دعا الخبير الاقتصادي بالسودان، الدكتور عبدالعزيز الزبير باشا، أحد المرشحين المستقلين لرئاسة الحكومة السودانية، إلى التكامل الاستراتيجي بين مصر والسودان في كافة المجالات من خلال خطط واقعية مدروسة تضع المصالح المشتركة لشعب وادي النيل في شماله وجنوب في أولوية الاهتمام.

مؤتمر صحفي اليوم

وأكد الزبير، في مؤتمر نظمه مركز أبو وضاحه للخدمات الصحفية للحديث حول الراهن السياسي والاقتصادي بالسودان، أنّ الأزمة الأخيرة وحرب 15 أبريل، تدعو إلى ضرورة التفكير العميق نحو التكامل مع مصر في كافة المجالات من خلال استراتيجية واضحة المعالم سواء من الناحية الاقتصادية أو التجارية أو الصناعية،  ليس لوجود التصاهر الاجتماعي بين الشعبين فقط ولكن للحفاظ على الروابط الجياشة التي تجمع الشعبين، مشيدا بموقف مصر قيادة وحكومة وشعبا الداعم للسودان والشعب السوداني.

السودان يحتاج لإرادة حقيقة

وأوضح أن السودان يحتاج إلى ارادة حقيقية وطنية خالصة ترتقي وتغلب المصلحة الوطنية على المصالح الحزبية والشخصية والقبلية دون النظر والسعي الى تنفيذ أجندات خارجية، مؤكدا أنّ السودان في حاجة إلى مصالحة حقيقية دون النظر إلى التنازلات التي يمكن أن تقدمها التيارات والاحزاب السياسية للحفاظ على مقدرات ومؤسسات الدولة، وشدد على أنه يدعم القوات المسلحة السودانية.

تخطيط في مختلف القطاعات

ودعا الزبير إلى تبني خطط استراتيجية محددة في مجال الصناعة والاقتصاد والانتقال من المركزية في إنشاء المصانع والكيانات الاقتصادية الى التوسعة والانتشار في كافة الولايات حتى لا تحدث تراجعات على المستوى الاقتصادي والخدمي مثلما حدث بعد 15 أبريل الماضي بسبب الاقتصار في مجال التصنيع على الخرطوم فقط دون غيرها من الولايات.

وطالب بتشكيل مجلس أعلى للقوات المسلحة وإعلان حالة الطوارئ للسيطرة على مهددات الدولة السودانية وإنشاء جهاز للمخابرات العامة وتشكيل المحكمة الدستورية العليا. كما دعا إلى إنشاء صندوق للإصلاح والإنتاج للنهوض لإعادة إعمار ما دمرته الحرب والنهوض بالناحية الاقتصادية والاجتماعية للمجتمع بالسودان.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: السودان مصر التخطيط الصناعة

إقرأ أيضاً:

السلاح خارج السيطرة: خطر المليشيات على سيادة الدولة السودانية

تُعتبر قضية المليشيات المسلحة واحدة من أكبر التحديات التي تواجه الدولة السودانية اليوم، لا سيما في ظل الحرب المستعرة التي تعصف بالبلاد وتعيد تشكيل موازين القوى داخلها. تُبرز تصريحات قائد "كتائب البراء بن مالك"، المحسوبة على التيارات الإسلامية والمقاتلة ضد قوات الدعم السريع، خطورة الوضع الراهن. هذا القائد، بإعلانه رفض التفاوض وتمسكه باستمرار القتال، يعكس ملامح أزمة أعمق تتعلق بدور المليشيات المسلحة في تحديد مصير البلاد، وهو دور يتجاوز في خطورته إطار المواجهات العسكرية، ليهدد بنية الدولة واستقرارها على المدى البعيد.
وجود المليشيات المسلحة خارج نطاق السيطرة المركزية للدولة يمثل تقويضاً مباشراً لسيادتها. فحينما تصبح هذه الجماعات قادرة على اتخاذ قرارات مصيرية، مثل استمرار الحرب أو وقفها، فإن هذا يعكس ضعف الدولة وانقسامها أمام أطراف متعددة تملك السلاح والنفوذ. المليشيات في السودان ليست مجرد أدوات قتالية بل باتت جهات مستقلة تمتلك أجنداتها الخاصة، مدفوعة بحسابات سياسية وأيديولوجية واقتصادية. هذا الوضع يعزز استدامة الصراع ويحول دون تحقيق السلام، حيث يصبح لكل مليشيا مصالحها الخاصة التي تجعل من الصعب الوصول إلى حلول توافقية شاملة.
الخطورة الأكبر تتمثل في استدامة وجود هذه المليشيات حتى بعد انتهاء الحرب. التاريخ السوداني مليء بالأمثلة على اتفاقيات سلام تضمنت وعوداً بنزع السلاح ودمج أفراد المليشيات في الحياة المدنية. مع ذلك، غالباً ما ظلت هذه الوعود حبراً على ورق. فالسلاح بالنسبة للمليشيات ليس مجرد أداة للقتال، بل وسيلة للنفوذ والبقاء. وعليه، فإن أي حديث عن إنهاء الحرب دون معالجة حقيقية لهذه الأزمة سيكون ضرباً من الوهم. استمرار وجود المليشيات المسلحة يشكل تهديداً دائماً لاستقرار الدولة، إذ يمكن أن يعيد إشعال الصراعات في أي لحظة أو أن يُستخدم لفرض شروط سياسية بالقوة، وهو ما يعيد البلاد إلى دائرة العنف وعدم الاستقرار.
التصريحات الصادرة عن قادة المليشيات، مثل "كتائب البراء"، تُبرز حقيقة أن هذه الجماعات لا ترى نفسها مجرد أدوات عسكرية بل جهات فاعلة سياسياً، تسعى لضمان موقع لها في المشهد السوداني المستقبلي. هذا الدور المتنامي للمليشيات المسلحة يضعف سلطة الجيش النظامي ويؤسس لحالة من تعدد مراكز القوة العسكرية، وهو أمر يزيد من تعقيد المشهد السوداني. حتى في حال توقفت الحرب، سيظل وجود هذه المليشيات عقبة رئيسية أمام بناء دولة مدنية مستقرة، ما لم يتم نزع سلاحها بصورة منهجية ووضع حد لتأثيرها على القرارات الوطنية.
معالجة هذه الأزمة تتطلب خطة شاملة تتجاوز الحلول المؤقتة. يجب أن تبدأ بإصلاح الجيش ليصبح مؤسسة وطنية تمثل جميع السودانيين، بعيداً عن الولاءات السياسية أو الجهوية. كما أن هناك حاجة ملحة لعملية نزع سلاح منظمة وفعالة، تتضمن ضمانات للمقاتلين وبدائل اقتصادية تساعدهم على الاندماج في المجتمع. ولتحقيق ذلك، يجب أن تكون هناك إرادة سياسية قوية تدعمها قوانين صارمة تمنع حمل السلاح خارج إطار الدولة، مع آليات واضحة للمساءلة. هذه الخطوات يجب أن تترافق مع جهود وطنية للمصالحة الشاملة، بحيث يشعر الجميع بأنهم جزء من مستقبل البلاد، وأن حمل السلاح لم يعد ضرورة لتحقيق الأمن أو النفوذ.
الدور الإقليمي والدولي سيكون حاسماً أيضاً في دعم السودان للتخلص من هذه الأزمة. المجتمع الدولي مطالب بتقديم المساعدة في نزع السلاح وإعادة الدمج، إلى جانب الضغط على الأطراف المختلفة لوقف الدعم الذي تتلقاه المليشيات من الخارج. كما أن تحقيق الاستقرار يتطلب تعاوناً إقليمياً لضمان عدم استخدام السودان كساحة لتصفية الحسابات أو لتمرير أجندات خارجية.
في نهاية المطاف، فإن استمرار المليشيات المسلحة كجهات مستقلة يعني بقاء السودان في دائرة الخطر. هذه الجماعات ليست فقط جزءاً من المشكلة الحالية، بل تمثل تهديداً مستقبلياً لأي أفق سلام واستقرار. إذا لم يتم التعامل مع هذه القضية بحزم، فإن السودان سيظل رهينة للصراعات المسلحة والفوضى. معالجة أزمة المليشيات تتطلب رؤية شاملة وإرادة وطنية حقيقية لضمان عودة الدولة إلى مسارها الطبيعي كجهة وحيدة محتكرة للسلاح والقوة، وهو ما يعد شرطاً أساسياً لأي سلام دائم ومستقبل أفضل للسودان.

zuhair.osman@aol.com  

مقالات مشابهة

  • خبير اقتصادي: زيادة الحد الأدنى للأجور مطلب جماهيري عادل رغم التضخم
  • خبير اقتصادي يكشف دلالة زيادة حصة مصر في صندوق النقد الدولي (فيديو)
  • اتفاقيات السلام السودانية (1972-2020)
  • تشخيص الذهنية السياسية السودانية والحلول الممكنة
  • لماذا لم يهتم الإعلام العالمى بالسودان ؟
  • خبير اقتصادي: قمة مصر وقبرص واليونان مفتاح تطوير الاستثمارات في المنطقة
  • خبير اقتصادي: القمة «المصرية اليونانية القبرصية» تزيد حجم الاستثمارات
  • خبير اقتصادي: الدولة تهتم بتنفيذ التوزيع العادل للموارد وتتوسع في برامج الدعم
  • السلاح خارج السيطرة: خطر المليشيات على سيادة الدولة السودانية
  • مصر.. خبير اقتصادي يعلق على زيادة الدين 800 مليار جنيه في 3 أشهر