من أين جئت بهذه العلوم يا (عليمي) ؟
تاريخ النشر: 24th, October 2023 GMT
بقلم:د. كمال فتاح حيدر ..
أغرب ما سمعته منذ يومين فتوى المتأسلم المتأسلف الكويتي (راشد سعد العليمي)، الفتوى التي رفض فيها مقاطعة المنتجات الاسرائيلية والداعمة لها. يقول في فتواه: (ان مقاطعة العلامات التجارية فيها معصية لولي الأمر). ويرى (العليمي) ان حالنا لن يستقيم إلا إذا تناولنا فطورنا الصباحي في مقاهي ستاربكس، وتناولنا عشاءنا المسائي في مطاعم ماكدونالد.
تجدر الإشارة هنا ان ولي الأمر في الكويت لم يتطرق لهذا الموضوع (لا من بعيد ولا من قريب). وان العليمي هذا لم يطلق حرفاً لنصرة المسلمين في غزة، ولم يذرف دمعة واحدة على شهداء المستشفى المعمداني. لكنه انتفض وهرع لنصرة الشركات الداعمة لاسرائيل في حربها على أبناء امه وأبناء أمته. .
والاغرب من ذلك كله ان مقاهي ستاربكس ومطاعم ماكدونالد طبعت بوسترات تظهر فيها صورة (العليمي) وتحتها فتواه المؤازرة لهم. وأحياناً يضعون نسخة مصغرة منها مع طلبات الدليفري. وربما حصل (العليمي) وعياله على تسهيلات تسمح لهم بتناول ما يشاؤون من الوجبات السريعة بالمجان من دون ان يدفعوا فلساً واحداً. .
والآن وبعدما استوقفتني هذه الفتوى الستاربوكسية العجيبة، وبينما كنت منهمكاً في البحث عن سيرته الذاتية، وفتاواه السابقة، اكتشفت انه كان وراء فتاوى التحول الجنسي من ذكر إلى أنثى، ومن انثى إلى ذكر، نزولا عند رغبات الغرب وتوجهاتهم الاباحية. وله تسجيلات موثقة بهذا الشأن منشورة على اليوتيوب، على الرغم من محاولات تبريرها، عندما اقترح عرض الراغبين بالتحول على اللجان الطبية، واخضاعهم للفحص السريري. لكن هذه الشطحات الفقهية تعكس لنا حقيقة هذا المتصهين. الذي ينبغي نبذه ومقاطعته باعتباره من المخلوقات المعادية للاعراف والقيم البشرية. .
كلمة أخيرة نقولها للعليمي الذي لا يعلم ولا يفهم: هنالك خلل كبير في تربيتك وتعليمك، وينبغي ان تدرك ان القضية الفلسطينية لم تعد قضية عربية ولا اسلامية. وإنما قضية إنسانية في المقام الأول، ويتعين على الذين لا يتفاعلون معها (من أمثالك) ان يراجعوا المصحات العقلية لتلقي العلاج، وإصلاح ضمائرهم المعطوبة. .
تبقى فلسطين محفورة في الذاكرة. من ينساها فقد أصابه خرف في الشرف والانتماء. وإن ضاقت بنا الأبواب فإن أبواب الله لا تضيق. السلام على أرض خلقت للسلام. ولم تر السلام بسبب هذا الجهل المستفحل في العقول. .
المصدر: شبكة انباء العراق
كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات
إقرأ أيضاً:
البُوصلة الإيمانية فيها طريقان لا ثالث لهما
بشرى المؤيد
قال تعالى: “يَقُولُونَ لَئِن رَّجَعْنَا إلى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ، وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَٰكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ”.
كلّ منا سمع خطاب السيد القائد/ عبدالملك الحوثي -سلام الله عليه- وبكل ما تعني الكلمات من صفات إنه خطاب لا يعلى عليه، خطاب تاريخي، مرحلي، عالمي؛ وضع كُـلّ نقطة على حرفها ووضح المسائل التي تهم شعوب الأُمَّــة وتهم العالم أكمل، هو خطاب مهم جِـدًّا حازم ومفصلي، ومن لم يستوعب خطاب السيد لن يستوعب المراحل القادمة فمن كان مع الله وَرسوله لن يخذل أبداً، بل سيكون في عز وَمكانة عظيمة عند الله وَرسوله فلنعيد سماع خطابه مرات ومرات وَنستوعب كُـلّ كلمة وحرف وَنقطة.
إن معادن الناس لا تعرف إلا بالمواقف الكبيرة حين تأتي ويوضع الإنسان في امتحان عظيم، حينها يخرج معدن الإنسان الأصيل الذي تربى ونما على مبادئه الأصيلة؛ فالإنسان من خلال تصرفاته وَأفعاله وَأقواله يوضع في الخانة المناسبة له.
فالمواقف العظيمة هي التي تفرز الناس وَيحشرون في زاوية خانقة لا يستطيعون الفرار إلا لهذه الزاوية أَو تلك الزاوية، لا يوجد زاوية وسطية/رمادية يحتمي بها أَو يخبئ نواياه فيها، ويقول سأتجنب تلك الزاوية حتى لا أكون من هذا أَو ذاك فالأحداث تزداد انحصاراً وَضيقاً وتزداد فرزاً وَتنقيه؛ فلا يكون لك إلا خياران إما أبيض أَو أسود كما كنا نقول منذ سنين ماضية، إما أن تتجه للبوصلة التي أرادك الله فيها، أَو تتجه للبوصلة التي أراد الشيطان وضعك وَإيقاعك فيها، وهنا يأتي التوفيق في أية بوصلة ستضع نفسك.
القرار سهل في من يعرفون اتّجاه بوصلتهم منذ بداية انطلاقهم، وهذا توفيق من الله سبحانه لهم، وَصعب في من كان متذبذباً ولا يعرف أين اتّجاهه الصحيح؛ لأَنَّه كان يخدع وَيضحك على نفسه وَالآخرين بأنه سيكون “ما بين وبين” ذكرت “كعكي” في مسلسل الأطفال نعمان حين كان يغني ويقول “ما بين وبين، أنا بين اثنين، بين الوحشين” فمن لا يستطيع تحديد اتّجاه بوصلته سيقع فعلاً بين الوحوش من هم لا يرحمون ولا إنسانية لديهم.
فتحديد الاتّجاه فيه فوز، نجاح، اطمئنان، سكينة، رضا وَقبول من عند الله، نعمة من نعم الله أن تستطيع تحديد “بوصلتك الإيمانية” فحينها لن تحتار في اتّجاهك، لن ترتاب في مواقفك، لن تشك في نتائجك، لن تتذبذب في مواقفك، لن يتزعزع ثباتك؛ لأَنَّ بوصلتك الإيمانية الصحيحة ستوصلك إلى الطريق الآمن، الطريق الواضح معالمه، الطريق العادل الذي يريده الله لك، الطريق الذي يحبه لك الله وَرسوله.
في الدنيا ستعيش في رغد الحياة الهانئة وَالمستقيمة، في رغد العيش الآمن، في رغد العيش النظيف وَالمال الحلال، في رغد الازدهار وَالتطور وَالتوسع.
أما إذَا كان الطريق الآخر سيكون حياة قاتمة سوداء، في سخط الحياة لك وَالأرض ستضيق بك، لن يبارك الله لك في مالك الذي اكتسبته بطرق غير مشروعة وحرام، وسيضيق قلبك حتى لو كنت في اتساع مالي وَمعنوي.
فالحياة لها ميزانان، معياران، مقياسان؛ وهما ميزان الخير والشر، الظلام وَالنور، السعاه والشقاء، في الدنيا ما زلنا في فسحة يستطيع الناس مراجعة أنفسهم وَأعمالهم، أما في الآخرة فإما جنة أَو نار خالدين، دائمين، مُستمرّين، مواصلين فيها إلى أبد الآبدين.
فلماذا يكون الناس في ذل ومهانة وهم يستطيعون أن يكونوا في عز وَكبرياء وَاستقامة؟
قد يظن الكثير أن الاختبارات الإلهية لا تأتي إلا لأشخاص أَو أفراد من الناس، أن الاختبارات الإلهية تأتي للأفراد، والفئات والجماعات، وَالشعوب وَالطوائف، وَالمجتمعات، وَالدول فحينها يعرفون أنه يجب أن يتخذون قرارات صائبة ليتجنبوا مقت وغضب الله عليهم وَإنزال العقوبة عليهم قال تعالى: “ما كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَىٰ مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىٰ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ، وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِن رُّسُلِهِ مَن يَشَاءُ، فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ، وَإِن تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ” وقال تعالى: “أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ”.
فجعل الله للناس عقولاً يفكرون بها وهذا ما يميزهم عن سائر مخلوقات الله، وجعل لهم حواس يستشعرون الخير من الشر وَجعل لهم الحرية في اختيار طريقهم وحياتهم التي يشاءونها حتى لو عانوا فيها وتعبوا؛ فالنتيجة في الأخير ستكون مدهشة لهم، وسيشكرون الله ليل نهار على اختيارهم لطريق حياتهم الصحيحة؛ فهم لم يخلقوا عبثاً في هذه الحياة وإنما لعمل دؤوب يكرمهم في الدنيا وَالآخرة قال تعالى: “أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا” فالفائزون وَالناجحون من يستغلون حياتهم في أعمال ترضي الله وَتغنيهم من واسع فضله الكريم.