في اليوم الثامن عشر من حرب إسرائيل على غزة، يستمر ارتفاع عدد القتلى مع استمرار القصف الإسرائيلي المكثف، ونتيجة القصف الإسرائيلي، قُتل أكثر من خمسة آلاف شخص، وأصيب أكثر من 14 ألفا بجروح، وجميعهم مدنيون، منذ 7 أكتوبر.

ويواجه رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، انتقادات حادة، حول الحرب على غزة وملف تحرير الأسرى من يد المقاومة الفلسطينية، وهو ما يُنذر باندلاع أزمة داخلية جديدة تهدد أركان إسرائيل.

انقسامات حادة في إسرائيلانقسامات حادة في إسرائيل

 

مثلت عملية "طوفان الأقصى" مفاجأة صادمة للداخل الإسرائيلي، ليس على المستوى العسكري والاستخباراتي فحسب، بل على المستوى السياسي أيضاً. وكتبت رويترز، في وصف العملية التي أطلقتها المقاومة الفلسطينية، أنها أسوأ اختراق لدفاعات إسرائيل منذ حرب أكتوبرعام 1973.

وتسقط المسؤولية السياسية كاملة على عاتق التحالف الحكومي الذي يقوده بنيامين نتنياهو، هذا ما تكشف عنه استطلاعات أخيرة، مشيرة إلى أن 80% من الإسرائيليين يُحمّلون رئيس الحكومة مسؤولية ضربة الـ7 من أكتوبر.

ويواجه نتنياهو موجة انتقادات واسعة، يزيد من وطأتها مطالبات عائلات الأسرى الإسرائيليين، الذين تخطى عددهم 213، بالإفراج عن ذويهم المحتجزين لدى المقاومة. وتنذر هذه الوقائع بأزمة سياسية داخلية جديدة في إسرائيل، بعد أسابيع قليلة من "أزمة المحكمة العليا" التي شهدتها البلاد.

ويعاني الداخل الإسرائيلي انقسامات حادة وغضبا عارما من الإسرائيليين الثائرين ضد رئيس حكومتهم، بنيامين نتنياهو، وطالت الانقسامات جيش الاحتلال بشأن الدخول البري إلى غزة، إذ كشفت تقارير إعلامية صهيونية بأن “ثلاثة وزراء، على الأقل، يدرسون الاستقالة من حكومة نتنياهو وفرض تحميل المسؤولية عليه”.

وقال موقع صحيفة يديعوت أحرونوت، إن “نتنياهو متردد بخصوص العملية البرية ويعرقل المرحلة التالية، بل ويخشى التورط في الجنوب، وفي الشمال، لافتاً إلى أنه “يمكن لحزب الله أن يشغل الكيان بهذه الطريقة إلى الأبد، ويدفع ثمناً ضئيلاً جداً مقارنة بالثمن الذي تدفعه إسرائيل”، وفقا لموقع الميادين.

بفائدة 25%.. شهادات ادخار جديدة بأعلى عائد شهري| تفاصيل باستثمارات تتجاوز الـ2 مليار جنيه.. محافظات الصعيد تودع انقطاع الكهرباء

وكانت الصحيفة كتبت على صفحتها الأولى، أن هناك أزمة ثقة بين نتنياهو و”الجيش” ، مضيفة أنه “بعد 17 يوماً من الهجوم على الكيان الغاصب، بات الكل واقعاً في مصيدة، فرئيس الحكومة (نتنياهو) غاضب على الجيش المتهم برأيه بكل ما حدث، ويجد صعوبة في اتخاذ قرار دخول بري، إلى غزة، وحسب شهود في مقر قيادة الجيش، فإن النقاش هناك ليس مركزاً، وليس هناك من يدير المجهود المدني”.

وأكدت الصحيفة أن “العلاقة المتوترة بين نتنياهو وغالانت تجعل أمر العملية صعباً للغاية”. لافتة إلى أن الحكومة“ تجد صعوبة في التوصل إلى قرارات موحدة في مواضيع مركزية، مع انتقال الخشية من العاصفة التي ستأتي في اليوم التالي لانتهاء الحرب، إلى قيادة الجيش”.

وتحدث الناطق باسم جيش الاحتلال، عن سجال بخصوص توقيت العملية البرية على قطاع غزة، وأزمة الثقة التي نشأت بين نتنياهو والجيش، وداخل الكابينت المقلص، والموسّع.

فيما علقت يديعوت أحرونوت على موضوع الثقة قائلة: “يمكن إعادة بناء المنازل لكن من الصعب إعادة بناء الثقة”، لافتة إلى أن الحرب في غزة ولدت ارتباكاً وخلافاً بين رأس الحكومة والجيش، وخلقت أحداث السابع من أكتوبر أزمة ثقة بين نتنياهو الغاضب على مسؤولي الجيش، الذين يتحملون برأيه الذنب في كل ما حدث.

وتضيف الصحيفة أن “نتنياهو يتعامل بضيق صدر مع الآراء والتقديرات التي يعبّر عنها ضباط الأركان، ويماطل في تبني الخطط التي يقدمونها”. وتتابع “داخل الجيش يقولون إن الذنب يقع على عاتق القيادة السياسية لعدم تحديد أهداف واضحة للجيش، الذي لن يعرف متى حقق أهدافه، أو متى انتصرت إسرائيل، بعد أن وعد نتنياهو وغالانت بمحو حماس من على وجه غزة، ولم يشرحا ما هو المعنى العملي لهذا.

ومن جانب آخر، يستمر المئات من ذوي الأسرى الإسرائيليين الذين تحتجزهم حماس في التظاهر في تل أبيب، للمطالبة بإطلاق سراح أسراهم في غزة واستقالة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الذي يتهمونه بالفشل الذريع.

وتظاهر مئات من ذوي الرهائن الإسرائيليين، أمام وزارة الدفاع في تل أبيب، حاملين صور أقاربهم الأسرى لدى حماس والفصائل الفلسطينية الأخرى في الهجوم الذي شنته على مناطق بغلاف غزة في 7 أكتوبر الحالي.

ويحمل المتظاهرون لافتات كُتب عليها “حرروا الأسرى... أوقفوا إطلاق النار”، ورددوا هتافات تدعو لتحرير الأسرى.

وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي قد صرح بأن حكومته ستستخدم أي وسيلة لتحديد مكان المخطوفين وإعادتهم إلى بلدهم، فيما قال مستشار الأمن القومي الإسرائيلي، تساحي هنجبي، إن قضية الرهائن ستكون جوهر أي نقاش لإدخال المساعدات الإنسانية لقطاع غزة.

انقسامات حادة في إسرائيلتآكل الدعم الدولي لإسرائيل

ومن جانب آخر، انتقد الرئيس الأمريكي الأسبق، باراك أوباما، قرار إسرائيل قطع الإمدادات عن قطاع غزة المحاصر، في خضم الحرب التي تشنها على حركة حماس، محذرا من التداعيات الخطيرة التي ينطوي عليها هذا القرار.

وجاء تحذير باراك أوباما خلال مقال نشره في منصة التواصل الاجتماعي "ميديام" بعنوان "أفكار عن إسرائيل وغزة"، ليل الاثنين الثلاثاء.

وقال أوباما الذي تولى رئاسة الولايات المتحدة بين عامي 2009-2017 إن "قرار الحكومة الإسرائيلية بقطع الغذاء والماء والكهرباء لا يهدد فقط بتفاقم الأزمة الإنسانية، فمن الممكن أن يؤدي أيضا إلى تصلب التوجهات الفلسطينية لأجيال".

وأضاف أن القرار يمكن "أن يفضي أيضا لتآكل الدعم الدولي لإسرائيل، وهو ما قد يصب في مصلحة أعداء إسرائيل، ويقوض الجهود الطويلة المدى لتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة". وخلال عهد أوباما شنت إسرائيل حربين على قطاع غزة عامي 2012 و2014.

وعن الهجوم البري المحتمل لقطاع غزة، قال الرئيس الأمريكي الأسبق إن العالم كله يراقب الأحداث التي تتوالى عن كثب، مشيرا إلى أن أي استراتيجية عسكرية إسرائيلية تتجاهل الخسائر البشرية قد تجلب نتائج عكسية في نهاية المطاف.

"لا يجرؤ أحد غيرنا على القيام بذلك"..هل تنجح روسيا في وقف الحرب الإسرائيلية؟ قمة القاهرة للسلام تتمسك بالوقف الفوري للحرب على غزة خوفا من اتساع نطاقها حذف سيناء من خريطة مصر يزعج الملايين .. إليك الحكاية كاملة العدوان الإسرائيلي على غزة.. هل يتحمل الاقتصاد العالمي المنهار بالفعل حربا جديدة؟

وقال إن الآلاف من الفلسطينيين قتلوا خلال القصف في غزة، وبينهم الكثير من الأطفال، وأُجبر مئات الآلاف من السكان على النزوح عن منازلهم. وجدد أوباما في مقاله دعمه لحق إسرائيل في الدفاع عن مواطنيها بعد الهجوم الذي شنته حماس في 7 أكتوبر.

وقال إنه يقدم دعمه الكامل للرئيس الأمريكي الحالي، جو بايدن، في دعم إسرائيل لملاحقة حماس، وتفكيك قدراتها العسكرية وإعادة مئات المحتجزين في غزة.

لكن أوباما استدرك قائلا إنه "حتى مع دعمنا لإسرائيل، فيجب أن نكون واضحين في كيفية خوضها لهذه المعركة مع حماس". ولفت إلى ما قاله بايدن "مرارا بأن الاستراتيجية الإسرائيلية يجب أن تلتزم بالقانون الدولي، بما في ذلك القوانين التي تسعى لتجنب موت المدنيين وإصابتهم قدر الإمكان".

ومع ذلك، قال إن "المهمة صعبة، فأي حرب مأساوية دائما، وحتى مع وجود أكثر العمليات العسكرية حذرا في التخطيط، يتعرض المدنيون غالبا للخطر".

ومن جانبه، قال الباحث الإسرائيلي، آفي يسخاروف بصحيفة يدعوت أحرنوت، إن "بعد 17 يوماً من الهجوم على غلاف غزة، يجب قول الحقيقة، والتي سيكون سماعها صعب على الأذن الإسرائيلية، الفصائل الفلسطينية في الطريق لتحقيق انتصار"

وأضاف الباحث، أن المقصود ليس فقط أحداث السابع من أكتوبر، (1400) قتيل إسرائيلي، وأكثر من (220) أسير، لا بل النقطة التي وصلت إسرائيل لها، ممزقة ومتضاربة ومنقسمة".

وكشفت استطلاعات صحيفة "معاريف" العبرية، عن أن 80% من الإسرائيليين يعتقدون أنه على رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، أن يتحمل مسؤولية ما حدث في قطاع غزة. وفي استطلاع آخر لجيروزاليم بوست، ترتفع هذه النسبة إلى 94% من الإسرائيليين، فيما يعتقد 56% منهم أن على نتنياهو تقديم الاستقالة بعد انتهاء الحرب الجارية.

وهو ما تؤكده يديعوت أحرونوت في تقريرها المذكور، مشيرةً إلى أن ثلاثة وزراء إسرائيليين على الأقل يفكرون في الاستقالة، لإجبار نتنياهو على تحمُّل مسؤولية أحداث 7 أكتوبر.

في المقابل "يسعى نتنياهو إلى التنصل من مسؤولية فشل التنبؤ بهجوم حركة حماس وإلقاء المسؤولية على عاتق الجيش"، وفق ما ذكرت هآرتس، يوم الأحد.

ومن جانبه قال أستاذ العلوم السياسية المتخصص في الشأن الإسرائيلي، محمد صالح، إن الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة لها عدة تأثيرات سلبية على أكثر من صعيد إذ ستؤثر على الاقتصاد الإسرائيلي كما أن هناك خسائر في البورصة وسعر العملية والعمالة من غزة والضفة توقفت بالإضافة لتأثير السياحة بشكل كبير؛ هناك دول كثيرة نصحت رعاياها بعدم السفر إلى إسرائيل.

وأضاف صالح في تصريحات لـ “صدى البلد”، أن كل هذه العوامل يعاني منها الاقتصاد الإسرائيلي ومن المتوقع أن تزيد هذه المعاناة إذا حدثت الحرب البرية وخاصة لو طالت فترته الزمنية وكلها عوامل تؤثر سلبا على إسرائيل.

وأشار إلى أن الحرب على غزة أثرت على إسرائيل من الناحية السياسية؛ إذ أن الحكومة الإسرائيلية ائتلافية وتتكون من عدة أحزاب لأنها لا يستطيع حزب بمفرده الحصول على الأغلبية والحكومة الموجودة في إسرائيل يمينية متطرفة ويمينية متشددة؛ وبعد اندلاع الحرب تم تشكيل حكومة إسرائيلية مصغرة أطلق عليها حكومة طوارئ.

وأكد صالح أنه عندما تنتهي الحرب سيأتي وقت الحساب من الداخل الإسرائيلي لنتنياهو وللحكومة الإسرائيلية؛ الداخل الإسرائيلي سوف يبحث عن المسؤول عن الخسائر وكل ذلك سيقوله الرأي العام من خلال الانتخابات وأتوقع أن تكون هناك انتخابات مبكرة في إسرائيل ولن يفوز فيها رئيس الوزراء الحالي وقد يتم تشكيل لجنة للتحقيق فيما حدث.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: إسرائيل غزة جيش الاحتلال نتنياهو أوباما حماس بنیامین نتنیاهو من الإسرائیلیین رئیس الوزراء بین نتنیاهو فی إسرائیل قطاع غزة أکثر من على غزة فی غزة إلى أن ما حدث

إقرأ أيضاً:

جيش الاحتلال يشتكي من نقص الذخائر ويريد هدنة في غزة

بدأت أصوات كبار جنرالات جيش الاحتلال بالتعالى، مطالبة بهدنة قريبة للقتال في قطاع غزة، بسبب نقص الذخائر، وحالة الإرهاق التي يعاني منها جنود الاحتلال.

وتزداد الفجوة بين قادة الجيش من جهة، والحكومة الإسرائيلية، برئاسة بنيامين نتنياهو من الجهة الأخرى، بشأن طريقة التعامل مع الحرب في قطاع غزة، فبينما يصر نتنياهو على "تحقيق النصر المطلق"، يرى الجنرالات أن هذا الهدف أصبح مستحيلا مع دخلو الحرب شهرها التاسع.

وقال الكاتب الإسرائيلي، بصحيفة "نيويورك تايمز"، رونين بيرغمان، إن قادة الجيش يضغطون نحو هدنة للقتال، حتى لو بقيت حركة حماس في السلطة في الوقت الحالي، وذلك في توجه وقناعة جديدة، تشي بتآكل أهداف الحرب بشكل كبير.


تاليا نص مقال رونين بيرغمان:
يريد كبار جنرالات إسرائيل بدء وقف إطلاق النار في غزة حتى لو أبقى ذلك حماس في السلطة في الوقت الحالي، وهو ما يزيد من الفجوة بين الجيش ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي عارض هدنة تسمح لحماس بالبقاء على قيد الحياة في الحرب.

ويعتقد الجنرالات أن الهدنة ستكون أفضل وسيلة لتحرير حوالي 120 إسرائيليًا ما زالوا محتجزين – سواء كانوا أحياء أو أمواتًا – في غزة، وفقًا لمقابلات مع ستة من المسؤولين الأمنيين الحاليين والسابقين.

ويرى الجنرالات – الذين يفتقرون إلى التجهيزات اللازمة لمزيد من القتال بعد أطول حرب لإسرائيل منذ عقود – أيضًا أن قواتهم بحاجة إلى وقت للتعافي في حالة اندلاع حرب برية ضد حزب الله – الميليشيا اللبنانية التي تخوض قتالًا منخفض المستوى مع إسرائيل منذ تشرين الأول/ أكتوبر – حسبما قال العديد من المسؤولين.

ومن الممكن أيضًا أن تجعل الهدنة مع حماس من الأسهل الوصول إلى اتفاق مع حزب الله؛ وفقًا للمسؤولين، ومعظمهم تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته لكونهم يناقشون مسائل حساسة تتعلق بالأمن. وقال حزب الله إنه سيستمر في ضرب شمال إسرائيل حتى توقف إسرائيل القتال في قطاع غزة.

وتتشكل القيادة العسكرية الإسرائيلية المعروفة بشكل جماعي باسم منتدى هيئة الأركان العامة من حوالي 30 من كبار الجنرالات، بما في ذلك رئيس أركان الجيش الفريق هرتسي هاليفي، وقادة الجيش والقوات الجوية والبحرية، ورئيس الاستخبارات العسكرية.


ويعكس موقف الجيش الإسرائيلي بشأن وقف إطلاق النار تحولًا كبيرًا في تفكيره خلال الأشهر الأخيرة مع تزايد وضوح رفض نتنياهو صياغة خطة لما بعد الحرب أو الالتزام بها. وقد أدى هذا القرار بشكل أساسي إلى خلق فراغ في السلطة في القطاع أجبر الجيش على العودة والقتال في أجزاء من غزة التي كان قد أخلاها بالفعل من مقاتلي حماس.

وقال إيال حولاتا، الذي شغل منصب مستشار الأمن القومي في إسرائيل حتى بداية السنة الماضية، والذي يتحدث بانتظام مع كبار المسؤولين العسكريين: “الجيش الإسرائيلي يؤيد بالكامل اتفاق الرهائن ووقف إطلاق النار”.

وأضاف حولاتا: "إنهم يعتقدون أن بإمكانهم دائمًا العودة ومواجهة حماس عسكريًا في المستقبل. إنهم يدركون أن التوقف في غزة يجعل تهدئة التوترات في لبنان أكثر احتمالًا؛  حيث إن لديهم ذخائر أقل وقطع غيار أقل وطاقة أقل مما كان لديهم من قبل، لذا فهم يعتقدون أيضًا أن التوقف في غزة يمنحنا المزيد من الوقت للتحضير في حالة اندلاع حرب أكبر مع حزب الله". 

وليس من الواضح إلى أي مدى عبّرت قيادة الجيش الإسرائيلي عن آرائها لنتنياهو في الجلسات الخاصة، ولكن كانت هناك تلميحات عن الإحباط في العلن، بالإضافة إلى إحباط رئيس الوزراء من الجنرالات.

ورفض مكتب نتنياهو التعليق على هذا المقال، وفي بيان بعد نشر المقال عبر الإنترنت، أكد نتنياهو على أن إسرائيل لن تنهي الحرب "إلا بعد تحقيق جميع أهدافها، بما في ذلك القضاء على حماس وإطلاق سراح جميع الرهائن".

ويتخوف نتنياهو من قبول هدنة تُبقي على حماس في السلطة لأن هذا الاحتمال قد يؤدي إلى انهيار تحالفه الحكومي، الذي قال بعض أعضائه إنهم سيغادرون التحالف إذا انتهت الحرب دون هزيمة حماس.

وحتى فترة قريبة؛ كان الجيش يؤكد علنًا أن من الممكن تحقيق الهدفين الرئيسيين للحكومة في الحرب: هزيمة حماس وإنقاذ الرهائن الذين أسرتهم عليهم حماس وحلفاؤها خلال الهجوم الذي وقع في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر على إسرائيل. أما الآن؛ فقد خلصت القيادة العسكرية العليا إلى أن الهدفين غير قابلين للتوفيق بينهما، بعد عدة أشهر من بداية الشكوك لدى الجنرالات.

ومنذ اجتياح غزة في تشرين الأول/ أكتوبر، تغلبت إسرائيل تقريبًا على جميع كتائب حماس واحتلت معظم القطاع في بعض مراحل الحرب، لكن لا يزال ما يقرب من نصف الرهائن الـ250 الذين أُخذوا إلى غزة في تشرين الأول/ أكتوبر في الأسر، وتخشى القيادة العليا أن المزيد من العمليات العسكرية لتحريرهم قد تعرض حياة الآخرين للخطر.

ومع رفض نتنياهو علنًا الالتزام باحتلال غزة أو نقل السيطرة إلى قادة فلسطينيين بديلين، يخشى الجيش الإسرائيلي من حرب طويلة الأمد تستنزف طاقته وذخيرته تدريجيًا بينما يظل الرهائن محتجزين وزعماء حماس طلقاء. وفي مواجهة هذا السيناريو؛ يبدو أن إبقاء حماس في السلطة في الوقت الحالي مقابل استعادة الرهائن هو الخيار الأقل سوءًا بالنسبة لإسرائيل، حسبما قال حولاتا، واتفق مع ذلك أربعة مسؤولين كبار تحدثوا بشرط عدم الكشف عن أسمائهم.


وعندما طُلب من الجيش التعليق على ما إذا كان يدعم الهدنة، أصدر بيانًا لم يتطرق مباشرةً إلى السؤال، وقال البيان إن الجيش يعمل “وفقاً لتوجيهات المستوى السياسي على تحقيق أهداف الحرب”، بما في ذلك تدمير “قدرات حماس العسكرية والحُكمية، وعودة الرهائن وعودة المدنيين الإسرائيليين من الجنوب والشمال بأمان إلى منازلهم”.

وبعد نشر هذا التقرير، أصدر الجيش بيانًا مماثلًا ردًا عليه، متجنبًا مسألة دعمه لوقف إطلاق النار مرة أخرى، ولكن في بيانات ومقابلات أخرى أجريت مؤخراً، أعطى القادة العسكريون تلميحات علنية حول ما توصلوا إليه بشكل سري.

وقال المتحدث الرسمي باسم الجيش الإسرائيلي الأدميرال دانيال هاغاري في مقابلة تلفزيونية في 19 حزيران/يونيو: “أولئك الذين يعتقدون أننا نستطيع أن نجعل حماس تختفي مخطئون، حماس فكرة، حماس حزب سياسي، إنها متجذرة في قلوب الناس”، وفي انتقاد مبطن للسيد نتنياهو، قال الأدميرال هاغاري إن الإيحاء بغير ذلك هو “ذرّ الرمال في عيون الجمهور”.

وأضاف: “ما يمكننا القيام به هو إقامة شيء آخر، شيء يحل محلها، شيء يجعل السكان يعرفون أن هناك من يوزع الطعام، شخص آخر يقدم الخدمات العامة، من هو هذا الشخص! وما هو هذا الشيء! هذا ما يقرره صناع القرار”. 

وحاول الجنرال هاليفي، رئيس هيئة الأركان، في الآونة الأخيرة التباهي بإنجازات الجيش، فيما قال بعض المحللين إنها محاولة لخلق ذريعة لإنهاء الحرب دون فقدان ماء الوجه.

ومع تقدم القوات الإسرائيلية عبر مدينة رفح جنوب قطاع غزة في 24 حزيران/يونيو، قال الجنرال هاليفي إن الجيش “يقترب بوضوح من النقطة التي يمكننا القول فيها إننا فككنا لواء رفح، أي أنه هزم، ليس بمعنى أنه لم يعد هناك المزيد من الإرهابيين، ولكن بمعنى أنه لم يعد بإمكانه العمل كوحدة قتالية”.

ويقدر الجيش الإسرائيلي أنه قتل ما لا يقل عن 14 ألف مقاتل – الجزء الأكبر من قوات حماس ـ لكن المسؤولين يعتقدون أيضًا أن عدة آلاف من مقاتلي حماس لا يزالون طلقاء، مختبئين في أنفاق محفورة في أعماق الأرض تحت سطح غزة، يحرسون مخزونات الأسلحة والوقود والغذاء وبعض الرهائن.


ورفض مكتب السيد نتنياهو التعليق على هذا التقرير، وقال في بيان له يوم الإثنين إن إسرائيل كانت على وشك “القضاء على جيش حماس الإرهابي”، لكنه لم يذهب إلى حد القول إن هذا سيسمح لإسرائيل بإنهاء الحرب في غزة.

وفي مقابلة تلفزيونية نادرة في أواخر حزيران/يونيو، رفض رئيس الوزراء الإسرائيلي الاقتراحات القائلة بضرورة إنهاء الحرب، لكنه أقرّ بأن على الجيش أن يخفض وجوده في غزة من أجل “نقل جزء من قواتنا إلى الشمال”.

ووفقاً للمسؤولين العسكريين، فإن هذه الخطوة ضرورية لمساعدة الجيش على التعافي في حال اندلاع حرب أوسع نطاقاً مع حزب الله، وليس لأن إسرائيل تستعد لغزو لبنان قريباً، ومع ذلك فقد أشارت تقارير إخبارية أخرى إلى أن إسرائيل ربما تخطط لغزو في الأسابيع المقبلة.

وبعد مرور ما يقرب من تسعة أشهر على الحرب التي لم تخطط لها إسرائيل، يعاني جيشها من نقص في قطع الغيار والذخائر والدوافع وحتى القوات، حسبما قال المسؤولون.

وتعد هذه الحرب هي أعنف صراع خاضته إسرائيل منذ أربعة عقود على الأقل، وأطول حرب خاضتها في غزة، وفي جيش يعتمد إلى حد كبير على جنود الاحتياط، فإن بعض جنوده يؤدون جولتهم الثالثة منذ تشرين الأول/أكتوبر ويكافحون من أجل تحقيق التوازن بين القتال والتزاماتهم المهنية والعائلية.

ووفقًا لأربعة مسؤولين عسكريين فإن عددًا أقل من جنود الاحتياط يلتحقون بالخدمة، كما يتزايد انعدام ثقة الضباط في قادتهم، وسط أزمة ثقة في القيادة العسكرية دفعها جزئيًا فشلها في منع الهجوم الذي قادته حماس في تشرين الأول/أكتوبر، وفقاً لخمسة ضباط.

وقد قُتل أكثر من 300 جندي في غزة، وهو أقل مما توقعه بعض المسؤولين العسكريين قبل اجتياح إسرائيل للقطاع، لكن أكثر من 4000 جندي أصيبوا منذ تشرين الأول/أكتوبر، وفقًا للإحصاءات العسكرية، وهو ما يعادل 10 أضعاف العدد الإجمالي خلال حرب 2014 في غزة التي استمرت 50 يومًا فقط، ويعاني عدد غير معروف من الآخرين من اضطرابات ما بعد الصدمة.

وبحسب ضابطيْن فإن بعض الدبابات في غزة غير محملة بكامل حمولتها من القذائف التي تحملها عادة؛ حيث يحاول الجيش الحفاظ على مخزونه في حال اندلاع حرب أكبر مع حزب الله، وأكد خمسة مسؤولين وضباط أن الجيش يعاني من نقص في القذائف، كما أنه يفتقر إلى قطع الغيار لدباباته وجرافاته العسكرية وعرباته المدرعة، وفقاً لعدد من هؤلاء المسؤولين.

وقال جميع الضباط، بالإضافة إلى السيد حولاتا، إن إسرائيل لديها ما يكفي من الذخائر للقتال في لبنان إذا ما اعتقدت أنه لا بديل عن ذلك.

وقال هولاتا: "إذا ما تم جرنا إلى حرب أكبر، فلدينا ما يكفي من الموارد والقوة البشرية، لكننا نرغب في القيام بذلك في أفضل الظروف الممكنة، وفي الوقت الحالي، ليست لدينا أفضل الظروف". 

مقالات مشابهة

  • حماس توافق على مقترح إجراء محادثات لإطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين بعد بداية المرحلة الأولى
  • وزير الدفاع الأمريكي يطالب إسرائيل بدعم جهود حل الصراع في غزة
  • رئيس المركز الفلسطيني للشؤون الاستراتيجية: نتنياهو يستغل الجيش والأمن للضغط على المتظاهرين الإسرائيليين
  • أمهات الأسرى الإسرائيليين يُطالبن نتنياهو بإظهار الشجاعة والتوقيع على صفقة الأسرى
  • جولة مفاوضات جديدة بين إسرائيل وحماس.. ما التوقعات بشأنها؟
  • باحث سياسي: نتنياهو يريد المحتجزين دون إبرام صفقة تبادل
  • ‏نتنياهو: الولايات المتحدة تدرك أن إسرائيل يجب أن تفوز بهذه الحرب
  • مسؤول أمني إسرائيلي: حماس تصر على وجود بند يمنع تل أبيب من القتال بعد تنفيذ المرحلة الأولى من الصفقة
  • مكتب نتنياهو: تلقينا اليوم رد حماس من الوسطاء وسندرسه ونرد عليه
  • جيش الاحتلال يشتكي من نقص الذخائر ويريد هدنة في غزة