في عمود بواشنطن بوست.. جوش بول يكتب: لهذا السبب قدمت استقالتي من وزارة الخارجية الاميركية
تاريخ النشر: 24th, October 2023 GMT
عملت في إدارة الدولة المسؤولة عن نقل الأسلحة والمساعدات الأمنية المقدمة للحكومات الأجنبية على مدى تجاوز عقد من الزمن.
وقد شاركت في تلك الفترة، في العديد من المناقشات المعقدة والتي تشكل معضلة أخلاقياً بشأن أين يجب إرسال هذه الأسلحة.
لكنني لم أشهد حتى هذا الشهر نقلاً معقداً ويشكل معضلة أخلاقية في غياب اي امكانية للمناقشة.
إن الفرضية الأساسية للمساعدة العسكرية الأمريكية لإسرائيل منذ اتفاقات أوسلو هي "الأمن مقابل السلام" - فكرة أنه إذا شعرت إسرائيل بالأمان، بما في ذلك من خلال توفير مليارات الدولارات من نقل الأسلحة الممولة من الولايات المتحدة كل عام، فإنه يمكنها تقديم التنازلات بسهولة أكبر تسمح بظهور دولة فلسطينية. (وهذا هو أيضًا العمل الأساسي لمنسق الأمن الأمريكي، وهي مبادرة تابعة لوزارة الخارجية عملت فيها في رام الله لمدة عام).
ولكن تشير سجلات التاريخ إلى أن الأسلحة التي وفرتها الولايات المتحدة لم تدفع إسرائيل إلى السلام بل على العكس، لقد سهلت نمو بنية تحتية للمستوطنات في الضفة الغربية، تجعل قيام الدولة الفلسطينية أمرًا مستبعدًا بشكل متزايد، في حين أن القصف في قطاع غزة المكتظ بالسكان ألحق صدمات جماعية وإصابات، من دون أن يسهم في الأمن الإسرائيلي.
في السابع من أكتوبر، عندما ذبحت حماس المدنيين الإسرائيليين، شعرت بالغثيان، بسبب رعب ما يلحق بالأبرياء ولأنني كنت أعرف ما سيأتي بعد ذلك.
لإسرائيل الحق في الدفاع عن النفس، ولكن سجل البلد على مدار أكثر من نصف دستة من الاشتباكات الرئيسية خلال 15 عامًا الماضية يشير إلى أن آلاف المدنيين الفلسطينيين سيموتون في العملية.
على النحو المتوقع، بدأت طلبات إسرائيل للذخائر في الوصول على الفور، بما في ذلك مجموعة متنوعة من الأسلحة التي لا يمكن استخدامها في الصراع الحالي.
استحقت هذه الطلبات الاهتمام الذي من المفترض أن نوليه لأي حزمة أسلحة كبيرة، ودفعت نحو اجراء مناقشة صريحة وقوبل حثي بالصمت - والتوجيه كان واضحا في اننا بحاجة إلى التحرك بأسرع وقت ممكن لتلبية طلبات إسرائيل.
كان الكونغرس نفسه الذي سبق أن حظر مبيعات الأسلحة إلى أنظمة أخرى ذات سجلات حقوق إنسان مشكوك فيها، يضغط علينا الآن للمضي قدماً لتلبية مطالب إسرائيل.
إن فكرة وجوب عدم استخدام الأسلحة الأمريكية لقتل المدنيين لم تكن فكرة مثيرة للجدل في أي من الإدارات الأربع التي عملت فيها، بدءاً من عملي في مساعدة إعادة بناء القطاع الأمني العراقي في 2004-2006.
في وقت سابق من هذا العام، عزز البيت الأبيض من الحماية ضد مثل هذه الأمور على ما يبدو.
تضع سياسة نقل الأسلحة التقليدية الجديدة الخاصة بإدارة بايدن معيارًا مفاده أنه لن يتم الترخيص بنقل السلاح إذا كان من المرجح استخدام الأسلحة لانتهاك حقوق الإنسان.
أبلغت وزارة الخارجية جميع سفاراتها في أغسطس/آب، بإرشادات جديدة للاستجابة لحوادث الضرر المدني (CHIRG)، والتي تحدد مجموعة من الإجراءات التي يتعين اتخاذها بعد ورود تقرير عن حدوث ضرر مدني ناجم عن استخدام أسلحة أمريكية المنشأ.
إن المخاطر من أن الأسلحة الأمريكية المقدمة لإسرائيل، وخاصة ذخائر جو-ارض، ستلحق الضرر بالمدنيين وتنتهك حقوق الإنسان واضحة، لكن وزارة الخارجية كانت مصرة للغاية على تجنب أي نقاش بشأن هذه المخاطر، حتى أن نشر إصدار وزارة معلق بشأن الاستجابة لحوادث الضرر المدني تم حظره.
يمثل هذا، على الأقل خلال تجربتي، عدم استعداد غير مسبوق للنظر في العواقب الإنسانية لقرارات سياستنا.
إدارة التناقض بين مخاوف حقوق الإنسان وطلبات شركائنا هي جزء معروف وصحي من عملية صنع السياسات المتعلقة بنقل الأسلحة.
الكثير من الناس الطيبين يتعاونون لضمان أن مثل هذه الصفقات العسكرية تعزز العلاقات الأمريكية مع الالتزام بمعايير القانون والسياسة والضمير.
وتشتعل المناقشات عادة داخل المكتب وعبر وزارة الخارجية بمستوى من التفاصيل التي أعتقد أنها ستجعل معظم الأمريكيين فخورين.
إن المناقشات العنيفة في الوزارة بشأن توفير الذخائر العنقودية لأوكرانيا، على سبيل المثال، تُظهر أن مثل هذه المناقشة ممكنة حتى في خضم الأزمة.
إن غياب الاستعداد لعقد هذه المناقشة فيما يتعلق بإسرائيل ليس دليلاً على التزامنا بأمن إسرائيل بل هو دليل على التزامنا بسياسة اثبت التاريخ أنها طريق مسدود - ودليل على استعدادنا للتخلي عن قيمنا وغض الطرف عن معاناة ملايين الناس في غزة عندما يكون ذلك ملائمًا سياسيًا.
هذه ليست وزارة الخارجية التي أعرفها ولهذا السبب اضطررت إلى مغادرتها.
المصدر: الموقع بوست
كلمات دلالية: فلسطين اسرائيل أمريكا جوش بول وزارة الخارجیة
إقرأ أيضاً:
باراك يفجّر قنبلة ويستبعد عودة قريبة للقتال في غزة.. لهذا السبب
فجّر رئيس الوزراء الإسرائيلي ووزير الجيش ورئيس الأركان السابق إيهود باراك، اليوم الأحد، ما وصفتها صحيفة "معاريف" العبرية "قنبلة"، فيما يتعلق باستئناف الحرب على قطاع غزة وعودة القتال، وذلك في ظل انتهاء المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار وتعثر البدء بالمرحلة الثانية.
واستبعد باراك عودة القتال في غزة خلال الأسبوع الجاري، موضحا أن "قرار رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ليس بسبب شهر رمضان، بل لأنه يحتاج إلى السلام بسبب الميزانية"، وفق قوله.
ونقلت "معاريف" تصريحات باراك التي أدلى بها للقناة الثانية العبرية، أن "ترامب نفسه لا ينظر إلى اقتراح تهجير أهالي غزة كشيء عملي وقابل للتنفيذ"، مضيفا أن "الحكومة الإسرائيلية وحدها هي المسؤولة عن تحديد خطواتها، وليست ترامب أو أي شخص آخر".
وتابع قائلا: "لن تكون هناك حرب في الأسابيع المقبلة، ليس بسبب شهر رمضان، بل لأسباب نتنياهو الحقيقية"، مبينا أن "نتنياهو يحتاج الآن إلى استراحة لمدة شهر لتمرير الميزانية".
ورأى أن تلويح نتنياهو بزيادة الضغوط العسكرية والعودة للحرب ووقف المساعدات، يأتي في إطار التهديد بالحرب، مشددا على أنه لديه مصلحة في الاحتفاظ بجميع الأسرى الإسرائيليين، لأنه بحال ساءت الأمور وعادت الحرب، فإنها تهدد حياتهم وقد تؤدي إلى مقتلهم مثلما حدث مع أسرى سابقين.
وكانت هيئة البث العبرية قد أكدت أن الحكومة الإسرائيلية أمرت الجيش بإغلاق كافة معابر قطاع غزة، ومنع دخول شحنات المساعدات المخصصة للقطاع.
وأشارت القناة 14 العبرية، إلى أن قرار حكومة نتنياهو اتخذ عقب المشاورات الأمنية مساء أمس، بالتنسيق مع الجانب الأمريكي، عقب انتهاء المرحلة الأولى من وقف إطلاق النار، ورفض الاحتلال الدخول في المرحلة الثانية من المفاوضات.
من جانبها، قالت القناة 12 العبرية، إن حكومة نتنياهو، وافقت صباح اليوم، على إمكانية استدعاء 400 ألف جندي احتياطي إضافي.
وقال رئيس حكومة الاحتلال نتنياهو، في تصريحات، إن دخول كافة البضائع والإمدادات إلى قطاع غزة، سيتوقف بدءا من صباح اليوم الأحد.
ولفت إلى أن القرار اتخذ مع انتهاء المرحلة الأولى من الصفقة، ولرفض حركة حماس قبول مخطط ويتكوف لمواصلة المحادثات، والذي يقترح تسليم نصف عدد أسرى الاحتلال، مقابل 42 يوما من الهدوء تبحث بعدها المفاوضات، وهو ما رفضته حركة حماس لتعارضه مع الاتفاق.