في حرب، ما في حرب... هكذا يعيش اللبنانيون كل يوم بيومه
تاريخ النشر: 24th, October 2023 GMT
"ربّ ضارّة نافعة". هو مثل يُقال عادة عندما تنقلب الأدوار فتكون النتيجة عكس ما أُريد لها. وهذا المثل ينطبق تحديدًا على واقعنا اليوم، وهو تمثّل في عدم دعوة لبنان إلى القمة العربية، التي عُقدت في القاهرة، والتي لم تخرج بنتيجة معلنة بالنسبة إلى الصراع العربي – الإسرائيلي، وبالأخصّ في هذا الظرف التاريخي، الذي يتعرّض فيه الفلسطينيون لأبشع أنواع الإبادة الممنهجة في قطاع يُراد له الانقطاع عن العالم لتسهل لاحقًا عملية الاخلاء والتشريد والتهجير.
فلو حضر لبنان هذه القمة لما كان استطاع أن يغيّر من واقعها المأزوم شيئًا. فكان غيابه أو أذا صحّ التعبير "تغييبه" لمصلحته غير المقصودة، وهو الذي يحاول أن يسير بين النقاط الساخنة والخطوط المتعرجة في هذا الظرف الدقيق والمصيري. وبهذا الغياب تجاوز لبنان الرسمي "قطوعًا" جديدًا هو في غنىً عنه، أقّله بالنسبة إلى وضعيته الداخلية وحساسية التعاطي الحذر مع كل حدث بحدّ ذاته بكثير من الواقعية والعقلانية، في محاولات حثيثة لإبعاد الكأس المرّة عن لبنان، الذي يعيش في الأساس أزمات قد تتجاور في عمقها الأزمات الأخرى. وهذا ما يحاول رئيس الحكومة نجيب ميقاتي عبر مروحة واسعة من الاتصالات الدولية والعربية والمحلية لتجنيب الساحة اللبنانية ما لا قدرة لها على التحمّل والاحتمال.
فما لمسه الرئيس ميقاتي من خلال هذه الاتصالات التي لم تتوقف لحظة واحدة من تفهّم لوضعية لبنان الداخلية أراح بعض الشيء جميع الذين يعيشون قلقًا متناميًا، خصوصًا أن كثرة الشائعات والأخبار المغلوطة أربكتهم وزادت لديهم منسوب الاضطراب والخوف مما هو آتٍ، وقد لا يأتي، مع حرص الحكومة على التعاطي مع الواقع استنادًا إلى حكمة الامام علي بن أبي طالب، الذي يقول فيها "اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدًا واعمل للآخرة كأنك تموت غدًا". أي بمعنىً مجازي آخر، وهو أن يعيش اللبناني كل لحظة بلحظتها من دون أن يستبق التطورات، التي قد تحصل أو لا تحصل. فإذا وقعت يكون لبنان متحضّرًا لها بما لديه من إمكانات، ولو متواضعة. وإن لم يقع ما هو متخّوف منه يكون هذا "اللبنان" المغلوب على أمره قد نجا من كارثة كونية.
فالتفاؤل الذي تكّون لدى الرئيس ميقاتي نتيجة اتصالاته لا يلغي فرضية أخذ الحيطة والحذر، خصوصًا أن من يواجهه لبنان هو عدّو غادر ويتربص به شرًّا ليس اليوم فحسب، بل في كل لحظة، ماضيًا وحاضرًا ومستقبلًا، مع العلم أن ما يجتازه جميع اللبنانيين، الذين يجمعون الرأي على تحديد مطامع العدو، هو بالغ الخطورة والصعوبة وسط تصعيد متدحرج يومي على جبهة الخطوط الامامية الجنوبية، والتي باتت تتسم بضراوة ميدانية لافتة في الهجمات المباشرة المتبادلة بين" حزب الله" واسرائيل. فإذا حصل المزيد من التصعيد في قطاع غزة فإنه لن يشمل لبنان فقط، بل ستعمّ الفوضى الامنية في كل المنطقة. ويحدد ميقاتي تدرج الوضع على قاعدة "ان الايام الثلاثة او الاربعة التي تلت عملية حماس في اسرائيل كانت الامور تقاس وفقا للدقيقة الواحدة إذا كان يمكن للبنان ان يدخل الحرب ام لا. بعد ذلك باتت الامور تقاس وفقا للساعة الواحدة وتطور الامور تبعًا للساعات وبتنا اخيرًا وفقا للأيام. وهذا لا يعني ان امكانات التصعيد لم تعد موجودة او الغيت او أنه يجب ان نطمئن".
فالحرب ممكنة ولا أحد يلغيها من حساباته، ولكن هذا لا يعني أن يبقى اللبنانيون معّلقين على حبال هواء الأمل، الذي يعتبره من هم على تماس يومي مع ما يقوم به "حزب الله" من ضمن عملياته العسكرية أنه أمل تعلّق الغريق بحبال النجاة، حتى ولو كان ما يتوهمّه حبل نجاة ليس إلاّ حيّة. فالأمل ضروري لضخّ الحياة في بعض الشرايين الميتة، ولكن التعاطي مع التطورات في غزة وفي الجنوب بكثير من الواقعية هو أكثر من ضروري في هذه المرحلة المصيرية والخطرة. المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
ميقاتي يوجه 3 مطالب لإسرائيل وواشنطن تشيد بالجيش اللبناني
وجّه رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي -عبر رعاة اتفاق وقف إطلاق النار- رسالة واضحة إلى إسرائيل تتضمن 3 مطالب، في حين شددت واشنطن على أن الجيش اللبناني هو "المؤسسة الشرعية التي توفر الأمن للبلاد".
وقال ميقاتي إن بلاده أوصلت رسالة واضحة إلى رعاة تفاهم وقف إطلاق النار الدوليين (الولايات المتحدة وفرنسا) بوجوب وقف الخروق الإسرائيلية، والانسحاب الكامل من الأراضي اللبنانية المحتلة.
وأضاف ميقاتي أن الرسالة أكدت أن الالتزام بتطبيق القرار 1701 ليس مسؤولية لبنان فقط، "بل هو ملزم للعدو الإسرائيلي أيضا"، على حد تعبيره.
وجدد التحذير من "الاستمرار في خرق تفاهم وقف إطلاق النار (من جانب إسرائيل)، لكونه يهدد التفاهم برمته، وهو أمر لا أعتقد أن أحدا يرغب بحصوله".
وبزعم التصدي لتهديدات من حزب الله، ارتكب الجيش الإسرائيلي -حتى ظهر الاثنين- 395 خرقا لوقف النار، خلّفت 32 قتيلا و39 جريحا.
وفي 11 أغسطس/آب 2006، تبنى مجلس الأمن الدولي القرار رقم 1701، الذي دعا إلى وقف كامل للعمليات القتالية آنذاك بين إسرائيل وحزب الله.
كما دعا إلى إيجاد منطقة بين الخط الأزرق (بين لبنان وإسرائيل) ونهر الليطاني جنوب لبنان، تكون خالية من أي مسلحين ومعدات حربية وأسلحة، ما عدا تلك التابعة للجيش اللبناني وقوة الأمم المتحدة بجنوب لبنان (اليونيفيل).
الجيش اللبناني انتشر في مناطق جنوبي البلاد بعد انسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلي منها (الفرنسية) إشادة أميركيةمن جانب آخر، قال رئيس لجنة آلية تنفيذ وقف الأعمال العدائية الجنرال الأميركي جاسبر جيفرز إن "الجيش اللبناني هو المؤسسة الشرعية التي توفر الأمن للبنان، وقد تصرف بحزم وخبرة".
إعلانوأشاد الجنرال جيفرز -خلال زيارته مع الجنرال الفرنسي جيوم بونشان مقر اللواء الخامس للجيش اللبناني في القطاع الغربي في جنوب لبنان اليوم الثلاثاء- بعمل الجيش اللبناني.
وأشار بيان صادر عن السفارة الأميركية في بيروت إلى أن الجيش اللبناني قام "بنشر قواته في المنطقة على الفور من أجل تطهير الطرق وإزالة الذخائر غير المصرح بها وتوفير الأمن للشعب اللبناني"، كجزء من عملية الانتقال التي أتاحت تنفيذها لجنة آلية تنفيذ وقف الأعمال العدائية.
وبموجب اتفاق وقف إطلاق النار، تم تشكيل لجنة خماسية لمراقبة تنفيذه تضم لبنان وإسرائيل والولايات المتحدة وفرنسا واليونيفيل.
وبموجب الاتفاق، سيكون الجيش اللبناني الجهة الوحيدة المسموح لها بحمل السلاح في جنوب البلاد، مع تفكيك البنى التحتية والمواقع العسكرية، ومصادرة الأسلحة غير المصرح بها.
وأسفر العدوان الإسرائيلي على لبنان عن 4 آلاف و63 قتيلا و16 ألفا و664 جريحا، بينهم عدد كبير من الأطفال والنساء، إضافة إلى نزوح نحو مليون و400 ألف شخص، وتم تسجيل معظم الضحايا والنازحين بعد تصعيد العدوان في 23 سبتمبر/أيلول الماضي.