ستبقى مصر، ولو كره الحاقدون، صاحبة الدور الرائد والمحورى فى الشرق الأوسط، ورمانة الميزان فى المنطقة بما تملكه من موروث حضارى وثقافى وقدرة كبيرة وكفاءة عالية فى السلم والحرب، فهى محفوظة فى سِلمها بقول المولى عز وجل فى الآية الكريمة «فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أبويْهِ وَقَالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِن شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ»، «يوسف 99» وفى نفيرها ودفاعها عن نفسها وقيمة عدتها وعتادها قوله (صلى الله عليه وسلم) «إذا فتح الله عليكم مصر فاتخذوا فيها جنداً كثيرًا، فذلك الجند خير أجناد الأرض، فقال له أبوبكر: ولِمَ يا رسول الله؟ قال: لأنهم وأزواجهم فى رباط إلى يوم القيامة».
ورغم الأزمة الاقتصادية الطاحنة التى تعرضت لها مصر منذ عدة شهور بسبب تعويم الجنيه وما أسفر عنه من ارتفاعات وقفزات فى الأسعار بصورة مبالغ فيها، وما تشهده المنطقة من تطورات تنذر بالخطر فى الملف العربى الإسرائيلى، فإنها تعاملت مع الملفين بمنتهى الحكمة والقوة، بصورة تعنى أنها قادرة فى الوقت المناسب على فرض إرادتها وهيمنتها على الموقف بشتى السبل.
فى الملف الداخلى «الغلاء وجشع التجار» جاء قرارها – وإن كان متأخراً بعض الشىء- حاسماً وتلقى منها تجار الأزمات وسماسرة البطون الجائعة لطمة قوية بالنزول بسعر سبع سلع استراتيجية بكل قوة وحزم، الأمر الذى أثر على باقى السلع وتنفس الأهالى الصعداء بعدما فرضت الدولة هيبتها وأعلنت كلمتها ونفذت ما أرادت، وانتصرت لأصحاب البطون الخاوية فى مواجهة سماسرة الاتجار فى كل شىء حتى لو دفع الناس أرواحهم ثمناً ليحيا مصاصو الدماء.
وفى الملف الخارجى الذى يتعلق بغزة، جاء الدور المصرى أكثر شموخاً كون مصر طرفاً رئيسياً فى الصراع العربى الإسرائيلى، مقاتلاً شرساً فى حرب العزة والكرامة، ودبلوماسياً بارعاً فى السلام واستعادة الحقوق.
وقالت مصر كلمتها منذ اللحظة الأولى وأعلنت لاءاتها للعالم أجمع.. لا لحرب الإبادة الجماعية.. لا لتجويع الشعب الفلسطينى.. لا للمقابر الجماعية.. لا لضرب الآمنين.. لا للتهجير.. لا للنزوح.. لا للوطن البديل، مؤكدة أنه لا نهاية للقضية إلا بحل الدولتين وفقاً لحدود 1967 وإقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية.
واستطاعت مصر أن تقول للعالم أجمع: «هنا فلسطين من القاهرة» ونعلنها مدوية القدس عربية، وترفض كل الحلول التى تأتى لتصفية القضية على حساب الأرض البديلة مهما كان السبب، متمسكة بحق الأشقاء فى أرضهم وإقامة دولتهم المستقلة، كما أنها تمكنت من عقد مؤتمر القاهرة للسلام بهذه السرعة الفائقة فى الدقة والتنظيم، وبحضور قادة وزعماء العالم لتعلن أمام الجميع أن فلسطين ستبقى عربية أبد الآبدين.
ورغم ما تمر به مصر، وما يحاك لها من الداخل والخارج، فإنه رُب ضارة نافعة، فوفقاً لتصريحات أبرزتها وكالة بلومبرج الألمانية أن مصر سوف تستفيد من الأزمة الراهنة فى المنطقة بمعالجة مشاكلها الاقتصادية دون استقبالها لنازحين من غزة، مؤكدة أن الحرب بين إسرائيل وحماس أعادت الأضواء إلى الدور المصرى كمحرك إقليمى رئيسى مما يوفر مساندة غربية لها، وأن الدول الغربية مضطرة لمساعدة مصر اقتصادياً لأن دورها لا غنى عنه وغيابه سوف يؤدى لأزمات للعالم كله.
وكشفت الوكالة الألمانية أن الحكومة الإسرائيلية ناقشت مع أكثر من دولة إمكانية نقل الفارين من الصراع فى غزة إلى مخيمات مؤقتة داخل شبه جزيرة سيناء لإنقاذهم من العنف وإعادتهم مرة أخرى بعد انتهاء الصراع، إلا أن القيادة السياسية المصرية رفضت هذا الأمر بشدة، مشيرة إلى أن النشاط الدبلوماسى الأخير فى القاهرة شكل دور مصر البارز فى المنطقة.
أحداث غزة أثبتت أن الدور المصرى لا يستطيع أحد سرقته وأنها الوحيدة القادرة على قيادة المنطقة رغم ما تتعرض له من ضغوط وهجوم من جماعات منظمة بل ودول.
وتبقى الحقيقة الراسخة أن إشعال فتيل الحرب فى الشرق الأوسط سوف يهز استقرار العالم، وأن مصر ضلع رئيسى وهام فى الصراع العربى الإسرائيلى، وأن كلمتها هى العليا، فلا حلول بدونها، وأن لاءات مصر التى أطلقتها مؤخراً هى السبيل الوحيد والأمثل لاستقرار المنطقة والعالم وفرض السلام القائم على الحرية والعدل وحسن الجوار.
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الصراع العربي الإسرائيلي باختصار هنا فلسطين من القاهرة الشعب الفلسطيني
إقرأ أيضاً:
السفير التونسي لدى القاهرة ضيف لجنة الشؤون العربية والخارجية بنقابة الصحفيين اليوم
تستضيف لجنة الشؤون العربية والخارجية بنقابة الصحفيين، برئاسة الكاتب الصحفي حسين الزناتي وكيل النقابة، السفير التونسي بالقاهرة محمد بن يوسف، اليوم الخميس ٢١ نوفمبر في لقاء مفتوح بعنوان "تونس ومصر: شراكة استراتيجية في تعزيز السلام والتنمية الإقليمية".
ويُعقد اللقاء في القاعة المستديرة بنقابة الصحفيين في الواحدة ظهرا، و يتناول فيه السفير التونسي العلاقات الثنائية بين البلدين في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية، بالإضافة إلى استعراض الدور المهم للتعاون العربي في تعزيز الاستقرار والتنمية في المنطقة.
“تعزيز التواصل مع السفراء والبعثات الدبلوماسية العربية”ومن جانبه، أكد الكاتب الصحفي حسين الزناتي أن هذه اللقاءات تأتي في إطار حرص نقابة الصحفيين على تعزيز التواصل مع السفراء والبعثات الدبلوماسية العربية، لتبادل الآراء والأفكار حول القضايا التي تهم المنطقة العربية بشكل عام.
ووجه الزناتي دعوة لجميع الزملاء الصحفيين والإعلاميين لحضور هذا اللقاء الهام والمشاركة في النقاشات التي سيحضرها عدد من الشخصيات السياسية والإعلامية البارزة.
ويعقد الحوار المفتوح بالقاعة المستديرة بالدور الثالث بمقر النقابة، وذلك بتنسيق من الزميل الصحفى إسلام أبو المجد.