جريدة الوطن:
2024-12-28@04:34:25 GMT

رحاب : ثورة الرحمة والسلام

تاريخ النشر: 24th, October 2023 GMT

رحاب : ثورة الرحمة والسلام

حضرت حلقة عمل في عام 2002 في لندن مع البروفيسورة هيلين كاو المتخصصة في الارشاد النفسي، وطرحت عليَّ سؤالا: لماذا هدمت حركة طالبان الأفغانية تماثيل بوذا في أفغانستان؟ ورددت عليها فورًا: أتعرفين كم عمر الإسلام في أفغانستان؟ أجابت لا أعرف! أخبرتها بأن عمر الإسلام في أفغانستان يزيد على ألف سنة، وقد ساد الإسلام أفغانستان ولم يلمس المسلمون تماثيل بوذا ولم يدمروا الآثار الإنسانية في تلك البلاد، كما دخل المسلمون مصر ولم يهدموا الأهرامات ولم يحطموا تماثيل الفراعنة في أنحاء مصر، كذلك ساد الإسلام في الأندلس ولم يدمر المسلمون الكنائس، وأينما انتشر الإسلام حافظ المسلمون على هوية الشعوب وتراثها في جميع أنحاء الكرة الأرضية.


هذا ما يجب أن يعرفه العالم عن ديننا، أن الإسلام هو دين الرحمة والتسامح والإنسانية، يتبنى المسلمون عبر تاريخهم خلق العفة والرحمة والإنسانية، وهذا أرقى وأسمى سلاح يجب أن تتبناه المقاومة، مهما بلغ غلواء المعتدين ومهما بالغوا في إجرامهم، لن يكون ذلك سببًا أن يجعل المجاهدين ينتقمون لأنفسهم، هم يجاهدون من أجل استرداد حقهم المغتصب ومن أجل إزاحة الظلم الذي يرزح فيه الفلسطينيون، كل مسلم حقيقي يتمنى أن يسود السلام في فلسطين، وأن ينعم فيه جميع معتنقي الأديان بالأمن والأمان والسلام، وأن يمارسوا عبادتهم التي تقربهم من الله، وترتقي بالبعد السماوي في نفوسهم، فالدين الحقيقي يقود إلى الإيمان والإيمان يقود إلى الرحمة والسلام.
هذا ما سطره التاريخ في فلسطين وفي غيرها، فمنذ دخل الإسلام جميع الدول والأمصار لم يمسخ حضاراتها ولم يجبر سكانها أن يدخلوا في الإسلام، بل أمن الجميع على مللهم ودياناتهم وحافظ على خصوصية كل الأيدولوجيات وشهدتا ازدهارا ولم يتم رفضها، وعندما ثار بعض سكان السند وفارس والعراق، استدعاهم الخليفة عمر بن عبد العزيز وأقرهم على دياناتهم ومنحهم الحرية الدينية ولم يجبرهم أن يكونوا مسلمين، فالإسلام هو ثورة لتحرير الناس من الخوف ومن الظلم والبطش، وتعزيز البعد النوراني في نفوس بني البشر، وكان أن قبل منهم الرسول (صلى الله عليه وسلم): (من قال لا إله إلا الله، دخل الجنة)، وكلمة التوحيد هي (مانترا) الحرية والسعادة والرحمة، ومن ذاق الإيمان الحقيقي وفاض في عقله ووجدانه وترجمه سلوكه وشعر بالسكينة وازدهر اليقين في أعماقه سوف يكون رحيمًا بكل شيء في هذه الحياة.
وسوف يزدهر وعيه الكوني والإنساني.
منذ يومين خضت نقاشًا مع بعض أبنائي حول مفهوم الجهاد وطريقة تطبيقه، واستغربوا عندما قلت لهم بأن المسلم الحقيقي يتمنى أن يصير كل أهل الأرض مسلمين وأن يدخلوا الجنة، مهما بالغ المخالفون في الأذى، وهناك وقائع وشواهد كثيرة تظهر انتصار قيمة الرحمة والتغاضي عن المخالفين حتى وإن لم يصيروا مسلمين، بل ومع الذين استمروا على دياناتهم وعقائدهم حتى وإن خالفت الإسلام شكلًا وجوهرًا. نحن مطالبون أكثر من أي وقت مضى بأن نظهر خلق الرحمة والرأفة بالناس جميعًا، سواء المسلمين أو غيرهم دون أن يكون ذلك تغاضيا عن المطالبة باستعادة الأرض والحقوق.

د. أحمد بن علي المعشني
رئيس أكاديمية النجاح للتنمية البشرية

المصدر: جريدة الوطن

إقرأ أيضاً:

محمد الجندي: إشراقات النبي بعد البعثة أنارت للإنسانية طريقها للعفو والهداية والسلام

عقد الجامع الأزهر، اليوم الأربعاء، الملتقى الأسبوعي حول السيرة النبوية، ودار الملتقى حول تحنثه صلى الله عليه وسلم وإشراقات النبوة، وذلك بحضور  الدكتور محمد الجندي الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية،  الدكتور سيد بلاط أستاذ ورئيس قسم التاريخ والحضارة الإسلامية بجامعة الأزهر سابقا، والشيخ إبراهيم السيد حلس مدير الشؤون الدينية بالجامع الأزهر.


قال الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، إن إشراقات النبوة نص عليها القرآن الكريم، فقد وصف القرآن النبي بالنور ووصفه بالسراج المنير، ومن أول وهلة له في الوجود كان النبي نورا، مضيفا أن النبي قبل لبعثة حبب له الخلاء، وفي الخلوة انقطاع عن الناس والإقبال على الله -تعالى-، ولم يقصد بالخلوة الانقطاع عن الحياة؛ وإنما الخروج من الظلمات إلى النور، حتى جاءت البعثة وأخرج نبينا الكريم الناس من الجهل والظلمات والذئبية إلى السلام والعفو والهداية.

وأوضح الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، أن الإشراقات النبوية بعد البعثة أنارت للإنسانية طريقها نحو العفو والهداية والسلام، حتى وجد الناس منه صلى الله عليه وسلم سلاما ورحمة وعفوا عظيما، ولذاعلينا أن نعترف أننا أمة ذات حظ عظيم برسول الله صلى الله عليه وسلم، ذلك النبي الذي حرص على أمته وأذهب عنهم ظلمة الفقر والجوع وأسقط الأنا بينهم، حتى عاشت الأمة في ظل أنفاسه الشريفة في وئام وسلام، بعد أن كان مجتمع جائر يأكل فيه القوي الضعيف، لافتل أن النبي علمنا كيف نحبه، وبكى يوما من أجلنا وشوقا للقائنا، حتى شاهدناه بقلوبنا، فقتدينا بأثره، وامتدت إشراقاته فينا إلى اليوم.


من جانبه أوضح الدكتور سيد بلاط، أن حكمة الله -عز وجل- اقتضت حفظ من اختاره للرسالة والنىوة، فحفظه الله -سبحانه وتعالى- نبيه منذ نشأته، فحفظه أولا على المستوى الأدبي والأخلاقي، وأعده إعدادا ليس كغيره من البشر، موضحا أن من حفظ الله له أن حفظه من أي شىء يحط من شأنه بين أقرانه، كما حفظ عقائده نبينا الكريم قبل الرسالة، فلم يثبت قط أن سجد النبي لصنم أو يطف به طالبا شيئا، بل فُطر بفطرة الله -تعالى-.


وبيّن فضيلته أن النبي انتقل بعد ذلك  إلى ما يعرف بالإرهاصات وهي الأشياء التي تحدث للأنبياء قبل بعثتهم، لافتا أن نبي الله عيسى قد بشر ببعثة النبي صلى الله عليه وسلم، كما ذُكر أن النبي ما كان يمر بشجر أو حجر إلا وقال السلام عليك يارسول الله، وغيرها من الإرهاصات التي شهدها الناس وشهدوا عليها قبل البعثة، مشيرا إلى أن النبي دخل بعد ذلك في مرحلة التحنث او التحنف وكلاهما بمعنى التعبد، فكان نبي الرحمة يتعبد قبل البعثة في غار حراء في الليالي ذوات العدد حتى جاء الوحي، ولفت فضيلته أن الرسول كان يتعبد قبل الإسلام بعبادة التأمل والتفكر وما بقى من ملة إبراهيم حنيفا، فكان يتأمل ويقول من الذي خلق السموات والأرض ومابينهما، وكان في داخله قناعة أن الذي خلقهم إله قدير. 
 


يعقد "ملتقى السيرة النبوية" يوم الأربعاء من كل أسبوع، في رحاب الجامع الأزهر الشريف، تحت رعاية فضيلة الإمام الأكبر أ.د أحمد الطيب، شيخ الأزهر، وبتوجيهات من فضيلة الدكتور محمد الضويني وكيل الأزهر الشريف، وإشراف الدكتور عبد المنعم فؤاد، المشرف العام على الرواق الأزهري، والدكتور هاني عودة، مدير عام الجامع الأزهر، حيث كان بمسمى "شبهات وردود" وتم تغييره لملتقى الأزهر للقضايا المعاصرة، بعد نجاحه طوال شهر رمضان والذي كان يعقد يوميًا عقب صلاة التراويح، ويتناول هذا الملتقى في كل حلقة قضية تهم المجتمع والوطن، والعالَمَين العربي والإسلامي

مقالات مشابهة

  • بمشاركة دولية.. الإخوان المسلمون يقيمون مجلس عزاء الأستاذ يوسف ندا
  • لوبوان: من المستفيد الحقيقي من الذهب في ساحل العاج؟
  • «الفارس الشهم 3» تغيث الأسر النازحة في مخيم الرحمة بغزة
  • الإفتاء: الشرع الشريف يأمرنا بإكرام العلماء والصالحين وكبار السن
  • محمد الجندي: إشراقات النبي بعد البعثة أنارت للإنسانية طريقها للعفو والهداية والسلام
  • محمد أنور السادات.. 106 أعوام على ميلاد رجل الحرب والسلام
  • المصلحة الوطنية لنهر الليطاني: عسى أن يحمل الميلاد معه الرحمة للشهداء
  • مجلس أمناء الجامعة الإسلامية العالمية في إسلام أباد يعقد اجتماعه الـ16 في رحاب جامعة الإمام
  • إلهام شاهين: مريم العذراء هى عنوان للخير والتسامح والسلام والمحبة
  • كودي يهنئ السودانيين بأعياد الميلاد ويدعو للوحدة والسلام