جريدة الرؤية العمانية:
2025-02-08@20:08:48 GMT

لننظر إلى الحل وليس إلى المشكلة

تاريخ النشر: 24th, October 2023 GMT

لننظر إلى الحل وليس إلى المشكلة

 

د. قاسم بن محمد الصالحي

الممكنات أكثر من المستحيلات، وكل مستحيل يُحيط به ألف ممكن، فلابد من تجربة ما لم يجربه غيرنا، وأن نكون مرنين حتى مع ما يعترضنا من صعاب أو مشكلات، عندما نحاسب النفس لا يعني من أجل إصدار أحكام إدانة أو براءة عليها، وإنما لتحسينها وتطويرها؛ إذ إن جميعنا دون استثناء، عندما نواجه مشكلة ما تجدنا نفكر فيها إلى درجة التأثير على ذاتنا، وفي غالب الأحيان لا نصل إلى حل لها، لماذا؟ لأننا نتوجه فورًا بالتفكير في أساس المشكلة، ونعيش داخلها إلى أن نصبح جزءًا منها، في حين أن هناك فرقًا كبيرًا بين أن نركز في المشكلة والسعي في إيجاد حل لها، رغم أن الحل دائما أمامنا، ولكننا نكثر التركيز في المشكلة، ونضخمها، فتصبح الحلول القريبة بعيدة عنا، بل أحيانا لا نراها، في حين لو حاسبنا أنفسنا، وفكرنا لحظة واحدة بموضوعية، سنجد الحل داخل المشكلة نفسها.

على الفرد منا ألا يكون كمن يجلس على جانب الطريق، وقد وضع بجانبه لوحة مكتوب عليها أنا أعمى أرجوكم ساعدوني، ولم يكن أحد من المارة يضع أي نقود في الصندوق الصغير الموجود بجواره، ينتظر أحد المارة ليفكر نيابة عنه في تغيير ما هو مكتوب على اللوحة الموجودة أمامه، ثم يلاحظ بعد حين أن هناك زيادة في النقود التي في الصندوق الذي وضعه بجانبه، وأن الناس يتوقفون عنده، وكان قد شعر بحركة بجانبه بجوار اللوحة، فنادى أحد المارة قائلا كانت هناك لوحة بجانبي، هل هي موجودة، فيرد عليه، نعم موجودة، ومكتوب عليها "نحن في فصل الربيع ولكن لا أستطيع أن استمتع بجماله"!

العبرة- إذن- تكمن في ضرورة التغيير في وسائلنا عندما تكون الحياة على غير ما يرام، وأن لا نركز في أساس المشكلة التي تواجهنا بل علينا التركيز في الحل، لأن مهارة الحياة تكمن في قدراتنا المكتسبة والإجراءات التي نتخذها، والاستعانة بما لدينا من إمكانيات وخبرات سابقة وتجارب مشابهة، ومعرفة ما سبق لنا تعلمه في مجال السيطرة على المواقف الجديدة بكل حيثياتها ومعطياتها لأجل الوصول إلى الحل المناسب أو للحد من أي تأثير سلبي يتركه هذا الموقف الذي سبب لنا الضرر، فالحل يعتمد بشكل رئيس على ردة فعلنا تجاه أي مشكلة وكيفية التعامل معها لإيقاف تبعاتها السلبية والوصول لمرحلة التوازن، لأن المشكلة هي موقف غامض أو سؤال محير يستدعي الفهم والحل، ولا يمكن الإجابة عليه بردة فعل متعجلة، غير محسوبة؛ بل يجب أن تكون استجابتنا عملًا إيجابيًا يستهدف حل الغموض أو اللبس الذي يتضمنه الموقف.

يعتقد الكثير أننا لا بُد أن نتجنب المشاكل أو الفشل أو السلبية دائمًا، وأن لا نتذكرها أبدًا، وهذه النظرة جيدة فهي محفزة، لكن مهلًا، هل حُلّت المشكلة؟ وللإجابة علينا أن نطرح على أنفسنا أولا سؤالًا آخر "هل المشكلة حقيقية"؟، والابتعاد عن المشاكل لا يعني الضعف؛ بل يعني أننا أكثر قدرة على الاستمتاع بالحياة، لذا سنجد فعلا من يؤيد الابتعاد عن المشاكل التي لا تؤثر على مجريات الحياة ولا تسبب لنا عقبات - مشاكل غير حقيقية - والتي يجب تجنبها فعلا، إما المشاكل الحقيقية والتي يجب مواجهتها والوقوف عند أسبابها وعلاجها، فيجب أن ننظر إلى حلولها لا أن ننظر فيها، حيث إن بعد الفشل يأتي النجاح، وإذا تركنا علاج الفشل وأسبابه سيزداد استفحالاً إلى درجة يصعب السيطرة عليه فيما بعد.

إذن.. لنحدد أبعاد المشكلة والتأثير الذي أحدثته سواء على الصعيد الآني أو المستقبلي، ومدى علاقتها بالمشاكل الأخرى إن وجدت، مستذكرين الأحداث التي كانت جزءًا أو كلا في حدوثها، ومن ثم استحضار آليات الحل، واضعين التقييم المناسب للحل ودراسته للحصول على مسار أفضل وأسرع وأكثر أمانا من خلال العصف الذهني، بأقل جهد لطرق الحل، ومن ثم نبدأ في تنفيذ الحل الذي وضعناه للحصول على النتائج، بحيث يصاحب ذلك كله الثقة بالنفس، والمرونة، والشجاعة لاختيار الأفضل، على أن نرمي المشكلة خلف ظهورنا دون أن ننساها كأنها لم تحدث لأن تذكرها يساعد في الاستفادة منها مستقبلا، لكن علينا تجاوزها وعدم الاستمرار بلوم أنفسنا على الفشل، وأن لا نبقى عالقين في دائرة غير قادرين على تجاوزها وتخطي آثارها، ونضعف ثقتنا بأنفسنا إلى درجة التعرض للاكتئاب، والعزلة، وعدم تقدير الذات.

 

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

خبير استراتيجي: مقترح تهجير الفلسطينيين وتصفية القضية خط أحمر لمصر ومصيره الفشل

قال نائب المدير العام للمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية اللواء محمد إبراهيم الدويري، إن مقترح تهجير الفلسطينيين وتصفية القضية الفلسطينية هو خط أحمر لمصر ومصيره الفشل، مشدداً على أن مصر قادرة على رفض أي مواقف تتعارض مع أمنها القومى.

وأضاف اللواء الدويري، في تصريح خاص لوكالة أنباء الشرق الأوسط، اليوم الجمعة، أن المقترح الذي طرحه الرئيس الأمريكي مؤخراً بشأن تهجير سكان قطاع غزة إلى كل من مصر والأردن أثار العديد من ردود الأفعال والكثير من اللغط على مختلف المستويات في ضوء تأثيره المباشر على مستقبل القضية العربية المركزية الأولى وهى القضية الفلسطينية وما يمكن أن يؤدى إليه تنفيذ هذا المقترح من تصفية حقيقية للقضية بغض النظر عن كافة التصريحات الأمريكية التي حاولت أن تضفى جانباً إنسانياً زائفاً على طبيعة هذا المقترح المشبوه .

وتابع: هذا المقترح لا يحتاج إلى اجتهاد كبير فى فهم مغزاه وأهدافه الخفية، مشيراً إلى أنه يتوائم بشكل كبير مع المخططات الإسرائيلية المطروحة منذ أكثر من عقدين من الزمان بشأن تهجير الفلسطينيين من أراضيهم، كما يتماشى فى الوقت نفسه مع الإجراءات الإسرائيلية المكثفة فى الضفة الغربية التى لا تخلو أيضاً من تعمد تهجير سكانها بصورة ممنهجة وتدريجية، وهو ما يعنى فى النهاية أننا أمام مقترح إسرائيلى تبناه وطرحه الرئيس ترامب على غرار صفقة القرن التي طرحها فى يناير عام 2020 خلال ولايته الأولى حيث أنها كانت صفقة إسرائيلية طرحتها الإدارة الأمريكية .

وقال الدويري، إن الأمر الغريب الذي يجب أن نقف عنده كثيراً أن الرئيس الأمريكي طرح مقترح التهجير عقب عودته إلى البيت الأبيض بأيام قليلة الأمر الذى يثير الشكوك حول أن هذا المقترح لم يتم طرحه من فراغ وإنما بناء على رؤية أو دراسة مسبقة ثم ظهر الأمر جلياً خلال لقاء نتنياهو مع الرئيس ترامب فى واشنطن فى الرابع من فبراير الجاري وأصبح المقترح قضية علنية يتحدث عنها العالم .

وأكمل، أنه من المستغرب أيضاً أن نجد أن الرئيس الأمريكي ومساعديه يعيدوا كل يوم التأكيد على المقترح رغم الرفض المصري والأردني والدولي الذي وصل إلى البيت الأبيض وكأن واشنطن ترغب في توصيل رسالة إلى كافة الأطراف بأنها عازمة على التحرك في مسار تنفيذ هذا المقترح بغض النظر عن أية مواقف رافضة له سواء على المستوى الداخلي أو الخارجي.

وأكد أن الموقف المصري الرافض لمقترح التهجير والذي عبرت عنه القيادة السياسية ومختلف المؤسسات الرسمية والشعبية جاء متمشياً تماماً مع الدور المصري المميز والمشرف الذي إلتزمت به مصر منذ بداية القضية الفلسطينية منذ عقود طويلة وحتى الآن وتبنيها قى كافة المحافل مبدأ إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود 67 وعاصمتها القدس الشرقية، وكذا وقوف مصر طوال مراحل القضية ضد كافة محاولات إسرائيل لتصفيتها لاسيما خلال الحرب الأخيرة على غزة حيث اعتبرت مصر أن تهجير الفلسطينيين إلى سيناء يعد خطاً أحمر بالنسبة للأمن القومى المصرى لن نسمح لأحد بتجاوزه .

وشدد الدويرى على أن أي حديث عن إمكانية قبول مصر مثل هذا المقترح، فهو حديث تنقصه الدقة وينقص كل من يتحدث به معرفة طبيعة مواقف الدولة المصرية العظيمة التى لم ولن تتخلى يوماً عن القضية الفلسطينية، كما أن أي حديث عن إمكانية تعرض مصر لأية ضغوط تجبرها على التجاوب مع هذا المقترح يعد حديثاً مرفوضاً ووهمياً حيث أن مصر لم ولن تقبل أن تتنازل عن مبادئها وثوابتها وإلتزاماتها تجاه هذه القضية العادلة مهما كان الثمن سواء بالضغوط أو الإغراءات .

ونبه إلى أنه من الواضح أن هناك مخططاً إسرائيلياً أمريكياً بدأ بطرح مسألة التهجير كمقدمة للوصول إلى مرحلة إنهاء القضية الفلسطينية ودعم المشروع الإسرائيلي للإندماج فى المنطقة دون تقديم أية تنازلات للفلسطينيين، ومن ثم فإن الرفض المصري لهذا المقترح كان سريعاً وواضحاً وطبيعياً.

وأشار إلى أن التحرك المطلوب والعاجل يتمثل فى أن يكون هناك موقفاً عربياً يصل بكل قوة وحزم إلى الإدارة الأمريكية التى عليها أن تعيد حساباتها ليس فقط تجاه هذا المقترح المرفوض ولكن تجاه تسوية القضية الفلسطينية ككل بعيداً عن الإنحياز الأعمى غير المبرر بهذا الشكل لإسرائيل وذلك إذا كانت لديها الرغبة في أن تستقر منطقة الشرق الأوسط.

واختتم اللواء محمد إبراهيم بالتأكيد على أهمية أن تعلم واشنطن أن علاقاتها الإستراتيجية مع مصر، التى نحرص على استمرارها وتطويرها، هى علاقة مصالح مشتركة تحقق المزايا للطرفين فى إطار من التنسيق والتفاهم والإحترام المتبادل ولم تكن يوماً علاقة نخضع فيها لأية تبعية بمعنى "أننا نملك قرارنا بأيدينا ولدينا الحق الكامل والقدرة على رفض أية مواقف أمريكية أو غيرها تتعارض مع متطلبات أمننا القومى".

مقالات مشابهة

  • حوحو :”أشكر اللاعبين على الحرارة رغم الفشل في التتويج “
  •  الفشل الأمريكي في إنقاذ الطيارين الأسرى من فيتنام الشمالية
  • 5 فواكه مفيدة لبشرة مشرقة.. الحل الطبيعي لكل المشاكل
  • ما هو التخطي عند الوقوع في الأزمات؟ نصائح لتجاوز المشاكل من «بودكاست المتحدة»
  • هل تعاني من رائحة فم كريهة؟: اكتشف الأسباب الصحية وراء هذه المشكلة
  • خبير استراتيجي: مقترح تهجير الفلسطينيين وتصفية القضية خط أحمر لمصر ومصيره الفشل
  • تركي الفيصل: المشكلة في فلسطين ليست الفلسطينيين
  • كيف تحصلين على بشرة صافية؟ إليكِ أبرز المشاكل والعلاجات الفعالة
  • كارثة تهدد حياة مرضى الفشل الكلوي في عدن بسبب انقطاع الكهرباء
  • وزير الدفاع الأسبق لـ”المحقق”: الجيش سينتصر في الخرطوم والجزيرة وستبقى المشكلة في دارفور