يحقُّ للمتابع أن يتكهَّنَ، وبمقدار لا بأس به من التيقُّن، أنَّ الأكاديميِّين في العالَم العربي يتفوَّقون على أقرانهم في دوَل العالَم المتقدِّم من حيث الحديث والتنظير حَوْلَ دَوْر الجامعة في المُجتمع. بَيْدَ أنَّ الحقيقة المريرة تتجلَّى في أنَّنا (جمهورًا) نميل للأحاديث والكلام السَّاخن، بَيْنَما نحن عاجزون عن ترجمة ذلك الكلام إلى فعل واقعي يستحقُّ التقدير اللائق، الأمْرُ الَّذي يُبرِّر النظرة المتدنية الَّتي يخصُّ البعض بها المؤسَّسات الجامعيَّة.
وحيث إنَّ التباعد بَيْنَ الجامعة والمُجتمع في العالَم العربي يتوافق على نَحْوٍ مؤسف مع الكلام والتنظيرات غير المُجْدية، فإنَّ هذه الحال ترد، بكُلِّ تأكيد، على توخِّي الجهات المموِّلة، ومِنْها العديد من الحكومات، لسياسات تنمية (مستعجلة) أكثر ممَّا ينبغي، الأمْرُ الَّذي انعكس بفكرة جامعة أو أكثر في كُلِّ مدينة، بل وحتَّى في كُلِّ قرية، بغَضِّ النظر عن توافر الكفاءات الأكاديميَّة الرفيعة الَّتي يُمكِن أن تملأَ فضاءات قاعات المحاضرات الأنيقة المستوردة والمقامة في كُلِّ مكان. إنَّه لَمِن المفيد أن نحاولَ بذل المال والجهد من أجْل إتاحة فرص الدراسة الأكاديميَّة للجميع، بَيْدَ أنَّ على المرء أن يتذكَّرَ ويحذرَ من أنَّ القضيَّة لا يُمكِن أن تكُونَ ذات معنى فيما لو كان الموضوع يتلخَّص في عمليَّة (توزيع) للشهادات والدرجات الجامعيَّة (وكأنَّها) إكراميَّات، بغَضِّ النَّظر عن ارتقائها وارتقاء مَن يحملها إلى المستوى العلمي والسلوكي الرفيع الَّذي يقارب أقرانه في الدوَل المتقدِّمة. ولكن للأسف، فإنَّ هذا ما يحدُث في العديد من دوَل العالَم العربي حيث ينظر إلى بناء الجامعات على أنَّه (استثمار) ولكن دُونَ ما يكفي من متابعة ومراقبة للمستوى العلمي، بل ودُونَما اهتمام مناسب للأدوار الَّتي يُمكِن أن يضطلعَ بها خرِّيجو هذه الجامعات في دوائر الدَّولة وسواها من المؤسَّسات غير الحكوميَّة المستفيدة، الأمْرُ الَّذي يتجلَّى على نَحْوٍ مؤسف عَبْرَ اضطلاع دوائر الدَّولة أو المؤسَّسات الخاصَّة بـ(إكمال) المتطلبات المعرفيَّة الأساسيَّة للخريج عَبْرَ التدريب أو ما يُسمَّى بـ(التدريب أثناء الخدمة) في الوقت الَّذي ينبغي أن يكُونَ الخرِّيج فيه مهيَّأً بما فيه الكفاية للاضطلاع بوظائفه.
أ.د. محمد الدعمي
كاتب وباحث أكاديمي عراقي
المصدر: جريدة الوطن
إقرأ أيضاً:
الدائرة الأمنية 25 بمراكش: نموذج في مكافحة الجريمة وتعزيز الأمان
الدائرة الأمنية 25 في مراكش تُعد بالفعل نموذجًا يُحتذى به في مجال مكافحة الجريمة، حيث تميزت بخبرتها الواسعة وجهودها المستمرة في تحسين الأوضاع الأمنية. بفضل القيادة الحكيمة والفعالة من قبل رئيسها حيث تمكنت الدائرة الأمنية من تحقيق نتائج ملموسة في تقليص الجرائم المتعلقة بالمخدرات والشغب، وتعزيز الأمان في الأحياء التي كانت تعاني من هذه المشكلات.
التحسن الكبير الذي شهدته المنطقة يُعتبر نتيجة للعمل الجماعي والاحترافي الذي بذلته عناصر الدائرة الأمنية 25، وهو ما جعل السكان يشعرون بالأمان والاطمئنان. الدائرة الأمنية لم تقتصر على القيام بالدور التقليدي للشرطة فقط، بل كانت جزءًا أساسيًا من تحسين الحياة اليومية للسكان المحليين من خلال إرساء الأمن والاستقرار في المنطقة.
استجابة السكان المحليين لهذه الجهود كانت إيجابية، مما يعكس تقديرهم لعمل رجال الأمن. هذا النوع من التفاعل بين الأجهزة الأمنية والمجتمع يعزز الثقة المتبادلة ويزيد من فعالية التعاون في المستقبل.
إحدى النقاط التي يمكن البناء عليها هي تعزيز الشراكة بين الشرطة والمجتمع المحلي، بحيث يتم إشراك السكان في برامج توعية وتثقيف حول كيفية الإبلاغ عن الجرائم والمساهمة في تعزيز الأمان.
من خلال استمرار هذا العمل الجاد والمتواصل، يمكن للدائرة الأمنية 25 أن تظل واحدة من أكثر الدوائر نجاحًا في تحقيق الأمن والاستقرار في مراكش، وتُعد نموذجًا يُحتذى به في باقي المدن المغربية.
مصطفى عرباوي