الشاعر الدكتور زهير دوه جي: الشعر أقرب إلى الذائقة من الأجناس الأخرى
تاريخ النشر: 24th, October 2023 GMT
دمشق-سانا
تمكن الدكتور زهير دوه جي رغم انهماكه بتحصيل العلوم الطبية من الجمع بين عدة مواهب، أهمها الشعر والبحث ومتابعة المنظومة الإلكترونية لمواجهة ما يؤذي منها لكنه وجد أن الشعر هو أكثر ما يتلاءم مع الوجدان والذائقة الاجتماعية.
وفي تصريح لـ سانا قال دوه جي: منذ طفولتي في المرحلة الابتدائية كنت مهووساً بالقراءة، وما يقرأه أبي كنت أقرأه، وأي شيء أراه أندفع لقراءته، أحببت الرواية والتاريخ ولكن الشعر استهواني منذ الصغر، ومنذ كنت طفلاً كنت اشتري بما أمتلكه كتباً وهي متعة فائقة أن أعيش عالم الأديب والكاتب لأنه عمر آخر من الفرح والأمل والجمال.
وأضاف دوه جي: الآن وبعد معرفتي بأكثر الأجناس الأدبية وجدت أن الشعر هو الأقرب إلى المتلقي والأقدر على الوصول إلى الهدف والغاية، رغم أن من يحاولون كتابته ويدعون أنهم شعراء عددهم كبير، وهذه مشكلة كبيرة في عالم الشعر.
وأوضح الأديب دوه جي أنه شارك بأنشطة في مواجهة الغزو الثقافي، فالشعر والأدب والفكر أنشطة لا تتجزأ، مشيراً إلى أنه ورغم وسائل التواصل الطاغية والابتعاد عن الكتابة وما أثر على مفاهيم المجتمع فإن الثقة موجودة بشباب يرتجى منهم الخير من خلال صحوتهم وتوجهاتهم الفكرية.
وبين دوه جي أنه يكتب ليقدم ما يلزم الشباب لبناء عقيدة أخلاقية ووطنية راسخة، فالواقع مرير والوطن بحاجة لأدبائه وهم معنيون برسم المستقبل.
ورأى دوه جي أن هناك انعكاساً جميلاً بين الروح والجسد ينطبق على الشعر والأدب الذي يستخدمه الشاعر، وخاصة الشعر فهو في كثير من الحالات علاج يبعث على التفاؤل والإحساس والأمان، لافتاً إلى أنه لا يمكن أن ينفصل العمل في مهنة العلاج عن الشعر والأدب عندما يكون السلوك العلاجي صحيحاً ودقيقاً.
ودعا دوه جي المثقفين والشباب إلى البحث عن الأصل والتمسك بالقيم الأصيلة والمبادئ السامية لتحقيق النجاح والسعادة.
يذكر أن الدكتور زهير دوه جي طبيب في الأمراض الداخلية والقلبية، وشارك بالعديد من الأنشطة والمهرجانات الأدبية مع اتحاد الشبيبة والاتحاد الوطني لطلبة سورية ومن مؤلفاته لغة العشق وطفلة الروح.
محمد خالد الخضر
المصدر: الوكالة العربية السورية للأنباء
إقرأ أيضاً:
الدكتور سلطان القاسمي يكتب: ميدان الرولة... شاهد على التاريخ
في عام 1803م، تولى الشيخ سلطان بن صقر بن راشد القاسمي حكم رأس الخيمة، ولم يكن متصوفاً مثل جده، الشيخ راشد بن مطر القاسمي، ولم يكن كذلك سلفياً مثل أبناء عمه رحمة بن محمد بن رحمة بن مطر القاسمي، والذين جمعوا حولهم جميع سكان مدن القواسم على منهج السلفية، وقاموا بتصرفات دون علمه من الاعتداءات على السفن في الخليج.
ما كان من الشيخ سلطان بن صقر القاسمي إلّا أن وقّع اتفاقية مع مندوب شركة الهند الشرقية «ديفيد سيتون» «David Seton»، في شهر فبراير عام 1806م، الأمر الذي أغاظ جماعة الدعوة السلفية، والأمير سعود بن عبد العزيز آل سعود في الدرعية، فقام أبناء عمه، رحمة بن محمد القاسمي، بتدبير مكيدة، باتهامه بمقتل عمه الشيخ عبد الله بن راشد القاسمي، حاكم رأس الخيمة، لدى الأمير سعود بن عبد العزيز آل سعود، حيث طلب منه الوصول إلى الدرعية للتفاهم حول بعض الأمور، فما كان منه إلّا أن توجه براً إلى الدرعية في شهر مارس عام 1809م.
في الدرعية، تم احتجاز الشيخ سلطان بن صقر بن راشد القاسمي، وتمّ تنصيب حسن بن رحمة بن محمد القاسمي، حاكماً على رأس الخيمة وما تبعها من بلدان القواسم.
كانت بلدة الشارقة إحدى البلدات التابعة للقواسم، وكانت تمتد على طول خور الشارقة، بعرض لا يزيد عن ثلاثمائة متر فقط، وبرّها صحراء مستوية إلّا من تلة رملية مرتفعة، تشرف على الطرق البرية المتجهة إلى الشارقة.
في عام 1810م، وصل القائد السعودي مطلق المطيري إلى الشارقة، ونصبت خيام جيشه على تلك البقعة المستوية قبالة بلدة الشارقة، وقد نصبت خيمة قائد تلك الحشود، مطلق المطيري، على التلة الرملية المرتفعة المشرفة على الطرق المؤدية إلى بلدة الشارقة، وسميت تلك التلة بند المطيري.
في تلك البقعة، قبالة بلدة الشارقة تجمّع آلاف الناس، منهم من أتى لتسليم الزكاة من الشارقة والبلدات المجاورة، ومنهم من جاء لتقديم الولاء والطاعة، والناس بين تكبير وتهليل.
أما أهل نجد، في تلك القوات، فقد قاموا بأداء العرضة النجدية، رافعين الأعلام الخضراء التي كتب عليها: «لا إله إلّا الله، محمد رسول الله»، لقد أخذت تلك الاحتفالات أياماً وليالي.
في بداية عام 1813م، وصل الشيخ سلطان بن صقر بن راشد القاسمي إلى مسقط هارباً من سجنه في الدرعية عاصمة الأمير سعود بن عبد العزيز آل سعود، حيث اتخذ طريقه من خلال وادي الدواسر حتى وصل إلى ذمار في اليمن، ومنها إلى ميناء المخا في اليمن كذلك، وأبحر منها إلى صور في عُمان.
أرسل الإمام سعيد بن سلطان سفينة إلى الشيخ سلطان بن صقر القاسمي، بعد أن وضع عليها قوات، وأرسلها إلى لنجة، حيث وصلت بسلام، وحملت على ظهرها كتيبة من ثلاثمائة رجل من جماعة الشيخ سلطان بن صقر القاسمي، وأبحرت إلى ميناء الشارقة، واحتلت مدينة الشارقة، حيث قام الشيخ سلطان بن صقر القاسمي، ببناء قلعة تكون مقرّاً له ولقواته.
جرت عملية وحشية في الشارقة، حيث وصلت إلى الشارقة، قوة عسكرية قادمة من رأس الخيمة، فقتل ما لا يقل عن سبعمائة رجل من كلا الطرفين، ونجحت جماعة رأس الخيمة في الاستيلاء على سفينة الإمام سعيد بن سلطان، وأخذوها معهم إلى رأس الخيمة، لكن الشيخ سلطان بن صقر بن راشد القاسمي، نجح في استقلال الشارقة عن رأس الخيمة وتخليصها من السلفية.
في تلك البقعة التي أقام مطلق المطيري القائد السعودي معسكره، حوّلها الشيخ سلطان بن صقر القاسمي، إلى مزرعة زرعها بالنخيل، وكان الفحل للنخيل قد أطلق عليه «غالب» تشبهاً بالشيخ سلطان بن صقر القاسمي، وحفر بركة ماؤها من الماء الأرضي، ومطوية بالصخور، وبجانبها شجرة رول جلبها من بلدة لنجة على ساحل فارس.
أما ند المطيري، فقد حوّله الشيخ سلطان بن صقر القاسمي إلى مسكن صيفي له مبني من سعف النخيل.
يمر الزمن على الشارقة، حتى جاء زماننا، فقد كنت ابن ست سنوات أدرس القرآن الكريم عند الشيخ فارس بن عبد الرحمن، حتى إذا ما جاء الصيف، انتقل هو وأهل بيته إلى ند المطيري بالقرب من فحل النخيل «غالب»، وقد استطال إلى عنان السماء، وبالقرب منه بني عريش؛ ليكون فصلاً للدراسة عند الشيخ فارس بن عبد الرحمن.
وإذا قرب الظهر نرجع إلى بلدة الشارقة بعد أن نمر ببركة الماء لنشرب منها، حيث كانت لها درجات تصل إلى مستوى الماء، وقد وضع هنالك علبة صفيح يغرف بها الماء للشرب.
بقيت شجرة الرولة، مكاناً يلتقي به أهالي الشارقة والمدن المجاورة، مساء كل عيد يتوافد إلى شجرة الرولة، الوارفة الظل، الرجال والفتية والفتيات والأطفال. وتُعلّق الحبال على الأغصان الكبيرة من شجرة الرولة، وتجلس الفتيات في صفين على الحبال، وتشبك كل فتاة أصابع رجليها بالحبال التي تجلس عليها الفتاة التي تقابلها، فتتكون المرجيحة من ثماني فتيات. أما الفتيان فيقومون بشط المرجيحة، أي إبعادها إلى أعلى بكل عفة. تُباع تحت شجرة الرولة الحلويات والمكسرات.
في فترة الستينيات، بنيت مدرسة العروبة في بقعة الرولة، وكانت بها البعثة الكويتية حيث كانت المدارس تحت إدارتها، وبها البعثة المصرية والبعثة القطرية والبعثة البحرينية.
في عام 1978م، جفت أغصان شجرة الرولة، حيث بلغ عمرها مائة وخمساً وستين سنة، وحيث إنني قد استوعبت التاريخ، فقمت في الخامس والعشرين من شهر يناير عام 1979م، بافتتاح ميدان الرولة، حيث وضعت في وسطه نصباً رسمته بيدي حيث كان توقيعي، وفي قلبه الرولة التي كانت شاهدة على كل تلك الأحداث.