الحرة:
2024-09-19@00:04:44 GMT

يوميات الحرب.. صحفيو غزة يَنعون زملاءهم الراحلين

تاريخ النشر: 24th, October 2023 GMT

يوميات الحرب.. صحفيو غزة يَنعون زملاءهم الراحلين

"لن نرحل.. وسنخرج من غزة إلى السماء وإلى السماء فقط"، كانت هذه العبارة آخر ما كتبه الصحفي رشدي السراج قبل مقتله بغارة إسرائيلية على قطاع غزة، وبينما أتبعها بأخرى عبّر من خلالها عن مخاوفه من "غياب التغطية الإعلامية" بشأن مقتل أكثر من 12 صحفيا، أضيف اسمه بعد أيام إلى قائمة مفتوحة من الضحايا الصحفيين. 

نعى السراج زميله في شركة "عين ميديا"، إبراهيم لافي وتحدث لـ"واشنطن بوست" عن حلمه الأخير في أن "يصبح صحفيا ومخرجا دوليا"، ووفق ما يقول مقربون منه وصحفيون في غزة لموقع "الحرة" فقد كان يعي أنه لن يكون بعيدا عن المصير الذي وصل إليه 18 من زملائه قبله، خلال أسبوعين.

 

"السراج صحفي شاب طموح ونشيط"، أسس قبل عشر سنوات شركته الخاصة المعروفة باسم "عين ميديا"، المتخصصة في إنتاج الأفلام والوثائيقات، برفقة زميله ياسر مرتجى الذي قتل عام 2018، وفق ما يقول الصحفي رمزي أبو القمصان. 

ويضيف الصحفي: "اعتمد رشدي وياسر على جهودهما الذاتية في عملهما الصحفي، وحرصا على إنتاج مواد وقصص توثق كل ما هو جميل وإيجابي في قطاع غزة، رغم الحياة الصعبة التي يعيشها سكانه منذ أكثر من 17 عاما من الحصار الإسرائيلي المشدد الذي طال كل مناحي الحياة". 

View this post on Instagram

A post shared by قناة الحرة | Alhurra (@alhurranews)

وبفضل جهود رشدي وياسر، باتت "عين ميديا" إحدى شركات الإنتاج الإعلامي المهمة في قطاع غزة، ويشير أبو القمصان إلى أنهما "أنتجا عشرات الأفلام والقصص والصور التي تسلط الضوء على جوانب الحياة المختلفة في القطاع، وتعاقدا مع العديد من القنوات الفضائية والوكالات الإقليمية والدولية". 

ومنذ بدء الحرب الأخيرة، عمل السراج مع مئات الصحفيين في غزة على تغطية أخبار القصف المتواصل ومشاهد الضحايا وعائلاتهم المنكوبة أمام المشافي والأبنية المدمّرة. 

وكان يسكن في منطقة تل الهوا في غزة، التي طلب الجيش الإسرائيلي من سكانها الانتقال إلى مناطق أخرى جنوب القطاع، وفارق الحياة إثر ضربة جوية إسرائيلية استهدفت منزله هناك، الأحد الفائت، وفق زميله.

ويتابع أبو القمصان: "رشدي كان رافضا للخروج من حيّه ومنزله جملة وتفصيلا. وكتب عبر فيس بوك: لن نرحل وسنخرج إلى السماء فقط. وهو ما حصل بالفعل". 

تحذيرات

ويقول نقيب الصحفيين الفلسطينيين، ناصر أبو بكر، إن هناك أكثر من ألف صحفي يتواجدون في مستشفى ناصر، والعشرات في مستشفى غزة ومستشفى الشفاء، وآخرين موزعون على المشافي الأخرى، منذ بدء التصعيد الإسرائيلي. 

ويحذر أبو بكر من "مجزرة جماعية في غزة ضد الصحفيين"، لافتا إلى مقتل أكثر من "18 زميلا وزميلة.. بسبب عمليات القصف والاستهداف"، وأن أكثر من 50 مؤسسة إعلامية دمرت بالكامل، والبعض تعرض لأضرار بالغة، بينما هناك 22 إذاعة محلية متوقفة عن العمل، بسبب القصف.

View this post on Instagram

A post shared by قناة الحرة | Alhurra (@alhurranews)

ويتابع: "لم تبق أماكن آمنة في غزة حتى يمارس الصحفيون عملهم بشكل أمن، لذلك نتجه للمستشفيات ونقوم بتزويدها بالمعدات اللازمة، حتى يستطيعوا مباشرة متابعة عملهم".

ويواجه الصحفيون في غزة مخاطر عالية بشكل خاص أثناء محاولتهم تغطية تبعات الغارات الجوية، وسط انقطاع الاتصالات والتيار الكهربائي على نطاق واسع.، حسب لجنة حماية الصحفيين. 

وقالت اللجنة، في آخر تقاريرها، إنها وحتى تاريخ الرابع والعشرين من أكتوبر الحالي تأكدت من مقتل 23 صحفيا، بينهم 19 فلسطينيا و3 إسرائيليين ولبناني واحد. 

ويقول الصحفي، مروان الغول: "الصحفي الفلسطيني تحت الخطر بكل وقت. الحرب الحالية استثنائية. الصحفي له أسرة وعائلة وهو تحت خط النار". 

.

ويضيف لموقع "الحرة": "أعرف صحفيين لم يتذوقوا طعم النوم، وهم يعملون على ملاحقة الأحداث، وبين همومهم الشخصية وأحزانهم على عائلاتهم المتفرقة هنا وهناك.. الكثير من الصحفيين هدمت بيوتهم وتشرد أبناؤهم. الصحفي في غزة استثنائي بلا شك"، وفق تعبير الغول. 

ويتحدث عن رشدي السراج الذي يعرفه عن قرب ويعرف عائلته، بقوله: "كان شابا مهذبا وخلوقا جدا.. هادئ ويعمل بصمت وبهدوء من أجل نقل الحقيقة". 

ولا يعلق الجيش الإسرائيلي على حصيلة الضحايا في قطاع غزة، التي تجاوزت حتى الآن حاجز 5000 قتيل، بينهم نساء وأطفال، حسب بيانات وزارة الصحة الفلسطينية. 

ولم يرد سابقا على طلب "واشنطن بوست" للتعليق على مقتل صحفيين، فلسطينيين ما لم يتم إعطاؤه التوقيت الدقيق والإحداثيات الجغرافية لمواقع قتلهم. 

ويحشد الجيش الإسرائيلي لهجوم بري على القطاع المحاصر، ردا على هجوم حماس المباغت، الذي أسفر عن مقتل أكثر من 1400 شخص، معظمهم مدنيون وبينهم نساء وأطفال. كما اختطف مقاتلو "حماس" لدى انسحابهم إلى غلاف غزة إلى القطاع العشرات، معظمهم مدنيون، وبينهم أيضا أطفال ونساء.

أما في غزة، فقالت السلطات الصحية، في بيان اليوم الثلاثاء، إن 5791 فلسطينيا قتلوا في ضربات إسرائيلية منذ السابع من أكتوبر، معظمهم مدنيون، وبينهم 2360 طفلا.

"برس وخوذة ودرع" 

ويتمتع الصحفيون، بحكم وضعهم كمدنيين، بحماية القانون الدولي الإنساني من الهجمات المباشرة، شريطة ألا يشاركوا مباشرة في الأعمال العدائية.

وتشكل أي مخالفة لهذه القاعدة انتهاكا خطيرا لاتفاقيات جنيف وبروتوكولها الإضافي الأول، فضلا عن أن التعمد في توجيه هجوم مباشر ضد شخص مدني يرقى أيضا إلى "جريمة حرب"، بمقتضى نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية. 

وطوال الأسبوعين الماضين اعتاد الصحفي أحمد الإبراهيم النوم في إحدى مشافي غزة، وتحدث لموقع "الحرة" ليلة الثلاثاء مكررا عبارة: "الجو بارد جدا وأغلب الصحفيين تعبانين على الآخر". 

ويوضح الإبراهيم أن "الصحفيين في غزة منذ الحرب.. لم يذهبوا إلى منازلهم، لأنها مهددة بالاستهداف، وهذا عليه الكثير من الشواهد".

ويقول: "تم استهداف صحفيين أعرفهم وبشكل مباشر. هشام النواجحة وسعيد الطويل". الأول كان يعمل في وكالة "خبر" والثاني رئيس تحرير "وكالة الأنباء الخامسة". 

"الصحفي الفلسطيني يواجه مخاطر كثيرة ولا تأمين على حياته. كلمة برس (صحافة) أو الخوذة والدرع لا تعني شيئا ولا تحيد من يلبسها عن الاستهداف".  

ويتابع الإبراهيم: "الصحفي في غزة معرض للاستهداف أكثر من أي أحد. الجيش الإسرائيلي يستهدف أي شيء متحرك على أرض الميدان". 

وفي القطاع، الذي أحكمت إسرائيل حصاره بعد هجوم حماس المصنفة إرهابية، بات الصحفي يعيش "مشاعر مختلطة ومتصارعة". 

وتدور هذه المشاعر المتصارعة، وفق الصحفي رمزي أبو القمصان "بين متطلبات عمله المهني من المتابعة على مدار الساعة والتغطية لمجريات الأحداث، وما بين كونه إنسانا يجري عليه ما يجري على أهله وأبناء شعبه من خوف وتشريد وترقب نتيجة القصف الإسرائيلي العنيف والوحشي، الذي لا ينقطع على مدار الساعة والدقيقة". 

ويضيف أبو القمصان: "من جهة مطلوب من الصحفي تغطية الأحداث، ومتابعة الأخبار العاجلة وأماكن القصف، وعدّ الشهداء والمصابين في المستشفيات، ونقل الصور عن فظاعة ما ترتكبه إسرائيل من جرائم بحق المدنيين في غزة". 

ومن جهة أخرى "مطلوب منه كإنسان أن يحاول تأمين أهل بيته قدر المستطاع – مع أنه لا مكان آمنا في غزة مطلقا". 

فضلا عن سعيه للبحث عن "توفير احتياجاتهم ومتطلباتهم المعيشية، خاصة في ظل حلة الحصار المطبق الذي تفرضه إسرائيل على قطاع غزة، وقطع للماء والكهرباء والوقود والخبز والمواد الغذائية والأساسية". 

من جهته، يعتبر الصحفي مروان الغول أن "الجيش الإسرائيلي في غزة لا يفرق بين طفل ومدني وامرأة وصحفي. ويهدف إلى قتل الجميع وخاصة الصحفيين لأنهم شهداء الحقيقة". 

"لا نتحرك حتى نرى الضوء" 

وبعد مرور أكثر من أسبوعين من حملة القصف الإسرائليلية على قطاع غزة، بات معظم الصحفيين يقيمون بالقرب من المشافي.  

ومع ذلك يتنقل الكثير منهم إلى ما هو أبعد من ذلك، ليوثقوا مشاهد الدمار والضحايا وقصص الأطفال والعائلات المنكوبة، بعدما قصفت منازلها، وباتت مشردة بين النقاط الطبية والأحياء البعيدة نسبيا عن الضربات المركزة. 

ويوضح الصحفي الإبراهيم: "كصحفيين لا نتحرك بعد الساعة السادسة مساء إلى أماكن الاستهداف، سواء لكي نصوّر أو نغطي الحدث".  ويقول: "الكثير من الأماكن تم استهدافها ولم نعرف عنها إلا مع طلوع الضوء"، في إشارة منه إلى ساعات الصباح. 

أما الصحفي رمزي أبو القمصان فيقول إن الصحفي في غزة يتوقع في أي لحظة أن يسمع خبرا عن مقتل أو إصابة أفراد عائلته. و"كثيرا ما يتفاجأ برؤيتهم بين الضحايا الذين يصلون المستشفيات أثناء تغطيته". 

وتعيش غزة في الوقت الحالي "أوضاعا مأساوية للغاية على الصعيد الإنساني"، حيث ينزح داخليا أكثر من مليون ونصف مواطن إلى منازل أخرى أو مدارس إيواء، "بفعل تعرض المناطق التي يسكنوها إلى القصف الشديد، دون سابق إنذار أو تحذير". 

وإضافة إلى عدد القتلى الذين توثقهم السلطات الصحية في غزة، يوجد أكثر من 1500 مفقود تحت أنقاض المنازل وفق المصدر نفسه، ولا تتمكن أطقم الإنقاذ والدفاع المدني من انتشالهم بفعل شح الموارد وانعدام الأدوات والمعدات والآليات الثقيلة. 

ويقول أبو القمصان: "على مدار السنوات الماضية والحروب والتصعيدات التي غطيناها سابقا في غزة، لم نشهد هذه الشراسة والوحشية التي يتعامل بها الجيش الإسرائيلي وطيرانه والجرائم التي يرتكبها بحق المدنيين على نطاق واسع جدا دون استثناء". 

ويتابع أن ما سبق "يضفي عوامل ضغط كبيرة على الصحفي في غزة في زمن الحرب.. نحن نأمل أن يتوقف هذا العدوان على غزة في أسرع وقت، فليس هناك شيء جيد في الحرب.. سوى انتهائها". 

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: الجیش الإسرائیلی الصحفی فی غزة أبو القمصان الکثیر من قطاع غزة أکثر من

إقرأ أيضاً:

السودان يحترق والقوى الأجنبية تستفيد.. ما المكاسب التي تجنيها الإمارات من الأزمة؟

نشر موقع "ذا كونفرسيشن"  تقريرًا بيّن فيه أن تدخّل جهات أجنبية لإطالة أمد الحرب في السودان يجعل من الصعب على البلاد إيجاد السلام.

وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إن هذا الصراع قد اتخذ بعدًا إقليميًا ودوليًا حيث تدعم العديد من الجهات الفاعلة الخارجية الطرفين المتحاربين بالأسلحة والذخيرة والمال. وتبرز الإمارات كواحدة من أكثر الجهات الأجنبية استثمارًا في الحرب.

واستعرض الموقع رؤية مي درويش، التي درست التحالفات التي تشكلها دول الشرق الأوسط في القرن الأفريقي، حول الوضع في السودان.

وفي سؤالها عن سبب بُعد تحقيق السلام في السودان، أوضحت مي أن السودان، خلال سنة واحد فقط من اندلاع الحرب الأهلية، تحوّل إلى مسرح لإحدى أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم. فالدولة، التي كانت تعد أكبر منتج زراعي في إفريقيا وكان يُنظر إليها على أنها "سلة خبز" محتملة للمنطقة، أصبحت الآن على حافة مواجهة أسوأ مجاعة يشهدها العالم.


وحسب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، نزح أكثر من 7 ملايين شخص داخليًا وفرّ ما يقارب مليونا شخص إلى البلدان المجاورة بينما يحتاج 25 مليونًا بشدة إلى المساعدة الإنسانية. وتشير التقديرات إلى مقتل أكثر من 20 ألف شخص منذ بدء الحرب في نيسان/ أبريل 2023.

مع ذلك، تظل احتمالات السلام قاتمة حيث لا تظهر أي علامات على تراجع القتال، وفشلت الجهود الرامية إلى عقد محادثات السلام، ويؤدي تورط الجهات الفاعلة الأجنبية إلى إطالة أمد العنف. وذكرت مي أن القوى الإقليمية والجيران قد اصطفوا خلف أحد الجنرالين في قلب الصراع: عبد الفتاح البرهان من القوات المسلحة السودانية ومحمد "حميدتي" دقلو من قوات الدعم السريع شبه العسكرية. وقد اتهمت الأمم المتحدة كلا الطرفين المتحاربين منذ ذلك الحين بارتكاب جرائم حرب وتطهير عرقي وجرائم ضد الإنسانية.

وأضافت مي أن السودان محاط بمراكز رئيسية لتهريب الأسلحة عبر دول مثل ليبيا وتشاد وجمهورية إفريقيا الوسطى. كما تموّل دول مثل الإمارات وإيران الحرب عبر هذه الدول في انتهاك لحظر الأسلحة الذي فرضته الأمم المتحدة على السودان.

وبسؤالها عن أكبر الجهات الأجنبية، أشارت مي إلى أن هناك العديد من الجهات الفاعلة الإقليمية والدولية التي لها مصالح في استمرار الصراع. فعلى سبيل المثال، تدعم مصر والسعودية الجيش السوداني. وتدعم الإمارات وليبيا وروسيا (من خلال مجموعة فاغنر) قوات الدعم السريع شبه العسكرية.

وأوضحت مي أن الإمارات برزت باعتبارها اللاعب الأجنبي الأكثر استثمارًا في الحرب. وهي تنظر إلى السودان الغني بالموارد وموقعه الاستراتيجي كفرصة لتوسيع نفوذها وسيطرتها في الشرق الأوسط وشرق إفريقيا.

منذ سنة 2018، استثمرت الإمارات أكثر من 6 مليارات دولار أمريكي في البلاد. ويشمل ذلك الاحتياطيات الأجنبية في البنك المركزي السوداني ومشاريع الزراعة وميناء البحر الأحمر. كما جندت الإمارات مقاتلين من السودان ودفعت رواتبهم، معظمهم من قوات الدعم السريع، للانضمام إلى صراعها في اليمن.


منذ سنة 2019، قوّضت الإمارات عملية الانتقال الديمقراطي في السودان في أعقاب الإطاحة بالرئيس عمر البشير الذي حكم البلاد لفترة طويلة. وقامت أبو ظبي بتمكين كل من الجيش والقوات شبه العسكرية ضد الجناح المدني للحكومة.

ومع اندلاع الحرب الأهلية، ركزت الإمارات على قوات الدعم السريع. وقد نفت أبو ظبي مرارًا وتكرارًا تورطها في تسليح القوة شبه العسكرية أو دعم زعيمها حميدتي. لكن تشير الأدلة إلى خلاف ذلك وأصبح الدور المظلم للإمارات في الحرب "سرًا مكشوفًا".

كان مغني الراب الأمريكي ماكليمور قد أعلن إلغاء حفل تشرين الأول/ أكتوبر 2024 في دبي بسبب دور الإمارات العربية المتحدة "في الإبادة الجماعية والأزمة الإنسانية المستمرة"، ما أدى إلى إشعال الاهتمام الدولي بدور أبو ظبي في الحرب.

وبينت مي أن تورط الإمارات في السودان يسلط الضوء على نمط أوسع في السياسة الخارجية لهذه الإمارة في العقد الماضي: التحالف مع القوى المحلية لتأمين المصالح الجيوسياسية والاقتصادية في جميع أنحاء الشرق الأوسط وشرق إفريقيا.

وأفادت مي بأن الإمارات قد انضمت إلى روسيا لدعم قوات الدعم السريع في السودان من خلال مجموعة فاغنر. وكانت مجموعة فاغنر نشطة في السودان منذ سنة 2017، في المقام الأول فيما يتعلق بمشاريع استخراج الموارد في مناطق مثل دارفور، حيث كانت قوات حميدتي نشطة وأصبحت حليفًا مركزيًا في هذه المساعي.

وحسب خبراء الأمم المتحدة، أنشأت الإمارات عمليات لوجستية لإرسال الأسلحة إلى قوات الدعم السريع من خلال شبكاتها في ليبيا وتشاد وجمهورية أفريقيا الوسطى وجنوب السودان وأوغندا. وتم إخفاء الأسلحة والإمدادات تحت غطاء المساعدات الإنسانية.


‌الإمارات وسرقة الذهب
وفيما يتعلق بالفائدة التي تعود على الإمارات، ذكرت مي أن التفاعلات والتحالفات التي تشمل الإمارات وقوات الدعم السريع تعكس الطبيعة المعقدة وغير الشفافة غالبًا للمناورة الجيوسياسية الحديثة في السودان حيث تشير التقارير إلى أن حميدتي يعمل كوصي على المصالح الإماراتية في السودان، التي تشمل الذهب والمنتجات الزراعية.

وتابعت مي أن الذهب كان أحد المحركات الرئيسية للصراع في السودان فهو يسمح لكلا الطرفين بتغذية آلات الحرب الخاصة بهما. وتعتبر الإمارات المستفيد الرئيسي من هذه التجارة ذلك أنها تتلقى كل الذهب المهرب من السودان تقريبًا وأصبحت مركزًا لغسل الذهب المهرب إلى السوق العالمية. وتُظهر أحدث الإحصاءات المتاحة أن الإمارات استوردت رسميًا معادن ثمينة من السودان بقيمة حوالي 2.3 مليار دولار أمريكي في سنة 2022.

وأضافت مي أن الإمارات تستورد 90 بالمائة من إمداداتها الغذائية. ومنذ أزمة الغذاء العالمية في سنة 2007، جعلت الإمارات الأمن الغذائي أحد أهم أولوياتها وبدأت الاستثمار في الأراضي الزراعية في الخارج.

وذكرت مي أن هناك شركتان إماراتيتان تقومان بزراعة أكثر من 50 ألف هكتار في شمال السودان، مع خطط للتوسع، ثم يتم شحن المنتجات الزراعية عبر البحر الأحمر. ولتجاوز ميناء السودان، الذي كانت تديره الحكومة السودانية، وقّعت الإمارات صفقة جديدة في سنة 2022 لبناء ميناء جديد على ساحل السودان تديره مجموعة موانئ أبو ظبي. كما استخدمت الإمارات قوات الدعم السريع لتأمين مصالحها وطموحاتها في تحقيق الأمن الغذائي.


وبسؤالها عمن يستطيع كسر الجمود في السودان، قالت مي إن الوضع الإنساني في السودان يتدهور، لكن المجتمع الدولي لم يفعل الكثير لمعالجته. وبالإضافة إلى عدم قدرته على جمع المساعدات الكافية للسودان، لم يمارس المجتمع الدولي أي ضغوط على الإمارات وفشل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في معالجة الادعاءات الموثوقة التي قدمتها لجنة الخبراء الخاصة به بشأن تورط أبو ظبي في السودان.

وأشارت مي إلى الاتهام الذي وجهته منظمة هيومن رايتس ووتش لقوات الدعم السريع بارتكاب جرائم إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية وتطهير عرقي في الحرب الدائرة. مع ذلك، لا توجد احتمالات لمحاسبة الإمارات على دورها مع القوة شبه العسكرية حتى الآن. وتستمر البلاد في الاستفادة من تحالفاتها مع الغرب. وما لم يكن المجتمع الدولي على استعداد لمنع الجهات الفاعلة الأجنبية من تأجيج الصراع، فإن السودان يخاطر بالانزلاق إلى أزمة إنسانية كارثية ستطارد العالم لعقود قادمة.

وأشارت مي إلى الاتهامات التي وجهتها منظمة هيومن رايتس ووتش لقوات الدعم السريع بارتكاب جرائم إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية وتطهير عرقي خلال الحرب الدائرة. ومع ذلك، لم تُتخذ أي خطوات حتى الآن لمحاسبة الإمارات على دعمها لتلك القوة شبه العسكرية، بل تستمر الإمارات في الاستفادة من تحالفاتها مع الدول الغربية. وإذا لم يتخذ المجتمع الدولي خطوات جادة لمنع التدخلات الأجنبية التي تغذي هذا الصراع، فإن السودان يواجه خطر الغرق في أزمة إنسانية مدمرة قد تستمر في التأثير على العالم لعقود قادمة.

مقالات مشابهة

  • حسن إسماعيل: هذا هو السبب الذي اشعل الحرب في السودان(….)
  • رئيس أركان الجيش الإسرائيلي: لدينا الكثير من القدرات التي لم نستخدمها بعد
  • "9 أسماء".. الراحلين عن الأهلي في الميركاتو الصيفي
  • وزير الخارجية المصري: حماس تؤكد لنا التزامها الكامل باقتراح وقف إطلاق النار الذي توصلنا إليه في 27 مايو والتعديلات التي أجريت عليه في 2 يوليو
  • الرئيس العراقي اتّصل بميقاتي.. وأدان الاعتداء الذي تعرّض له لبنان
  • الاحتلال الإسرائيلي يعتقل أكثر من 30 فلسطينيًا بمختلف مناطق الضفة الغربية
  • السودان يحترق والقوى الأجنبية تستفيد.. ما المكاسب التي تجنيها الإمارات من الأزمة؟
  • وكيل نقابة الصحفيين: المرصد المصري للصحافة والإعلام أكثر المؤسسات تميّزًا في ملف الرصد والتوثيق
  • مصادر: "الخطوات المتهورة" التي تخطط لها حكومة نتنياهو في الشمال قد تورِّط إسرائيل في مشكلة أكثر صعوبة
  • قائمة بأسماء شهداء الإبادة الجماعية بغزة ضمت أكثر من 34 ألفا