ليس ما حصل منذ بدء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة تفصيلاً، خصوصًا على مستوى التعاطي الغربي معها، بدءًا من الحصار اللاإنساني المفروض على الفلسطينيين منذ سنوات، مرورًا بخطط "تهجيرهم" التي لا تنتهي، ومحاولات فرض "نكبة ثانية" عليهم قسرًا، وصولاً إلى المجازر المروّعة التي تقترفها القوات الإسرائيلية بحقهم، ومنها تلك التي استهدفت مستشفى على مرأى ومسمع العالم، والتي ترقى لمستوى "جريمة الإبادة".


 
قد تكون هذه المجزرة بالتحديد نموذجًا "فاقعًا" لما يسمّى بـ"ازدواجية المعايير" الغربيّة التي بدت جليّة وواضحة، فالغرب فضّل "تبنّي" الرواية الإسرائيلية المضلّلة، على إدانة لا تقدّم ولا تؤخّر في الجنون الإسرائيلي المتواصل، حتى إنّ الرئيس الأميركي جو بايدن الذي زار تل أبيب بعد أقلّ من 24 ساعة على الجريمة، لم يجد حَرَجًا في "الاقتناع" بالرواية الإسرائيلية بأنّ الطرف الآخر هو "من ارتكبها" بحقّ نفسها، بلا حدّ أدنى من المساءلة أو الشفافية.
 
وفي حين عكس الإعلام الغربي هذه الازدواجية، بمقاربة أبعد ما تكون عن المهنية، تقاطعت عند "تجهيل الفاعل" بكلّ بساطة، بل "تسطيح" الجريمة إن جاز التعبير، وكأنّ مئات الشهداء الذين سقطوا وجلّهم من الأطفال لا يستحقّون حدًا أدنى من الاهتمام، الذي ناله بأضعاف مضاعفة، للمفارقة، نظراؤهم الإسرائيليون الذين انتشرت "أكذوبة" ذبحهم على يد كتائب القسام، قبل أن يضطر الإعلام الغربي إلى الاعتذار عنها، لأنّها "مضلّلة" بكلّ بساطة!
 
"الجلاد والضحية"
 
ليس جديدًا أن تُطرَح علامات استفهام على مقاربات الغرب للحروب الإسرائيلية على بلادنا، بل لطريقة تعاطيه مع القضية الفلسطينية بصورة عامة، هو الذي يسارع دائمًا إلى دعم ما يصفه بـ"حق إسرائيل المشروع بالدفاع عن النفس"، وفق وصفه، الذي يتجاهل حقيقة مثبتة بأنّ إسرائيل هي المعتدية، منذ أن صادرت أراضي الفلسطينيين، وفرضت عليهم احتلالاً غير شرعي، ووضعت جزءًا منهم تحت حصار يفتقد للحدّ الأدنى من المعايير الإنسانية.
 
وممّا بات ثابتًا في طريقة تعاطي الغرب مع القضية الفلسطينية أيضًا، ليس فقط بانتزاعه حق المقاومة بالدفاع عن أرضها وشعبها في وجه الاعتداءات المتكرّرة عليه، بل تعمّده وضع الفلسطيني والإسرائيلي في خانة واحدة، وصولاً لحدّ مساواته بين "الجلاد والضحية"، على الرغم من أنّ "فاتورة" الحروب الإسرائيلية لم تكن يومًا "متوازنة"، في ظلّ اللوائح "الطويلة" للشهداء الفلسطينيين الذين تحوّلوا إلى مجرّد "أرقام" في المشهد القائم.
 
ولعلّ ما حصل بعد عملية "طوفان الأقصى" يعزّز هذه النظرية بشكل أو بآخر، إذ سارع الغرب لإدانة الهجوم الذي أقدمت عليه "كتائب القسام"، وتصنيفه بكل بساطة في خانة "الإرهاب"، بل اعتباره "حركة حماس" مرادفًا لـ"داعش"، علمًا أنّ العملية جاءت بعد استفزازات إسرائيلية يوميّة كانت تحصل على مرأى ومسمع العالم الذي لم يحرّك ساكنًا، سواء عبر المسّ بالمقدسات في المسجد الأقصى، أو الاقتحامات المتكرّرة التي تخلّف شهداء وجرحى.
 
"المساءلة الغائبة"
 
في المقاربة الغربية لحرب "طوفان الأقصى"، تبرز بوضوح قضية "ذبح الأطفال" التي انتشرت بشكل منقطع النظير عبر وسائل الإعلام الغربية، للحديث عن "وحشية الطرف الآخر"، استنادًا لرواية إسرائيلية تبيّن زيفها، بعد أن وقع الرئيس الأميركي جو بايدن نفسه في فخّها، حين قال إنّه "رأى" بأمّ العين الأطفال المذبوحين على يد "حماس"، قبل أن يضطر البيت الأبيض إلى التراجع عن ذلك، بذريعة أنّ بايدن "استند" إلى الرواية الإسرائيلية، لا أكثر.
 
لكنّ الأمر لا يقف عند حدّ، فمثل هذه الأمور تحصل بغياب أيّ "مساءلة" للغرب على ازدواجيّة معاييره الفاقعة والمثيرة للجدل، بل إنّ الأنكى أنّ الغرب الذي يصدّر "الحريات" إلى بلادنا، ويستنفر عند أيّ "تضييق" على فئة من هنا أو هناك، بات يمارس الضغوط على أيّ صوت مخالف، في ظلّ اعتقالات لمتضامنين مع غزة في أكثر من عاصمة، بل طرد لبعض الصحافيين الذين لم يلتزموا بالرواية الإسرائيلية بحرفيّتها، أو وجّهوا انتقادًا ما.
 
وقد وصل "التضييق" حتى إلى ميادين الرياضة، حيث وجد بعض اللاعبين أنفسهم مهدَّدين فقط لأنّهم عبّروا عن "تعاطفهم الإنساني" مع أطفال غزة، فبينهم من أوقِف بعد منشور من هذا النوع، وبينهم من تعرّض لهجوم شرس وصل لحدّ المطالبة بسحب الجنسية كما حصل مثلاً مع كريم بنزيما، بل إنّ "تريّث" النجم المصري العالمي محمد صلاح في التعبير عن أيّ موقف، لما بعد مجزرة المعمداني، بدا مرتبطًا أيضًا بمثل هذه الضغوط والهواجس.
 
يحلو للكثيرين المقارنة بين المقاربة الغربية لحرب أوكرانيا وتلك التي يعتمدها لحرب غزة. ففي أوكرانيا، يتحدّث الغرب عن "حقّ مشروع" بالدفاع عن النفس، ولا يتردّد في دعم كييف بكلّ الوسائل المُتاحة. يبدو ذلك "براغماتيًا"، لكنّه ينقلب كالسحر على الساحر في موضوع غزة. لا يصبح حق الدفاع عن النفس هنا بيد "المعتدي" فحسب، ولكن تصبح مجازر "الإبادة" كتلك التي استهدفت مستشفى، مجرّد تفصيل، وهنا الطامة الكبرى! المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

الامام خامنئي: مزاعم الأوروبيين بعدم وفاء إيران بالتزاماتها هو كلام متغطرس

الثورة نت/..

اكد قائد الثورة الإسلامية في ايران الإمام السيد علي الخامنئي، اليوم السبت، أن إصرار بعض الحكومات المتغطرسة على المحادثات لا يهدف إلى تسوية القضايا بل من أجل التأمر وإملاء وفرض توقعاتهم.

وشدد قائد الثورة وفقا لوكالة الانباء الايرانية ارنا، لدى استقباله رؤساء السلطات الثلاث وجمعا من كبار مسؤولي الدولة، على أن طهران لن تقبل أبدا بتوقعات تلك الدول.

وقال الامام خامنئي إن ازدواجية المعايير في الغرب تفضح حقيقة الحضارة الغربية، والمثال على هذه المعايير المزدوجة هو الزعم بالتدفق الحر للمعلومات.

واضاف في جانب اخر من كلمته أن مبادئ الحضارة الغربية، تتعارض ومبادئ الاسلام ولا يمكننا ان نتبعها، ويمكننا ويجب ان نستفيد من اي ميزة في اي مكان في العالم، لكن من حيث المبادئ، لا يمكنا التعويل على مبادئ الحضارة الغربية.

وتابع : إن ازدواحية المعايير في الغرب، تفضح حقيقة الحضارة الغربية، والمثال على هذه المعايير المزدوجة هو الزعم بالتدفق الحر للمعلومات.

وتساءل: “هل بمقدوركم في الفضاء الافتراضي المتعلق بالغرب، الاتيان على اسم الحاج قاسم سليماني والسيد حسن نصر الله والشهيد هنية وإنكار الحوادث المزعومة لألمانيا هتلر تجاه اليهود؟”، مضيفا: “هذه هي حرية تداول المعلومات لديهم! هذه الحضارة اليوم كشفت عن حقيقتها وباطنها”.

وأكد أن مزاعم الأوروبيين بعدم وفاء إيران بالتزاماتها هو كلام متغطرس وتنمر.
وتابع قائلا: “مزاعم الأوروبيين بأن إيران لم تلتزم بتعهداتها هي مجرد ادعاءات جائرة فالوقاحة أيضا لها حدود! أنتم تقولون إن إيران لم تف بالتزاماتها النووية لكن هل التزمتم أنتم بتعهداتكم؟ لم تفعلوا ذلك منذ البداية وعندما انسحبت أمريكا وعدتم بالتعويض ثم خالفتم وعودكم، وبعدها أطلقتم وعودا أخرى ونقضتموها مجددا”.

ووجه الامام الخامنئي كلامه إلى الأوروبيين قائلا: “إن لجحود الجميل، حدودا”.

مقالات مشابهة

  • لعنة ميونخ تعود من جديد
  • مصدر بـالكهرباء: معايير جديدة في اختيار قيادات القطاع ورؤساء الشركات
  • عاجل | هيئة البث الإسرائيلية عن مسؤول: إحراز تقدم معين في المحادثات التي أجرتها الولايات المتحدة مع حماس
  • ورشة في «أمن المواصلات» تناقش معايير قطارات الاتحاد
  • الامام خامنئي: مزاعم الأوروبيين بعدم وفاء إيران بالتزاماتها هو كلام متغطرس
  • روسيا : الغرب يسعى لإطالة أمد الحرب في أوكرانيا حتى آخر جندي أوكراني
  • خامنئي يرد على ترامب: المفاوضات يجب أن تكون على أساس الاحترام المتبادل
  • ما هي شروط مهنة التخليص الجمركي؟ القانون يجيب
  • سؤال في الدولة والمجتمع
  • رئيس جهاز الاستخبارات العامة السيد أنس خطاب: لا صحة لما تداولته بعض الصفحات على شبكة الإنترنت حول الرسائل التي نشرت مؤخرًا والتي ادعى كاتبها أنها صادرة عن رئيس جهاز الاستخبارات السوري. (تغريدة على X)