جريدة الرؤية العمانية:
2025-01-05@10:00:22 GMT

لننظر إلى الحل وليس إلى المشكلة

تاريخ النشر: 24th, October 2023 GMT

لننظر إلى الحل وليس إلى المشكلة

 

د. قاسم بن محمد الصالحي

الممكنات أكثر من المستحيلات، وكل مستحيل يُحيط به ألف ممكن، فلابد من تجربة ما لم يجربه غيرنا، وأن نكون مرنين حتى مع ما يعترضنا من صعاب أو مشكلات، عندما نحاسب النفس لا يعني من أجل إصدار أحكام إدانة أو براءة عليها، وإنما لتحسينها وتطويرها؛ إذ إن جميعنا دون استثناء، عندما نواجه مشكلة ما تجدنا نفكر فيها إلى درجة التأثير على ذاتنا، وفي غالب الأحيان لا نصل إلى حل لها، لماذا؟ لأننا نتوجه فورًا بالتفكير في أساس المشكلة، ونعيش داخلها إلى أن نصبح جزءًا منها، في حين أن هناك فرقًا كبيرًا بين أن نركز في المشكلة والسعي في إيجاد حل لها، رغم أن الحل دائما أمامنا، ولكننا نكثر التركيز في المشكلة، ونضخمها، فتصبح الحلول القريبة بعيدة عنا، بل أحيانا لا نراها، في حين لو حاسبنا أنفسنا، وفكرنا لحظة واحدة بموضوعية، سنجد الحل داخل المشكلة نفسها.

على الفرد منا ألا يكون كمن يجلس على جانب الطريق، وقد وضع بجانبه لوحة مكتوب عليها أنا أعمى أرجوكم ساعدوني، ولم يكن أحد من المارة يضع أي نقود في الصندوق الصغير الموجود بجواره، ينتظر أحد المارة ليفكر نيابة عنه في تغيير ما هو مكتوب على اللوحة الموجودة أمامه، ثم يلاحظ بعد حين أن هناك زيادة في النقود التي في الصندوق الذي وضعه بجانبه، وأن الناس يتوقفون عنده، وكان قد شعر بحركة بجانبه بجوار اللوحة، فنادى أحد المارة قائلا كانت هناك لوحة بجانبي، هل هي موجودة، فيرد عليه، نعم موجودة، ومكتوب عليها "نحن في فصل الربيع ولكن لا أستطيع أن استمتع بجماله"!

العبرة- إذن- تكمن في ضرورة التغيير في وسائلنا عندما تكون الحياة على غير ما يرام، وأن لا نركز في أساس المشكلة التي تواجهنا بل علينا التركيز في الحل، لأن مهارة الحياة تكمن في قدراتنا المكتسبة والإجراءات التي نتخذها، والاستعانة بما لدينا من إمكانيات وخبرات سابقة وتجارب مشابهة، ومعرفة ما سبق لنا تعلمه في مجال السيطرة على المواقف الجديدة بكل حيثياتها ومعطياتها لأجل الوصول إلى الحل المناسب أو للحد من أي تأثير سلبي يتركه هذا الموقف الذي سبب لنا الضرر، فالحل يعتمد بشكل رئيس على ردة فعلنا تجاه أي مشكلة وكيفية التعامل معها لإيقاف تبعاتها السلبية والوصول لمرحلة التوازن، لأن المشكلة هي موقف غامض أو سؤال محير يستدعي الفهم والحل، ولا يمكن الإجابة عليه بردة فعل متعجلة، غير محسوبة؛ بل يجب أن تكون استجابتنا عملًا إيجابيًا يستهدف حل الغموض أو اللبس الذي يتضمنه الموقف.

يعتقد الكثير أننا لا بُد أن نتجنب المشاكل أو الفشل أو السلبية دائمًا، وأن لا نتذكرها أبدًا، وهذه النظرة جيدة فهي محفزة، لكن مهلًا، هل حُلّت المشكلة؟ وللإجابة علينا أن نطرح على أنفسنا أولا سؤالًا آخر "هل المشكلة حقيقية"؟، والابتعاد عن المشاكل لا يعني الضعف؛ بل يعني أننا أكثر قدرة على الاستمتاع بالحياة، لذا سنجد فعلا من يؤيد الابتعاد عن المشاكل التي لا تؤثر على مجريات الحياة ولا تسبب لنا عقبات - مشاكل غير حقيقية - والتي يجب تجنبها فعلا، إما المشاكل الحقيقية والتي يجب مواجهتها والوقوف عند أسبابها وعلاجها، فيجب أن ننظر إلى حلولها لا أن ننظر فيها، حيث إن بعد الفشل يأتي النجاح، وإذا تركنا علاج الفشل وأسبابه سيزداد استفحالاً إلى درجة يصعب السيطرة عليه فيما بعد.

إذن.. لنحدد أبعاد المشكلة والتأثير الذي أحدثته سواء على الصعيد الآني أو المستقبلي، ومدى علاقتها بالمشاكل الأخرى إن وجدت، مستذكرين الأحداث التي كانت جزءًا أو كلا في حدوثها، ومن ثم استحضار آليات الحل، واضعين التقييم المناسب للحل ودراسته للحصول على مسار أفضل وأسرع وأكثر أمانا من خلال العصف الذهني، بأقل جهد لطرق الحل، ومن ثم نبدأ في تنفيذ الحل الذي وضعناه للحصول على النتائج، بحيث يصاحب ذلك كله الثقة بالنفس، والمرونة، والشجاعة لاختيار الأفضل، على أن نرمي المشكلة خلف ظهورنا دون أن ننساها كأنها لم تحدث لأن تذكرها يساعد في الاستفادة منها مستقبلا، لكن علينا تجاوزها وعدم الاستمرار بلوم أنفسنا على الفشل، وأن لا نبقى عالقين في دائرة غير قادرين على تجاوزها وتخطي آثارها، ونضعف ثقتنا بأنفسنا إلى درجة التعرض للاكتئاب، والعزلة، وعدم تقدير الذات.

 

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

لماذا أنس الله وحدة آدم بحواء وليس بأي مخلوق آخر؟

لقد خلق الله سبحانه وتعالى جميع المخلوقات قبل آدم عليه السلام ، وذلك لأنه سبحانه خلق الكون كله لخدمه الإنسان ، وخلق الإنسان لعبادته واعمار الأرض ، واعمار الأرض ليس في الذرية فقط بل اعمارها بكل خير ، وقد خلق سبحانه آدم من طين الأرض ، ولكنه عليه السلام لم يكن سعيدا  واستوحش أي شعر بالوحده ، وفي ذلك ما يعلمنا أن الاحتياج للآخر غريرة خلقها الله سبحانه وتعالى في الإنسان.

نصف روحه الآخر

كان هناك مخلوقات أخرى ولكنها لم تؤنس وحدته عليه السلام ، فهو يحتاج إلى نصف روحه الآخر ، فخلق الله سبحانه وتعالى حواء عليه السلام منه ، من ضلعه الأيسر من الخلف وهو نائم ، وفي كل ذلك حكم لله سبحانه ، فقد خلقت وهو نائم لأنه سيشعر بالألم عندما تخلق منه ، وإذا شعر بالألم سيكرهها ، ومن جانبه الأيسر أي من جانب قلبه لتكون قريبة من قلبه وليكون بينهما المحبة والمودة والرحمة ، ومن خلفه لأنها سنده ورفيقته وسكنه التي ستكون خلفه تؤازره ، خلقت من آدم عليه السلام نفسه وليست من الأرض كما خلق هو ، لتكون جزء منه ومن حياته لتشعر به ويشعر بها ، ولأن المرأة حياتها زوجها لذلك أيضا خلقت منه ، ولكن الرجل عليه أن يعمل ليوفر لأسرته حياة كريمة فلذلك خلق هو من الأرض التي سوف يسعى فيها ، وبهذا يكون هو الأرض الصلبة لها وهى السكن الحسي والمعنوي التي تؤنس وحدته.

دعاء الشفاء للمريض من القرآن الكريم.. ردده ولك المثل

يقول تعالى:"هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن إليها " ، ويقول تعالى:"يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا" والمقصود بزوجها أي الزوج الثاني للنفس ،  ويقول تعالى أيضاً:"ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكونوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون" أي أن الأصل أن لكل نفس زوج ففي الجسد هما اثنين أما الروح فهى واحدة مقسومة إلي نصفين الرجل والمرأة ، أي أن الزواج أصل الفطرة السليمة وضرورة الحياة الطبيعية ، يقول تعالى:"ولقد خلقنا رسلا من قبلك وجعلنا لهم أزواجا وذرية".

يقول تعالى:"خلقكم من نفس واحدة ثم جعل منها زوجها وأنزل لكم من الأنعام" ، أي أنه سبحانه خلق آدم عليه السلام أولا ثم خلق منه وله حواء ، وكان سبحانه قادر على أن يخلق حواء عليها السلام في نفس الوقت الذي خلق فيه آدم ، ولكن الإنسان لن يشعر بقيمة أي شئ إلا عندما يحتاجه أو يحرم منه ، فعندما شعر آدم عليه السلام بالوحشة ، عرف قيمة الأنس بالزوجة التي خلقها الله سبحانه وتعالى له.

ولقد تعددت التفاسير في سبب تسميها عليها السلام بحواء فقيل أنها من الحياة لأنها خلقت من حي وستكون جالبة للحياة بالذرية  ، وقيل لأن إمرأة الرجل تحوي عليه وتستحمله.

دعاء شهر رجب المستجاب والمستحب ردده الآن

وتؤكد آيات القرآن الكريم إن حواء عليها السلام خلقت من آدم عليه السلام ولآدم قبل دخول الجنة ، يقول تعالى:"وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغدا حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين" ويقول تعالى:"وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس ابى فقلنا يا آدم ان هذا عدو لك ولزوجك فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى إن لك ألا تجوع فيها ولا تعرى وأنك لا تظمأ فيها ولا تضحى".

ولقد أوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجال بالنساء كثيرا ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"استوصوا بالنساء فإن المرأة خلقت من ضلع وإن أعوج شئ في الضلع أعلاه فإن ذهبت تقيمه كسرته وإن تركته لم يزل أعوج فاستوصوا بالنساء" ، وفي صحيح ابن حبان عن سمره بن جندب رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إن المرأة خلقت من ضلع فإن اقمتها كسرتها فدارها" والمداراة هى التساهل والملاينة فيما لا يخالف الدين.

لقد ختم الله المخلوقات بحواء عليها السلام ، ولابد أن يكون كل زوج وزوجة آدم وحواء.

 

 

مقالات مشابهة

  • لماذا أنس الله وحدة آدم بحواء وليس بأي مخلوق آخر؟
  • الجزار: حزب الجبهة الوطنية يهدف لمواجهة المشاكل ووضع حلول لها «فيديو»
  • المشكلة الأخلاقية للذكاء الاصطناعي وتساؤلات الفلسفة ومقارباتها
  • نائب:الفشل السياسي والمحاصصة وراء تمرير القوانين في سلة واحدة
  • عادل الباز: الحل السياسي أولاً!
  • إعلام عبري: رصد “مسيرة يمنية” بعد لحظات من الفشل في اعتراض صاروخ باليستي
  • نجح الجيش في التصدي لمحاولة المليشيا للسيطرة على السلطة
  • الحل بيد السوداني.. تحذير من صراع يذهب بـملايين الأبرياء في العراق
  • صحة سيناء تعلن بدء تفعيل مشروع ميكنة منظومة الفشل الكلوي يناير 2025
  • هل يجوز قطع صلة الرحم لإنهاء المشاكل المتكررة؟ أمين الإفتاء يرد