عربي21:
2025-01-16@05:21:59 GMT

مواجهة الدعم الأعمى لإسرائيل في الغرب

تاريخ النشر: 24th, October 2023 GMT

أمضيت الأسبوع الماضي في رحلة عمل إلى واشنطن. وبالرغم من التغطية الإعلامية الغربية المنحازة لإسرائيل والتي نراها على شاشات التلفزيون، إلا أنني فوجئت بحجم التعاطف الغربي مع إسرائيل لدى الناس العاديين، وافتقارهم للحد الأدنى من فهم السياق العام الذي تجري بسببه الأحداث، وتصديقهم للرواية الإسرائيلية بشكل يكاد يكون كاملا.



صحيح أن هناك مظاهرات كبيرة خرجت في عدة عواصم غربية لتأييد الفلسطينيين وما يتعرضون إليه من حصار خانق على غزة وقصف مستمر ينال المدنيين الأبرياء، ولكن الغالبية العظمى من الناس لا تصلها الرواية الفلسطينية. كما أن هناك حملة مسعورة لنزع الإنسانية عن الفلسطينيين وتصويرهم بأنهم خارج دائرة الحضارة الإنسانية، وهذا أمر في غاية الخطورة ويجب التصدي له بكل إصرار ومهنية.

هناك حاجة بالغة للحديث مع الغرب بلغة يفهمها. للأسف، فإن الرواية العربية تقدم في كثير من الأحيان بعاطفية مفرطة، وإن كانت مفهومة، وبجهل كبير في اختيار الحجج المنطقية التي تستطيع النفاذ إلى العقل الغربي، وباستخدام الحنجرة بدلا عن المنطق، ما يجعل الرواية الإسرائيلية أكثر تماسكا وأقرب إلى هذا العقل الغربي.

يقول البعض إنه لا حاجة لمخاطبة الرأي العام الغربي باعتبار أن لا فائدة من ذلك، وأنا أختلف تماما مع هذا المنطق. إن الوصول إلى هذا الرأي العام عن طريق المنطق والحجج الوازنة هو من سينجح في النهاية ليس فقط للتأثير في هذا الرأي، ولكن أيضا للضغط على الحكومات الغربية لتغيير موقفها من القضية الفلسطينية. ويتطلب ذلك عملا ممنهجا وطويلاً ودراية معمقة للصراع وللغرب تسخر لمخاطبة مستمرة ومقنعة تشق طريقها بنجاح مع مرور الأيام.

أريد أن أشارك القراء ببعض الحجج التي تستخدم من بعض المسؤولين والمحللين العرب والتي أرى أنها تنجح في إعطاء الغربيين صورة مختلفة عن الصورة التي تحاول إسرائيل، وبنجاح، تقديمها للعالم.
أولا، إن استهداف المدنيين مدان بكافة المعايير، وقد وضع الدين الإسلامي قواعد واضحة تمنع استهداف النساء والشيوخ والأطفال، ويجب أن لا يكون هناك أي حرج في الوقوف ضد أي ممارسة لمثل هذا الاستهداف، سواء من أي جانب فلسطيني أو إسرائيلي.
وضع الدين الإسلامي قواعد واضحة تمنع استهداف النساء والشيوخ والأطفال، ويجب أن لا يكون هناك أي حرج في الوقوف ضد أي ممارسة لمثل هذا الاستهداف، سواء من أي جانب فلسطيني أو إسرائيلي

وبنفس المنطق، فإن الوقوف ضد استهداف المدنيين لا يجوز أن يكون انتقائيا على الإطلاق، لأن إسرائيل تستهدف المدنيين أيضا. فعلت ذلك على سبيل المثال في خمس حروب شنتها على غزة في العقدين الماضيين، ما أدى إلى مقتل أكثر من ثلاثة عشر ألف فلسطيني غالبيتهم من الأطفال والنساء، وتفعل هذا اليوم وقد قتلت الآلاف من الفلسطينيين في غارات جوية متلاحقة وحصار خانق، وهي لم تدخل غزة بريا بعد.
ثانيا، إن الحجة التي يستخدمها العالم الغربي بأن لإسرائيل «حق الدفاع عن النفس» لا يجوز أن تستخدم ذريعة لوضع أكثر من مليوني فلسطيني تحت حصار خانق، وتقطع عنهم الكهرباء والأدوية والغذاء. إن «حق الدفاع عن النفس» لا يتماشى مع القصف الذي تتعرض له غزة، ولا مع الهجوم البري الذي يجري التخطيط له، فهذا مخالف للقانون الدولي بشكل واضح. كما أنه ليس هناك شيء يدعى تجنب استهداف المدنيين الذي تدعيه إسرائيل، فالقصف الجوي لغزة بحد ذاته استهداف للمدنيين، ولا توجد طريقة للتفرقة بين مقاتلي حماس وبين المدنيين جراء القصف أو الاجتياح البري.
ثالثا، لا يجوز الحديث عما يجري دون فهم السياق العام، الذي يتمثل بوجود الاحتلال الإسرائيلي، والذي يشكل أطول احتلال في العصر الحديث.

لا يستطيع العالم أن يتجاهل الحصار الذي فرضته إسرائيل على غزة لقرابة عقدين من الزمن، ويتجاهل وجود أي خطة تعطي الفلسطينيين الأمل بانهاء الاحتلال وإقامة دولتهم المستقلة، وذلك للعشر سنوات الماضية، ثم يدعي المفاجأة مما حصل. إن ما حصل نتيجة طبيعية للإحباط الذي يشعر به الفلسطينيون، وانعدام الأمل بوجود «ضوء في نهاية النفق».

رابعا، ليس هناك من حل عسكري للصراع. حاولت إسرائيل إنهاء القدرة العسكرية لحزب الله عام 2006 وفشلت، ولدى حزب الله اليوم إمكانات عسكرية تفوق الكثير ما كان لديه عام 2006، ولن تنجح اليوم في إنهاء حماس. إن أراد العالم الانتهاء من دوامة العنف بين الجانبين، فلا مناص من عملية سياسية غير مفتوحة كما في السابق، بل واحدة تؤدي إلى انهاء الاحتلال الإسرائيلي. أما الدخول إلى غزة بأي شكل فهو مغامرة إسرائيلية انتقامية لن ينتج عنها إلا قتل المزيد من المدنيين وقتل أي فرصة لحل سياسي للأزمة.

خامسا، لقد حذر الكثيرون، وأنا منهم، أن إسرائيل ستحاول استخدام ظروف الحرب كي تتخلص من أكبر عدد ممكن من الفلسطينيين، من غزة إلى مصر، ومن الضفة الغربية إلى الأردن، وذلك كالخيار الوحيد الذي تمتلكه إن لم ترغب في انهاء الاحتلال أو وجود أغلبية فلسطينية داخل الأراضي التي تسيطر عليها. ولكن الفلسطينيين واعون هذه المرة لعدم تكرار نكبة ثانية، ويعرفون جيدا أن من يترك أرضه لن يسمح له بالعودة ثانية، تماما كما فعلت إسرائيل عام 1984. لذا، فإن الموقفين الأردني والمصري بعدم فتح معابر الحدود يهدفان إلى مساعدة الفلسطينيين بالبقاء على أرضهم، وليست مواقف تؤذي الفلسطينيين كما تدعي وسائل الإعلام الغربية.

مطلوب اليوم مزيد من الحديث مع وسائل الإعلام الغربية بهدوء واتزان ومنطق وبدون الانفعال وإعلاء الصوت، كما تفعل بعض الأصوات العربية، مما يستطيع أن يحدث اختراقا سيتسع مع مرور الوقت إن أحسنا استخدام الوسائل التي طالما استخدمتها إسرائيل في تعاطيها الإعلامي.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الغربية الرواية الغرب الدعم دولة الاحتلال الرواية سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات رياضة سياسة رياضة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

موقع روسي: هل تندلع مواجهة مباشرة بين إسرائيل وتركيا في سوريا

نشر موقع "المركز الروسي الاستراتيجي للثقافات" تقريرا سلّط فيه الضوء على إمكانية نشوب مواجهة مباشرة بين تركيا و"إسرائيل" في أعقاب التطورات على الساحة السورية، واحتمال تورط الولايات المتحدة في هذا الصراع.

وقال الموقع في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إن لجنة يقودها الرئيس السابق لمجلس الأمن القومي الإسرائيلي يعقوب ناغل، أصدرت مؤخرا وثيقة ترسم ملامح الخطط الاستراتيجية للسنوات العشر القادمة، وقد تناولت احتمالات اندلاع مواجهة مع تركيا في إطار الصراع على النفوذ الإقليمي بعد انهيار نظام الأسد في سوريا.

وثيقة ناغل السرية
قدمت اللجنة التي تشكلت في آب/ أغسطس 2024 برئاسة يعقوب ناغل المقرب من نتنياهو، بمشاركة مسؤولين من الحكومة ووزارة المالية والدفاع وعدد من الهيئات الأخرى، تقريرها في السادس من كانون الثاني/ يناير الجاري، إلى رئيس الوزراء ووزير الدفاع يسرائيل كاتس ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش.



وعقب صدور تقرير لجنة ناغل، عقد وزير الحرب الإسرائيلي اجتماعا خاصا لمناقشة قضايا الأمن المتعلقة بتركيا، وفق ما نقلته صحيفة "جيروزاليم بوست". وقد حضر الاجتماع وزير الخارجية جدعون ساعر، ورئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي، بالإضافة إلى ممثلين رفيعي المستوى من وزارة الدفاع.

وكشفت "جيروزاليم بوست" أن الوثيقة السرية المكونة من 20 صفحة، حذرت من أن مساعي تركيا لاستعادة أمجاد الإمبراطورية العثمانية يهدد بتدهور العلاقات مع "إسرائيل"، مع احتمال نشوب صراع مباشر بين الطرفين. كما تذكر الوثيقة أن تحالف الفصائل السورية مع أنقرة يمثل تهديدًا أمنيًا جديدًا لـ"إسرائيل" قد يكون "أكثر خطورة من التهديد الإيراني".

وترجح مصادر صحيفة "جيروزاليم بوست" أن يعقد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اجتماعًا قريبًا حول تركيا، يتم خلاله النظر في تأثير أنقرة في المنطقة والتحديات التي قد تطرأ على "إسرائيل" ومصالحها.

ونقل الموقع عن نتنياهو قوله بعد الاطلاع على الوثيقة، دون أن يذكر تركيا بشكل صريح: "نشهد تغييرات جذرية في الشرق الأوسط. لقد كانت إيران منذ فترة طويلة أكبر تهديد لنا، لكن دخلت قوى جديدة إلى الساحة وعلينا الاستعداد للتحديات غير المتوقعة والتهديدات الجديدة. يقدم لنا هذا التقرير خريطة طريق لتأمين مستقبل إسرائيل".

وذكر الموقع أن الوثيقة توصي بضرورة رفع ميزانية الدفاع، وتحديد مدة الخدمة العسكرية للرجال بـ36 شهراً كحد أدنى، وتحديث المجمع الصناعي العسكري، فضلاً عن شراء كميات كبيرة من الأسلحة والتقنيات العسكرية الحديثة وأنظمة الدفاع المتطورة.

كما تُوصي الوثيقة بتغيير العقيدة العسكرية الإسرائيلية من "ردع الأعداء" إلى "شن هجمات وقائية ضدهم"، وتعزيز الدفاعات الجوية والصاروخية، وشراء طائرات حربية جديدة، وتعزيز الحاجز الأمني في نهر الأردن.

هل تتورط الولايات المتحدة في الصراع؟
أوضح المركز الروسي أن "إسرائيل" عززت وجودها العسكري في الجولان بعد سقوط نظام الأسد، واحتلت أراضٍ جديدة في محافظتي القنيطرة ودمشق.

ورغم أن تقلص النفوذ الإيراني في سوريا يُعد إنجازًا عسكريًا وسياسيًا كبيرًا لـ"إسرائيل"، إلا أن مؤلفي "تقرير ناغل" يرون أن هذه الانتصارات مجرد إنجازات تكتيكية، وأن المستفيد الأكبر مما  يحدث في سوريا على المستوى الاستراتيجي هو تركيا.

واعتبر المركز الروسي أنه رغم القوة العسكرية والاستخباراتية الإسرائيلية، فإن نقص القوى والموارد اللازمة لخوض صراع مباشر مع تركيا، وكذلك استحالة الحفاظ على مناطق كبيرة في الأراضي السورية، سيدفع الإسرائيليين إلى إشراك واشنطن في تحركاتهم الإقليمية لاحتواء النفوذ التركي.

وبالتالي من المتوقع قيام واشنطن بخطوة تمهيدية نيابة عن "إسرائيل"، من خلال التصعيد العسكري في شمال سوريا، رغم وعود ترامب المعلنة بسحب القوات الأمريكية من منطقة الفرات، ما قد يؤدي إلى تورط الولايات المتحدة في حرب طويلة أخرى من أجل تحقيق أهداف بعيدة المدى تتعلق أساسا بمشروع "إسرائيل الكبرى"، وفقا للمركز.

ويرى المركز أنه رغم التزام ترامب الواضح بالأجندة "الصهيو مسيحية" والتي ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالمؤسسة الحاكمة في "إسرائيل"، إلا أن آراء كبار مستشاريه قد تتباين بشأن اتباع خطط نتنياهو.

تلك الخطط قد تؤدي إلى مواجهة مفتوحة، ليس مع إيران فحسب، بل أيضًا مع تركيا حليفة الولايات المتحدة في الناتو، والتي استطاعت إثبات نفسها في مجال صنع الطائرات دون طيار وعدد من التقنيات العسكرية الأخرى.

الورقة الكردية
وكان الرئيس التركي قد اتهم في تشرين الأول/ أكتوبر 2024، خلال افتتاح الدورة الجديدة للبرلمان، حكومة نتنياهو بأنها ترغب في التوسع على حساب بلاده قائلاً: "الإدارة الإسرائيلية، التي تستند في تصرفاتها إلى وهم الأرض الموعودة، سوف تستهدف وطننا بعد فلسطين ولبنان، بعقلية دينية متعصبة.. تحلم حكومة نتنياهو بضم الأناضول، وقد كشفت عن هذا الهدف أكثر من مرة. نحن نتابع عن كثب الهجمات الإسرائيلية في فلسطين ولبنان، كما نلاحظ رغبتها في إنشاء كيان تابع لها في شمال العراق وسوريا، باستخدام المنظمات الانفصالية كأداة في سياستها الخارجية".



وكان وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر قد أعرب عن دعمه لحزب العمال الكردستاني قائلاً: "الأكراد هم شعب عظيم. وهو أحد الشعوب التي لا تتمتع بالاستقلال السياسي. إنهم حلفاؤنا الطبيعيون. ينبغي أن نمد يد العون للأكراد ونقوي علاقاتنا معهم، هذا له بعد سياسي وأمني".

وأضاف: "ينبغي أن تتحد الأقليات في المنطقة. الأكراد هم ضحايا القمع الإيراني والتركي. يتعين على إسرائيل التواصل معهم وتعزيز العلاقات. نحن أقلية في المنطقة، لذلك من الطبيعي أن تكون الأقليات الأخرى حليفتنا".

وختم المركز بأن مآلات التنافس على توسيع النفوذ بين "إسرائيل" والولايات المتحدة من جهة، وتركيا من جهة أخرى، سوف مستقبل سوريا والمنطقة ككل.

مقالات مشابهة

  • مصر قائدة الجهود الإنسانية لإغاثة غزة في مواجهة عدوان إسرائيل: قدمت 87‎%‎ من المساعدات
  • موقع روسي: هل تندلع مواجهة مباشرة بين إسرائيل وتركيا في سوريا
  • ‏المفوض العام لـ "الأونروا": الوكالة تتعهد بمواصلة مساعدة الفلسطينيين رغم حظرها في إسرائيل
  • تقرير المرصد الإعلامي لمنظمة التعاون الإسلامي لجرائم إسرائيل ضد الفلسطينيين
  • “إسرائيل” وخُطَّةُ التغيير الثقافي.. مشروعٌ خفي يهدّدُ الفلسطينيين والعربَ والمسلمين
  • أشرف العجرمي: إسرائيل لا تريد إطلاق سراح كافة الأسرى الفلسطينيين
  • شاهد بالفيديو.. الفنانة ندى القلعة تسخر من “الدعامي” الذي قبضت عليه قوات العمل الخاص بمدني وقال لهم “أنا حامل”: (الله يحلك بالسلامة وكدة عرفت سبب قعادكم في الدايات)
  • الجيش السوداني يسيطر على «ود ‏مدني».. تطور ميداني بارز في مواجهة ميليشيا الدعم السريع
  • البرهان: هناك أطراف تسعى لتأجيج الحرب داخل السودان
  • السودان: نشطاء يوثقون انتهاكات للجيش في ودمدني ويخشون حملات انتقامية ضد المدنيين