الجزيرة:
2025-04-26@04:06:55 GMT

غزة المتّحدية – أسباب المقاومة واضحة

تاريخ النشر: 24th, October 2023 GMT

غزة المتّحدية – أسباب المقاومة واضحة

بقدرِ ما كان الاختراقُ الذي تمَّ من غزة- معسكر الاعتقال- مذهلًا، والهجمات التي تلت ذلك داخل بلدات المُستوطنين الجنوبيَّة في إسرائيل، والتي تمّ الاستيلاءُ عليها من الفلسطينيين الأصليين خلال التطهير العِرقي الماضي، فإنَّ أسباب هذه الأعمال واضحة بالنّسبة لكل من نظر لها بعقل متفتّح وإحساس بالعدالة.

هؤلاء المقاومون مدفوعون بمعاناة شعبهم، التي نجمت عن سرقة أراضيهم بالجملة، والتطهير العِرقي والإبادة الجماعية المتزايدة، نتيجة للمشروع الصهيوني العنصري الذي نشأ حتى قبل إنشاء إسرائيل قبل 75 عامًا.

لقد حفّزتهم عدالة قضية فلسطين والنضال من أجل الحرية.

تطوّر الاحتلال العسكري منذ عام 1967 في قمع المقاومة، فبعد أن تم محو خمسمائة قرية فلسطينية في عام 1948، لتغطّيها الغابات الاصطناعية، الآن يهدف نظام نتنياهو إلى محو غزة من على وجه الأرض، إذا تمكّن من الإفلات من العقاب. ويشير القائد العسكري الإسرائيلي إلى الفلسطينيين كحيوانات.

الحصار اللاإنساني

وتأتي المقاومة الحالية بعد 16 عامًا من الحصار اللاإنسانيّ على غزة، والذي شهد- إلى جانب المجاعة والحرمان- سلسلةً من القصف من البَرّ والبحر والجوّ من قبل القوات الإسرائيليّة.

وقد أدّت تلك الهجمات إلى مقتل الآلاف من النساء والأطفال، وعائلات بأكملها، في ظلّ موجة فاشية من العقاب الجماعي. إن كلمات أحد الناجين من الغارة على مِهرجان الموسيقى الإسرائيلي بالقرب من الحدود مع غزّة تسْخر من الجوقة التي لا تنتهي من الزعماء ووسائل الإعلام الغربية التي تزعم أنّ الهجمات- بغض النظر عن مدى صدمتها- كانت "غير مبررة".

وقال: "يمكنك أن تشكر الحكومة الإسرائيلية على ترويع الفلسطينيين يوميًا ودفع المعارضة إلى التطرف للتصرف بهذه الطريقة". لقد كان هؤلاء الزعماء ووسائل الإعلام الغربية طرفًا في استفزازات إسرائيل وترويجها للحروب طوال تاريخها، وفي إفلاتها من جرائمها ضدّ الإنسانية ومن العقاب.

وفي الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، كانت الهجمات العسكرية المنتظمة، والمذابح التي ينفذها المستوطنون المتعطشون للدماء تحت شعار "اقتلوا العرب"، والاستيلاء على الأراضي لإقامة المستوطنات غير القانونيّة، سببًا في ترويع الفلسطينيين. وكانت المقاومة في مدن مثل جنين ونابلس، ضد الكابوس اليوميّ للاحتلال العسكري، بمثابة إشارة إلى مرحلة جديدة من الكفاح المسلح، قبل الهجوم على غزّة.

المحنة الاسوأ

لقد قارن أبناء جنوب أفريقيا- الذين ناضلوا من أجل الحرية مرارًا وتَكرارًا- محنة الفلسطينيين بمعاناتنا نحن، ووصفوها بأنها أسوأ من ذلك. وقد أصبح الوضع أكثر استفزازًا في ظل نظام نتنياهو اليميني المتطرّف، وهو تطوّر منطقي للصهيونية، حيث يفخر وزير الداخلية بن غفير بأن يطلق على نفسه اسم الفاشي. لقد عانينا من أعمال وحشية ومذابح بشعة، ولكن لم يسبق لنا أن عانينا بالحجم الذي ارتكبه الجيش الإسرائيلي ضد الفلسطينيين.

ومثلهم فقد عانى شعبنا من سلب الأراضي وإلغاء الحقوق وضياع الحريات، لذا لجأنا إلى العمل المسلّح لنفس السبب الذي دفع الفلسطينيين إلى ذلك، ولم يكن هناك خيار آخر. في المرحلة الأخيرة من كفاحنا المسلح، أصدر قادتنا الدعوة إلى "نقل النضال إلى المناطق البيضاء"، وجعل البلاد غير قابلة للحكم؛ حتى يفهم البيض أننا لن نستمر ببساطة في السماح للنظام بحصر الموت والدمار في أيدينا، في البلدات السوداء والولايات المجاورة.

فضحنا أكاذيب النظام بأنهم هم المسيطرون؛ وأن قدراتهم الاستخباراتية والأمنية والدفاعية كانت عُليا، وأن جهودنا كانت سخيفة. وكان التأثير النفسي على الظالم والمظلوم لا يحصى. بالنسبة للأول كان مليئًا بالرهبة، وبالنسبة للأخير كان مستوحى من الأمل. لقد أُجبر نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا على دفع ثمن غطرسته العنصرية. ويبدو أنّ هذا هو بالضبط ما حققته عملية "طوفان الأقصى".

صحيح أنَّ أهل غزة سيدفعون الثمن- وكان الثمن باهظًا لهذه الأفعال- لكن الصحفي الشهير محمد مهاوش، الذي كان خائفًا على حياة عائلته، كتب: "بالنسبة لأولئك منا الذين يشاهدون غزة من داخلها المحاصر، لم يكن الوضع أقل من مرعب … لقد كان العالم يراقب كما نحن، لقد عشنا هنا، محاصرين في هذا السجن المفتوح مشتاقين إلى الحرية. لقد تحملنا هذا الوجود لعقود من الزمن، ورغم كل ذلك تشبّثنا بأملنا وتصميمنا على المقاومة، لو أتيحت لنا الفرصة لفعلنا ذلك. "

ويضيف: "ما لا يفهمه العالم هو أنَّ للشعب الفلسطيني الحقّ في استخدام المقاومة المسلحة في النضال من أجل الحرية والدفاع عن نفسه ضدّ العدوان الإسرائيلي". والواقع أن العديد من أولئك الذين يدينون هجمات حماس على المدنيين حاليًا يلتزمون الصمت التام بينما ترتكب إسرائيل جرائم لا تُوصف ضد الشعب الفلسطيني، بما في ذلك فرض العقاب الجماعي ضد سكّان غزة. وأي تحليل أو تعليق يفشل في الاعتراف بهذه الحقيقة ليس فقط أجوف، بل هو أيضًا غير أخلاقي ومهين للإنسانية.

ومهما كانت نتيجة هذه الحلقة الحالية من نضال فلسطين المطوّل من أجل التحرر من الاستعمار الاستيطاني العنصري، والمذبحة التي ترتكبها إسرائيل الآن، تجدر الإشارة إلى أن حماس، التي تعمل في ظل الظروف الأقل تفضيلًا، نقلت تكتيكات حرب العصابات إلى آفاق جديدة. هذه القدرة والتصميم يجب أن يفهمهما الظالم.

ويتعين على اليهود في مختلف أنحاء العالم أن يتذكّروا الجرأة والازدراء للموت الذي أبداه أولئك الذين شاركوا في انتفاضة غيتو وارسو، حيث فضّل المسجونون الموت وهم يقاتلون بدلًا من الاستسلام للموت أو اقتيادهم إلى الذبح مثل الحيوانات.

ويتذكّر المرء جرأة واحتقار الموت لشعبنا الذي واجه بنادق العدو بأيديه. في هذه المرحلة، لا يسعنا إلا أن نتكهن بتأثير هذه الانتفاضة الفلسطينية على الدول العربية المتعاونة، ومصير الاتفاقات الإبراهيمية التي توسّطت فيها الولايات المتحدة.

بالتأكيد المقاومة الفلسطينية تحمل ورقة رابحة وهي الأسرى الذين تحتجزهم لتبادلهم بالمعتقلين في السجون الإسرائيلية، الذين بينهم نساء وأطفال. بطبيعة الحال، يشعر المرء بإنسانيته تجاه المدنيين – النساء والأطفال والمسنين – إن لم يكن تجاه أولئك الذين هم جنود في جيش احتلال إجرامي.

 في أسرع وقت ممكن

إذا كانت إسرائيل مهتمة بهؤلاء "المختطفين"، فيتعين عليها أن تخفف عنهم وعن أسرهم المحنة في أسرع وقت ممكن، وأن تضع حدًا للهجوم الوحشي على غزة، وتتفاوض على تبادل الأسرى. لا ينبغي لأحد أن يستمتع بالمعاناة الإنسانية، لكن مسؤولية الموت والدمار تقع على عاتق المسؤولين عن القمع. ولا تنتظروا الشفقة من أولئك الذين سجنوا في أبشع الظّروف التي فرضتها إسرائيل طَوال هذه السنوات.

وكما كانت الحال مع النّضال ضد الفصل العنصري في جنوب أفريقيا، يحتاجُ المجتمع الدولي إلى تعزيز التضامن العالمي مع الشعب الفلسطيني ــ وأكثر من ذلك الآن النضال ضد التحالف غير المقدّس بين الولايات المتحدة وإسرائيل في مسار حرب انتقاميّ، لمحو غزّة، مع إبقاء الفلسطينيين في أماكن أخرى في متناول إسرائيل.

ويواصل الفلسطينيون دفعَ ثمن باهظ للمقاومة، ولكن عدم المقاومة يعني الاستمرار في العيش سجناء في الظروف الأكثر فظاعةً. إنّهم ليسوا أوّل من رفض الخضوع في التاريخ. إن توقهم إلى الحريّة والسلام والعدالة لا يقهر.

إذا تمكن الفلسطينيون من مضاهاة البراعة التكتيكيّة لعملية "طوفان الأقصى"، من خلال توحيد وتطوير استراتيجية سياسية لإقامة دولة عِلمانية وديمقراطية شاملة للجميع، على نقيض الصهيونية، فإنَّ نهايةَ الاستعمار الاستيطانيّ العنصري، الذي تمثله إسرائيل في بنيتها الحالية، يمكن أن تكون ممكنة. إنّها مسألة وقت. هذه هي الطريقة الوحيدة التي يمكن من خلالها للمسلمين والمسيحيين واليهود وغيرهم أن يتعايشوا بسلام وأمن في فلسطين التاريخيَّة.

 

 

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معناأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinerssجميع الحقوق محفوظة © 2023 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: أولئک الذین من أجل

إقرأ أيضاً:

الاعلام العولمي .. بين التوظيف والتسخيف ..!

بقلم : حسين الذكر ..

في الحكمة المهنية : ( ان لم توظف مختلف ملفات الحياة لمصالح الجماعة .. فانت قاصر بمفهوم القيادة .. فلا يوجد ملف ترويحي وآخر تعبدي او معاشي .. جميع ما تحت اليد ينبغي ان تكون في الاعداد والاعتداد والعد بمنتهى جاهزية دخول الخدمة) .

بكلا الحالتين ان كان الانسان صنيع التجربة ومن مبتكرات الحاجة .. او هو مخلوق معبء بإمكانات تحمل وتحدي وتعايش مع ظروف الحياة .. فان التواصل والاعلام جزء من حاجاته الملحة .. فمنذ الخليقة كانت اللغة الشفاهية وقبلها الاشارية والحركية والرمزية والصورية حتى السلاح الناعم … تشكل نوع من انواع التفاهم والتواصل والتبليغ على مستوى حوار الاشخاص – كغريزة طبيعية متاصلة – او على مستوى الجماعة – كحاجة حضارية ملحة – ظلت تدور بفلك التبليغ بالمستجد من الاحداث والوقائع وما هو مطلوب … وغير ذلك من مستلزمات وشؤون تدبر الحياة فضلا عن السمو الاعتقادي وكذا بقية الملفات … كاخبار تدخل ضمن سياق علم الانسان بمستحدثاته العامة ..
تطور المصالح وتشابكها وتنوعها وتعددها ودخولها مرحلة الصراع الجمعي بكل اشكاله احالها لاداة مهمة لتحقيق المصالح القومية والحزبية والدولية .. بغض النظر عما تحمله من جوانب اخلاقية ومهنية .. فالعدالة بنظر اغلب السياسيين – وليس الملائكة والقديسين – تتمثل ببلوغ الاهداف بكل الوسائل المتاحة دون النظر الى مدى شرعيتها او اي سذاجة من هذا القبيل …
أدى ذلك لتخصيص مليارات المليارات من قبل القوى السياسية لتوظيفها بخدمة المشروع المتعلق بصناعة وفن الاعلام بكل اسلحته الظاهرة والخفية وادخالها لميدان الحرب وتحقيق المصالح بلا رحمة او نخوة او زحمة … اما اعتبار الاعلام مهنة مقدسة عبر وسائلها واهدافها المعلن عنها في قواميس اللغة والمصطلحات .. فتلك مهمة ثقافية ممكن لكل صاحب مبدا انساني او سماوي ان يمارسها وفقا لمفرداتها ولغتها المعروفة في نطاقه الضيق والاوسع حسب المستطاع وبنوايا حسنة واضحة ..
فيما الاعلام الدولي والحزبي الذي يدخل حلبة الصراع ويستهدف مصالح دنيوية خالصة واضحة المعالم والاهداف .. فانه اعلام معركة وسلاحها الناعم الأقوى الان وفي زمن تلاطم المصالح الدنيوية بلا وازع ورداع .. حاله كبقية الأسلحة واستخداماتها المعروفة لقادة الجيوش على سبيل تحقيق الانتصارات وبلوغ المصالح الحيوية المعدة سلفا ..
غير ذلك من تصريحات او تشوهات للتعريف والتوظيف الإعلامي تعد بمثابة نفاق سياسي واجتماعي منطلق من الجهل في المقتضيات الحربية سيما في العصر الراهن المتشابك الشائك في تواصله واتصاله ومفهوم كل منهما بل وأهدافه وغاياته الخفية لا المعلن منها .. عدا ذاك يدخل المتصدي يافطة الامية المهنية مهما حاولنا التزويق والتحذلق والتمنطق والتلويك ..!!

حسين الذكر

مقالات مشابهة

  • خبير عسكري: المقاومة تقوم بحرب عصابات واستنزاف لجيش إسرائيل المرهق
  • كيف تبدو خريطة إسرائيل لـاليوم التالي في غزة؟
  • الآلاف يتظاهرون في تعز تنديدا بجرائم إسرائيل وللمطالبة بكسر الحصار
  • حزنت جدا للمصيبة التي حلت بمتحف السودان القومي بسبب النهب الذي تعرض له بواسطة عصابات الدعم السريع
  • سفيرة الجامعة العربية أمام جثمان البابا فرانسيس: «تأثرت بشدة وذكرت اللحظة التي تحدثت فيها عن معاناة الفلسطينيين»
  • وزير الخارجية الإيراني: محاولات إسرائيل لحرف مسار الدبلوماسية باتت واضحة تمامًا للعيان
  • إيران: محاولات إسرائيل لحرف مسار الدبلوماسية باتت واضحة تماما
  • تجمع عوائل الشهداء الفلسطينيين: تصريحات عباس طعنة لشعبنا واساءة للشهداء
  • هذا هو البابا الفقير الذي تكرهه إسرائيل
  • الاعلام العولمي .. بين التوظيف والتسخيف ..!