يحقُّ للمتابع أن يتكهَّنَ، وبمقدار لا بأس به من التيقُّن، أنَّ الأكاديميِّين في العالَم العربي يتفوَّقون على أقرانهم في دوَل العالَم المتقدِّم من حيث الحديث والتنظير حَوْلَ دَوْر الجامعة في المُجتمع. بَيْدَ أنَّ الحقيقة المريرة تتجلَّى في أنَّنا (جمهورًا) نميل للأحاديث والكلام السَّاخن، بَيْنَما نحن عاجزون عن ترجمة ذلك الكلام إلى فعل واقعي يستحقُّ التقدير اللائق، الأمْرُ الَّذي يُبرِّر النظرة المتدنية الَّتي يخصُّ البعض بها المؤسَّسات الجامعيَّة.
وحيث إنَّ التباعد بَيْنَ الجامعة والمُجتمع في العالَم العربي يتوافق على نَحْوٍ مؤسف مع الكلام والتنظيرات غير المُجْدية، فإنَّ هذه الحال ترد، بكُلِّ تأكيد، على توخِّي الجهات المموِّلة، ومِنْها العديد من الحكومات، لسياسات تنمية (مستعجلة) أكثر ممَّا ينبغي، الأمْرُ الَّذي انعكس بفكرة جامعة أو أكثر في كُلِّ مدينة، بل وحتَّى في كُلِّ قرية، بغَضِّ النظر عن توافر الكفاءات الأكاديميَّة الرفيعة الَّتي يُمكِن أن تملأَ فضاءات قاعات المحاضرات الأنيقة المستوردة والمقامة في كُلِّ مكان. إنَّه لَمِن المفيد أن نحاولَ بذل المال والجهد من أجْل إتاحة فرص الدراسة الأكاديميَّة للجميع، بَيْدَ أنَّ على المرء أن يتذكَّرَ ويحذرَ من أنَّ القضيَّة لا يُمكِن أن تكُونَ ذات معنى فيما لو كان الموضوع يتلخَّص في عمليَّة (توزيع) للشهادات والدرجات الجامعيَّة (وكأنَّها) إكراميَّات، بغَضِّ النَّظر عن ارتقائها وارتقاء مَن يحملها إلى المستوى العلمي والسلوكي الرفيع الَّذي يقارب أقرانه في الدوَل المتقدِّمة. ولكن للأسف، فإنَّ هذا ما يحدُث في العديد من دوَل العالَم العربي حيث ينظر إلى بناء الجامعات على أنَّه (استثمار) ولكن دُونَ ما يكفي من متابعة ومراقبة للمستوى العلمي، بل ودُونَما اهتمام مناسب للأدوار الَّتي يُمكِن أن يضطلعَ بها خرِّيجو هذه الجامعات في دوائر الدَّولة وسواها من المؤسَّسات غير الحكوميَّة المستفيدة، الأمْرُ الَّذي يتجلَّى على نَحْوٍ مؤسف عَبْرَ اضطلاع دوائر الدَّولة أو المؤسَّسات الخاصَّة بـ(إكمال) المتطلبات المعرفيَّة الأساسيَّة للخريج عَبْرَ التدريب أو ما يُسمَّى بـ(التدريب أثناء الخدمة) في الوقت الَّذي ينبغي أن يكُونَ الخرِّيج فيه مهيَّأً بما فيه الكفاية للاضطلاع بوظائفه.
أ.د. محمد الدعمي
كاتب وباحث أكاديمي عراقي
المصدر: جريدة الوطن
إقرأ أيضاً:
السيسي: وزارة الداخلية مسؤولة عن حماية وسلامة الدولة والمجتمع
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
أكد الرئيس السيسي، أن وزارة الداخلية مسؤولة عن حماية وسلامة الدولة والمجتمع.
وشدد الرئيس، على أن الدولة تبذل قصارى الجهد لتطوير وإصلاح مؤسساتها، مشيراً على سبيل المثال إلى التطور الذي شهدته وزارة الداخلية طوال السنوات السابقة، بما في ذلك تحويل السجون إلى مراكز للإصلاح والتأهيل.
وأجرى الرئيس عبد الفتاح السيسي، زيارة إلى أكاديمية الشرطة، حيث كان في استقبال الرئيس محمود توفيق، وزير الداخلية، واللواء هاني ابو المكارم مساعد وزير الداخلية رئيس أكاديمية الشرطة.
وصرح المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، بأن الرئيس قدم التهاني بمناسبة حلول شهر رمضان المعظم وتناول وجبة الإفطار مع الطلبة الجدد وأسرهم، ثم إستعرض الرئيس تطورات الموقف المصري بشأن عدد من الموضوعات والقضايا على الصعيدين الإقليمي والدولي، وتأثيراتها على الأمن القومي المصري.
و أكد الرئيس حرص مصر على تعزيز الأمن والإستقرار والسلام في المنطقة والتي تتسم بالإضطراب وعدم الإستقرار، مشيراً إلى الجهود التي تبذلها الدولة لتسوية الأزمات بالطرق السلمية حفاظاً على مقدرات الدول وشعوبها.