غزة وشخصية نتنياهو
زعماء كذب عليهم نتنياهو: الرئيس حسني مبارك، الرئيسان الأمريكيان بيل كلينتون وباراك أوباما، نيكولاس ساركوزي، والمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل.
أفكار نتنياهو الأكثر تكرارا في خريطته الإدراكية: الارهاب الفلسطيني، معاداة السامية، خطر ايران وحزب الله، عداء الأمم المتحدة لإسرائيل، تذكير مستمر بالهولوكوست.
ليس متدينا لكنه يرى ضرورة توظيف الدين سياسيا حيث يجدي ذلك، خبرته العسكرية والسياسية عززت فيه العناد، لديه نرجسية في البعد العاطفي الجنسي، يعتقد انه مثير للمرأة الى حد الهوس!
كذاب جدا، قاسي لأبعد الحدود، كراهيته للعرب أقرب للمرض النفسي، لا يرى حلا للصراع مع الفلسطينيين إلا بتهجيرهم خارج فلسطين يعتبر الخداع ضروريا، يؤمن بنظرية داروين في بعدها الصراعي.
* * *
في تحليل عملية صنع القرار أولا واتخاذه ثانيا، يكون للشخص المسؤول عن اختيار القرار من بين البدائل التي يضعها صناع القرار اهمية بمقدار ما توفره بيئة القرار من:
أ- درجة حريته الداخلية في اتخاذ القرار، فهل هناك قيود دستورية او غيرها، هل القرار يتم في اطار قواعد الأغلبية والاكثرية في مجلس الامن القومي او توجهات الرأي العام المحلي إذا كان القرار استراتيجيا، ام أن القرار يتم اتخاذه وصناعته كما في الدول الاستبدادية من شخص واحد يحيط به ثلة من الإمعات التي لا تطلب الا رضا " رب النعمة".
ب- القيود الاقليمية: اي درجة الضغوط والتسهيلات من هذه البيئة، وهنا في حالتنا هذه هي الدول العربية ومحور المقاومة.
ت- البيئة الدولية : تاثير القوى الكبرى بشكل رئيسي من زاوية تأثر مصالح هذه الدول، مع الاهتمام بالرأي العام الدولي في حدود العامل المساعد.
فإذا اردنا أن ننقل ذلك الى نيتنياهو اود الاشارة الى تحليل شخصيته وبموضوعية تامة استنادا لدراسة كنت قد نشرتها قبل بضعة شهور ، وعدت فيها لما كتبه نتنياهو أو الدراسات العلمية حول شخصيته، والمقالات الصحفية والمقابلات التي تمّ نشرها في الصحف الإسرائيلية من 1985 إلى 2020، ثم معلومات نقلها العاملون معه من الموظفين وخصوصاً المستشارين منهم الذين عملوا معه.
وقد تمّ تقسيم المادة العلمية إلى بعدين: مضمون المعلومة (الفكرة المركزية ودلالتها)، ثم نوعية المعلومة وتتعلق بخمسة جوانب هي: تطوّر الشخصية عبر مراحل العمر، والعلاقة مع الأسرة، وممارسته الوظيفية، وأسلوب قيادته، وصفاته الشخصية.
وقد تفاوت عدد المؤشرات التي تمّ قياسها ودراستها بين الدراسات المختلفة لشخصية نتنياهو، وبلغت في بعضها 22 مؤشراً مثل دراسات شاؤول كيمحي Shaul Kimhi الذي تتبع شخصية نتنياهو خلال فترتين تمتدان من نهاية التسعينيات تقريباً إلى سنة 2017، وهي الفترات التي كان في أغلبها رئيساً للوزراء .
من كل ما سبق توصلت الى الآتي:
1- تقف مسألة بقائه في منصبه على رأس اولوياته ، وعليه فهو يعطي هذا الجانب اهمية كبرى بخاصة إذا كان ثمن التشبث بالمنصب على حساب الأخرين (مثل الفلسطينيين وعذاباتهم).
2- يؤمن ايمانا قاطعا بالدولة اليهودية الخالصة، وضرورة التخلص من الشعب الفلسطيني في فلسطين على حساب أي جهة اخرى، مهما تكن.
3- لا يرى في أي شكل من أشكال الخداع السياسي أو الاجتماعي الفردي أو الجماعي عيبا.
4- ذكي ومثقف وقارئ إلى حد بعيد، لكنه إذا ارتبك في موقف ما يرتبك ارتباكا حادا.
الربط بين خلفيته الشخصية وافكاره
ولد بنيامين نتنياهو سنة 1949 لرجل بولندي الأصل هو بن صهيون ميليكوفسكي Benzion Mileikowsky الذي كان والده (جد بنيامين) ناثان Nathan حاخاماً، لكن بن صهيون كان علمانياً، وكان من كبار مساعدي القيادي الصهيوني المتطرف زئيف جابوتنسكي، ومن الداعين إلى تهجير الفلسطينيين إلى خارجها لتبقى دولة يهودية نقية، وقام بتغيير اسمه البولندي إلى نتنياهو.
لكن هذا الأب كان محبطاً من عدم القدرة على الاندماج مع المجتمع الأمريكي الذي عاش فيه كمؤرخ، ولم يتمكن من إيجاد العمل الذي يراه يشبع طموحه رغم أنه مارس التدريس بجامعة كورنيل الأمريكية.
وكان بن صهيون صهيونيا يمينيا، تخصص في التاريخ اليهودي لا سيّما في إسبانيا، وهو من المؤمنين بفكرة "إسرائيل الكبرى"، لكنه بعد رفضه من قبل الجامعة العبرية في القدس للعمل فيها، انتقل ثانية إلى الولايات المتحدة، وكان طوال حياته يحمل ضغينة مريرة ضدّ مؤسسة حزب العمل والنخب الفكرية في “إسرائيل”.
وقد زرع الأب في أبنائه فكرة أن الكل "عدو له"، وقد تركت هذه الفكرة آثارها العميقة على بنيامين منذ نعومة أظافره وأصبح يرى أن المؤامرة موجودة في كل مكان، وأن العالم قاسٍ بدرجة كبيرة. وزرع الأب في أبنائه فكرة أن لا مكان في العالم للإيثار أو العمل الخيري أو الصداقة الحقيقية، وأن البشر يعيشون في صراع دارويني مستمر من أجل البقاء.
ولعل عمق إيمانه بالمنظور الدارويني الذي زرعه الأب في أبنائه يفسر رؤية بنيامين بأن غالبية العرب، بمن فيهم عرب 1948، يشكلون تهديداً وجودياً لـ"إسرائيل"، واتسع مضمون هذه الفكرة (التهديد الوجودي) ليشمل أركان العالم كله.
وتتجسد هذه الفكرة من خلال تكرار بنيامين نتنياهو المتواصل لأفكار كانت هي الأعلى في التكرار، بعد تحليل مضمون خطاباته وتصريحاته وما ورد في كتاباته، وتتمثل هذه الأفكار المركزية في منظومته المعرفية في التالي: الارهاب الفلسطيني، معاداة السامية، خطر ايران وحزب الله، معاداة الامم المتحدة لاسرائيل، التذكير المستمر بالهولوكوست.
وعند الانتقال لدور أمه زيليا Celia، و التي كانت متزوجة من نوح بن توفيم Noah Ben Tovim قبل زواجها من والد نتنياهو، فإننا نجد أن تأثيرها كان في جانب آخر وهو تدريب أبنائها على “الانضباط وممارسة القوة” من ناحية، كما زرعت فيهم إحساس ضرورة النجاح مستقبلاً من ناحية ثانية. اما اخوته فكان الاهم شقيقه الاكبر يوناتان Yonatan الذي قتلته الجبهة الشعبية في عنتيبي بأوغندا عام 1976( كان عمر نينياهو 27 سنة)، وهو ما عزز كراهيته للعرب وزيادة ايمانه بنظرية داروين.
العامل الآخر الذي عزز كراهيته للعرب هو انه شارك في الحروب ضدهم( في معركة الكرامة وكان عمره 19 سنة، الهجوم على مطار بيروت في نفس السنة،وفي حرب الاستنزاف على الجبهة المصرية، بل كاد يموت غرقاً في قناة السويس خلال مشاركته في عملية دمر فيها المصريون أحد قوارب عملية تسلل عسكرية إسرائيلية، إلى جانب عدد آخر من العمليات سنة 1972.
الاضطراب العاطفي في شخصية نيتنياهو
تزوج نينياهو: 3 مرات: الاولى وهي مريم وايزمن (أنجبت منه ابنته)، ثم تبين لهذه الزوجة اثناء الحمل انه على علاقة مع فتاة بريطانية تعمل في مكتبة الجامعة هي فلور كيتس(Fleur Cates) ودب الخلاف مع زوجته فطلقها وتزوج عشيقته البريطانية.
وبعد 3 سنوات طلقها بعد علاقة عاطفية مع مضيفة الطيران سارة آرتزي (Sara Ben-Artzi) وهي زوجته الحالية التي تزوجها بعد أن حملت منه خلال فترة "الحب بينهما" وأخفت عنه الحمل لتبتزه به بعد ذلك.
ولكي أدلل على شخصية نتنياهو وقدرته على الخداع ، اورد الواقعة التالية المذكورة في مراجع اكاديمية اسرائيلية:
في سنة 1993، تلقت سارة اتصالاً هاتفياً يبلغها فيه المتحدث أن لديه شريط فيديو عن علاقات عاطفية لنتنياهو، يخونها فيه مع مستشارته للعلاقات العامة واسمها روث بار، وتضمنت المكالمة الهاتفية المجهولة تهديداً، مضمونه بأنه ما لم ينسحب نتنياهو من سباق زعامة ليكود سيتم توزيع الشريط للصحافة، وبعد عودة نتنياهو إلى المنزل، قامت سارة بمواجهته بالمكالمة، فاستسلم وبكى ندماً ثم ذهب إلى التلفزيون الإسرائيلي ليعترف أمام الملأ بأنه خدع زوجته سارة!
ثم تبين لاحقاً أنه لم يكن هناك شريط فيديو للواقعة التي جرى تهديده بها، لكن نتنياهو أدرك خطورة تداعيات موضوع خيانته الزوجية على مستقبله السياسي، وقبل أن تتمكن "المافيا السياسية" التي صنعت فكرة الشريط بشكل مثير للدهشة من "ابتزازه"، تمكن بدموع البكاء على التلفزيون في أوقات ذروة الحديث عن موضوع خيانته، من التأثير على مشاعر أنصاره ومداراة جراح الزوجة، وهو ما أفسد خطة خصومه لمنع وصوله لزعامة الليكود، ودفع زوجته سارة للقول بأن “روث بار امرأة فاسدة وأن نتنياهو كان ضحية لها”
بل وترد الدراسات الأكاديمية الاسرائيلية تصريحات رسمية لزعماء قالوا او كتبوا ان نتنياهو كذب عليه وهم الرئيس المصري السابق حسني مبارك، والرئيسين الأمريكيين بيل كلينتون وباراك أوباما والرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، والمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل.
ذلك يعني ان على المقاومة في غزة وغيرها التعامل مع هذا الرجل على اساس أنه: كذاب جدا- قاسي الى أبعد الحدود -كراهيته للعرب اقرب للمرض النفسي- لا يرى أي حل للصراع مع الفلسطينيين الا بتهجيرهم خارج فلسطين، يعتبر الخداع أمرا ضروريا، يؤمن بنظرية داروين في بعدها الصراعي، ليس متدينا ولكنه يرى ضرورة توظيف الدين سياسيا حيث يجدي ذلك، خبرته العسكرية والسياسية عززت فيه العناد ، لديه نرجسية في البعد العاطفي الجنسي (انه مثير للمرأة الى حد الهوس) هل عرفتم نتنياهو؟ ربما.
ملاحظة :للاطلاع على تفاصيل الدراسة الواسعة :ضع على غوغل عبارة: وليد عبد الحي- تحليل شخصية نيتنياهو – مركز الزيتونة.
*د. وليد عبد الحي أستاذ العلاقات الدولية بجامعة اليرموك، باحث في المستقبليات والاستشراف
المصدر | facebook.com/walid.abdulhayالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: إسرائيل المقاومة غزة البيئة الدولية
إقرأ أيضاً:
بري المستهدف في المعادلات الجديدة مرتاح إلى وضعه
كتبت سابين عويس في" النهار": منذ أن سقط مشروع اتفاق وقف النار الذي كان يتولاه مباشرة الرئيس بري مع الوسيط الأميركي هوكشتاين، يحمَّل الرئيس نبيه بري، إلى جانب رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، مسؤولية بث أجواء تفاؤلية لم تكن في محلها، كما يحمّل وحده، وتحديداً من فريق المعارضة، مسؤولية عدم اقتناص الفرصة المتاحة اليوم لفتح أبواب المجلس والدعوة إلى جلسة لانتخاب رئيس للجمهورية.
تُلقى على بري مسؤوليات كثيرة في هذه الأيام، تعود ربما إلى أنه الوحيد الذي تتقاطع عنده كل المعطيات. فهو يجمع بين موقعه على رأس السلطة التشريعية الوحيدة التي تتمتع بشرعية كاملة، وموقعه على رأس حركة "أمل" والركن الآخر من الثنائية الشيعية التي جعلت منه اليوم "الأخ الأكبر" المكلف التحدث باسم الحزب وقيادة أي مفاوضات تتعلق باتفاق وقف النار وتنفيذ القرار الدولي ١٧٠١. وهو إلى ذلك، الوحيد الذي يملك مفاتيح أبواب ساحة النجمة، المطلوب أن تُفتح ليس فقط من أجل إنجاز الاستحقاق الرئاسي، بل أيضاً لبت مصير استحقاق داهم يتمثل في وضع قادة الأجهزة العسكرية والأمنية مع اقتراب موعد انتهاء ولايتهم الممددة، ولا سيما قائد الجيش في العاشر من كانون الثاني المقبل. وفي حين تترقب الأوساط السياسية مواقف بري لتبيان مآل الأمور بالنسبة إلى هذه الاستحقاقات، فهو غالباً ما يظهر تفاوتاً أو تبايناً في ما يقوله وما يُنقل عنه. وليس أقل من ذلك ما نشرته صحيفة "الواشنطن بوست" عن لسانه أول من أمس، واضطر إلى نفيه بسبب ما قيل إنه مقاربة خاطئة لجوابه، علماً أن بري رفض أي حديث، واكتفى بلقاء لم يتعد الدقائق القليلة مع مراسل الصحيفة.
ثمة شعور في الأوساط السياسية بأن رئيس المجلس يسعى إلى تلميع صورته بعد التشويش الذي يتعرض له، علماً أن الإطلالة الأولى لمعاونه السياسي علي حسن خليل قبل يومين ربما أعطت مفعولاً عكسياً، ولا سيما في موضوع تطبيق القرار ١٧٠١ الذي التزمه الحزب، إذ قال إن التنفيذ يلحظ أن أي إشكال ناتج من مظاهر مسلحة أو بنى عسكرية ظاهرة في منطقة تنفيذ القرار، تقع على الجيش اللبناني مسؤولية ضبطه والتعامل معه، ما أوحى أن تنفيذ القرار يقتصر على إلغاء المظاهر المسلحة وليس القضاء على ما هو ظاهر ومخفي. وقد أثار هذا
الكلام استياء في أوساط رئيس المجلس الذي يسعى إلى إنجاز اتفاق وقف النار في أقرب وقت ممكن.
عن الاستهداف الذي يتعرض له بري، تقول أوساطه إنه يقلل من أهميته انطلاقاً من اقتناعه بما يقوم به وما تمليه المصلحة العامة. لا تنكر الأوساط أن الظروف تعاكسه، وخصوصاً مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الأميركية التي جمدت الحركة على خط اتفاق وقف النار، فخفت المساعي الجارية في هذا الشأن، إلا أن هذا لا يحبط عزيمة الرجل في الاستمرار بالمحاولة.
في هذا الإطار، ورغم نعيه الاتفاق الأخير، فإن اتصالات الجانب الأميركي به لم تتوقف، كما حركة السفيرة في بيروت، ما يؤشر إلى أن الاتفاق لم يسقط بالكامل بعد، ويمكن التعويل عليه لاستكمال التفاوض. وهذا التعويل يمكن أن يكبر إذا فازت المرشحة الديموقراطية بالانتخابات، بما يتيح المجال أمام استكمال المفاوضات من حيث توقفت، ولن يكون هناك حاجة للعودة بها إلى المربع الأول مع إدارة جمهورية جديدة.
أما على الجبهة الداخلية، فتفويض الحزب لبري مستمر على ما تقول الأوساط، والموقف لم يتغير. وهو يتابع مساعيه من أجل منع الشغور في المواقع القيادية العسكرية، لكنه يرفض أن تقتصر المعالجة على ملف قائد الجيش كما طرحت كتلة "القوات اللبنانية"، من دون قيادة قوى الأمن الداخلي والمديرية العامة للأمن العام. ويفهم من ذلك أن الرجل يعمل على سلة للتمديد لكل قادة الأجهزة على السواء، انطلاقاً من اقتراحات القوانين التي يُنتظر أن تتقدم بها كتل نيابية، في مقدمها كتلة "الاعتدال الوطني"، إلى جانب اقتراح "القوات".
وعليه، لا حاجة في رأي الأوساط إلى أي تسويق أو تلميع للصورة ما دامت على حالها ولا تشوبها شائبة!