ميقاتي في الجنوب... ماذا تعني هذه الزيارة؟
تاريخ النشر: 24th, October 2023 GMT
لم يكن أحد يتوقّع أن يقوم رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بزيارة مفاجئة للجنوب في هذا الوقت، الذي تتعرض فيه أكثر من منطقة جنوبية للاستهداف الإسرائيلي. فلهذه الزيارة من منظار أممي أكثر من هدف، وهي تحمل في طياتها أكثر من رسالة إلى الخارج كما إلى الداخل.
ما أراد رئيس الحكومة إيصاله من خلال زيارته للجنوب واضح ولا يحتمل الكثير من الاجتهاد والتفسير والتأويل، ومن بين الرسائل التي أصرّ على إيصالها تأتي من ضمن الثوابت الوطنية، التي يعمل عليها منذ اليوم الأول لتسلمه مهام رئاسة الحكومة بمرحلتيها، أي يوم كان رئيسًا لحكومة كاملة الصلاحية، ويوم اضطرّ الى أخذ كامل المسؤولية على عاتقه بالاستمرار في ترؤس حكومة تصريف الأعمال في غياب أو تغييب رئيس الجمهورية.
وقد يكون أول هذه الرسائل إلى الخارج الممثلة دوله في قوات الطوارئ العاملة في الجنوب، وهي تحمل مؤشرات إلى أن لبنان الرسمي لا يزال متمسكًا بدور هذه القوات، خصوصًا في هذا الظرف الخطير، الذي يمرّ به لبنان، على وقع الاستفزازات المتصاعدة للجيش الإسرائيلي في اتجاه الأراضي اللبنانية، فضلًا عن الدور الذي يعلقه لبنان على ما تقوم به هذه القوات في الحفاظ على الاستقرار في المنطقة الخاضعة لسطلتهم بالتنسيق الكامل مع الجيش، وأن أي محاولة لحرف هذه القوات عن دورها الأساسي، وهو مراقبة تنفيذ القرار الدولي الرقم 1701، لن يجدي نفعًا، لأن لبنان سيبقى يطالب بأن تبقى قوات حفظ السلام موجودة على أرض الجنوب طالما لا تزال الحاجة ماسة إلى هذا الوجود، خاصة أن ما تقوم به من أدوار تنموية موازية لدورها الأساسي، سواء أكان لجهة تثبيت الأهالي في قراهم، ومدّهم بكل مقومات الصمود من خلال التقديمات الصحية والخدمات الاجتماعية، أو من خلال العلاقة الوطيدة بينها وبين هؤلاء الأهالي، مع ما لهذا الوجود من فوائد اقتصادية واجتماعية وإنمائية.
أمّا ثاني هذه الرسائل فهي موجهة إلى العدو الرابض على حدود لبنان الجنوبي، ومفادها أن الجنوب جزء لا يتجزأ من الدولة اللبنانية، التي تصرّ على أن تكون سيادتها كاملة على كل شبر من أراضيها، وخاصة في هذه المنطقة بالذات، التي تعني الكثير لكل لبناني أصيل على استعداد للدفاع عن أرضه مهما غلت التضحيات.
وعلى رغم كل المساعي الديبلوماسية والاتصالات الدولية والعربية والمحلية التي يقوم بها الرئيس ميقاتي منذ اليوم الأول لبدء الحرب على غزة والمناوشات القائمة على الجبهة الجنوبية لتجنيبها الحرب وما يمكن أن ينتج عنها من مآسٍ وكوارث، فإن تمسّك جميع اللبنانيين بسيادتهم واستعدادهم الدائم للدفاع عن كل شبر من أرضي دولتهم هو واجب حتمي. وعلى العدو أن يفهم هذه الحقيقة كما هي.
أمّا ثالث الرسائل فهي إلى الداخل اللبناني، ليقول لجميع مكوناته السياسية بالفم الملآن إن الجيش بما يرمز إليه هو الحصن الحصين لسيادة لبنان ووحدته، أرضًا وشعبًا، وأن أي محاولة لتهميش دوره أو تعطيله، من خلال الحملات المغرضة، التي يتعرض لها من بعض الجهات المعروفة مقاصدها سيكون مصيرها الفشل الذريع، مع التشديد على أن الجيش يقوم بكل المهمات الموكلة إليه بحرفية ومسؤولية عالية. ولولا ما ينفذه من عمليات أمنية، وبالأخص تلك الاستباقية، لكان وضع لبنان الأمني أسوأ بكثير مما هو عليه حاليًا.
وإضافة إلى الأدوار التي يقوم بها الجيش في الداخل وعلى الحدود الشرقية والشمالية للحؤول دون تسلل المزيد من قوافل النزوح السوري غير الشرعي في اتجاه الأراضي اللبنانية، فإن له دورًا أساسيًا على الحدود الجنوبية، إذ أنه لن يقف مكتوف الأيدي في حال تعرّض الجنوب لحرب كبرى من قِبل العدو، وهو سيكون بالمرصاد أمام أي محاولة استفزازية، خصوصًا أنه أثبت في الآونة الأخيرة أنه قادر على ردّ الصاع صاعين عندما تتعرّض وحداته لأي اعتداء.
فزيارة الرئيس ميقاتي إلى جنوب تأتي في هذا الظرف المصيري والخطير لتقول لأهل الجنوب إن الدولة اللبنانية بكل مؤسساتها تقف إلى جانبهم وتشدّ على أياديهم وتثمّن صمودهم البطولي عاليًا. المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
السودان بين صرامة ترامب ومرونة الديمقراطيين: ماذا تعني نتائج الانتخابات الأمريكية؟
يشير دبلوماسيون ومحللون، تحدثت إليهم «التغيير» إلى أن فوز الديمقراطيين كان ليأتي بسياسات أكثر دبلوماسية تجاه السودان، حيث يميلون إلى اتباع أسلوب يعتمد على الحلول السلمية ودعم الاستقرار الإقليمي.
التغيير:كمبالا
مع إعلان النتائج الجزئية للانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة، التي أظهرت تقدماً للمرشح الجمهوري دونالد ترامب على منافسته الديمقراطية كمالا هاريس حتى الآن، تبرز التساؤلات حول تأثير هذا التطور على السودان، الذي يُتوقع أن يتأثر بتغيير الإدارة الأمريكية، خاصة في ظل تباين أسلوب الحزبين الديمقراطي والجمهوري في التعامل مع الأزمات.
يشير دبلوماسيون ومحللون، تحدثت إليهم «التغيير» إلى أن فوز الديمقراطيين كان ليأتي بسياسات أكثر دبلوماسية تجاه السودان، حيث يميلون إلى اتباع أسلوب يعتمد على الحلول السلمية ودعم الاستقرار الإقليمي.
وكان من المتوقع أن تسعى الإدارة الديمقراطية لتعزيز جهود الإغاثة وفتح مسارات الحوار بين الأطراف المتصارعة، بخلاف سياسة ترامب التي تركز بشكل مباشر على المصالح الأمريكية، مع قلة تقديم الحوافز، واتباع أسلوب شبيه بالمساومات التجارية.
يرى الناطق الرسمي السابق باسم وزارة الخارجية حيدر بدوي صادق، إلى جانب الصحفي والمحلل السياسي الجميل الفاضل، أن السودان يظل ملفاً هاماً في السياسات الخارجية لواشنطن، لكن أسلوب تنفيذ هذه السياسات يتفاوت باختلاف الإدارة. وبتفوق الحزب الجمهوري بزعامة ترامب، يُتوقع أن يتبنى الأخير أسلوباً أكثر حدة وصرامة تجاه السودان، مع التركيز على المصالح الأمريكية مباشرةً وبأسلوب صفقات قد لا تكون متكاملة في جوانبها الإنسانية.
نهج صارمبحسب الفاضل، فإن إدارة ترامب قد تتبنى نهجاً صارماً، حيث ستسعى لحسم موقفها تجاه أحد الأطراف المتنازعة بناءً على قدرتها على تحقيق مصالح واشنطن.
ورأى أن هذا النهج قد يؤدي إلى زيادة الضغوط على السودان دون تقديم حوافز واضحة، في ظل استمرار الأسلوب التجاري الصارم الذي يعتمد فيه ترامب على مناقشة المكاسب قبل تقديم أي دعم.
في المقابل، يشير صادق إلى أن الإدارة الديمقراطية، لو كانت قد فازت، لربما اعتمدت أسلوباً دبلوماسياً أقل عنفاً وأكثر تعاوناً في التعامل مع السودان.
ورأى أن الديمقراطيين يميلون إلى دعم الاستقرار والسلام الإقليميين أكثر من الجمهوريين، الذين ينزعون نحو الانغلاق والتركيز على المصالح الأمريكية من خلال القوة.
وأوضح صادق أن الإدارة الديمقراطية، رغم أنها لا تتوانى عن دعم إسرائيل مثلا، قد تتبع أسلوباً أقل عنفاً في سياساتها الخارجية مقارنة بالجمهوريين، مما يمكن أن يكون لصالح السودان. ووفقاً له، فإن الأخير يمثل أهمية خاصة للولايات المتحدة، لكن انشغال الرأي العام العالمي بأحداث غزة أضعف الاهتمام به حالياً. ومع ذلك، توقع أن تعود الأنظار إلى السودان، حال حلت الأزمة الفلسطينية، ولو جزئياً، مما قد يدفع واشنطن إلى تكثيف اهتمامها بالأوضاع في السودان.
المرشحة الديمقراطية للانتخابات الأمريكية، كمالا هاريس (فيس بوك)وفي حال فوز هاريس، يرجح صادق أن تمارس الإدارة الأمريكية ضغوطاً باتجاه توفير دعم دولي لحل الأزمة السودانية، بما في ذلك إمكانية اللجوء إلى الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة كحل لضبط الأوضاع.
ويرى أن هذه الضغوط قد تسهم في كبح التدخلات الإقليمية، وخاصة المصرية والإماراتية، وتفتح المجال أمام تقديم الإغاثة الإنسانية، وفتح الممرات الآمنة، والحد من تصاعد التوجهات الدينية المتطرفة التي بدأت تشكل تهديداً للسودان.
وأوضح أن هنالك مخاوف من أن يصبح السودان ملاذاً للتنظيمات المتطرفة، وهو أمر لن تسمح به الولايات المتحدة أو المجتمع الدولي، مؤكداً أن الوضع في السودان سيشهد تداعيات كبيرة وفقاً لهوية المنتصر في الانتخابات الأمريكية.
من جانبه، أوضح الصحفي والمحلل السياسي، الجميل الفاضل، أن الولايات المتحدة، كونها دولة مؤسسات، تعتمد سياسات ثابتة تجاه قضاياها الخارجية، بما في ذلك السودان، لكن أسلوب تنفيذ هذه السياسات قد يختلف بتغير الإدارات. وأضاف أن الفرق الجوهري يكمن في طريقة كل إدارة في خدمة المصالح والاستراتيجيات الأمريكية.
العصا المرفوعةوأشار إلى أن الرئيس الأسبق والمرشح الجمهوري دونالد ترامب، خلال تجربته في الحكم، عبّر عن مواقف بلاده بوضوح وحزم، مستخدماً أسلوب “العصا المرفوعة” للضغط على الأطراف المتعاونة مع واشنطن. وقد اتسم نهجه بقلة تقديم الحوافز للتعاون، مع اتباع أسلوب شبيه بالمساومات التجارية، إذ يقدم الدعم فقط مقابل مكاسب واضحة لصالح بلاده.
في المقابل، اعتبر، الصحفي والمحلل السياسي، الجميل الفاضل أن الإدارة الديمقراطية المنتهية ولايتها اتسمت بمرونة ودبلوماسية أكبر في التعامل مع الأوضاع السودانية، مما أثار اعتراض بعض الأعضاء البارزين في الكونغرس من كلا الحزبين.
وأكد أن النهج الذي تتبعه المرشحة الديمقراطية كمالا هاريس، إذا فازت، قد لا يختلف كثيراً عن نهج إدارة بايدن الحالية، خاصةً أنها شريكة في صنع تلك السياسات.
واختتم الفاضل بتوقعه أن فوز ترامب قد يؤدي إلى تدخل أمريكي سريع وحاسم في ملف السودان، سواءً إيجاباً أو سلباً، وذلك لصالح الطرف الذي يقدم تنازلات أكبر لتحقيق مصالح ترامب في السودان.
عودة ترامب المحتملة إلى البيت الأبيض قد تعني تحولاً في أسلوب واشنطن في التعامل مع السودان، مما قد يغير مسار الدعم والضغط على الأطراف المتنازعة لتحقيق مصالح واشنطن في المنطقة
الوسومالانتخابات الأمريكية السياسة الخارجية لأمريكا حرب السودان دونالد ترامب