الأسبوع:
2025-03-03@18:16:40 GMT

كل أسبوع.. كيف نصر الله؟

تاريخ النشر: 24th, October 2023 GMT

كل أسبوع.. كيف نصر الله؟

ختمت مقالي السابق بقوله تعالى: "يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم"، فكيف يكون نصر الله وهو الغني عن العالمين، والمستغني عن البشر أجمعين؟

أجمع أهل التفسير أن المراد هو: يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه، إن تنصروا دين الله بالجهاد في سبيله، والحكم بكتابه، وامتثال أوامره، واجتناب نواهيه، ينصركم الله على أعدائكم، ويثبت أقدامكم عند القتال.

فهذا أمر منه سبحانه وتعالى للمؤمنين، أن ينصروا الله بالقيام بدينه، والدعوة إليه، وجهاد أعدائه، وأن يقصدوا بذلك وجه الله ولا يشركوا به شيئا، فإنهم إذا فعلوا ذلك، نصرهم الله وثبت أقدامهم، أي: يربط على قلوبهم بالصبر والطمأنينة والثبات، ويصبر أجسامهم على ذلك، ويعينهم على أعدائهم، فهذا وعد من كريم صادق الوعد، أن الذي ينصره بالأقوال والأفعال سينصره مولاه، وييسر له أسباب النصر، من الثبات وغيره.

ونظير ذلك قوله تعالى: "ولينصرن الله من ينصره" وقالوا في ذلك: إن تنصروا نبي الله ينصركم الله، والمعنى واحد.

ويثبت أقدامكم أي عند القتال. وقيل: على الإسلام. وقيل: على الصراط. وقيل: المراد تثبيت القلوب بالأمن، فيكون تثبيت الأقدام عبارة عن النصر والمعونة في موطن الحرب.

وفى سورة الأنفال هذا المعنى، فيقول سبحانه وتعالى: "إذ يوحي ربك إلى الملائكة أني معكم فثبتوا الذين آمنوا" فأثبت في هذه الآية واسطة الملائكة في التثبيت، ونفاها في الآية الأولى ونسب التثبيت لنفسه بقوله: ".. ويثبت أقدامكم"، كقوله تعالى: "قل يتوفاكم ملك الموت" ثم نفاها بقوله: "الله الذي خلقكم ثم رزقكم ثم يميتكم.. " ومثل ذلك كثير في القرآن الكريم، فلا فاعل لشيء إلا الله وحده، إذ هو سبحانه مالك الملك ومدبر الأمر ويقول للشيء كن فيكون.

فيا أمة الإسلام، حكاما ومحكومين: نصر الله لكم على أعدائكم مرهون بنصر دينه والعمل بكتابه وبسنة نبيه، صلى الله عليه وسلم، فلن تفلح أمة الإسلام إلا بما صلح به أولها، ويبدأ الصلاح بنبذ الخلاف وتوحيد الصف وتأليف القلوب، وإدراك الواقع، والأخذ بالأسباب بإعداد العدة والاستعداد التام بالقوة اللازمة لخوض المعركة، ومعرفة حجم المخاطر الناجمة عن خوضها، ثم التوكل على الله حق توكله، والإيمان الجازم بأن النصر لا يكون إلا من عند الله تعالى، وبغير ذلك ستفشلوا وتذهب ريحكم كما هو الحال الآن.

قال الله تعالى في الآية 46 من سورة الأنفال: "وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ"

يقول ابن كثير في تفسير هذه الآية: أمرهم أن يطيعوا الله ورسوله في حالهم ذلك فما أمرهم الله تعالى به ائتمروا، وما نهاهم عنه انزجروا ولا يتنازعوا فيما بينهم أيضا فيختلفوا فيكون سببا لتخاذلهم وفشلهم، "وتذهب ريحكم" أي قوتكم وحدتكم وما كنتم فيه من الإقبال "واصبروا إن الله مع الصابرين".

وقد كان للصحابة رضى الله عنهم في باب الشجاعة والائتمار بما أمرهم الله ورسوله به وامتثال ما أرشدهم إليه ما لم يكن لأحد من الأمم والقرون قبلهم ولا يكون لأحد ممن بعدهم فإنهم ببركة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وطاعته فيما أمرهم فتحوا القلوب والأقاليم شرقا وغربا في المدة اليسيرة مع قلة عددهم بالنسبة إلى جيوش سائر الأقاليم من الروم والفرس والترك والصقالية والبربر والحبوش وأصناف السودان والقبط وطوائف بنى آدم.

لقد قهروا الجميع حتى علت كلمة الله وظهر دينه على سائر الأديان وامتدت الممالك الإسلامية في مشارق الأرض ومغاربها في أقل من ثلاثين سنة، فرضى الله عنهم وأرضاهم أجمعين وحشرنا في زمرتهم إنه كريم وهاب.

حفظ الله مصر وأهلها، وهدى أمتنا سبل السلام. [email protected]

اقرأ أيضاً«إنقاذ الطفولة»: استشهاد 2000 طفل في غزة والعمليات الجراحية تُجرى على الأرض

الجارديان تسلط الضوء على معاناة سكان غزة جراء الحصار على القطاع

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: فلسطين غزة نصر الله

إقرأ أيضاً:

لماذا فرض الله صيام رمضان؟.. احذر إفطار هذا اليوم يعرضك لوعيد شديد

جاءت الإجابة عن استفهام  لماذا فرض الله الصيام في رمضان ؟ في قوله تعالى: «يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ» الآية 183 من سورة البقرة، عن تفسيرها قال مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، إن الآية الكريمة تتحدث عن فرضية الصيام، وتبين لماذا فرض الله الصيام في رمضان ؟.

دعاء بعد الفجر في رمضان.. 3 آيات من سورة البقرة تعجل زواجكهل تأخير الاغتسال من الجنابة في رمضان إلى بعد الفجر يبطل الصيام؟لماذا فرض الله الصيام في رمضان

وأوضح «مركز الأزهر» لماذا فرض الله الصيام في رمضان ؟ ، في شرحه للآية الكريمة، أنه سبحانه وتعالى يقول يا أيها الذين آمنوا بالله وصدقوا رسوله صلى الله عليه وسلم قد فرض الله عليكم الصيام كما فرضه على الأمم قبلكم؛ ومعنى هذا أن الصيام عبادة قديمة لم يترك الله تعالى أمة من الأمم السابقة إلا افترضه عليها، لعلكم تتقون ربكم، فتجعلون بينكم وبين المعاصي وقاية بطاعته وعبادته وحده لا شريك له.

وتابع: فقد اُفْتُتِحت الآية الكريمة بنداء المؤمنين، الصادقين في إيمانهم، الموقنين بربهم، المخلصين في عبادتهم، لإثارة انتباه أسماعهم، وتشويق نفوسهم إلى ما يُلْقى على قلوبهم، من أوامرٍ إلهية، وهداياتٍ ربَّانية، فتقع منهم موقع الجِدِّ والامتثال،{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا}.

فرضية صيام شهر رمضان

وأفاد بأن الآية بيَّنت ماهية الأمر الإلهي، وهو فرضية صيام شهر رمضان المبارك{كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ}، والكتابة هنا: بمعنى الفرض، أي إن صيام رمضان فريضة على كل مؤمن ومؤمنة، بالغٍ، عاقلٍ، مُقيمٍ، صحيحٍ، خالٍ من الأعذار المبيحة للإفطار، لا يحل إفطاره دون عُذْر شرعي، والصِّيام: هو الامتناع عن شهوتي البطن والفرج في نهار رمضان.

وأضاف أن الصوم عبادة من أَجَلِّ العبادات وأعظمها ثوابًا، حيث اختص الله تعالى بتقدير ثواب الصائم فقال النبي –صلى الله عليه وسلم-: «يَقُولُ اللهُ تعالى: الصَّوْمُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَأَكْلَهُ وَشُرْبَهُ مِنْ أَجْلِي».

ينقص ثواب الصيام

وأكد أن من صامه إيمانًا بالله ورسوله، واحتسابًا لأجره وثوابه عند الله - عز وجل - لا رياءً ولا سمعةً، محافظًا عليه مما يُنْقص ثوابه، من الغيبة والنَّميمة، وأكلِ أموال الناس بالباطل، غفر الله له ذنوبه، وأعدَّ له الثواب الجزيل، في جنات النعيم، ودخَلَها من بابٍ يقال له باب الرَّيَّان، لا يدخل منه إلا الصائمون المحتسبون.

من أفطر يوما واحدا في رمضان

وواصل: أما من أفطر يومًا واحدًا في نهار رمضان، جهارًا نهارًا، دون عُذْرٍ شَرْعي، وانتهك حُرْمة هذا الشهر الفضيل، لا يُعوِّضه صيام الدَّهر كلِه، لفضل الزَّمان وعظمته، واستحق اللعن والغضب من الله - عزَّ وجل -، والوعيد الشديد يوم الحساب.

الصِّيام ليس عبادة خاصة بالأمة المحمدية

وأشار إلى أن الصِّيام ليس عبادة خاصة بالأمة المحمدية، وإنما فُرِض على كثيرٍ من الأمم السابقة، { كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ }أي: كما فُرِض على الذين من قبلكم من الأمم السابقة، وذلك لأهمية الصيام في حياة الأمم والشعوب، إذ به تُربى النُّفوس على العزيمة والإصرار، وقوةِ التَّحمُّل وقت الأزمات والشدائد، والصبر على الجوع والعطش، في السِّلم والحرب، ويشعر الغني بحاجة الفقير والمسكين، والقوي بالضعيف، وتصفو الأرواح، وتزداد تعلقًا ببارئها وخالقها، في شهر الصيام، شهر القرآن والذكر والتسبيح.

الثمرة المرجُوَّة من الصيام

وختمت الآية الكريمة بالحديث عن الثمرة المرجُوَّة من الصيام، والغاية النَّبيلة منه، وهي تحقيق تقوى الله في نفس الصائم،{ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}، والتقوى: من الوقاية، أي وقاية المؤمن من الوقوع فيما يُغْضب الله - عزَّ وجل -، فهي: فعل كل ما أمر الله عزَّ وجل به، والانتهاء عما نهى الله عنه.
فيخرج المؤمن من شهر رمضان، مُزوَّدًا بشُحْنةٍ إيمانيةٍ ربانيةٍ، يستنيرُ بها في سائر الشُّهور، ويستضيء بها في دُروب حياته، وأشواكها، ويستعين بها على فعل الطاعات، ونيل الدرجات، وترك المنكرات.

وحذر مما يفعله بعض المسلمين من الإقبال على الطاعة والعبادة في شهر الصَّوم، ثم الانقطاع عنها بمجرد انقضاء هذا الشهر الفضيل، فهو سلوك يتنافى مع الثمرة المرجُوَّة من الصِّيام وهو غرس التقوى في نفوس المؤمنين طيلة العام، وديمومة العبادة واستمرارها وإن قَلَّت. {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} [الحجر: 99]. أي حتى يأتيك الموت.

شرع الإسلام لهذه الفريضة قانونها الخاص

ونبه إلى أنه قد شرع الإسلام لهذه الفريضة قانونها الخاص بها، من شروط وأركان وسنن ومندوبات إذا روعيت فيها صحت تلك العبادة وكملت.

وواصل: ولكل عبادة محظورات ومكروهات لا بد من معرفتها؛ لتجنبها، فإذا وقع فيها محظور بطلت، وإذا وقع فيها مكروه جنح بها عن الكمال، وكذا في كل عبادة أمور مباحة ترْكُها وفِعْلُها سواء في عدم الضرر والتأثير، لذلك كان على المكلَّف التمييز بين هذه الأمور التي تعرض لهذه العبادة -عبادة الصوم- حتى يحققها على الوجه الذي يرضى عنه الله تعالى، فيحصل بها الإجزاء في عالم الدنيا، والثواب الجزيل في الآخرة.

مقالات مشابهة

  • كم عدد الطيور التي أمر الله إبراهيم بتوزيعها على الجبل؟
  • تهنئة رمضانية من أبو تريكة إلى أهل غزة أفضل بشر على كوكب الأرض
  • لماذا فرض الله صيام رمضان؟.. احذر إفطار هذا اليوم يعرضك لوعيد شديد
  • “فليصمه”
  • بالفيديو.. عصام الروبي: صلاح البال منحة ربانية للمؤمنين الصادقين
  • القرآن حذر منه.. أخطر أشكال الفساد يدمّر الحرث والنسل
  • افتقدناك في هذا الشهر الكريم أخانا وشيخنا وابننا ووالدنا يوسف فضل الله
  • كيف نستقبل رمضان؟ 10 نصائح تجعلك تفوز بالشهر الكريم لا تفوّتها
  • «رمضان» شهر التقوى والمغفرة
  • «مفتي الجمهورية»: رمضان شهر للتربية الروحية والرجوع إلى الله