???? مفارقات الأزمة السودانية .. بين دعاة الحرب وأدعياء السلام
تاريخ النشر: 24th, October 2023 GMT
????ليس هناك خلاف في أن الأزمة التي يمر بها السودان الآن، لم يكن لها مثيل، وما جري، ولا يزال يجري لم يكن يخطر علي بال أكثر الناس تشاؤما، وما يزيد الأزمة تعقيدا أن أكثر أطرافها تسعي للحلول في غير مظانها، وأن كثيرين منهم يعملون حسابا كبيرا لما يمكن أن يكسبوه، ولا يعملون لمصالح الوطن أي حساب.
انقسم الناس هذه الأيام بين من يدعون للحرب، ومن ينادون بوقفها، وكلا الدعوتين لها وجاهتها إذا انطلقت من مرتكزاتها الصحيحة، فالدعوة إلى حرب التمرد ليست مقبولة فقط، ولكنها مطلوبة، وبقوة إذا كانت من أجل نصرة جيش الوطن ودعمه والوقوف معه لحسم مليشيا التمرد التي صارت تحارب كل أهل السودان، وتحارب قيمه وتاريخه وتراثه، وصار الذين يحاربون باسم المليشيا، أكثرهم من غير أهل السودان، وبعضهم لمغانم شخصية، وآخرون يقاتلون لاغتنام الوطن كله، والذين يدعمون التمرد من دول المنطقة العربية والافريقية والأجنبية كلهم خصوم لبلدنا وطامعين في خيراتها وموادها، وهؤلاء قتالهم فرض عين علي كل سوداني وسودانية حتى ينحسم أمرهم تماما، ويجلون من أرضنا وتطهر من دنسهم، وأكثر الذين يقاتلون مع القوات المسلحة، ويدعون إلى نصرتها يفعلون ذلك من هذا المنطلق، ولكن هذا لا ينفي وجود البعض من الذين يفعلون ذلك لاجندة حزبية وسياسية ضيقة، وحتى لا يذهب الناس مذاهب بعيدة، دعونا نسمي الأشياء بأسمائها.
معلوم أن الإسلاميين هم أول وأكثر من هب لنصرة القوات المسلحة، وهم أكثر من احتسب شهداء في هذا السبيل، نسأل الله أن يتقبلهم عنده في أعلي عليين، ويسكنهم فسيح جناته مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا، وهذا الموقف منسجم مع أدب الحركة، ومع تاريخها الذاخر والمحتشد بالبطولات والتضحيات في سبيل الله والوطن، إلا أن قلة قليلة من الذين لا ينظرون إلى أبعد من تحت أقدامهم يشوهون هذا الموقف العظيم، ويستغل ذلك خصومهم، واعداء الوطن الذين يحسبون كل صيحة عليهم، ويزعمون أن هذه الحرب، هي حرب الإسلاميين، ومن يسمونهم الفلول، ويدعون إلى وقفها فورا، وفي ذلك خذلان لجيش الوطن، وتثبيط لهمم المجاهدين والمقاتلين في سبيل الله والوطن والعرض والمال والولد.
وفي جانب آخر فإن الدعوة لوقف الحرب، دعوة منطقية، ومقبولة ومطلوبة، إذا كانت من باب أن “الصلح خير” ولكن أن يكون دعاة “لا للحرب” وأصحاب فكرة “الجبهة المدنية لوقف الحرب” هم ذاتهم الذين حثوا علي الحرب، وحرضوا لها، ودعموها، ففي ذلك إفساد لدعوة وقف الحرب، وليس خافيا علي أحد أن الذين اصطفوا أخيرا يدعون إلى وقف الحرب، هم ذاتهم شلة مركزية الحرية والتغيير، وواجهاتها حلفاء حميدتي السابقين الذين حرضوه علي الحرب، وهم ذاتهم الذين كانوا يقولون “حميدتي الضكران الخوف الكيزان” فلما انهزم شر هزيمة، وصارت القوات المسلّحة ومن خلفها المجاهدون والمستفرون قاب قوسين أو أدني من النصر الكامل، نشط هؤلاء يعوون “لا للحرب”
فنعم للحرب لتطهير الأرض من دنس التمرد وعملائه، وواجهاته، وداعميه، ونعم للسلام حقنا للدماء، شرط أن يحافظ علي وحدة الدولة، والسيادة الوطنية، ووحدة وتماسك المؤسسة العسكرية، والحفاظ علي قوميتها، جيشا واحدا للسودان كله، لا جيش معه.
✍️جمال عنقرة
المصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
البطريرك ميناسيان: ندعو القوى السياسية إلى اختيار رئيس يكون رمزًا للوحدة
وجّه البطريرك روفائيل بيدروس الحادي والعشرون ميناسيان كاثوليكوس بطريرك بيت كيليكيا للأرمن الكاثوليك رسالة بمناسبة عيد الاستقلالجاء فيها:
نحتفل اليوم بعيد الاستقلال، لكن هذا الاحتفال يمرّ علينا في وطن معذّب، مجروح ومتألم، عانى وما زال يعاني من آثار الحروب، التي دمرت بنيته، وأثقلت كاهل أبنائه. نزيف المعارك لا يزال يترك أثره في قلوبنا وفي شوارعنا، وايضا تهجير العائلات والشهداء الذين سقطوا. في هذه اللحظة، نحتاج أن نجدد العزم والإرادة لنعيد بناء هذا الوطن من ركام الألم، وأن نضع نصب أعيننا رسالة السلام والمصالحة التي ستقودنا إلى مستقبلٍ مشرق.
هذه الجراحات تستصرخ ضمائرنا، وتدعونا جميعًا – مواطنين وقادة – للوقوف صفًا واحدًا لإيقاف هذا النزيف، ولتضميد جراح الوطن عبر المصالحة وبناء أسس الوحدة الحقيقية. فلا يمكن أن يُستعاد الاستقلال بمعناه العميق، إذا استمر شبح الحرب والانقسام يخيم على سمائنا.
في تاريخنا القريب، شهدت ساحة الشهداء لقاءً تاريخيًا، حيث توافد قادة هذا الوطن كافة، بلا استثناء، للترحيب بالكاردينال أغاجانيان، الذي كان يدعو بكل محبة إلى المصالحة وتوحيد اللبنانيين. لقد جسّد الكاردينال بمواقفه ورسائله روح الحوار والوحدة، وعمل على تقريب القلوب وإعلاء مصلحة الوطن فوق كل اعتبار. إن استعادة هذا النهج والعمل بروحه، هو ما نحتاجه اليوم أكثر من أي وقت مضى لنعيد اللحمة الوطنية ونمضي في مسيرة المصالحة الحقيقية.
إن غياب رئيس للجمهورية هو جرح مفتوح في قلب الوطن، وعقبة كبيرة أمام مسيرتنا نحو الاستقرار والازدهار. إن انتخاب الرئيس ليس مجرد استحقاق دستوري، بل هو مسؤولية جماعية تقع على عاتق كل من يدرك أهمية إعادة بناء مؤسسات الدولة وتثبيت الاستقرار. الحياة الدستورية هي العمود الفقري للدولة، ومن دونها يتعثر كل جهد لإصلاح البلاد وإنعاشه. لذا، بصفتنا الروحية ندعو جميع القوى السياسية إلى وضع خلافاتها جانبًا، والعمل معًا، بإخلاص وتجرد، لاختيار رئيس يكون رمزًا للوحدة ويسعى لتحقيق الخير لجميع اللبنانيين. إن لبنان يحتاج إلى قيادة وطنية جامعة، تعمل من أجل السلام الداخلي والتفاهم، وتعيد إحياء مؤسسات الدولة وتفعيل دورها في خدمة الشعب.
لا يمكن للبنان أن ينهض إلا بروح وطنية تجمعنا وتلهمنا لبذل الجهد في سبيل المصلحة العامة، بعيدًا عن الحسابات الضيقة والمصالح الشخصية. نحن بحاجة إلى أن نحب الوطن لأجل الوطن، لا لأجل مكاسب آنية أو منافع خاصة. وحين نضع مصلحة لبنان فوق كل اعتبار، سنتمكن من بناء مستقبل يليق بتضحيات الأجيال السابقة وآمال الأجيال القادمة.
لبنان يحتاج اليو
م أكثر من أي وقت مضى إلى قادة يعملون يدا واحدة، وقلبا واحدا، وإرادة واحدة لتحقيق الخير لجميع أبنائه. في هذه اللحظات العظيمة، أذكركم برموز ثقافتنا وهويتنا، بفيروز التي توحّدنا بصوتها في كل المناسبات، وبمدينة بعلبك التي تقف شاهدةً على عراقة هذا الوطن وجماله. دعونا نعمل معًا، نحن اللبنانيين، متكاتفين، لنبني المستقبل الذي نحلم به، ولنجعل من الاستقلال واقعًا يوميًا نعيشه، لا مجرد ذكرى نحتفل بها.
نرفع اليوم صلواتنا إلى الله لكي يوحّد القلوب والعقول، ويعيد للبنان مجده واستقلاله الكامل، ليكون وطنًا يسوده السلام، يعمه العدل، وتظلله المحبة.
كل عام وأنتم ولبنان بألف خير، وليبارك الرب وطننا العزيز.