مواجهة الدعم الأعمى لإسرائيل في الغرب
تاريخ النشر: 24th, October 2023 GMT
أمضيت الأسبوع الماضي في رحلة عمل إلى واشنطن. وبالرغم من التغطية الإعلامية الغربية المنحازة لإسرائيل والتي نراها على شاشات التلفزيون، إلا أنني فوجئت بحجم التعاطف الغربي مع إسرائيل لدى الناس العاديين، وافتقارهم للحد الأدنى من فهم السياق العام الذي تجري بسببه الأحداث، وتصديقهم للرواية الإسرائيلية بشكل يكاد يكون كاملا.
صحيح أن هناك مظاهرات كبيرة خرجت في عدة عواصم غربية لتأييد الفلسطينيين وما يتعرضون إليه من حصار خانق على غزة وقصف مستمر ينال المدنيين الأبرياء، ولكن الغالبية العظمى من الناس لا تصلها الرواية الفلسطينية. كما أن هناك حملة مسعورة لنزع الإنسانية عن الفلسطينيين وتصويرهم بأنهم خارج دائرة الحضارة الإنسانية، وهذا أمر في غاية الخطورة ويجب التصدي له بكل إصرار ومهنية.
هناك حاجة بالغة للحديث مع الغرب بلغة يفهمها. للأسف، فإن الرواية العربية تقدم في كثير من الأحيان بعاطفية مفرطة، وإن كانت مفهومة، وبجهل كبير في اختيار الحجج المنطقية التي تستطيع النفاذ إلى العقل الغربي، وباستخدام الحنجرة بدلا عن المنطق، ما يجعل الرواية الإسرائيلية أكثر تماسكا وأقرب إلى هذا العقل الغربي.
يقول البعض إنه لا حاجة لمخاطبة الرأي العام الغربي باعتبار أن لا فائدة من ذلك، وأنا أختلف تماما مع هذا المنطق. إن الوصول إلى هذا الرأي العام عن طريق المنطق والحجج الوازنة هو من سينجح في النهاية ليس فقط للتأثير في هذا الرأي، ولكن أيضا للضغط على الحكومات الغربية لتغيير موقفها من القضية الفلسطينية. ويتطلب ذلك عملا ممنهجا وطويلاً ودراية معمقة للصراع وللغرب تسخر لمخاطبة مستمرة ومقنعة تشق طريقها بنجاح مع مرور الأيام.
أريد أن أشارك القراء ببعض الحجج التي تستخدم من بعض المسؤولين والمحللين العرب والتي أرى أنها تنجح في إعطاء الغربيين صورة مختلفة عن الصورة التي تحاول إسرائيل، وبنجاح، تقديمها للعالم.
أولا، إن استهداف المدنيين مدان بكافة المعايير، وقد وضع الدين الإسلامي قواعد واضحة تمنع استهداف النساء والشيوخ والأطفال، ويجب أن لا يكون هناك أي حرج في الوقوف ضد أي ممارسة لمثل هذا الاستهداف، سواء من أي جانب فلسطيني أو إسرائيلي.
وضع الدين الإسلامي قواعد واضحة تمنع استهداف النساء والشيوخ والأطفال، ويجب أن لا يكون هناك أي حرج في الوقوف ضد أي ممارسة لمثل هذا الاستهداف، سواء من أي جانب فلسطيني أو إسرائيلي
وبنفس المنطق، فإن الوقوف ضد استهداف المدنيين لا يجوز أن يكون انتقائيا على الإطلاق، لأن إسرائيل تستهدف المدنيين أيضا. فعلت ذلك على سبيل المثال في خمس حروب شنتها على غزة في العقدين الماضيين، ما أدى إلى مقتل أكثر من ثلاثة عشر ألف فلسطيني غالبيتهم من الأطفال والنساء، وتفعل هذا اليوم وقد قتلت الآلاف من الفلسطينيين في غارات جوية متلاحقة وحصار خانق، وهي لم تدخل غزة بريا بعد.
ثانيا، إن الحجة التي يستخدمها العالم الغربي بأن لإسرائيل «حق الدفاع عن النفس» لا يجوز أن تستخدم ذريعة لوضع أكثر من مليوني فلسطيني تحت حصار خانق، وتقطع عنهم الكهرباء والأدوية والغذاء. إن «حق الدفاع عن النفس» لا يتماشى مع القصف الذي تتعرض له غزة، ولا مع الهجوم البري الذي يجري التخطيط له، فهذا مخالف للقانون الدولي بشكل واضح. كما أنه ليس هناك شيء يدعى تجنب استهداف المدنيين الذي تدعيه إسرائيل، فالقصف الجوي لغزة بحد ذاته استهداف للمدنيين، ولا توجد طريقة للتفرقة بين مقاتلي حماس وبين المدنيين جراء القصف أو الاجتياح البري.
ثالثا، لا يجوز الحديث عما يجري دون فهم السياق العام، الذي يتمثل بوجود الاحتلال الإسرائيلي، والذي يشكل أطول احتلال في العصر الحديث.
لا يستطيع العالم أن يتجاهل الحصار الذي فرضته إسرائيل على غزة لقرابة عقدين من الزمن، ويتجاهل وجود أي خطة تعطي الفلسطينيين الأمل بانهاء الاحتلال وإقامة دولتهم المستقلة، وذلك للعشر سنوات الماضية، ثم يدعي المفاجأة مما حصل. إن ما حصل نتيجة طبيعية للإحباط الذي يشعر به الفلسطينيون، وانعدام الأمل بوجود «ضوء في نهاية النفق».
رابعا، ليس هناك من حل عسكري للصراع. حاولت إسرائيل إنهاء القدرة العسكرية لحزب الله عام 2006 وفشلت، ولدى حزب الله اليوم إمكانات عسكرية تفوق الكثير ما كان لديه عام 2006، ولن تنجح اليوم في إنهاء حماس. إن أراد العالم الانتهاء من دوامة العنف بين الجانبين، فلا مناص من عملية سياسية غير مفتوحة كما في السابق، بل واحدة تؤدي إلى انهاء الاحتلال الإسرائيلي. أما الدخول إلى غزة بأي شكل فهو مغامرة إسرائيلية انتقامية لن ينتج عنها إلا قتل المزيد من المدنيين وقتل أي فرصة لحل سياسي للأزمة.
خامسا، لقد حذر الكثيرون، وأنا منهم، أن إسرائيل ستحاول استخدام ظروف الحرب كي تتخلص من أكبر عدد ممكن من الفلسطينيين، من غزة إلى مصر، ومن الضفة الغربية إلى الأردن، وذلك كالخيار الوحيد الذي تمتلكه إن لم ترغب في انهاء الاحتلال أو وجود أغلبية فلسطينية داخل الأراضي التي تسيطر عليها. ولكن الفلسطينيين واعون هذه المرة لعدم تكرار نكبة ثانية، ويعرفون جيدا أن من يترك أرضه لن يسمح له بالعودة ثانية، تماما كما فعلت إسرائيل عام 1984. لذا، فإن الموقفين الأردني والمصري بعدم فتح معابر الحدود يهدفان إلى مساعدة الفلسطينيين بالبقاء على أرضهم، وليست مواقف تؤذي الفلسطينيين كما تدعي وسائل الإعلام الغربية.
مطلوب اليوم مزيد من الحديث مع وسائل الإعلام الغربية بهدوء واتزان ومنطق وبدون الانفعال وإعلاء الصوت، كما تفعل بعض الأصوات العربية، مما يستطيع أن يحدث اختراقا سيتسع مع مرور الوقت إن أحسنا استخدام الوسائل التي طالما استخدمتها إسرائيل في تعاطيها الإعلامي.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الغربية الرواية الغرب الدعم دولة الاحتلال الرواية سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات رياضة سياسة رياضة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
المرصد الإعلامي لمنظمة التعاون الإسلامي يوثق جرائم إسرائيل ضد الفلسطينيين
المناطق_واس
وثق المرصد الإعلامي لمنظمة التعاون الإسلامي جرائم إسرائيل ضد الفلسطينيين، حيث بلغ عدد الشهداء في قطاع غزة، منذ 5 إلى 11 نوفمبر 2024، (242) شهيدًا، فيما بلغ عدد الجرحى (662) جريحًا، كما سجّل المرصد وقوع (19) مجزرة تركز معظمها في شمال ووسط القطاع.
وزادت جرائم إسرائيل على مدى الأسبوع الماضي في شمال قطاع غزة بصورة مسعورة وكأنها في سباق مع الزمن، حيث عادت إلى سياسة التجويع والقتل الجماعي والتهجير القسري التي تستهدف النازحين.
أخبار قد تهمك ولي العهد يلتقي رئيس دولة فلسطين 11 نوفمبر 2024 - 10:30 مساءً استشهاد سبعة فلسطينيين في قصف إسرائيلي على مدرسة وخيمة للنازحين بغزة وخانيونس 9 نوفمبر 2024 - 9:14 صباحًاوتركز القصف الإسرائيلي ضد مراكز الإيواء في شمال القطاع، حيث استهدف عائلة حمادة ليقتل نساءً وأطفالًا في قصف حي الدرج في وسط غزة, كما قتل جيش الاحتلال 12 فلسطينيًا في قصف جوي استهدف مدرسة شحيبر التي تؤوي نازحين وتتبع وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الأنروا.
وأمرت قوات الاحتلال السكان في شمال الشاطئ والنصر وعبدالرحمن، ومدينة العودة والكرامة، التي تقع غرب وشمال غربي مدينة غزة، بضرورة النزوح جنوبًا.
وأكدت الأمم المتحدة أن 85% من محاولات تنسيق دخول قوافل المساعدات والزيارات الإنسانية إلى شمال القطاع يتم رفضها أو عرقلتها من قبل إسرائيل رغم الظروف القاسية التي يمر بها القطاع.
وفي الضفة الغربية والقدس المحتلة، سجّل مرصد المنظمة سقوط (12) شهيدًا، و(29) جريحًا، فيما اعتقلت قوات الاحتلال (189) آخرين، ليصل مجموع عدد الشهداء الفلسطينيين منذ 7 أكتوبر 2023 إلى 11 نوفمبر 2024، إلى (44383) فيما بلغ عدد الجرحى للفترة نفسها (109179) جريحًا.
وعلى صعيد هدم واحتلال وحرق المنازل، فقد بلغ عددها خلال أسبوع الرصد (22) منزلًا حيث هدمت قوات الاحتلال 16 منزلًا موزعة على الضفة الغربية والقدس المحتلة، وأحرقت آخر في مخيم جنين، واحتلت منزلًا في رام الله وهدمت محلًا تجاريًا وأحرقت آخر في مخيم طولكرم، كما دمّر المستوطنون 4 كرافانات (بيوت متنقلة) في بلدة السعير بالخليل، وطردت سكانها.
وفي ذات السياق، جرفت قوات الاحتلال شوارع ودمرت منشآت بنية تحتية في كل من مخيم الفارعة وبلدة طمون في طوباس وبلدة قباطية في جنين ومخيم نور شمس بطولكرم، فضلًا عن جرفها منطقة زراعية بين بلدتي قراوة وبني حسان وقرية سرطة في سلفيت.
كما وثق مرصد المنظمة (53) غارة نفذها المستوطنون ضد قرى وبلدات الضفة الغربية والقدس المحتلة، فيما تواصلت الهجمات على موسم قطاف الزيتون، حيث تعرضت 27 قرية فلسطينية لـ 38 اعتداءً، تنوع بين منع أصحاب المزارع من جني محاصيلهم وقطع واقتلاع وحرق أشجار الزيتون، وجرف الأراضي الزراعية وقطع الطرق المؤدية إليها وسرقة محاصيل الزيتون.
وشاركت قوات الاحتلال في عمليات النهب والقمع فيما تركزت الاعتداءات على قرى محافظة نابلس.
وواصل المتطرفون اقتحام المسجد الأقصى المبارك طوال معظم أيام الأسبوع، كما هاجم مستوطنون المصلين في صلاة الفجر في مسجد في قرية برقة بنابلس وحطموا زجاج مركبة أمام المسجد، وأحرق آخرون سيارة فلسطيني في قرية كفر مالك في رام الله، وقتلوا مسنًا فلسطينيًا بعد رش غاز الفلفل في وجهه مما أدى إلى اختناقه.
وسجّل المرصد (5) أنشطة استيطانية خلال المدة المذكورة جاء أبرزها استيلاء المستوطنين على قطعة أرض وزراعتها بأشجار الزيتون في الأغوار الشمالية، وبنى آخرون منزلًا متنقلًا على أرض مطلة على قرية خلايل اللوز ببيت لحم، بالإضافة إلى قرية جالود بهدف تحويلها إلى بؤر استيطانية، وقام آخرون بحراثة أراض وسرقة منازل متنقلة في قرية خلايل اللوز، تمهيدًا للاستيلاء عليها.
فيما وثق المرصد بين 5 و11 نوفمبر اقتراف قوات الاحتلال والمستوطنين لـ (1855) جريمة شملت كذلك اقتحام قوات الاحتلال كنيسة “باتر نوستر(الأبانا)” الواقعة في الجزء العلوي من جبل الزيتون في القدس الشرقية، التي تديرها فرنسا بالتزامن مع وصول وزير الخارجية الفرنسية، بالإضافة إلى اعتداءات عديدة طالت قطاع التعليم في محافظة طوباس شملت اقتحام مدرستي المالح الأساسية ومدرسة أخرى للبنات.