عربي21:
2025-04-24@09:42:15 GMT

التضامن العربي مع طوفان الأقصى لم يدرك أبعاد المعركة

تاريخ النشر: 24th, October 2023 GMT

يعذبنا شعور بالإثم إذ نحرّض أهل غزة على الجهاد من وراء الحواسيب ثم نراهم يموتون فنصفق لانتصارات بدمهم ولا نبذل إلا قليلا من حماس المرتاحين في الظل والماء المبرد.. أقرأ الساحات العربية وأجزم أن هذه الساحات لم تدرك الأبعاد الاستراتيجية للمعركة التي انطلقت دون علمهم، فلم يستعدوا وما كانوا سيستعدون بأية خطة تضامنية ولو علموا بتوقيت المعركة.

الساحات العربية تستهين بالمعركة وتجهل احتمالاتها التاريخية، لذلك تتخلف عن التضامن المطلوب وتظل غارقة في أوحال اختلافاتها التاريخية، وهذا قديم يتجدد في طبعها وفي تفكيرها.. الساحات العربية تخلفت عن الموعد التاريخي العظيم، موعد الحرية.

الساحات يحركها الإسلاميون

هذا أمر مدرك منذ الثمانيات. يملك الإسلاميون جمهورا منضبطا يمكن تسييره في مقابل ضعف فادح في جمهور التيارات الأيديولوجية الأخرى (اليسار) الذين يميل إلى نضال الصالونات والبيانات اللغوية غير ذات الكلفة.

تزامنت حرب الطوفان مع وجود الإسلاميين في السجون وفي المنافي في مصر كما في تونس وربما المغرب ومن تبقى منهم في الجزائر، لقد كان يمكن تنظيم مظاهرات عارمة في القاهرة تناظر مظاهرات الحشد الشعبي في العراق لكن غياب الإسلاميين عن هذه الساحات كان واضحا، ولم يحل محلهم أحد لذلك ظلت الشوارع هامدة إلا من فورة شبابية بلا قيادة في تونس خاصة. ومن الواضح أن قطيعة عميقة تتضح بين بقية جمهور الإسلاميين (الباقي على قيد الحياة) وبين تيارات اليسار، لذلك لم يلتق هؤلاء في مظاهرة ولا أراهم يفعلون وهذا الخلاف، هو أحد وجوه جهل الجميع بعمق معركة الطوفان وأبعادها.

تزامنت حرب الطوفان مع وجود الإسلاميين في السجون وفي المنافي في مصر كما في تونس وربما المغرب ومن تبقى منهم في الجزائر، لقد كان يمكن تنظيم مظاهرات عارمة في القاهرة تناظر مظاهرات الحشد الشعبي في العراق لكن غياب الإسلاميين عن هذه الساحات كان واضحا، ولم يحل محلهم أحد لذلك ظلت الشوارع هامدة إلا من فورة شبابية بلا قيادة في تونس خاصة
هناك استنتاج مريح يخفف على الإسلاميين الوزر، وهو أنهم لم يغيّبوا بالقتل والتشريد إلا لمثل هذا اليوم الذي يباد فيه الفلسطيني فلا يجد الشارع العربي من يحركه ويقوده. وهذا صحيح، وقد كتبنا أن الردة على الربيع العربي أُنجزت لمثل هذا اليوم. فالقليل الذي أُنجز مثل فتح المعابر والزيارات السيادية لغزة وتسريب الأسلحة؛ بيّن الطريق/ الاحتمال للاحتلال فاحتاط بمثل السيسي وجيشه.

وهذه المعطيات العارية لكل ذي نظر لم تعلم غير الإسلاميين ضرورة فتح معركة الحريات التي تبدأ من الأقطار لتنتهي في غزة نجدة وتحريرا. هنا مفصل تحليلي مهم: لا تجزئة لمعركة الحريات، وساحات العرب هي ساحة غزة، وإلى أن يدرك العرب ذلك نخبا وشعوبا فإن غزة ستحمل وزر معركة الحرية/ التاريخ وحدها بدمها وبأرواح أطفالها الأبرياء. الشارع العربي لا يفكر في الحرية وإن كان يشتاق إليها، إنه لا يبني حركته عليها لذلك ذهب يتظاهر لرفع العتب وعاد لمراقبة الوضع أمام التلفزيونات.

طول زمن المعركة هل يعدل موقف الشارع العربي؟

إذا ضربت فأوجع وغالبا ما يكون زمن الضربة هو السبب الأقوى لوجع المضروب. لقد مرت عشرون يوما على بدء الطوفان والشارع العربي لم يضرب؛ بما يجعل سؤالنا أعلاه نوعا من البحث عن أمل لا انتظارا فعليا لتحول حقيقي. لقد فوّت الشارع الضربة إذ لم يرابط في الشوارع منذ الساعات الأولى، ولا يقولنّ لنا أحد أنه كان غافلا عن توقيت المعركة، فهذه المعركة ليست يتيمة إنما هي حلقة من سلسلة يسميها كل السياسيين معركة التحرير وهي مستمرة منذ النكبة، وقد سبق له الإخلال بمواعيد كثيرة للتضامن لأن الخطاب في واد والممارسة في واد آخر، وكانت هناك فرصة توبة وتدارك.

إن حدة القصف وتواتره وقوته تكشف رغبة الاحتلال ورعاته في سرعة الإنجاز لاستعادة وضع "طبيعي" بعد إحداث أكبر قدر من التخريب في الأرواح وفي البنى التحتية. وقد (أقول قد) يؤجل الاحتلال معركة البر إلى حين إثقال كاهل المقاومة بوزر الأرواح ويعطل قدراتها لزمن يكون فيه قد استعاد توازنه المختل. ويفترض أن تكون هذه المدة صالحة للضغط بواسطة جمهور يتحرك بقلوبه أكثر من عقوله، ووضعه في سياق معركة طويلة سيكون فيها مفاوض فلسطيني وحيدا مرة أخرى. هذه قراءة لا أراها تصدر عن أي فصيل سياسي تونسي ولا أقراها عند مليون متحدث في السوشيال ميديا، رغم المتابعة اللصيقة لكل ما يصدر.

إني أرى وهنا أنه تُنتظر معجزة تصدر عن الجيش المصري أو عن تدخل إيراني يغير المعادلة، وأقرأ لمن يبرر للغو الإيراني المنتشر وآخر يبرر لغياب التركي عن مجريات المعركة ويتوهم له أدوارا سرية، ولا أظن هذه الانتظارات إلا إخفاء لخيبة كبيرة يكتمها الجميع خوفا من حقيقة قاهرة؛ ألا أحد لغزة غير جمهور الشارع العربي المسكين الفاقد للمحرك والقيادة.

الشارع السياسي العربي لا يؤمن فعلا بتلازم الساحات وإن كرر ذلك في الخطابات الهوجاء، ولم يؤمن قبل ذلك بتلازم ساحات الديمقراطية لذلك صفق للانقلابات ولم يرها تغلق طريق غزة، ومثلما خسر الديمقراطية نراه يخسر الحرية له ولغيره
لقد تغير موقف قطاعات واسعة من الشارع الغربي خاصة بعد مذبحة المستشفى وانقلبت سردية الضحية على المجرم المتباكي، ولكن هذا المحرض الإنساني لم يتلقفه الشارع العربي ليحول معه المعركة إلى معركة إنسانية تمتد إلى كل أطراف الأرض. مرة أخرى، الشارع الفاقد للقيادة والبوصلة يخسر فرصة لا يمكن أن يظفر بها ثانية.

نختصر: الشارع السياسي العربي لا يؤمن فعلا بتلازم الساحات وإن كرر ذلك في الخطابات الهوجاء، ولم يؤمن قبل ذلك بتلازم ساحات الديمقراطية لذلك صفق للانقلابات ولم يرها تغلق طريق غزة، ومثلما خسر الديمقراطية نراه يخسر الحرية له ولغيره.

لذلك وجبت النصيحة للفلسطيني أن يحمل صليبه وحده وأن يدفع من دمه ثمن وجوده الحر ولو بعد طوفان آخر، هكذا كان منذ النكبة وهكذا سيكون حتى التحرير. ربما يتعطف علينا الاحتلال لنرسل لأطفال غزة بعض الحفاظات ونلتقط صور سيلفي مع المعونة ونعود إلى لغونا المحلي. النخب التي ضحّت بحرياتها في أقطارها لن تفهم معركة الطوفان ولن تكون في مستواها، إنها معركة حرية للأحرار فقط وما أقلهم في وطن مستكين من البحر إلى البحر.

هل ظلمت أحدا؟ أنا مخزي أمام عداد الشهداء الذي لا يتوقف.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة تضامنية الاحتلال المقاومة غزة الاحتلال المقاومة تضامن العالم العربي مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة رياضة سياسة سياسة رياضة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الشارع العربی فی تونس

إقرأ أيضاً:

صعقة كهربائية خفيفة قد تقلب موازين المعركة ضد السرطان

الولايات المتحدة – كشفت دراسة حديثة، أجراها معهد فرالين للأبحاث الطبية الحيوية بجامعة فرجينيا للتكنولوجيا، عن إمكانية استخدام النبضات الكهربائية منخفضة الكثافة كاستراتيجية جديدة لمكافحة السرطان.

فعلى عكس العلاج بالنبضات عالية الكثافة، المستخدم تقليديا لتدمير الأورام بشكل مباشر، يظهر النهج منخفض الكثافة قدرة على تحفيز استجابة مناعية متقدمة دون إحداث ضرر مباشر بأنسجة الورم.

واعتمدت الدراسة على تقنية الصعق الكهربائي غير القابل للعكس عالي التردد (H-FIRE)، والتي استُخدمت سابقا لاستهداف كتل الورم مباشرة عبر تعطيل أغشية الخلايا الخبيثة. ورغم فعاليتها، غالبا ما كانت هذه التقنية تبقي على أجزاء من الورم في الأطراف، ما يسمح باستمرار النشاط السرطاني.

أما في شكلها منخفض الكثافة، فلا تسبب تقنية H-FIRE موتا مباشرا لخلايا الورم، بل تساهم في إعادة تشكيل البيئة الدقيقة المحيطة به، وخصوصا الأوعية الدموية واللمفاوية. وقد أظهرت التجارب، ولا سيما في حالة سرطان الثدي، زيادة كبيرة في الأوعية الدموية خلال 24 ساعة من العلاج، تلتها طفرة في نمو الأوعية اللمفاوية في اليوم الثالث.

وتشير هذه التغيرات البنيوية إلى أن الورم يعيد تنظيم بنيته الداعمة، بما يسمح بتحسين قدرة الجهاز المناعي على مراقبة الخلايا السرطانية واستهدافها. وبحسب الدراسة المنشورة في “حوليات الهندسة الطبية الحيوية”، فإن التركيز لم يعد منصبّا فقط على تدمير الورم، بل على جعله “ساحة اشتباك مناعي” تسهّل دخول الخلايا التائية السامة والمؤثرات المناعية الأخرى.

وتوضح الباحثة الرئيسية، الدكتورة جينيفر مونسون، أن العلاج بـ “H-FIRE منخفض الكثافة دون استئصال” لا يزيل الورم بالكامل، لكنه “يغيّر قواعد الاشتباك”، إذ يوجه الخلايا المناعية بشكل أكثر دقة إلى موقع الورم عبر المسارات اللمفاوية المعاد تشكيلها.

وسلّطت الدراسة الضوء على جانب لم يُستكشف بشكل كاف في العلاجات الكهربائية، وهو التفاعل مع الجهاز اللمفاوي. ومن خلال تتبّع العقد اللمفاوية المحيطة ومواقع الورم الأولية، توصّل الباحثون إلى آلية محتملة تمكّن هذا النوع من العلاج من تعزيز استجابة مناعية جهازية.

وقد تساهم هذه النتائج في تطوير استراتيجيات علاج تكاملي للسرطان، خاصة إذا ما تم دمج العلاج بـ H-FIRE مع مثبطات نقاط التفتيش المناعي أو علاجات الخلايا المتبناة (تعتمد على تعزيز قدرة الجهاز المناعي على محاربة الورم من خلال جمع خلايا مناعية من المريض نفسه، وتعديلها أو تنشيطها خارج الجسم، ثم إعادتها إليه لتقوم بمهاجمة الخلايا السرطانية بفعالية).

وتخطّط مونسون وفريقها في المرحلة المقبلة لرسم خرائط دقيقة للاستجابات المناعية الناتجة عن إعادة تشكيل الأوعية، إلى جانب اختبار فعالية دمج “H-FIRE دون استئصال” مع العلاجات المناعية الحالية.

ورغم أن هذا النهج قد لا يشكّل علاجا شافيا بحد ذاته، إلا أنه يعد خطوة مهمة نحو تحويل بيئة الورم من مأوى للخلايا السرطانية إلى نقطة انطلاق لهجوم مناعي فعّال، ما يعزز من فرص السيطرة على المرض وتطوير علاجات مستقبلية أكثر فاعلية.

المصدر: interesting engineering

مقالات مشابهة

  • حزب المصريين: زيارة الرئيس السيسي لجيبوتي لها أبعاد استراتيجية
  • مسير في السودة بعمران دعماً لفلسطين وتأكيد الجهوزية لمواجهة العدوان
  • صعقة كهربائية خفيفة قد تقلب موازين المعركة ضد السرطان
  • خريجو طوفان الأقصى بعزلة بني موهب في عمران ينظمون مسيراً راجلاً
  • مسيرات راجلة لخريجي دورات ” طوفان الأقصى ” في عدد من مديريات عمران
  • طوفان الأقصى كسر وهم القوة وسردية الاحتلال.. قراءة في كتاب
  • خالد التيجاني النور: لا أبعاد قبلية للصراع الحالي في إقليم دارفور
  • تعز تواكب “طوفان الأقصى”: تعبئة عامة ودورات صيفية وزخم تنموي يعزز الصمود المجتمعي
  • مناقشة جهود التحشيد وتنفيذ الدورات الصيفية ودعم القطاع الزراعي في تعز
  • طوفان الأقصى.. بيرل هاربر الفلسطينية التي فجّرت شرق المتوسط