عربي21:
2024-12-16@01:21:54 GMT

مواجهة الدعم الأعمى لإسرائيل في الغرب

تاريخ النشر: 24th, October 2023 GMT

أمضيت الأسبوع الماضي في رحلة عمل إلى واشنطن. وبالرغم من التغطية الإعلامية الغربية المنحازة لإسرائيل والتي نراها على شاشات التلفزيون، إلا أنني فوجئت بحجم التعاطف الغربي مع إسرائيل لدى الناس العاديين، وافتقارهم للحد الأدنى من فهم السياق العام الذي تجري بسببه الأحداث، وتصديقهم للرواية الإسرائيلية بشكل يكاد يكون كاملا.



صحيح أن هناك مظاهرات كبيرة خرجت في عدة عواصم غربية لتأييد الفلسطينيين وما يتعرضون إليه من حصار خانق على غزة وقصف مستمر ينال المدنيين الأبرياء، ولكن الغالبية العظمى من الناس لا تصلها الرواية الفلسطينية. كما أن هناك حملة مسعورة لنزع الإنسانية عن الفلسطينيين وتصويرهم بأنهم خارج دائرة الحضارة الإنسانية، وهذا أمر في غاية الخطورة ويجب التصدي له بكل إصرار ومهنية.

هناك حاجة بالغة للحديث مع الغرب بلغة يفهمها. للأسف، فإن الرواية العربية تقدم في كثير من الأحيان بعاطفية مفرطة، وإن كانت مفهومة، وبجهل كبير في اختيار الحجج المنطقية التي تستطيع النفاذ إلى العقل الغربي، وباستخدام الحنجرة بدلا عن المنطق، ما يجعل الرواية الإسرائيلية أكثر تماسكا وأقرب إلى هذا العقل الغربي.

يقول البعض إنه لا حاجة لمخاطبة الرأي العام الغربي باعتبار أن لا فائدة من ذلك، وأنا أختلف تماما مع هذا المنطق. إن الوصول إلى هذا الرأي العام عن طريق المنطق والحجج الوازنة هو من سينجح في النهاية ليس فقط للتأثير في هذا الرأي، ولكن أيضا للضغط على الحكومات الغربية لتغيير موقفها من القضية الفلسطينية. ويتطلب ذلك عملا ممنهجا وطويلاً ودراية معمقة للصراع وللغرب تسخر لمخاطبة مستمرة ومقنعة تشق طريقها بنجاح مع مرور الأيام.

أريد أن أشارك القراء ببعض الحجج التي تستخدم من بعض المسؤولين والمحللين العرب والتي أرى أنها تنجح في إعطاء الغربيين صورة مختلفة عن الصورة التي تحاول إسرائيل، وبنجاح، تقديمها للعالم.
أولا، إن استهداف المدنيين مدان بكافة المعايير، وقد وضع الدين الإسلامي قواعد واضحة تمنع استهداف النساء والشيوخ والأطفال، ويجب أن لا يكون هناك أي حرج في الوقوف ضد أي ممارسة لمثل هذا الاستهداف، سواء من أي جانب فلسطيني أو إسرائيلي.
وضع الدين الإسلامي قواعد واضحة تمنع استهداف النساء والشيوخ والأطفال، ويجب أن لا يكون هناك أي حرج في الوقوف ضد أي ممارسة لمثل هذا الاستهداف، سواء من أي جانب فلسطيني أو إسرائيلي

وبنفس المنطق، فإن الوقوف ضد استهداف المدنيين لا يجوز أن يكون انتقائيا على الإطلاق، لأن إسرائيل تستهدف المدنيين أيضا. فعلت ذلك على سبيل المثال في خمس حروب شنتها على غزة في العقدين الماضيين، ما أدى إلى مقتل أكثر من ثلاثة عشر ألف فلسطيني غالبيتهم من الأطفال والنساء، وتفعل هذا اليوم وقد قتلت الآلاف من الفلسطينيين في غارات جوية متلاحقة وحصار خانق، وهي لم تدخل غزة بريا بعد.
ثانيا، إن الحجة التي يستخدمها العالم الغربي بأن لإسرائيل «حق الدفاع عن النفس» لا يجوز أن تستخدم ذريعة لوضع أكثر من مليوني فلسطيني تحت حصار خانق، وتقطع عنهم الكهرباء والأدوية والغذاء. إن «حق الدفاع عن النفس» لا يتماشى مع القصف الذي تتعرض له غزة، ولا مع الهجوم البري الذي يجري التخطيط له، فهذا مخالف للقانون الدولي بشكل واضح. كما أنه ليس هناك شيء يدعى تجنب استهداف المدنيين الذي تدعيه إسرائيل، فالقصف الجوي لغزة بحد ذاته استهداف للمدنيين، ولا توجد طريقة للتفرقة بين مقاتلي حماس وبين المدنيين جراء القصف أو الاجتياح البري.
ثالثا، لا يجوز الحديث عما يجري دون فهم السياق العام، الذي يتمثل بوجود الاحتلال الإسرائيلي، والذي يشكل أطول احتلال في العصر الحديث.

لا يستطيع العالم أن يتجاهل الحصار الذي فرضته إسرائيل على غزة لقرابة عقدين من الزمن، ويتجاهل وجود أي خطة تعطي الفلسطينيين الأمل بانهاء الاحتلال وإقامة دولتهم المستقلة، وذلك للعشر سنوات الماضية، ثم يدعي المفاجأة مما حصل. إن ما حصل نتيجة طبيعية للإحباط الذي يشعر به الفلسطينيون، وانعدام الأمل بوجود «ضوء في نهاية النفق».

رابعا، ليس هناك من حل عسكري للصراع. حاولت إسرائيل إنهاء القدرة العسكرية لحزب الله عام 2006 وفشلت، ولدى حزب الله اليوم إمكانات عسكرية تفوق الكثير ما كان لديه عام 2006، ولن تنجح اليوم في إنهاء حماس. إن أراد العالم الانتهاء من دوامة العنف بين الجانبين، فلا مناص من عملية سياسية غير مفتوحة كما في السابق، بل واحدة تؤدي إلى انهاء الاحتلال الإسرائيلي. أما الدخول إلى غزة بأي شكل فهو مغامرة إسرائيلية انتقامية لن ينتج عنها إلا قتل المزيد من المدنيين وقتل أي فرصة لحل سياسي للأزمة.

خامسا، لقد حذر الكثيرون، وأنا منهم، أن إسرائيل ستحاول استخدام ظروف الحرب كي تتخلص من أكبر عدد ممكن من الفلسطينيين، من غزة إلى مصر، ومن الضفة الغربية إلى الأردن، وذلك كالخيار الوحيد الذي تمتلكه إن لم ترغب في انهاء الاحتلال أو وجود أغلبية فلسطينية داخل الأراضي التي تسيطر عليها. ولكن الفلسطينيين واعون هذه المرة لعدم تكرار نكبة ثانية، ويعرفون جيدا أن من يترك أرضه لن يسمح له بالعودة ثانية، تماما كما فعلت إسرائيل عام 1984. لذا، فإن الموقفين الأردني والمصري بعدم فتح معابر الحدود يهدفان إلى مساعدة الفلسطينيين بالبقاء على أرضهم، وليست مواقف تؤذي الفلسطينيين كما تدعي وسائل الإعلام الغربية.

مطلوب اليوم مزيد من الحديث مع وسائل الإعلام الغربية بهدوء واتزان ومنطق وبدون الانفعال وإعلاء الصوت، كما تفعل بعض الأصوات العربية، مما يستطيع أن يحدث اختراقا سيتسع مع مرور الوقت إن أحسنا استخدام الوسائل التي طالما استخدمتها إسرائيل في تعاطيها الإعلامي.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الغربية الرواية الغرب الدعم دولة الاحتلال الرواية سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات رياضة سياسة رياضة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

إسرائيل تعلن إغلاق سفارتها في إيرلندا جراء سياسات متشددة معادية لإسرائيل

سرايا - أعلنت وزارة الخارجية الإسرائيلية، الأحد، أنها ستغلق سفارتها في إيرلندا بسبب سياسات الحكومة الإيرلندية "المتشددة المعادية لإسرائيل"، مما يزيد من توتر العلاقات بين البلدين.

وقالت الوزارة في بيان "أُتخذ قرار إغلاق سفارة إسرائيل في دبلن في ضوء السياسات المتشددة المعادية لإسرائيل التي تنتهجها الحكومة الإيرلندية".

من جانبه اعتبر رئيس الوزراء الإيرلندي سايمن هاريس، أن قرار إسرائيل إغلاق سفارتها في إيرلندا بسبب ما تقول إنها سياسات مناهضة لها هو قرار "مؤسف للغاية".

وقال هاريس في منشور على منصة إكس "أرفض تماما الادعاء بأن إيرلندا معادية لإسرائيل. إيرلندا مؤيدة للسلام وحقوق الإنسان والقانون الدولي".





تابع قناتنا على يوتيوب تابع صفحتنا على فيسبوك تابع منصة ترند سرايا


طباعة المشاهدات: 970  
1 - ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه. 15-12-2024 05:14 PM

سرايا

لا يوجد تعليقات
رد على :
الرد على تعليق
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
اضافة
مأساة إنسانية مروعة .. شاحن هاتف ينهي حياة 7 أفراد من عائلة واحدة العثور على ١٢ جثة بشرية في مطعم هندي نمر هارب يثير الرعب في شوارع تونس قصة نازي أسس نظام الرعب والتعذيب في سوريا .. إليك التفاصيل سامح الناصر رئيس هيئة الإدارة العامة لـ... أم تودع ابنها الشهيد بعد تكفينه ثم صرخت عليه قهراً... بالفيديو .. الفتاة السورية "ليا خير... أذاق السوريين الأمرين .. صور لفرع أمني أرعب حمص وحماة وفاة 4 اشقاء أردنيين بحادث سير مروع بالسعودية غارات أميركية بريطانية على الحديدة غرب اليمنالاحتلال يوافق على خطة لتوسيع المستوطنات في الجولان...وزير التربية السوري: لا تغيير على المناهج الحالية...بيدرسون يصل دمشق في أول زيارة بعد الإطاحة بالأسد8 ديسمبر لم يكن يوماً عادياً قبل إسقاط الأسد .....تركيا: الأسد تلقى اتصالاً خارجياً طلب منه مغادرة دمشقعشرات القتلى بجزيرة مايوت الفرنسية جراء الإعصار “شيدو”عقارات فاخرة في روسيا وفيينا .. مطاردة أموال..."البث العبرية": استدعاء قوات الشاباك بعد... نقيب المهن التمثيلية بمصر يؤكد .. وفاة الفنان نبيل... مرض غامض يصيب نجل فنان مصري .. يرقد منذ شهر في... إلهام شاهين تؤدي مناسك العمرة مع يسرا تعرف على الفنان السوري الراحل "شيخ... "وتر حساس" .. دراما مصرية تثير الفضول... إنييستا يودع الملاعب أمام 45 ألف متفرج في طوكيو أنشيلوتي راض عن أداء الريال بعد التعادل مع فايكانو الشناوي لجماهير الأهلي: سأرحل قناة ريال مدريد: نجهز فيديو لفضائح حكم مباراة فاليكانو توريس يقود التشكيل المتوقع لبرشلونة أمام ليجانيس بالفيديو .. الفتاة السورية "ليا خير الله": (الجولاني) طلب مني بلطف وأبوية أن أغطّي شعري قبل التقاط الصورة معه كشف الكذب: عبارات شائعة يستخدمها الكاذبون وكيفية التعرف عليها يابانيون يختبرون عقارا يجعل الأسنان تنمو من جديد أوبئة واعتزال فنانة شهيرة .. ليلى عبداللطيف تشعل الجدل بتوقعاتها لـ2025 مسلسل كرتوني يشعل حرباً كلامية بين بريطانيا وإسبانيا أحرقوها بمكواة .. هكذا عذّب والد وزوجته وشقيقه حتى الموت! خلال أعمال صيانة في أثينا .. اكتشاف تمثال وقطع أثرية من العصر الروماني (صورة) العريس محمود خسر حياته خلال شهر العسل .. هكذا قُتِلَ في وسط الشارع بسبب حادث سير خلاف على الميراث .. شخص يقتل شقيقه دهسا بسيارته جريمة مروعة .. امرأة تقتل زوجها لهذا السبب

الصفحة الرئيسية الأردن اليوم أخبار سياسية أخبار رياضية أخبار فنية شكاوى وفيات الاردن مناسبات أريد حلا لا مانع من الاقتباس وإعادة النشر شريطة ذكر المصدر(وكالة سرايا الإخبارية) saraynews.com
الآراء والتعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها فقط
جميع حقوق النشر محفوظة لدى موقع وكالة سرايا الإخبارية © 2024
سياسة الخصوصية برمجة و استضافة يونكس هوست test الرجاء الانتظار ...

مقالات مشابهة

  • عاجل العميل الإيراني رقم إثنين .. الهدف القادم الذي ينوي الغرب والعرب استهدافه واقتلاعه.. ثلاث خيارات عسكرية ضاربة تنتظرهم
  • إسرائيل تعلن إغلاق سفارتها في إيرلندا جراء سياسات متشددة معادية لإسرائيل
  • اعلام عبري:  هناك تقدم كبير بخصوص صفقة غزة بين إسرائيل وحماس
  • خبير: إسرائيل لم تعطِ لنفسها فرصة العيش مع الفلسطينيين جنبًا إلى جنب
  • السعودية: غياب المحاسبة وراء إمعان إسرائيل في استهداف المدنيين في غزة
  • السعودية: إمعان إسرائيل في انتهاك القانون واستهداف المدنيين نتيجة لغياب المحاسبة
  • «أونروا»: هدف إسرائيل من حظرنا هو تجريد اللاجئين الفلسطينيين من حق العودة
  • سياسي: إسرائيل تطمع في ثروات سوريا بتشجيع من الغرب
  • الأونروا: هدف إسرائيل هو تجريد الفلسطينيين من حقهم بالعودة
  • «أونروا»: إسرائيل تستهدف تجريد اللاجئين الفلسطينيين من حق العودة