انهيار تام لكافة مستشفيات غزة وغلق المسجد الأقصى
تاريخ النشر: 24th, October 2023 GMT
قدمت مذيعة “صدى البلد” رنا عبد الرحمن تغطية عن ما يحدث اليوم في قطاع غزة وهو اليوم الثامن عشر من حرب إسرائيل على غزة، حيث يستمر ارتفاع عدد القتلى مع استمرار القصف الإسرائيلي المكثف، ونتيجة القصف الإسرائيلي، قُتل أكثر من خمسة آلاف شخص، وأصيب أكثر من 14 ألفا بجروح، وجميعهم مدنيون، وذلك منذ 7 أكتوبر.
كما أكد المكتب الإعلامي الحكومي في غزة أن قوات الاحتلال الإسرائيلي تتعمد استهداف المدنيين والسعي لرفع كلفة ضحايا العدوان وهو الذي يعكس إفلاساً سياسياً وأمنياً وعسكرياً لديه، مشيرا الى ان ما يشجع الاحتلال في ذلك حالة الصمت من المجتمع الدولي، وهو ما فتح شهية الاحتلال لمزيد من القتل والدمار وارتكاب المجازر.
واكد المكتب الإعلامي في غزة انه منذ اليوم الأول للعدوان بدأ الاحتلال جريمة إبادة جماعية وتطهير عرقي ضد شعبنا الفلسطيني داخل قطاع غزة، وخلف العدوان الإسرائيلي نحو 23 ألفا ما بين شهيد وجريح، ما يعني شخصاً واحداً من أصل كل 100 شخص في قطاع غزة، قد استشهد أو أصيب.
ايضا ذكرت وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا" أن قوات الاحتلال الإسرائيلي أغلقت ظهر اليوم الثلاثاء، المسجد الأقصى المبارك، ومنعت دخول أي شخص لأداء الصلاة.
ووفق ماذكرته؛ دائرة الأوقاف الإسلامية فإن سلطات الاحتلال ترفض إدخال أي شخص إلى المسجد الاقصى المبارك، بعدما أغلقت جميع أبوابه بشكل مفاجئ.
واكدت أن الاحتلال يفرض تشديدا كبيرا منذ الصباح على دخول المصلين إلى المسجد الأقصى، حيث كان يسمح لكبار السن بالدخول فقط، لكن الاحتلال تراجع عن ذلك ورفض السماح لأي شخص بالدخول، مشيرة إلى أنها المرة الأولى التي يغلق فيها الاحتلال "الأقصى" تماما منذ شهور.
وعلى الجانب الآخر هناك انتقادات حادة يواجهها رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، حيث مثلت عملية "طوفان الأقصى" مفاجأة صادمة للداخل الإسرائيلي، ليس على المستوى العسكري والاستخباراتي فحسب، بل على المستوى السياسي أيضاً.
وكتبت رويترز، في وصف العملية التي أطلقتها المقاومة الفلسطينية، أنها أسوأ اختراق لدفاعات إسرائيل منذ حرب أكتوبرعام 1973، وقالت ان المسؤولية السياسية تقع كاملة على عاتق التحالف الحكومي الذي يقوده بنيامين نتنياهو، وهذا ما تكشف عنه استطلاعات أخيرة، مشيرة إلى أن 80% من الإسرائيليين يُحمّلون رئيس الحكومة مسؤولية ضربة الـ7 من أكتوبر.
وبالفعل يواجه رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، انتقادات حادة، حول الحرب على غزة وملف تحرير الأسرى من يد المقاومة الفلسطينية، وهو ما يُنذر باندلاع أزمة داخلية جديدة تهدد أركان إسرائيل.
ويواجه نتنياهو موجة انتقادات واسعة، يزيد من وطأتها مطالبات عائلات الأسرى الإسرائيليين، الذين تخطى عددهم 213، بالإفراج عن ذويهم المحتجزين لدى المقاومة.
كما يعاني الداخل الإسرائيلي انقسامات حادة وغضبا عارما من الإسرائيليين الثائرين ضد رئيس حكومتهم، بنيامين نتنياهو، وطالت الانقسامات جيش الاحتلال بشأن الدخول البري إلى غزة، إذ كشفت تقارير إعلامية صهيونية بأن “ثلاثة وزراء، على الأقل، يدرسون الاستقالة من حكومة نتنياهو وفرض تحميل المسؤولية عليه”.
وقال موقع صحيفة يديعوت أحرونوت، إن “نتنياهو متردد بخصوص العملية البرية ويعرقل المرحلة التالية، بل ويخشى التورط في الجنوب، وفي الشمال، لافتاً إلى أنه “يمكن لحزب الله أن يشغل الكيان بهذه الطريقة إلى الأبد، ويدفع ثمناً ضئيلاً جداً مقارنة بالثمن الذي تدفعه إسرائيل”.
وكانت الصحيفة كتبت على صفحتها الأولى، أن هناك أزمة ثقة بين نتنياهو و”الجيش” ، مضيفة أنه “بعد 17 يوماً من الهجوم على الكيان الغاصب، بات الكل واقعاً في مصيدة، فرئيس الحكومة (نتنياهو) غاضب على الجيش المتهم برأيه بكل ما حدث، ويجد صعوبة في اتخاذ قرار دخول بري، إلى غزة، وحسب شهود في مقر قيادة الجيش، فإن النقاش هناك ليس مركزاً، وليس هناك من يدير المجهود المدني”.
ايضا تحدث الناطق باسم جيش الاحتلال، عن سجال بخصوص توقيت العملية البرية على قطاع غزة، وأزمة الثقة التي نشأت بين نتنياهو والجيش، وداخل الكابينت المقلص، والموسّع.
فيما علقت صحيفة يديعوت أحرونوت على موضوع الثقة قائلة: “يمكن إعادة بناء المنازل لكن من الصعب إعادة بناء الثقة”، لافتة إلى أن الحرب في غزة ولدت ارتباكاً وخلافاً بين رأس الحكومة والجيش، وخلقت أحداث السابع من أكتوبر أزمة ثقة بين نتنياهو الغاضب على مسؤولي الجيش، الذين يتحملون برأيه الذنب في كل ما حدث.
ومن جانب آخر، يستمر المئات من ذوي الأسرى الإسرائيليين الذين تحتجزهم حماس في التظاهر في تل أبيب، للمطالبة بإطلاق سراح أسراهم في غزة واستقالة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الذي يتهمونه بالفشل الذريع.
وتظاهر مئات من ذوي الرهائن الإسرائيليين، أمام وزارة الدفاع في تل أبيب، حاملين صور أقاربهم الأسرى لدى حماس والفصائل الفلسطينية الأخرى في الهجوم الذي شنته على مناطق بغلاف غزة في 7 أكتوبر الحالي.
ويحمل المتظاهرون لافتات كُتب عليها “حرروا الأسرى... أوقفوا إطلاق النار”، ورددوا هتافات تدعو لتحرير الأسرى.
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي قد صرح بأن حكومته ستستخدم أي وسيلة لتحديد مكان المخطوفين وإعادتهم إلى بلدهم، فيما قال مستشار الأمن القومي الإسرائيلي، تساحي هنجبي، إن قضية الرهائن ستكون جوهر أي نقاش لإدخال المساعدات الإنسانية لقطاع غزة.
ومن تفاصيل الأوضاع في غزة وإسرائيل دعونا ننتقل إلى الرئيس الأمريكي الأسبق، باراك أوباما، والذي انتقد قرار إسرائيل بقطع الإمدادات عن قطاع غزة المحاصر، في خضم الحرب التي تشنها على حركة حماس، محذرا من التداعيات الخطيرة التي ينطوي عليها هذا القرار.
وجاء تحذير باراك أوباما خلال مقال نشره في منصة التواصل الاجتماعي "ميديام" بعنوان "أفكار عن إسرائيل وغزة"، ليل الاثنين الثلاثاء.
وقال أوباما الذي تولى رئاسة الولايات المتحدة بين عامي 2009-2017 إن "قرار الحكومة الإسرائيلية بقطع الغذاء والماء والكهرباء لا يهدد فقط بتفاقم الأزمة الإنسانية، فمن الممكن أن يؤدي أيضا إلى تصلب التوجهات الفلسطينية لأجيال".
وأكد أن القرار يمكن "أن يفضي أيضا لتآكل الدعم الدولي لإسرائيل، وهو ما قد يصب في مصلحة أعداء إسرائيل، ويقوض الجهود الطويلة المدى لتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة".
وعن الهجوم البري المحتمل لقطاع غزة، قال الرئيس الأمريكي الأسبق إن العالم كله يراقب الأحداث التي تتوالى عن كثب، مشيرا إلى أن أي استراتيجية عسكرية إسرائيلية تتجاهل الخسائر البشرية قد تجلب نتائج عكسية في نهاية المطاف.
وقال إن الآلاف من الفلسطينيين قتلوا خلال القصف في غزة، وبينهم الكثير من الأطفال، وأُجبر مئات الآلاف من السكان على النزوح عن منازلهم. وجدد أوباما في مقاله دعمه لحق إسرائيل في الدفاع عن مواطنيها بعد الهجوم الذي شنته حماس في 7 أكتوبر.
وقال إنه يقدم دعمه الكامل للرئيس الأمريكي الحالي، جو بايدن، في دعم إسرائيل لملاحقة حماس، وتفكيك قدراتها العسكرية وإعادة مئات المحتجزين في غزة.
لكن أوباما استدرك قائلا إنه "حتى مع دعمنا لإسرائيل، فيجب أن نكون واضحين في كيفية خوضها لهذه المعركة مع حماس". ولفت إلى ما قاله بايدن "مرارا بأن الاستراتيجية الإسرائيلية يجب أن تلتزم بالقانون الدولي، بما في ذلك القوانين التي تسعى لتجنب موت المدنيين وإصابتهم قدر الإمكان".
ومع ذلك، قال إن "المهمة صعبة، فأي حرب مأساوية دائما، وحتى مع وجود أكثر العمليات العسكرية حذرا في التخطيط، يتعرض المدنيون غالبا للخطر".
وشهد عهد أوباما حربين على قطاع غزة شنتهم اسرائيل عامي 2012 و2014.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: غزة المسجد الأقصى بنیامین نتنیاهو رئیس الوزراء قطاع غزة إلى أن فی غزة
إقرأ أيضاً:
ترامب ينوي إنشاء معبد يهودي في المسجد الأقصى
يلقي اسم الرئيس الأميركي دونالد ترامب ظلالًا ثقيلةً على مدينة القدس بالنظر إلى رصيده السيئ في هذا الملف الحساس، حيث كان ترامب أول رئيس أميركي يعلن رسميًا اعتراف بلاده بالقدس عاصمةً لإسرائيل، ويقرر تنفيذ قرار نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس نهاية عام 2017.
ترامب لم يُخفِ يومًا تأييده المطلق لإسرائيل لدرجة أنه كان يهاجم اللوبيات اليهودية في الولايات المتحدة الأميركية لتلكُّئِها في دعمه، قائلًا: إنه لو ترشح في الانتخابات في إسرائيل فسيفوز حتمًا، وأنه محبوب في إسرائيل أكثر منه في الولايات المتحدة.
واليوم، ومع عودة دونالد ترامب المرتقبة إلى البيت الأبيض، فإن الصورة السوداوية التي مثلتها فترته الرئاسية الأولى باتت تخيم من جديدٍ على أجواء المدينة المقدسة الملبدة أصلًا بأجواء الحرب التي تجري في المنطقة منذ أكثر من عام، مع ما غيّرته السنوات التي سبقت الحرب على صعيد الحكومة الإسرائيلية التي باتت بيد تيار الصهيونية الدينية.
وهذا التيار في طريقه الآن للسيطرة على بقية المفاصل الأمنية لإسرائيل، خاصةً بعد إقالة غالانت والتسريبات التي نشرها موقع (واللا) الإسرائيلي عن نية نتنياهو إلحاق رئيس الأركان ورئيس الشاباك به.
بالرغم من كون الفروقات بين الحزبين: الديمقراطي والجمهوري، فيما يتعلق بمبدأ دعم إسرائيل، شبه معدومة، فإنه ينبغي الاعتراف أنه عندما يتعلق الأمر بطريقة دعم إسرائيل فإن هناك اختلافات جوهرية بين الطرفين.
فالديمقراطيون يعتبرون أن من واجبهم الحفاظ على إسرائيل حتى من نفسها، وبالتالي فإن نظرتهم إلى التيار اليميني الصهيوني الديني المسيطر حاليًا على إسرائيل نظرةٌ سلبية عمومًا، إذ يرون في هذا التيار خطرًا على مشروع إسرائيل نفسه.
أما الحزب الجمهوري فإنه اليوم بات تحت سيطرة التيار الأنجيليكاني الخَلاصي الذي يرى في تيار الصهيونية الدينية الإسرائيلي حليفًا وثيقًا له، وواحدًا من الجهات التي تشاركه جزءًا مهمًا من المبادئ الدينية التي يؤمن بها هذا التيار، وهذا ما يلقي بظلاله على رؤيته وقراراته السياسية، وهذه مسألة ينبغي عدم تجاهلها عند تقييم مقاربات هذه المجموعات الأيديولوجية سواء على صعيد السياسة الخارجية الأميركية أو السياسة الداخلية الإسرائيلية.
بموجب ذلك فإن انتخاب ترامب وعودته إلى البيت الأبيض يعنيان بالدرجة الأولى أن ملف القدس سيعود للواجهة من جديد، فترامب كان منذ بداية الحرب يرى أن قرار إنهاء الحرب الحالية يجب أن يكون بيد نتنياهو الذي عليه أن "يفعل ما عليه فعله بسرعة" حسب تعبير ترامب.
كما أيّد ترامب كافة الإجراءات التي قامت بها الحكومة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية وفي لبنان دون تحفظ، وأما قيادة الحزب الجمهوري في الكونغرس فقد استضافت الحاخام تساحي مامو عرَّاب أسطورة "البقرة الحمراء" ضيفَ شرفٍ في نهاية يناير/ كانون الثاني الماضي خلال أداء ما يسمى "يوم الصلاة الوطني" بمتحف الكتاب المقدس في واشنطن.
ترامب ذاتُه يقدم نفسَه باعتباره رجلًا متدينًا ومبعوثًا لتنفيذ الإرادة الإلهية، ففي خطاب فوزه الذي ألقاه في فلوريدا ذكر حادثة محاولة اغتياله في الثالث عشر من شهر يوليو / تموز الماضي، قائلًا: (أخبرني الكثير من الناس أن الله أنقذ حياتي لأجل سبب، وهذا السبب هو أن أنقذ بلادنا وأعيد عظمة أميركا).
وهو في ذلك يرى نفسه صاحب رسالة إلهية محددة، وبذلك يرى في ذاته ترجمةً لما يؤمن به التيار الديني المسيحي الخلاصي الذي يعتبر النواة الصلبة لمؤيديه، وهذا الأمر يعني أن ترامب سيعطي على الأرجح هذا التيار مساحةً واسعةً للحركة في فترة حكمه الثانية، وذلك سيؤدي بالضرورة إلى تقوية تيار الصهيونية الدينية الحليف له في إسرائيل بشكل أكبر.
فالأمر لم يعد في إسرائيل يتعلق بحزب الليكود القديم برئاسة نتنياهو الذي لم يعد يتمكن من التحرك خارج الحدود التي رسمها له تيار الصهيونية الدينية الداعم الأهم له في إسرائيل، بل سيكون لتيار الصهيونية الدينية قوة مضاعفة في هذه المرحلة تحت حكم ترامب على أرجح تقدير.
هذا الأمر يأخذنا إلى مركزيةِ قضيةِ الأماكنِ المقدسة في القدس ضمن هذا الصراع، فالحليف الأقوى لنتنياهو وترامب في إسرائيل، أي تيار الصهيونية الدينية، يرى أن قضية الأماكن المقدسة وتحديدًا المسجد الأقصى المبارك تعتبر بالنسبة له قضيةً مبدئيةً جوهريةً لا يمكن أن يتنازل فيها عن هدفه المعلن بتأسيس معبدٍ يهودي في المسجد الأقصى، ولا يوجد ما يمكن أن يشير إلى أن ترامب لن يكون داعمًا لهذا التوجه بعد أن وضع القدس "خارج الطاولة" كما كان يقول عندما اعترف بالقدس عاصمةً لإسرائيل عام 2017.
ولا ننسى هنا أن صهر ترامب، جاريد كوشنر عراب ما كان يسمى "صفقة القرن"، كان من أشد المنادين بفكرة فتح المسجد الأقصى المبارك "لجميع المؤمنين" لأداء الصلوات على حد تعبيره، وغني عن القول هنا أن هذا التعبير يشير في الحقيقة إلى فتح المسجد الأقصى لصلاة اليهود تحديدًا بحريةٍ كاملةٍ، وهو ما يقوم بتنفيذه حاليًا زعماء تيار الصهيونية الدينية وعلى رأسهم بن غفير وشرطة الاحتلال على قدم وساقٍ، في مقدمةٍ لبناء معبدٍ داخل المسجد والسيطرة عليه بالكامل.
كما أن التيار المسيحي الخلاصي الذي يسيطر حاليًا على الحزب الجمهوري في الولايات المتحدة ليس بعيدًا بدوره عن هذه التوجهات والمطالبات، فرجل الدين المسيحي المتطرف جون هاغي – على سبيل المثال – يعد أحد الأصوات المنادية علانيةً بتحقيق بناء المعبد الثالث في مكان المسجد الأقصى المبارك لتسهيل "نزول المسيح المنتظر"، وهذا الشخص يعتبر من أكثر رجال الدين نفوذًا في تيار المحافظين الجدد بالحزب الجمهوري الأميركي، وكان يُدعَى باستمرار إلى البيت الأبيض في فترة رئاسة ترامب الأولى، وهو ذو كلمةٍ مسموعةٍ بين مؤيدي هذا الحزب.
وليس ذلك فقط، فـ "هاغي" يدعو علانيةً لإقامة إسرائيل الكبرى على أراضي مصر، والأردن، ولبنان، وسوريا، والسعودية، والعراق، والكويت، ولا يخجل من التبشير بقرب تحقق ذلك في عصرنا الحالي.
السؤال الذي يطرح نفسه هنا بعد كل هذا: ما الذي يمنع دونالد ترامب المدعوم من أقطاب اليمين الديني المتطرف في الولايات المتحدة وإسرائيل من أن يعلن وضع المسجد الأقصى المبارك أيضًا "خارج الطاولة" كما فعل عام 2017 في ملف القدس؟ وما الذي يمكن أن يمنعه من إعطاء الضوء الأخضر لتيار الصهيونية الدينية الإسرائيلي لينفذ رؤيته في المسجد الأقصى الذي اعترف ترامب أصلًا بأنه يقع تحت السيادة الإسرائيلية؟
في الحقيقة لا يوجد ما يمنعه من كل ذلك؛ لأنه ببساطة مَدِينٌ الآن لأفراد وأقطاب هذا التيار بإيصاله إلى البيت الأبيض. ولا ننسى هنا على سبيل المثال أن المليارديرة الإسرائيلية الأميركية ميريام أديلسون قدمت وحدها لحملة ترامب الانتخابية مبلغ 95 مليون دولار، وهذه السيدة وزوجها المتوفى كانا من أشد الداعمين لنقل السفارة الأميركية إلى القدس، وكان زوجها مؤسس ومالك صحيفة (يسرائيل هيوم) الناطقة تقريبًا باسم بنيامين نتنياهو، بل كانت أديلسون قد اقترحت على ترامب أن تكون أكبر داعم لحملته الانتخابية بشرط موافقته على ضم إسرائيل الضفة الغربية بالكامل في حال فوزه بالرئاسة.
هذا النوع من الداعمين هم الذين سيستند إليهم ترامب في بداية عهده الجديد، ولذلك فإنه لا يوجد أشد سعادة اليوم بفوز ترامب من تيار الصهيونية الدينية في إسرائيل، إذ ضَمِنَ هذا التيارُ الآن دعمًا ثابتًا لبقائه في حكومة نتنياهو الذي لا يقل سعادةً بدوره بهذا الفوز، لدرجة أنه كان أول شخصية سياسية تهنئ ترامب علنًا عبر حسابه في موقع إكس، واعتبر أن هذا الفوز "نصر عظيم".
ما حدث في البيت الأبيض سيكون له انعكاسه الكبير لا شك على مدينة القدس والأماكن المقدسة فيها، وعلى رأسها المسجد الأقصى المبارك، بل وسيمتد ليشمل الضفة الغربية ككل، وينبغي على الشعب الفلسطيني في القدس وفي الضفة الغربية أن يتحضر لموجةٍ عاتيةٍ من محاولة فرض السيادة الإسرائيلية الكاملة سواء على المدينة المقدسة أو على المسجد الأقصى نفسه، أو حتى الضفة الغربية بالكامل، وبدعمٍ مطلقٍ غير مقيدٍ من إدارة ترامب القادمة، وعليه الاستعداد لاحتمال توسيع الصراع في المنطقة لا وقفه.
فاليوم لن يواجه الفلسطينيون تيار الصهيونية الدينية الإسرائيلي وحده بكل الأجهزة الأمنية التي بات يسيطر عليها، بل سيواجهون معه ترسانة المحافظين الجدد والتيار المسيحاني الخلاصي في الولايات المتحدة الذي لا يقل هَوَسًا دينيًا عن بن غفير وسموتريتش إن لم يتفوق عليهما.
الأيام القادمة حُبلى بضغطٍ هائلٍ سيسعى لتنفيذ أجندة هذه التيارات الخطيرة، إلا لو كان الردع الشعبي على الأقل حاضرًا بقوةٍ في مواجهة هذا المشروع، تمامًا كما كان الأمر بعد أن أفشلت الشعوب مشروع "صفقة القرن"، وأفرغت قرار الاعتراف بالقدس عاصمةً لإسرائيل من مضمونه، وبعد أن خاضت أربع مواجهات كبرى في القدس والأراضي الفلسطينية رغم كل جهود تطويع الإرادة الشعبية وترهيبها سواء من الاحتلال أو من حلفائه.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية