قال مدير مكتبة الإسكندرية الدكتور أحمد زايد، إن المنطقة العربية تشهد تحديات كبيرة تتخطى الحدود بين الدول، وإن الممارسات السياسية غير كافية لحل كل مشكلات العالم، فبعض المشكلات تتفاقم وتتداخل مع مشكلات أخرى اجتماعية ونفسية وثقافية.


جاء ذلك في كلمة مدير مكتبة الإسكندرية خلال انطلاق ورشة عمل إقليمية اليوم /الثلاثاء/ حول "دبلوماسية العلوم للمنطقة العربية" ينظمها مركز الدراسات والبرامج الخاصة (CSSP) بقطاع البحث الأكاديمي والشريك الإقليمي العربي للأكاديمية العالمية للعلوم في البلدان النامية (TWAS-AREP) في الفترة من 24 إلى 26 أكتوبر 2023.

 


وأكد مدير مكتبة الإسكندرية أهمية الثقافة والعلم في تقديم بدائل أساسية لحل مشكلات العالم، ومن هنا تأتي أهمية دبلوماسية العلوم، حيث يساهم العلماء في حل مشكلات العالم بطرقهم وأساليبهم، مشددا على أن فكرة دبلوماسية العلوم لها جوانب أخلاقية وثقافية وإنسانية لا تتعمق في السياسة، مؤكدًا أن الطريق للمستقبل هو طريق معرفة وابتكار وعلم.


وفي كلمته، قال الدكتور محمود صقر رئيس أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا، إن أقرب تعريف لدبلوماسية العلوم هو الذي وضعه العالم الراحل أحمد زويل حيث قال إنه "استخدام القوة الناعمة للعلم لبناء جسور جديدة للتعاون بين الشعوب".


وأوضح أنه لا يمكن الحديث عن دبلوماسية العلوم دون التطرق لتسييس العلوم والتواصل العلمي، لافتًا إلى أن جائحة كوفيد-19 تعد مثالًا لهذه المصطلحات الثلاثة، حيث تم تسييس القضية في البداية ولم يكن هناك تواصل علمي للبحث في القضية، لكنها تعد أيضًا مثالًا لدبلوماسية العلوم عندما اتحد العلماء للخروج بلقاحات في وقت قياسي. 


وأشار إلى أن أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا تؤكد على أهمية التواصل العلمي وتبسيط العلوم ورفع الوعي المجتمعي بأهمية العلوم، مشيرًا إلى أهمية دبلوماسية العلوم واستخدام قوة العلم في خلق رأي عام جديد تجاه قضايا هامة كقضية تغير المناخ.


وقال إن التعاون العربي في مجال البحث العلمي ضعيف، ولكن هناك عدة مبادرات تهدف لتعزيز التعاون في هذا المجال ومنها مبادرة "التحالفات العربية للبحث والتطوير والابتكار"، كما تطرق إلى عدة أمثلة استطاع فيها البحث العلمي تخطي المواقف السياسية من خلال إنشاء مبادرات ومعاهد للتعاون في مجال البحث العلمي ومد الجسور بين الدول ومنها المعهد الدولي لتطبيقات تحليل النظم بالنمسا.


وأكد صقر أن جيل الشباب في الوقت الحالي لديه فهم عميق أن العلم لا حدود له وأن المعرفة حق للإنسانية وأن الحدود الجغرافية ليس لها تأثير. ودعا الشباب لاستخدام الإمكانات المتاحة للتشبيك بين الدول العربية في مجال البحث العلمي وخلق شبكات ومشروعات مشتركة لتحقيق رفاهية الإنسان والبشرية بعيدًا عن تسييس العلوم. 


وفي كلمتها، قالت الدكتورة صباح المؤمن نائب رئيس الأكاديمية العالمية للعلوم في البلدان النامية للمنطقة العربية، إن دبلوماسية العلوم تنطلق من دور العلم في مواجهة التحديات والمشكلات العالمية، وإرشاد الساسة لاتخاذ القرارات وفقًا للحقائق والدلائل العلمية.


ولفتت إلى أن دبلوماسية العلوم تساهم في بناء الجسور بين العلوم والعلاقات الدولية لتعزيز التعاون لمواجهة التحديات التي تواجه العالم كندرة المياه ونقص الغذاء وغيرها، مؤكدة أن المنطقة العربية يجب أن تواجه التحديات التي تواجهها بشكل جمعي، وأن تسعى للتعاون في مجالات العلوم والتكنولوجيا ومشاركة المعرفة وبناء القدرات مما سيساهم في مواجهة التحديات وتحقيق النمو الاقتصادي وتحقيق الاستقرار السياسي. 


وشددت على أهمية هذه الورشة في مشاركة المعرفة بين المشاركين والتعرف على أفضل الممارسات وبناء الجسور ومناقشة مقاربات العلوم والتكنولوجيا لمواجهة المشكلات المعاصرة. 


ألقى الكلمات الافتتاحية للورشة الدكتور هشام العسكري؛ أستاذ الاستشعار عن بعد وعلوم نظم الأرض بجامعة تشابمان الأمريكية، والدكتورة رفيعة غباش؛ رئيسة الشبكة العربية للمرأة في العلوم والتكنولوجيا، والدكتورة نجوى تركي؛ أستاذة الفيزياء بجامعة تونس المنار. وأدار الجلسة الأستاذ الدكتور يسري الجمل؛ وزير التعليم الأسبق. 


وتحدث الدكتور هشام العسكري أستاذ الاستشعار عن بعد وعلوم نظم الأرض بجامعة تشابمان الأمريكية، عن الآثار المتوقعة للتغير المناخي على منطقة البحر المتوسط وشمال إفريقيا، لافتًا إلى المنطقة تشهد تغيرات كبيرة وستزداد في المستقبل. وقال إن العلم لا يمكنه التنبؤ بالأحداث البيئية كالزلال والأعاصير، ولكن يمكنه رصد التغيرات البيئية وما يمكن أن تؤدي إليه في المستقبل. 


ولفت إلى أن عام 2023 شهد أعلى درجة حرارة على مستوى الكوكب، وقد تم بالفعل رصد زيادة في درجة حرارة البحر المتوسط منذ الثمانينيات حتى الآن، ونظرًا لأن كوكب الأرض متعدد الأنظمة فإن درجة حرارة الماء تعد محركًا لتكوين الأعاصير، مما يفسر وقوع إعصار دانيال في ليبيا.


وأكد العسكري أهمية الجهود المبذولة لرصد التغيرات البيئية ووضع سيناريوهات للمستقبل، مشددًا على أهمية "أنظمة الإنذار المبكر" التي يمكن أن تساهم في إنقاذ الأرواح وتقليل أضرار الحوادث البيئية، لافتًا إلى أنه يتم حاليًا العمل على نموذج نظام إنذار مبكر لمدينة الإسكندرية. 


بدورها، تحدثت الدكتورة رفيعة غباش رئيسة الشبكة العربية للمرأة في العلوم والتكنولوجيا، عن دور الشبكة، مقرها مكتبة الإسكندرية، في تسليط الضوء على نساء العلوم في العالم العربي. ولفتت إلى أن فكرة الشبكة انطلقت من مكتب اليونسكو بالقاهرة بمشاركة ممثلين من 20 دولة عربية، وهي تساهم في إلقاء الضوء على مجتمع نساء العلوم في العالم العربي، إلى جانب إلقاء الضوء على دور المرأة العاملة العربية في الغرب، وتساهم في تغيير الصورة النمطية للمرأة العربية من خلال تواجدها ومساهمتها في الأنشطة العلمية.


وتطرقت الدكتورة رفيعة غباش إلى الخيط الرفيع الذي يفصل بين الدبلوماسية والسياسة، لافتة إلى أن مشاركة المرأة العربية في العلوم أصبحت إحدى مداخل استهداف الأمة العربية لأهداف سياسية. وأشارت إلى وجود اختلال في القيم، لذا يجب على العلماء الحرص على ألا يخلطوا بين الأهداف الأخلاقية والمواقف السياسية. 


وبدورها، تحدثت الدكتورة نجوى تركي عن كيفية تطوير مهارات شباب الباحثين في مجال العلوم والتكنولوجيا وبناء مسار وظيفي في المجال البحثي. ولفتت إلى أهمية الدعم الذي يقدم للباحثين من الجامعات ليتمكنوا من التواصل مع الجهات البحثية، والوصول لفرص التمويل، والتعاون بين المؤسسات العلمية المختلفة. وشددت على أهمية سعي الباحثين للمشاركة في مشروعات البحث العلمي المشتركة، وأن يكونوا على دراية بأحدث التطورات في مجالاتهم، وأن يكون لديهم فهم ورغبة قوية للمساهمة في المعرفة العلمية. كما تحدثت عن خبرتها الشخصية في الحصول على التمويل اللازم لتنفيذ مشروعها البحثي بعد التخرج. 


جدير بالذكر أن ورشة العمل تهدف لمناقشة مفهوم "الدبلوماسية العامة" في المنطقة العربية والدور الذي تلعبه في مجابهة القضايا المحلية والإقليمية مثل قضايا تغير المناخ، وأزمة الغذاء وقضايا البحث العلمي وغيرها من القضايا، وذلك من خلال عرض الجوانب العلمية المتعلقة بهذا المفهوم، ومناقشة أهمية التعاون الوثيق بين العلماء وخاصة شباب العلماء وصُناع القرار والدبلوماسيين وأهمية تضافر تلك الجهود بالتعاون مع المؤسسات والقطاعات المختلفة المحلية والدولية والإقليمية، حتى يتثنى الاستفادة المُثلى من مخرجات البحث العلمي ومن جهود العلماء، ووضع الرأي العلمي المعني بمواجهة التحديات والقضايا العلمية والمجتمعية والبيئية متخطية الحدود وتحت تصرف صانعي القرار.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: مدیر مکتبة الإسکندریة العلوم والتکنولوجیا دبلوماسیة العلوم المنطقة العربیة مشکلات العالم البحث العلمی مجال البحث على أهمیة بین الدول فی مجال إلى أن

إقرأ أيضاً:

مكتبة الإسكندرية والمجتمع السكندري ينعي وفاة الدكتور فتحي أبو عيانة

توفى صباح اليوم الأحد الدكتور فتحي أبو عيانة؛ أستاذ الجغرافيا البشرية بكلية الآداب جامعة الإسكندرية، والرئيس السابق لجامعة بيروت، ونائب رئيس جامعة الإسكندرية السابق، والذي وافته المنية عن عمر ناهز الرابعة والثمانين عامًا.

ونعت مكتبة الإسكندرية وقيادات الثقاف والمجتمع الأكاديمي وفاته.

 
وقال الأستاذ الدكتور أحمد؛ زايد مدير مكتبة الإسكندرية، نيابة عن إدارة المكتبة وجميع العاملين بها بخالص العزاء لأسرة ومحبي الراحل راجين الله تعالى أن يلهمهم الصبر والسلوان.

جدير بالذكر أن الدكتور فتحي أبو عيانة حصل على الأستاذية في سنة 1981، وكان له دور بارز في العمل الأكاديمي والإداري الجامعي، وأخرج عددًا من البحوث والكتب العلميّة في مجال التخصص (الجغرافيا البشريّة) باللغتين العربية والإنجليزية. حصل أبو عيانة على عدد من الجوائز أبرزها جائزة الدولة التقديريّة في العلوم الاجتماعية عام 2016 من المجلس الأعلى للثقافة. وكان الراحل عضو المجلس الأعلى للثقافة ورئيس اللجنة التخصصية العليا للتظلمات بالمجلس الأعلى للجامعات، وهو صاحب حضور دائم في أنشطة مكتبة الإسكندرية والوسط الثقافي المصري.

مقالات مشابهة

  • الدول العربية تلتزم الصمت ازاء اغتيال نصر الله والهجوم على الجنوب
  • جامعة أسيوط تعقد الملتقى العلمي الدوري الأول لقسم الكيمياء بكلية العلوم
  • جامعة أسيوط تنظم الملتقى العلمي الدوري الأول لقسم الكيمياء بكلية العلوم   
  • مكتبة الإسكندرية تنعى الدكتور فتحي أبو عيانة
  • مكتبة الإسكندرية والمجتمع السكندري ينعي وفاة الدكتور فتحي أبو عيانة
  • “الإمارات للمكتبات” تختتم دورة البحث العلمي وتكرم المشاركين
  • نتنياهو: اغتيال نصر الله نقطة تحول بالمنطقة وسنواجه تحديات كبيرة
  • "تمكين" تواصل مناقشة قضايا التمويل والتشريعات لتطوير البحث العلمي والابتكار
  • مكتبة الإسكندرية تختتم فعاليات "احتفالية العلوم" في نسختها الـ17
  • بـ مشاركة أكثر من 5800 طالب و طالبة.. مكتبة الإسكندرية تختتم فعاليات «احتفالية العلوم» في نسختها الـ17