أوباما: أؤيد دعم بايدن لإسرائيل.. ولكن
تاريخ النشر: 24th, October 2023 GMT
قال الرئيس الأمريكي الأسبق، باراك أوباما، الإثنين، إن قرار الحكومة الإسرائيلية بـ"قطع الغذاء والماء والكهرباء عن السكان المدنيين في غزة لا يهدد بتفاقم الأزمة الإنسانية المتفاقمة فحسب، بل يزيد من تصلب المواقف الفلسطينية لأجيال، ويؤدي إلى تآكل الدعم العالمي لإسرائيل، ويقوض الجهود طويلة المدى لتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة".
وأكد أوباما، في بيان، أن "لإسرائيل الحق في الدفاع عن مواطنيها ضد مثل هذا العنف الوحشي" في إشارة إلى عملية طوفان الأقصى التي أطلقتها حركة حماس، مضيفا: "أنا أؤيد تماما دعوة الرئيس بايدن للولايات المتحدة لدعم حليفتنا منذ فترة طويلة في ملاحقة حماس، وتفكيك قدراتها العسكرية، وتسهيل العودة الآمنة لمئات الرهائن إلى أسرهم"، وفقا لما أوردته شبكة CNN.
وتابع: "لكن حتى ونحن ندعم إسرائيل، ينبغي لنا أيضا أن نكون واضحين بشأن الكيفية التي ستشن بها إسرائيل هذا القتال ضد حماس، وهو أمر مهم، ومن المهم على وجه الخصوص كما أكد الرئيس بايدن مرارا وتكرارا أن تلتزم الاستراتيجية العسكرية الإسرائيلية بالقانون الدولي، بما في ذلك تلك القوانين التي تسعى إلى تجنب موت أو معاناة السكان المدنيين، إلى أقصى حد ممكن".
وذكر أوباما أن "التمسك بهذه القيم أمر مهم في حد ذاته، لأنه عادل أخلاقيا ويعكس إيماننا بالقيمة المتأصلة في كل حياة إنسانية، والتمسك بهذه القيم أمر حيوي أيضا لبناء التحالفات وتشكيل الرأي العام الدولي وكلها أمور بالغة الأهمية لأمن إسرائيل على المدى الطويل".
اقرأ أيضاً
بايدن يدعم حرب نتنياهو ويدعو إلى استمرار تدفق المساعدات إلى غزة
وأشار الرئيس الأمريكي الأسبق إلى أن "هذه مهمة صعبة للغاية، فالحرب مأساوية دائما، وحتى العمليات العسكرية المخطط لها بعناية غالبا ما تعرض المدنيين للخطر".
وتابع أوباما: "كما أشار الرئيس بايدن خلال زيارته الأخيرة لإسرائيل، فإن أمريكا نفسها فشلت في بعض الأحيان في الوفاء بقيمنا العليا عندما انخرطت في الحرب، وفي أعقاب أحداث 11 سبتمبر/ أيلول، لم تكن الحكومة الأمريكية مهتمة بالاستجابة لنصيحة حتى حلفائنا عندما يتعلق الأمر بالخطوات التي اتخذناها لحماية أنفسنا من تنظيم القاعدة".
ولفت إلى أن "العالم يراقب عن كثب الأحداث الجارية في المنطقة، وأي استراتيجية عسكرية إسرائيلية تتجاهل الخسائر البشرية قد تأتي بنتائج عكسية في نهاية المطاف"، منوها إلى أن: "آلاف الفلسطينيين قتلوا بالفعل في قصف غزة، وكان العديد منهم من الأطفال، وأُجبر مئات الآلاف على ترك منازلهم".
وأردف أوباما: "لذلك فمن المهم أن يقوم أولئك الذين يدعمون إسرائيل في وقت حاجتها بتشجيع استراتيجية يمكن أن تشل قدرة حماس مع تقليل المزيد من الخسائر في صفوف المدنيين".
يذكر أن إسرائيل قتلت، حتى مساء الإثنين، ما يزيد عن 5087 فلسطينيا، بينهم 2055 طفلا و1119 سيدة وأصابت 15273 شخصا، بحسب وزارة الصحة في القطاع، بالإضافة إلى عدد غير محدد من المفقودين تحت الأنقاض.
اقرأ أيضاً
أكسيوس: إدارة بايدن أوفدت ضباطاً أمريكيين كباراً لمساعدة إسرائيل في اجتياح غزة
المصدر | الخليج الجديد + CNNالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: غزة باراك أوباما إسرائيل حماس جو بايدن
إقرأ أيضاً:
إسرائيل وهندسة سياسة التجويع في غزة
بقلم: د.حامد محمود
مستشار مركز العرب للدراسات الاستراتيجية
القاهرة (زمان التركية)_ “فخ الموت”.. أو “مصيدة الموت”.. بهذه المسميات وصفت فرانشيسكا ألبانيز، المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية، الوضع في غزة، منتقدة إسرائيل والإدارة الأمريكية والشركات الداعمة لها، وهو ما دفع إدارة ترامب إلى فرض عقوبات على المسؤولة الأممية، واصفة جهودها بأنها “غير مشروعة ومخزية” لدفع المحكمة الجنائية الدولية إلى اتخاذ إجراءات ضد مسؤولين وشركات ومديرين تنفيذيين أمريكيين وإسرائيليين.
ويُعد هذا القرار أحدث جهد من جانب الولايات المتحدة لمعاقبة من يحققون في الجرائم المزعومة التي ارتكبتها إسرائيل مع استمرار الحرب في غزة.
وفي الحقيقة، فإنه لا يكاد يمر يوم دون أن يتفاقم المشهد الإنساني في قطاع غزة، حيث تحوّلت مراكز توزيع المساعدات إلى ساحة جديدة للصراع، ليس فقط بين الجوعى واليائسين، بل بين أطراف تتنازعها مصالح ضيقة وسياسات قاتلة. فبينما يستمر الاحتلال الإسرائيلي في حصاره المشدَّد، الذي حوّل القطاع إلى جحيم لا يُطاق، تبرز تقارير ميدانية عن تورّط عناصر من حماس في عرقلة توزيع المساعدات، بل ومصادرتها لصالح “المقاومة” وأتباعها. المشهد لا يخلو من مأساوية مفرطة: شعب يُذبح جوعًا، وسلطة حاكمة تُحوّل قوافل الغذاء إلى ورقة ضغط، وعدوان إسرائيلي يُحكم الخناق على كل منفذ حياة.
التقارير المتواترة، واللقطات الميدانية المؤلمة، تُظهر بوضوح محاولات متعمّدة لعرقلة وتوجيه مسار المساعدات. الحديث هنا ليس عن الفوضى العفوية التي قد تنجم عن اليأس، بل عن ممارسات منظمة، تُشير بأصابع الاتهام إلى أطراف تسعى لفرض سيطرتها على شريان الحياة الوحيد المتبقي للسكان. وفي هذا السياق، تبرز الاتهامات الموجهة لحركة حماس، والتي تتحدث عن تدخلات تُعيق وصول المساعدات إلى مستحقيها، سواء من خلال الاستيلاء عليها أو تعطيل عمليات التوزيع. إن هذه المحددات – إن صحّت – ليست مجرد خرق للقوانين الدولية، بل هي كارثة إنسانية بحد ذاتها، تُضاف إلى كوارث القطاع اللانهائية. فماذا سيحدث إذا استمرت هذه التهديدات أو اشتدت وتيرتها؟ السؤال لا يحتاج إلى كثير من التكهنات للإجابة عليه؛ فالنتيجة المحتملة هي انهيار شبه كامل لشبكة المساعدات الإنسانية.
تدهور الوضع الأمني حول مراكز التوزيع ليس مجرد قضية لوجستية، بل هو مؤشر خطير على تصاعد حالة اليأس والاحتقان داخل القطاع. فعندما تُعيق المساعدات عن الوصول إلى مستحقيها، تتفاقم الأزمة الإنسانية، ويتحوّل الجوع من مجرد تحدٍّ إلى سلاح. والسؤال الذي يطرح نفسه بقوة هو: من سيتضرر من هذا الوضع؟ الإجابة واضحة ومؤلمة: سكان غزة، الأطفال والنساء والشيوخ، الذين باتوا يعيشون على هامش الحياة، ينتظرون بصيص أمل من شاحنات المساعدات.
إن استمرار هذه الممارسات يعني دفع القطاع نحو شفير الهاوية. فإذا أُجبرت المنظمات الإنسانية على تعليق عملياتها، أو حتى تقليصها بشكل كبير بسبب المخاوف الأمنية، فإن الكارثة الإنسانية ستكتمل فصولها. من سيضمن وصول الغذاء والدواء والماء إلى مئات الآلاف من السكان في حال انهيار هذه الشبكة الهشّة؟ هل ستتمكن الأطراف المحلية من سدّ هذا الفراغ الهائل؟ وهل ستكون قادرة على إدارة عملية توزيع عادلة وشفافة في ظل أجواء الفوضى والتوتر؟ الشواهد الحالية لا تُبشّر بخير، بل تُنذر بمزيد من التعقيدات والمآسي.
ولا يمكن تحميل حماس وحدها مسؤولية هذه الأزمة؛ فالاحتلال الإسرائيلي يتحمّل الجانب الأكبر من الكارثة. فمنذ بداية الحرب، فرضت إسرائيل حصارًا كاملاً على القطاع، منعت بموجبه دخول الغذاء والدواء والوقود، بل وحتى المياه. ثم سمحت لاحقًا بكميات محدودة من المساعدات، لكنها ظلّت غير كافية، ومتعمدة في إبطاء دخولها عبر تعقيد الإجراءات عند معبر كرم أبو سالم.
الأرقام مخيفة: أكثر من نصف مليون شخص في غزة على حافة المجاعة، وفقًا لمنظمة “اليونيسف”، بينما تحرق إسرائيل المحاصيل وتمنع الصيادين من الوصول إلى البحر. بل إن هناك تقارير تفيد بأن الجيش الإسرائيلي استهدف بشكل متعمد قوافل المساعدات، كما حدث قبل أسابيع، حيث قُتل عشرات الفلسطينيين أثناء انتظارهم للحصول على الغذاء.
السيناريو الأسوأ ليس بعيدًا. فإذا استمرت إسرائيل في تقييد المساعدات، واستمرت حماس في عرقلة توزيعها، فإن النتيجة ستكون مجاعة حقيقية قد تقتل آلافًا دون رصاصة واحدة. الأمم المتحدة حذّرت من أن القطاع على بُعد خطوات من الانهيار الكامل، حيث لم يعُد هناك أي نظام صحي أو أمني قادر على احتواء الأزمة.
السؤال الأهم: من سيتحمل المسؤولية حينها؟ إسرائيل ستُلقي باللائمة على حماس، وحماس ستتهم الاحتلال، بينما الشعب الفلسطيني سيدفع الثمن. المجتمع الدولي، الذي وقف عاجزًا أمام الإبادة المستمرة، لن يكون قادرًا إلا على إصدار بيانات استنكار، بينما تتحول غزة إلى مقبرة مفتوحة.
المأساة في غزة لم تعُد تحتمل المزيد من التسييس. المساعدات الإنسانية ليست منّة من أحد، بل حق أساسي يكفله القانون الدولي. أي عرقلة لها، سواء من الاحتلال أو من السلطات المحلية، هي جريمة ضد الإنسانية. آن الأوان لوقف هذه الآلة القاتلة، وإجبار إسرائيل على فتح المعابر بشكل كامل، وفرض رقابة دولية على توزيع الغذاء لضمان وصوله للمدنيين دون عوائق.
غزة تموت، والوقت لم يعُد يُضيَّع في الصراعات الجانبية. فإمّا إنقاذ شامل، أو كارثة ستُذكر كوصمة عار في تاريخ العالم.
Tags: إسرائيلغزةهندسة سياسة التجويع في غزة