نشرت صحيفة "البايس" تقريرا سلطت فيه الضوء على دور المحكمة الجنائية الدولية  والدول الكبرى وصلاحيتها في دعم العدالة القضائية في العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وضرورة دمج أدوات تنفيذية للقرارات القضائية في سياسة الدول لمنع حدوث إبادة جماعية.

ونقلت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، عن المدعي العام الأول للمحكمة الجنائية الدولية (2003-2013)، لويس مورينو أوكامبو قوله إن "عمر الحرب 5000 عام، وعمر الدبلوماسية أربعة قرون، وعمر العدالة الدولية عقدان من الزمن"، مشيرا إلى أنه بالمقارنة بالتقدم الرهيب في المجال التقني اليوم، فإن الابتكار الوحيد في عالم السياسة كان هو إنشاء المحكمة الجنائية الدولية، وأن تريليونات الدولارات تُستثمر في الحروب، دون أي استثمار في العدالة والسلام، موضحا أن دولة الاحتلال وغزة مثالان على مدى ضرورة هذا التحدي، بحسب تعبيره.



وأشارت الصحيفة إلى أن مورينو أوكامبو عاد للتو من جامعة ساو باولو، حيث حصل على درجة الأستاذية في ابتكار النظام العالمي، ويدرس فصولا حول روايات الحرب لطلاب السينما في جامعة كاليفورنيا؛ حيث يشير إلى فيلم الأرجنتين الذي شاهده عشرون مليون شخص، ويروي أول محاكمة  للديكتاتورية الأرجنتينية قائلا: "عندما تتعامل مع هذا النوع من القضايا، فإنك لن تفوز أبدًا، ولكن إذا واصلت القتال، فلن تخسر أبدا".


وتساءلت الصحيفة حول المرادف في القانون الدولي لما يعرف في اللغة المشتركة بـ"الرعب" ، و"المذبحة"، و"الحرب" بين الاحتلال وغزة، وأجاب أوكامبو بأن الأمر يعتمد على النوايا، لكن من العناصر الموضوعية للإبادة الجماعية خلق الظروف التي تؤدي إلى تدمير مجموعة ما، وعدم السماح بمرور الماء والغذاء والبنزين يحول غزة كلها إلى معسكر إبادة، والتهجير القسري جريمة ضد الإنسانية، تماماً مثل قصف السكان المدنيين.

"نتنياهو هارب من العدالة"
وطرحت الصحيفة تساؤلا حول الإجراء الذي يمكن لمحكمة الجنايات الدولية والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة فعله غير إبداء الرأي، رد أوكامبو بأن المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية يتمتع بأهلية اتخاذ القرار والاختصاص، وأن نتنياهو ليس الزعيم الذي يثق بالعدالة لأنه هارب من العدالة، ولكن حان الوقت للمجتمع الدولي أن يقف بحزم، لا يتعلق الأمر بالمطالبة بتطويق إنساني، ولا يمكن لإسرائيل أن ترتكب إبادة جماعية للدفاع عن نفسها.

وأضاف أن الولايات المتحدة تعتقد أن السبيل للدفاع عن نفسها هو أن يكون لديها أفضل جيش في العالم، أما الاتحاد الأوروبي لديه رؤية مختلفة موجهة نحو المعاهدة، وعليه أن يجعل هذه الرؤية مسموعة،  لكن أوروبا أصبحت مرتبطة جدا بسياسة الولايات المتحدة، والتي ترتبط ارتباطا وثيقا بالتفوق العسكري، وقد أصبحت الحرب اليوم آلية عفا عليها الزمن، إنها ليست قضية يسار أو يمين، بل مسألة بقاء، فقد حُطم الرقم القياسي للاجئين بعد الحرب العالمية الثانية في عام 2009، وهو مستمر في الارتفاع.

وتابع: "نحن نوشك على الوصول إلى 100 مليون لاجئ ونازح في العالم، وعلينا أن نمنع الجريمة وندعم العدالة، إن ما سيدمر إسرائيل هو الحرب، لأنها ستولد رد فعل العالم العربي ضد إسرائيل وسيعود الإرهاب في جميع أنحاء العالم، لقد كانت إحدى أهم آليات تجنيد الأشخاص لصالح تنظيم داعش هو التعذيب في سجن أبو غريب، الحرب على الإرهاب لا تجدي نفعا، وأنا لا أقول ذلك، بل يقول ذلك الجنرال ماكريستال، الذي كان القائد العسكري في أفغانستان".

واستفسرت الصحيفة عن عدم اختصاص المحكمة الجنائية الدولية بشأن توقيع الاحتلال على اتفاقية منع الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها وكذلك اتفاقية جنيف، وما الذي يمكن فعله في هذه الحالة، وقال أوكامبو مجيبا إن هذا ما حدث مع بوتين في أوكرانيا؛ حيث أصدرت المحكمة مذكرة اعتقال بحقه، ولكن هناك انفصال بين السياسة والاستراتيجية العسكرية والقضائية، وليس هناك تنسيق بين هذه الأشياء الثلاثة، فالمشكلة اليوم ليست المحكمة، بل هي ما إذا كانت الدول تحترم الحدود القانونية وتأخذ على محمل الجد واجباتها لمنع الإبادة الجماعية، وتفعيل الآليات السلمية مثل العدالة لمنع الصراعات.


وتساءلت الصحيفة حول التحقيق الذي فتحته المحكمة الجنائية الدولية في عام 2021 في الأحداث التي وقعت في غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية، فأجاب أوكامبو بأنه بعد أن حصلت فلسطين على اعتراف الأمم المتحدة عام 2012، وانضموا عام 2015 إلى نظام روما الأساسي، تقرر أن غزة والقدس الشرقية والضفة الغربية هي أراضي فلسطين، وبالتالي فإن المحكمة لها اختصاص هناك وتم فتح تحقيق، أي أن الحصار الحالي لغزة هو منطقة خاضعة للمحكمة، ولكن لم يُعرف بعد ما حدث لهذا التحقيق.

وبسؤاله عن إمكانية توسيع نطاق هذا التحقيق الآن، أم أنه في هذه الحالة، يجب أن تقوم دولة أخرى بتقديم إسرائيل للمحكمة، قال أوكامبو بأن المدعي العام مستقل، والإجراء الطبيعي هو أن يُفتح التحقيق، وليس أن تطلبه دولة، وفي هذه الحالة، يوجد بالفعل تحقيق مفتوح.

واختتمت الصحيفة تقريرها بالتساؤل حول ما إذا كان من الممكن تجنب أو منع ما يحدث الآن سابقا، فأجاب أوكامبو بأن هذه مشكلة هيكلية، فقد كانت سياسة نتنياهو هي خنق سكان الضفة الغربية، لقد كانت هذه استراتيجيتهم لسنوات؛ احتلال وتجاهل أي جهود لحفظ السلام، وبالتالي تدمير الاعتدال الفلسطيني وتشجيع حماس، لأن حماس تسمح له بأن يكون صارما، إنه يأمل في تدمير الشعب الفلسطيني بأكمله، لكن ذلك لن يحدث، لأن طريق الإبادة لا يؤدي إلى أي مكان، ولكن لمنع وقوع إبادة جماعية، فإن الإدانة القضائية ليست كافية، بل يتعين على الدول دمج العدالة في سياساتها، يجب تنسيق المصالح واحترام القواعد.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة غزة نتنياهو فلسطين فلسطين غزة نتنياهو الاحتلال الإسرائيلي طوفان الاقصي صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المحکمة الجنائیة الدولیة

إقرأ أيضاً:

المحكمة ترفض طلب نتنياهو بتأجيل الاستماع لشهادته في بداية ديسمبر

رفضت المحكمة المركزية في القدس ، اليوم الأربعاء 13 نوفمبر 2024، طلب رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو ، بتأجيل بدء الاستماع لشهادته في المحكمة إلى شباط/فبراير، ما يعني أن الإدلاء بالشهادة سيبدأ في 2 كانون الأول/ديسمبر المقبل. وسيكون بإمكان نتنياهو الاستئناف على هذا القرار.

وقال قضاة المحكمة الثلاثة إنهم لم يقنعوا بأنه "طرأ تغيير جوهري في الظروف" من شأنه أن يؤثر تأجيل الإدلاء لشهادته، وذلك لأنه في القرار بشأن بدء الشهادة في 2 كانون الأول/ديسمبر تم الأخذ بالحسبان "مجمل الاعتبارات بهذا الخصوص وبينها الوضع الحربي".

وخلال جلسة المحكمة، اليوم، ادعى محامي نتنياهو، عَميت حداد، أن نتنياهو ليس متفرغا للإدلاء بشهادته، وأنه "ترددنا إذا كنا سنطلب تأجيل لخمسة أشهر كي نحصل على (تأجيل لمدة) شهرين ونصف الشهر".

وقدم محامو نتنياهو، مطلع الأسبوع الجاري، طلبا لتأجيل موعد بدء شهادة نتنياهو أمام المحكمة من 2 كانون الأول/ديسمبر المقبل إلى شباط/فبراير، بعد أن كانت المحكمة قد أجلت الاستماع لشهادته في تموز/يوليو الماضي. ويتوقع أن تصدر المحكمة قرارها اليوم أو غد.

وأضاف حداد أنه "كانت هناك أسابيع لم نتمكن خلالها من لقاء رئيس الحكومة"، وأن "نتنياهو وضع احتياجات الدولة قبل احتياجاته الشخصية".

وتابع أنه "لا نطلب تساهلا مع شخصية مشهورة، ولكن ليس تشددا تجاهها أيضا". وقال حداد إنه "إذا تطورت حرب أخرى وحدث آخر، هل تذهب الدولة إلى الجحيم بينما الأمر الأساسي هو أن يشعد رئيس الحكومة في المحكمة؟".

وهاجم حداد موقف النيابة العامة المعارض لتأجيل شهادة نتنياهو، وقال إنه "إذا كانت النيابة معنية بتقدم المحاكمة، فلتوافق على اقتراح المحكمة حول تهمة الرشوة أو على موضوع التوجه إلى التحكيم"، علما أن المستشارة القضائية للحكومة، غالي بهاراف ميارا، رفضت مسألة التحكيم قبل سنة ونصف السنة.

وقال حداد إنه "كانت لدينا أسباب كي نعتقد أن التأجيل سيصطدم بموافقة وليس بحائط، خاصة وأن التي ترأس النيابة (أي المستشارة القضائية) تعرف التهديدات وتعرف ما يحدث وتشارك في اجتماعات الكابينيت وكيف تغيرت الأمور منذ أن كنا هنا".

من جهتها، قالت ممثلة النيابة، يهوديت تيروش، إنه تم منح نتنياهو وطاقم محاميه مهلة خمسة أشهر كي يستعد للإدلاء بشهادته، وأن المحكمة أخذت الحرب بالحسبان عندما قررت موعد الإدلاء بالشهادة، وشددت على أنه "لا يمكن منح رئيس الحكومة إمكانية إملاء محاكمته، خاصة عندما نسمع الآن أنه لا يمكن معرفة ماذا سيحدث بعد عشرة أسابيع".

وانتقلت جلسة المحكمة في مرحلة معينة، اليوم، إلى جلسة مغلقة، بادعاء أنه تجمعت معلومات سرية في جهاز الأمن، مؤخرا، "وتؤثر على شكل الاستماع لشهادته". وقال مقربون من نتنياهو مؤخرا أن حضوره بشكل دائم إلى المحكمة في هذه الفترة يشكل خطرا على حياته وحياة باقي المتواجدين في قاعة المحكمة.

وقبل انعقاد جلسة المحكمة، توجهت عائلات رهائن في غزة إلى المحكمة طالبة الانضمام إليها وعبرت عن معارضتها لتأجيل شهادة نتنياهو.

وبرر محامو نتنياهو طلب التأجيل بأنه "حدثت سلسلة أحداث غير عادية وجعلت تحضير رئيس الحكومة للإدلاء بشهادته في الملف مستحيلة في الفترة الحالية".

وبين الأحداث التي ذكرها محامو نتنياهو اغتيال القائد العسكري في حماس ، محمد الضيف، والاتصالات بشأن صفقة تبادل أسرى، والحرب على لبنان والمواجهة المباشرة مع إيران، وادعوا أنه "في الأشهر الأخيرة تراكمت معلومات في جهاز الأمن، التي سيكون بالإمكان تقديم تفاصيلها خلال جلسة محكمة مغلقة، وتؤثر على شكل الاستماع لشهادة رئيس الحكومة".

وأعلنت النيابة العامة، أمس، وبعد مشاورات مع بهاراف ميارا أنها تعارض طلب نتنياهو تأجيل شهادته، وقالت في رد قدمته إلى المحكمة، إنه "نعارض أي تأجيل وبرأينا أن أي تأخير آخر في المحاكمة يتناقض بشكل شديد مع المصلحة العامة".

المصدر : وكالة سوا

مقالات مشابهة

  • "اليماحي": الشعب الفلسطيني يستحق الحماية الدولية في ظل تصاعد الاحتلال
  • المحكمة الدستورية تشارك في الاجتماع المختلط حول القضاء الدستوري بأرمينيا
  • مسؤول سابق بالأونروا: إسرائيل تستهدف الوكالة لمحو الوجود الفلسطيني
  • نتنياهو أمام العدالة في 2 ديسمبر.. أول شهادة في قضية الفساد الكبرى
  • جدل حقوقي بشأن عقوبة الإعدام.. حفنة توصيات لإصلاح المنظومة الجنائية والعقابية
  • إسرائيل تشكك بحيادية قاضية في المحكمة الجنائية الدولية
  • إصابة 5 مستوطنين إسرائيليين بالقصف الأخير الذي استهدف "تل أبيب"
  • المحكمة ترفض طلب نتنياهو تأجيل الإدلاء بشهادته في قضايا فساد
  • المحكمة ترفض طلب نتنياهو بتأجيل الاستماع لشهادته في بداية ديسمبر
  • أكثر حزب يثق الأتراك في قدرته على حل المشكلات السياسية