جريدة الرؤية العمانية:
2024-07-02@01:00:58 GMT

أطفال غزة.. وا أسفاه!

تاريخ النشر: 24th, October 2023 GMT

أطفال غزة.. وا أسفاه!

 

مدرين المكتومية

آلام مُبرحة تقطّع أوصالي كل صباح، مُعاناة نفسية تُمزِّق وجداني، صرخات وآهات مكتومة مخنوقة محبوسة في صدري، فما يحدث في غزة ليس سوى حرب إبادة جماعية وجريمة تطهير عرقي مع سبق الإصرار والترصُّد، والعالم قد وضع في فمه أطناناً من القطن، وسد آذانه عن صرخات الأمهات الثكلى، والأطفال الأيتام، والرجال الذين يبكون.

. وما أدراك ما بُكاء الرجال.

اعتدتُ على تصفح الأخبار فور استيقاظي في الصباح، فلا أجد سوى جثامين الأطفال، وضحايا القصف المتوحش الهمجي على رؤوس الآمنين في بيوتهم من المدنيين.. كل ذلك يدفعني للشعور بسخط كبير وبرغبة شديدة في عدم ترك الفراش والذهاب للحياة الروتينية التي أعيشها.

الأحداث من حولنا تؤثر سلبياً على الكثير من التفاصيل التي نعيشها، ربما يشعر الفرد منَّا بأنَّ هذه الحياة برغم جمالها وروعتها لا تستحق كل هذا الجري والبحث عن اللامعلوم، إن هذه الرحلة التي يختارها شخص منَّا يشعر أن لا داعي لها، فيكفي أننا نمتلك نعمة الأمن والأمان التي لا تُقدر بثمن.

دائمًا ما كنت أفكر فيما يخلفه الدمار، فالكأس المكسور لا يمكن إصلاحه، كذلك الحال مع البشر، فشعور طفل يعيش كل يوم تحت وطأة الخوف حتى وإن حصل على فرصة الحياة من جديد فسيظن بالتأكيد أن الطمأنينة كمين، يكفي أن يعتاد على النوم وهو خائف لأن يظل طوال حياته يعاني من عقدة الخوف، تلك العقدة التي لن تخلف بالتأكيد إلا شاباً لا يملك في الحياة ما يخسره وبالتالي لا تصبح الأشياء التي نراها نحن مهمة ضمن دائرة اهتماماته.

عندما أكتب هذا الكلام، فإنني أود أن أقول لكم... إنني في هذه اللحظة التي كتبت فيها هذا المقال لم أكن قادرة على الكتابة وهو شعور طبيعي، لأننا ورغم انغماسنا في غرف الأخبار وصالات التحرير، لكننا نفسيًا "خارج نطاق التغطية"؛ أي كل شيء معه مغلق لا يقوى على أي شيء في الحياة ولا الحديث مع أحد، وربما لا يريد سوى مساحة خاصة يكون فيها بمفرده.

نحن نعيش وسط صراعات داخلية ونفسية قبل كل شيء، ناهيك عن الصراعات الخارجية التي تشغل الكثير من محيطنا كالذي يحدث الآن في  غزة، فالصور والمقاطع المنتشرة تُفاقم معاناتنا، لأن الفرد فينا لو تخيل للحظة فقط أنه يعيش تلك الحياة في غزة فسيجد نفسه بالفعل يتمزق داخليًا، وبالتالي أعتقد أن الكثير من هذه التفاصيل يمكنها أن تخلف حالة غريبة لدى أي شخص يتعمق ويتأثر بها.

الحالة التي أتحدث عنها، هي الحالة التي يتساوى فيها كل شيء لدى الإنسان على خط واحد، يشعر ولا يشعر في نفس الوقت، وكأنه يقطع طريقًا مستقيمًا بين جدارين لا يعرف أين النهاية لكنه يسلكه.

في تلك اللحظات العصيبة، لا نستطيع التفكير، نشعر بالإحباط الشديد في كل ما يُحيط بنا، نتراجع عن التقدم إلى الأمام، نشعر دائمًا أننا نسير نحو الوراء، لا نرى، نُصاب بالعمى العاطفي والوجداني، تتجمد قلوبنا من شدة ما نلاقيه من مآسٍ وحزن. ورغم ما نجده من اكتئاب وتجمّد أمام شاشات التلفاز وقنوات البث المباشر والسوشال ميديا التي تعج بالأخبار والفيديوهات والصور التي تكشف وقاحة العدو الإسرائيلي ودناءته وخسته وجُبنه أيضًا، إلا أننا نتحلى بإيمان صادق بأن وعد الله حق، وأن النصر حليف المظلوم، وأن المقاومة يومًا ستنتصر، وأن الصهاينة إن آجلا أو عاجلا، سيرحلون عن بلاد العرب، وسيتفرقون في الأرض، ويعودون لسنوات التيه والضياع والهلاك بين الأمم.

تحية فخر وإعزاز إلى المُرابطين في الثغور، وإلى الصامدين في وجه عدوان قبيح غاشم، وإلى الصابرين على فواجع الموت والاستشهاد وفقد الأحبة.. تحية لكل صاحب كلمة حق، صدح بها، في وقتٍ عزَّ فيه قول الحق، وخزيٌ وعارٌ لكل من تواطأ وتآمر وبرر ودافع عن البربرية الإسرائيلية، ويا أسفًا على دول أوروبا التي كُنّا نظن أن حكوماتها هي بالفعل حكومات مُدافعة عن حقوق الإنسان، لكن تبيّن لنا أنها أول من ينتهك هذه الحقوق، وسُحقًا وهلاكًا للعدو الإسرائيلي الجبان، قتلة الأطفال والرُضّع، عديمي الإنسانية.

وختامًا.. قلبي ووجداني وعقلي مع غزة.. مع فلسطين.. مع القدس الشريف.. وطوبى لجُند الله في كل مكان.. فهُم المنصورون بإذن الله.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

أجمل يوم لم يأتِ بعد!

 

د. محمد بن عوض المشيخي **

 

أجمل ما في هذه الحياة أن نعيش ونحيا بالأمل الذي يعني لنا المستقبل المشرق والذي من خلاله نودع الماضي بأحزانه، والحاضر بكل ما يحمله من سكون وقلق وتوتر من الواقع الأمر الذي صاحبنا طوال ما مضى من العمر، وننطلق نحو الأفق الجميل ونترك خلفنا الزوايا المظلمة إلى الأبد.

وفي حقيقة الأمر أن أثمن الإنجازات التي تحققت للإنسانية عبر تاريخها الطويل؛ هو العمل بجهد واجتهاد لمد جسور من الأمل على ضفاف أنهار من اليأس؛ فالبوساء هم المعذبون في الأرض الذين تساقطت أحلامهم مثل أوراق أشجار الخريف ووصلت بهم إلى طريق مسدود، والأمل هو أجمل ما في هذا الكون؛ فهو عكس القنوط واليأس اللذيْن يعنيان ببساطة معولًا لهدم المشاريع المستقبلية والدخول في دروب مظلمة من المعاناة التي تُنهى مشوارنا في هذه الدنيا الجميلة، التي أوجد الله فيها الإنسان ليُعمرها ويعمل بجد وإخلاص لتحقيق طموحاته الواعدة التي لا يمكن لها أن تتحول إلى حقيقة إلّا بالإرادة الصلبة والعزيمة القوية.

لا شك أن الناس قد وُجِدَت للعمل والتعمير؛ ولا يوجد في قاموس الحياة من يُحقق أهدافه بدون خطط واضحة المعالم، ومثابرة وجهد مضنٍ، فلا يوجد طريق مفروش بالورود في هذا الكوكب. ومن هنا يجب أن يدرك الجميع بأن أجمل يوم في حياتنا لم يأتِ بعد؛ بل هو ذلك اليوم الدافئ والواعد والذي يحمل لنا في طياته الكثير والكثير من الأماني التي تتحقق فيها الآمال الكبرى والإنجازات العظيمة والتي سوف يفتخر فيها كل من وقف معنا وشجعنا، ونقصد بهم هنا أولئك الذين أخذوا بأيدينا في أحلك الظروف وأصعبها على الإطلاق، ومن سوء الحظ أن هؤلاء قلائل في هذا الزمن الصعب؛ فالحصول على أشخاص يمكن أن نعدهم في حياتنا بأنهم أملنا وسندنا للولوج إلى قادم الأيام الجميلة أقرب إلى الخيال منه إلى الواقع.

والإنسان إذا فقد الأمل يمكن تشبيهه بالورد أو النبات بدون ماء، فنهايته الفناء والذبول الأبدي. فلا شيء أقوى وأفضل لقهر التحديات والعقبات التي تواجهنا في مختلف محطات الحياة إلا الإيمان بالله الذي أوجدنا لتعميرالكون؛ ولا يُمكن أن يتخلى عنَّا، ثم القوة السحرية التي أذهلت الفلاسفة وعلماء النفس والاجتماع عبر التاريخ، فهي سر وقوة الابتسامة الواثقة التي تظهر على شفاهنا ووجهونا أمام الآخرين من حولنا من الأصدقاء والأعداء على حد سواء مهما كانت الظروف، فهي سلاح فتَّاك يزلزل الجبال ويُحقق النصر الساحق أمام الهزائم المفترضة التي تجعلنا نستسلم لمن خذلنا أو أراد لنا الاندحار والتوقف عن السعي في سبيل الرزق وتحقيق النجاح. كما أن الصبر والصمود والثبات في مسيرة حياتنا الملئة بالأحداث الدراماتيكية؛ من أهم مفاتيح النجاح التي يمكن أن تصنع الفارق بل المستحيل.

كم هو عظيم هذا الإنسان الذي يقهر اليأس والظلم بالابتسامة الصادقة التي تعنى ببساطة بأن هناك رباً يدبر الأمور في هذه الحياة؛ ولا يمكن بأي حال من الأحوال؛ أن يخذل عبده المؤمن بالأقدار الإلهية، فهناك قاعدة ربانية صادقة نومن بها جميعا أشد الإيمان مفادها بعد العسر يسر، يقول الله تعالى في سورة الطلاق "سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا"؛ لِمَ لا فقد ذكر الله تعالى الأمل في القرآن الكريم أكثر من مرة، إذ قال جل جلاله في سورة الكهف "وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا".

الأمل هو النافذة الصغيرة التي تفتح لنا آفاقًا رحبة في الحياة، فعند ما نزف خبرا سارا لصديق  قد ضاق صدره من الحزن والألم؛ نجده قد كتب له حياة جديدة في رحاب الأمل ودروبه، فيكون رد فعله لذلك الخبر هو (بشر). بالطبع لولا أملنا في الغد لتحطمت اشرعة سفننا العابرة للمستقبل على الصخور الصماء في أعماق البحار؛ والتي تهلك الحرث والنسل، ولكن بالأمل تستمر الحياة، فكل إنسان في هذا العالم الواسع المترامي الأطراف يطمح إلى تحقيق أحلام ومشاريع مؤجلة. وهذه القاعدة تنطبق على جميع البشر كبيرًا وصغيرًا، فكل واحد فينا يتطلع إلى إضافة المزيد من الإنجازات المستقبلية المتمثلة في الشهرة والسمعة الطيبة، وكذلك زيادة الأرصدة البنكية والأموال بشكل عام؛ والحصول على المراتب العليا في المناصب، هذا بالنسبة للطبقة المخملية، بينما عامة الناس تجاهد للحصول على مصدر رزق أساسي يغطي مصاريف الحياة اليومية فقط، هذا إذا كان الانسان العادي محظوظا في هذه الدنيا التي تتلون بالألوان الرمادية الباهته وتفتح أبوابها واذرعها للبعض فقط.

ومن المفارقات العجيبة هنا، أن تجد كل من رحل من هذه الدنيا يحمل في نفسه طموحات وآمال يتمنى تحقيقها قبل الموت؛ فهؤلاء الذين استقر بهم الحال في المقابر كان كل واحد منهم عنده قائمة طويلة من الأعمال المستقبلية والتي لم تر النور انتظارا لأمل قد لا يتحقق، على الرغم بأن كل فرد من حقه أن يحلم وينظر بعين نحو السماء لعل ذلك يتحقق يومًا ما!

من المؤسف حقًا بأن هناك من البشر في هذا العصر من يصابون بخيبة أمل وانزعاج شديد؛ عندما يرون غيرهم من الناس قد حققوا مكاسب مالية، ومناصب رفيعة، وشهادات عُليا من أعرق الجامعات، حتى ولو كانت مكاسب هؤلاء المغضوب عليهم، سوف تعود بالنفع للوطن والمجتمع بشكل عام. من هنا أتذكر كلامًا مُعبِّرًا عن هذا الواقع المرير؛ للعالم المصري الراحل أحمد زويل الذي قال "الأوروبيون ليسوا أذكى منّا، لكنهم يقفون ويدعمون الفاشل حتى ينجح، أما نحن فنحارب الناجح حتى يفشل". بالفعل هناك أعداء النجاح في كل المنافذ والزوايا المحيطة بنا، والذين يتمنون أن يعُمَّ الفشل الجميع دون تمييز، لكي يتساوى معهم الناجحون والمجتهدون، ويتقاسم الجميع الأصفار. إنها خيبة أمل ونظرة سلبية للأمور، فمنطق هؤلاء الحُسَّاد أنهم لا يحبون الخير لغيرهم؛ فهم لا يتحملون أن تنزل النعم على من حولهم من العباد!

وفي الختام.. يجب التأكيد على قاعدة مُهمة؛ وهي أن السعي في الأرض والمثابرة والاجتهاد والأخذ بالأسباب التي تدفع بصاحبها إلى الغايات الكبرى، كل ذلك من أهم أساليب النجاح المقرونة بالأمل الصادق، وإذا اعتقد البعض أنه يمكن الركون على الأمل الذي يُصاحبه الكسل والانتظار، ففي حقيقة الأمر السماء لا تُمطِر ذهبًا ولا فضة، فلكل مجتهد نصيب في هذه الحياة.

** أكاديمي وباحث مختص في الرأي العام والاتصال الجماهيري

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • محلل سياسي: أزمة كورونا أثرت سلبًا على شعبية حزب المحافظين في بريطانيا
  • بتواطؤ مع الجزائر.. البوليساريو تعرض أطفال المخيمات للبيع في سوق النخاسة بأوروبا (صور)
  • ذنوب عراقية لا تغتفر
  • محطات الانتظار
  • ما هي الأطعمة التي تفاقم انتفاخ البطن؟.. وكيف نعالجها؟
  • هل أوقع "ماكرون" فرنسا في أزمة سياسية؟
  • هذه حقيقة تهديد المطار.. ما علاقة نصرالله؟
  • دراسة تكشف تأثير تعاسة الموظفين على الاقتصاد العالمي .. فيديو
  • الإمارات تنضم إلى «نداء العمل» من أجل أطفال فلسطين
  • أجمل يوم لم يأتِ بعد!