يبعد حل الدولتين.. بلينكن يحث العالم على منع توسيع الصراع
تاريخ النشر: 24th, October 2023 GMT
حث وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، الثلاثاء، الدول الأعضاء في الأمم المتحدة للعمل سويا من أجل منع توسع أو انتشار الحرب في منطقة الشرق الأوسط، مؤكدا أن العالم كله سيعاني من تبعات ذلك، إن حدث.
وقال بلينكن: "كلنا عازمون على الحيلولة دون انتشار هذا النزاع وهذا ينبع من مسؤولية هذا المجلس، إن اتساع رقعة الصراع ستكون عواقبه وخيمة على شعوب المنطقة برمتها بل العالم"، مطالبا "بعدم صب الزيت على النار".
وحذر بلينكن إيران من العمل على توسيع رقعة الصراع. وقال: "الولايات المتحدة لا تريد مواجهة مع إيران، ولا نريد لهذه الحرب أن تتسع، ولكن لو أن إيران ووكلائها استهدفوا الولايات المتحدة في أي مكان، تأكدوا أننا سندافع عن مواطنينا وعن أمننا بشكل سريع وحاسم".
وفي الوقت الذي أكد فيه بلينكن على "حق إسرائيل للدفاع عن نفسها"، شدد على أن "المدنيين الفلسطينيين لا تلقى عليهم اللائمة على ما فعلته حماس، وأنه لابد من حماية المدنيين".
وقال بلينكن: "كلنا يعترف بحق، بل وبضرورة دفاع الدول عن نفسها، ولذلك فإن علينا أن نندد بالهجوم الإرهابي الهمجي لحماس. أجسام رضع مرشوقة بالرصاص وقتل أبرياء بفرحة غامرة وفصل الجساد عن الرؤوس، إحراق أسر كاملة تعانق بعضها البعض وإعدام آباء أمام أطفالهم وإعدام أطفال أمام آبائهم واحتجاز عدد هائل من الرهائن في غزة".
وأضاف: "وجب علينا أن نسأل أين الاستنكار وأين الشجب،وأين التقزز من هذه الأفعال، وأين التنديد الصريح بكل هذه الفظائع. علينا أن ننصر أي دولة في أن تدافع عن نفسها وأن تحول دون تكرار أفعال كهذه، لا يمكن لأي أمة في هذا العالم أن تقبل قتل شعبها، وكما أكد هذا المجلس مرات عدة فإن كل الأفعال الإرهابية غير قانونية ولا مبرر لها".
وتابع بلينكن في كلمته: "علينا ألا ننسى انه من جملة الـ1400 قتيلا على يد حماس هناك مواطنون من 13 دولة أعضاء في الأمم المتحدة، منهم 33 مواطنا أميركيا، ولذلك لدى كل منا مصلحة ومسؤولية في تحييد الإرهاب".
وأكد بلينكن أنه "يجب على حماس أن تكف عن استخدام الفلسطينيين كدروع بشرية، على الإسرائيليين أن يتحوطوا للحيلولة دون إلحاق الضرر بالمدنيين، وهذا يعني وصول الأغذية والأدوية والمياه التي يجب ان تصل إلى غزة والمدنيين هناك"، مطالبا بالمدنيين في غزة بأن يبتعدوا عن الخطر.
وأشار بلينكن إلى أن الولايات المتحدة تعمل مع مصر وإسرائيل والولايات المتحدة لتأسيس آليات تسمح بإيصال المساعدات الإنسانية باستدامة إلى غزة، "دون أن تستفيد من ذلك حماس أو أي جماعة إرهابية أخرى".
وقال: "وفرنا مئة مليون دولار من المساعدات الإنسانية للفلسطينيين في غزة والضفة الغربية، مما يعني أنه على مدى العامين المنصرمين فإن ما قدمناه للفلسطينيين يبلغ 1.6 مليار دولار، وهذا يعني أننا أكبر مانح للفلسطينيين، وندعوا الدول التي تستطيع أن تمنح أموالا أن تفعل ذلك من أجل تخفيف المعاناة الإنسانية في غزة".
وأضاف: "نؤمن إيمانا راسخا بتساوي قيمة الأرواح البشرية، ليس هناك من تراتبية عندما نتحدث عن أرواح المدنيين بغض النظر عن الجنسية أو العرق أو الدين أو العمر أو الجنس، ولذلك فإننا نتحسر ونتأسف على مقتل أي مدني، فلسطيني أو إسرائيلي، لا سيما موظفوا الأمم المتحدة الـ35".
وتابع: "لابد أن نعمل على حماية المدنيين لمنع المزيد من الوفيات، وهذا ما يقودنا إلى جهودنا الحثيثة لإطلاق سراح الرهائن المحتجزين لدى حركة حماس والمجموعات الإرهابية الأخرى في غزة، لا يمكن لأي منا تخيل ما تعيشه هذه الأسر، يجب إطلاق سراحهم فورا، ودون أي شروط".
ووجه بلينكن شكره لمصر والصليب الأحمر للمساهمة في إطلاق سراح رهينتين إسرائيليتين "لكننا نريد المزيد"، مناشدا كل الدول باستخدام نفوذها لضمان تسريح الرهائن بشكل فوري.
وأكد بلينكن أنه "لا يمكن أن نتخلى عن السلام وأن نتخاذل، سمعنا دولا كثيرة تعرب عن تأييدها لحل مستدام، ولذلك أقول لكم اليوم، ساعدونا على التوصل لهذا الحل ومنع انتشار حرب ستبعد آفاق حل الدولتين والسلام في المنطقة برمتها".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: فی غزة
إقرأ أيضاً:
شيءٌ من المجاملة على الأقل!
انتهت القمة العربية غير العادية، التي استضافتها القاهرة في الرابع من مارس الجاري، بمشاركة كل الدول العربية، وهي القمة التي خُصصت للرد على إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في ٢٥ من يناير الماضي، عن ضم غزة وضرورة تهجير الفلسطينيين منها إلى مصر والأردن، وأن الولايات المتحدة ستقوم بالسيطرة على غزة وتحويلها إلى منتجع سياحي، يعود ريعه بالنفع على الولايات المتحدة والكيان الصهيوني، في إشارة واضحة إلى عدم احترام القانون الدولي أو المواثيق والعهود الدولية، وتعد جريمة تطهير عرقي، أي جريمة ضد الإنسانية بموجب المادة (٧) من ميثاق روما للمحكمة الجنائية الدولية، توجب محاسبة مرتكبيها.
انتهت القمة، التي تم التجييش لها إعلاميًا بطريقة غير مسبوقة، وذلك لخطورة وأهمية المشهد الخاص بفلسطين وغزة تحديدًا، وتأثير هذا المشهد على السيادة الوطنية لكل من مصر والأردن، باعتماد الخطة المقدمة من جمهورية مصر العربية «التعافي المبكر وإعادة إعمار وتنمية غزة»، بالتنسيق مع دولة فلسطين والدول العربية.
وتتكون الخطة من ٩٠ صفحة، حيث تشمل الوضع السياسي والأمني والوضع الإنساني والاقتصادي، وتوضح منهجية ونطاق وأهداف الخطة، وكذلك تقييم الأضرار والخسائر والاحتياجات، وتوضيح آلية التنفيذ، ابتداء من الإسكان المؤقت وتحديد المدى الزمني للتنفيذ، وكذلك الاحتياجات التمويلية ومصادر التمويل، المقدرة بـ ٥٣ مليار دولار، خلال مدة زمنية قدرها ٥ سنوات، باعتبارها خطة عربية جامعة. واستندت هذه الخطة إلى الدراسات التي أجراها البنك الدولي والصندوق الإنمائي للأمم المتحدة بشأن التعافي المبكر وإعادة إعمار غزة.
لم تمر دقائق على انتهاء هذه القمة وإصدار البيان الختامي، والذي ركز كالعادة على عبارة العرب الشهيرة «على المجتمع الدولي تحمل مسؤولياته» ـ وكأن العرب ليسوا جزءا من المجتمع الدولي ويتحملون جزءا من هذه المسؤوليات ـ واعتماد هذه الخطة، حتى أعلن الكيان الصهيوني - من خلال وزارة خارجيته - رفضه مخرجات وقرارات القمة العربية، ومن ضمنها خطة الإعمار هذه. وبعدها بدقائق معدودات، أعلن الرئيس الأمريكي رفضه لهذه الخطة، وتمسكه بمقترحه الهادف إلى تهجير سكان قطاع غزة، مما أفسد على العرب قمتهم وفرحتهم بهذا الإنجاز النظري.
وإن كان مفهومًا أن الكيان الصهيوني متخصص في التنغيص على الفلسطينيين والعرب، وهذا شيء طبيعي لكونه كيان مجرم وخارج عن الفطرة السوية للبشر، إلا أن المفاجأة، أن الحليف الأكبر والاستراتيجي للدول العربية - الولايات المتحدة -، والتي تتغنى هذه الدول وعلى مدى عقود بخصوصية هذه العلاقة، لكونها علاقة بين حلفاء تربطهم مصالح مشتركة. حيث لم تشفع المصالح المشتركة هذه للعرب، وأعلنت الولايات المتحدة بوضوح، كما أسلفنا، أنها ترفض الخطة - مع أنها خطة متكاملة وهناك جهد واضح في الإعداد لها. بمعنى أن الولايات المتحدة لا تنظر للعرب النظرة الواجبة من الاحترام والحرص على هذه المصالح، وذلك لسبب واضح، أنها لم تر من هذه الدول - على ما يبدو - أي رأي يخالف رأيها.
بل طاعة تامة لكل ما يصدر من واشنطن، إلا موضوع التهجير هذا، لأنه إن تم، فسيكون نهاية حقيقية للنظام الرسمي العربي، وسيضع حكومات الدول المعنية، في مأزق حقيقي تاريخي أمام شعوبها قد لا تحمد عواقبه. وبالرغم أن البيان الختامي لهذه القمة بدأ في فقرته الأولى بخطاب تطبيعي، فيه الكثير من الخنوع والضعف واستجداء هذا التطبيع، في انفصام واضح عن حقيقية ما جرى من مجازر وإبادة جماعية، قام بها هذا الكيان الصهيوني المجرم.
وبمعاونة ودعم واضح من الولايات المتحدة الأمريكية، عسكريًا واستخباراتيا واقتصاديا. كانت نتيجتها أكثر من ١٦٠ ألف فلسطيني بين قتيل وجريح - ٧٠٪ منهم من النساء والأطفال والعزل -، و١٤ ألف مفقود، وتدمير ١٧٠ ألف مبنى، وكل الجامعات والمدارس والمستشفيات والمنشآت الرسمية -تقريبا. كذلك خلفت هذه المجازر الوحشية وراءها ٤٠ ألف طفل فلسطيني يتيم.
كل هذه الخسائر في الأرواح ليس لها قيمة - كما يبدو - عند العرب، ولا زالوا ينادون بالتطبيع، ويرددون نفس العبارة منذ مارس عام ٢٠٠٢م. عندما قدموا «مبادرة السلام العربية» في قمة بيروت، التي تهدف إلى تطبيع تام بين الدول العربية وإسرائيل، مقابل إقامة دولة فلسطينية. ولم تقم إسرائيل بالرد على هذه المبادرة حتى الآن، وفضلت القيام بعملية تطبيع ثنائي وليس جماعي مع الدول العربية، حتى لا تقوم بتنفيذ هذه الرغبة، حيث لم تلزمها اتفاقيات التطبيع الثنائية هذه بتقديم أي شيء للعرب تجاه القضية الفلسطينية.
لقد راعت القمة العربية مشاعر مجرم الحرب نتنياهو، فلم تتم الإشارة إليه كمجرم حرب مطلوب لدى العدالة الجنائية الدولية، تسبب في كل هذا الدمار البشري والمادي الهائل، ولم يطلب منه كذلك حتى المشاركة في التعويض المالي لخطة الإعمار هذه. وكذلك تمت الإشادة في أكثر من موقع في البيان الختامي بالولايات المتحدة، وهي التي تسببت من خلال وكيلها في الشرق الأوسط - الكيان الصهيوني المحتل - بكل هذه المأساة.
فلم يجامل مجرم الحرب نتنياهو أصدقاءه العرب، وبالمثل فعل ترامب. فهل بعد هذا التصرف يعتقد البعض أن للعرب مكانة أو تقديرا على الساحة الدولية، وهم - بالرغم من قوتهم - لم يستطيعوا منذ بداية شهر رمضان الفضيل إدخال عبوة ماء واحدة، لأشقائهم الفلسطينيين المحاصرين في قطاع غزة، وهم مقبلون على مجاعة قاتلة.
لقد أثبتت الأحداث الأخيرة، ولغة الخطاب الأمريكي فيها، أن لا مكان للضعيف في هذا العالم، وأن لغة الدبلوماسية والعبارات المنمقة قد ولى زمانها، وأن التاريخ سيحاسب أبناء هذا الجيل من العرب، على ضعفهم «المتعمد» هذا، ووقوفهم موقف المتفرج تجاه قضيتهم التاريخية العادلة وهي القضية الفلسطينية.
خالد بن عمر المرهون متخصص في القانون الدولي والشؤون السياسية.