ذكر محلل إستراتيجي إسرائيلي أن إسرائيل والولايات المتحدة ستخوضان نفس الحرب معا لأول مرة، لذلك طلبت واشنطن من إسرائيل الانتظار قبل شن الهجوم البري على غزة، موضحا أن الحكومة والجيش الإسرائيليان يعلمان بأنه من دون هذه الشراكة سيكون هناك صعوبة في مواجهة حرب متعددة الجبهات.

وأشار الكاتب رون بن يشاي في مقال نشرته صحيفة "يديعوت أحرونوت" إلى أن الجيش الإسرائيلي جاهز للتوغل العسكري في القطاع، ولكن طُلب منه الانتظار لسببين: أولهما محاولة الإفراج عن الأسرى الذين أصبحوا قضية دولية، والثانية على خلفية الهجمات من اليمن والعراق وسوريا، والتي فهم منها الأميركيون أنهم أصبحوا جزءا من معركة واسعة، وهم يطلبون من إسرائيل الانتظار إلى حين نشر قواتهم البحرية وبطاريات الصواريخ في المنطقة.

ورأى بن يشاي أن الوضع القتالي للجيش الإسرائيلي في جميع الحلبات شهد تحسنا ملحوظا، ففي الجنوب يقف الجيش الإسرائيلي على أهبة الاستعداد لدخول بري بعد إتمام التدريبات، بالتوازي مع غارات جوية مكثفة من شأنها تخفيف الخسائر البرية، مع جمع معلومات استخبارية بخصوص الأسرى، والهدف هو التمكن من ضرب قادة التنظيمات وبناها التحتية في أقل زمن وخسائر ممكنة.

أما في الشمال على الحدود اللبنانية فيرى أن التقديرات تشير إلى عدم وجود مصلحة للإيرانيين أو لحزب الله في هذه المرحلة للمخاطرة بدمار لبنان، فقط لمجرد تخفيف الضغط عن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في غزة، على حد تعبيره.

وأشار الكاتب إلى وجود استعدادات إسرائيلية للتعامل مع أي تصعيد محتمل في الضفة الغربية من جانب المقاومة الفلسطينية هناك أو في مواقع التواصل الاجتماعي، وذلك بالتوازي مع بدء الهجوم البري في غزة.


تأخير الهجوم البري

ولفت إلى أن المسألة الأميركية تُعتبر الأهم بالنسبة لإسرائيل، لأن واشنطن تطلب من إسرائيل الانتظار في مسألة الدخول إلى غزة إلى حين إتمام التجهيزات والنظر في مدى نجاح الوساطات للإفراج عن الأسرى والمحتجزين في غزة، وهنا أوضحت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن لإسرائيل أن موضوع الأسرى ليس إسرائيليا فحسب، وبالتالي لا تستطيع إسرائيل أن تقرر وحدها وفقا لتقديرات مصلحتها، لأن الحديث يدور عن محتجزين يحملون جنسيات أجنبية -أميركية أو غيرها- وهنا يتفق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مع هذا التبرير، على عكس عدد من وزرائه.

ورأى الكاتب أن الاعتبار الثاني في تأجيل الهجوم البري هو الطلب الأميركي بتمكين قواتهما من إتمام التجهيزات لحرب إقليمية، بدأت في الأسبوع الماضي، وبالتالي فإن الحرب التي بدأت في 7 أكتوبر/تشرين الأول مختلفة عن سابقاتها، بأن إسرائيل والولايات المتحدة تعملان معا بشكل مشترك ومنسق.

أما تقسيم الأدوار فهو بسيط: إسرائيل تُجابه الأعداء على حدودها، أما أميركا فتدير الحرب ضد وكلاء إيران، أو ضد إيران لو قررت الدخول في الحرب بنفسها، ولهذا الغرض أرسل الأميركيون قوات تنفيذ مهام، وحاملتي طائرات للعمل في البحر المتوسط والبحر الأحمر والمحيط الهندي والخليج العربي.

وأوضح أن الإيرانيين فهموا قبل أسبوع أن هذا هو تقسيم العمل، ولذلك طلبوا من وكلائهم أن ينشطوا في اليمن من خلال الحوثيين وكذلك في كل من العراق وسوريا، والهدف هو المساس بالسفن والجنود الأميركيين في كافة أنحاء الشرق الأوسط.


حرب إقليمية

ورأى الكاتب أن الأميركيين توقعوا بشكل صحيح أنهم في خضم حرب إقليمية يدافعون فيها عن قواتهم وعن إسرائيل، ومن الواضح أن واشنطن تتوقع أن هذه المعركة ستتسع بالتزامن مع الدخول الإسرائيلي إلى قطاع غزة، لذلك فإن أميركا طلبت من إسرائيل الانتظار إلى حين نشر بطاريات باليستية من طراز ثاد في المنطقة، ونشر حاملة الطائرات أيزنهاور، المتوقع وصولها إلى هناك خلال أيام.

وخلص الكاتب إلى أن الحاجة الأميركية للتدخل العميق في حرب 7 أكتوبر/تشرين الأول هو التآكل الأخطر في قوة الردع الإسرائيلية"، معتبرا أن هذه الشراكة، التي حصلت بطلب إسرائيل، تتطلب من الحكومة الإسرائيلية وأجهزتها الأمنية الإصغاء إلى النصائح والطلبات الأميركية.

لذلك فإن القيادة العسكرية والسياسية بشكل أساسي اضطرتا ولو على مضض للتجاوب مع طلبات واشنطن، وذلك لمعرفتهم الواضحة أنه من دون هذه الشراكة العملياتية واللوجستية، سيكون من الصعب على إسرائيل الصمود في حرب متعددة الجبهات، لا سيما لو قرر حزب الله وإيران التصعيد لدرجة حرب شاملة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الهجوم البری

إقرأ أيضاً:

جيش المليشيات.. كتاب صادم لضابط إسرائيلي يفضح آلة الحرب الإسرائيلية

نشرت صحيفة هآرتس مقالا للكاتب رونين تال استعرض فيه كتابا باللغة العبرية من تأليف عقيد احتياط في الجيش الإسرائيلي تحت عنوان "السيف سيفتك بطريقة أو بأخرى"، استند فيه إلى مذكراته الحربية.

ومؤلف الكتاب العقيد احتياط عساف هزاني عالم في الأنثروبولوجيا وهو أحد فروع علم الإنسان الاجتماعي. وقد تحدث في كتابه الجديد عن الانهيار العام في جيش الاحتلال والمجتمع الإسرائيلي نتيجة الهجوم الذي شنته حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2إندبندنت: لهذه الأسباب شباب الروهينغا مجبرون على القتالlist 2 of 2يديعوت أحرونوت: 5 أولويات على أجندة نتنياهو في واشنطنend of list روح الانتقام

روى مؤلف الكتاب كيف أن جنديا إسرائيليا مدججا بالسلاح مزّق مصحفا أمام معتقلين من غزة مقيدي الأيدي وهم جلوس في انتظار دورهم في التحقيق.

ولما سأله عن السبب الذي جعله يمزق المصحف، أجاب "أنا أنتقم منهم".

ووفقا لمقال هآرتس، فإن هذه القصة تكشف عن نوازع الانتقام لدى جنود الجيش الإسرائيلي وقادته على حد سواء، وهي روح تسربت أيضا إلى وسائل الإعلام. وتجلّت تلك الروح في توثيق بعض الجنود لحوادث أخرى على وسائل التواصل الاجتماعي، وهو خيار وصفه كاتب المقال بأنه مؤسف وقد لفت انتباه المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، بل ضايق بعض الجنود الذين كانوا يسافرون إلى الخارج.

إعلان

وثمة تعبير آخر عن روح الانتقام هذه تمثل في إقدام الوحدات القتالية على إحراق مناطق في قطاع غزة "من دون أي حاجة عملياتية" لذلك.

وعن تلك القضية، تحدث هزاني في كتابه قائلا "كانت هناك حرائق قوّضت بالفعل قدرتنا على تنفيذ مهام مهنية. وقد افتُعلت حرائق أخرى في محاولة لتحقيق أهداف تتجاوز المهمة الحالية، سواء كان ذلك انتقاما بسيطا أو تدميرا للبنية التحتية التي يمكن استخدامها لإعادة بناء المنطقة في المستقبل".

الشعور بالهزيمة

ويورد رونين تال في مقاله أن كتاب "السيف يفتك بطريقة أو بأخرى" يجمع بين تجارب المؤلف الشخصية وتحليله النقدي مستخدمًا أدوات أنثروبولوجية، تأخذك أحيانًا إلى عوالم نظرية يصعب فك رموزها إذا كنت لا تعرف المصطلحات.

ولم يتطرق هزاني إلى قرار شن الحرب على غزة، ويحرص على عدم الكشف عن تفاصيل العمليات، كما أنه يتجاوز الجدل الذي أدى إلى انقسام في المجتمع الإسرائيلي حول ما إذا كان من الصواب إنهاء القتال من أجل تحرير الأسرى.

لكن تلك الغلالة "من الحزن والأسى والإرهاق" تتخلل الكتاب وتمتزج مع الشعور الذي ينتاب كثيرًا من الإسرائيليين بعد أن "انتهت الحرب بهزيمة"، على حد تعبير مقال هآرتس.

العائلة القتالية

وقد استجلى هزاني -الذي يعمل رئيسا لقسم المناورات الحربية في مركز دادو للدراسات العسكرية المتعددة التخصصات التابع لمديرية العمليات في هيئة الأركان العامة الإسرائيلية- في أطروحته للدكتوراه في الجامعة العبرية بالقدس العلاقة بين التكنولوجيا والفضاء.

وبحسب المقال، فإن بعض التفاصيل الواردة في الكتاب تكاد تكون مثيرة للفضول، مثل قائد الفرقة الذي كان يذهب في بداية الحرب مع حارسين شخصيين في كل مكان، كما لو كان من المشاهير أو رئيس منظمة إجرامية، وهو ما عدَّه هزاني تصرفا مثيرا للاستغراب.

ويروي المؤلف في كتابه أن قادة كبارا في الجيش اصطحبوا أصدقاءهم للبقاء معهم في موقع القيادة أو في مركبة عسكرية، لتقليل الشعور بالوحدة وسط المسؤولية الثقيلة في ساحة المعركة، بل إن أحدهم أحضر شقيقه -وهو ضابط أقل رتبة منه- إلى مركز قيادته.

إعلان

ورأى هزاني أن مثل هذه التصرفات تعطي معنى جديدا لمصطلح "العائلة القتالية"، وهو مصطلح تاريخي لليمين الإسرائيلي.

ولكن المؤلف لا يبدي تحفظات على انضمام أفراد العائلة الواحدة والأصدقاء إلى القتال، ولا يرى في ذلك إضرارا بالعمليات العسكرية. ومع ذلك، فهو ينظر إليها على أنها عرَض آخر من أجواء الانهيار العام في الجيش والمجتمع في إسرائيل كلها، ونتاج لهجوم حماس.

ويورد في كتابه "لقد انهارت البلاد ولم يبق سوى العائلات، بعضها محطم وبعضها يعيد تجميع صفوفه؛ هم من يقاومون كعائلات ومجموعات".

ويحمل أحد فصول الكتاب العنوان "جيش محترف من المليشيات"، وقد أشار فيه الكاتب إلى أن الجيش الإسرائيلي تحول من جيش موحد في خدمة البلاد إلى مجموعة من المليشيات حيث يتجلى ذلك في 3 أمور هي: ثقافة قتالية غير مهنية، ومشاركة المجموعات المدنية في توفير الطعام والمعدات القتالية، ومشاكل انضباطية خطيرة.

ولفت الكتاب إلى أن الجنود درجوا على التقاط صور "سيلفي" ملتقطة ذاتيا باستخدام هواتف ذكية مزودة بكاميرا رقمية، رغم تحذيرهم من أن ذلك سيعرض حياتهم للخطر لأن العدو يمكنه تحديد موقعهم بدقة.

ثمة شكاوى من أن قادة الألوية يبنون إرثهم على ظهور جنود الاحتياط الذين يخدمون تحت إمرتهم.

هوس وشكوك

ولم يكن "الهوس" -برأي هواني- بالتقاط الصور والتصوير بالهاتف يقتصر على الجنود الذين لم يمتثلوا للأوامر، بل يبدو أن المؤسسة العسكرية نفسها لا تعد الأوامر ملزمة، وفق صحيفة هآرتس.

ومن بين القصص اللافتة التي وردت في الكتاب وأضرّت بصورة إسرائيل ما ورد في قيام الجنود بتسريب سر عسكري عن "مشروع مهم للغاية"، لم يورد المؤلف مزيدا من التفاصيل عنه.

ومنها أيضا أن جنودا إسرائيليين التقطوا صورا لأنفسهم وهم يرتدون ملابس داخلية نهبوها من خزائن ملابس النساء الغزيات. وفي أحد المقاطع، يظهر جندي على دبابة وهو يحمل دمية ويرتدي حمالة صدر سوداء وخوذة.

إعلان

ويشير هزاني أيضا إلى الخلافات بين جنود الاحتياط من جهة والمجندين والجنود المحترفين من جهة أخرى، وإلى تراكم الشكاوى من أن قادة الألوية يبنون إرثهم على ظهور جنود الاحتياط الذين يخدمون تحت إمرتهم.

وفي تعليقه على ذلك، يقول رونين تال في مقاله بالصحيفة إن تلك الشكاوى تتناقض مع التقارير "الحماسية" التي يقدمها مراسلو وسائل الإعلام الإسرائيلية عن جيش موحد يقاتل من أجل هدف مشترك.

وطبقا لكتاب هزاني، فإن الشكوك تساور جنود الاحتياط حول أهداف الحرب، وقد تزايدت خلال فترة الهدوء التي تلت صفقة الأسرى الأولى في نوفمبر/تشرين الثاني 2023.

ويبدو -وفق الكتاب- أن ما من شيء أثر على نظرة الجنود إلى الحرب مثل حادثة حي الشجاعية في غزة في ديسمبر/كانون الأول 2023، عندما أطلقوا النار على الأسرى الإسرائيليين ألون شمريز وسامر تالالالكا ويوتام حاييم وأردوهم قتلى ظنا منهم أنهم من الأعداء.

مقالات مشابهة

  • محلل إسرائيلي يتنبأ بمصير المرحلة الثانية من صفقة تبادل الأسرى
  • جيش المليشيات.. كتاب صادم لضابط إسرائيلي يفضح آلة الحرب الإسرائيلية
  • محلل سياسي فلسطيني: نتنياهو لديه رغبة ونية لاسئتناف الحرب بعد حصوله على الضوء الاخضر من ترامب
  • محلل إسرائيلي: لا نملك أي نفوذ في غزة وحماس تسيطر عليها بالكامل
  • رسائل “حماس” الصريحة لتل أبيب والعالم لكسر جانب من هيبة الجيش الإسرائيلي (صور)
  • محلل إسرائيلي: لا نملك أي نفوذ على غزة وحماس تسيطر عليها بالكامل
  • محلل عسكري إسرائيلي: حماس تُسيطر على غزة بشكلٍ كامل و إسرائيل لا تملك أي نفوذ على الحركة
  • محلل عسكري إسرائيلي: حماس تسيطر على غزة بشكل كامل
  • إعلامي إسرائيلي: تل أبيب تسلمت قائمة المحتجزين المتوقع إطلاق سراحهم غدًا السبت
  • ترجيح إسرائيلي بنية نتنياهو التوجه إلى واشنطن بنية استئناف الحرب