قالت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إن الاشتباكات المستمرة في مناطق الخرطوم وكردفان ودارفور أعاقت قدرة المفوضية وغيرها من الوكالات على تقديم المساعدة التي تشتد الحاجة إليها.

ترجمة: التغيير

أُجبر اندلاع النزاع في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع ما يقرب من 6 ملايين شخص على الفرار منذ منتصف أبريل- أي بمعدل مليون شخص شهريًا.

واضطر ملايين السودانيين واللاجئين الذين يعيشون في البلاد إلى الفرار إلى أجزاء أخرى من السودان أو العبور إلى البلدان المجاورة. وأصبح الآن ما يقرب من 25 مليون شخص- أي نصف السكان- معرضين للخطر وفي حاجة ماسة إلى المساعدة الإنسانية والحماية.

وفي ذات الوقت كان تمويل الاستجابة متخلفاً كثيراً عن الاحتياجات- حيث تم تمويل خطة الاستجابة الإنسانية المنقحة لعام 2023 بنسبة 33% فقط حتى 3 أكتوبر.

يعاني السودان الآن من واحدة من أكبر وأسرع حالات النزوح الداخلي نمواً في العالم.

معظم النازحين الجدد هم من الخرطوم وقد لجأوا إلى ولايات نهر النيل وشرق دارفور وشمال وجنوب دارفور وسنار والنيل الأبيض، حيث أقاموا في مواقع النزوح أو في مساكن مستأجرة.

ويفتقر الكثيرون إلى إمكانية الحصول على الغذاء والماء والمأوى والكهرباء والتعليم والرعاية الصحية. وقد تدهورت الظروف في مواقع النزوح بشكل أكبر منذ بداية موسم الأمطار حيث تؤدي الفيضانات إلى زيادة الأمراض المنقولة بالمياه. وقد تم الإبلاغ عن تفشي الكوليرا والإسهال وحمى الضنك والملاريا في جميع أنحاء البلاد.

وفيات الأطفال

ووفقاً لتقرير حديث صادر عن المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، توفي أكثر من 1200 طفل دون سن الخامسة في ولاية النيل الأبيض وحدها بين منتصف مايو ومنتصف سبتمبر بسبب تفشي مرض الحصبة المصحوب بمستويات عالية من سوء التغذية.

كان السودان موطناً لأكثر من مليون لاجئ– وهو ثاني أكبر عدد من اللاجئين في أفريقيا. وكان أغلبهم من جنوب السودان ويعيشون في ولايتي الخرطوم والنيل الأبيض، وهنالك اللاجئين الفارين من الأزمة في شمال إثيوبيا بدءا من أواخر عام 2020 وجدوا أيضا ملاذا في شرق السودان، بينما جاء آخرون من إريتريا وسوريا وجمهورية أفريقيا الوسطى.

ومنذ بداية الأزمة، فر حوالي 188 ألف لاجئ إلى أجزاء أخرى من البلاد بحثًا عن الأمان. وقد انتقل البعض إلى مواقع النازحين داخلياً، بينما سعى آخرون إلى الحصول على الأمان في مخيمات اللاجئين القائمة التي كانت تعاني، حتى قبل النزاع، من الاكتظاظ ونقص الموارد.

وصل ولاية النيل الأبيض وحدها 244 ألف لاجئ وطالب لجوء إضافي فارين من الخرطوم ومناطق النزاع الأخرى، مما أدى إلى زيادة عدد اللاجئين قبل الأزمة البالغ 297 الف بنسبة 50 في المائة تقريبًا.

رحلات مروعة

في الأشهر الستة الأولى من الأزمة، فر أكثر من 820 ألف سوداني من بلادهم. وقد عبر العدد الأكبر منهم إلى تشاد، المتاخمة لمنطقة دارفور السودانية. بعد رحلات مروعة، يصل اللاجئون إلى شرق تشاد وهم يعانون من الصدمة والجوع كما ان الأوضاع في المدن الحدودية مزرية ومكتظة.

واستقبلت مصر ثاني أكبر عدد من السودانيين الفارين من القتال. وبلغ عدد السودانيين اللاجئين وطالبي اللجوء في جنوب السودان 30 الف إلى جانب 266 الف من الجنوبيين العائدون لبلادهم من السودان.

ولا يزال عشرات الآلاف في منطقة الرنك الحدودية في انتظار نقلهم إلى المخيمات أو مناطقهم الأصلية أو الوجهات التي يختارونها.

وفر 15 الف من السودانيين إلى أفريقيا الوسطى معظمهم من منطقة جنوب دارفور.

إعاقة المساعدة

أدت الاشتباكات المستمرة في مناطق الخرطوم وكردفان ودارفور إلى إعاقة قدرة المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وغيرها من الوكالات على تقديم المساعدة التي تشتد الحاجة إليها.

وفي المناطق التي يسمح فيها الوضع الأمني ​​بذلك عززت المفوضية عملياتها لمواصلة توفير الحماية والمساعدة للاجئين. بالإضافة إلى ذلك، أنشأت المفوضية مكاتب جديدة في بورتسودان وود مدني ووادي حلفا.

وفي البلدان المجاورة، تقوم المفوضية بتنسيق الاستجابة لتدفق اللاجئين والعائدين بالتعاون مع الحكومات ووكالات الأمم المتحدة الأخرى والشركاء.

ومع ذلك، ومع فرار الملايين إلى البلدان المجاورة أو أجزاء أخرى من السودان وهم في حاجة ماسة إلى المساعدة، فإن تراجع الاهتمام الدولي والنقص المزمن في التمويل يعيق قدرة المفوضية وغيرها من المنظمات على إنقاذ الأرواح.

الوسومأفريقيا الوسطى الجيش الدعم السريع السودان تشاد جنوب السودان دارفور مصر مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: أفريقيا الوسطى الجيش الدعم السريع السودان تشاد جنوب السودان دارفور مصر مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين المتحدة لشؤون اللاجئین من السودان

إقرأ أيضاً:

السودان: إنقاذ ما لا يمكن إنقاذه

 

السودان: إنقاذ ما لا يمكن إنقاذه

ناصر السيد النور

لم تعد الأزمة السودانية التي خلقتها الحرب ـ المستمرة – تلقى اهتماماً يجدر بما وصلت إليه من كوارث مهولة، بدا وكأنها عصية على الحل، وفي الوقت نفسه يواصل طرفاها قوات الجيش والدعم السريع القتال، بكل ما تتيحه وسائل الحرب. والاهتمام المفترض هو ما يعول عليه ضحاياها بالمعنى الإنساني، في إنهاء معاناتهم الإنسانية كأكثر الأطراف تضررا من الحرب، أو بما تشكله من تهديد وخطر داهم، لا يتوافق ومنظومة الأمن الإقليمي والدولي هذا إذا حسن الظن بالوثوق بما تقوله ـ من دون أن تنفذه غالبا- مؤسسات معنية بالسلم والأمن الدوليين، ممثلة بالأمم المتحدة ومجلس أمنها الدولي، أو مؤسسة إقليمية من جامعة عربية واتحاد افريقي، بإمكانياتهما المحدودة، وموقفهما المتردد في التعامل مع أطراف الأزمة وضحاياها.

وما يلفت الانتباه مؤخراً، تكرار التحذيرات الصادرة عن كل الهيئات الدولية الإنسانية، بما سيؤول إليه الوضع في السودان، نتيجة لحرب وحشية، وما أحدثته من حالات إنسانية في النزوح واللجوء، وسقوط ضحايا دون حصر، ومؤخراً المجاعة الوشيكة. ويتزامن هذا مع وصف يبعث على الإحباط، باعتبارها أسوأ كارثة يشهدها العالم في الألفية الثالثة، وتقع الكارثة السودانية ضمن خريطة صراعات العالم، أو البؤر الملتهبة (غزة، وأوكرانيا) في موقع تتقاطع معه قوى الصراع الدولي، والوزن الاقتصادي والتأثير السياسي، وأخيراً الموقع الاستراتيجي.

وقد كتب حازم صاغية الكاتب اللبناني مؤخراً «ما من شكّ في أنّ بيننا عنصريّين تصدّهم عن الاهتمام بالسودان أفريقيّتُه، واللون الأسمر لبشرة سكانه. لكنْ في بيئات ثقافية قد لا يصح فيها هذا الوصف، يبدو التجاهل أعقد وأشدّ مواربة. ذاك أنّ أحوال السودان تشكّل فضيحة لوعي تلك البيئات، التي غالباً ما اعتبرت أنّ النزاعات والصراعات لا تستحقّ صفتها هذه، ناهيك عن الاهتمام بها، ما لم تكن نتاج اصطدام بطرف غربيّ وأجنبيّ، وأنّ الضحايا بالتالي لا يكونون ضحايا ما لم يقتلهم هذا الطرف بعينه». وهذا الوصف ربما يصدق وربما وافق واقع حال السياسات العربية، بل قبل ذلك النظرة العربية لدول الجامعة العربية التي تعاني في تعريف هويتها عربياً كدول في هامش المحيط العربي كالصومال وموريتانيا، إذ تُعامل من حيث موقعها الجغرافي من الخليج إلى المحيط، من دون اعتراف بالقواسم المشتركة، وأولها البعد الثقافي والعنصري. والواقع أن التأثير العربي في الأزمة السودانية لا ينكر وجوده، ولكنه على الجانب الذي لا يرغب فيه السودانيون. فقد اتهم سفير السودان هذا الأسبوع في جلسة مجلس الأمن، دولة الإمارات صراحة بدعم قوات الدعم السريع، وطالبها بالتوقف عن التدخل في دعم أحد طرفي الصراع، واعتبرها سفير الإمارات في رده على الاتهامات، سخيفة. فأدخلت الحرب العلاقات الدبلوماسية بين السودان ومحيطه العربي في أزمة ذات بعد آخر، من دون أن تصل إلى موقف الخطر لأسباب معلومة. والحرب بطبيعة الحال أصبحت جاذبة لتدخلات متفرقة مثلها مثل حروب أخرى.

أما الداخل الذي ترك ليواجه مصيره تفتك به معارك الطرفين، من دون تمييز في مستوى الدمار والخراب في وتيرة معارك متصاعدة، لا ينتظر منها نتيجة حاسمة، إلا في حدود ما تقتل من مدنيين. ومن دون تدخل مطلوب، إقليماً أو دولياً، ازدادت قوى الطرفين شراهة في حربها، وفي حجم الانتهاكات المرتكبة. وقد لا تنتظر الأزمة السودانية حلولا ما بعد الحرب، كإعادة الإعمار والمصالحة الوطنية، وما إليها مما يؤمل أن تعيد الأمور إلى نصابها، وهذه الرؤية الرغبوية، التي يأمل فيها السودانيون تبدو، مع واقع الظروف الحالية، بعيدة عن التحقق، وأعقد مما تسمح به الإمكانيات المتاحة. فما الذي يمكن أن ينقذ، خاصة أن الأزمة السودانية أصبحت مركبة تداخلت فيها المؤثرات ومجريات الأحداث، بما دفع بها بعيداً نحو المجهول، وتأخرت بالتالي معالجة جزئياتها، ما زاد من تعقيدها. فاقتصاد البلد الفقير قد أوصلته الحرب إلى ما يتعدى البيانات والأرقام الإحصائية، إلى مرحلة صفرية، مع انهيار في العملة وارتفاع في التضخم، وما انسحب جراء ذلك من تعطل الحياة والأنشطة الاقتصادية، وسكان يعانون شظف العيش، وبحاجة إلى مساعدات وكل ما يتأتى من الخارج في مواجهة مجاعة هي الأسوأ من نوعها أيضا وفق التقديرات الدولية. ولأن الحرب ألحقت ضرراً بليغاً بالبنية التحتية على رثاثتها، وتشمل المؤسسات الاقتصادية القائمة وخروج الاقتصاد السوداني عن مسار اقتصاد الدولة، التي فقدت أصولها وممتلكاتها، أسوة بممتلكات المواطنين؛ فإن ما ينتظر إصلاحه اقتصادياً سيحتاج إلى عقود، فإذا كان الانهيار الاقتصادي الذي يؤثر في سردية الحرب، ويعيد على ضوء نتائجه الفادحة المباشرة صياغة ملامح البلاد من جوانبها كافة، فإن السياسة التي قادت بطرق ممارستها من قبل الساسة للحرب نفسها وبعثت التشوهات السياسية في منظومة الحكم والدولة، ما يعني عملياً بروز نمط آخر لساسة وإدارة السياسة، وفق وضعية مغايرة مضادة لتقاليدها التاريخية ورموزها السياسية، ولأن الحرب أخطر ما أحدثه الانقسام المجتمعي في التصنيف الجهوي والقبلي لمنظومات الدولة الضاربة، كالجيش وبقية التحالفات العسكرية، تكون الأزمة السودانية قد دفعت إلى الوجود بلداً مقسماً وفق نتائج الحرب.

إزاء هذا الوضع السياسي الغامض والمربك يصعب التنبؤ بما يمكن أن تنقذه السياسة تسوية أو على فرضية إطار سياسي جامع، يستدعي أشكال الحلول والتوافقات السياسية على ما درج عليها ممارسو السياسية السودانية. فالعودة إلى الخريطة التقليدية للمكونات السياسية بأحزابها ونقاباتها وتكتلاتها في اليمين واليسار، خضعت لمناورات الحرب، وتغيرت قواعد اللعبة فيها بين سياسة حرب تعبر عنها حكومة عسكرية، تمثل طرفاً رئيسياً في الحرب، والمدنيين الذين يمثلون الجانب السياسي الرافض لاستمرار الحرب. وهنا تبدو المساحة متباعدة بين جميع الأطراف، ما يضع الواجهات السياسية في موقف حرج لغياب الإرادة الوطنية السياسية، خاصة أن المكونات السياسية المدنية تصنف بالذراع السياسي لقوات الدعم السريع. وهو تصنيف يلقي ظلالا سالبة عليها، على الرغم من الغرض والدعاية التي تقف وراءه، وهذه القوات التي يقاتلها الجيش زادت من حدة تعقيد المعادلة السياسية والعسكرية الاجتماعية في البلاد. ويزيد من مستوى الانهيار السياسي عدم التنسيق في المواقف، وأحياناً الموقف من الحرب نفسها، فلا تزال نتائج الحرب تحدد مستوى الاقتراب بين الموقف الوطني والحزبي والجهوي. ولعل الأخير يشكل أبرز التحديات التي يواجهها السياسي السوداني لارتباطاتها النفسية والاجتماعية. إذا كان حجم المخاطر التي أحدثتها الحرب الجارية في السودان منذ عام ونصف العام من دون توقف، جعلت من غير الممكن تصور ما سيكون عليه الوضع بعد مرحلة الحرب، إلا بالقدر الذي يحمل التمنيات أكثر من الواقع وحقائقه. فما تضرر لم يكن محصوراً بالدائرة العسكرية، حيث ميادين القتال ولغة السلاح، وإنما كارثة أقرب ما تكون إلى الفناء ألمت بشعب وأرض وكل ما ترمز إليه محددات الدولة التعريفية، في حدود ما يلامس الوجود الإنساني قبل القانوني والدستوري للكيان الذي بعثرته سياسات أخطأت بالتقدير، أو سبق الإصرار نتائج لم تكن في الحسبان مما يجعل من معالجتها أمراً غير وارد في المدى المنظور.

*نقلا عن “القدس العربي”

الوسومأقريقيا الجامعة العربية حرب السودان

مقالات مشابهة

  • مناشدات لحماية المدنيين في حرب السودان بعد دعوة «هيومن رايتس ووتش» لنشر قوات أممية
  • في ندوة استضافتها جامعة جنيف.. «جسور انترناشيونال» يؤكد ضرورة الاهتمام بقضايا اللاجئين
  • جيش الاحتلال يواصل التوغل في جنوب وشمال غزة .. ونقص الأدوية والوقود يعوق إنقاذ الأرواح
  • جيش الاحتلال يواصل التوغل في جنوب وشمال غزة .. ونقص الأدوية والوقود يعيق إنقاذ الأرواح
  • جيش الإحتلال تواصل التوغل في جنوب وشمال غزة .. ونقص الأدوية والوقود يعيق إنقاذ الأرواح
  • مساعد معتمد اللآجئين بدارفور: دور الأمم المتحدة و الاتحاد الأفريقي في السودان ضعيف
  • "أونروا": النقص الحاد في الأدوية والوقود بقطاع غزة يعيق عمليات إنقاذ الأرواح
  • الأمم المتحدة: السودان يواجه أسوأ مستويات انعدام الأمن الغذائي على الإطلاق
  • قوات الدعم تقصف الفاشر وتحذيرات من خطر المجاعة في 14 منطقة
  • السودان: إنقاذ ما لا يمكن إنقاذه