الخطاب الدبلوماسى العالمى وبعض الخطابات العربية تشابهت كثيراً فى إطار موقفها من القضية الفلسطينية وما ترتكبه إسرائيل من مجازر فى قطاع غزة على مدار الساعة طوال الأيام الماضية والحصار الذى تفرضه، وهو ما كشفته تصريحات معظم السياسيين وعلى رأسهم المتحدثون فى «مؤتمر القاهرة للسلام».
لم تمر كلمة ممثل لدولة تقريباً دون إدانة استهداف المدنيين من الجانبين، مساوياً بين الضحية والمجرم، فى سابقة لم تحدث من قبل من جانب بعض الحكومات العربية وجامعتهم.تناسى الغرب حقيقة مهمة تتعلق بشرعية الوجود الإسرائيلى على الأرض الفلسطينية، والذى لا يستند بالأصل لا إلى القانون الدولى ولا إلى شرعية تاريخية، بخلاف الاستيطان المجرم دولياً فى الأراضى المحتلة.. الإنسانية الغائبة والكيل بمكيالين ومساندة الغاصب المحتل كانت سمتهم المشتركة.. تراهم مع طرف وضد طرف آخر دون معايير تتعلق بالقيم الحضارية للإنسانية.. هى الأهواء والمصالح وتوجيهات الصهيونية العالمية.
تعمد الساسة والحكام اختيار التوقيت الذى يقيمون الحدث على أساسه، فكان موعدهم السابع من أكتوبر الذى يمثل عملاً من أعمال المقاومة لا لبس فيه فى مواجهة المحتل الذى يواصل طوال عقود قتل وتشريد الفلسطينيين.. يفتح المجتمع الدولى عيناً ويغلق أخرى ليرى المقاومة الفلسطينية إرهاباً، ويغمض أخرى عما يرتكبه جيش الدفاع الإسرائيلى من مجازر.. النظام العالمى «الأعور» لم يرَ ملايين المحاصرين دون ماء أو دواء أو طعام، وشاهد بوضوح الادعاءات باعتداء المقاومة على من يسمونهم «مدنيين إسرائيليين»، وليسوا كذلك على الإطلاق.
أن تكون مستوطناً يفقدك صفة المدنى وبشكل مطلق.. أنت مُغتصب استوليت على أرض غيرك وبيته وتلاحقه أنت وجيشك لتقتل أطفاله وتحاصره فى بيته إن لم تطرده.
السلطات الإسرائيلية تنقل الإسرائيليين إلى المستوطنات، وهى جريمة حرب. وفقاً لمنظمة «السلام الآن» الإسرائيلية، تمارس إسرائيل تمييزاً عنصرياً رصدته منظمات عالمية فى الوقت الذى لم تلحظه النظم العالمية العوراء.
معظم سكان المستوطنات يؤدون الخدمة العسكرية الإجبارية للرجال والنساء، وإن كان من رعايا دول أخرى، طالما كان يهودياً وفوق سن الثامنة عشرة، وتمتد فترة التجنيد 24 شهراً للنساء و36 شهراً للرجال، ويواصلون خدمة الاحتياط حتى سن 34 عاماً للنساء و39 للرجال.
حسم مركز الأزهر العالمى للفتوى المسألة منذ اليوم الأول للمواجهات، واعتبر جميع المستوطنين فى فلسطين لا ينطبق عليهم تصنيف المدنيين، وجميعهم جنود سابقون أو لاحقون.
وقال الأزهر عبر صفحته على «فيس بوك» إن «تصنيف المدنيين لا ينطبق على المستوطنين الصهاينة بالأرض المحتلة، بل هم محتلون للأرض، مغتصبون للحقوق، منحرفون عن الصراط المستقيم، الذى يتجسّد به الأنبياء، معتدون على مدينة القدس التاريخية، بما فيها من التراث الإسلامى والمسيحى».
وأوضح أن «عمليات المقاومة الحالية حلقة جديدة من سلسلة نضال شعب فلسطين، وإرهاب الكيان الصهيونى المحتل الغاصب، وجزء صغير من رد عدوانه التاريخى البشع على المقدّسات والأرض والشعب الفلسطينى، بلغة القوة التى لا يفهم الصهاينة غيرها».
«هذه القوة المحتلة تنتهك بوقاحة القوانين الدولية وتتجاهل حقوق الإنسان الأساسية، بينما تتمتع جميعها بدعم عالمى يظهر نهجاً منافقاً ومعايير مزدوجة».
العوار العالمى تحول إلى نهج ثابت معطل ومعرقل لكل التحرّكات الهادفة إلى تحجيم الصراع أو حتى إطلاق مبادرات ودعوات وقف الاعتداء، وهو ما حدث خلال قمة القاهرة للسلام، التى اكتفت بالبيان الصادر عن رئاسة القمة، نتيجة اختلافهم حول المفاهيم والموقف السياسى من أطراف النزاع.
مصر كما جاء فى بيان الرئاسة كانت تتطلع «لأن يطلق المشاركون نداءً عالمياً للسلام يتوافقون فيه على أهمية إعادة تقييم نمط التعامل الدولى مع القضية الفلسطينية على مدار العقود الماضية».
وأقر البيان بوجود «قصور جسيم (فى المشهد الدولى) فى إيجاد حل عادل ودائم للقضية الفلسطينية على مدار العقود الماضية»، مُضيفاً: «كشفت الحرب الجارية عن خلل فى قيم المجتمع الدولى فى التعامل مع الأزمات، فبينما نرى هرولة وتنافساً على سرعة إدانة قتل الأبرياء فى مكان، نجد تردّداً غير مفهوم فى إدانة الفعل نفسه فى مكان آخر».
مصر بمكانتيها الدينية والسياسية فى العالمين العربى والإسلامى تقود محاولات «تصحيح الإبصار» للمجتمع الدولى المصمّم على التعامى، رغم ما تفضحه وسائل الإعلام وتحتج على استمراره الشعوب التى تجوب شوارع العالم احتجاجاً على تجاهل الحقيقة ومناصرة المعتدى وتورط الولايات المتحدة والغرب فى «جريمة القرن» وحرب الإبادة الجارية فى غزة.
أخطر النتائج تتمحور فى احتمالات اتساع المواجهات وتدخل أطراف أخرى تصر إسرائيل على استدعاء ممثليها فى المنطقة إلى ساحة الحرب دون تقدير للعواقب، وهو ما بات وشيكاً ولن يكون بإمكان أحد وقفه أو تقليل نتائجه المدمّرة، التى قد تطال العواصم التى أيدت العدوان.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي غزة وإسرائيل الحرب الأوكرانية عام الاستدامة غزة وإسرائيل
إقرأ أيضاً:
بين فشل أمريكا المُدوِّي وصمود اليمن.. قصة الضمير العربي الوحيد المدافع عن فلسطين
يمانيون../
في عالمٍ يقدِّس القوة المادية، يخرج اليمن من تحت أنقاض الحصار ليرسم بقوة إرادته درسًا جديدًا: “الأسلحة لا تصنع النصر، بل الإيمان يصنع المعجزات”. هذا التقرير ليس مجرد سردٍ لأحداث، بل كشفٌ لصراعٍ بين قوة السلاح وقوة الإيمان والإرادة، حيثُ يُعلِّم الشعب اليمني العالم أن “الاستسلام خيارٌ للجبناء”.
اليمن، البلد الأكثر فقرًا في المنطقة العربية، يُثبت أن الهزيمة لا تُقاس بموازين القوى العسكرية، بل بصلابة الإرادة. فبينما تنفق أمريكا مليارات الدولارات على حاملات الطائرات والصواريخ المتطورة، يرد اليمن بصواريخ نوعية محلية الصنع تصل إلى عمق كيان العدوّ الإسرائيلي في فلسطين المحتلة، وتُغلق موانئه، وتُربك أعتى الجيوش. هذا ليس انتصارًا عسكريًّا فقط، بل تحركًا أخلاقيًا يُعيد الكرامةَ إلى واجهة عالمٍ يمجّد القوة العمياء.
اعترافات أمريكية.. صرخاتٌ من داخل الجرح
1- “لا يمكنكم إعادتهم إلى العصر الحجري”
وصف عقيد أمريكي متقاعد واقع الحرب العدوانية على اليمن، مُعترفًا بعجز بلاده عن كسر شوكة الشعب اليمني رغم سنوات القصف: “سيبقون هناك ما دامت الأرض والسماء قائمتين… هم يقفون بقوة أمامكم، فلا تتعبوا أنفسكم”.
هذه الكلمات ليست مجرد اعترافٍ بالهزيمة، بل ناقوس خطر يُدق في واشنطن: الحرب على اليمن لم تُنتج سوى مزيدٍ من الصمود. فبعد 10 سنوات من العدوان السعوديّ الإماراتي المدعوم أمريكيًّا، و5 أسابيع من الحملة العسكرية المكثفة لإدارة ترامب، يخرج اليمن أقوى مما كان. التصريح يكشف حقيقةً مريرة: “القصف لا يُنتج إلا المزيد من المقاومة”، وهو درسٌ تعلمته أمريكا في فيتنام وأفغانستان، لكنها تُصر على تكرار الأخطاء.
2- اليمن.. الرد العربي الوحيد على جرائم العدوّ الإسرائيلي
كشف مسؤول الخزانة الأمريكية السابق الحقيقة المُرة بقوله: “الحوثيون يردُّون على ما يفعله الإسرائيليون بالفلسطينيين… لو لم تكن إسرائيل تفعل ما تفعله، لما تحرَّك الحوثيون. هذا هو الرد العربي الوحيد على الإبادة الجماعية الإسرائيلية في فلسطين… باقي العرب كأنهم مع إسرائيل”.
هذا التصريح يُجسِّد المفارقة الأخلاقية: شعبٌ مُحاصر يتحرَّك لنجدة إخوانه، بينما الأنظمة العربية تُزيِّن الصمت بالخطب، فبينما تُعلن دول عربية كبرى “التطبيع” مع كيان العدوّ المحتل، يرفض اليمن الانصياع، ويُحوِّل أزمته إلى قضية إنسانية عالمية. هنا يظهر التحرك الجهادي اليمني ليس فقط كتحرك عسكري، بل كـضمير حي للأمة العربية المُنهكة.
3- محارب أمريكي قديم: “شعب اليمن أفضل البشرية”
في كلماتٍ نادرة من جندي أمريكي يصف واقعًا ترفضه الإدارة الأمريكية، يقول فيها: “ميناء حيفا مغلقٌ ومفلس! لماذا؟ لأن شعب اليمن حفظه الله (أنصار الله) واجهوا ليس فقط إسرائيل، بل الإمبراطورية الأمريكية بأكملها… هؤلاء اليمنيون هم أفضل البشرية”، مضيفًا: “إسرائيل تحرق الفلسطينيين بفضل أموال دافعي الضرائب الأمريكيين”.
هنا يتجلَّى الضمير الإنساني الذي يرفض أن يكون أداةً للاحتلال، حتى لو خرج من قلب العدوّ نفسه، التصريح يُظهر تناقضًا صارخًا في السياسة الأمريكية: دعم العدوّ الإسرائيلي بلا قيود، بينما تُدان أية محاولة عربية للدفاع عن النفس ودعم المقاومة الفلسطينية. اليمن أصبح مرآةً تُعري ازدواجية المعايير الغربية.
“إسرائيل” تُطلق صفارات الإنذار
1- وزير الحرب السابق: “الحوثيون تهديد وجودي”
عندما يعترف وزير الحرب الإسرائيلي السابق بأن ما أسماهم “الحوثيين” “تهديد خطير لنا، وأمريكا ستفشل في حربها عليهم”، فهذا يعني أن صواريخ اليمن وصلت إلى عمق الكيان النفسي قبل العسكري. فـ”التهديد الوجودي” ليس مجرد خسارة معركة، بل انهيار أسطورة الأمن الإسرائيلي التي بُنيت على عقود من التفوق التكنولوجي.
2- خبير “إسرائيلي”: “أمريكا فشلت كما فشل السعوديون”
بعد 8 سنوات من العدوان السعوديّ الإماراتي المدعوم أمريكيًّا، و5 أسابيع من الحملة العدوانية الأمريكية الجديدة، يصرخ خبير إسرائيلي: “على الرغم من الهجمات التي نشهدها… القدرات الصاروخية اليمنية سليمة… التحالف السعودي فشل، والأمريكي فشل”.
هذا الإعلان يُثبت أن المال والسلاح لا يشتريان الإرادة، وأن “الإيمان وقوة الإرادة” اليمنية أقوى من كلّ الترسانات.
الإعلام الغربي.. شاهدٌ على الزيف الأمريكي
1- سي إن إن: “الحوثيون يتحدون أمريكا”
في تقاريرها المُتكررة، تُقرُّ الشبكة: “رغم الحملة الجوية الأمريكية، كبار قادة الحوثيين على قيد الحياة، ومواقع صواريخهم نشطة… هجماتهم على إسرائيل والسفن الأمريكية لم تتوقف”.
هذه التقارير ليست “دعاية حوثية”، بل شهادة محايدة تُدين فشل الحملات الغربية. فبعد أكثر من 1200 غارة جوية أمريكية وقصف بحري خلال أسابيع قليلة، لم تُحقق واشنطن أي تقدم ملموس.
2- نيويورك تايمز: “الغارات الأمريكية تقوّي الحوثيين”
بعد إنفاق أكثر من مليار دولار خلال شهر، تقول الصحيفة: “حتى الآن، لا يبدو أن الحملة الأمريكية في اليمن قد ردعت الحوثيين… الباحثون يحذرون: الغارات الأمريكية قد تخدمهم بدلًا من ردعهم”.
خبراء غربيون: “اليمن قوة لا تُقهَر”
1- خبير من واشنطن: “الحوثيون أقوياء للغاية”
جورجيو كافييرو، مدير معهد دراسات الخليج، يلخص فشل ترامب: “إدارته على خطى سابقتها والسعودية في الفشل… هجمات الحوثيين مميتة ولم تتوقف، وهم أقوياء للغاية وقوة لا يُستهان بها، ولديهم قدرات مميزة استراتيجية تكيفية، وصمودهم استثنائي”.
هذا التحليل لا ينفي قوة الشعب اليمني فحسب، بل يؤكد أن الاستراتيجية اليمنية قائمة على فهم عميق لضعف الخصم: اعتماد أمريكا على التكنولوجيا باهظة الثمن، بينما تعتمد القوات المسلحة اليمنية على “حرب الاستنزاف” الأقل كلفةً والأكثر فاعلية.
2- فورين بوليسي: “البحرية الأمريكية تفقد هيبتها”
كشفت المجلة عن تداعيات كارثية: “الحوثيون يُقوِّضون هيبة البحرية… خبير بحري: لو سُئلنا لماذا نحتاج قوات بحرية؟ لن نجد جوابًا”.
هذا الاعتراف يُجسِّد مأزقًا استراتيجيًّا لواشنطن: كيف تُهدر مليارات الدولارات في حربٍ لا تُحسَم؟ فالقدرات البحرية الأمريكية التي هيمنت على المحيطات لعقود، تُهدر في مواجهة صواريخ وطائرات يمنية محلية الصنع.
البنتاغون.. صمت العاجزين
1- فورين بوليسي: “غياب الشفافية فضحية”
في تحليلٍ لاذع، تُعلن المجلة: “لا مؤتمرات صحفية حول الحرب… فقط فيديوهات دعائية من على متن حاملات الطائرات”.
هذا الصمت ليس “تكتيكًا عسكريًّا”، بل هروبًا من الإجابة على سؤالٍ واحد: متى ستعترفون بالهزيمة؟ فالبنتاغون، الذي اعتاد التباهي بانتصاراته الوهمية، يختبئ اليوم خلف شاشات الدعاية، بينما الشعب اليمني يُسيطر على السردية الإعلامية بصواريخه وقدرته على التحمل.
دروس من تحت الأنقاض
اليمن لم يُهزم رغم:
– 8 سنوات عدوان + سنة ونصف.
– مليارات الدولارات الأمريكية.
– حصارٍ خانقٍ.
لكنَّه خرجَ بقانونٍ جديد: “الشعوب التي تتحرك وتموت من أجل الحق والحرية، لا تُدفَن أبدًا”.
السؤال الذي يُرعب واشنطن و “تل أبيب”: ماذا لو اتَّبعت كلّ الشعوب العربية نهج اليمن؟ التاريخ يُعلّمنا أن المقاومة تُعدي، وأن شعوبًا كثيرةً قد تستيقظ من سباتها لتُحاكي النموذج اليمني.
أمريكا و”إسرائيل” تعيشان اليوم في كابوسٍ اسمه “مقاومة المؤمنين المستضعفين”، حيثُ تُصبح الترسانات العسكرية عبئًا، والإيمان والإرادة سلاحًا لا يُقهر. اليمن يكتب فصلًا جديدًا في سفر النضال الإنساني: “لا غالب إلا قوة الإيمان والإرادة”.
أحمد الهادي-المسيرة