العنف الاسري في العراق.. النساء أبرز الضحايا وهذا الموقف القانوني والحقوق
تاريخ النشر: 24th, October 2023 GMT
السومرية نيوز – محليات
تقف (ش.ع) وهي امرأة في بداية عقدها الثالث وأم لأربعة أطفال في أحد أروقة محكمة العنف الأسري بصحبة ابنها الكبير بعمر عشر سنوات وتنتظر دورها للمرافعة في قضية تعنيف من قبل زوجها، أدى إلى فقدانها جزءا من بصرها مع كسر في أنفها.
وقصة المرأة الثلاثينية لا تختلف عن قصص العديد من النساء التي يتعرضن للتعنيف وهذا ما يؤشره الارتفاع المسجل في الإحصائيات الدولية والمحلية والشكاوى المرفوعة أمام محاكم العنف الأسري.
تقول (ش.ع)، إن الدعوى ستكسبها لصالحها بسهولة، كونها وجدت مساعدة قانونية من إحدى المحاميات، وترحيبا من العاملين في المحكمة، وهي بصدد ربط الأوراق والتقارير الطبية التي تثبت تعرضها للعنف الزوجي في الدعوى، بحسب صحيفة القضاء.
وفي كانون الثاني 2021 شكل القضاء في كل محافظة محكمة خاصة بجرائم العنف الأسري بغية تحديد هذه الجرائم والحد منها بعقوبات رادعة، لكن أرقام الضحايا لم تزل ترتفع عن السابق.
وطبقا لإحصائية سابقة فأن المحاكم سجلت خلال العام الماضي 2022 ما مجمله (21595) دعوى تعنيف ضد الأطفال والنساء وكبار السن، بينما كان عدد دعاوى العنف التي تخص النساء تحديدا (17438) دعوى جاءت بغداد/ الرصافة بمقدمتها مسجلة (3169) دعوى عنف ضد المرأة، ومن ثم تلتها رئاسة استئناف كربلاء بـ(1726) دعوى ورئاسة استئناف بغداد الكرخ بـ(1558) دعوى.
وتقول الناشطة والمختصة بشؤون الأسرة كفاح السلطاني إن "الكثير من النساء والفتيات يتعرضن إلى الإيذاء الجسدي والنفسي داخل أسرهن، لكن الكثير منهن تمتنع عن تقديم الشكوى، ناهيك عن قلة الوعي والجهل القانوني بالحقوق وكيفية حماية المعنفين".
وأضافت السلطاني، ان "السنوات الأخيرة شهدت تصاعدا في حالات التعنيف وبدقة أكثر إن حالات التعنيف بدأت تظهر للسطح وهذا مؤشر جيد لأن التعنيف مشكلة أزلية في مجتمعاتنا الشرقية وكان مسكوتا عنها، ولكن التطور التكنولوجي والمعرفي وانتشار برامج التواصل الاجتماعي ساعدت على معرفة وإحصاء هذه الحالات، وأيضا ساعدت في الكشف عن بعض الحالات ونسبة تثقيف عن طريق المواقع المختصة او السوشيل ميديا أو بعض الحملات التوعوية الخجولة دعت بعض الحالات لاستجماع قوتها وتقديم الشكاوى".
وبحسب تقارير سابقة، يرجع قضاة وقانونيون أسباب العنف الأسري، إلى البيئة المجتمعية والمشكلات المختلفة التي يتعرض لها الفرد كالازدحام السكاني وتدني مستوى الخدمات ومشكلة المأوى وارتفاع الكثافة السكانية وما يترتب عليها من إحباط للشخص حيث لا يمكنه تحقيق ذاته وتحقيق النجاح المنشود كإتاحة فرص العمل والوظائف فكل هذا يحثه على استخدام العنف، أيضا العادات والتقاليد التي تتباين من عائلة إلى أخرى وفرد عن آخر وان بعض تلك العادات والتقاليد تحمل أفكارا وعادات جاهلية لا تنسجم مع المجتمع وهي التي تميز بين الجنسين.
وعن الموقف القانوني وحقوق المعنفة، يوضح القاضي ناصر عمران، إن "السلوك العنيف هو وجودية فردية مترسخة في الذات البشرية وتضعف ويصيبها الوهن كلما اختفت تلك الظروف والمناخات، والعنف طبيعة لا تطبع وهو (سلوك معنوي أو مادي يستخدم القوة لإلحاق أذى بالآخرين، ويتمثل في الاستخدام العنيف للقوة ضد الأشخاص)".
ويعرج على أن "العنف من أهم القضايا المحورية التي تواجه المجتمع وليس هناك مجتمع مهما بلغت درجة تطوره ورقيه الاجتماعي خالٍ من آفة العنف"، لافتا إلى ان "أسبابه تعود إلى دوافع ذاتية تتكون في نفس الإنسان وعوامل وراثية ودوافع اقتصادية كالفقر والبطالة أو دوافع اجتماعية، ويلعب الوسط البيئي ومستوى الثقافة والوعي لدى الإفراد دورا كبيرا في ذلك".
ويشير القاضي إلى أن "للعنف أنواع منها؛ العنف المادي وهو استخدام القوة الجسدية بشكل متعمد تجاه الآخرين بهدف إيذائهم وإلحاق الضرر بهم سواء بالضرب أو القتل أو الاغتصاب، والعنف المعنوي، ويتجلى في منع الفرد من ممارسة حقه بحرمانه من التعبير عن أفكاره إضافة إلى استخدام عبارات الإهانة (التحقير والقدح والشتم)".
ويؤكد عمران إن "العنف الأسري يقع نتيجة تدهور العلاقات الأسرية داخل البيت خصوصاً بين الأزواج، ما يؤثر بشكل سلبي في الأبناء وهناك أنواعٌ أخرى من العنف كالعنف المدرسي والاقتصادي والسياسي ولكن العنف الأسري من أخطر أنواع العنف بحسب طبيعته النوعية كونه يشكل انتهاكاً صارخاً لروحية العلاقات الاجتماعية فكما كان البناء الاجتماعي سليماً كان المجتمع رصينا وقويا والعكس صحيح".
ويضيف أن "مجتمعنا بحاجة إلى تقوية دعائم الأسرة العراقية بتفعيل المواد الدستورية التي تلزم المؤسسات القانونية للدولة بسلطاتها الثلاث (التشريعية والتنفيذية والقضائية) بدعم الأسرة ورعايتها وتحقيق العيش الكريم لأفرادها، بالمقابل لا بدَّ من عمل بنيوي يعزز ثقة الأسرة بمعتقداتها وعاداتها الاجتماعية الإيجابية ويمنح الوئام والتراحم والمحبة الأسرية كمعالج وقائي للعلل والإمراض الاجتماعية المرافقة للتطورات التقنية والالكترونية وتشذيب الصالح منها وترك الطالح وكل ذلك لا يمكن إن يتحقق إلا من خلال فضاءات إعلامية منهجية ومدروسة تبعث الطاقة الايجابية وتنتصر للعلاقة الأسرية التي تجمع الاب والام والزوج والزوجة والأبناء والعلاقة في ما بينهم".
ويلفت إلى أن "تصدع العلاقات الأسرية وتفكك بنائها الاجتماعي أنتج زيادة ملحوظة في نسب الطلاق وإسقاطات ذلك على كيان الأسرة فقد ارتفعت نسب الجرائم الأسرية ادى إلى الاعتداءات التي يتعرض لها الآباء والأمهات والزوجات والأبناء والبنات والتي ينتج عنها في أحيان كثيرة ومع شديد الأسف جريمة الانتحار وخصوصاً النساء، وأهم أسبابه التعرض للعنف المنزلي".
ويقترح القاضي أن "تكون هناك حلول ومعالجات وقائية وهي الأكثر نجاعة من التنظيم القانوني القسري والعقوبات القانونية والتي لا يمكن أنْ تكون حلاً فهدف العقوبة هو الردع العام الذي يختفي عند حدوث الخلافات والمشكلات الاجتماعية داخل الآسرة الذي عززه القانون بالانحياز إلى الحق الشخصي على حساب الحق العام في قضايا العنف الأسري بين الأصول والفروع والأزواج، بل إنَّ كثيراً من المواد العقابية بحاجة إلى وقفة لإعادة صياغتها وتأهيلها قانونا لمواءمة العصر الحالي وبعضها لا بد من إلغائها ووجود قانون للعنف الأسري ضرورة لكنه لكي يعطي نتائجه الايجابية لا بدَّ من تحقق ضمانات اجتماعية واقتصادية وثقافية".
ويختم بالقول أن "خلق منظومة وقائية للحيلولة دون وقوع وانتشار جرائم العنف الأسري يتأتى من خلال رؤية مزدوجة يكون فيها الجانب الاجتماعي والاقتصادي والثقافي والتربوي جنباً الى جنب منتصراً لعلاقات أسريَّة إيجابيَّة قائمة على الود والاحترام والتفاهم الخلاق القادر على استيعاب الخلاف والاختلاف في فضاءات الحرية المحددة المنبثقة من الخصائص المميزة للأسرة العراقية وبشكل عملي يشعر فيه الجميع بضرورة التراحم والاحترام للنأي بالأسرة والمجتمع في ما بعد من جرائم العنف الأسري، وفقا للصحيفة.
وكانت الحكومة السابقة أقرت في عام 2020، مشروع قانون مناهضة العنف الأسري داخل مجلس الوزراء، وأرسلته إلى مجلس النواب لكن لم يتمكن من إقراره حتى الآن.
المصدر: السومرية العراقية
كلمات دلالية: العنف الأسری
إقرأ أيضاً:
العراق يختار الحكمة: براغماتية عراقية للنأي عن أزمات سوريا
16 ديسمبر، 2024
بغداد/المسلة: العراقيون يترقبون بقلق بالغ التطورات المتسارعة في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد.
ويتساءل الشارع العراقي عن انعكاسات الزلزال السياسي في الجارة المضطربة على الداخل العراقي، حيث تتشابك المصالح الإقليمية والدولية مع واقع سياسي معقد في بغداد.
وتظهر على السطح بوادر براغماتية واضحة في المواقف العراقية الرسمية. فقد دعا زعماء سياسيون بارزون، مثل رئيس تيار الحكمة عمار الحكيم، وزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، ورئيس الحكومة محمد شياع السوداني، إلى النأي بالنفس عن التدخل في الشأن السوري. ورغم الضغوط الإقليمية والدولية، فضلت تلك القيادات التركيز على حماية مصالح العراق وتجنيب البلاد الدخول في محاور التدخل الخارجي.
ووفق تغريدة لرئيس مركز أبحاث محلي، فإن “الموقف العراقي الحذر يعكس إدراكًا عميقًا لتعقيدات الساحة السورية وارتباطها بتوازنات القوى في المنطقة”. التغريدة أثارت تفاعلاً واسعاً بين الناشطين، حيث كتب أحدهم: “لعل العراق بحاجة إلى هذا النوع من الحكمة السياسية، بعد عقود من التدخلات التي أثقلت كاهل البلاد”.
وفيما تسعى الحكومة العراقية للتعامل مع تداعيات الأحداث، فإن قوى “الإطار التنسيقي” أوكلت المسؤولية كاملة إلى السوداني لمواجهة التحديات. ولكن الموقف لم يسلم من انتقادات. فقد قالت تغريدة لصحفي عراقي مستقل إن “الإطار التنسيقي يضع الحكومة في مواجهة مفتوحة مع مطالب الشارع والضغوط الأمريكية، دون تقديم دعم فعلي على الأرض”.
مصدر سياسي مطلع تحدث قائلاً إن زيارة ممثل الأمم المتحدة للعراق واجتماعه مع المرجع الأعلى السيد علي السيستاني تعكس حرص المجتمع الدولي على استيضاح رؤية النجف تجاه التحولات الإقليمية. وأشار المصدر إلى أن السيستاني أكد مجددًا أهمية تجنب أي تدخل عسكري أو سياسي في سوريا، مع التركيز على حماية وحدة العراق الداخلية.
القلق الشعبي من انعكاسات الساحة السورية يتقاطع مع ضغوط أمريكية متزايدة لإنهاء دور الفصائل المسلحة في العراق، وهو ما يزيد من تعقيد الموقف. مواطن من الموصل كتب في تعليق على فيسبوك: “سوريا سقط نظامها، لكن العراق لا يزال أسير لعبة الكبار. هل نتوقع تغييرات جذرية؟ لا أظن، لكن الرياح لا تزال عاصفة”.
تحليلات الخبراء تشير إلى أن العراق قد لا يشهد تغيرات سياسية كبيرة نتيجة ما جرى في سوريا. إذ يرى باحث اجتماعي أن “الوضع العراقي يختلف جوهريًا عن السوري. فهناك نظام ديمقراطي وانتخابات دورية، رغم كل التحديات، كما أن المجتمع العراقي يتمتع بحرية رأي نسبية وحقوق للأقليات”. وأضاف الباحث أن الانقسامات المجتمعية في العراق، رغم عمقها، ليست بالحدة التي شهدتها سوريا.
مع ذلك، فإن مخاوف ارتدادات الأحداث السورية تتجاوز السياسيين لتصل إلى المواطن العادي الذي يعيش تداعيات الأزمات المتلاحقة. مواطنة من بغداد علقت قائلة: “نخشى أن تكون هذه التحولات بداية لمرحلة جديدة من التصعيد، العراق لا يحتمل حرباً أخرى أو انهياراً اقتصادياً جديداً”.
وقال تحليل سياسي إن “الخيار العراقي الآن هو التوازن الدقيق بين المصالح الإيرانية والأمريكية، وهو توازن هش يتطلب قيادة حازمة وقدرة على إدارة الأزمات”.
وفي الوقت الذي يترقب فيه الجميع الخطوات القادمة، يبقى السؤال: هل سينجح العراق في العبور من زلزال الجارة سوريا دون أن تهتز أركانه؟
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author moh mohSee author's posts