الجزيرة:
2025-02-07@03:58:05 GMT

غزة المتّحدية – أسباب المقاومة واضحة

تاريخ النشر: 24th, October 2023 GMT

غزة المتّحدية – أسباب المقاومة واضحة

بقدرِ ما كان الاختراقُ الذي تمَّ من غزة- معسكر الاعتقال- مذهلًا، والهجمات التي تلت ذلك داخل بلدات المُستوطنين الجنوبيَّة في إسرائيل، والتي تمّ الاستيلاءُ عليها من الفلسطينيين الأصليين خلال التطهير العِرقي الماضي، فإنَّ أسباب هذه الأعمال واضحة بالنّسبة لكل من نظر لها بعقل متفتّح وإحساس بالعدالة.

هؤلاء المقاومون مدفوعون بمعاناة شعبهم، التي نجمت عن سرقة أراضيهم بالجملة، والتطهير العِرقي والإبادة الجماعية المتزايدة، نتيجة للمشروع الصهيوني العنصري الذي نشأ حتى قبل إنشاء إسرائيل قبل 75 عامًا.

لقد حفّزتهم عدالة قضية فلسطين والنضال من أجل الحرية.

تطوّر الاحتلال العسكري منذ عام 1967 في قمع المقاومة، فبعد أن تم محو خمسمائة قرية فلسطينية في عام 1948، لتغطّيها الغابات الاصطناعية، الآن يهدف نظام نتنياهو إلى محو غزة من على وجه الأرض، إذا تمكّن من الإفلات من العقاب. ويشير القائد العسكري الإسرائيلي إلى الفلسطينيين كحيوانات.

الحصار اللاإنساني

وتأتي المقاومة الحالية بعد 16 عامًا من الحصار اللاإنسانيّ على غزة، والذي شهد- إلى جانب المجاعة والحرمان- سلسلةً من القصف من البَرّ والبحر والجوّ من قبل القوات الإسرائيليّة.

وقد أدّت تلك الهجمات إلى مقتل الآلاف من النساء والأطفال، وعائلات بأكملها، في ظلّ موجة فاشية من العقاب الجماعي. إن كلمات أحد الناجين من الغارة على مِهرجان الموسيقى الإسرائيلي بالقرب من الحدود مع غزّة تسْخر من الجوقة التي لا تنتهي من الزعماء ووسائل الإعلام الغربية التي تزعم أنّ الهجمات- بغض النظر عن مدى صدمتها- كانت "غير مبررة".

وقال: "يمكنك أن تشكر الحكومة الإسرائيلية على ترويع الفلسطينيين يوميًا ودفع المعارضة إلى التطرف للتصرف بهذه الطريقة". لقد كان هؤلاء الزعماء ووسائل الإعلام الغربية طرفًا في استفزازات إسرائيل وترويجها للحروب طوال تاريخها، وفي إفلاتها من جرائمها ضدّ الإنسانية ومن العقاب.

وفي الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، كانت الهجمات العسكرية المنتظمة، والمذابح التي ينفذها المستوطنون المتعطشون للدماء تحت شعار "اقتلوا العرب"، والاستيلاء على الأراضي لإقامة المستوطنات غير القانونيّة، سببًا في ترويع الفلسطينيين. وكانت المقاومة في مدن مثل جنين ونابلس، ضد الكابوس اليوميّ للاحتلال العسكري، بمثابة إشارة إلى مرحلة جديدة من الكفاح المسلح، قبل الهجوم على غزّة.

المحنة الاسوأ

لقد قارن أبناء جنوب أفريقيا- الذين ناضلوا من أجل الحرية مرارًا وتَكرارًا- محنة الفلسطينيين بمعاناتنا نحن، ووصفوها بأنها أسوأ من ذلك. وقد أصبح الوضع أكثر استفزازًا في ظل نظام نتنياهو اليميني المتطرّف، وهو تطوّر منطقي للصهيونية، حيث يفخر وزير الداخلية بن غفير بأن يطلق على نفسه اسم الفاشي. لقد عانينا من أعمال وحشية ومذابح بشعة، ولكن لم يسبق لنا أن عانينا بالحجم الذي ارتكبه الجيش الإسرائيلي ضد الفلسطينيين.

ومثلهم فقد عانى شعبنا من سلب الأراضي وإلغاء الحقوق وضياع الحريات، لذا لجأنا إلى العمل المسلّح لنفس السبب الذي دفع الفلسطينيين إلى ذلك، ولم يكن هناك خيار آخر. في المرحلة الأخيرة من كفاحنا المسلح، أصدر قادتنا الدعوة إلى "نقل النضال إلى المناطق البيضاء"، وجعل البلاد غير قابلة للحكم؛ حتى يفهم البيض أننا لن نستمر ببساطة في السماح للنظام بحصر الموت والدمار في أيدينا، في البلدات السوداء والولايات المجاورة.

فضحنا أكاذيب النظام بأنهم هم المسيطرون؛ وأن قدراتهم الاستخباراتية والأمنية والدفاعية كانت عُليا، وأن جهودنا كانت سخيفة. وكان التأثير النفسي على الظالم والمظلوم لا يحصى. بالنسبة للأول كان مليئًا بالرهبة، وبالنسبة للأخير كان مستوحى من الأمل. لقد أُجبر نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا على دفع ثمن غطرسته العنصرية. ويبدو أنّ هذا هو بالضبط ما حققته عملية "طوفان الأقصى".

صحيح أنَّ أهل غزة سيدفعون الثمن- وكان الثمن باهظًا لهذه الأفعال- لكن الصحفي الشهير محمد مهاوش، الذي كان خائفًا على حياة عائلته، كتب: "بالنسبة لأولئك منا الذين يشاهدون غزة من داخلها المحاصر، لم يكن الوضع أقل من مرعب … لقد كان العالم يراقب كما نحن، لقد عشنا هنا، محاصرين في هذا السجن المفتوح مشتاقين إلى الحرية. لقد تحملنا هذا الوجود لعقود من الزمن، ورغم كل ذلك تشبّثنا بأملنا وتصميمنا على المقاومة، لو أتيحت لنا الفرصة لفعلنا ذلك. "

ويضيف: "ما لا يفهمه العالم هو أنَّ للشعب الفلسطيني الحقّ في استخدام المقاومة المسلحة في النضال من أجل الحرية والدفاع عن نفسه ضدّ العدوان الإسرائيلي". والواقع أن العديد من أولئك الذين يدينون هجمات حماس على المدنيين حاليًا يلتزمون الصمت التام بينما ترتكب إسرائيل جرائم لا تُوصف ضد الشعب الفلسطيني، بما في ذلك فرض العقاب الجماعي ضد سكّان غزة. وأي تحليل أو تعليق يفشل في الاعتراف بهذه الحقيقة ليس فقط أجوف، بل هو أيضًا غير أخلاقي ومهين للإنسانية.

ومهما كانت نتيجة هذه الحلقة الحالية من نضال فلسطين المطوّل من أجل التحرر من الاستعمار الاستيطاني العنصري، والمذبحة التي ترتكبها إسرائيل الآن، تجدر الإشارة إلى أن حماس، التي تعمل في ظل الظروف الأقل تفضيلًا، نقلت تكتيكات حرب العصابات إلى آفاق جديدة. هذه القدرة والتصميم يجب أن يفهمهما الظالم.

ويتعين على اليهود في مختلف أنحاء العالم أن يتذكّروا الجرأة والازدراء للموت الذي أبداه أولئك الذين شاركوا في انتفاضة غيتو وارسو، حيث فضّل المسجونون الموت وهم يقاتلون بدلًا من الاستسلام للموت أو اقتيادهم إلى الذبح مثل الحيوانات.

ويتذكّر المرء جرأة واحتقار الموت لشعبنا الذي واجه بنادق العدو بأيديه. في هذه المرحلة، لا يسعنا إلا أن نتكهن بتأثير هذه الانتفاضة الفلسطينية على الدول العربية المتعاونة، ومصير الاتفاقات الإبراهيمية التي توسّطت فيها الولايات المتحدة.

بالتأكيد المقاومة الفلسطينية تحمل ورقة رابحة وهي الأسرى الذين تحتجزهم لتبادلهم بالمعتقلين في السجون الإسرائيلية، الذين بينهم نساء وأطفال. بطبيعة الحال، يشعر المرء بإنسانيته تجاه المدنيين – النساء والأطفال والمسنين – إن لم يكن تجاه أولئك الذين هم جنود في جيش احتلال إجرامي.

 في أسرع وقت ممكن

إذا كانت إسرائيل مهتمة بهؤلاء "المختطفين"، فيتعين عليها أن تخفف عنهم وعن أسرهم المحنة في أسرع وقت ممكن، وأن تضع حدًا للهجوم الوحشي على غزة، وتتفاوض على تبادل الأسرى. لا ينبغي لأحد أن يستمتع بالمعاناة الإنسانية، لكن مسؤولية الموت والدمار تقع على عاتق المسؤولين عن القمع. ولا تنتظروا الشفقة من أولئك الذين سجنوا في أبشع الظّروف التي فرضتها إسرائيل طَوال هذه السنوات.

وكما كانت الحال مع النّضال ضد الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، يحتاجُ المجتمع الدولي إلى تعزيز التضامن العالمي مع الشعب الفلسطيني ــ وأكثر من ذلك الآن النضال ضد التحالف غير المقدّس بين الولايات المتحدة وإسرائيل في مسار حرب انتقاميّ، لمحو غزّة، مع إبقاء الفلسطينيين في أماكن أخرى في متناول إسرائيل.

ويواصل الفلسطينيون دفعَ ثمن باهظ للمقاومة، ولكن عدم المقاومة يعني الاستمرار في العيش سجناء في الظروف الأكثر فظاعةً. إنّهم ليسوا أوّل من رفض الخضوع في التاريخ. إن توقهم إلى الحريّة والسلام والعدالة لا يقهر.

إذا تمكن الفلسطينيون من مضاهاة البراعة التكتيكيّة لعملية "طوفان الأقصى"، من خلال توحيد وتطوير استراتيجية سياسية لإقامة دولة عِلمانية وديمقراطية شاملة للجميع، على نقيض الصهيونية، فإنَّ نهايةَ الاستعمار الاستيطانيّ العنصري، الذي تمثله إسرائيل في بنيتها الحالية، يمكن أن تكون ممكنة. إنّها مسألة وقت. هذه هي الطريقة الوحيدة التي يمكن من خلالها للمسلمين والمسيحيين واليهود وغيرهم أن يتعايشوا بسلام وأمن في فلسطين التاريخيَّة.

 

 

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معناأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinerssجميع الحقوق محفوظة © 2023 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: أولئک الذین من أجل

إقرأ أيضاً:

وزير الدفاع الأمريكي: سنجهز إسرائيل بالذخائر التي لم تُمنح لها سابقًا

أكد وزير الدفاع الأمريكي، بيت هيغسيث، خلال لقائه مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أن واشنطن ستقوم بتزويد إسرائيل بذخائر لم يتم منحها لها سابقًا، في إطار الدعم العسكري الأمريكي المستمر لتل أبيب خلال الحرب الجارية في غزة. 

 

وخلال الاجتماع، قال نتنياهو إن إسرائيل قريبة جدًا من تحقيق أهداف الحرب، مؤكدًا أن العمليات العسكرية مستمرة لتحقيق ما وصفه بـ"الحسم النهائي" في القطاع. 

 

وأضاف نتنياهو: "من الجنون أن نكرر الأمر نفسه في غزة مرارًا وتكرارًا"، في إشارة إلى الحاجة لتغيير النهج المتبع في التعامل مع الأوضاع في القطاع، دون أن يوضح طبيعة التغييرات المحتملة. 

 

وفيما يتعلق بخطط ما بعد الحرب، أقرّ نتنياهو بأنه لم يتم بعد الوصول إلى مرحلة التفاصيل بشأن ما يمكن القيام به في غزة، مما يشير إلى استمرار الغموض حول مستقبل القطاع بعد انتهاء العمليات العسكرية. 

 

وتأتي هذه التصريحات وسط تصاعد الجدل حول السياسات الأمريكية والإسرائيلية في غزة، خاصة مع استمرار الضغوط الدولية للدفع باتجاه حلول سياسية وإنهاء العمليات العسكرية التي تسببت في أزمة إنسانية حادة في القطاع.

 

إيران: مقترح ترامب يتماشى مع خطة إسرائيل لإبادة فلسطين وندعو لإدانته دوليًا 

 

انتقدت وزارة الخارجية الإيرانية بشدة مقترح الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن مستقبل غزة، مؤكدة أنه يتوافق مع خطة النظام الصهيوني الهادفة إلى إبادة فلسطين بالكامل. 

 

وقالت الخارجية الإيرانية، في بيان رسمي، إن خطة الترحيل القسري التي تحدث عنها ترامب تمثل استمرارًا لخطة مدروسة من قبل الكيان الصهيوني لمحو الشعب الفلسطيني وطمس هويته الوطنية. 

 

ودعت إيران المجتمع الدولي والأمم المتحدة إلى إدانة هذا المقترح بشدة، معتبرة أنه يتعارض مع كل القوانين الدولية والإنسانية، ويشكل تهديدًا مباشرًا لاستقرار المنطقة. 

 

وأضاف البيان أن أي محاولات لفرض حلول تتجاهل الحقوق التاريخية للشعب الفلسطيني لن تؤدي إلا إلى مزيد من التصعيد، مجددة موقفها الداعم لحق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم، وإقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس. 

 

وتأتي هذه التصريحات وسط ردود فعل متباينة على مقترح ترامب، حيث لاقى دعمًا من بعض الأوساط الإسرائيلية، بينما قوبل برفض واسع في العواصم العربية والإسلامية.

مقالات مشابهة

  • وزير العدل الفلسطيني: مصر لديها بصمة واضحة في تثبيت الفلسطينيين على أرضهم
  • فلسطين: مصر لديها بصمة واضحة في تثبيت الفلسطينيين على أرضهم
  • عدد قتلى وجرحى إسرائيل الذين سقطوا بنيران صديقة
  • وزير الدفاع الأمريكي: سنجهز إسرائيل بالذخائر التي لم تُمنح لها سابقًا
  • وزير الدفاع الأمريكي: سنزود إسرائيل بكل الاسلحة التي تحتاجها
  • خسارة “إسرائيل” في طوفان الأقصى لا تعوَّض مهما حاولت أمريكا
  • تعرّف على الرئيس الذي ساهم بقطع علاقات 20 دولة أفريقية مع إسرائيل
  • الرئيس أردوغان: الشعب السوري الذي ألهم المنطقة بعزيمته على المقاومة قادر على إعادة إحياء بلده 
  • في رحيل الجنرال الذي أغتالته “إسرائيل” 100 مرة!!
  • «ترامب» يستقبل «نتنياهو».. ماهي «إسرائيل الصغيرة» التي تحدّث عنها؟