جريدة الوطن:
2025-03-16@10:55:47 GMT

بين الجامعة والمجتمع «1»

تاريخ النشر: 24th, October 2023 GMT

بين الجامعة والمجتمع «1»

يحقُّ للمتابع أن يتكهَّنَ، وبمقدار لا بأس به من التيقُّن، أنَّ الأكاديميِّين في العالَم العربي يتفوَّقون على أقرانهم في دوَل العالَم المتقدِّم من حيث الحديث والتنظير حَوْلَ دَوْر الجامعة في المُجتمع. بَيْدَ أنَّ الحقيقة المريرة تتجلَّى في أنَّنا (جمهورًا) نميل للأحاديث والكلام السَّاخن، بَيْنَما نحن عاجزون عن ترجمة ذلك الكلام إلى فعل واقعي يستحقُّ التقدير اللائق، الأمْرُ الَّذي يُبرِّر النظرة المتدنية الَّتي يخصُّ البعض بها المؤسَّسات الجامعيَّة.

وعلى نَحْوٍ مناقض لهذه الحال، يجِدُ المتابع أنَّ الجامعات الغربيَّة عامَّة، والأميركيَّة على نَحْوٍ خاصٍّ، أكثر تواشجًا وتأثيرًا على حياة المُجتمعات الَّتي تحتضنها، ولكن بِدُونِ ضوضاء وتنظيرات، بلا صحافة ونشر وإعلان! ربَّما يكُونُ رأس المال هو أحَد أهمِّ دوافع تعشيق الجامعة مع المُجتمعات في مِثل هذه الدوَل المتقدِّمة حيث تنظر القيادات الجامعيَّة بعَيْنَيْنِ إلى هذا الدَّوْر الأكاديمي: العَيْن الأولى تركِّز على الرصانة والمستوى العلمي العامِّ، بَيْنَما تركِّز العَيْن الثانية على إمكانات تسخير البحث العلمي والعمل الأكاديمي لخدمة المؤسَّسات والأفراد، تأسيسًا على ملاحظة كافية لهامش الربح والجدوى المتوقعة من تمويل المشاريع العلميَّة وأنشطة المشورة المتوقَّعة أو الآتية من الهيئات المستفيدة مِنْها.
وحيث إنَّ التباعد بَيْنَ الجامعة والمُجتمع في العالَم العربي يتوافق على نَحْوٍ مؤسف مع الكلام والتنظيرات غير المُجْدية، فإنَّ هذه الحال ترد، بكُلِّ تأكيد، على توخِّي الجهات المموِّلة، ومِنْها العديد من الحكومات، لسياسات تنمية (مستعجلة) أكثر ممَّا ينبغي، الأمْرُ الَّذي انعكس بفكرة جامعة أو أكثر في كُلِّ مدينة، بل وحتَّى في كُلِّ قرية، بغَضِّ النظر عن توافر الكفاءات الأكاديميَّة الرفيعة الَّتي يُمكِن أن تملأَ فضاءات قاعات المحاضرات الأنيقة المستوردة والمقامة في كُلِّ مكان. إنَّه لَمِن المفيد أن نحاولَ بذل المال والجهد من أجْل إتاحة فرص الدراسة الأكاديميَّة للجميع، بَيْدَ أنَّ على المرء أن يتذكَّرَ ويحذرَ من أنَّ القضيَّة لا يُمكِن أن تكُونَ ذات معنى فيما لو كان الموضوع يتلخَّص في عمليَّة (توزيع) للشهادات والدرجات الجامعيَّة (وكأنَّها) إكراميَّات، بغَضِّ النَّظر عن ارتقائها وارتقاء مَن يحملها إلى المستوى العلمي والسلوكي الرفيع الَّذي يقارب أقرانه في الدوَل المتقدِّمة. ولكن للأسف، فإنَّ هذا ما يحدُث في العديد من دوَل العالَم العربي حيث ينظر إلى بناء الجامعات على أنَّه (استثمار) ولكن دُونَ ما يكفي من متابعة ومراقبة للمستوى العلمي، بل ودُونَما اهتمام مناسب للأدوار الَّتي يُمكِن أن يضطلعَ بها خرِّيجو هذه الجامعات في دوائر الدَّولة وسواها من المؤسَّسات غير الحكوميَّة المستفيدة، الأمْرُ الَّذي يتجلَّى على نَحْوٍ مؤسف عَبْرَ اضطلاع دوائر الدَّولة أو المؤسَّسات الخاصَّة بـ(إكمال) المتطلبات المعرفيَّة الأساسيَّة للخريج عَبْرَ التدريب أو ما يُسمَّى بـ(التدريب أثناء الخدمة) في الوقت الَّذي ينبغي أن يكُونَ الخرِّيج فيه مهيَّأً بما فيه الكفاية للاضطلاع بوظائفه.

أ.د. محمد الدعمي
كاتب وباحث أكاديمي عراقي

المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: على ن ح العال م

إقرأ أيضاً:

"الشؤون الإسلامية والأوقاف والزكاة" تنظم مؤتمر الوقف والمجتمع

تحت رعاية الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس الدولة، نائب رئيس مجلس الوزراء، رئيس ديوان الرئاسة، تنظم الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف والزكاة ضمن فعالياتها وبرنامجها الرمضاني مؤتمر "الوقف والمجتمع: استدامة ونماء" تحت شعار "يدًا بيدٍ نحو تنميةٍ وقفيةٍ مستدامة" يشارك فيه مجموعةٌ من ضيوف رئيس الدولة وعددٌ من المختصين من الجهات الحكومية في الدولة، ويستمر على مدى يومي 15 و16 مارس (آذار) الجاري في فندق إرث بأبوظبي.

وقال الدكتور عمر حبتور الدرعي رئيس الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف والزكاة، إن إقامة هذا المؤتمر تأتي في إطار التفاعل مع عام المجتمع والأسبوع الخليجي للوقف، مشيداً بدعم القيادة الرشيدة للدولة للهيئة في كل مبادراتها وتمكينها من ترسيخ رسالتها وارتقاء خدماتها، متقدمًا بالشكر لسمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان لرعاية هذا المؤتمر، مثمنًا بصماته الخيرية في شؤون الوقف.
وأكد الدكتور الدرعي حرص الهيئة على ابتكار المبادرات الرائدة التي تعزز دور الوقف لكونه رافدًا في مسيرة العمل الإنساني ومكوناً من المكونات الحضارية والدينية والوطنية، مشيراً إلى أن المتحدثين في المؤتمر سيقدمون مداخلاتٍ علميةً وفكريةً تساهم في استكشاف أبعادٍ علمية، وطرح حلولٍ عملية، لتحقيق أعلى المعايير التنموية والأهداف المستدامة في مجالات الوقف وفروعه، بما يساير العصر وتطوراته المتسارعة.
وأشار الدرعي إلى أن التجربة الإماراتية في الاهتمام بالوقف تجسد نموذجاً رائداً في تفعيل الوقف ضمن رؤيةٍ متكاملةٍ تجمع بين الحفاظ على القيم، وترسخ للثقافة المجتمعية، وتوظيف الأنظمة الذكية، لتعزيز الحوكمة والابتكار في إدارة الوقف.

مقالات مشابهة

  • مليار جنيه لدعم البحث العلمي.. تفاصيل مبادرة تحالف وتنمية برعاية الرئيس السيسي
  • عبدالله بن زايد: بناء مستقبل مشرق لأطفالنا يتطلب شراكة الأسرة والمجتمع
  • محمد الشرقي يؤكد أهمية التراث الإسلامي في بناء الفرد والمجتمع
  • علوم طنطا عن فيديو المهرجانات: فتح تحقيق ونحترم العرف الجامعي
  • "الشؤون الإسلامية والأوقاف والزكاة" تنظم مؤتمر الوقف والمجتمع
  • بداري يزور الطلبة المصابين في حادث انحراف حافلة للنقل الجامعي بسطيف
  • بداري يزور الطلبة المصابين في انحراف حافلة للنقل الجامعي بسطيف
  • «الشؤون الإسلامية» تنظم مؤتمر الوقف والمجتمع
  • جامعة الزقازيق تتصدر المشهد الأكاديمي عالميًا بتصنيف QS 2025 وتتقدم في 7 تخصصات
  • الطالبي العلمي من تطوان: لا يمكن لحزب الأحرار إلا أن يتبوأ المرتبة الأولى في جهة الشمال