بعد عملية "طوفان الأقصى" سارعت الإدارة الأمريكية إلى تقديم دعمها الكامل للكيان الصهيوني، وتوافد على تل أبيب كل من وزير خارجيتها، أنتوني بلينكن، ووزير دفاعها، لويد أوستن، ثم توجت بزيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، الذي أعلن وأكدّ دعمه المطلق للكيان الإسرائيلي في عدوانه على غزة.

وكان لافتا ما قاله وزير الخارجية الأمريكي في تل أبيب "لم آت إلى إسرائيل بصفتي وزيرا للخارجية فحسب، بل بصفتي يهوديا أيضا"، وكذلك ما قاله الرئيس الأمريكي جو بايدن في اجتماعه مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وحكومة الطوارئ خلال زيارته لإسرائيل، "لا أعتقد أنه يتعين عليك أن تكون يهوديا كي تكون صهيونيا، وأنا صهيوني".



ووفقا لمراقبين فإن دعم الولايات المتحدة الأمريكية الثابت لإسرائيل منذ نشأتها ولغاية الساعة، يمكن إرجاعه إلى عدة أسباب، حسب رؤى تفسيرية يقدمها باحثون وأكاديميون تفسر تلك العلاقة، كوجود تحالف استراتيجي بينهما، فأمريكا تعد إسرائيل شريكا استراتيجيا موثوقا به في الشرق الأوسط".

في هذا السياق أوضح الأكاديمي والباحث السياسي، الدكتور صبري سميرة أن الدعم الأمريكي الكبير لإسرائيل يأتي في إطار "صنعها لسياساتها وقراراتها ومواقفها تجاه الشؤون العامة، أو السياسة الداخلية أو الخارجية، أو في قواعد العلاقات الدولية التي تتبعها أمريكا، والتي تقوم على حماية الأمن القومي الأمريكي ومصالحها الكبرى داخليا وخارجيا".


                   صبري سميرة، محلل سياسي وباحث في الشؤون الدولية والأمريكية.

وأضاف: "لذلك هم يجدونه واجبا، ومن لوازم تحقيق ذلك أن يحافظوا على تحالفات أمريكا وتوازناتها وحلفائها ووجودها في منطقة الشرق الأوسط، ومن ذلك حساباتها وتقديراتها في دعم إسرائيل دعما مطلقا".

ولفت سميرة في حديثه لـ"عربي21" إلى ضرورة "التنبيه على أن أمريكا الداعم المطلق لإسرائيل التي نتكلم عنها هنا، هي أمريكا صناع القرار والنخب الحاكمة التي لها حساباتها الشخصية، وجماعات الضغط وجماعات المصالح الكبرى وغيرها، وكثير من النخب السياسية والإعلامية كذلك".

وتابع: "لكن هذه كلها لا تمثل الشعب الأمريكي ورأيه العام، وفئات أخرى من نخبه السياسية والإعلامية والشعبية، وخاصة الشبابية المنقسمة مناصفة تجاه القضية الفلسطينية، وما يجري في غزة، بما في ذلك أجزاء معتبرة من اليهود الأمريكيين، فمعظم استطلاعات الرأي التي تصدر تبين أن الشعب الأمريكي مع وقف الحرب، ومع حل عادل للقضية الفلسطينية، ومع وقف أي اعتداءات على حقوق الإنسان".

وأردف: "وسوف يكون هنالك ارتدادات كثيرة في الداخل الأمريكي، وتغيرات جارية ومستقبلية في الرأي العام الأمريكي، وهذا سيؤثر على السياسة الأمريكية في المدى القصير والمتوسط والبعيد، وهناك 100 من أعضاء مجلس النواب الأمريكي تطالب الآن بوقف العدوان على غزة، وإدخال المساعدات".

وعن مدى حضور البعد العقائدي في سياسة أمريكا الخارجية الداعمة لإسرائيل، قال سميرة "السياسيون يستخدمون الدين، وليس الدين هو الذي يوجه هذه السياسات، تماما كما يحدث في عالمنا العربي والإسلامي وحول العالم وعبر التاريخ، ولا أراه سيتغير كثيرا في القريب، ويمكن تفسير تعبيرات الرئيس ووزير خارجيته الشخصية والعامة في هذا الإطار، وقد يكون بعضها قناعات شخصية، لكنها لا تمثل أمريكا أو الإدارة الأمريكية" وفق قوله.

من جهته رأى الداعية الأردني، والباحث الشرعي المقيم في أمريكا، محمد الحايك أن "البعد الديني كان ولا يزال حاضرا بقوة في هذا الصراع، لأن العقيدة البروتستانتية الإنجيلية Evangelicals التي يدين بها حوالي ثمانين مليون أمريكي ترى أن الله أعطى فلسطين لليهود، والمسيح لن يرجع إلى الأرض إلا بعد سيطرة اليهود على فلسطين، وبناء الهيكل مكان المسجد الأقصى".



وأردف: "المسيحيون البروتستانت في الولايات المتحدة هم أصوليون متهودون، أو بشكل أدق متصهينون، ولذلك يسمون بالمسيحيين المتصهينيين، وهذا التيار المسيحي المتصهين ذو نفوذ واسع، وبعض التقديرات تشير إلى امتلاكه حوالي مائة محطة تلفزيونية، وأكثر من ألف محطة إذاعة، وحوالي مائة ألف قسيس مبشر".

وتابع: "ولهذا التيار منظمات فاعلة أهمها وأكبرها منظمة Christians united for Israel، ويصل عدد أعضائها إلى أكثر من عشرة مليون مسيحي، ولها نفوذ سياسي كبير، وهم في الغالب يصوتون للحزب الجمهوري".

وعن دلالة ما قاله الرئيس الأمريكي في اجتماعه الأخير مع نتنياهو، قال الحايك لـ"عربي21": "مع أن الرئيس بايدن كاثوليكي إيرلندي الأصل إلا أنه قال في ذلك الاجتماع "لا أعتقد أن عليك أن تكون يهوديا لتكون صهيونيا، وأنا صهيوني" ما يعني أن الكاثوليكي يصبح هنا متصهينا أيضا، وليس البروتستانتي وحده" حسب عبارته.

ولفت الباحث الشرعي الحايك، إلى أن "قوة اللوبي الصهيونيAIPAC ونفوذه الطاغي في السياسة الأمريكية تجعل من السياسة في أمريكا ـ حينما يتعلق الأمر بإسرائيل ـ هي والدين شيئا واحد، لذا يخطب ود الصهيونية كلا الحزبين ويزاود كلاهما على الآخر في دعم مشروعها السياسي في إسرائيل حيث انصهرت اليهودية والصهيونية في بوتقة واحدة يدعمها المسيحي البروتستانتي المتهود كما يدعمها الكاثوليكي المتصهين".

بدروه اعتبر أستاذ العلاقات الدولية بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، الدكتور سعيد الصديقي "تأثير اللوبي الإسرائيلي في أمريكا على السياسة الخارجية الأمريكية هو العامل أو المحدد الأساسي للسياسة الخارجية الأمريكية تجاه إسرائيل، وله تأثير كبير على مختلف المستويات الإعلامية والمالية والاقتصادية والانتخابية".


        سعيد الصديقي ، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس.

وأضاف: "ونحن الآن على مشارف الانتخابات الرئاسية القادمة، فعلى الرغم من أن الرئيس الأمريكي بايدن، حتى قبل توليه الرئاسة عبر عن دعمه اللامحدود لإسرائيل، لكن على المستوى العملي هو الآن يعطي الأولوية أكثر للوبي الإسرائيلي، وهذا ما يفسر غالب مواقف وقرارات الولايات المتحدة تجاه الصراع الفلسطيني الإسرائيلي والتي غالبا ما تكون لصالح إسرائيل، ولا تكون خادمة للوطنية الأمريكية، لأنها تُتخذ تحت تأثير اللوبي الإسرائيلي وضغوطه المختلفة".

وردا على سؤال "عربي21" بشأن تأثير العامل العقدي على رسم السياسات الأمريكية الخارجية تجاه إسرائيل لم يستبعد الأكاديمي المغربي الصديقي "وجود ذلك العامل، لكن العامل الأقوى والأشد تأثيرا برأيه هو تأثير اللوبي الإسرائيلي فهو المحدد الرئيسي للسياسة الأمريكية الخارجية في المنطقة بوجه عام، وتجاه إسرائيل بوجه خاص".

وختم حديثه بالإشارة إلى أن تأثير اللوبي الإسرائيلي عبر أذرعته الإعلامية والاقتصادية والمالية وغير ذلك هو "ما يجعل كثيرا من السياسيين والأكاديميين والإعلاميين الغربيين، ينافقون إسرائيل، ولا يقولون الحقيقة".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية الفلسطينية مواقف امريكا احتلال فلسطين مواقف آراء سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الرئیس الأمریکی

إقرأ أيضاً:

خارجية أمريكا: حزب الله منظمة خطيرة ولا مبرر لرفعها من قائمة المنظمات الإرهابية

أكدت وزارة الخارجية الأمريكية اليوم أن حزب الله اللبناني سيظل مدرجًا على قائمة المنظمات الإرهابية، مشددة على خطورة التنظيم وعدم وجود أي مبرر لرفع هذا التصنيف.

 

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية في بيان رسمي: "إن حزب الله يواصل أنشطته الإرهابية وزعزعة الاستقرار في المنطقة، وبالتالي، فإن تصنيفه كمنظمة إرهابية يظل ساري المفعول". وأضافت: "نحن ملتزمون بمواصلة جهودنا لمواجهة تهديدات حزب الله والتصدي لأنشطته الخبيثة".

 

 

وأوضحت الوزارة أن الولايات المتحدة ستستمر في التعاون مع شركائها الدوليين لتعزيز العقوبات والإجراءات الرامية إلى الحد من قدرات حزب الله المالية والعسكرية. وأشارت إلى أن الحزب يواصل تلقي الدعم من إيران، مما يزيد من تعقيد الوضع الأمني في الشرق الأوسط.

 

وأكد البيان أن الولايات المتحدة ستظل يقظة في مواجهة أي تهديدات إرهابية، وستستمر في استخدام كافة الأدوات المتاحة لضمان أمن وسلامة مواطنيها وحلفائها في المنطقة.

 

حزب الله يستهدف مباني تستخدمها قوات الاحتلال في مستوطنة كفر جلعادي ويحقق إصابة مباشرة

 

أعلن حزب الله اللبناني أن مقاتليه استهدفوا بنجاح مباني يستخدمها جنود الاحتلال الإسرائيلي في مستوطنة كفر جلعادي، ما أدى إلى تحقيق إصابة مباشرة. وأوضحت المصادر الرسمية في حزب الله أن الهجوم جاء رداً على الانتهاكات المتكررة للسيادة اللبنانية والاعتداءات على القرى والمناطق الحدودية.

 

وأكدت المصادر أن العملية العسكرية تمت بدقة عالية وتنفيذًا للخطط الدفاعية لحماية لبنان من الاعتداءات الإسرائيلية، مشيرةً إلى أن حزب الله سيواصل الدفاع عن أراضيه وحقوق شعبه بكل الوسائل المتاحة.

 

الخارجية الأمريكية: تعزيز التعاون مع مصر وقطر للضغط على حماس وتحقيق الهدوء على الحدود الإسرائيلية-اللبنانية

 

أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية اليوم استمرار تعزيز التعاون مع مصر وقطر بهدف ممارسة الضغط على حركة حماس، وذلك في إطار جهودها لتحقيق وقف إطلاق نار شامل وإعادة الهدوء إلى الحدود الإسرائيلية-اللبنانية.

 

وأكد المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الأمريكية على أن هذه الجهود تأتي في سياق التعاون الدولي المشترك لتعزيز الاستقرار في المنطقة، مشيرًا إلى أن التعاون مع مصر وقطر يشكل أولوية بالنسبة للولايات المتحدة في الوقت الراهن.

 

وأضاف المتحدث أن الخارجية الأمريكية تسعى لسد الفجوات وتحقيق تقدم في المفاوضات لتحقيق الهدف المشترك لوقف التصعيد الحالي وضمان استعادة الهدوء والاستقرار على الحدود، مؤكدًا على ضرورة تضافر الجهود الدولية لمكافحة العنف والتطرف في المنطقة.

 

وفي سياق متصل، أشارت الخارجية إلى أنها تعمل على تحقيق حل سياسي دائم للصراعات الإقليمية، وتعزيز الحوار والتفاهم بين الأطراف المعنية بهدف تعزيز الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط.

مقالات مشابهة

  • الخارجية الأمريكية: لا تطبيع مع النظام السوري دون حل سياسي للصراع الأساسي
  • مسؤولون أمريكيون سابقون: هناك تواطؤ أمريكي لا يمكن إنكاره في أعمال قتل بغزة
  • الخارجية الأمريكية تدعو إسرائيل للتحقيق في استخدام جيشها المدنيين دروعا بشرية
  • بيان مشترك لـ12 مسؤولاً أمريكياً استقالوا بسبب سياسة بايدن تجاه "حرب غزة"
  • بيان لـ12 مسؤولا أمريكيا استقالوا بسبب غزة: هناك تواطؤ بالقتل لا يمكن إنكاره
  • مسؤولون أميركيون سابقون: هناك تواطؤ لا يمكن إنكاره في أعمال قتل بغزة
  • 12 مسؤولا حكوميا أمريكيا استقالوا بسبب حرب غزة يصدرون بيانا مشتركا
  • قناة "12" العبرية: رسالة لبنان السرية لإسرائيل.. بيروت مهتمة بالسلام وليس بالحرب
  • الخارجية الأمريكية: ما زلنا قلقين من التصعيد بين إسرائيل وحزب الله
  • خارجية أمريكا: حزب الله منظمة خطيرة ولا مبرر لرفعها من قائمة المنظمات الإرهابية