الدعم الأمريكي اللامحدود لإسرائيل.. ما مدى حضور العقائدية فيه؟
تاريخ النشر: 24th, October 2023 GMT
بعد عملية "طوفان الأقصى" سارعت الإدارة الأمريكية إلى تقديم دعمها الكامل للكيان الصهيوني، وتوافد على تل أبيب كل من وزير خارجيتها، أنتوني بلينكن، ووزير دفاعها، لويد أوستن، ثم توجت بزيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، الذي أعلن وأكدّ دعمه المطلق للكيان الإسرائيلي في عدوانه على غزة.
وكان لافتا ما قاله وزير الخارجية الأمريكي في تل أبيب "لم آت إلى إسرائيل بصفتي وزيرا للخارجية فحسب، بل بصفتي يهوديا أيضا"، وكذلك ما قاله الرئيس الأمريكي جو بايدن في اجتماعه مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وحكومة الطوارئ خلال زيارته لإسرائيل، "لا أعتقد أنه يتعين عليك أن تكون يهوديا كي تكون صهيونيا، وأنا صهيوني".
ووفقا لمراقبين فإن دعم الولايات المتحدة الأمريكية الثابت لإسرائيل منذ نشأتها ولغاية الساعة، يمكن إرجاعه إلى عدة أسباب، حسب رؤى تفسيرية يقدمها باحثون وأكاديميون تفسر تلك العلاقة، كوجود تحالف استراتيجي بينهما، فأمريكا تعد إسرائيل شريكا استراتيجيا موثوقا به في الشرق الأوسط".
في هذا السياق أوضح الأكاديمي والباحث السياسي، الدكتور صبري سميرة أن الدعم الأمريكي الكبير لإسرائيل يأتي في إطار "صنعها لسياساتها وقراراتها ومواقفها تجاه الشؤون العامة، أو السياسة الداخلية أو الخارجية، أو في قواعد العلاقات الدولية التي تتبعها أمريكا، والتي تقوم على حماية الأمن القومي الأمريكي ومصالحها الكبرى داخليا وخارجيا".
صبري سميرة، محلل سياسي وباحث في الشؤون الدولية والأمريكية.
وأضاف: "لذلك هم يجدونه واجبا، ومن لوازم تحقيق ذلك أن يحافظوا على تحالفات أمريكا وتوازناتها وحلفائها ووجودها في منطقة الشرق الأوسط، ومن ذلك حساباتها وتقديراتها في دعم إسرائيل دعما مطلقا".
ولفت سميرة في حديثه لـ"عربي21" إلى ضرورة "التنبيه على أن أمريكا الداعم المطلق لإسرائيل التي نتكلم عنها هنا، هي أمريكا صناع القرار والنخب الحاكمة التي لها حساباتها الشخصية، وجماعات الضغط وجماعات المصالح الكبرى وغيرها، وكثير من النخب السياسية والإعلامية كذلك".
وتابع: "لكن هذه كلها لا تمثل الشعب الأمريكي ورأيه العام، وفئات أخرى من نخبه السياسية والإعلامية والشعبية، وخاصة الشبابية المنقسمة مناصفة تجاه القضية الفلسطينية، وما يجري في غزة، بما في ذلك أجزاء معتبرة من اليهود الأمريكيين، فمعظم استطلاعات الرأي التي تصدر تبين أن الشعب الأمريكي مع وقف الحرب، ومع حل عادل للقضية الفلسطينية، ومع وقف أي اعتداءات على حقوق الإنسان".
وأردف: "وسوف يكون هنالك ارتدادات كثيرة في الداخل الأمريكي، وتغيرات جارية ومستقبلية في الرأي العام الأمريكي، وهذا سيؤثر على السياسة الأمريكية في المدى القصير والمتوسط والبعيد، وهناك 100 من أعضاء مجلس النواب الأمريكي تطالب الآن بوقف العدوان على غزة، وإدخال المساعدات".
وعن مدى حضور البعد العقائدي في سياسة أمريكا الخارجية الداعمة لإسرائيل، قال سميرة "السياسيون يستخدمون الدين، وليس الدين هو الذي يوجه هذه السياسات، تماما كما يحدث في عالمنا العربي والإسلامي وحول العالم وعبر التاريخ، ولا أراه سيتغير كثيرا في القريب، ويمكن تفسير تعبيرات الرئيس ووزير خارجيته الشخصية والعامة في هذا الإطار، وقد يكون بعضها قناعات شخصية، لكنها لا تمثل أمريكا أو الإدارة الأمريكية" وفق قوله.
من جهته رأى الداعية الأردني، والباحث الشرعي المقيم في أمريكا، محمد الحايك أن "البعد الديني كان ولا يزال حاضرا بقوة في هذا الصراع، لأن العقيدة البروتستانتية الإنجيلية Evangelicals التي يدين بها حوالي ثمانين مليون أمريكي ترى أن الله أعطى فلسطين لليهود، والمسيح لن يرجع إلى الأرض إلا بعد سيطرة اليهود على فلسطين، وبناء الهيكل مكان المسجد الأقصى".
وأردف: "المسيحيون البروتستانت في الولايات المتحدة هم أصوليون متهودون، أو بشكل أدق متصهينون، ولذلك يسمون بالمسيحيين المتصهينيين، وهذا التيار المسيحي المتصهين ذو نفوذ واسع، وبعض التقديرات تشير إلى امتلاكه حوالي مائة محطة تلفزيونية، وأكثر من ألف محطة إذاعة، وحوالي مائة ألف قسيس مبشر".
وتابع: "ولهذا التيار منظمات فاعلة أهمها وأكبرها منظمة Christians united for Israel، ويصل عدد أعضائها إلى أكثر من عشرة مليون مسيحي، ولها نفوذ سياسي كبير، وهم في الغالب يصوتون للحزب الجمهوري".
وعن دلالة ما قاله الرئيس الأمريكي في اجتماعه الأخير مع نتنياهو، قال الحايك لـ"عربي21": "مع أن الرئيس بايدن كاثوليكي إيرلندي الأصل إلا أنه قال في ذلك الاجتماع "لا أعتقد أن عليك أن تكون يهوديا لتكون صهيونيا، وأنا صهيوني" ما يعني أن الكاثوليكي يصبح هنا متصهينا أيضا، وليس البروتستانتي وحده" حسب عبارته.
ولفت الباحث الشرعي الحايك، إلى أن "قوة اللوبي الصهيونيAIPAC ونفوذه الطاغي في السياسة الأمريكية تجعل من السياسة في أمريكا ـ حينما يتعلق الأمر بإسرائيل ـ هي والدين شيئا واحد، لذا يخطب ود الصهيونية كلا الحزبين ويزاود كلاهما على الآخر في دعم مشروعها السياسي في إسرائيل حيث انصهرت اليهودية والصهيونية في بوتقة واحدة يدعمها المسيحي البروتستانتي المتهود كما يدعمها الكاثوليكي المتصهين".
بدروه اعتبر أستاذ العلاقات الدولية بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، الدكتور سعيد الصديقي "تأثير اللوبي الإسرائيلي في أمريكا على السياسة الخارجية الأمريكية هو العامل أو المحدد الأساسي للسياسة الخارجية الأمريكية تجاه إسرائيل، وله تأثير كبير على مختلف المستويات الإعلامية والمالية والاقتصادية والانتخابية".
سعيد الصديقي ، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس.
وأضاف: "ونحن الآن على مشارف الانتخابات الرئاسية القادمة، فعلى الرغم من أن الرئيس الأمريكي بايدن، حتى قبل توليه الرئاسة عبر عن دعمه اللامحدود لإسرائيل، لكن على المستوى العملي هو الآن يعطي الأولوية أكثر للوبي الإسرائيلي، وهذا ما يفسر غالب مواقف وقرارات الولايات المتحدة تجاه الصراع الفلسطيني الإسرائيلي والتي غالبا ما تكون لصالح إسرائيل، ولا تكون خادمة للوطنية الأمريكية، لأنها تُتخذ تحت تأثير اللوبي الإسرائيلي وضغوطه المختلفة".
وردا على سؤال "عربي21" بشأن تأثير العامل العقدي على رسم السياسات الأمريكية الخارجية تجاه إسرائيل لم يستبعد الأكاديمي المغربي الصديقي "وجود ذلك العامل، لكن العامل الأقوى والأشد تأثيرا برأيه هو تأثير اللوبي الإسرائيلي فهو المحدد الرئيسي للسياسة الأمريكية الخارجية في المنطقة بوجه عام، وتجاه إسرائيل بوجه خاص".
وختم حديثه بالإشارة إلى أن تأثير اللوبي الإسرائيلي عبر أذرعته الإعلامية والاقتصادية والمالية وغير ذلك هو "ما يجعل كثيرا من السياسيين والأكاديميين والإعلاميين الغربيين، ينافقون إسرائيل، ولا يقولون الحقيقة".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية الفلسطينية مواقف امريكا احتلال فلسطين مواقف آراء سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الرئیس الأمریکی
إقرأ أيضاً:
وزير الخارجية الأمريكي يدعو إلى محاسبة "مرتكبي المجازر" ضد الأقليات في سوريا
اتهم وزير الخارجية الأمريكي، ماركو روبيو، "الجماعات الإسلامية المتطرفة" بالوقوف وراء "المجازر" التي استهدفت الأقليات بسوريا في الأيام الأخيرة، مشددًا على ضرورة محاسبة المسؤولين عنها.
وفي بيان صادر عنه، أشار روبيو إلى أن "الولايات المتحدة تقف إلى جانب الأقليات الدينية والعرقية في سوريا، بما في ذلك المسيحيون والدروز والعلويون والأكراد، وتقدم تعازيها للضحايا وعائلاتهم". وأضاف: "يجب على السلطات السورية المؤقتة اتخاذ جميع الإجراءات لمحاسبة مرتكبي هذه المجازر ضد الأقليات".
وكانت أعمال العنف قد اندلعت ضد الأقليات بعد هجوم نفذه مسلحون موالون للرئيس السابق بشار الأسد، الذي ينتمي إلى الأقلية العلوية، ضد قوات الأمن الجديدة.
ووفقًا للمرصد السوري لحقوق الإنسان، فقد قتلت قوات الأمن والجماعات المتحالفة معها ما لا يقل عن 745 مدنيًا علويًا في محافظتي اللاذقية وطرطوس. كما ارتفعت حصيلة القتلى، خلال أيام من الاشتباكات بين المسلحين إلى أكثر من 1000 قتيل بحلول يوم السبت.
فيما دعا الرئيس المؤقت، أحمد الشرع، الذي قاد "هيئة تحرير الشام" خلال الهجوم الذي أطاح بالأسد، إلى تحقيق التعايش الوطني بعد أعمال القتل التي شهدتها البلاد. وقال: "ما دامت الثورة خرجت من هذه المساجد فلا خوف على سوريا"، قائلاً إن الأزمة الحالية "عدّت على خير".
الموقف الأمريكي من السلطة الجديدةفي عهد الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن، أجرت الولايات المتحدة محادثات مع الشرع بعد وصوله إلى السلطة، إلا أن بايدن شدد على أن أي تطبيع للعلاقات سيظل مرهونًا بتوفير ضمانات لحماية الأقليات وتعزيز الاستقرار.
أما الرئيس دونالد ترامب، فقد تبنى موقفًا مختلفًا، مؤكدًا أن الولايات المتحدة ليست لديها مصلحة كبيرة في سوريا، وينبغي أن تنأى بنفسها عن الصراع هناك. وكان قد صرح سابقًا برغبته في سحب القوات الأمريكية المنتشرة في سوريا، والتي تعمل على مكافحة تنظيم داعش.
Relatedالشرع: سوريا غير قابلة للتقسيم وليست حقلاً للتجاربالاتحاد الأوروبي يُعلّق عقوبات على قطاعات رئيسية في سوريا لدعم التعافي الاقتصادي والاستقرارفيلم يوثق زيارة مراسل إسرائيلي إلى دمشق يُعرض الليلة وسط موجة غضب في سورياوعلى صعيد العقوبات، لم تنضم الولايات المتحدة إلى بريطانيا في قرارها، يوم الخميس، تخفيف العقوبات المفروضة على سوريا خلال عهد الأسد. حيث أعلنت لندن عن إزالة 24 كيانًا سوريًا من قائمة العقوبات.
وبحسب إشعار نُشر على الموقع الرسمي للحكومة البريطانية، فقد شمل القرار رفع التجميد عن أصول مصرف سوريا المركزي، والمصرف التجاري السوري، والمصرف الزراعي التعاوني، إلى جانب كيانات أخرى كانت خاضعة للعقوبات الاقتصادية.
Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية سوريا: أكثر من 600 قتيل في يومين خلال معارك بين القوات الحكومية وموالين لنظام الأسد يهود أمريكيون يطالبون ترامب برفع العقوبات عن سوريا لإعادة بناء المعابد اليهودية هجوم إسرائيلي على ميناء طرطوس شمال غربي سوريا سورياجرائم حربالولايات المتحدة الأمريكيةأبو محمد الجولاني طائفةهيئة تحرير الشام