فلسطينيون يرفضون التهجير من غزة: "نعيش هنا أو نموت"
تاريخ النشر: 24th, October 2023 GMT
ترفض عائلة أبو سعدة الفلسطينية المهجرة في نكبة عام 1948، مكابدة ألم النزوح مرتين، بعد أن استقرت في مخيم جباليا بمدينة غزة قبل 75 عاماً، وباتت تبدي تمسكاً أكبر بأرضها، رغم استمرار القصف الإسرائيلي العنيف غير المسبوق منذ 8 أكتوبر (تشرين الأول) الجاري.
ومنذ بداية الحرب الإسرائيلية على غزة، وعائلة أبو سعدة، مثل باقي العائلات الفلسطينية، تتعرض للاستهداف بشكل مباشر بالقصف، والقتل والتشريد.
وفقدت العائلة حتى الآن، 10 من أفرادها، وتطلب إسرائيل من بقية العائلة الرحيل مرة أخرى، إلى الجنوب، أو إلى أي مكان سواه، في ظل الغارات على رؤوس ساكني غزة، أينما حلوا أو نزحوا، لكن العائلة، قالت "لا، سنبقى هنا، أو نموت هنا"، بحسب تقرير لصحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية.
باسل أبو سعدة، أحد أفراد عائلة أبو سعدة، مهندس برمجيات يبلغ من العمر 35 عاماً، صار واحداً من أبناء مخيم جباليا، بعد أن نزح جده الأكبر إليه قبل 75 عاماً، هرباً من آلة الحرب والتهجير الإسرائيلية، يقول للصحيفة، "لم أعد أهتم.. إذا غادرنا المخيم، فربما لن نجد طعاماً أو مأوى، أو لن نتمكن من العودة أبداً، إذاً نعيش هنا، أو نموت هنا".
"مرارة التهجير"مئات الآلاف من الفلسطينيين في غزة، تبنوا موقف عائلة أبو سعدة، ورفضوا مغادرة شمال القطاع المستهدف بقصف إسرائيلي عنيف منذ 18 يوماً، قائلين، إنهم يخشون النزوح بقدر خوفهم من تضاؤل الإمدادات من الغذاء والماء والقصف اليومي، والغزو البري الوشيك.
وصدمة التهجير، ذاقها في الأصل معظم سكان غزة، البالغ عددهم 2.1 مليون نسمة، وينحدر أصل 1.7 مليون نسمة منهم من اللاجئين، الذين طردوا أو فروا خلال نكبة 1948، التي تسببت بنزوح أكثر من 720 ألف فلسطيني.
وفي الحرب الحالية التي بدأت عقب هجوم حماس في 7 أكتوبر (تشرين الأول) على الدولة العبرية، طلب الجيش الإسرائيلي من أكثر من مليون فلسطيني الانتقال إلى جنوب غزة، وهو ما حدث بالفعل، وجرى استهدافهم عدة مرة رغم تلبيتهم نداءات الطيران الحربي، لكن القلق يساور معظم أولئك الرافضين لفكرة النزوح، والذين باتوا يخشون من مصير جديد للنازحين جنوباً، وينتهي بهم بالخروج من غزة تماماً إلى مصر، رغم أن القاهرة وعواصم عربية أخرى أبدت منذ بداية الحرب، معارضتها الشديدة لتهجير الفلسطينيين وتصفية قضيتهم.
يقول إياد الشوبكي (45 عاماً) المقيم في غزة إلى جانب أسرته المكونة من 10 أفراد، "الهجرة الأولى في عام 1948 بدأت على هذا النحو.. قال الناس حينها حسناً، سوف نترك منازلنا ونعود بعد أسبوع أو أسبوعين، لكنهم لم يستطيعوا العودة أبداً".
يسأل الشوبكي نفسه، "كيف يمكنني مساعدة بلدي؟"، ويجيب نفسه أيضاً، "سأبقى في منزلي. هذا ما يمكنني فعله".
قصف يستهدف كل شيءوزعم القادة الإسرائيليون، أنهم "يريدون إخلاء سكان غزة إلى مناطق آمنة في الجنوب حفاظاً على سلامتهم". لكن العديد من الفلسطينيين قالوا إنهم لا يثقون بكلام الجيش الإسرائيلي، وأنهم باقون في أماكنهم. ويتحصن بعض الباقين في الشمال في منازلهم، وفي المستشفيات، والكنائس، وكذلك في مدارس وكالة الأونروا، ورغم ذلك استهدفوا، وقضى عدد كبير منهم في مجازر كبيرة اتُهم الجيش الإسرائيلي بشكل مباشر بارتكابها.
ويواصل الشوبكي سرد روايته في كيفية البقاء على قيد الحياة، قائلاًًً: "أظل مستيقظاً كل ليلة حتى الساعة الخامسة صباحاً، بينما ينام باقي أفراد أسرتي"، وفي النهار، يتابع التلفزيون، الذي يعمل بالطاقة الشمسية في غرفة معيشته، ويراقب الغارات الجوية القريبة منه.
ووفقاً لوزارة الصحة في غزة، تسببت الغارات الجوية الإسرائيلية في مقتل أكثر من 5200 شخص، وتدمير ما لا يقل عن 42% من الوحدات السكنية في جميع أنحاء القطاع.
يؤكد حسين حمد، الباحث في مجال حقوق الإنسان، إنه وعائلته المكونة من 20 فرداً يقيمون في منزلهم في منطقة تل الزعتر في جباليا، لا نريد تكرار ما حدث مع أجدادي الذين فروا من قرية "بربرة" الواقعة بين الحدود الشمالية لغزة ومدينة عسقلان الإسرائيلية بعد نكبة 1948، حين فقدوا منازلهم، و10 فدادين من الأراضي الزراعية.
وقال أيضاً، إن "الظروف المعيشية في جباليا الآن قاسية، لا كهرباء ولا ماء، ولا إنترنت هناك، والنظام صحي متدهور، وننتظر في طوابير طويلة للحصول على الخبز، ونملأ القوارير بالماء من الآبار القريبة، ونوزع ما يزيد من طعامنا".
وكل تلك الظروف المأساوية، لم تنل من عزيمة حسين، الذي أكد صموده في مواجهتها بالبقاء في غزة والوقوف بثبات، فإما أن نعيش حياتنا بكرامة، أو لا حاجة لتلك الحياة".
رشيد الخالدي، وهو مؤرخ فلسطيني أمريكي متخصص في شؤون الشرق الأوسط في جامعة كولومبيا، يقول بدوره، إن تكرار مشاهد التهجير في عام 1948 تلوح بالأفق بشكل كبير بالنسبة للفلسطينيين في غزة.
الشاعر والكاتب مصعب أبو طوحة، المقيم في مخيم جباليا، بعد أن هجر أجداده من يافا عام 1948، يقول: "ليلة الخميس، تعرض منزل أحد أعمامي وأربعة منازل أخرى في مخيم الشاطئ القريب للقصف، ولا تزال هناك جثث تحت الأنقاض، وأستطيع أن أشم رائحة الموت المنبعثة منها".
ويضيف أبو طوحة، الذي أسس المكتبة الوحيدة الناطقة باللغة الإنجليزية في غزة، وكان زميلًا في برنامج "الباحثين المعرضين للخطر" بجامعة هارفارد في عام 2019، أن "نصبح لاجئين مرة أخرى، ونفقد ما بنيناه بالفعل على هذه الأرض المضطربة، هو أمر مدمر وغير إنساني تماماً".
وهناك نحو 6 ملايين لاجئ فلسطيني في دول عربية مجاورة نزحوا إليها أو ولدوا فيها بعد تشرد آبائهم وأجدادهم إثر نكبة عام 1948، ونكسة 1967، وغالباً ما يفتقرون إلى الحقوق الكاملة في البلدان التي يعيشون فيها.
وتؤكد الباحثة في مجال حقوق اللاجئين والمهاجرين في منظمة "هيومن رايتس ووتش" نادية هاردمان، "يجب أن تكون هناك طريقة أكثر إنسانية للقيام بذلك، يجب أن يكون هناك طريق للوصول إلى وضع قانوني مناسب يحمي ويحافظ على حق الفلسطينيين في العودة إلى حيث أتوا".
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي غزة وإسرائيل الحرب الأوكرانية عام الاستدامة غزة وإسرائيل أبو سعدة عام 1948 فی غزة
إقرأ أيضاً:
أطباء أسيوط يرفضون قانون المسئولية الطبية.. و4 مقترحات لإنهاء الأزمة
عقدت نقابة أطباء أسيوط اجتماعا، لمناقشة مشروع قانون المسئولية الطبية ورعاية المريض المقدم من الحكومة، والذي أقره مجلس الشيوخ دون تعديلات أو الأخذ بملاحظات نقابة الأطباء.
شارك في الاجتماع، أعضاء مجلس نقابة أطباء أسيوط، نقيب أطباء أسنان أسيوط، الدكتور طاهر شريف، عضوا مجلس النواب، الدكتور حسام حلمي ماضي، واللواء علاء سليمان، عميد كلية الحقوق جامعة أسيوط، الدكتور دويب حسين، نقيب أطباء المنيا السابق، عمرو علي، ولفيف من أطباء أسيوط ومقدمي الخدمة الصحية والمهتمين بالشأن العام من أعضاء الأحزاب.
وأكد المشاركون في الإجتماع دعمهم لموقف النقابة العامة للأطباء، الرافض تماما لما تضمنه مشروع القانون من مواد تقنن الحبس في القضايا المهنية.
وتأتي هذه اللقاءات والاجتماعات في إطار التعريف بمطالب ومقترحات النقابة بشأن مشروع القانون، وخطورة صدوره بصيغته الحالية، على المنظومة الصحية بالكامل، حيث أن عمل الأطباء تحت التهديد بالحبس سيدفع الكثيرين منهم للجوء إلى الطب الدفاعي.
وتتضمن مقترحات نقابة الأطباء التالي:
رفض حبس الأطباء في القضايا المهنية، وإقرار وقوع المسؤولية المدنية على الطبيب حال التسبب في ضرر للمريض نتيجة خطأ، لكنه يعمل في تخصصه وملتزم بقواعد المهنة وقوانين الدولة، وتكون العقوبة هنا تعويضات لجبر الضرر وليس الحبس.تقع المسؤولية الجنائية على الطبيب فقط حال مخالفته لقوانين الدولة، أو عمله في غير تخصصه، أو قيامه بإجراء طبي ممنوع قانونا.عدم جواز الحبس الاحتياطي في الإتهامات التي تنشأ ضد مقدم الخدمة الصحية أثناء تأدية مهنته أو بسببها؛ حيث أن مبررات الحبس الاحتياطى غير متوفرة في القضايا المهنية.ضرورة أن تكون اللجنة العليا للمسؤولية الطبية هي الخبير الفني لجهات التحقيق والتقاضي، وتتلقى كافة الشكاوى المقدمة ضد مقدمي الخدمة الطبية بجميع الجهات المعنية وذات الصلة بتلقي شكاوى المواطنين بشأن الأخطاء الطبية.