خلال هذا الأسبوع تقترن ذكرى الثورة الأولى، الرائدة ، وهي تخطو نحو عامها الستين،بذكرى آخر حلقات الردة على نهج الثورة. ما يطرح على جدول أعمال الثورة،حتمية تعميق جذريتها باجتثاث جذور الردة،في سياق النضال الجاري لإسقاط انقلاب البرهان،ليكون آخر الانقلابات.
فانقلاب 25 اكتوبر 2021، والذي يقترب من دخول عامه الثالث،يشكل الحلقة المكملة لبروسيس 11/12ابريل 2019 الانقلابي،الذي استهدف قطع الطريق على الانتصار الناجز للانتفاضة الشعبية ضد نظام البشير المقبور .

ويتموضع، من ثم ،في نطاق ما تم التواضع عليه باسم الحلقة المفرغة،الموصوفة بالجهنمية، التي ظل يدور داخلها التطور السياسي للبلاد منذ نهاية العام 1958: انقلاب عسكري - انتفاضة شعبية - انقلاب عسكري..الخ. بحيث يمكن النظر للتاريخ السوداني بعد الاستقلال كسلسلة متصلة الحلقات من المنازلات الشعبية الجسورة ،للأنظمة العسكرية المتعاقبة على حكم البلاد.
.لقد عملت القوى المعادية للديموقراطية والتقدم على التسلط على الشعب باسم الجيش، خمسا وستين خريفا ،أهدرت خلالها فرص البلاد في التقدم والنهضة ،وفي تعزيز وحدتها ، أرضا وشعبا.
ربما " كان أكتوبر في أمتنا منذ الأزل "، وفق رؤيا الشاعر محمد المكي ابراهيم ، لكن الأكيد أنه في ظل توالي تسلط أنظمة الاستبداد السياسي والديني ،ومنذ ذلك الحين ، تحولت الثورة ،ومنذ ذلك الحين، إلى أسلوب حياة للسودانيين والسودانيات.
فالمعارضة التي رافقت الانقلاب العسكري الأول، منذ مولده في 17 نوفمبر 1958،والتي تكللت بالظفر في 21 اكتوبر 1964،أصبحت امثولة تلهم نضال الشعب السوداني، في مواجهة الانقلابات اللاحقة في مايو 1969 ويونيو 1989 وابريل 2019 -اكتوبر 2021.وبالتالي،لم تكن المواجهة الجريئة مع انقلاب البرهان سوى بعض من تجل الثورة الرائدة.
الأكيد ،أيضا ،إن في مجرى الانتفاضة الشعبية المستمرة، منذ أكثر من خمس سنوات ،تتجدد ثورة أكتوير،بسلميتها وتقاليدها الثورية، وتتجلى في قوة التصميم والعنفوان وصلابة الإرادة الشعبية.
.ومع بروز مطالب جديدة،مع مرور الزمان وتعاقب الحكومات العسكرية ،والتحاق قوى اجتماعية جديدة بالثورة،إلا أن الديموقراطية والحكم المدني،والسلام وعودة العسكر للثكنات، ظلت تتصدر شعارات وأهداف الثوار،طوال السنوات اللاحقة لانتكاسة أكتوبر، وعودة الانقلابيين للمشهد السياسي.
ما هو جوهري،تتوارثه أجيال الثوار من تجربة أكتوبر، وما يتوهج من مشعلها على مشارف ذكراها ، وما ظل يلتمع في مليونيات ثورة ديسمبر، هو تجليات الوعي المتقدم الذي اكتسبته جماهير الشعب،و تراكم الخبرة النضالية ،والإيمان الراسخ بحتمية إنتصار الشعب ،الممزوج بالاستعداد العالي للتضحية،وهزيمة الدكتاتورية العسكرية مهما طال الأمد.  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

بقي للسودان سنة واحدة لترفع راية استقلاله وتمردت حامية توريت

بقي للسودان سنة واحدة لترفع راية استقلاله وتمردت حامية توريت ، وبعد رفع العلم بسنتين وثب العسكر علي السلطة لتبدأ الدورة الخبيثة : انقلاب ، انتفاضة ، انقلاب ، انتفاضة وتطور الأمر الي انقلاب يلد انقلابا وكل هذه الفوضي نتج عنها هذه الحرب اللعينة العبثية

المؤرخ ليس من مهامه أن يحكي لنا عن طيبة الفريق ابراهيم عبود هذه الطيبة التي افتقدها الشعب يوم ثار نفس هذا الشعب عليه ووضعوا حدا لتسلطه في أكتوبر من العام ١٩٦٤ وقد غني لاكتوبر الاخضر نفس المطرب الذي مجد انقلاب نوفمبر علي أساس أنه ثورة ( في نوفمبر بعثت ثورة ثورتنا الشعبية ، جيشنا الباسل هب وعلا راية الجمهورية ) !!.. وزميل لهذا المطرب مدح قائد الانقلاب بأنه جبل حديد جاءنا بالراي السديد ... ليس من وظيفة المؤرخ أن ينقل لنا بعد أن تنحي الرئيس عبود ولزم داره كيف أن جمهرة من المواطنين التفوا حوله وهو يتسوق الخضروات والفواكه وملأوا عربته بما لذ وطاب منها وهم يهتفون مليء حناجرهم :
( ضيعناك وضعنا معاك ياعبود ) !!..
عبود هذا الذي بكيتم عليه يوم ذهب مع الريح وطواه النسيان كان قائدا للجيش وكان الجيش في أحسن حالاته وعبود نفسه كان مهندسا وعسكريا منضبطا يفهم في مجال عمله الكثير لما توفر له من دراسة في كلية حربية هي الأجود في كل المنطقة العربية وتدريب عالي المستوى بالخارج ولكن عندما طلب منه عبدالله خليل أن يستلم البلد نفذ المطلوب بكل بساطة وكأنه يستلم خطاب سلمه له ساعي البريد !!.. هذا التصرف من الجهتين يسمونه عطاء من لايملك لمن لايستحق ...
قلنا إن الجيش كانت له هيبة وشوكة وكان بعيدا تماما عن السياسة وعاكف علي الأمانة الملقاة علي عاتقه وهي حراسة الحدود والدستور ...
كان يجدر بالفريق عبود وقد واتته هذه الفرصة وهو صاحب شوكة أن يدير البلاد لفترة محددة يضع فيها الأمور في نصابها الي أن يعود السياسيون الي رشدهم ويتحلوا بالمسؤولية ومن ثم يسلمهم الأمانة ( أمانة الحكم المدني ) ويعود لثكناته ومهامه الموكلة إليه في حراسة الحدود والدستور ... ولكن أن يستمريء عبود اللعبة و ( بي وشو يواصل ) وكأنه منتخب من أهل البلد للرئاسة فهذا طمع وجشع في شيء لايحق له وبالمقام الاول هو عمل غير دستوري ومخالف للقانون ويستحق عليه أن يقدم للعدالة بتهمة اغتصاب السلطة ...
واكبر دليل علي أن عبود وقد تسلم السلطة من عبدالله خليل علي أن عمله هذا كان منذ ضربة البداية إنذار بشر مستطير ونهاية للديمقراطية ولحرية الفرد والجماعة اول ما عمد إليه هو حل الأحزاب السياسية وتعطيل الدستور ومعني هذا أن البلاد بعد ذلك ستنزلق الي هوي الحاكم وتصرفاته التي مهما بدت بعيدة عن القانون والنظام فلن يجرؤ أحد من الرعية أن يرفع عقيرته بالاحتجاج أو الشكوي لأن مثل هذه الأشياء تحت تلك الظروف الاستثنائية عقوبتها التعليق علي رؤوس المشانق أو الضرب بالرصاص الحي أو غياهب السجن أو في احسن الأحوال التشريد والمضايقة والفصل من الخدمة للصالح العام ...
طبعا كما تعرفون فإن نظام مثل هذا يلتف حوله المطبلون والزمارون وماسحو الجوخ ولاعقو الأحذية العسكرية الثقيلة وعن الإعلام فحدث ولا حرج فإن معظم المواد المقدمة تجتهد في إظهار الحاكم ونظام حكمه في ابهي صورة واجمل رونق وتضخيم المنجزات وكيل السباب للمعارضين وتهديدهم بالويل والثبور وعظايم الأمور ...
ليس من مهمة المؤرخ أن يتحفنا بكتاب ألف ليلة وليلة عن المشير جعفر نميري ( ابو عاج ) وعن فروسيته وكيف أنه قفز فوق حائط طوله ( متران ) وكثير وكثير من سرديات العامة والجمهور عن حكايات شخصية بطلها هذا الانقلابي الذي عطل الدستور وادخل البلاد في نفق مظلم لمدة سبعة عشر عاما بدأت بنظامه الاحمر القاني وانتهت بتنصيبه أميرا للمؤمنين ...
وحكايات وحكايات عن معسكر ود ( الحليو ) وترحيل الفلاشا وخاشجوقي ولقاء معه في طائرة قابعة في مدرج بمطار الخرطوم ومع ذلك ورغم كل هذه المغامرات يقولون لنا أن بطل انقلاب مايو مات فقيرا ولايملك شروي نقير .
ستة وستون عاما مضت منذ أن وثب العسكر للسلطة لاول مرة وجلسوا فيها لمدة ستة سنين كانت فيها تنمية كثيرة ودموع أكثر والشعب افتقد الحرية والعدالة فلم يصبر وانتفص واقتحم كوبر كما اقتحم الفرنسيون الباستيل وكانت انتفاضة حتي النصر وكانت انتفاضة حتي القصر .
وبعد مايو جاءت شقيقتها يونيو عام ١٩٨٩ وتلخيصا لفترة حكم المؤتمر الوطني التي استمرت لمدة ثلث قرن مع وقت اضافي بعد أن قضت اللجنة الأمنية علي انتفاضة الشعب في ديسمبر ٢٠١٩ ويمكننا القول إن نظام المخلوع لم يغادرنا وقد تم تثبيته بالانقلاب الثاني للفلول في أكتوبر ٢٠٢٣ وبعودة رموزهم الواحد تلو الأخري وصارت اجتماعاتهم علي رؤوس الأشهاد وبالأمس تم انتخاب أحمد هارون رئيسا لحزبهم المقبور وكان الشعب ينتظر من حكومة الأمر الواقع أن تسلمه للمحكمة الجنائية الدولية ولكن الأمور لم تمضي كما تشتهي وغدا يظهر المخلوع ويقولون إنه كان في استراحه محارب ومعه ذراعه اليمنى وزير الدفاع عبدالرحيم محمد حسين وكلاهما سيطالب بالتعويض وان تسلم لهما السلطة في الحال ليس كمن بل كحق تم انتزاعه منهما بثورة شبابية عارمة ...
هذه الانقلابات خاصة انقلاب يونيو هي التي اقعدت بالسودان عن كل تنمية وخير وسلمته للمحاور من الشرق والغرب ونشرت فيه الفساد وطمعت فيه الآخرين والنهاية والضربة القاضية جاءت بالحرب العبثية المنسية الملعونة .
لهفي علي شعبنا الأبي الكريم فقد فقد ذهبت ٥٤ عاما من حكم العسكر بعافيته وهو اليوم ينازع لإخراج الروح والعسكر مازالت نفسهم مفتوحة لحكم الجماجم والاطلال !!..

حمد النيل فضل المولي عبد الرحمن قرشي .
معلم مخضرم .

ghamedalneil@gmail.com

   

مقالات مشابهة

  • إصابة 5 أشخاص إثر انقلاب ميكروباص فى مدينة 6 أكتوبر
  • العسكرية السادسة تدشن معرض صور الشهداء في الذكرى السنوية للشهيد
  • وزارة النفط والمعادن تُحيي الذكرى السنوية للشهيد
  • الرد السياسي المنطقي بعقلانية أهل السودان علي مزاعم عسكوري الضئيل طرحا
  • إصابة 5 أشخاص إثر انقلاب ميكروباص بمدينة 6 أكتوبر
  • إصابة 5 اشخاص إثر انقلاب ميكروباص بمدينة 6 أكتوبر
  • فعاليات متنوعة في أمانة العاصمة لإحياء الذكرى السنوية للشهيد
  • بوخارست الساحرة.. من ساحة الثورة إلى عوالم الفن والتراث الرومانية
  • بلادنا في زمن الردة المضادة
  • بقي للسودان سنة واحدة لترفع راية استقلاله وتمردت حامية توريت