الجواب المستبان على سؤال الحيران في حرب غزة من العدو الجبان
تاريخ النشر: 24th, October 2023 GMT
أثير – د. سعيد محمد السيابي
هذا العنوان يوحي بسجع رنان، ومحاولة لإثارة الخيال والذاكرة العربية بظاهرة قديمة حديثة، حيث الأوراق المتساقطة من تراثنا العربي الإسلامي المُشرِّف لنعيد في الذاكرة الثقافية سنة علمية ظاهرة في التأليف والدراسات، فقد كان علماء الأمة العظام يتفاعلون مع الأسئلة المطروحة في محيطهم الاجتماعي، فيؤلفون الرسائل والكتب للإجابة عليها ويضيفون عليها الشروحات المستجدة بواقع ما حدث في عصرهم، فينبرون بتحليل الموقف بالاستناد على خبرتهم وقراءاتهم وما يملكون من أدلة وأسانيد تثبت أن ما يتم الاستفسار عنه هم أولى بالإجابة عنه وحوله، فظهرت الكثير والعديد من المؤلفات على امتداد التاريخ الإسلامي التي غلب على تصانيفه السجع لمؤلفين كبار نذكر منهم: ابن عبد البر الأندلسي (ت463هـ )، والمجد الفيروز آبادي (ت817هـ)، وابن حجر العسقلاني (ت852هـ)، والسيوطي (ت911هـ)، وأحمد الدمنهوري (ت1192هـ)، ومرتضى الزبيدي (ت1205هـ)، والشِّدْياق (ت1304هـ).
ظهرت حركة التأليف والتدوين المباشر بأسلوب السجع في أسماء الكتب والمؤلفات عند المسلمين عامة والعرب خاصة مع بداية التأليف في القرن الثاني الهجري وهناك تأثير للشعر العربي الذي كان حاضرا بقوة في الإلقاء والتناقل والحفظ والكتابة، وكما هو معروف أن السجع والموسيقى في الكتابة مما تستريح له النفس ويستسهل عليها الحفظ وتتلذذ به الأسماع في القراءة، وساعد على انتشار المؤلف وبيع الكتب ذات الصدى الكبير.
لقد تجاوز التأليف الحر بالسجع في عناوين الكتب لتنجز مؤلفات بناء على سؤال طُرح من السائل، أو طُلب منه الإجابة عن استفسار مستجد، من ذلك ما فعله أبوالوليد الباجي في كتابه (إحكام الفصول في أحكام الأصول) وقد ذكر أنه فعل ذلك إجابة لسؤال تلقاه. وكان لعلماء اللغة كالإمام اللغوي محمد بن الحسن الصغاني (ت650هـ)، العديد من المؤلفات من ذلك: (أسْمَا الغَادةِ، في أسماءِ العادةِ) و (الدرُّ المُلْتَقَطْ، في تبيين الغَلَطْ) و (دَرُّ السحابةِ، في بيان مواضع وفياتِ الصحابةِ) و (العبابُ الزاخرُ، واللبابُ الفاخرُ)، وكانت الأسئلة لا تتوقف والإجابات عن طريق الجوابات والمراسلات تتناقل من قطر عربي لآخر ومن منطقة مسلمة إلى أخرى ومن يد حاملها إلى الأيادي التي تنتظرها بشغف كبير وبوصول بعض الجوابات للقراء كانت تحتفل المنطقة والقرية التي يزف لها خبر وصول الرد من العالم الجليل والشيخ الأصيل والمفتي الكبير بعلمه ومعارفه فتأليف الذي حدث في وقته كان مهم للعلماء ولعامة الناس فكانت الأمثلة شاهدة من واقع الحالة وحاضرة من البيئة والمجتمع السائل وقريبة من العقول والأرواح المتعطشة للاستزادة من العلم وكشف ما غم عليها وما احتاجت الى معرفته وتعميقه من صنوف العلوم.
إن الغايات النبيلة التي ذهب إليها المؤلفون للإجابة على طارحي الأسئلة من خاصة القوم وعامتهم، فقد كانت المسائل مفتوحة في كل جزئيات الحياة ومتطلبات الإنسان واحتياجاته فلم يكن هناك سقف للسؤال ولا تردد في الإجابة، لدرجة أن بعض المؤلفات المسجوعة حملت عناوين وأسماء طريفة وأخرى غريبة، على سبيل المثال: كتاب (رسالة إبليس إلى إخوانه المناحيس) لابن كرّام الجثمي، والذي قيل أنه قد لقي حتفه بسببه، وكتاب (عقلاء المجانين) لابن حبيب النيسابوري، وكتاب (ابتلاء الأخبار بالنساء الأشرار)لابن القطعة، وكتاب (الطريقة المثلى لإيصال خبر زواجك إلى زوجتك الأولى) إبراهيم عبدالعزيز اليحيى، وكتاب (أعجب العجب لمن لا يعجبه العجب) محمد خير رمضان يوسف وغيرها الكثير.
إن حركة التأليف عن واقع الحال هو ما شدنا للتناول في هذا المقال، وهو ما نود أن نذكر به جمع المؤلفين والقراء بأن واقعنا الإسلامي والعربي يحتاج منا إلى الكثير من شحذ الهمم للتأليف الحر والإجابة عن الأسئلة الكبرى التي تحير أذهان شبابنا وتجعلهم في حيرة من الأمر حول أين دور العلوم المنطقية والعقلية عن ما يدور حولهم ومعهم وبينهم ومتى تكون النقاشات الرصينة والإجابات الشافية بالأدلة الواقعية والممارسات اليومية التي يحتاجونها وما يدور في محيطهم العلمي من هجمات ومنغصات على دينهم وثقافتهم ومقدساتهم التي تستباح كل يوم بصنوف من الهجمات بعضها مركزة على شخصية بعينها ومستهدفة لمكان محد وما أحوجنا للكبار الذين يستفيضون في تفتيت المدجن والمؤدلج والمتصهين والممد المنبطح على ثقافة لا تمت لقيمنا الحقة ومبادئنا السوية، فلو جارينا العلماء الأفذاذ في مختلف العصور الإسلامية والعربية في العنونة المسجوعة في أدبنا العربي لكان المؤلف المهم الذي علينا كتابة حاليا هو (الجواب المستبان على سؤال الحيران في حرب غزة من العدو الجبان!).
المصدر: صحيفة أثير
إقرأ أيضاً:
هل يجوز ادعي لفريق كرة قدم بشجعه؟.. رد مفاجئ لـ علي جمعة
رد الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، مفتى الجمهورية الأسبق، على سؤال من طفل يقول "هل ينفع أني أدعي لفريق كرة بشجعه بأنه يكسب؟".
جاء ذلك في برنامج تلفزيوني يومي يجيب خلاله الدكتور علي جمعة عن أبرز الأسئلة المثيرة التي تشغل ذهن الشباب والأطفال كما يتناول شرحًا لأبرز الأمور الدينية.
وأجاب علي جمعة "كان سيدنا موسى يدعو الله في ملح طعامه، وأنت عايز الفريق ده يكسب ده تقول يا رب، والثاني بتاع الفريق المنافس يقول يا رب، ومفيش تحريم، وليقضي الله أمرا كان مفعولا".
كما أجاب الدكتور علي جمعة عن سؤال طفلة خلال الحلقة ذاتها "هو إحنا ليه أصلا بندعي ربنا؟".
وأكد علي جمعة، في أجابته عن السؤال، "إن الله سبحانه وتعالى جعل الدعاء نوعًا من العبادة بل هو العبادة"، مستشهدًا بقول الله تعالى: (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ)، موضحا أن الدعاء يظهر عبوديتا لله، كما يظهر احتياج العبد منا إلى الله وهذه هي الحقيقية.
هل ليلة القدر اليوم في 27 رمضان؟.. علي جمعة يحسمها بـ9 حقائق
ليه ربنا أرسل سيدنا محمد آخر الأنبياء مش الأول؟ علي جمعة يجيب
كما أجاب الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، مفتى الجمهورية الأسبق، عن سؤال طفلة تقول "هل ربنا سبحانه وتعالى هيحاسبنا إننا مش قادرين نعمل حاجة لأهل غزة غير أن إحنا ندعى لهم بس؟".
جاء ذلك في برنامج تلفزيوني يومي يجيب خلاله الدكتور علي جمعة عن أبرز الأسئلة المثيرة التي تشغل ذهن الشباب والأطفال كما يتناول شرحًا لأبرز الأمور الدينية.
ورد الدكتور علي جمعة، في إجابته عن السؤال، قائلاً: "أن سيحاسب الحاضر القادر"، موضحا "لو كنتِ موجودة هناك فيجب عليكِ الجهاد والصبر والوقوف أمام هذا العدوان لكن أنتِ الآن غائبة، فلذلك لا عقاب"،
وتابع "يمكن مساعدة أهل غزة إذا لم نستطع نصرتهم بالسلاح بأن نرسل إليهم العون"، مستشهدا بقوله صلى الله عليه وسلم، "إذا لم يستطع أحدكم أن يأتي بيت المقدس فليرسل إليه زيت".
وأوضح أن المعنى المقصود هو تقديم شيء يفيد أهله هناك، مؤكدا أن مصر أكثر الدول في تقديم تلك المعونة لنصرة غزة، داعيا الله بأن يكشف الله الغمة، ويهزم الأعداء هزيمة منكرة، ولعل الله يجعل في خير أجناد الأرض وقاية من هذا البلاء.