واشنطن- مع تسارع وتيرة التحركات العسكرية الأميركية تجاه شرق البحر المتوسط، يزداد النقاش سخونة في واشنطن وسط علامات استفهام وتعجب كثيرة حول طبيعة الدور الأميركي في العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وإذا ما كانت الولايات المتحدة ستلعب أي دور مباشر في عملية الاقتحام الإسرائيلي البري المتوقع.

واستبعد عدد من المعلقين -من ذوي الخبرات العسكرية، تحدثت إليهم الجزيرة نت- التدخل الأميركي المباشر في الهجوم البري الذي تعهدت الحكومة الإسرائيلية القيام به للقضاء على حركة المقاومة الإسلامية (حماس).


قلق أميركي

وعبّر وزير الدفاع الأميركي الجنرال لويد أوستن، في حديث لشبكة "إيه بي سي" (ABC) أول أمس، عن قلق بلاده بشأن التصعيد المحتمل للحرب على قطاع غزة. وقال أوستن "نحن قلقون بشأن التصعيد المحتمل..، سنفعل ما هو ضروري للتأكد من أن قواتنا في الموقع الصحيح، وأنها محمية وأن لدينا القدرة على الرد".

وجاءت تصريحات أوستن في وقت تعرضت فيه قواعد عسكرية أميركية في العراق وسوريا لهجمات، واعترضت البحرية الأميركية مؤخرا صواريخ أُطلقت من اليمن، وذلك في الوقت الذي لا تتوقف فيه الهجمات المحسوبة والمحددة على طول الحدود الإسرائيلية اللبنانية.

كل ذلك يحدث في الوقت الذي تواصل فيه إسرائيل عملياتها العسكرية على قطاع غزة، مع اقتراب بدء الاجتياح البري، كما يتوقع أغلب المراقبين.

وفي حديث للجزيرة نت، استبعد مدير معهد دراسات الأمن والصراع بجامعة جورج واشنطن والخبير في الصراعات الدولية وحروب المدن ألكسندر داونز، تورط الولايات المتحدة في الهجوم الإسرائيلي الوشيك على غزة.

وقال داونز "أعتقد أن مشاركة الولايات المتحدة -باستثناء بعض التطورات الرئيسة غير المتوقعة- تهدف إلى ردع حزب الله عن التورط في الصراع بطريقة كبيرة. وبطبيعة الحال، ستواصل الولايات المتحدة تزويد إسرائيل بالمساعدات العسكرية قدر استطاعتها".


المارينز الأميركي حاضر

وفي موضوع متصل، غاب عن قراءة أرسلها البنتاغون للصحفيين مساء أمس الاثنين، حول محادثة هاتفية جرت بين وزيري الدفاع الأميركي والإسرائيلي، أي إشارة لوجود وفود عسكرية أميركية رفيعة المستوى تقدم المشورة للمساعدة في عملية الاقتحام البرية المتوقعة لقطاع غزة.

وكان موقع أكسيوس قد كشف عن وجود عدد من ضباط سلاح مشاة البحرية (المارينز) برئاسة الجنرال جيمس جلين الذي ترأس سابقا العمليات الخاصة للمارينز، وشارك في العمليات العسكرية ضد تنظيم الدولة في العراق.

وتعكس هذه الخطوة تورط إدارة الرئيس جو بايدن العميق في العدوان على غزة، ومدى مشاركتها في التخطيط العسكري الإسرائيلي.

وفي إفادة صحفية بالبنتاغون أمس، أوضح مسؤول عسكري رفيع، أن لدى واشنطن "جيل كامل من كبار القادة العسكريين الأميركيين الذين لديهم خبرة في مكافحة الإرهاب والعمليات المعقدة، ولا سيما في بيئة حضرية مثل غزة. وقد جعلنا خبراءنا متاحين باستمرار لتقديم الدروس المستفادة من خبراتهم الطويلة لنظرائهم الإسرائيليين".

وأكد موقع أكسيوس أن الجنرال جلين، والضباط المرافقين له، يقدمون فقط المشورة العسكرية للجيش الإسرائيلي بشأن الاجتياح البري الإسرائيلي المتوقع لقطاع غزة، وأنه من غير المتوقع أن يبقى جلين في إسرائيل لمتابعة المعركة البرية.

جدير بالذكر أن إسرائيل تشهد منذ تعرضها لهجمات حماس في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، زيارات عسكرية رفيعة المستوى، إذ زارها الجنرال مايكل إريك كوريلا، قائد القوات الأميركية في الشرق الأوسط (سينتكوم)، وزارها أيضا وزير الدفاع أوستن، وذلك للتنسيق والمتابعة بين عسكريي الدولتين في ظل التوتر المستمر في الأوضاع الإقليمية.


3 أهداف أميركية

وأقر المسؤول العسكري الرفيع في إفادته بالبنتاغون أن لواشنطن 3 أهداف من وراء إعادة تموضعها العسكري في شرق المتوسط عقب هجوم حركة حماس. وقال إن الهدف الأول هو توجيه كل الدعم لإسرائيل والإسراع لتقديم المساعدة الأمنية المطلوبة.

"ثانيا، احتواء الصراع في غزة وردع أي جهات حكومية وغير حكومية تسعى إلى توسيع الصراع أو توسيعه خارج غزة. وثالثا، حماية القوات والمواطنين الأميركيين بما في ذلك التركيز على استعادة الرهائن".

واستغرب بعض المراقبين أن حماية المواطنين والقوات الأميركية جاء ثالثا بعد تقديم الدعم لإسرائيل ومنع توسع دائرة الصراع.

وكانت إدارة بايدن قد أرسلت مجموعة حاملة الطائرات دوايت أيزنهاور إلى الشرق الأوسط، لتنضم إلى مجموعة حاملة الطائرات يو إس إس جيرالد فورد في شرق البحر المتوسط، وتتكون كل مجموعة من 12 قطعة بحرية، كما نشرت واشنطن بطاريات نظم دفاع جوي من طراز باتريوت، وطراز ثاد، وكلاهما يمكنه اعتراض الصواريخ.

وتحمل كل حاملة طائرات ما يقرب من 70 طائرة مقاتلة على متنها، كما وضع بايدن الآلاف من القوات الأميركية على أهبة الاستعداد للانتقال إلى المنطقة إذا لزم الأمر.

ورغم الانتشار العسكري الأميركي الواسع، يستبعد المسؤول السابق بالبنتاغون والمحاضر بكلية الدفاع الوطني بواشنطن ديفيد دي روش، أن "تشارك الولايات المتحدة في أي عمليات عسكرية في غزة أو أن تقدم أي دعم عسكري مباشر".

إلا أن المسؤول السابق بالبنتاغون قال في حديث للجزيرة نت، إن "الاستثناء الوحيد سيكون إذا كانت هناك معلومات كافية لشن عملية لتحرير الرهائن الأميركيين الذين تحتجزهم حماس. وبصرف النظر عن هذا الاحتمال المحدود، أتوقع أن يقتصر دور الولايات المتحدة على توفير الإمدادات، بما في ذلك الأسلحة والمعلومات".

ردع موسم الانتخابات

ويستبعد الكثير من المراقبين أن يقدم رئيس أميركي على التورط في حرب جديدة خاصة في عام الانتخابات، إذ أثبتت المغامرات العسكرية الأميركية الأخيرة في المنطقة أنها مكلفة سياسيا واقتصاديا، ومن حيث أعداد الضحايا الأميركيين.

ويقول مدير برنامج الأمن الدولي في مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية في واشنطن سيث جونز، إن الولايات المتحدة ستكون مترددة للغاية في الانخراط عسكريا بشكل مباشر في حرب في غزة، وأضاف أن "وجود مجموعات حاملة الطائرات الضاربة يمكن أن يكون مفيدا بدون إطلاق رصاصة واحدة، لأسباب ليس أقلها قدرتها على جمع المعلومات الاستخباراتية وتوفير الدفاعات الجوية. وأي مشاركة ستكون بمثابة الملاذ الأخير".

واتفق مع هذا الطرح خبير الشؤون الدفاعية مايكل بيك، الذي أكد في حديث مع الجزيرة نت، على عدم توقعه أن تشارك الولايات المتحدة مباشرة في هجوم بري إسرائيلي، "بل ستدعم التحرك عن طريق توفير الإمدادات، وربما المعلومات الاستخباراتية. ومع ذلك، فإن أحد التعقيدات هو أن حماس تحتجز العديد من الرهائن الأميركيين".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الولایات المتحدة فی حدیث

إقرأ أيضاً:

تداعيات فرض عقوبات أميركية على البرهان

الخرطوم- وصف وزير الخارجية السوداني علي يوسف -في تصريحات خاصة للجزيرة نت- العقوبات المالية التي فرضتها وزارة الخزانة الأميركية على رئيس مجلس السيادة الانتقالي وقائد الجيش عبد الفتاح البرهان بـ"البائسة"، وأكد أنه "ليس لها أي أثر عملي على البرهان شخصيا، أو على وظائفه كرئيس للمجلس".

ورأى أن العقوبات تعكس سوء إدارة وسوء فهم عدد من المؤسسات الأميركية لما يجري في السودان، "وبالتالي سوء سياسات هي جزء من المأساة التي يعيشها الشعب السوداني". وقال "لو كانت الولايات المتحدة تفهم فهما صحيحا ما يجري وما وصل إليه الحال في البلاد لما اتخذت مثل هذا القرار البائس".

وأضاف الوزير السوداني أن إدارة الرئيس الأميركي المنتهية ولايته جو بايدن "أبت إلا أن تختم أعمالها وهي تلفظ أنفاسها الأخيرة بفرض عقوبات على البرهان".

ادعاء أميركي

وبرأي وزير الخارجية السوداني، فإن هذه العقوبات تعكس سياسة الإدارة الأميركية التي تقول إن "الحرب في السودان هي بين جنرالين، وإذا عاقبت أحدهما اليوم، فستعاقب الآخر غدا. وإن هدفها هو وقفها، وهي تدعي أنها تفعل هذا لمصلحة الشعب السوداني".

وجزم بأن العقوبات على البرهان تقود إلى التفافٍ وتأييدٍ ووقوفٍ أكبر من الشعب السوداني معه، وقال "نتمنى أن تكون الإدارة الأميركية الجديدة بقيادة الرئيس المنتخب دونالد ترامب أكثر حكمة، وفطنة، وفهما، ومتابعة، واستعدادا لاتخاذ مواقف تؤدي بالفعل لإنهاء الحرب لصالح الشعب السوداني".

إعلان

من جانبه، قلل مندوب السودان الأسبق لدى الأمم المتحدة، عبد المحمود عبد الحليم، في حديث للجزيرة نت، من تأثير العقوبات الأميركية على البرهان، وقال إن واشنطن اعتمدت على بروتوكول العقوبات القديم، و"بذلك تعطي الحكومة السودانية فرصة العمل بعيدا عن الضغوطات والمناورات الأميركية".

ووفقا له، أثبتت تجارب عقوبات الخزانة السابقة أنها عديمة الأثر، إذ بإمكان البرهان حضور اجتماعات منظمة الأمم المتحدة. وعدّ قرارها الأخير "شهادة رسوب أخرى للولايات المتحدة بعد شهادات سقوط متعددة نالتها في إثيوبيا وأفغانستان، إلى جانب فشلها المزمن في الشرق الأوسط، ومن مظاهره الخراب والدمار اللذين نشاهدهما الآن".

واتهم عبد الحليم واشنطن بأنها عجزت عن إلزام قوات الدعم السريع بتنفيذ مقررات منبر جدة، وخلقت آخر جديدا في جنيف "كان ضرره أكثر من نفعه"، إضافة إلى تصنيفها "الخاطئ للحرب كتعارك بين جنرالين، فما إن تتخذ إجراء ضد الدعم السريع حتى تسارع لاتخاذ ما يوازيه ضد الجيش".

مساندة شعبية

أثار قرار الخزانة الأميركية تكهنات وتساؤلات عدة بشأن تأثيره على الواقع بالسودان، وجاء ذلك بعد أيام من فرض واشنطن عقوبات على قائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو "حميدتي" الذي اتهمته "بارتكاب جرائم ترقى للإبادة الجماعية".

كما أدى هذا القرار بحق البرهان إلى ردود أفعال شعبية واسعة مساندة له وللجيش، في مقابل ترحيب به من مجموعات مناوئة له وتتهمها السلطات السودانية بدعم الدعم السريع، في حين حذر مراقبون من مغبة تضخيم أثر عقوبات الخزانة الأميركية.

وفي حديث للجزيرة نت، رأى سفير بوزارة الخارجية السودانية -فضل حجب اسمه- أن الأولوية، قبل التحشيد الشعبي لدعم القيادة، هي مواصلة الانتصارات العسكرية وتحرير المدن، وتوفير الخدمات في المناطق الآمنة، ومواصلة الترتيبات الدستورية والسياسية، وتحسين أداء الدولة، و دحر أي محاولة ارتدادية من الدعم السريع "التي تؤكد المؤشرات إقبالها على عمل مخطط بعد وصول إمداد جديدة عبر ليبيا". ودعا إلى تحويل العقوبات إلى "طاقة مقاومة إيجابية".

إعلان تصنيف

وتم تصنيف البرهان، بموجب الأمر التنفيذي رقم 14098، باعتباره "شخصا أجنبيا يشغل منصب قائد أو مسؤول رفيع أو عضو مجلس إدارة للقوات المسلحة السودانية، وهي كيان انخرط أعضاؤه في أعمال أو سياسات تهدد السلام أو الأمن أو استقرار السودان"، حسب مكتب مراقبة الأصول الأجنبية "أو إف إيه سي" التابع لوزارة الخزانة الأميركية.

ويشهد السودان منذ 15 أبريل/نيسان 2023 حربا بين الجيش وقوات الدعم السريع تشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أنها أدت إلى مقتل عشرات الآلاف ونزوح أكثر من 12 مليون سوداني.

مقالات مشابهة

  • ترامب: قد أمنح تيك توك مهلة
  • ترامب: سأمنح مهلة 90 يوما لـ«تيك توك» على الأرجح.. القرار بعد تنصيبي
  • ???? المحكمة العليا الأميركية تؤيد قانونا يحظر تطبيق تيك توك في الولايات المتحدة
  • تداعيات فرض عقوبات أميركية على البرهان
  • في ظل الحظر المرتقب.. هل سيشتري إيلون ماسك تيك توك؟
  • الولايات المتحدة تفرض عقوبات على قائد الجيش السوداني البرهان
  • الخزانة الأميركية تعلن فرض عقوبات على البرهان
  • رويترز: الولايات المتحدة ستفرض عقوبات على قائد الجيش السوداني
  • رويترز: واشنطن تعتزم فرض عقوبات على البرهان لاستهداف القوات المسلحة للمدنيين والبنية الأساسية المدنية ومنع وصول المساعدات  
  • رويترز: واشنطن تعتزم فرض عقوبات على قائد الجيش السوداني