لبنان ٢٤:
2024-12-28@04:51:07 GMT
حرب غزّة: العودة حتماً إلى درس 2006
تاريخ النشر: 24th, October 2023 GMT
كتب نقولا ناصيف في"الاخبار": كلما طلب سفير غربي موعداً لمقابلة مسؤول رسمي سأله اولاً: «ماذا عندكم؟»، ثم: «ماذا ستفعلون؟». همّه الاطمئنان الى امتناع حزب الله عن الانخراط في حرب غزة كأنه هاجس وحيد، من غير امتلاكه جواباً لمضيفيه: «ماذا ستفعل اسرائيل بعد الآن؟». لا ذاك عنده، ولا هذا.
عندما يُسأل السفراء اولئك عما يبصرونه في المرحلة المقبلة، يتحدثون عن معطيات خمسة:
اولها، ليس لبنان اصل المشكلة، بل غزة والحرب الناشبة بين اسرائيل وحماس.
ثانيها، رغم التوتر البادي في الايام الاخيرة بين الاميركيين والايرانيين مذ تصاعدت الهجمات على القواعد العسكرية الاميركية في العراق وسوريا، الا ان كلا البلدين لا يتوقف عن توجيه رسائل سياسية ضمنية، غير مباشرة، الى الآخر برفض الحرب المفتوحة واشتعال جبهات المنطقة كلها.ثالثها، لم يعد سيناريو ما نشأ في اللحظات التالية لما حدث في 7 تشرين الاول والتكهنات التي اعقبته هو النافذ في الوقت الحاضر. وضعت زيارة الرئيس الاميركي جو بايدن لاسرائيل اخيراً - وإن باصراره على الوقوف الى جانبها وتبنّي وجهات نظرها في ما حدث في الايام المنصرمة - سقفاً لما يفترض ان تؤول اليه تطورات المرحلة التالية. ذلك ما فسّر تأجيل الهجوم البري الاسرائيلي على غزة يوماً تلو آخر. مع انه في الحسبان قائم ينتظر توقيته، الا ان احداً وخصوصاً الاميركيين والاسرائيليين لا يسعه الا تحسُّب ما سينتهي اليه وكيف؟ ومدى القدرة على تحقيق تقدّم نوعي حاسم والكلفة التي سيتكبدها الاسرائيليون في جيشهم والمسؤولية التي سيتحمل الاميركيون تبعتها السياسية. ذلك ما يحمل السفراء اولئك على الاعتقاد بأن المنطقة تمر في نهاية البداية لا في بداية النهاية.
رابعها، ان القلق الفعلي من الحرب الدائرة في غزة الآن وامتداداتها ليس الاشتباكات عند الجبهة الشمالية وتدمير اسرائيل القطاع، بل الخوف من ان تكون المرحلة المقبلة تغيير الجغرافيا واعادة النظر في الحدود الحالية. لا يطاول غزة فحسب، بل يمتد ايضاً الى مصر والاردن. في حسبان اسرائيل ان الهجوم البري الواسع لاحتلال ما امكن من غزة في مرحلة اولى، يرمي الى احداث هذا التغيير بتهجير اهالي القطاع، او التنبؤ باحتمال طرح الدولة العبرية حزاماً امنياً واسعاً. ليس على صورة الحزام الامني الذي انشأته في جنوب لبنان بين عامي 1978 و2000 وأزيل باجلائها عنه، بل محاولة الغاء القطاع في جغرافيته الحالية. ذلك ما يفسّر في اعتقاد السفراء امام المسؤولين اللبنانيين - وهم يشرحون مراقبتهم للاحداث الى حد كبير - حماوة الاشتباكات في الجبهة الشمالية لاسرائيل. ما يجزمون به ايضاً وإن لا يتوقفون عن طرح سؤالهم عما سيفعله حزب الله في الساعات الصعبة، استبعاد فتح جبهات جديدة ما دام اللاعبون الاصلاء، الاميركيون والايرانيون، يقولون انهم لا يريدون حرباً شاملة، ولا يمانعون في عضّ الاصابع.
خامسها، مع انهم لا يكتمون تأييدهم اسرائيل ومناوأتهم حماس المحسوبة منظمة «ارهابية» وتحفظهم في الوقت نفسه عن استمرار استهداف المدنيين في غزة، على انهم يقولون ان ما يفعله الجيش الاسرائيلي في غزة يستعيد الدرس نفسه المستمد من حرب تموز 2006 في لبنان: ضرب البنية التحتية للقوة العسكرية لحماس وترسانتها وكذلك تدمير مجتمعها وبشرها لا يغيّر في المعادلة شيئاً. ذلك ما حدث في نهاية حرب 2006. انتصر الضعيف ولم ينتصر القوي. صمود حزب الله احال كل ما تعرّض اليه واضعافه وايذاء مجتمعه وتخريب لبنان برمته منتصراً على اسرائيل، فيما اخفقت هي في تصفيته وهي المهمة التي اوجبت مهاجمة هذا البلد. اعاد الحزب تدريجاً بناء ترسانته واضحى لاعباً اقليمياً يُحسب حسابه، ويُنظر اليه الآن على انه اكثر الاخطار جدية في حرب غزة يملك ان يشعل المنطقة كلها. المعادلة نفسها مرشحة لأن تستعاد مع حماس اياً تكن وطأة الضربات التي تتلقاها، وسيكون في وسعها الزعم انها هي المنتصرة اخيراً لمجرد بقائها واسرائيل المهزومة.
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
هذه سياسة حزب الله الآن.. هل ستعود الحرب؟
لا يُحبّذ "حزب الله" الإنجرار إلى معركة جديدة مع إسرائيل حتى وإن انتهت مهلة الـ60 يوماً التي من المفترض أن تشهد انسحاباً إسرائيلياً من جنوب لبنان بعد سريان وقف إطلاق النار يوم 27 تشرين الثاني.يوم أمس، ذكرت صحيفة "هآرتس" أن الجيش الإسرائيلي قد يبقى في جنوب لبنان حتى بعد فترة الـ60 يوماً، ما يطرح علامات تساؤل عما يمكن أن يُقدم عليه إثر ذلك.. فما الذي بإمكانه فعله؟
ترى مصادر معنية بالشأن العسكري إنَّ "حزب الله" قد لا ينجرّ إلى اشتباك جديد مع إسرائيل حتى وإن بقيت الأخيرة داخل الأراضي اللبنانية، وتضيف: "على الصعيد الميداني، ينشط الحزب على أكثر من صعيد. في الجانب المالي، فإن الحزب يقوم بتسديد مستحقات تأهيل المنازل وبدلات الإيواء للمتضررين، وهو ما يجعله مُقيداً بمبالغ معينة، وبالتالي قد يكون من الصعب عليه ترتيب أعباء مالية جديدة على نفسه مع التزامات شعبية إن حاولَ فتح بوابة المعركة للرد على عدم حصول انسحاب إسرائيلي من جنوب لبنان".
تعتبر المصادر أيضاً أن "الحزب لن يُجازف مرة جديدة، أقله في الوقت الحالي، في تهجير سكان جنوب لبنان"، مشيرة إلى أنَّ التفاوض هذه المرة سيكون استناداً للقرارات الدولية التي سيمنحها "حزب الله" المسار الواسع لإبراز قدرتها على ردع إسرائيل، وتضيف: "إن لم تنجح الأساليب الدبلوماسية مع إسرائيل، عندها من الممكن أن تتكرر سيناريوهات الرد العسكري المحدود من قبل حزب الله، لكن الخوف هو في أن تستغل إسرائيل ذلك لتُعيد توسيع عدوانها على لبنان. وعليه، فإن حزب الله قد لا يجنح كثيراً نحو تلك الفكرة".
من ناحية أخرى، تبرز الأولويّات العسكرية على طاولة البحث، وما يتبين، من خلال المراقبة، هو أنَّ الحزب لا يميل الآن إلى تجديد إرهاق مقاتليه وقادته، ذلك أن عملية ترميم قواعده تحتاج إلى وقتٍ متاح أمامه، فيما المشكلة الأكبر تكمنُ في أنَّ الحزب يسعى الآن إلى إراحة عناصره من جهة وإلا تجديد مجموعاته بالقدر المطلوب. لهذا السبب، فإن "انشغالات الحزب الداخلية" في تنظيم صفوفه، لا تدفعه إلى إحداث انتكاسة جديدة، ما يمنع أو يؤجل إمكانية انخراطه مجدداً على الجبهة القتالية.
ضمنياً، فإن المصادر ترى أن إسرائيل بدأت تسعى لـ"حشر حزب الله" في الزاوية، فالترويج لسيناريوهات عدم الإنسحاب قد تجعل الأخير يندفع نحو العمل لتشكيل استنفار داخلي والتحضير لهجمات جديدة وهذا ما قد تعتبره إسرائيل فرصة لها. لكن في المقابل، فإنّ ما يظهر في العلن يُوحي بأن الحزب مُنكفئ عن التجيهز لحرب جديدة، ما قد يعطي انطباعاً لدى الإسرائيليين مفاده أن الحزب تراجع في الوقت الراهن.
وإلى الآن، فإن "حزب الله" يتريث كثيراً في الكشف عن الحسابات العسكرية كاملة، وما يظهر هو أنَّ "حزب الله" يريد الحفاظ على خطوط ترسانته العسكرية ومحتواها بعيداً عن الاستهدافات، ذلك أن أي مقومات للصمود قد تتعرض لأي قصفٍ بشكل أعنف من السابق.
لهذا السبب، فإن ما يجري قد يقود الأمور نحو التوتر والتأزم، لكن الانخراط الأميركي في لعبة التفاوض مُجدداً ستعطي الضمانات المطلوبة، وما سيحصل هو أن حزب الله سيقبل بكل ذلك حفاظاً على بيئته أولاً ومناطقه ثانياً. المصدر: خاص لبنان24