يمانيون – متابعات
يخلو القانونُ الدولي من اتّفاقية تحظُرُ صراحةً استخدامَ سلاح الفوسفور الأبيض، إلّا أنّه مع ذلك هناك اتّفاقياتٌ معيَّنة يمكنُ تطبيقُها على هذا السلاح، ويتم ذلك من خلال تشابه الآثار التي يحدثها هذا السلاح مع تلك الخَاصَّة بالأسلحة المحظورة بموجب الاتّفاقيات الدولية، كما ويكون ذلك من خلال استعمال أُسلُـوب الاستقراء واتباع القياس المنطقي.

وبما أنّ سلاح الفوسفور الأبيض عبارة عن مادة كيميائية سامة، يسبّب عندما يلامسها الجلد حروقًا كثيفة ومؤلمة، وهو ما تستخدمه القوات الصهيونية المعادية يوميًّا في حربها على غزة منذ انطلاق العمليات العسكرية، فهو بذلك أقرب إلى الأسلحة الكيميائية والأسلحة الحارقة، وقد حظر القانون الدولي استخدام الأسلحة الكيميائية من خلال اتّفاقية حظر الأسلحة الكيميائية للعام 1993، كما حظر استخدام الأسلحة الحارقة من خلال البروتوكول الخاص بالأسلحة الحارقة الملحق باتّفاقية الأسلحة التقليدية للعام 1980.

الفسفورُ الأبيض السام.. سلاحُ الإبادة الجماعية:

إنّ سلاحَ الفوسفور الأبيض هو عبارةٌ عن سلاح سام يستخدمه العدوّ اليوم في غزة؛ بهَدفِ الإبادة الجماعية للمدنيين، محدثاً الكثير من الآثار التي تشير إلى انتهاكات جسيمة لكل القوانين الدولية.

ويعملُ هذا السلاح السام، عبر امتزاج الفوسفور الأبيض فيه مع الأوكسجين، والفوسفور الأبيض هو أحد الأشكال المتأصلة للعنصر الكيميائي الفوسفور، والفوسفور هو عنصر كيميائي في الجدول الدوري، رمزه الكيميائي P وعدده الذري 15 ويعتبر الفوسفور من العناصر الرئيسة في المواد الغذائية، يعمل على بناء العظام وتكوينها، وللفوسفور ثلاثة أشكال تأصيلية هي: الفوسفور الأبيض والفوسفور الأحمر والفوسفور الأسود.

والفوسفور الأبيض هو عبارة عن مادة سامة وخطيرة له رائحة تشبه رائحة الثوم، ويكون لونه أبيض إذَا كان بالشكل النقي، وذا لون أصفر إذَا كان منتجًا مصنعًا؛ بسَببِ امتزاجه مع المركبات الكيميائية، ولذلك فهو يسمّى بالفوسفور الأصفر، ويكون شديد الاشتعال يحترق بمُجَـرّد تعرضه للأوكسجين منتجًا نارًا أبيض كثيفًا.

عندما يتعرّض الفوسفور الأبيض للهواء، يتحوّل بسرعة كبيرة إلى خامس أكسيد الفوسفور، ويولد هذا التفاعل الكيميائي حرارة كبيرة مع دخان أبيض كثيف، وبسبب هذا الدخان واللهب المضيء، غالبًا ما تتذرّع الدول بأنّها تستعمل سلاح الفوسفور الأبيض في حروبها؛ بهَدفِ إخفاء حركات الجنود أَو للإضاءة أَو كساتر دخاني، ولكن تستخدمه آلة القتل الصهيونية اليوم كأدَاة تطهير عرقي وإبادة للشعب الفلسطيني منتهكة كُـلّ القوانين والمواثيق الدولية.

آثار استخدام سلاح الفوسفور الأبيض على المدنيين:

تتكشف كُـلّ يوم آثار الانتهاكات الجسيمة التي ترتكبها آلة الحرب الإسرائيلية كُـلّ يوم في غزة، ومن خلال استخدامها الفرط لسلاح الفسفور الأبيض، تبرز درجة الحقد والرغبة في إبادة شعب بأكمله.

إنّ الفوسفور الأبيض يدخل إلى جسم الإنسان إمّا من خلال جزيئات الفوسفور، أَو عبر استنشاق الدخان الذي ينتج عند احتكاك الفوسفور بالهواء، فالفوسفور الأبيض عندما يتعرّض للهواء، يشتعل ويتأكسد بشكل سريع ويتحول إلى خامس أكسيد الفوسفور، ويولّد هذا التفاعل الكيميائي حرارة كبيرة على شكل لهب مضيء مع دخان أبيض كثيف، ويبقى الفوسفور الأبيض يشتعل ويحترق حتى درجة 1500 فهرنهايت (816 درجة مئوية)، حَيثُ لا يبقى منه أي شيء، أَو حتى ينتهي ما حوله من الأوكسجين.

يُعدّ سلاح الفوسفور الأبيض سلاحًا حارقًا وكيميائيًا، يسبّب عندما يلامس الجلد، أَو لدى استنشاقه أَو ابتلاعه، جروحاً خطيرة للأشخاص ويؤدي إلى الوفاة في معظم الأحيان، إضافة إلى التشوهات الجسدية، وقد خبر الشعب الفلسطيني في كُـلّ حروبه مع العدوّ هذا السلاح الخطير الذي كانت له تداعيات على الإنسان والنبات والحيوان أَيْـضاً.

فعندما يلامس الفوسفور الأبيض الجلد، يؤدي إلى حروق كثيفة ومؤلمة، من الدرجتين الثانية والثالثة، وأحياناً ما تصل الحروق إلى العظام، ويمكن للماء أن يوقف الحروق مؤقتًا، ولكن مخاطر إعادة اشتعال الفوسفور الأبيض كثيرة؛ لأَنَّ جسيمات الفوسفور الأبيض المتبقية، ستشتعل مجدّدًا عندما تتعرض للأوكسجين، ويمكن أن يعاني ضحايا الحروق التي يسبّبها الفوسفور الأبيض أضرارًا في الكلى والكبد والقلب، وهذا ما توصّل إليه التقرير الذي أصدرته “وزارة الصحة لدى العدوّ الإسرائيلي” في أثناء الحرب على غزة في العام 2009، إذ ورد فيه: “إنّ الدراسات أظهرت أنّ الحروق التي تغطي نسبة قليلة من الجسد نحو 12 إلى 15 % من الجسم في حيوانات التجارب، وأقل من 10 % في البشر يمكن أن تكون قاتلة؛ بسَببِ آثارها على الكبد والقلب والكليتين. وبالإضافة إلى وجود آثار أُخرى منها النقص الحاد في الكالسيوم والتأخر في التئام الجروح والحروق.

كما يختلف سلاح الفوسفور الأبيض عن غيره من الأسلحة بالدخان الأبيض الكثيف الذي ينتج عند اشتعاله في الهواء، هذا الدخان يتكوّن من جزيئات خامس أوكسيد الفوسفور الذي بدوره يتفاعل مع الرطوبة في الهواء أَو الجسم ليكوّن حامض الفوسفوريك.

أمّا الآثار التي يتركها حامض الفوسفوريك، فهي تتوقّف على مدّة التعرّض له، والمقدار الذي يدخل إلى الجسم.

يؤدي استنشاق الدخان الصادر عن الفوسفور الأبيض، أَو التعرض المزمن للهواء الملوث بالفوسفور، إلى السعال وظهور إصابات وتشوهات في عظام الفك، والتي تعرف بحالة Phassy Jaw، ويترافق ذلك مع صعوبة في التئام الجروح وتكسّر في عظام الفك، وتنشأ أكياس صديدية (تحوي القيح) في تلك المنطقة؛ بسَببِ تفاعل الفوسفور مع البكتيريا الموجودة في الفم، الأمر الذي قد ينتهي بالموت في بعض الحالات؛ بسَببِ نفاذ الالتهاب إلى مجرى الدم، كما وقد يؤدي استنشاق الفوسفور الأبيض إلى تلف الأوعية الدموية في الفم، وأضرار خطيرة في الرئة والحنجرة، كما العيون التي تتأثر بهذه المادة بشكل مباشر.

أمّا ابتلاع الفوسفور الأبيض بشكل منتظم، فيؤدي إلى تدهّن الكبد مع علامات وعوارض فشل الكبد الحاد.

وفي ما يتعلّق بتأثير سلاح الفوسفور الأبيض على ظهور الأورام السرطانية والتشوّهات الخلقية والإصابة بالعقم، فقد قرّرت وكالة حماية البيئة الأميركية أن الفوسفور الأبيض غير قابل للتصنيف؛ باعتبَاره عنصرًا يسبّب السرطان للكائنات البشرية، ولكن إذَا تتبعنا الأبحاث والدراسات التي أجريت لهذا الغرض، بعد انتهاء الحروب التي شنّت على فلسطين والعراق، نرى أنّ جميعها أكّـدت وجود علاقة بين استخدام سلاح الفوسفور الأبيض وظهور الأورام السرطانية والتشوهات الخلقية والعقم.

آثارُ استخدام سلاح الفوسفور الأبيض على البيئة:

لا تقتصرُ مخاطرُ سلاح الفوسفور الأبيض على الحرق والقتل اللذين يطالان ضحاياه، بل يمتدُّ تأثيرها إلى البيئة المحيطة، فتسبب تلوث الماء والتربة بعد أن تكون قد لوّثت الهواء بالدخان الذي ينتج عن اشتعال الفوسفور الأبيض فور اتصاله بالهواء، وما ينتج عن ذلك من نوبات سعال شديدة بين الأفراد تكون مصحوبة بتهيج في الجلد والفم والحلق والعيون.

يلوّث الفوسفور الأبيض البيئة عند تصنيعه، أَو عند استخدامه لصنع المواد الكيميائية الأُخرى، أَو عندما يستخدم كسلاح عسكري، أَو عند تسرّبه في أثناء التخزين والنقل، فعند تسرب الفوسفور الأبيض في الهواء، يتفاعل بسرعة مع الأوكسجين وينتج عن هذه العملية مواد كيميائية سامة.

وتشير التقاريرُ إلى أنّ بعضِ جزيئات الفوسفور الأبيض لا تتفاعل مع الأوكسجين، بل تصبح محاطة بغطاء يحول دون تفاعلها مع الهواء، ولفترة زمنية طويلة، فتستقر في المياه الجوفية أَو الطبقات العميقة من التربة بضع سنوات، كما يُلحق الفوسفور الأبيض أضرارًا بالأشجار بفعل الحرارة العالية التي تتولّد عند تعرّض هذه المادة للهواء، ممّا يؤدي إلى إحراق الأشجار والغابات التي تعتبر أهم وسيلة لامتصاص ثاني أوكسيد الكربون وتخزينه، وانبعاث غازات أول وثاني أكسيد الكربون وغيرها من الغازات المسبّبة لظاهرة الاحتباس الحراري في الجو نتيجة الحرق، كما يؤدي استخدام سلاح الفوسفور الأبيض إلى تدمير النظام البيئي الطبيعي من حيوانات ونباتات، وتلويث المنتوجات الزراعية التي يتم فيما بعد تناولها عن طريق السلسلة الغذائية.

الكيانُ الصهيوني ينتهكُ القانون الدولي باستخدام سلاح الفوسفور الأبيض:

يُعد استخدام سلاح الفوسفور الأبيض محظوراً في القانون الدولي عبر طريقتين: الأولى إذَا وجدت اتّفاقية تحظر استخدامه صراحة، والثانية إذَا كان الاستخدام ينتهك مبادئ الحرب وقوانينها وأعرافها، والتي تشمل جميع المعاهدات التي تحكم سير العمليات العسكرية والأسلحة وحماية ضحايا النزاعات المسلحة، بالإضافة إلى القواعد العرفية التي لها علاقة بهذه المواضيع، لكن لا بُـدَّ من التأكيد أنّ الكيان الصهيوني وآلته العسكرية لا يكترثان لهذه القواعد، وأن استخدام سلاح الفسفور الأبيض يعد قاعدة أَسَاسية في العمليات العسكرية، نظراً لما يسببه من تداعيات سلبية ومؤثرة في البيئة المستهدفة ونقصد هنا بنك الأهداف المدنية الذي لا يتوانى الاحتلال في استهدافه بشكل مباشر.

يخلو القانون الدولي من اتّفاقية تحظر صراحة استخدام سلاح الفوسفور الأبيض، إلّا أنّه مع ذلك هناك اتّفاقيات معينة يمكن تطبيقها على هذا السلاح، ويتم ذلك من خلال تشابه الآثار التي يحدثها هذا السلاح مع تلك الخَاصَّة بالأسلحة المحظورة بموجب الاتّفاقيات الدولية، كما ويكون ذلك من خلال استعمال أُسلُـوب الاستقراء واتباع القياس المنطقي، وبما أنّ سلاح الفوسفور الأبيض عبارة عن مادة كيميائية سامة، يسبّب عندما يلامسها الجلد حروقًا كثيفة ومؤلمة، فهو بذلك أقرب إلى الأسلحة الكيميائية والأسلحة الحارقة، وقد حظر القانون الدولي استخدام الأسلحة الكيميائية من خلال اتّفاقية حظر الأسلحة الكيميائية للعام 1993، كما نظّم استخدام الأسلحة الحارقة من خلال البروتوكول الخاص بالأسلحة الحارقة الملحق باتّفاقية الأسلحة التقليدية للعام 1980.

سلاح الفوسفور الأبيض السام: سلاح كيمياوي:

حظَرت المادة الأولى من اتّفاقية حظر الأسلحة الكيميائية، استخدام السلاح الكيميائي تحت أي ظرف من الظروف، حتى لو استدعت الضرورة العسكرية ذلك، ولا يقتصر الحظر على استخدام السلاح، بل أَيْـضاً على استحداثه وإنتاجه وتخزينه. عرّفت المادة (2 فقرة 1) من اتّفاقية حظر الأسلحة الكيميائية السلاح الكيميائي بأنّه:

(أ) المواد الكيميائية السامة وسلائفها، باستثناء المواد المعدّة منها لأغراض غير محظورة بموجب هذه الاتّفاقية ما دامت الأنواع والكميات متفقة مع هذه الأغراض.

(ب) الذخائر والنبائط المصممة خصيصًا لإحداث الوفاة أَو غيرها من الأضرار عن طريق ما ينبعث نتيجة استخدام مثل هذه الذخائر والنبائط من الخواص السامة للمواد الكيميائية السامة المحدّدة في الفقرة الفرعية (أ).

(ج) أية معدات مصمّمة خصيصًا لاستعمال يتعلق مباشرة باستخدام مثل هذه الذخائر والنبائط المحدّدة في الفقرة الفرعية (ب).

وبناءً لهذا التعريف أدرجت الاتّفاقية ثلاث جداول بالمواد الكيميائية السامة وسلائفها، ولكنها لم تشر إلى الفوسفور الأبيض كمادة كيميائية سامة، وعلى الرغم من أنّ الفوسفور الأبيض لا يتوافق والشروط التي يتطلبها البندان (ب) وَ(ج)، إلّا أنّه يعتبر سلاحًا كيميائيًا كما نصت المادة الثانية من الاتّفاقية صراحةً؛ ممّا يعني أنّه يكفي أن يلبّي السلاح أي ظرف من الظروف التي حدّدها التعريف، والفوسفور الأبيض يستوفي -كما ذكرنا- الشروط التي يتطلّبها البند (أ).

أعطت المادة (2 فقرة 2) من الاتّفاقية تعريفًا للمادة الكيميائية السامة بنصّها: “أية مادة كيميائية يمكن من خلال مفعولها الكيميائي في العمليات الحيوية أن تحدث وفاة أَو عجزًا مؤقَّتًا أَو أضرارًا دائمة للإنسان أَو الحيوان…”، وبناءً لهذا التعريف، ليس ضروريًّا أن تكون درجة السمية للمادة الكيميائية قاتلة، بل يكفي أن تؤدي إلى العجز المؤقت، ولما كانت المادة الكيميائية السامة تسبّب العجز أَو الوفاة فليس هناك من شك أنّ الفوسفور الأبيض، نظرًا لما يسبّبه من أضرار، يصنّف على أنّه مادة كيميائية سامة.

إنّ طريقة استخدام الفسفور الأبيض هي التي تحدّد قانونيته، واقعياً يستخدم الكيان الصهيوني هذا السلاح السام، والذي يحمل مواد خطيرة تصل إلى حَــدّ المواد الكيمياوية؛ بهَدفِ القتل والتدمير والإبادة الجماعية للمدنيين، الأمر الذي يجعل منه سلاحا فتاكاً وضارّاً، ويجعل من هذا الفعل جريمة إبادة وجريمة ضد الإنسانية وجريمة حرب أَيْـضاً، وفقاً للنظام الأَسَاسي للمحكمة الجنائية الدولية، وهذا كاف ليجعل منه سلاحاً محظوراً ويستوجب المساءلة الجنائية لمستخدميه.

سلاح الفوسفور الأبيض السام: سلاح حارق:

حظر البروتوكول الثالث الملحق باتّفاقية الأسلحة التقليدية للعام 1980 استخدام الأسلحة الحارقة، وعرّف البروتوكول في مادّته الأولى السلاح الحارق بأنّه: “أي سلاح أَو أية ذخيرة، مصمّم أَو مصمّمة في المقام الأول لإشعال النار في الأشياء، أَو للتسبّب بحروق للأشخاص بفعل اللهب أَو الحرارة أَو مزيج من اللهب والحرارة المتولدين عن تفاعل كيميائي لمادة تطلق على الهدف”، وعليه، إذَا كان الهدف الأَسَاسي من استخدام سلاح الفوسفور الأبيض إحداث حروق للأشخاص وإشعال النار، فَــإنَّه يعتبر سلاحًا حارقًا حسب التعريف الوارد في البروتوكول، أي مصمّم أَسَاساً؛ بهَدفِ التسبّب بحروق للمدنيين وإشعال النار بالأشياء، من المفترض بحسب البروتوكول الثالث خَاصَّة بالنسبة للقوات العسكرية (قانون الحرب) أن تلتزم باحترام مبادئ القانون الدولي العرفي كمبدأ التناسب، ومبدأ حظر الهجمات العشوائية، ومبدأ التسبّب بآلام مفرطة أَو معاناة غير ضرورية، لكن ونحن نتحدث عن آلة القتل العسكرية الإسرائيلية، ندرك تماماً أن هذه الآلة لا تلتزم بأي ضوابط ولا قوانين ولا اتّفاقيات، وأنها تستخدم كُـلّ السلاح المحرم دوليًّا وفق استراتيجية الأرض المحروقة؛ بهَدفِ القضاء على أكبر عدد ممكن من المدنيين في غزة.

لم يمنع بروتوكول الأسلحة الحارقة استخدام سلاح الفوسفور الأبيض بشكل مطلق، إنّما حظر استخدامه في حالات أربعة هي:

أوّلًا: حظر جعل المدنيين والأعيان المدنية هدفًا للهجوم بالأسلحة الحارقة.

ثانيًا: حظر إطلاق الأسلحة الحارقة من الجو.

ثالثًا: حظر إطلاق الأسلحة الحارقة من الأرض ضدّ العسكريين المتواجدين في منطقة مكتظّة بالسكان، إلّا إذَا كان الهدف العسكري واضح الانفصال عن تجمّع المدنيين، وأن تتّخذ الاحتياطات المستطاعة لحماية المدنيين؛ بما يجعلُ الآثارَ الحارقةَ تقتصرُ على الهدف العسكري ويحول دون إحداث خسائر عرضية في أرواح المدنيين أَو إصابات بينهم، أَو أضرار بالأعيان المدنية، أَو يقلّل في جميع الأحوال من هذه الخسائر.

رابعًا: حظر جعل الغابات والأنواع الأُخرى من الغطاء النباتي هدفًا للأسلحة الحارقة، إلّا في حالة استعمال هذه العناصر الطبيعية لتغطية أَو إخفاء أَو تمويه مقاتلين أَو أهداف عسكرية أُخرى، أَو كانت هي نفسها أهدافاً عسكرية.

بالرجوع إلى وقائع ما يحصل في غزة، يستخدم الكيان الصهيوني هذا السلاح بدقة ويستهدف من خلاله المدنيين والأعيان المدنية بشكل مباشر، وهذا انتهاك جديد ينظم إلى جملة الانتهاكات التي تقوم بها آلة الحرب العسكرية، في مخالفة واضحة لقواعد القانون الدولي، وَالبروتوكول الثالث الملحق باتّفاقية الأسلحة التقليدية للعام 1980.

الكيان الصهيوني ينتهك القواعد العرفية المتعلقة بحظر استخدام سلاح الفوسفور الأبيض

يضم القانون الدولي الإنساني جملةً من القواعد العُرفية التي تحظُرُ استخدام الأسلحة ومن بينها سلاح الفوسفور الأبيض، ولكن آلة الدمار العسكرية الصهيونية تنتهكها بشكل مباشر على أرض غزة وضد شعبها، ومن هذه القواعد:

– انتهاك مبدأ حظر الأسلحة العشوائية الأثر:

تُعرّف الأسلحة العشوائية الأثر بأنها الأسلحة التي لا يمكن توجيهها إلى هدف عسكري، أَو التي لا يمكن حصر آثارها على النحو الذي يتطلبه القانون الدولي الإنساني[37]، فهذا الأخير، يحظّر استخدام الأسلحة العشوائية الأثر؛ كونها تصيب المقاتلين وغير المقاتلين على حَــدّ سواء، من دون تمييز فيما بينهم، وتصيب أَيْـضاً الأعيان المدنية والأهداف العسكرية، ولا يمكن السيطرة على آثارها، وقد تجسّد هذا الحظر في المادة (48) من البروتوكول الإضافي الأول للعام 1977 التي أوجبت على الأطراف المتعاقدة التمييز بين السكان المدنيين والمقاتلين وبين الأعيان المدنية والأهداف العسكرية ومن ثم توجّـه عملياتها ضد الأهداف العسكرية من دون غيرها، وذلك؛ مِن أجلِ تأمين احترام السكان المدنيين والأعيان المدنية وحمايتهم، فهل يمكن تأمين “الاحترام” و”الحماية” في حال استخدام سلاح الفوسفور الأبيض؟ بالتأكيد لا، فعندما يتعرّض الفوسفور الأبيض إلى الهواء، تحدث سلسلة من التفاعلات الكيميائية، فيتفاعل الفوسفور بداية مع الأوكسجين بسرعة كبيرة، ويتحوّل إلى خامس أوكسيد الفوسفور ويولّد هذا التفاعل الكيميائي حرارة كبيرة، مسببًا الحرائق في المنطقة التي ألقي عليها سواء أكانت مناطق مدنية، أَو معدات حربية، منتجًا نارًا ودخانًا أبيض كثيفًا، كما ويلحق أضرارًا بالمدنيين سواء عند استنشاقهم إيّاه أَو عند ملامسته الجلد، وبالنظر إلى الخصائص الكيميائية السامة والخصائص الحارقة لهذا السلاح، فلا يمكن تأمين حماية المدنيين المشار إليها في المادة (48) من البروتوكول.

وإذا كان القانون الدولي الإنساني يهدف إلى حماية المدنيين في أثناء سير العمليات القتالية، فقد حظر هذا القانون الهجمات العشوائية التي من المتوقّع منها أن تلحق أضرارًا بالمدنيين والأعيان المدنية، وأعطت المادة (51 فقرة 4) من البروتوكول الإضافي الأول مفهومًا للهجمات العشوائية بقولها: تحظر الهجمات العشوائية، وتعتبر هجمات عشوائية:

أ) تلك التي لا توجّـه إلى هدف عسكري محدّد.

ب) أَو تلك التي تستخدم طريقة أَو وسيلة للقتال لا يمكن أن توجّـه إلى هدف عسكري محدّد.

ج) أَو تلك التي تستخدم طريقة أَو وسيلة للقتال لا يمكن حصر آثارها على النحو الذي يتطلّبه هذا الحق “البروتوكول”، ومن ثَّم فَــإنَّ من شأنها أن تصيب، في كُـلّ حالة كهذه، الأهداف العسكرية والأشخاص المدنيين أَو الأعيان المدنية دون تمييز.

كما أوردت المادة (51 في الفقرة 5) من البروتوكول تعريفًا لنوعين من الهجمات، يعرّف البند الأول من الفقرة 5 النوع الأول من الهجمات العشوائية بأنّه: “الهجوم قصفًا بالقنابل، أيًا كانت الطرق والوسائل، والذي يعالج عدداً من الأهداف العسكرية الواضحة التباعد وتميّز بعضها عن البعض الآخر، والواقعة في مدينة أَو بلدة أَو قرية أَو منطقة أُخرى تضم تمركزًا من المدنيين أَو الأعيان المدنية، على أنّها هدف عسكري واحد”، أمّا النوع الثاني من الهجوم، فهو الذي من شأنه أن يحدث خسائر مفرطة بين السكان المدنيين، ويعرّفه البند (ب) من المادة (51 فقرة 5) على الشكل الآتي: “الهجوم الذي يمكن أن يتوقّع منه أن يسبّب خسارةً في أرواح المدنيين أَو إصابة بهم أَو أضرارًا بالأعيان المدنية، أَو أن يُحدث خلطًا من هذه الخسائر والأضرار، يُفرط في تجاوز ما ينتظر أن يسفر عن هذا الهجوم من ميزة عسكرية ملموسة ومباشرة”، فهل استخدام سلاح الفوسفور الأبيض يفضي إلى هجمات عشوائية؟

مبدئيًّا ما يقوم به الكيان الصهيوني أنه يضرب بدقة؛ لإصابة أكبر عدد ممكن من المدنيين؛ بهَدفِ التطهير العرقي والإبادة وترهيب البقية لتهجيرهم قسراً من بيوتهم وأراضيهم، فذخائر الفوسفور الأبيض ليست عشوائية بطبيعتها، فكل قذيفة فوسفور أبيض تنفجر جوًا تنشر 116 شظية فوسفور أبيض محترقة وتسقط على مساحة تمتد 250 مترًا من نقطة الانفجار، فضلًا عن أنّ الدخان الأبيض الكثيف، الذي يتكوّن نتيجة تفاعل الفوسفور الأبيض مع الأوكسجين، والذي يحتوي على خامس أكسيد الفوسفور، يؤثر في المدنيين والمقاتلين معًا، وَإذَا ما عدنا إلى المادة (51 فقرة 4) من البروتوكول الإضافي العام للعام 1977، نلحظ أنّ البند (ج) ينطبق بصفة أَسَاسية على سلاح الفوسفور الأبيض، نظرًا إلى صعوبة حصر آثاره، وامتداده إلى مساحات واسعة، وبقائه فاعلًا مدّة طويلة من الزمن ملحقًا أضرارًا بالمدنيين والأعيان المدنية، وعليه، إنّ استخدام سلاح الفوسفور الأبيض لضرب أهداف عسكرية مشروعة لا يجعل منه سلاحًا مشروعًا؛ كونه يسبّب أضرارًا للمدنيين والأعيان المدنية تفوق الميزة العسكرية المرجوة من هذا الاستخدام.

– انتهاك مبدأ الآلام المفرطة أَو المعاناة غير الضرورية:

حظَرَ القانون الدولي الإنساني في العديد من مواده، استخدام الأسلحة التي تسبّب آلامًا لا مبرّر لها، ومنها المادة (35 فقرة 2) من البروتوكول الإضافي الأول للعام 1977، التي حظرت استخدام الأسلحة والقذائف ووسائل القتال، التي من شأنها إحداث إصابات أَو آلام لا مبرّر لها، والسؤال الذي يطرح هنا، هل يؤدي استخدام سلاح الفوسفور الأبيض إلى إحداث آلام لا مبرّر لها أَو معاناة غير ضرورية؟ ولمّا كان سلاح الفوسفور الأبيض يتسبّب بإحداث حروق بالغة وشديدة تذيب الجلد وتلحق أضرارًا بالكلى والكبد، لذلك فهو يسبب آلامًا لا مبرّر لها، وَإذَا كان سلاح الفوسفور الأبيض يسبب آلامًا لا مبرّر لها، فهل تبرّر الضرورة العسكرية استخدامه؟!

إنّ استخدام سلاح الفوسفور الأبيض كضرورة عسكرية، يمثّل انتهاكاً للمبادئ التي تضمنها القانون الدولي الإنساني، ومنها إعلان سان بطرسبرغ للعام 1868 الذي نصّ على أنّ “ضرورات الحرب يجب أن تخضع لمتطلبات الإنسانية”، وينتهك كذلك المادة (22) من لائحة لاهاي للعام 1907 التي تقيّد حقّ المتحاربين في اختيار الأسلحة، والمادة (23) التي تحظر استخدام السم والأسلحة السامة، بالإضافة إلى المادة (35) من البروتوكول الإضافي الأول للعام 1977 التي حظرت استخدام الأسلحة التي تعتبر عشوائية الأثر وتسبّب آلامًا لا مبرّر لها، ومن جهة أُخرى، فَــإنَّ استخدام سلاح الفوسفور الأبيض يؤدّي إلى إسقاط 116 شظية مغلّفة بالفوسفور، وتنتشر هذه الشظايا على مساحة بعيدة متجاوزة الأهداف العسكرية المشروعة، ويؤدّي الفوسفور إلى إصابات جسيمة ومميتة حين يلامس الجلد، أَو لدى استنشاقه، أَو ابتلاعه؛ بسَببِ خصائصه الكيميائية السامة.

– انتهاك مبدأ حظر استخدام السم أَو الأسلحة السامة:

حظّر القانون الدولي الإنساني استخدام السم، أَو الأسلحة السامة، وذلك في المادة 23 (أ) من لائحة لاهاي المتعلّقة بقوانين الحرب البرية وأعرافها للعام 1907، ثم جاء بروتوكول جنيف للعام 1925 ليعتبر الغازات السامة وكلّ ما شابهها من مواد سائلة أَو معدّات في الحرب هو أمر محظور، فهل يُعد تعريف السم الوارد في بروتوكول جنيف للعام 1925 شاملًا سلاح الفوسفور الأبيض؟

يُعرف السم بأنّه مادّة تضرّ الصحة بمفعولها الذاتي، وذلك باتصالها بالجسم أَو امتصاصه لها، وعرّف قاموس أكسفورد الإنجليزي السم بأنّه: “أية مادة تهلك الحياة أَو تضر بالصحة، إن دخلت إلى جسم حي أَو امتصّها ذلك الجسم”.

وبالنسبة إلى سلاح الفوسفور الأبيض، فَــإنَّ غاز خامس أكسيد الفوسفور الذي ينتج عن احتكاك هذا السلاح مع الأوكسجين هو سام، يحدث أضرارًا بالحنجرة والرئتين والقلب والعينين، وخللًا في الجهاز التنفسي وحروقًا خطيرة، كما أنّ تفاعل الفوسفور الأبيض مع القلويات، يفرز غاز الفوسفين السام الذي يسبّب تهيج القصبة الهوائية، آلام الصدر، الضيق التنفسي، الكحة، القيء، الإسهال، آلام العضلات، الصداع، الدوخة، فشل الرئة، فشل قلبي، فشل الكبد والكلى ثمّ الوفاة. أمّا التعرّض المُستمرّ له في نسب منخفضة وقليلة، فيسبّب فقر الدم، التهاب القصبة الهوائية، مشاكل الجهاز الهضمي، ومشاكل في الرؤيا.

وبناءً لما تقدّم، يمكن القول بأنّ الغاز الذي يصدر عند استخدام سلاح الفوسفور الأبيض هو سام، وأنّ آلة الحرب الإسرائيلية تستخدم هذا السلاح؛ بهَدفِ القتل المتعمد للشعب الفلسطيني في عقاب جماعي لكل الفئات الضعيفة من أطفال ونساء وشيوخ غيرهم.

– انتهاك مبدأ تحريم الضرر البيئي:

حظّر القانون الدولي الإنساني في المواد (35 فقرة 3) وَ(55) من البروتوكول الإضافي الأول للعام 1977، استخدام أساليب ووسائل القتال التي تلحق بالبيئة الطبيعية أضرارًا بالغة واسعة الانتشار وطويلة الأمد.

واستخدام سلاح الفوسفور الأبيض يسبّب تلوّثًا بالماء والتربة والهواء، فعند احتكاك الفوسفور الأبيض بالهواء، فَــإنَّه يتفاعل بسرعة مع الأوكسجين وينتج مواد كيميائية سامة، وبفعل الحرارة العالية التي تتولّد عند تعرّضه للهواء، فَــإنَّه يحرق الأشجار والغابات فتصبح الأراضي قاحلة، كما يؤدي استخدام الفوسفور الأبيض إلى تدمير النظام البيئي الطبيعي من حيوانات ونباتات.

الخلاصة:

المسؤولية الجنائية الدولية وتحميل الكيان الصهيوني مسؤولية استخدامه لسلاح محرم دوليًّا، وبالنظر إلى أهداف العدوّ الصهيوني من استخدام الأسلحة المحرمة دوليًّا ومن ضمنها سلاح الفسفور الأبيض السام؛ مِن أجلِ ارتكاب جرائم (وفقاً لنظام المحكمة الجنائية الدولية) في إطار واسع النطاق ومنهجي موجه ضد شعب أعزل وأعيان مدنية وبقصد وعلم بخطورة وآثار هذا السلاح السام والتي تتمثل في:

الإبادة الجماعية: (المادة 6) والتي تعني أي فعل من الأفعال التالية يرتكب بقصد إهلاك جماعة قومية أَو إثنية أَو عرقية أَو دينية بصفتها هذه، إهلاكاً كليًّا أَو جزئياً: (أ) قتل أفراد الجماعة، (ب) إلحاق ضرر جسدي أَو عقلي جسيم بأفراد الجماعة.

جرائم ضد الإنسانية وفق المادة 7 (أ) القتل العمد، (ب) الإبادة، وَ(ك) الأفعال اللاإنسانية الأُخرى ذات الطابع المماثل التي تتسبب عمداً في معاناة شديدة أَو في أذى خطير يلحق بالجسم أَو بالصحة العقلية أَو البدنية.

جرائم الحرب وفق المادة 8 وفق خطة ممنهجة وارتكاب (أ) الانتهاكات الجسيمة لاتّفاقيات جنيف المؤرخة 12 آب / أغسطُس 1949؛ أي أي فعل من الأفعال التالية ضد الأشخاص، أَو الممتلكات الذين تحميهم أحكام اتّفاقية جنيف ذات الصلة (1) القتل العمد، (3) تعمد إحداث معاناة شديدة أَو إلحاق أذى خطير بالجسم أَو بالصحة، (4) إلحاق تدمير واسع النطاق بالممتلكات والاستيلاء عليها دون أن تكون هناك ضرورة عسكرية تبرّر ذلك وبالمخالفة للقانون وبطريقة عابثة.

(ب‌) الانتهاكات الخطيرة الأُخرى للقوانين والأعراف السارية على المنازعات الدولية المسلحة في النطاق الثابت للقانون الدولي، أي فعل من الأفعال التالية:

– تعمد توجيه هجمات ضد السكان المدنيين بصفتهم هذه أَو ضد أفراد مدنيين لا يشاركون مباشرة في الأعمال الحربية.

– تعمد توجيه هجمات ضد مواقع مدنية، أي المواقع التي لا تشكل أهدافاً عسكرية، تعمد شن هجمات ضد موظفين مستخدمين أَو منشآت أَو مواد أَو وحدات أَو مركبات مستخدمة في مهمة من مهام المساعدة الإنسانية أَو حفظ السلام عملاً بميثاق الأمم المتحدة ما داموا يستخدمون الحماية التي توفر للمدنيين أَو للمواقع المدنية بموجب قانون المنازعات المسلحة.

– تعمد شن هجوم مع العلم بأن هذا الهجوم سيسفر عن خسائر تبعية في الأرواح أَو عن إصابات بين المدنيين أَو عن إلحاق أضرار مدنية أَو إحداث ضرر واسع النطاق وطويل الأجل وشديد للبيئة الطبيعية يكون إفراطه واضحًا بالقياس إلى مجمل المكاسب العسكرية المتوقعة الملموسة المباشرة.

– مهاجمة أَو قصف المدن أَو القرى أَو المساكن أَو المباني العزلاء التي لا تكون أهدافاً عسكرية بأية وسيلة كانت.

– تعمد توجيه هجمات ضد المباني المخصصة للأغراض الدينية أَو التعليمية أَو الفنية أَو العلمية أَو الخيرية، والآثار التاريخية، والمستشفيات وأماكن تجمع المرضى والجرحى شريطة ألا تكون أهدافاً عسكرية.

– إخضاع الأشخاص الموجودين تحت سلطة طرف معاد للتشويه البدني أَو لأي نوع من التجارب الطبية أَو العلمية التي لا تبرّرها المعالجة الطبية أَو معالجة الأسنان أَو المعالجة في المستشفى للشخص المعني والتي لا تجري لصالحه وتتسبب في وفاة ذلك الشخص أَو أُولئك الأشخاص أَو في تعريض صحتهم لخطر شديد.

– استخدام السموم أَو الأسلحة المسمَّمة.

– استخدام الغازات الخانقة أَو السامة أَو غيرها من الغازات وجميع ما في حكمها من السوائل أَو المواد أَو الأجهزة.

– استخدام أسلحة أَو قذائف أَو مواد أَو أساليب حربية تسبب بطبيعتها أضراراً زائدة أَو آلاماً لا لزوم لها، أَو تكون عشوائية بطبيعتها بالمخالفة للقانون الدولي للمنازعات المسلحة، بشرط أن تكون هذه الأسلحة والقذائف والمواد والأساليب الحربية موضع حظر شامل وأن تدرج في مرفق لهذا النظام الأَسَاسي، عن طريق تعديل يتفق والأحكام ذات الصلة الواردة في المادتين 121، 123.

– استغلال وجود شخص مدني أَو أشخاص آخرين متمتعين بحماية لإضفاء الحصانة من العمليات العسكرية على نقاط أَو مناطق أَو وحدات عسكرية معينة.

– تعمد توجيه هجمات ضد المباني والمواد والوحدات الطبية ووسائل النقل والأفراد من مستعملي الشعارات المميزة المبينة في اتّفاقيات جنيف طبقاً للقانون الدولي.

– تعمد تجويع المدنيين كأُسلُـوب من أساليب الحرب بحرمانهم من المواد التي لا غنى عنها لبقائهم، بما في ذلك تعمد عرقلة الإمدَادات الغوثية على النحو المنصوص عليه في اتّفاقيات جنيف.

– تعمد توجيه هجمات ضد السكان المدنيين بصفتهم هذه أَو ضد أفراد مدنيين لا يشاركون مباشرة في الأعمال الحربية.

– تعمد توجيه هجمات ضد المباني والمواد والوحدات الطبية ووسائل النقل والأفراد من مستعملي الشعارات المميزة المبينة في اتّفاقيات جنيف طبقاً للقانون الدولي.

إنّ اعتماد آلية قانونية واضحة لحظر استخدام سلاح الفوسفور الأبيض من الناحية القانونية، ليست معقّدة، فهناك إمْكَانية للخروج من الجدل القانوني الدولي حول هذا الموضوع، وذلك بتعديل بروتوكول الأسلحة الحارقة للعام 1980، أَو إضافة بروتوكول جديد على اتّفاقية الأسلحة التقليدية للعام 1980، يحظر استخدام سلاح الفوسفور الأبيض، وذلك استنادًا إلى المادة (8) من اتّفاقية الأسلحة التقليدية للعام 1980، التي أجازت لأي طرف أن يقترح تعديلات على هذه الاتّفاقية، أَو أي بروتوكول مرفق بها يكون ملزمًا به، كما سمحت باقتراح بروتوكولات إضافية تتّصل بأنواع أُخرى من الأسلحة التقليدية التي لم تشملها البروتوكولات المرفقة، وفيما خصّ تعديل بروتوكول الأسلحة الحارقة، فيكون ذلك عبر تعديل تعريف الأسلحة الحارقة الوارد فيه، بحيث يعتمد على خصائص السلاح لا على الهدف من استخدامه، إلّا أنّ الأهم في هذه المرحلة هو التمعن في كيفية استخدام هذا السلاح من قبل الكيان الصهيوني وآثاره المدمّـرة على الإنسان والنبات والحيوان والتربة، بأنه سلاح قتل فتاك وسام يستخدمه الكيان بقصد القتل والإبادة، وعليه، تثبت هنا الجرائم المتعددة المذكورة والمنصوص عليها في النظام الأَسَاسي للمحكمة الجنائية الدولية.

المصادر:

– اتّفاقية حظر الأسلحة الكيميائية للعام 1993.

– البروتوكول الخاص بالأسلحة الحارقة الملحق باتّفاقية الأسلحة التقليدية للعام 1980.

– النظام الأَسَاسي للمحكمة الجنائية الدولية.

* ورقة قانونية صادرة عن مركز الاتّحاد للأبحاث والتطوير

تاريخ الإصدار 15 أُكتوبر 2023

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: القانون الدولی الإنسانی الفوسفور الأبیض إلى الهجمات العشوائیة العملیات العسکریة الفوسفور الأبیض ف الفوسفور الأبیض ا الأهداف العسکریة الجنائیة الدولیة الإبادة الجماعیة ر القانون الدولی السکان المدنیین استخدام الأسلحة الکیان الصهیونی للقانون الدولی الفسفور الأبیض المدنیین أ حظر استخدام الآثار التی ذلک من خلال هذا السلاح ض الفوسفور بشکل مباشر هدف عسکری الحارقة ا ر استخدام ی استخدام یؤدی إلى یمکن أن التی لا أن تکون تعریف ا أضرار ا لا یمکن إل ا أن ا کان ا أ و عند حروق ا ف ــإن ه سلاح فی غزة

إقرأ أيضاً:

“التخاذل العربي والإسلامي” شجع العدو الصهيوني على مواصلة الإبادة في غزة ولبنان

يمانيون – متابعات
يبدو أن المجتمع الدولي وخاصة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة فقد حتى الآن، مصداقيته وقدرته على منع جرائم الكيان الصهيوني والإبادة الجماعية بحق المدنيين في قطاع غزة ولبنان، بينما شجع التخاذل العربي والإسلامي الكيان الغاصب لارتكاب المزيد من المجازر اليومية والإبادة الجماعية في القطاع المحاصر ولبنان.

وقد طالبت العديد من دول العالم والمنظمات الدولية والحقوقية والعديد من الساسة العقلاء في أنحاء العالم، الدول الأعضاء الدائمين بمجلس الأمن، منذ الوهلة الأولى للعدوان الصهيوني على غزة بالتحرك الفوري من أجل منع تطور الأحداث الى الوضع الكائن اليوم، لكن الدول الغربية تعمدت غض الطرف والصمت عما يحدث في غزة في حين غابت المواقف العربية والإسلامية الرافضة للعدوان.

وفي هذ الإطار، أكد القيادي في حركة المقاومة الإسلامية حماس عبد المجيد عوض، أن الخذلان العربي والإسلامي لفلسطين ولبنان شجع الكيان الصهيوني على المضي في عدوانه الواسع.

وقال عوض في تصريحات صحفية الليلة الماضية: “لم نتفاجأ بالموقف الرسمي العربي إزاء المجازر التي يرتكبها العدو بحق كل من فلسطين وغزة كونه انتهى منذ 30 عاما وبالتالي لا يمكن الحديث عن موقف عربي موحد”.

وأوضح أن “الخذلان العربي والإسلامي لفلسطين ولبنان شجع الكيان الصهيوني على المضي في عدوانه الواسع”.

وأضاف: إن “أحد الأسباب التي جعلت الكيان الصهيوني يستبيح الدماء مرتبط بقناعته إلى حد بعيد بعدم وجود رد فعل عربي مناسب للفعل الصهيوني”.

ودعا “الأنظمة العربية إلى اتخاذ مجموعة من الإجراءات ومن المواقف الملموسة والمؤثرة لدعم لبنان وغزة وأبرزها إلغاء كل أشكال التطبيع مع الكيان وطرد سفرائه من الدول التي طبعت معها بالإضافة إلى استخدام ورقة النفط للضغط على “تل أبيب” والحلفاء الذين يدعمونها”.

وأكدت المنظمات الدولية والحقوقية مرارا على ضرورة أن تضطلع هذه الدول بمسئوليتها القانونية والسياسية، وتتقدم لمجلس الأمن بمشروع قرار في إطار البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة لوقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار، وفتح ممرات إنسانية آمنة لتوصيل المساعدات الحيوية فورًا، ووضع حد لاستخدام الكيان الصهيوني الغاصب التجويع كأداة حرب.

ومنذ بدء العدوان الصهيوني، دعمت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن ومعها الدول الغربية بكل ما لديها من قوة سياسية واقتصادية وعسكرية، وكذا بالتصريحات السياسية غير المسئولة التي تؤكد على حق الكيان الغاصب المطلق، غير المشروط باحترام القانون الدولي، في الدفاع عن نفسها وهو ما شجع الكيان.

وتم تعزيز التصريحات الغربية المتواصلة الغير مسؤولة بإرسال أساطيل حربية، في حين باشر جيش العدو الصهيوني عدوانه البربري على المدنيين الفلسطينيين والمدارس والمستشفيات والملاجئ التابعة للأمم المتحدة بالمخالفة لكل القوانين الدولية، مُخلفًا دمارًا هائلاً للبنية التحتية المدنية، ومُحدِثًا مجازر وإصابات مروعة بين صفوف المدنيين بما في ذلك الأطفال والنساء.

بل والأخطر، أن هذا الدعم غير المشروط لم يتراجع حتى بعد تصريحات علانية لقيادات سياسية وعسكرية صهيونية تطالب بالتهجير القسري للمدنيين من غزة، وتتوعد بجرائم إبادة جماعية بحق الفلسطينيين، والذين وصفهم وزير الحرب الصهيوني يوآف غالانت أنهم “حيوانات بشرية”.

وهذا التخاذل العربي والإسلامي حتى عن إدانة الخطابات التحريضية التي تحض على العنف والإبادة ونزع صفة الإنسانية عن الفلسطينيين، كان بمثابة ضوء أخضر ليواصل الكيان الصهيوني جرائم الحرب بحق المدنيين الفلسطينيين في غزة والضفة.

وفي المقابل، لم تتخذ المجموعة العربية أي مبادرة سواء في مجلس حقوق الإنسان أو في مجلس الأمن أو في الجمعية العامة للأمم المتحدة لاستصدار قرار أو توصية بوقف إطلاق النار أو فتح ممرات إغاثة إنسانية.

ولم نشهد موقفا عربياً مُشرفاً من قبل الأنظمة العربية يحمل إجراءات من أجل إدانة جرائم الحرب الصهيونية بحق الاطفال والنساء والشيوخ في القطاع أو في جنوب لبنان والجامع المشترك بين هذه الأنظمة هي سعيها الدائم للتطبيع مع الكيان الصهيوني.

واليوم يقُتل أطفال غزة وأطفال الضفة وأطفال لبنان ولم تبدي الدولة العربية أي موقف أو تحرك يذكر لمحاكمة القتلة ومجرمي الحرب الصهاينة، بل بالعكس شهدنا طمس للوقائع وعدائية للمقاومة قل نظيرها في التاريخ المعاصر وذلك بالرغم من انضمام كافة الدول العربية لاتفاقيات جنيف للعام 1949 دون استثناء، التي توجب على الدول الأطراف ملاحقة مجرمي الحرب (المادة 146 من الاتفاقية الرابعة).

ومنذ بداية العدوان على غزة في السابع من أكتوبر، دأبت فضائيات وقنوات عربية على التركيز على تململ فلسطيني ولبناني بشأن الجدوى من المقاومة، وحرص بعضها على تشويه كلا من المقاومة الفلسطينية واللبنانية وحركة “حماس” والجهاد الإسلامي” وحزب الله اللبناني وتصويرهم على أنهم اداة لإيران في وقت تبدو فيه الأوضاع بحاجة الى أكبر قدر من التماسك والصمود والوقوف صفا في وجه العدوان.

ولوضع الأمور في نصابها، فلا لبنان ولا الفلسطينيون في المقاومة أخذوا موقف الإعلام العربي المتخاذل هذا بعين الاعتبار لمعرفتهم مُسبقاً أن هذا الإعلام في التغطية الحدثية، أو في المواقف والتعليقات يقع في خدمة الأهداف الصهيونية، ويعمل على إضعاف الصمود في وجه العدو الصهيوني ويسعى لترسيخ طريق واضح للتطبيع مع الكيان الغاصب.

وعسكريا، يواصل جيش العدو الصهيوني عمليته العسكرية البرية البربرية لليوم الـ٢٩ بجباليا وبيت لاهيا في شمال قطاع غزة، بينما أفات وسائل إعلام فلسطينية بارتكاب العدو الصهيوني سبعة مجازر ضد العائلات في قطاع غزة وصل منها للمستشفيات ٥٥ شهيدا و١٩٢ اصابة خلال الـ٢٤ ساعة الماضية، لترتفع حصيلة العدوان الصهيوني الى ٤٣٣١٤ شهيد و١٠٢٠١٩ إصابة منذ السابع من اكتوبر ٢٠٢٣.

كما يواصل جيش العدو الصهيوني عمليات القصف المكثف في مخيم النصيرات لليوم الثالث ما أسفر عن استشهاد ٤٥ مواطن واصابة ١٥٠ خلال يومين اضافة إلى تدمير ٢٤٨ وحدة سكنية، فيما نسف جيش العدو مباني سكنية غربي مخيم النصيرات وسط القطاع.

لبنانياً وتزامناً مع تعثر جهود التسوية، يواصل جيش العدو الصهيوني غاراته على مختلف المناطق اللبنانية، مخلفا مئات الشهداء والجرحى ومشردا عشرات الآلاف.
———————————————-
– سبأ: عبدالعزيز الحزي

مقالات مشابهة

  • ياسمين رئيس تكشف تفاصيل إصابتها الخطيرة في فيلم “الفستان الأبيض”
  • القماطي: “عديل الدبيبة” هو مرتكب جريمة القتل في مصراتة اليوم
  • “التخاذل العربي والإسلامي” شجع العدو الصهيوني على مواصلة الإبادة في غزة ولبنان
  • وزارة التربية تطلق مشروع “في مكتبتي أديب” بمدارسها للعام الدراسي 2024-2025
  • ضبط 55 قطعة سلاح ناري بحوزة 48 متهمًا
  • ضبط عامل حول منزله لمصنع سلاح بالفيوم
  • “الكيان الصهيوني” .. من التأسيس إلى بوادر الانهيار
  • بذكرى وعد بلفور.. منظمة التحرير الفلسطينية: نتعرض لأكبر جريمة إبادة
  • لافروف: دول “بريكس” قد وضعت توصياتها بشأن أنظمة الدفع البديلة
  • حزب الله ينفي ما نشرته قناة “الحدث” بشأن الاعتداء الصهيوني في منطقة البترون.. ويصدر هذا البيان