلاد
إقرأ أيضاً:
وزير العمل يقرر صرف 20 ألف جنيه لعامل سقط من فوق سقالة بنقابة الصحفيين
اعتمد محمد جبران وزير العمل صرف مبلغ 20 ألف جنيه من بند مواجهة الحوادث في الحساب المركزي للرعاية الصحية والاجتماعية للعمالة غير المنتظمة، وذلك لصالح العامل عبدالرحمن محسن مهدي «23 سنة»، الذي أصيب بعد سقوطه من أعلى خلال عمله على سقالة بمبنى نقابة الصحفيين، نهاية ديسمبر الماضي، أثناء إصلاح بعض المشاكل الإنشائية بواجهة مبنى نقابة الصحفيين.
تسليم المبلغ اليوم لأسرة العامل المصابوأصدرت وزارة العمل، بيانا صحفيا، اليوم الاثنين، أكدت خلاله أن وزير العمل، وجه الإدارة العامة لرعاية العمالة غير المنتظمة بالوزارة بسرعة متابعة الصرف اليوم، وتسليم المبلغ إلى والدة المصاب بسبب استمرار احتجازه في العناية المركزة بسبب الإصابة الشديدة في المخ، كما وجه الوزير، بالاستمرار في متابعة الحالة الصحية للعامل المصاب.
توجيهات رئاسية لاستمرار دعم العمالة غير المنتظمةمن جانبه، قال محمد جبران وزير العمل، إن دعم وحماية ورعاية العمالة غير المنتظمة يدخل ضمن أولويات الدولة، بتوجيهات من الرئيس عبدالفتاح السيسي، لافتا إلى أن هناك بندا مُستحدثا لمواجهة الحوادث الطارئة للعمال، حتى وإن كانوا غير مُسجلين لدى قاعدة بيانات وزارة العمل.