السومرية نيوز – دوليات

يُعتبر عز الدين القسام أحد أبرز المقاومين ضدّ الاحتلال البريطاني لفلسطين، في حياته ومماته؛ فقد كان لاستشهاده دورٌ كبير في إشعال الثورة الفلسطينية الكبرى (1936-1939)، حتى أصبح رمزاً للمقاومة الفلسطينية وملهماً لها، من جيلٍ إلى آخر.
ورغم وفاته قبل أكثر من 8 عقود، لا يزال اسم عز الدين القسام -المعروف بـ"زعيم المجاهدين"- حاضراً بقوة في الحديث عن المقاومة الفلسطينية للاحتلال الإسرائيلي، من خلال كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكرية لحركة المقاومة الإسلامية، "حماس".



فمن هو عز الدين القسام؟
هو محمد عز الدين بن عبد القادر القسام، الملقَّب بـ"عز الدين القسام"، وقد وُلد في بلدة جبلة السورية عام 1883، بعدما كان جدّه قد هاجر من العراق إليها.

قضى طفولته في جبلة، حيث تلقى تعليم القرآن والقراءة والكتابة في مدارس القرية. لكن تعليمه الديني كان على يد والده، عبد القادر بن مصطفى بن يوسف بن محمد القسام، الذي كان يتبع الطريقة القادرية المرتبطة بالشيخ عبد القادر الجيلاني.

حين صار في الـ14 من عمره، سافر عز الدين القسام إلى الأزهر مع شقيقه فخر الدين لدراسة العلوم الشرعية. وبعد 8 سنوات، تتلمذ فيها على يد مجموعة من الشيوخ وتعلّم أصول الدين والفقه والتفسير والحديث، عاد إلى "جبلة" بعد أن نال شهادة الأهلية في العلوم الإسلامية. تأثر عز الدين بالحركة الوطنية التي كانت تناضل ضد الاحتلال البريطاني في مصر، وكانت حاضرة بعد فشل الثورة العرابية. كان لهذه الفترة دورٌ كبير في صقل شخصية القسام، ومفاهيمه السياسية، والوطنية.

بعد قترةٍ قصيرة من عودته إلى "جبلة"، قرر السفر إلى إسطنبول للاطلاع على أساليب تدريس العلوم المسجدية، لكنه لم يمكث فيها طويلاً وعاد مرة أخرى إلى مسقط رأسه. وفي عام 1912، أسّس مدرسةً لتعليم الأطفال والكبار بعدما كان قد دأب على إعطاء دروسٍ خصوصية، على مدى فترةٍ من الزمن.

بالتزامن مع ذلك، بدأ دراسة الحديث والتفسير في جامع إبراهيم بن أدهم. وكان، عند انتهاء عمله، يعقد حلقاتٍ تعليمية داخل المساجد، حتى عُيِّن خطيباً في جامع المنصوري، أحد أبرز مساجد البلدة.

بعد احتلال إيطاليا لليبيا، وبفضل مهاراته وأسلوبه في الخطابة، جذب عز الدين القسام الناس إلى المسجد وخرج يجمع الناس ويحثهم على الانضمام إلى صفوف المقاومة ضد الاحتلال.

تمكن من تجنيد كتيبةٍ سريّة بلغ عددها 250 شاباً، ونجح في جمع المواد اللازمة للمتطوعين بصفوف الكتيبة المقاومة، كما أقنع السلطات العثمانية بتوفير وسائل نقل لهم إلى ليبيا، بعدما قاد التظاهرات الشعبية الداعمة لليبيا في جبلة، والساحل، واللاذقية، وغيرها.

وبعد احتلال فرنسا لسوريا عام 1918، دعا عز الدين القسام إلى رفع السلاح والجهاد ضدّ المستعمر الفرنسي، كما اشترى الأسلحة ودرّب المجاهدين.

لاحقاً في عام 1918، باع القسام بيته وترك قريته الساحلية باتجاه قرية الحفة الجبلية، لمساعدة عمر البيطار في ثورة جبل صهيون (1919 – 1920). وبعد إخفاق الثورة، وحكم الاحتلال الفرنسي عليه بالإعدام غيابياً، فرَّ أواخر العام 1920 إلى فلسطين مع بعض رفاقه.

ووفقاً لـ"الموسوعة التفاعلية للقضية الفلسطينية"، اتخذ السقام مسجد الاستقلال -في الحي القديم بحيفا- مقراً له، حيث استوطن فقراء الحي بعد أن نزحوا من قراهم، ونشط بينهم. فكان يعطيهم دروساً ليلية، ويكثر من زيارتهم، الأمر الذي زاد من شعبيته وجعله محط تقدير.

العصبة القسامية الجهادية
انضمّ عز الدين القسام إلى المدرسة الإسلامية في حيفا، وانخرط أيضاً بجمعية الشبان المسلمين، قبل أن يعود ويتولى رئاسة الجمعية لاحقاً عام 1926. وفي تلك الفترة، دعا إلى الاستعداد للجهاد ضد الاستعمار البريطاني، ونشط في رصّ صفوف المقاومين مستخدماً موهبته في فن الخطابة.

في إحدى خطبه، أعلن القسام أن الإنجليز هم سبب البلاء، ودعا إلى طردهم من فلسطين قبل أن يحققوا وعدهم لليهود. كان أول من حذّر الفلسطينيين من التساهل فيما يتعلق بهجرة اليهود إلى فلسطين، وكان مدركاً دور بريطانيا في تعزيز استيطانهم، منتقداً السماسرة الذين باعوا الأراضي لهم.

خلف كلّ ذلك، كان عز الدين القسام يتحضّر لقيادة أعمالٍ سرية هي في الواقع أكثر خطورة. ولأن تجربة ثورة جبل صهيون علّمته، أدرك أهمية السرية في التخطيط والعمل التنظيمي، تجنباً لأي هجماتٍ مباغتة.

وفي عام 1921، تشكلت العصبة القسامية الجهادية رسمياً لكنها مرّت بمراحل مختلفة قبل اكتمال تأسيسها ونشر فكرها. من تطوير فكرتها بعد عودة عز الدين القسام من الأزهر، ثم الإعداد النفسي للشعب، ومرحلة اختيار عناصر العصبة، مروراً بمرحلة بالإعداد العسكري والتدريب على الأسلحة المتاحة، ثم التطبيق العملي السري بتنفيذ عمليات جهادية فردية، وصولاً إلى مرحلة القرار الذي اتخذه القسام بالخروج إلى الجهاد.

تمكن عز الدين القسام من تشكيل خلايا سرية مكونة من مجموعات صغيرة لا تتجاوز خمسة أفراد، تميزت جميعها بتنظيمٍ دقيق. أوجد وحداتٍ متخصصة للدعوة إلى الجهاد، وأخرى للاتصالات السياسية، وغيرها للتجسّس على الأعداء والتدريب العسكري.

وفي عام 1931، بدأت العصبة القسامية في تنفيذ عملياتها الفدائية الرسمية الأولى، مثل الهجوم على المستوطنات الصهيونية وإعداد كمائن للمستوطنين. كما هدفت العصبة إلى مطاردة العملاء الذين يتجسسون لصالح المخابرات البريطانية.

توقفت نشاطات العصبة 4 سنوات بسبب تسريب بعض الأسرار إلى البريطانيين، حتى اضطر عز الدين القسام إلى إعلان الجهاد في نوفمبر/تشرين الثاني 1935، رغم عدم استكمال استعداداته اللوجستية والعسكرية.

اغتيال عز الدين القسام
اضطر القسام لإعلان الجهاد، بسبب زيادة الهجرة اليهودية إلى فلسطين بشكلٍ كبير بعد نيلهم وعد بلفور، وتوسّعهم في الأراضي الفلسطينية التي استولوا عليها عبر شراء البيوت والأراضي. ففي تلك الفترة، كان عدد اليهود في البلاد قد وصل إلى أكثر من 62 ألفاً، وامتلكوا مساحاتٍ شاسعة.

هرب القسام إلى المناطق الريفية، ونتيجة رقابتها المشددة على تحركاته، اكتشفت القوات البريطانية مكان اختباء عز الدين القسام يوم 15 نوفمبر/تشرين الثاني 1935. ومع ذلك، استطاع الهرب مع 15 عنصراً من العصبة القسامية إلى قرية الشيخ زايد.

وفي 19 نوفمبر/تشرين الثاني، تمكنت القوات البريطانية من تطويقهم وقطع الاتصال بينهم وبين القرى المجاورة، مطالبةً باستسلامهم. رفض القسام الاستسلام، فاشتبك معها، لكن المعركة كانت غير متكافئة بطبيعة الحال؛ الأمر الذي كان يدركه القسام قبل إعلانه الجهاد.

استطاعت العصبة أن تقتل 15 فرداً من القوات البريطانية، خلال معركةٍ متواصلة استمرّت 6 ساعات بين الجانبين. وفي 20 نوفمبر/تشرين الثاني 1935، سقط الشيخ عز الدين القسام شهيداً مع بعض رفاقه، فيما جُرح وأُسر الآخرون.

كان لاستشهاد عز الدين القسام تأثير كبير على اندلاع الثورة الفلسطينية الكبرى لاحقاً عام 1936، وشكّل مقتله نقطة تحولٍ في مسيرة المقاومة الفلسطينية فيما بعد. فقد تأثرت المعارضة الفلسطينية لإقامة "وطنٍ قومي" لليهود على أراضيهم بالتمرّد القسامي.

المصدر: السومرية العراقية

كلمات دلالية: نوفمبر تشرین الثانی فی عام

إقرأ أيضاً:

فصائل المقاومة الفلسطينية تدين العدوان الإسرائيلي على الحديدة وتؤكد تضامنها مع الشعب اليمني

الجديد برس:

أكدت حركة المقاومة الإسلامية “حماس” أن القصف الإسرائيلي الإرهابي على اليمن، الذي استهدف منشآت مدنية في ميناء الحديدة، يعد تصعيداً خطيراً وامتداداً للعدوان الذي يمارسه الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين ولبنان والمنطقة العربية، مدعوماً بشكل فاضح ومفتوح من الولايات المتحدة.

وفي بيان صدر مساء الأحد، أدانت حماس العدوان الصهيوني الغاشم على اليمن، معبرةً عن تضامنها الكامل مع “الشعب اليمني وحركة أنصار الله في وجه العدوان الصهيوأمريكي”. كما ثمنت الحركة موقفهم الأصيل في الاستمرار في إسناد فلسطين والانتصار لمظلومية الشعب الفلسطيني.

وأشارت حماس إلى أن “العدو المجرم لن يتمكن من التأثير على معنويات شعبنا أو شعوب منطقتنا، ولن يستطيع كسر عزيمة المقاومة في فلسطين ولبنان واليمن والعراق، التي تستمر في دك معاقل العدو الصهيوني وتدفيعه ثمن جرائمه حتى وقف عدوانه، على طريق التحرير والعودة بإذن الله”.

من جانبها، أدانت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بأشد العبارات القصف الإسرائيلي الجديد على الحديدة، معتبرةً ذلك حلقة جديدة في سلسلة الجرائم التي يرتكبها الكيان الصهيوني ضد الشعوب العربية، بدءاً من غزة وصولاً إلى لبنان وسوريا ثم اليمن.

وفي بيان يوم الأحد، اعتبرت الجبهة الشعبية أن هذا العدوان يعد محاولة بائسة من الاحتلال للتغطية على فشله في مواجهة الضربات النوعية التي نفذها أبطال اليمن داخل الكيان الصهيوني.

وأكدت الجبهة أنه “لا يمكن للعدو تنفيذ مثل هذا القصف الواسع على اليمن دون دعم مباشر من الولايات المتحدة، التي تقدم له الغطاء السياسي والعسكري لاستمرار جرائمه، إلى جانب بعض الأنظمة العربية الرجعية التي توفر الدعم اللوجستي للاحتلال”.

وعبرت عن ثقتها بأن “هذا العدوان الصهيوني لن يكسر إرادة الشعب اليمني، وأن رد القوات المسلحة سيكون قاسياً وموجعاً وفي العمق الإسرائيلي، كما لن ينجح هذا العدوان في إيقاف دور اليمن الإسنادي للمقاومة في غزة ولبنان”.

في سياق متصل، أدان المكتب الإعلامي للجان المقاومة في فلسطين العدوان الإسرائيلي الهمجي على مدينة الحديدة، والذي أسفر عن استشهاد عدد من المدنيين والجرحى، مؤكداً أن هذا العدوان سيزيد من بأس الشعب اليمني وجيشه المقدام.

وفي بيان مساء الأحد، أضاف المكتب الإعلامي أن “العدوان الصهيوني الفاشي على اليمن لن يُضعف من إرادة الشعب اليمني وقيادته الشجاعة، بل سيكون صداه ضربات وصواريخ ومسيرات جديدة تدك أوكار العدو الصهيوني في عمق الكيان”.

كما وجهت لجان المقاومة “التحية إلى الشعب اليمني وجيشه، الذين ينصرون الشعبين الفلسطيني واللبناني بأفعالهم وتضحياتهم، التي تثبت صدق إيمانهم وإخلاصهم لدينهم ولأمتهم ووطنهم”.

بدورها، ذكرت حركة المجاهدين الفلسطينية أن “هذا العدوان الغاشم يأتي بعد الفشل والعجز العسكري والاستخباري الذي ألحقه مجاهدو اليمن بكيان الاحتلال، لا سيما الضربات الصاروخية النوعية في عمق الكيان وعجزهم عن وقف الحصار البحري الذي فرضه اليمن على الكيان الغاصب”.

واستهدف الطيران الإسرائيلي مجدداً يوم الأحد، منشآت مدنية في الحديدة، بما في ذلك محطة كهرباء الميناء ومحطة كهرباء الحالي، مما أدى إلى إصابة 40 شخصاً، معظم إصاباتهم بين شديدة ومتوسطة، بالإضافة إلى سقوط أربعة شهداء.

كما توعد المجلس السياسي الأعلى في صنعاء بالرد على الغارات الإسرائيلية، مؤكداً أن هذا الرد سيكون شديداً وغير محتمل بالنسبة لكيان الاحتلال. واعتبر أن العدوان الإسرائيلي لن يثني اليمن عن دعم الشعب الفلسطيني، بل سيزيد من إصرار الشعب اليمني على مواصلة مواقفه، مشدداً على قدرة قواتهم على تأديب الكيان الإسرائيلي، ولها اليد الطولى لذلك.

وفي ذات السياق، أكد المكتب السياسي لحركة أنصار الله أن “العدوان الإسرائيلي على بلدنا غير منفصل عن التصعيد الخطير ضد لبنان وفلسطين ومحور المقاومة”، معتبراً أن “استهداف المنشآت المدنية في الحديدة يعكس تخبط وضعف كيان الاحتلال ومن يقف خلفه”.

مقالات مشابهة

  • المكتب السياسي لأنصار الله: العملية الإيرانية تعكس دعم المقاومة الفلسطينية
  • كتائب القسام تستهدف بقذائف “الياسين” آليات عسكرية للإحتلال جنوب غزة
  • إصابة عدد من جنود العدو برصاص المقاومة الفلسطينية بمخيم بلاطة
  • يوم دامٍ لقوات الاحتلال.. مقتل وإصابة جنود في كمائن وعمليات نوعية للمقاومة الفلسطينية في غزة (فيديو)
  • المقاومة الفلسطينية تدمر وتستهدف خمس آليات للعدو في كمين شرق خان يونس
  • المقاومة الفلسطينية تدمر وتستهدف 5 آليات للعدو الصهيوني في كمين شرق خان يونس
  • تأهب بجيش الاحتلال خوفا من عمليات استشهادية داخل إسرائيل
  • فصائل المقاومة الفلسطينية تدين العدوان الإسرائيلي على الحديدة وتؤكد تضامنها مع الشعب اليمني
  • كتائب القسام تنعى القيادي في حزب الله علي كركي
  • لجان المقاومة الفلسطينية تدين العدوان الصهيوني على اليمن