أطفال غزة.. وا أسفاه!
تاريخ النشر: 24th, October 2023 GMT
مدرين المكتومية
آلام مُبرحة تقطّع أوصالي كل صباح، مُعاناة نفسية تُمزِّق وجداني، صرخات وآهات مكتومة مخنوقة محبوسة في صدري، فما يحدث في غزة ليس سوى حرب إبادة جماعية وجريمة تطهير عرقي مع سبق الإصرار والترصُّد، والعالم قد وضع في فمه أطناناً من القطن، وسد آذانه عن صرخات الأمهات الثكلى، والأطفال الأيتام، والرجال الذين يبكون.
اعتدتُ على تصفح الأخبار فور استيقاظي في الصباح، فلا أجد سوى جثامين الأطفال، وضحايا القصف المتوحش الهمجي على رؤوس الآمنين في بيوتهم من المدنيين.. كل ذلك يدفعني للشعور بسخط كبير وبرغبة شديدة في عدم ترك الفراش والذهاب للحياة الروتينية التي أعيشها.
الأحداث من حولنا تؤثر سلبياً على الكثير من التفاصيل التي نعيشها، ربما يشعر الفرد منَّا بأنَّ هذه الحياة برغم جمالها وروعتها لا تستحق كل هذا الجري والبحث عن اللامعلوم، إن هذه الرحلة التي يختارها شخص منَّا يشعر أن لا داعي لها، فيكفي أننا نمتلك نعمة الأمن والأمان التي لا تُقدر بثمن.
دائمًا ما كنت أفكر فيما يخلفه الدمار، فالكأس المكسور لا يمكن إصلاحه، كذلك الحال مع البشر، فشعور طفل يعيش كل يوم تحت وطأة الخوف حتى وإن حصل على فرصة الحياة من جديد فسيظن بالتأكيد أن الطمأنينة كمين، يكفي أن يعتاد على النوم وهو خائف لأن يظل طوال حياته يعاني من عقدة الخوف، تلك العقدة التي لن تخلف بالتأكيد إلا شاباً لا يملك في الحياة ما يخسره وبالتالي لا تصبح الأشياء التي نراها نحن مهمة ضمن دائرة اهتماماته.
عندما أكتب هذا الكلام، فإنني أود أن أقول لكم... إنني في هذه اللحظة التي كتبت فيها هذا المقال لم أكن قادرة على الكتابة وهو شعور طبيعي، لأننا ورغم انغماسنا في غرف الأخبار وصالات التحرير، لكننا نفسيًا "خارج نطاق التغطية"؛ أي كل شيء معه مغلق لا يقوى على أي شيء في الحياة ولا الحديث مع أحد، وربما لا يريد سوى مساحة خاصة يكون فيها بمفرده.
نحن نعيش وسط صراعات داخلية ونفسية قبل كل شيء، ناهيك عن الصراعات الخارجية التي تشغل الكثير من محيطنا كالذي يحدث الآن في غزة، فالصور والمقاطع المنتشرة تُفاقم معاناتنا، لأن الفرد فينا لو تخيل للحظة فقط أنه يعيش تلك الحياة في غزة فسيجد نفسه بالفعل يتمزق داخليًا، وبالتالي أعتقد أن الكثير من هذه التفاصيل يمكنها أن تخلف حالة غريبة لدى أي شخص يتعمق ويتأثر بها.
الحالة التي أتحدث عنها، هي الحالة التي يتساوى فيها كل شيء لدى الإنسان على خط واحد، يشعر ولا يشعر في نفس الوقت، وكأنه يقطع طريقًا مستقيمًا بين جدارين لا يعرف أين النهاية لكنه يسلكه.
في تلك اللحظات العصيبة، لا نستطيع التفكير، نشعر بالإحباط الشديد في كل ما يُحيط بنا، نتراجع عن التقدم إلى الأمام، نشعر دائمًا أننا نسير نحو الوراء، لا نرى، نُصاب بالعمى العاطفي والوجداني، تتجمد قلوبنا من شدة ما نلاقيه من مآسٍ وحزن. ورغم ما نجده من اكتئاب وتجمّد أمام شاشات التلفاز وقنوات البث المباشر والسوشال ميديا التي تعج بالأخبار والفيديوهات والصور التي تكشف وقاحة العدو الإسرائيلي ودناءته وخسته وجُبنه أيضًا، إلا أننا نتحلى بإيمان صادق بأن وعد الله حق، وأن النصر حليف المظلوم، وأن المقاومة يومًا ستنتصر، وأن الصهاينة إن آجلا أو عاجلا، سيرحلون عن بلاد العرب، وسيتفرقون في الأرض، ويعودون لسنوات التيه والضياع والهلاك بين الأمم.
تحية فخر وإعزاز إلى المُرابطين في الثغور، وإلى الصامدين في وجه عدوان قبيح غاشم، وإلى الصابرين على فواجع الموت والاستشهاد وفقد الأحبة.. تحية لكل صاحب كلمة حق، صدح بها، في وقتٍ عزَّ فيه قول الحق، وخزيٌ وعارٌ لكل من تواطأ وتآمر وبرر ودافع عن البربرية الإسرائيلية، ويا أسفًا على دول أوروبا التي كُنّا نظن أن حكوماتها هي بالفعل حكومات مُدافعة عن حقوق الإنسان، لكن تبيّن لنا أنها أول من ينتهك هذه الحقوق، وسُحقًا وهلاكًا للعدو الإسرائيلي الجبان، قتلة الأطفال والرُضّع، عديمي الإنسانية.
وختامًا.. قلبي ووجداني وعقلي مع غزة.. مع فلسطين.. مع القدس الشريف.. وطوبى لجُند الله في كل مكان.. فهُم المنصورون بإذن الله.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
بطارية نووية قد تدوم مدى الحياة .. وداعا لعصر الشواحن
طور فريق من العلماء نموذجا أوليا لبطارية نووية صغيرة، تعمل بالكربون المشع، قادرة على تشغيل الأجهزة لعدة عقود – وربما مدى حياة المستخدم – دون الحاجة إلى إعادة الشحن.
وقد تفتح هذه التقنية آفاقا في تصميم الأجهزة الطبية، مثل منظمات ضربات القلب، ما يلغي الحاجة إلى عمليات الاستبدال الجراحية المتكررة.
حاليا، تعتمد معظم الأجهزة المحمولة، مثل الهواتف الذكية، على بطاريات ليثيوم أيون، التي تدوم من ساعات إلى أيام قبل الحاجة إلى إعادة الشحن. ومع مرور الوقت، تتدهور هذه البطاريات، كما أن تعدين الليثيوم يشكل عبئا بيئيا كبيرا بسبب استهلاكه العالي للطاقة والمياه. لذا، يسعى العلماء إلى تطوير بدائل نووية آمنة لا تحتاج إلى شحن متكرر.
وأوضح سو إيل إن، الباحث الرئيسي من معهد Daegu Gyeongbuk للعلوم والتكنولوجيا في كوريا الجنوبية، أن أداء بطاريات الليثيوم أيون قد بلغ حدوده القصوى تقريبا، ما دفع العلماء إلى البحث عن مصادر طاقة بديلة.
وتعتمد البطاريات النووية على جسيمات عالية الطاقة تصدرها مواد مشعة آمنة، حيث يمكن احتواء إشعاعاتها بواسطة مواد خاصة.
وأشار العلماء إلى أن بطاريات بيتا الفولتية، التي تعمل بأشعة بيتا – وهي إلكترونات عالية السرعة – تعد خيارا آمنا، إذ يمكن احتواء هذه الإشعاعات بطبقة رقيقة من الألمنيوم.
وفي الدراسة التي قدمت خلال اجتماع الجمعية الكيميائية الأمريكية، استعرض الفريق نموذجا أوليا لبطارية تعمل بالكربون-14، وهو نظير مشع ينتج فقط أشعة بيتا، ما يجعله أكثر أمانا من غيره من المصادر المشعة. كما أن الكربون-14 متوفر بسهولة، حيث يُستخرج كناتج ثانوي من محطات الطاقة النووية.
وتعمل هذه البطارية عبر تصادم الإلكترونات المنبعثة من الكربون المشع مع شبه موصل من ثاني أكسيد التيتانيوم، ما يؤدي إلى تدفق مستمر للإلكترونات عبر دائرة كهربائية خارجية، وبالتالي توليد الكهرباء. وبفضل معدل التحلل البطيء للكربون المشع، يُتوقع أن تدوم هذه البطارية مدى الحياة من الناحية النظرية.
وأكد الدكتور سو إيل أن هذه البطارية يمكن استخدامها بشكل خاص في الأجهزة الطبية، حيث قال: “يمكننا الآن دمج الطاقة النووية الآمنة في أجهزة صغيرة بحجم الإصبع، ما يفتح الباب أمام استخدامات واعدة، لا سيما في المجال الطبي”.
المصدر: إندبندنت