العدوان الإسرائيلي على فلسطين: أي أثر نفسي لمشاهد الحرب علينا في لبنان؟
تاريخ النشر: 24th, October 2023 GMT
"في حزن وسع المدى"... كلمات معدودة لأغنية تكاد لا تفارق المشاهد القاسية واللإنسانية للحرب الإسرائيلية على غزة. وفي حين أن الحزن لم تعد يكفي، يجتاحك فجأة خليط من مشاعر الخوف، الغضب، العجز والذنب. والواقع الأكثر إيلاماً هو أننا بتنا في زمن يتقاتل فيه "المؤثرون" عبر مواقع التواصل الإجتماعي لمسابقة المنصات الإخبارية في نشر المشاهد المؤلمة للحرب في غزة- لركوب موجة التضامن والتعاطف من خلف الشاشة- لجذب المزيد من المتابعين، ولا مهرب من مشاهدتها في أي وقت.
فأي أثر نفسي لمشاهد الحرب علينا؟
لم تتوقف القوات الإسرائيلية منذ أكثر من أسبوعين عن قصف قطاع غزة، ما أسفر عن مقتل حوالي الـ4000 شخص معظمهم من المدنيين، بحسب وزارة الصحة الفلسطينية، إثر الهجوم المفاجئ في 7 تشرين الأول الذي شنته حركة "حماس" عليها تحت عنوان "طوفان الأقصى". مشاكل صحية عقلية خطيرة
وفي إطار مواكبة أخبار الحرب، قد تتفاوت نسبة القلق بين اللبنانيين إلا أن أي جلسة بينهم تكاد لا تخلو من سؤال واحد: "في حرب أو ما في؟". وهذا بديهي بالنسبة لوطن عانى الأمرّين من الإجرام الإسرائيلي، فجاءت صور الجثث وأشلاء الضحايا، فضلاً عن صفارات الإنذار وأوامر التوجه نحو الملاجئ وعويل النساء الثكالى والأرامل، لتعيد إلى السطح ما حاول اللبنانيون طوال عقود أن يلفظوه من ذاكرتهم.
وفي إفادة صحافية سابقة لها، ذكرت منظمة الصحة العالمية أنه في حالات النزاع المسلح، "سيعاني حوالي 10% من الأشخاص الذين يتعرضون لأحداث صادمة من مشاكل صحية عقلية خطيرة، وسيتطور لدى 10% آخرين سلوكيات من شأنها أن تعيق قدرتهم على العمل بفعالية".
وأشارت إلى أن الاكتئاب والقلق والمشاكل النفسية الجسدية مثل الأرق هي من أكثر الآثار شيوعاً، في وقت ثلاث مجموعات هي الأكثر عرضة لعواقب سلبية على الصحة العقلية:
- المدنيون داخل الوطن المستهدف
- الجنود على جانبي الصراع
- أولئك الذين يستهلكون الصور ومقاطع الفيديو والصوت الخاصة بالحرب من خلال تطبيقات الوسائط الاجتماعية والتلفزيون والراديو والويب. الشخصية تلعب دوراً كبيراً
وفي الواقع، حين يشاهد الفرد المشاهد الدموية والمؤلمة، تتطور لديه مشاعر الضغط، وبالتالي تتغير آلية ووضع الدماغ والجسم، فيصبح هرمون الكورتيزول والأدرينالين ومشاعر الغضب هي المهيمنة عليه، ما يؤدي إلى خلق آليات دفاعية معينة، بحسب الإختصاصية في علم النفس العيادي والأستاذة الجامعية د. كارول سعادة.
وأضافت سعادة في حديث لـ"لبنان 24"، أن بعض الأشخاص يحاولون في هذا الإطار الهرب من الأخبار المتعلقة بالحرب ومن المشاهد الصعبة جداً، بينما آخرون قد يشعرون بالذنب لعدم قدرتهم على إنهاء الظلم الواقع ولعدم قدرتهم على المساعدة في التخفيف عن المتضررين من الحرب.
وشددت على أن التأثر بكل ما يحصل يختلف بحسب شخصية الإنسان وبمدى قدرته على التعاطف مع الآخرين، لافتة إلى أن كثر قد يصابون بحالات القلق والإكتئآب الشديدين، وقد تتأثر صحتهم النفسية بشكل عام فضلاً عن شعورهم باضطرابات النوم وتوقف القدرة الإنتاجية في حياتهم المهنية والإجتماعية.
كما أكدت سعادة أن "الشعب اللبناني لا يعيش خوفاً ظرفياً، بل باتت مشاعر الخوف تلازمه منذ سنوات طويلة"، قائلة: "وكأن حقيبة السفر دائمة جاهزة إلا أن الوجهة غير معلومة".
من هنا، شددت على أن كل ما يحصل إقليمياً يفاقم من الحالة غير الصحية التي يعيشها الشعب اللبناني، موضحة أن المرونة النفسية لم تعد متاحة لأنها استنزفت، فبات من الصعب على المواطنين عدم التأثر بكل هذه العوامل الجديدة نسبياً. هل يمكن تفادي هذه المشاعر؟
وأضافت سعادة: "باستطاعة الكثيرين التعبير عمّا يشعرون به من خلال العنف تجاه الآخرين، أو عبر العصبية الزائدة، بينما يلجأ آخرون للطعام أو نحو سلوكيات إدمانية كتعاطي الأدوية المهدئة"، لافنة إلى أن الشعور بالذنب قد يلازم الكثيرين إزاء أبسط الأمور كقدرتهم على تناول الطعام أو حتى التنفس بطريقة طبيعية، بينما الشعب المظلوم الذي يعيش الحرب ليس لديه هذه "الرفاهية".
كما كشفت أنه في هذا الوضع الأليم، لا يشاهد الأفراد حقيقة معينة بطريقة مشوهة معرفياً، فلا يمكن تفادي المشاعر الناجمة عن هذه الحقيقة بشكل مباشر لأن هذا الأمر سيدخلنا في حالة نكران الواقع، الأمر الذي قد يؤدي على المدى الأبعد إلى أن تظهر عواقبه بطريقة جسدية.
ودعت سعادة الأفراد إلى معرفة المشاعر التي يمرّون بها وإلى تقبّلها لأنها باتت في صميم حياتهم وقد تؤثر على مجرياتها لاحقاً، ومحاولة خلق توازن ما من خلال اللجوء إلى بعض السلوكيات لتحسين صحتهم النفسية كالصلاة، التأمل والرياضة وغيرها.
لا تندمل الجروح العميقة التي تخلّفها الحروب والصراعات مهما مضت الأيام، خاصة وأننا نعيش في بيئة جيوسياسية غير سويّة. فما علينا إذاً سوى عيش كل يوم بيومه، عملاً منّا بالمبدأ الفيروزي "إيه في أمل"... المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: إلى أن
إقرأ أيضاً:
ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي على لبنان إلى 3670 قتيلا
أعلنت وزارة الصحة اللبنانية، مساء السبت، ارتفاع حصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي المتواصل على البلاد منذ 8 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، إلى "3 آلاف و670 شهيدا و15 ألفا و413 جريحا".
وقالت الوزارة، في بيان، إن "غارات العدو الإسرائيلي على لبنان، الجمعة، أسفرت عن 25 شهيدا و58 جريحا".
وبهؤلاء القتلى والجرحى، حسب الوزارة، يرتفع عدد الضحايا إلى "3 آلاف و670 شهيدا، و15 ألفا و413 جريحا، منذ بدء العدوان الإسرائيلي".
ولفتت الوزارة إلى أن عدد الضحايا المسجل الجمعة، شمل "10 شهداء" بمحافظة بعلبك الهرمل (شرق)، و"5 شهداء و10 جرحى" بمحافظة البقاع (شرق)، و"6 شهداء و25 جريحا" بمحافظة الجنوب، و"4 شهداء و22 جريحا" بمحافظة النبطية (جنوب)، و"جريح واحد" بمحافظة جبل لبنان (وسط).
وذكرت أن أرقام الضحايا من الأطفال والنساء بلغت 926 قتيلا و4 آلاف و88 جريحا، ومن الكوادر الصحية 220 قتيلا و326 جريحا.
فيما استهدفت إسرائيل 94 من المراكز الطبية والإسعافية، و40 مستشفى، و250 من الآليات التابعة للقطاع الصحي، ونفذت اعتداءات على 67 مستشفى و229 من الجمعيات الإسعافية، بحسب الوزارة.
وبعد اشتباكات مع فصائل في لبنان بينها "حزب الله" بدأت عقب شنها حرب إبادة جماعية على قطاع غزة في 7 أكتوبر 2023، وسعت إسرائيل منذ 23 سبتمبر/ أيلول الماضي نطاق الإبادة لتشمل جل مناطق لبنان بما فيها العاصمة بيروت، عبر غارات جوية غير مسبوقة عنفا وكثافة، كما بدأت غزوا بريا في جنوبه ضاربة عرض الحائط بالتحذيرات الدولية والقرارات الأممية.
ويرد "حزب الله" يوميا بصواريخ وطائرات مسيّرة وقذائف مدفعية تستهدف مواقع عسكرية ومستوطنات، وبينما تعلن إسرائيل جانبا من خسائرها البشرية والمادية، تفرض الرقابة العسكرية تعتيما صارما على معظم الخسائر، حسب مراقبين.